لخّصلي

٢ - الجوانب الاجتماعية للاحتفال

أسهمت العوامل سالفة الذكر في بلورة الأبعاد الاجتماعية للاحتفال وانتشارها واستمرارها. وبعد طهى العاشوراء () أحد السمات المحددة للاحتفال بالمناسبة والتي لازمها الاستمرار عبر الفترات التاريخية المختلفة. ويشير الإخباريون إلى أن الاحتفال قد يكون بطهي الأرز باللبن، أو طهى حبوب القمح مع اللبن، لأن اللبن رمز للخير في رأى أبناء المجتمع المصرى، ومن العادات التي لازمها الاستمرار تبادل أطباق العاشوراء أو الأرز باللبن بين الأقارب القريبين سكناً أو الجيران. ولعل استمرار هذه العادة يرجع إلى أنها تلعب دوراً وظيفيا في زيادة علاقات الود بين الأفراد.

ومن السمات السائدة في الريف والحضر أن الاحتفال بالمناسبة يكون من خلال إعداد مأكولات دسمة، وذلك من منطلق اعتبار أن هذا اليوم موسم، ومن ذلك طهى الطبقات العليا والوسطى للطيور التي تتميز بالدسامة مثل البط أو الأوز أو الدجاج وذلك إلى جانب طهى الرقاق أو الأرز بالمكسرات يقتصر ذلك على الحضر أو المكرونة بالبشاميل أو الكسكسي، وقد يقتصر الأمر على طهى الأرز والخضروات والدواجن في الطبقة الدنيا (""). ويصاحب إعداد هذه الوجبة الدعوة لتناول الطعام وإن كان ذلك يقتصر على الدوائر القرابية الأولى من حيث دعوة الأب والأم للأبناء المتزوجين أو دعوة الأخ الأكبر الذي يقوم مقام الوالد لأخواته، وتلعب هذه الدعوات دورا وظيفيا من حيث زيادة الترابط القرابي، الأمر الذي ينعكس في المزيد من استمرار الاحتفال بالمناسبة.

وتتميز المناطق الريفية وبعض المناطق الشعبية الحضرية في اعتبار عاشوراء من المناسبات التي يتم فيها تقديم هدايا ملزمة إلى الأبناء المتزوجين وبصفة خاصة الإناث والتي يطلق عليها اسم موسم". ويتكون من لحوم أو دواجن نيئة أو كليهما بالنسبة للطبقة العليا، إلى جانب الأرز والمكرونة والخضراوات الطازجة غير مطهية). ويختلف مقدار الموسم من طبقة اجتماعية إلى أخرى.

وقد يتم إعداد كعك مخصوص للمناسبة في بعض المناطق يطلق عليه كعك عاشوره ، ويتم إعداده من القمح وعسل النحل ويصنع على شكل القمحة أو السنبلة (منطقة فيصل بعض مناطق الجيزة). كما قد يتم إعداد بعض أنواع من الحلوى مثل الكنافة أو البسبوسة وذلك في بعض المناطق الشرقية المنوفية).

ومن المظاهر الاحتفالية بعاشوراء التي لازمها الاستمرار - وإن كانت تقتصر على المناطق الريفية والحضرية الشعبية - ضرورة التبخر في هذا اليوم اعتقاداً بأن ذلك يبرىء من العين والحسد ويوقى منها أيضا إلى العام الثاني. ومن العادات التي تظهر في بعض المناطق الريفية المنوفية - الشرقية القليوبية قيام سيدة باللف على بيوت القرية وهي تحمل على رأسها مشنه بها بخور ملون أحمر، أخضر، أزرق، أصفر) ثم تدق على الأبواب وتقوم برش بعض البخور على رؤوس الذكور من الأولاد دون الإناث، وذلك للاعتقاد بأن الذكور أكثر عرضه للحسد من الإناث. وتردد وهى تقوم برش الملح يارب خلى صبيانا وصبيان دارنا وأهل البيت".

ومن العادات التي تتم في بعض المناطق المنوفية الشرقية ضرورة تخضيب أيدى النساء والأطفال وأرجلهم بالحناء، ويزيد الأمر بتخضيب الحيوانات أيضا مثل البقر والجاموس والحمير، بل وحتى الدجاج كنوع من الاحتفال بالمناسبة. كما قد يتم تعليق خمسة وخميسة للحيوانات حتى يتم حمايتهم من الحسد أبهى الثياب وتسترن بحجاب خفيف. وتتوج الاحتفالات بالمولد بالليلة الختامية التي يستمر فيها الاحتفال إلى الساعات الأولى من نهار اليوم التالي.

ومما هو جدير بالذكر عدم تخلف الريف عن الاحتفال بالمولد النبوى إذ كانت الاحتفالات تستمر لمدة سبعة أيام، وكان الميسورون يقيمون خيما بجوار منازلهم يحتفلون فيها، كما تجرى فيها جميع أوجه الاحتفالات الخاصة بالطرق الصوفية: تتأرجح بزفة الشاذلية، السعدية، الرفاعية، طرق الدراويش الأخرى بدبابيسهم وطبولهم ودفوفهم ومزاميرهم وكاساتهم وأعلامهم وراياتهم وشاراتهم (۱).