خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
الأسباب التي تعود إلى العاقدين أو أحدهما قد يتعرض العقد للانحلال بسبب يعود إلى العاقدين أو أحدهما، كأن يحصل عارض لأحد العاقدين من سفه أو جنون أو فلس أو موت أو ردّة، أو يتصرف العاقدان فيما بينهما، كاختلاف بينهما أو عزل أو مقاصة، حصول عارض لأحد العاقدين إذا وجدت مع انتفاء الموانع انعقد العقد صحيحاً، إلا أن هذا العقد المنعقد قد يطرأ عليه عارض يسبب انحلاله من جهة العاقد، ومن خلال كلمة (عارض) يتبين أن ما أصابه حدث بعد أن لم يكن موجوداً ؛ لا سيما وقد ذُكر أن العقد منعقد . وبعد أن وجد هذا العارض سبّب انحلال العقد عند من يرى ذلك كما سيأتي إن شاء الله مفصلاً في أثناء المباحث الداخلة تحت هذا الفصل. فالشأن في العاقد أن يكون مكلفاً رشيداً، إلا أنه قد يفقد جزءاً من قوة إدراكه، فإذا أصبح كذلك فإن عقوده قد تتعرض للانحلال، فالموت طارء على العاقد بعد أن عقد العقد ؛ وقد يفقد العاقد - إن كان مسلما . فهل فعله هذا يسوغ انحلال العقود التي عقدها وما زالت على انعقادها ؟. لكي أجيب على هذا أتكلم عن الردة في مبحث خاص. يمكن أن يُكوّن كل واحد منها سبباً لانحلال العقد، فنظمتها على شكل مباحث لهذا الفصل الذي هو بعنوان: (حصول عارض لأحد العاقدين). الشأن في الإنسان أن يتصرف بما يوافق العقل السليم، ولا شك أنه إذا فعل ذلك كان موافقاً لقواعد الشرع الحكيم ؛ إذ أن العقل السليم لا يخالف الشرع الحكيم. وحينئذ بسمى سفيهاً . المطلب الأول انحلال العقد بالسفه(١): ثم إن هذا العاقد قد يطرأ عليه السفه بعد رشده، وفي هذا المطلب أبيُن مدى انحلال عقوده بالسفه. اختلف العلماء في انحلال العقد بالحجر على السفيه سفهاً طارئا، القول الأول: انحلال عقود السفيه بالحجر عليه لسفهه، وهذا قول أبي يوسف(٢) ومحمد بن الحسن(٣) من الحنفية، وهو: قول المالكية والشافعية والحنابلة(١). ١- قوله تعالى: (. وجه الاستدلال: وأنه مولى عليه، ولا يكون ذلك إلا بعد الحجر عليه، أو طرأ عليه السفه بعد رشده، وإذا حجر عليه انحلّ عقده(٣). وقد اعترض على الاستدلال بالاية من وجهين: والمجنون معدوم العقل، والخفيف هو السفيه لغة(٤). وأجيب عن هذا الاعتراض: بأن المراد بالسفيه يحتمل أنه هو الكبير ؛ ومن لا بستطيع أن يمل، فيحمل السفيه على ضعيف الرأي ناقص العقل من البالغين، الوجه الثاني: أن الذي عليه الحق إنما لزمه الحق بمداينته، فما دام أن مداينته نفذت، أو لقلة ممارسته الإملاء(٢). بدليلين: لأنه كيف يقبل قول المدعي ؟ (، وإنما يقال صاحب الحق(٤). أن الله نهى عن إيتاء السفهاء أموالهم، وأن على الأولياء أن بمسكوها لأجل هؤلاء السفهاء إلى أن يزول عنهم السفه). وهذا يعني الحجر عليه، وإذا حجر عليه انحل عقده(٢). واعترض على هذا الاستدلال من وجهين: الوجه الأول: أن السفه لفظ مشترك ينطوي تحته معان مختلفة، وهذا لا يستحق به الحجر، وقد يكون من يتصف بهذه الصفة صلحاً لماله، سقط به الاستدلال(٣). فتسقط الاحتمالات الأخرى، الوجه الثاني: أن الخطاب في قوله تعالى: (أَمَوَالَكُمْ) للأولياء، ولا نسلمه إليهم. وإنما أضاف اللّه سبحانه - الأموال إلى الأولياء لأنهم ملكوا التصرف فيها ؛ وأما قولهم: إن المراد بالسفهاءالصغار والمجانين، فدل على تغايرهما، ويحمل السفيه على ضعيف الرأي ناقص العقل من البالغين. وجه الاستدلال: البلوغ والرشد ؛ لم يجز دفع الأموال إليهم، فلو فقد الرشد لم يجز دفع الأموال إليهم ؛ وهذا يعني الحجر عليه، وإذا حجر عليه انحل عقده (٤). ومانع من الحجر عليه(٥). ثانيا : من السنة: ١- (أن رجلاً(١) على عهد رسول اللّٰه للفِ كان يبتاع وفي عقدته() فقالوا يا نبي الله: احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن البيع، وجه الاستدلال: وهذا هو الحجر، وإذا حجر على السفيه انحل عقده. واعترض على هذا الاستدلال: بأن الرسول وَلِيهِ لم يحجر على الرجل، وإنما قال له: قل لا خلابة، ولو كان الحجر مشروعاً لما كان قول الرجل: إني لا أصبر على البيع مزيلاً للحجر عنه ؛ لأن من ستحق الحجر عليه لم يرفع عنه لعدم صبره على البيع(١). وأجيب عن هذا الاعتراض: بأن الحديث يدل على صحة الحجر على السفيه الذي طرأ عليه السفه ؛ لأنكر عليهم، وأما تركه صلى اللّه عليه وسلم الحجر عليه: فهذا خاص بهذا الرجل ؛ بدليل أن الرجل عاش إلى زمن عثمان(٢)، فكان يبايع الناس ثم يخاصمهم، فيمر بهم بعض الصحابة فيقول لمن يخاصمه: ويحك إن النبي صلى اللّٰه عليه وسلم جعل له الخيار ثلاثاً). فقال الزبير: أنا شريكك في البيع، وأتى علي عثمان فذكر ذلك له، فقال عثمان رضي اللّٰه عنه : كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه الزبير !). ولما أقرّه عثمان، ولاحتج الزبير بأن الحجر غير مشروع(١)، وإذا ثبت مشروعية الحجر على السفيه انحل عقده. واعترض على هذا الاستدلال: بأن طلب علي الحجر على عبد الله بن جعفر، بدليل أن عثمان لم يحقق طلب علي (٢) لبيّن لعلي أن الحجر غير مشروع، يافَتَهُ . حُدِّثت: أن عبدالله بن الزبير (٤) قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة :((والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها» وجه الاستدلال: مشروعية الحجر، وإذا ثبت مشروعية الحجر على السفيه انحل عقده. واعترض على هذا الاستدلال: بأن عائشة لا ترى جواز الحجر بدليل إنكارها، ولو كان الحجر مشروعاً لما استجازت لنفسها الحلف على ألا تكلم ابن الزبير (٢). ١ من طرأ عليه السفه سفيه، فيحجر عليه كما لو بلغ سفيها ؛ فإن العلة التي اقتضت الحجر عليه إذا بلغ سفيها سفهه وهو موجود، وإذا حجر عليه انحلّ عقده(٣). فإذا حدث أوجب انتزاعه كالجنون، وإذا حجر عليه انحل عقده(٤). ٣ القياس على الصبي بطريق الأولى ؛ وهذا قد تحقق منه التبذير، ٤ النظر له واجب، فيحجر عليه نظراً له، وإذا حجر عليه انحل عقده(٢). لكان رفع التكليف أنظر له، فحيث كلفه الشارع علمنا أنه لم ينظر له(٣). القول الثاني: عدم انحلال عقود السفيه بالحجر عليه لسفهه ؛ أولا من القرآن الكريم: قول الله تعالى: (. وجه الاستدلال: فلا يبقى له عليه ولاية، والتنصيص على زوال ولايته عنه بعد الكبر، وإنما تنعدم الحاجة إذا صار هو مطلق التصرف بنفسه(٢)، وإذا لم بحجر عليه لم ينحل عقده. ثانيا : من السنة: وجه الاستدلال: بل أباح له البيع وأرشده أن يقول: لا خلابة، وفي إباحة الرسول وَلِاليِ له البيع دليل على أنه لا يحجر على من سفه بعد رشده، وإذا لم يحجر عليه لم ينحل عقده. تكليفهما (٢). وإهداراً لآدميته، ولا يتحمل الضرر الأعلى لدفع الأدنى(٤). الترجيح: وكذلك من خلال ما سبق من المناقشات، يتبين أن الراجح - والله أعلم - هو: القول الأول، وذلك لما يلى: وحديث عائشة. 3. ضعف أدلة القول الثاني، 4. حفظ المال متعين، والحجر على من طرأ عليه السفه لحفظ ماله.
الباب الأول
الأسباب التي تعود إلى العاقدين أو أحدهما
قد يتعرض العقد للانحلال بسبب يعود إلى العاقدين أو أحدهما، كأن يحصل عارض لأحد العاقدين من سفه أو جنون أو فلس أو موت أو ردّة، أو يتصرف العاقدان فيما بينهما، كاختلاف بينهما أو عزل أو مقاصة، أو يؤدي أحدهما ما عليه، أو يسقط أحدهما حقه.
الفصل الأول
حصول عارض لأحد العاقدين
يتطلب العقد شروطاً معينة، إذا وجدت مع انتفاء الموانع انعقد العقد صحيحاً، وحينئذ أنتج آثاره المترتبة عليه.
إلا أن هذا العقد المنعقد قد يطرأ عليه عارض يسبب انحلاله من جهة العاقد، ومن خلال كلمة (عارض) يتبين أن ما أصابه حدث بعد أن لم يكن موجوداً ؛ لا سيما وقد ذُكر أن العقد منعقد .
وبعد أن وجد هذا العارض سبّب انحلال العقد عند من يرى ذلك كما سيأتي إن شاء الله مفصلاً في أثناء المباحث الداخلة تحت هذا الفصل.
فالشأن في العاقد أن يكون مكلفاً رشيداً، إلا أنه قد يفقد جزءاً من قوة إدراكه، أو يكابر عقله، فإذا أصبح كذلك فإن عقوده قد تتعرض للانحلال، ومن هنا كان الكلام عن هذا في مبحث السفه.
وقد يفقد العاقد عقله، فيؤثر ذلك في عقوده، وأتكلم عن هذا في مبحث الجنون.
وقد لا يحدث بعقله شيء، إلا أنه تعرض للإفلاس، فهل يسبب هذا
انحلال عقده ؟
أجيب عن هذا في مبحث الإفلاس.
وقد لا يفقد العاقد عقله، ولا جزءاً منه ولا ماله، ولكنه يفقد حياته بالموت، فالموت طارء على العاقد بعد أن عقد العقد ؛
وقد يفقد العاقد - إن كان مسلما . دينه بارتداده، فهل فعله هذا يسوغ انحلال العقود التي عقدها وما زالت على انعقادها ؟. لكي أجيب على هذا أتكلم عن الردة في مبحث خاص.
وهذه العوارض التي ذكرت، يمكن أن يُكوّن كل واحد منها سبباً لانحلال العقد، فنظمتها على شكل مباحث لهذا الفصل الذي هو بعنوان: (حصول عارض لأحد العاقدين).
المبحث الأول السفه (١):
الشأن في الإنسان أن يتصرف بما يوافق العقل السليم، ولا شك أنه إذا فعل ذلك كان موافقاً لقواعد الشرع الحكيم ؛ إذ أن العقل السليم لا يخالف الشرع الحكيم.
إلا أن الإنسان قد يعتريه حالة تجعله يكابر عقله مع وجوده حقيقة، ويتصرف تصرفاً يخالف مقتضى العقل السليم ؛ وحينئذ بسمى سفيهاً .
المطلب الأول انحلال العقد بالسفه(١):
قد يعقد الإنسان عقوداً وهو رشيد ، فتنعقد هذه العقود لاستكمال شروطها، وانتفاء موانعها، ثم إن هذا العاقد قد يطرأ عليه السفه بعد رشده، ويصبح سفيهاً بعد ما كان رشيداً، وفي هذا المطلب أبيُن مدى انحلال عقوده بالسفه.
اختلف العلماء في انحلال العقد بالحجر على السفيه سفهاً طارئا، على قولين:
القول الأول: انحلال عقود السفيه بالحجر عليه لسفهه، وهذا قول أبي يوسف(٢) ومحمد بن الحسن(٣) من الحنفية، وهو: قول المالكية
والشافعية والحنابلة(١).
واستدل أصحاب هذا القول بما يأتي:
أولا : من القرآن الكريم:
١- قوله تعالى: (.. فَإِن كَانَ اَلَّذِي عَلَيْهِ اَلْحَقَّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمَلِلُ وَلِيُّهُ بِالعَدْلِ .٢)(.٠).
وجه الاستدلال:
أن الآية نص في إثبات الولاية على السفيه، وأنه مولى عليه، ولا يكون ذلك إلا بعد الحجر عليه، ولم يفرق بين من بلغ سفيها، أو طرأ عليه السفه بعد رشده، وإذا حجر عليه انحلّ عقده(٣).
وقد اعترض على الاستدلال بالاية من وجهين:
الوجه الأول: يحتمل أن المراد بالسفيه في الآية الصبي والمجنون ؛ لأن الصبي ناقص العقل، والمجنون معدوم العقل، فهما خفيفا العقل، والخفيف هو السفيه لغة(٤).
وأجيب عن هذا الاعتراض: بأن المراد بالسفيه يحتمل أنه هو الكبير ؛ بدليل إدخال حرف (أو) بين السفيه والضعيف، ومن لا بستطيع أن يمل، وإدخال حرف (أو) بين هذه الثلاثة يدل على كونها متغايرة، فيحمل السفيه على ضعيف الرأي ناقص العقل من البالغين، ويحمل الضعيف على الصغير والمجنون، ويحمل من لا يستطيع أن يمل على من يضعف لسانه عن الإملاء لخرس، أو على من يجهل ما له وما عليه(١).
الوجه الثاني: أن الذي عليه الحق إنما لزمه الحق بمداينته، فما دام أن مداينته نفذت، فهذا دليل على نفاذ تصرفاته، أي: أنه لم يحجر عليه، فهو الذي يمل ؛ لأنه هو ولي الدين، إلا أنه قد يعجز عن الإملاء ؛ لعدم هدايته إلى الحساب، أو لقلة ممارسته الإملاء(٢).
وأجيب عن هذا الاعتراض: بأنه لو نفذت تصرفاته لكان هو الذي يتولى الإملاء، ولكن الآية تثبت أن ولي السفيه هو الذي يتولى الإملاء، وهو: المقصود بلفظ (وليه)، وليس المقصود ولي الدين، بدليلين:
أ- إضافة الضمير إلى الدين بعيدة ؛ لأنه كيف يقبل قول المدعي ؟ (، وإن كان قوله معتبراً فلا حاجة إلى الكتابة والإشهاد (٣).
ب- إنه في الإطلاق يقال: ولي السفيه وولي الضعيف، ولا يقال:
ولي الحق، وإنما يقال صاحب الحق(٤).
٢- قول الله تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً )(٥).
وجه الاستدلال:
أن الله نهى عن إيتاء السفهاء أموالهم، وأن على الأولياء أن بمسكوها لأجل هؤلاء السفهاء إلى أن يزول عنهم السفه). والسفهاء لفظ عام لم يخصص سفيه دون سفيه، فلا يؤتى المال للسفيه ؛ سواء كان صغيراً أم كبيراً، ذكراً أم أنثى، أصليّاً سفهه أم طارئاً ، وهذا يعني الحجر عليه، وإذا حجر عليه انحل عقده(٢).
واعترض على هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أن السفه لفظ مشترك ينطوي تحته معان مختلفة، منها: السفه في الدين، وهذا لا يستحق به الحجر، ومنها : السفه الذي هو البذاء والتسرع إلى سوء اللفظ، وقد يكون من يتصف بهذه الصفة صلحاً لماله، وإذاكان اللفظ مشتركاً محتملاً لأكثر من معنى، سقط به الاستدلال(٣).
ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض: بأن سياق الآيات يدل على أن المراد بالسفهاء السفهاء في الأموال، فتسقط الاحتمالات الأخرى، ولا يكون اللفظ مشتركاً فتصح دلالته على المراد.
الوجه الثاني: أن الخطاب في قوله تعالى: (أَمَوَالَكُمْ) للأولياء، فيكون المراد أموال الأولياء المخاطبين لا أموال السفهاء، والمراد: أن طعمهم ونكسوهم من أموالنا، ولا نسلمه إليهم.
وأجيب عن هذا الاعتراض: بأن الراجح أن الأموال للسفهاء، والخطاب للأولياء، وإنما أضاف اللّه سبحانه - الأموال إلى الأولياء لأنهم ملكوا التصرف فيها ؛ لأنها بأيديهم وهم الناظرون فيها فنسبت إليهم (١).
وأما قولهم: إن المراد بالسفهاءالصغار والمجانين، فالجواب عنه أن يقال: إن آية سورة البقرة٢) بيّنت المراد بالسفهاء، حيث عطفت الضعيف على السفيه ؛ فدل على تغايرهما، فيحمل الضعيف على الصغير والمجنون، ويحمل السفيه على ضعيف الرأي ناقص العقل من البالغين.
*٣- قول الله تعالى: (وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ...)(٢).
وجه الاستدلال:
أن الله أمرنا بأن ندفع الأموال لليتامى إذا تحقّق فيهم أمران:
البلوغ والرشد ؛ وهذا يدل على أنه لا بد من مجموع الأمرين، أما إذا تحقق أحدهما فقط، لم يجز دفع الأموال إليهم،
فلو فقد الرشد لم يجز دفع الأموال إليهم ؛ سواء كان فقده أصليّاً أم طارئاً بعد رشده، وهذا يعني الحجر عليه، وإذا حجر عليه انحل عقده (٤).
واعترض على هذا الاستدلال: بأن الرشد المذكور في الآية مُنَكَّر، فيقتضي هذا أن حصول أي رشد بوجود العقل موجب لدفع المال إليه، ومانع من الحجر عليه(٥).
ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض: بأن المطلوب ليس فقط حصول العقل، وإنما لا بد من حسن التدبير في المال ؛ بدليل أن الله أمر باختبار اليتامى فيما يتعلق بمصالح حفظ المال، فإذا أبصرنا منهم رشداً بحفظ المال دفعنا إليهم أموالهم.
ثانيا : من السنة:
١- (أن رجلاً(١) على عهد رسول اللّٰه للفِ كان يبتاع وفي عقدته()
ضعف فأتى أهله النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، فقالوا يا نبي الله:
احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن البيع، فقال يا نبي الله: إني لا أصبر عن البيع، فقال رسول اللّٰه ولالخِ: إن كنت غير تارك البيع فقل هاء وهاء ولا خلابة»(٣).
وجه الاستدلال:
أن الرسول وعَلييِ دعا الرجل ومنعه من البيع، وهذا هو الحجر، وإذا حجر على السفيه انحل عقده.
واعترض على هذا الاستدلال: بأن الرسول وَلِيهِ لم يحجر على الرجل، وإنما قال له: قل لا خلابة، ولو كان الحجر مشروعاً لما كان قول الرجل: إني لا أصبر على البيع مزيلاً للحجر عنه ؛ لأن من ستحق الحجر عليه لم يرفع عنه لعدم صبره على البيع(١).
وأجيب عن هذا الاعتراض: بأن الحديث يدل على صحة الحجر على السفيه الذي طرأ عليه السفه ؛ لأن أهله سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يحجر عليه فأقرّهم عليه، ولو لم يكن طلبهم جائزاً، لأنكر عليهم، وأما تركه صلى اللّه عليه وسلم الحجر عليه: فهذا خاص بهذا الرجل ؛ بدليل أن الرجل عاش إلى زمن عثمان(٢)، فكان يبايع الناس ثم يخاصمهم، فيمر بهم بعض الصحابة فيقول لمن يخاصمه: ويحك إن النبي صلى اللّٰه عليه وسلم جعل له الخيار ثلاثاً).
٢- أن عبد اللّٰه بن جعفر (٢) أتى الزبير بن العوام (٣)، فقال: إني اشتريت كذا وكذا، وإن علياً(٤) يريد أن يأتي أمير المؤمنين عثمان غيسأله أن يحجر علي فيه، فقال الزبير: أنا شريكك في البيع، وأتى علي عثمان فذكر ذلك له، فقال عثمان رضي اللّٰه عنه : كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه الزبير !®).
وجه الاستدلال: أن عليا طلب من أمير المؤمنين عثمان الحجر على عبد الله بن جعفر في بيع ظهر لعلي أنه سفه، ولو لم يكن الحجر عليه مشروعاً لما طلبه علي، ولما أقرّه عثمان، ولاحتج الزبير بأن الحجر غير مشروع(١)، وإذا ثبت مشروعية الحجر على السفيه انحل عقده.
واعترض على هذا الاستدلال: بأن طلب علي الحجر على عبد الله بن جعفر، كان على سبيل التخويف له؛ بدليل أن عثمان لم يحقق طلب علي (٢)
ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض: بأنه لو كان امتناع عثمان لأنه لا يرى الحجر؛ لبيّن لعلي أن الحجر غير مشروع، وإنما الذي منعه هو مشاركة الزبير وعبدالله بن جعفر يريان أن الحجر غير مشروع؛ لبينا ذلك، وكان هذا مندوحة لهما عن الشركة.
٣- أن عائشة (٣). يافَتَهُ . حُدِّثت: أن عبدالله بن الزبير (٤) قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة :((والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها»
فقالت:(«أهو قال هذا؟ قالوا : نعم، قالت: هو لله علي نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبداً ... الحديث»')
وجه الاستدلال:
أن عائشة لم تقل إن الحجر مشروع، وكذلك ابن الزبير يرى:
مشروعية الحجر، وإذا ثبت مشروعية الحجر على السفيه انحل عقده.
واعترض على هذا الاستدلال: بأن عائشة لا ترى جواز الحجر بدليل إنكارها، ولو كان الحجر مشروعاً لما استجازت لنفسها الحلف على ألا تكلم ابن الزبير (٢).
ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض: بأن إنكار عائشة ليس لأنها لا ترى جواز الحجر، وإنما لأنها ترى أنها ليست من أهل الحجر.
ثالثا : من المعقول:
١ من طرأ عليه السفه سفيه، فيحجر عليه كما لو بلغ سفيها ؛ فإن العلة التي اقتضت الحجر عليه إذا بلغ سفيها سفهه وهو موجود، وإذا حجر عليه انحلّ عقده(٣).
٢ السفه لو قارن البلوغ منع دفع ماله إليه، فإذا حدث أوجب انتزاعه كالجنون، وإذا حجر عليه انحل عقده(٤).
٣ القياس على الصبي بطريق الأولى ؛ حيث إن الصبي حجر عليه لتوهم التبذير، وهذا قد تحقق منه التبذير، وإذا حجر عليه انحل عقده().
٤ النظر له واجب، وليس من النظر أن يُمَكَّن من التصرف على وجه لا يقتضيه العقل والحكمة، فيحجر عليه نظراً له، وإذا حجر عليه انحل عقده(٢).
واعترض على هذا الدليل: بأنه لو كان الحجر نظرًا له، لكان رفع التكليف أنظر له، فحيث كلفه الشارع علمنا أنه لم ينظر له(٣).
القول الثاني: عدم انحلال عقود السفيه بالحجر عليه لسفهه ؛ وهذا قول أبي حنيفة(٤) وابن حزم(٢).
واستدلوا بأدلة من القرآن الكريم والسنة والمعقول، وهي:
أولا من القرآن الكريم: قول الله تعالى: (... وَلَا تَأْكَلَوهَا إِسَرَافاً وَبِدَارًا أَنَ يَكَبَرَوا ...)/١).
وجه الاستدلال:
أن الله نهى الولي عن الإسراف في مال اليتيم مخافة أن يكبر، فلا يبقى له عليه ولاية، والتنصيص على زوال ولايته عنه بعد الكبر، يكون تصيصاً على زوال الحجر عنه بالكبر ؛ لأن الولاية عليه للحاجة، وإنما تنعدم الحاجة إذا صار هو مطلق التصرف بنفسه(٢)، وإذا لم بحجر عليه لم ينحل عقده.
ويمكن أن يورد اعتراض على هذا الاستدلال بأن يقال: إن هذا مقيد بما في أول الآية(٣)، حيث اشترط البلوغ وإيناس الرشد لدفع المال إلى اليتيم.
ثانيا : من السنة:
ما صح « أن رجلاً على عهد رسول اللٰه ص كان يبتاع وفي عقدته ضعف...الحديث »().
وجه الاستدلال:
أن الرسول وَليلذي لم يجب أهل الرجل إلى الحجر عليه ؛ بل أباح له البيع وأرشده أن يقول: لا خلابة، وفي إباحة الرسول وَلِاليِ له البيع دليل على أنه لا يحجر على من سفه بعد رشده، وإذا لم يحجر عليه لم ينحل عقده.
ويمكن أن يعترض على هذا الاستدلال: بأن هذا خاص بهذا
الرجل، وقد سبق(١).
ثالثا : من المعقول:
١- القياس على الرشيد، بجامع أن كلأ منهما كامل العقل بدليل
تكليفهما (٢).
واعترض على هذا الدليل: بأن القياس على الرشيد مع الفارق ؛ لأنه لو بلغ رشيداً دفع ماله إليه، ولو بلغ غير رشيد لم يدفع ماله إليه (٣).
٢- أن في الحجر عليه إلحاقاً له بالبهائم، وإهداراً لآدميته، وهذا أشد ضرراً من التبذير، ولا يتحمل الضرر الأعلى لدفع الأدنى(٤).
ويمكن أن يعترض على هذا الدليل بأن يقال: إننا نمنع ماله عنه لإبقاء ملكه، ولا يحصل هذا ما لم يمنع عن التصرف ؛ إذ لو كان مطلق التصرف لأذهب ما منعناه عنه.
الترجيح:
من خلال ذكر أدلة الفريقين التي لم تفرق بين السفه الأصلي والسفه الطارىء، وكذلك من خلال ما سبق من المناقشات، يتبين أن الراجح - والله أعلم - هو: القول الأول، القائل: بأن من طرأ عليه السفه حجر عليه، وحينئذ انحلت عقوده التي تنحل بالسفه ؛ وذلك لما يلى:
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
بدينا تخزينتنا ولم تفارقني الرغبة بان اكون بين يدي رجلين اثنين أتجرأ على عضويهما المنتصبين يتبادلاني...
خليج العقبة هو الفرع الشرقي للبحر الأحمر المحصور شرق شبه جزيرة سيناء وغرب شبه الجزيرة العربية، وبالإ...
فرضية كفاءة السوق تعتبر فرضية السوق الكفء او فرضية كفاءة السوق بمثابة الدعامة او العمود الفقري للنظر...
@Moamen Azmy - مؤمن عزمي:موقع هيلخصلك اي مادة لينك تحويل الفيديو لنص https://notegpt.io/youtube-tra...
انا احبك جداً تناول البحث أهمية الإضاءة الطبيعية كأحد المفاهيم الجوهرية في التصميم المعماري، لما لها...
توفير منزل آمن ونظيف ويدعم الطفل عاطفيًا. التأكد من حصول الأطفال على الرعاية الطبية والتعليمية والن...
Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...
في التاسع من مايو/أيار عام 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام التجاري لأول أقر...
أهم نقاط الـ Breaker Block 🔹 ما هو الـ Breaker Block؟ • هو Order Block حقيقي يكون مع الاتجاه الرئي...
دوري كمدرب و مسؤولة عن المجندات ، لا اكتفي باعطاء الأوامر، بل اعدني قدوة في الانضباط والالتزام .فالم...
سادساً: التنسيق مع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وفريق إدارة شؤون البيئة لنقل أشجار المشلع ب...
I tried to call the hospital , it was too early in the morning because I knew I will be late for ...