لخّصلي

تعد بلاد بونت الموطن الأصلي للبخور وغيره من الأشياء والمقتنيات الثمينة ، كما اعتبرها المصري القديم من البلدان العجيبة التي يحيط بها الغموض والخيال والرهبة لاعتقادهم بأنها الموطن الذي نشأت به معبوداتهم ، كالإله حورس الذي اتخذته بعض القبائل في بلاد بونت كمعبود لهم علي هيئة صقر ، كما كانوا يجلبون منها البخور والروائح العطرية والصموخ المقدسة التي لا توجد في مص ، ونظرا لهذه الأهمية الاستراتيجيه فقد اعتبرت الطرق المؤدية إلي بلاد بونت للحصول علي كل منتجاتها من الاسرار التي احتفظ بها من يعرفها . كانت أولي الرحلات المصرية التي سجلت غلي بلاد بونت في عهد الملك ساحو رع (الأسرة الخامسة) والتي عادت من هناك بثمانين إلف مكيال من الروائح العطرية وستة الأف مكيال من الذهب ، وألفان وستمائة عصا ربما كانت من الأبنوس ، كما صورت علي جدران معبده الجنائزى صورة لأسير من بلاد بونت وهو موثوق بالحبال ، وتبعتها رحلة أخري في عهد الملك حور – كا – رع من نفس الأسرة ، وخلال حكم سيتي الثاني (الأسرة السادسة) كلف أحد ضباطه بأن يذهب إلي بلاد بونت ليستعيد جثمان أحد رؤساء الحملات التي أرسلت إلي تلك البلاد والذي قتل علي يد أهلها . في عهد الدولة الوسطي أخذت التقارير تزداد في وصفها للرحلات إلي بلاد بونت ، كما ذكرت أيضا أن المصريين أخذوا في حفر الأبار علي الطرق المتجهة من وادي النيل إلي شاطئ البحر الأحمر وذلك لتيسير وتسهيل مهمة القوافل ، فيذكر أن الملك أمنتوحتب (الأسرة الحادية عشر) قام بحفر بئرا في وادي الحمامات ، وقام بحجز الماء في الجبال التي كانت بعيدة عن الإنسان ففي نقش بوادي الحمامات سجله رئيس بيت المال أشار فيه إلي أن الملك امنتوحتب قد قام بتكليفه بإعداد السفن للسفر إلي بلاد بونت ، وظلت الحملات متتابعة خلال عصر الأسرة الثانية عشر أثناء حكم سنوسرت الأول وأمنمحات الثالث وأمنمحات الثاني ، كما قام ملوك هذه الأسرة (سنوسرت الأول أو الثالث) بمحاولة إيصال نهر النل بالبحر الأحمر بواسطة شق قناة لتسهل الاتصالات التجارية مع الشرق . من المرجح أنه حتى هذه المرة لم يقم المصريين بالاتصال المباشر بسكان بونت ، إنما كان عن طريق وسيط تجاري ، وهم الذين يزودون مصر بالبخور ، كما إنهم قاموا بترويج الأساطير حولها – أي بونت – لزرع الخوف في قلوب المسلمين لكي لا يجروا للذهاب إليها وهو ما يساعدهم في رفع أثمان السلع الواردة من هناك الأمر الذي جعل المصريين يفكرون في كيفية التخلص من هؤلاء الوسطاء , ولاسيما والطريق الذي تسلكه هذه الرحلات هو الطريق النهري (نهر النيل) وهو ما يستدعي التعامل مع سكان النوبة ، لذا كان من المنطقي العمل علي الاتصال بأهل بونت مباشرة والقيام بالرحلة ، ولكن هذه المرة عن طريق البحر الأمر الذي يتطلب بذل جهود مكثفة لنجاح هذه البعثة ، كإعداد سفن كبيرة يمكن لها الإبحار في عرض البحر وهو ما تم بالفعل في عهد الملكة حتشبسشوت حيث كانت الرحلة التي أعدتها إلي بلاد بونت هي الأرز علي الإطلاق ليس لعهد حتشبسوت فقط وإنما لكل الرحلات التي قصدتها تلك البلاد . لقد أمرت حتشبسوت في العام التاسع من حكمها إعداد خمس سفن كبيرة للرحلة غلي بلاد بونت وذلك تنفيذا لوحي الإله أمون ، وجعلت حامل ختام دولتها نحسي قائد لهذه الرحلة ، وتم تزويد السفن بالهدايا الكثيرة لرؤساء القبائل القاطنة هناك ، وتمثلت الهدايا في النبيذ واللحوم والفواكه ، كما حملت أيضا مصنوعات مصر من حلي و أدوات وأسلحة منها : الخناجر وفؤوس القتال والقلائد والتي تم عرضها فوق منضدة علي ساحل بلاد بونت . بعد أن تم تجهيز السفن لهذه الرحلة البحرية والتي شيدت من خشب الأرز الذي تم جلبه من لبنان ، فقد بلغ طول السفينة الواحدة منهم حوالي أربعة وعشرين مترا ، وعرضها ستة أمتار حيث تسع لحوالي مائتين وعشرة من الرجال بين طاقم ومساعدين ، إضافة إلي ثمانية من الجنود والضباط مسلحين بأسلحة خفيفة للدلالة علي الغرض السلمي والتجاري لهذه الرحلة ، وبعد رحلة بحرية طولها ألف كيلومتر وصلت السفن إلي شاطئ بلاد بونت حيث رست السفن ونزل الرجال ومعهم البضائع وواصلوا مسيرهم إلي أن وصلوا إلي مكان الذي ينتظرهم فيه حاكم البلاد وزوجته و أولاده وكبار رجاله وحاشيته ، الذين انحنوا أمام رمز حتشبسوت يلتمسون منها البركة وهم يرددون " المجد لك إلي ملك مصر أيتها الشمس الأنثى التي تضىء كقرص الشمس " . هذا وقد رافقت الرحلة مجموعه من الفنانين الرسامين الذين قاموا بدور المؤرخين في كتابة وتصوير أدق التفاصيل في وصف بلاد بونت سواء من الناحية الطبيعية والبيئية، أو من ناحية الأجناس البشرية المختلفة التي تسكنها مبينين تقاليدهم وعادتهم ، كما أعطوا وصفا لمختلف أنواع الأسماك والأحياء البحرية في البحر الأحمر ، إلي جانب ذلك قاموا بوصف لكل الواردات التي عادت بها السفن المصرية من تلك البلاد والمتمثلة في سبائك الدهب والفضة والأبانوس والعاج والأخشاب والتوابل والأعشاب الطبيعية فضلا عن الحيوانات الحية : مثل الزراف والكلاب والقردة كما احضروا أشجار البخور التي نقلت بجذورها بعد تم حفظها فى سلات وقدور من الفخار وتم غرسها أمام معبد الدين البحري الذي رسمت على جدران مسطحه الأول كل مراحل الرحلة ومناظرها، وخرجت السفن من بلاد بونت متجهه نوح الشمال واستمرت الرحلة ما لا يقل عن ثمانية أشهر وصلت بعدها إلى ميناء طيبه سالمه حيث خرج أهلها جميعا يستقبلونها كأنهم في يوم عيد وكان ذلك في نهاية العام التاسع من حكم الملكة حتشبسوت .

تعد بلاد بونت الموطن الأصلي للبخور وغيره من الأشياء والمقتنيات الثمينة ، كما اعتبرها المصري القديم من البلدان العجيبة التي يحيط بها الغموض والخيال والرهبة لاعتقادهم بأنها الموطن الذي نشأت به معبوداتهم ، كالإله حورس الذي اتخذته بعض القبائل في بلاد بونت كمعبود لهم علي هيئة صقر ، كما كانوا يجلبون منها البخور والروائح العطرية والصموخ المقدسة التي لا توجد في مص ، ونظرا لهذه الأهمية الاستراتيجيه فقد اعتبرت الطرق المؤدية إلي بلاد بونت للحصول علي كل منتجاتها من الاسرار التي احتفظ بها من يعرفها . كانت أولي الرحلات المصرية التي سجلت غلي بلاد بونت في عهد الملك ساحو رع (الأسرة الخامسة) والتي عادت من هناك بثمانين إلف مكيال من الروائح العطرية وستة الأف مكيال من الذهب ، وألفان وستمائة عصا ربما كانت من الأبنوس ، كما صورت علي جدران معبده الجنائزى صورة لأسير من بلاد بونت وهو موثوق بالحبال ، وتبعتها رحلة أخري في عهد الملك حور – كا – رع من نفس الأسرة ، وخلال حكم سيتي الثاني (الأسرة السادسة) كلف أحد ضباطه بأن يذهب إلي بلاد بونت ليستعيد جثمان أحد رؤساء الحملات التي أرسلت إلي تلك البلاد والذي قتل علي يد أهلها . في عهد الدولة الوسطي أخذت التقارير تزداد في وصفها للرحلات إلي بلاد بونت ، كما ذكرت أيضا أن المصريين أخذوا في حفر الأبار علي الطرق المتجهة من وادي النيل إلي شاطئ البحر الأحمر وذلك لتيسير وتسهيل مهمة القوافل ، فيذكر أن الملك أمنتوحتب (الأسرة الحادية عشر) قام بحفر بئرا في وادي الحمامات ، وقام بحجز الماء في الجبال التي كانت بعيدة عن الإنسان ففي نقش بوادي الحمامات سجله رئيس بيت المال أشار فيه إلي أن الملك امنتوحتب قد قام بتكليفه بإعداد السفن للسفر إلي بلاد بونت ، وظلت الحملات متتابعة خلال عصر الأسرة الثانية عشر أثناء حكم سنوسرت الأول وأمنمحات الثالث وأمنمحات الثاني ، كما قام ملوك هذه الأسرة (سنوسرت الأول أو الثالث) بمحاولة إيصال نهر النل بالبحر الأحمر بواسطة شق قناة لتسهل الاتصالات التجارية مع الشرق . من المرجح أنه حتى هذه المرة لم يقم المصريين بالاتصال المباشر بسكان بونت ، إنما كان عن طريق وسيط تجاري ، ربما كانوا من بونت نفسها ، وهم الذين يزودون مصر بالبخور ، كما إنهم قاموا بترويج الأساطير حولها – أي بونت – لزرع الخوف في قلوب المسلمين لكي لا يجروا للذهاب إليها وهو ما يساعدهم في رفع أثمان السلع الواردة من هناك الأمر الذي جعل المصريين يفكرون في كيفية التخلص من هؤلاء الوسطاء , ولاسيما والطريق الذي تسلكه هذه الرحلات هو الطريق النهري (نهر النيل) وهو ما يستدعي التعامل مع سكان النوبة ، لذا كان من المنطقي العمل علي الاتصال بأهل بونت مباشرة والقيام بالرحلة ، ولكن هذه المرة عن طريق البحر الأمر الذي يتطلب بذل جهود مكثفة لنجاح هذه البعثة ، كإعداد سفن كبيرة يمكن لها الإبحار في عرض البحر وهو ما تم بالفعل في عهد الملكة حتشبسشوت حيث كانت الرحلة التي أعدتها إلي بلاد بونت هي الأرز علي الإطلاق ليس لعهد حتشبسوت فقط وإنما لكل الرحلات التي قصدتها تلك البلاد . لقد أمرت حتشبسوت في العام التاسع من حكمها إعداد خمس سفن كبيرة للرحلة غلي بلاد بونت وذلك تنفيذا لوحي الإله أمون ، وجعلت حامل ختام دولتها نحسي قائد لهذه الرحلة ، وتم تزويد السفن بالهدايا الكثيرة لرؤساء القبائل القاطنة هناك ، وتمثلت الهدايا في النبيذ واللحوم والفواكه ، كما حملت أيضا مصنوعات مصر من حلي و أدوات وأسلحة منها : الخناجر وفؤوس القتال والقلائد والتي تم عرضها فوق منضدة علي ساحل بلاد بونت .بعد أن تم تجهيز السفن لهذه الرحلة البحرية والتي شيدت من خشب الأرز الذي تم جلبه من لبنان ، فقد بلغ طول السفينة الواحدة منهم حوالي أربعة وعشرين مترا ، وعرضها ستة أمتار حيث تسع لحوالي مائتين وعشرة من الرجال بين طاقم ومساعدين ، إضافة إلي ثمانية من الجنود والضباط مسلحين بأسلحة خفيفة للدلالة علي الغرض السلمي والتجاري لهذه الرحلة ، وبعد رحلة بحرية طولها ألف كيلومتر وصلت السفن إلي شاطئ بلاد بونت حيث رست السفن ونزل الرجال ومعهم البضائع وواصلوا مسيرهم إلي أن وصلوا إلي مكان الذي ينتظرهم فيه حاكم البلاد وزوجته و أولاده وكبار رجاله وحاشيته ، الذين انحنوا أمام رمز حتشبسوت يلتمسون منها البركة وهم يرددون " المجد لك إلي ملك مصر أيتها الشمس الأنثى التي تضىء كقرص الشمس " . هذا وقد رافقت الرحلة مجموعه من الفنانين الرسامين الذين قاموا بدور المؤرخين في كتابة وتصوير أدق التفاصيل في وصف بلاد بونت سواء من الناحية الطبيعية والبيئية، أو من ناحية الأجناس البشرية المختلفة التي تسكنها مبينين تقاليدهم وعادتهم ، كما أعطوا وصفا لمختلف أنواع الأسماك والأحياء البحرية في البحر الأحمر ، إلي جانب ذلك قاموا بوصف لكل الواردات التي عادت بها السفن المصرية من تلك البلاد والمتمثلة في سبائك الدهب والفضة والأبانوس والعاج والأخشاب والتوابل والأعشاب الطبيعية فضلا عن الحيوانات الحية : مثل الزراف والكلاب والقردة كما احضروا أشجار البخور التي نقلت بجذورها بعد تم حفظها فى سلات وقدور من الفخار وتم غرسها أمام معبد الدين البحري الذي رسمت على جدران مسطحه الأول كل مراحل الرحلة ومناظرها، وخرجت السفن من بلاد بونت متجهه نوح الشمال واستمرت الرحلة ما لا يقل عن ثمانية أشهر وصلت بعدها إلى ميناء طيبه سالمه حيث خرج أهلها جميعا يستقبلونها كأنهم في يوم عيد وكان ذلك في نهاية العام التاسع من حكم الملكة حتشبسوت .