لخّصلي

ذو الحجة 778 هـ / ماي 3741 م: في هذا الشهر المو
افق لنعقاد موسم الحج، انتظر أمير مكة،عشرات ال
لف من الحُجاج، القادمين من جميع أنحاء العالم السل
مي
. و
مثل كل سنة، اجتمعت القافلتانالرئيسيتان على أ
راضي السلطان المملوكي، في القاهرة ودمشق، قبل ال
شروع في عبور الصحراء
. و
مثلكل سنة، شكل المحم
ل علمة على أفضلية سيد مصر وسوريا الحامل للقب
خادم الحرمين الشريفين
. و
كانهذا الهودج المزوق بعناي
ة كبيرة يتقدم ركب حُجاج القاهرة، حامل كسوة الكعبة ا
لتي ستغطي البيت العتيقلعام كامل، وقد خيطت باسم
السلطان بالحرير المُطرز، مُكرسة بذلك ما له من أف
ضلية. ولكن عاهلكونفدرالية الخروف البيض الترك
مانية وسيد أذربيجان والعراق وغربي إيران، شرع هو
أيضا منذ أربعسنوات في إرسال محمله الخاص رفقة ر
كب الحجاج العراقيين
. و
نجح رجال العاهل في هذه السنة
في دخولالمدينة المنورة مبكرًا ، وتمكنوا من إقامة صل
ة الجمعة باسمه مع تشريفه بلقب ” خادم الحرمين الشريفي
ن. “ونتيجة لذلك، وقع القبض عليهم عند وصولهم بُعيد
ذلك إلى مكة
.
في القرن الخامس العاشر، تحولت مسؤولية حماية الح
ج، إلى رهان ديبلوماسي جسيم. وهكذا شرعالسلطان ال
تيموري شاه روخ [5041-7441م] مرارً ا في إرسال
مبعوثين من هرات في أفغانستان الحاليةإلى سلطان القا
هرة، ملتمسا شرف تغطية الكعبة بكسوة جديدة، ثم م
طالبا بذلك بإلحاح
. و
لما لم يكن فياستطاعة أحد حفدت
ه، حسين بيقرة [0741-6051م] حتى تقديم هذا اللت
ماس والمطلب، فقد حاول عام0841 م استبدال الحج ب
مزار شريف، حيث تم بالمناسبة إعادة اكتشاف أحد القبو
ر المنسوبة للمام علي بنأبي طالب، ابن عم الرسول
صلى ا عليه وسلم وصهره
.
وابتداء من عام 6151 م، شرع السلطان العثماني سليم،
الذي أصبح سيد الشام، في إرسال محملهالخاص إلى م
كة
.
كما نسب لنفسه لقب خادم الحرمين الشريفين، بعد اح
تلله القاهرة في السنة التالية
. و
نتيجةلذلك لم يعد في وس
ع مبعوثي غريمه الشيعي الصفوي شاه إسماعيل، حاكم ا
لعراق وإيران، سوى العترافله بهذه الصفة، ثلث سن
وات بعد هزيمة جيشه التركماني أمام العثمانيين.
رددت الخبار الديبلوماسية التي هزت آنذاك بقاع السل
م المقدسة صدى التقلبات الجسيمة التي أثرتفي الخريط
ة السياسية للعالم السلمي في القرن الخامس عشر
. و
لك
ن التنافس على شرف قيادة المة الكونيةللمسلمين الذي
دار في الحجاز، كان أيضا علمة على انبعاث المشروع
المبراطوري الذي روج له أبطالمتنافسون على الرا
ضي الواقعة في قلب العالم السلمي، بعد قرنين من انه
يار الخلفة في بغداد . غير أنالقوى التي تنافست على ف
رض السيطرة السياسية والجبائية على السكان المستقري
ن، من آسيا الوسطى إلىالناضول ومن ضفاف الهندو
س إلى ضفاف النيل، كانت جميعها حديثة العهد بالسلم،
وغريبة عن رعيتها،وتعتمد على نخبة من الفرسان، و
مرتبطة بأصولها المنتمية إلى عالم السهوب، وغير مت
وقفة تقريبا عنالتحرك. وكانت جميعها من التراك، م
ن منظور أن هذه التسمية تدل على واقع سياسي واجتماع
ي أكثر مماتدل على حقيقة عرقية ولغوية.