لخّصلي

تُركز نظرية مارشال ماكلوهان، التي صاغها في ستينيات القرن الماضي، على أهمية الوسيلة الإعلامية في تحديد نوعية الاتصال وتأثيره، مُشدداً على أن تأثير الوسيلة لا يمكن فصله عن مضمونها. يرى ماكلوهان أسلوبين للنظر لوسائل الإعلام: كوسائل لنشر المعلومات، أو كجزء من التطور التكنولوجي. في الرؤية الثانية، تُشكّل الوسيلة جزءًا من عملية تكنولوجية تُغيّر المجتمع. يؤمن ماكلوهان بالحتمية التكنولوجية، معتقداً أن الاختراعات التكنولوجية هي المُحرك الرئيسي للتغيير الاجتماعي، أكثر من التنظيم الاقتصادي (على عكس ماركس). تُحدد وسائل الإعلام المُستخدمة طبيعة المجتمع وأسلوب تفكيره. صاغ ماكلوهان عدة مقولات، أهمها: "الوسيلة هي الرسالة"، حيث تُشكّل طبيعة الوسيلة، لا مضمونها، المجتمع. كما قسم وسائل الإعلام إلى "ساخنة" (كالكتاب والإذاعة) و"باردة" (كالتلفزيون والإنترنت)، بناءً على قدرتها على تنشيط التخيل. أخيرًا، يرى ماكلوهان أن وسائل الإعلام امتداد للحواس الإنسانية، مُؤثرةً على الشعور والإدراك، لا الأفكار فحسب.

• نظرية مارشال ماكلوهان:
قام مارشال ماكلوهان خلال الستينيات من القرن الماضي بوضع تصور خاص ربط فيه بين
الرسالة الإعلامية مؤكدا فيه أهمية الوسيلة الإعلامية في تحديد نوعية الاتصال وتأثيره" إعادة
موازين القوة إلى تأثير الوسيلة الإعلامية إذا اعتبر أن مضمون وسائل الا علام لا يمكن الجزم
4
بتأثيراته بمعزل عن تقنيات الوسائل نفسها"
لدى مارشال ماكلوهان (Mcluhan Marshall رؤية فلسفية للعملية الاتصالية، ففي عام
1967 صاغ ماكلوهان نظريته اعتمادا على فكرة أن هناك أسلوبان للنظر إلى وسائل
الإعلام من حيث:
1- أنها وسائل لنشر المعلومات والترفيه والتعليم
2- أنها جزء من سلسلة التطور التكنولوجي
فإذا نظرنا إليها من الجانب الأول فيعني ذلك أننا نهتم بالمضمون وطريقة الاستخدام
ٕذا نظرنا إليها من الجانب الثاني فيمكن اعتبارها كجزء من
والهدف من ذلك الاستخدام، وا
العملية التكنولوجية التي يحتمل أن تغير شكل المجتمع كله شأنها في ذلك شأن التطورات
الفنية الأخرى.
ويرى ماكلوهان أن مضمون وسائل الإعلام لا يمكن النظر إليه بشكل مستقل عن تكنولوجيا
تلك الوسائل ذاتها فالكيفية التي تعرض بها المؤسسات الإعلامية موضوعاتها وطبيعة
الجمهور الذي تتوجه إليه تؤثران في طبيعة الرسائل وحينما ينظر ماكلوهان إلى التاريخ يأخذ
6 موقفا يمكن إن نطلق عليه الحتمية التكنولوجية(Determinism Technological (.
فبينما كان كارل ماركس يؤمن بالحتمية الاقتصادية وان التنظيم الاقتصادي للمجتمع يشكل
جانبا أساسيا من جوانب حياته، يؤمن ماكلوهان بأن الاختراعات التكنولوجية الهامة هي التي
تؤثر في المجتمعات وتحدث التغيير، فهو يرى أن مضمون وسائل الاعلام لا يمكن النظر
اليه مستقلا عن تكنولوجيا الوسائل الاعلامية نفسها وطبيعة وسائل الاعلام التي يتصل بها
الانسان تشكل المجتمعات اكثر مما يشكلها مضمون وسائل الاتصال، و يرى أن وسائل
الإعلام التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها ستحدد طبيعة ذلك المجتمع
وأسلوب تفكيره وطريقة معالجته لمشكلاته واختراع أية وسيلة جديدة تشكل ظروفا جديدة
محيطة تسيطر على ما يفعله الأفراد لذا فقد ابتكر ماكلوهان عدة مقولات تحولت إلى
7 فرضيات هي :
أ-الوسيلة هي الرسالة : وتعد فكرة أن الوسيلة هي الرسالة لأنه بوجودها يتم تناقل
المعلومات وهي التي تؤثر على السلوك الإنساني وتحدث التغيير، بمعنى ان طبيعة كل
وسيلة وليس مضمونها هو الاساس في تشكيل المجتمعات حيث يرى ماكلوهان ان الرسالة
5
الاساسية تكمن في جهاز التلفزيون نفسه فالمضمون ليس بأهمية الوسيلة في نقل المحتوى
وأن طبيعة الوسائل الاعلامية تعمل على تشكيل المجتمع ونوعيته اكثر مما تسهم فيه
مضامين الرسائل الاعلامية الموجهة فتفاعله مع الواقع هو مع الوسيلة ومنظومة التغيير
لديه تشكله طبيعة الوسيلة الاعلامية فكما يحب الناس القراءة فإنهم يحبون التلفزيون بسبب
الشاشة التي تعرض الصور والصوت والحركة والألوان، ويقول ان لكل وسيلة افضلية في
نقل الرسالة فمثلا مشاهدة مباراة كرة القدم افضل في التلفزيون عنها في الراديو ومتابعة
تفاصيل الاحداث والأخبار والتحليلات افضل في الصحيفة منها في التلفزيون فلكل وسيلة
خصائص تجعلها الافضل في اثارة موضوعات معينة.
ب –تقسيم الوسائل إلى ساخنة وباردة : قسم ماكلوهان وسائل الاتصال الى ساخنة وباردة
ليميز بين قدرات كل وسيلة في التأثير الاجتماعي ،وأعطى اهمية الى قدرة التخيل الذي
يعتبر محور فكرته فالوسيلة الساخنة تقلل من التخيل ولا تحافظ على توازن الحواس لأنها
تقدم رسائل جاهزة بينما تساعد الوسائل الباردة على تنشيط التخيل وتحافظ على توازن
8 الحواس كما في الاتي :

• الوسائل الساخنة يقصد بها منظومة الوسائل الجاهزة التي لا تحتاج من المشاهد او
  المستمع الى جهد او مشاركة واقعية فهي تقدم المضمون الاعلامي في قوالب جاهزة لا
  تحتاج منه الى بذل جهد في التفكير أو محاولات للابتكار على فكرة فيكون المتلقي مستلب
  امام تلك الوسائط مثال ذلك الكتاب المطبوع والإذاعة والسينما.


• الوسائل الباردة ويقصد بها تلك التي تتطلب من المستقبل جهدا ايجابيا في المشاركة
  والاندماج فهو جزء مهم في اكمال الفكرة والاضافة الابداعية عليها من خلال التفاعل
  والمشاركة مثل التلفون والتلفزيون والانترنت
  ج –عد الوسائل هي امتداد للحواس الإنسانية:يرى ماكلوهان ان الناس يتكيفون مع ظروف
  البيئة في كل عصر من خلال استخدام حواس معينة ذات صلة بنوع الوسيلة الاتصالية
  المستخدمة، فطريقة عرض وسائل الاعلام للموضوعات وطبيعة الجمهور الذي تتوجه اليه
  تؤثران على مضمون تلك الوسائل ،فطبيعة وسائل الاتصال التي تسود في فترة من الفترات
  هي التي تكون المجتمعات اكثر مما يكونها مضمون الرسائل الاتصالية وهو ما اسماه
  بالحتمية التكنولوجية، فالتغيير والتقدم التكنولوجي يؤدي بالتدريج إلى خلق بيئة إنسانية
  جديدة تماماً( فمثلا التلفزيون أوجد تكنولوجيا بيئية جديدة للناس ذات توجه بصري ضعيف
  6
  ودرجة عالية من الاندماج تجعل الفرد بعيدا عن بيئته التربوية القديمة ,وأن كاميرا التلفزيون
  هي امتداد لحاسة البصر والآلات الحاسبة توفر بعض أوجه النشاط التي كانت في الماضي
  تحدث في عقل الإنسان فهي مساوية للامتداد الوعي ) فتأثير تكنولوجيا الإعلام لا يظهر
  9 على مستوى الأفكار والتطورات فحسب ولكن يغير أبعاد الشعور وأنماط الإدر