لخّصلي

تعد الإعاقة بوجه عام من القضايا التي تواجه المجتمعات باعتبارها قضية ذات تؤدي إلى عرقلة المسيرة النمائية والتطور في المجتمع، ومن هذا المنطلق فإن رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة أصبحت أمرا ملحا تحتمه الضرورة الاجتماعية والإنسانية، حيث يتوجب إعطاء الفئات الخاصة القدر المناسب من الرعاية والاهتمام حتى يتسنى لهم الاندماج في المجتمع إلى اقصى حد تسمح به قدراتهم، ومن بين تلك الفئات نجد فئة أطفال طيف التوحد.
طيف التوحد ..... المستقبل المجهول، هذا الاضطراب الذي يعد من بين الاضطرابات النمائية الغامضة رغم تقدم العملي الهائل الذي يشهده مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، هذا الاضطراب الذي تتداخل اعراضه مع اضطرابات أخرى الامر الذي يعيق في حالات كثيرة إمكانية تشخيصه، رغم تباين الاعراض الخاصة به الا انه يلاحظ على هؤلاء الأطفال بعض الخصائص المشتركة كضعف التواصل الاجتماعي ونمطية السلوك ومشكلات اللغة والتي قد يمكن رصدها في مرحلة من طرف الاولياء من خلال ما يلاحظونه على أطفالهم من سلوكات غريبة كما يعجز البعض الاخر عن انتباه اليها اين يتم اللجوء الى ذوي اختصاص للكشف عن هذه المشكلات.
ويعد طيف التوحد أحد أكثر الاضطرابات النمائية تعقيدا، ومع تزايد نسبة انتشاره في جميع أنحاء العالم اصبح من الضروري التعرف عليه وفهمه وتشخيصه بشكل دقيق لتمييزه عن حالات أخرى مشابهة أو متداخلة مثل: حالات الإعاقة العقلية وغيرها، وهذا الأخير يتطلب مقاييس تشخيصية شاملة لكل الأعراض ودقيقة تمكن الأخصائي من تحديد الاضطراب بدقة، إلا أن العديد من الدراسات العلمية المتقدمة لاتزال إلى هذه اللحظة تبحث عن أسباب حدوث اضطراب طيف التوحد إذ لم تستطيع افضل هذه الدراسات تقديم أي سبب مؤكد ومحدد لحدوث الاضطراب وإنما ما قدم لحد الآن عبارة عن فرضيات منها: العوامل البيولوجية، الوراثية، الكيميائية، الجينية، وغيرها من الفرضيات.
وتعتبر عملية التشخيص نقطة البدء في تحديد أساليب العلاج الفعال للطفل، واختيار أسلوب التدخل المناسب، حيث يمدنا التشخيص بالمعلومات الأساسية والخلفية النمائية للحالة، فالتشخيص هو العملية التقنية التي تساعد في إصدار حكم على سلوك ما تبعا لمعايير معينة مع تبيان جوانب القوة والضعف في ذلك السلوك ومن ثم إجراء التدخل العلاجي المبكر. كما يجب أن تتم عملية تشخيص الأفراد المصابين بالتوحد ضمن برنامج متكامل يعد من قبل فريق من المتخصصين، بحث يشمل جوانب النمو الجسمية والحسية والحركية والعقلية والانفعالية والاجتماعية، حتى يظهر جوانب القصور والضعف بدقة، مما يساعد على تقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية المتكاملة اللازمة، للارتقاء بالطفل وتنميته في جميع نواحي النمو في الوقت نفسه بحيث لا يتم الاهتمام بناحية أو أكثر دون النواحي الأخرى.
وبالرغم من وجود محكات دقيقة لتشخيص اضطراب طيف التوحد وتحديد السمات أو العلامات المميزة للنمو المبكر لهؤلاء الأطفال فإن صعوبة الوصول إلى تشخيص دقيق لحالة التوحد مازالت موجودة بالفعل وذلك لعدم وجود علامات حيوية (مخبرية) أو أية فحوصات طبية يمكن الاستناد عليها في عملية التشخيص وكذا تداخل الأعراض مع اضطرابات أخرى مما زاد من صعوبته.
ومن هذا المنطلق أردنا القيام بدراسة حول صعوبات تشخيص اضطراب طيف التوحد من وجهة نظر الأخصائيين النفسانيين الممارسين والتي تحتوي على جانبين: جانب نظري، وجانب تطبيقي.
فالجانب النظري يتألف مما يلي:
الفصل الأول: خصصناه لإشكالية الدراسة ومنطلقاتها والذي يتضمن: الإشكالية، الفرضيات، أهداف الدراسة وأهميتها من الناحية النظرية والتطبيقية، تحديد المصطلحات، الدراسات السابقة والتعقيب عليها.
الفصل الثاني: وتم التطرق فيه إلى اضطراب طيف التوحد من حيث مفهومه، نبذة تاريخية عنه، نسبة انتشاره، أنواعه، خصائصه، النظريات المفسرة له، والتطرق إلى اهم البرامج والأساليب العلاجية له.
الفصل الثالث: وتناولنا في هذا الفصل صعوبات تشخيص اضطراب طيف التوحد، من حيث التعرف على التشخيص وأهدافه وأهميته وأهم مراحله وكذا أنواعه وأدواته، فريق العمل الإكلينيكي المسؤول عن تشخيص اضطراب طيف التوحد والتطرق إلى المحكات التشخيصية وكذا أساليب تشخيص هذا الاضطراب واهم صعوبات تشخيصه.
الفصل الرابع: وخصصناه للأخصائيين النفسانيين من حيث وضع مفهوم شامل لهم وكذا التعرف على سماتهم ومهاهم واهم مهاراتهم.
أما الجانب التطبيقي: فيحتوي على فصلين
الفصل الخامس: والذي تم التطرق فيه إلى الإجراءات المنهجية للدراسة، حيث يضم المنهج المستخدم في الدراسة، عينتها، أدواتها، الأساليب المستخدمة فيها وأخيرا مجالاتها.
الفصل السادس: وهو آخر فصل في الدراسة يحتوي على عرض نتائج الدراسة التي تم التوصل اليها ومناقشتها وتقديم استنتاج عام.
وأخيرا تم وضع خاتمة للدراسة، ثم قائمة المراجع والملاحق