لخّصلي

يُبرز النصّ أهمية التجديد في الممارسات التربوية بالمغرب، مؤكداً على ضرورة مراعاة التوجهات الوطنية والنظريات التربوية الحديثة. يركّز على أهمية تنويع طرائق التدريس، معتمداً على التعلم الذاتي واستراتيجيات تعليمية متنوعة تُنمّي كفايات المتعلمين المعرفية والمنهجية والثقافية والتكنولوجية، مع مراعاة الفروق الفردية وخصوصيات كل مرحلة عمرية. يُشدّد النص على أهمية تنويع الأنشطة لتلبية احتياجات المتعلمين المتنوعة، ويشجع على التعلم الجماعي لتعزيز التواصل والتعاون. أما بخصوص الوسائل الديداكتيكية، فيؤكد على أهمية استخدام الوسائل التقليدية والرقمية الحديثة، مع ضرورة مراعاة ملاءمتها لأعمار المتعلمين وقدراتهم، وذلك بالتكامل بين الكتاب المدرسي والموارد الرقمية. ويُشدّد على أهمية تهيئة فضاءات تعلم مُلائمة، سواء داخل القسم أو خارجه، مع اقتراح تنظيم فضاء القسم بأركان تربوية متنوعة. أخيراً، يُشدد على أهمية تدبير الزمن المدرسي بشكل مُلائم، مع مراعاة الصحة النفسية والجسمية للمتعلمين، ودمج أنشطة متنوعة في أوقات مناسبة، مع التفاعل الإيجابي مع محيط المؤسسة.

تم تقديم مداخل البرنامج الدراسي المغربي وخلفياتها النظرية والبيداغوجية بشكل عام يجعل الفاعل التربوي يستحضر الاختيارات والتوجهات الوطنية والنظريات التربوية في ممارساته حتى تكون تدخلاته واعية. ونعرف في ما يأتي بأنشطة وفضاءات التدريس وما يستلزمه الأمر من وسائل تعليمية ونظام للتكوين والتقويم، وذلك من خلال مبادئ دقيقة تخدم كل
المجالات والوحدات الدراسية.

1. طرائق التدريس
   إن الدور التقليدي للمدرس (ة)، بصفته الفاعل المحوري في العملية التعليمية، لم يعد يساير الحاجات والمتطلبات الجديدة للمجتمع وللمتعلمين. لذا، فإن طابع التعلم الذاتي واستراتيجيات التعلم وتقنياته، يجب أن تسود في الأنشطة المدرسية المبرمجة: إنها أنشطة تتغيا تنمية الكفايات بجميع أبعادها المعرفية والمنهجية والإستراتيجية والثقافية والتكنولوجية، وتساهم في تعزيز الذكاءات المتعددة لدى المتعلم(ة) وقدرته على حل المشكلات. وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن أية محاولة للموازنة بين التدريس والتفاعل، وإنجاز البرنامج والتقويم، تقتضي منا أخذ سن المتعلم(ة) بعين الاعتبار وخصوصياته. فالمتعلم(ة) في السلك الابتدائي في مرحلة نمو سريع ومستمر من الناحية النفسية والجسدية والعقلية؛ مما يستدعي ملاءمة الأنشطة التعليمية التعلمية لمراحل نموه ولجميع خصائصه الإدراكية خاصة الحسية.
   ولا تخفى الفائدة التربوية من تنويع الأنشطة، حيث يساعد هذا التنويع على تلبية الحاجات المتباينة لدى المتعلمات والمتعلمين، بالنظر إلى فوارقهم الطبيعية والمكتسبة، ويتيح تنوعاً في فرص الاكتساب من جانب المتعلم(ة) وفي اختيار الأنسب منها؛ كما يبعد الملل عن المتعلم(ة) والمدرس(ة) في الوقت نفسه. فالتغيير من نشاط تعليمي إلى آخر يختلف عنه في النوعية والإيقاع والموارد المعتمدة ، يرفع من الانتباه ويثير اهتمام المتعلم(ة) وفضوله المعرفي. ويعني تنويع الأنشطة في الدرس الواحد تنويع الوسائط التعليمية المستخدمة وتنويع أشكال العمل داخل مجموعة القسم، مما يستدعي التخطيط الجيد بما يضمن مشاركة جميع أفراد المجموعة في الأنشطة التي لا ينبغي أن تكون مجرد أنشطة ينبغي القيام بها، بل يجب أن يتوفر فيها عامل إثارة اهتمام المتعلم(ة) وخياله وإعمال الفكر والإحساس بالتسلية... كما يحظى التعلم الجماعي ببالغ الأهمية، لما له من فوائد سواء على مستوى المواد الدراسية وتعلمها، أو على مستوى ترسيخ مبادئ التواصل والحوار واحترام الآخر، وإثبات الذات والإيمان بالاختلاف فانطلاقا من المهارات والأنشطة الأساسية التي يتمرن عليها المتعلم(ة)، واستنادا إلى اختيار المقاربة بالكفايات، فإن المتعلم(ة) يقوم بأنشطة تمليها طبيعة الاستعمال الوظيفي للمكتسبات التعليمية في امتداداتها إلى ما خارج محيط المؤسسة التعليمية وارتباطها بمحيط المتعلم(ة) وواقعه المعيش. فكل الأنشطة داخل الفصل أنشطة تفاعلية، سواء منها الأنشطة الفردية أو الثنائية أو في مجموعات أو في
   جماعة القسم. وهي كذلك أنشطة تدفع المتعلمين والمتعلمات إلى تنمية العمل الجماعي، وروح المشاركة الإيجابية والمردودية لديهم ودعم بعضهم البعض. كما ينبغي على المدرس (ة) أن يوفر الفضاء التربوي الملائم للتنشيط والفاعلية والتفاعل عن طريق التوجيه والإرشاد والتنظيم فهو يعمد إلى خلق تفاعل إيجابي بين الأفراد والمجموعات، في أوراش يسودها التعاون وتبادل الآراء والعمل المشترك، ويُسَخّر أساليب التقويم التكويني لتعزيز التعلم، وحفز المتعلمين والمتعلمات على المنافسة في الإنتاج والإبداع. 2. الوسائل الديدكتيكية
   يتعلق الأمر هنا بالوسائل الديدكتيكية المُعتمدة لتيسير العملية التعليمية التعلمية، من كتب مدرسية ومضامين رقمية، ووسائل ووثائق ورقية كانت أم رقمية (صور) خرائط، رسوم بيانية ،عروض أشرطة، أنشطة تفاعلية ...) وأجهزة (آلة تسجيل، جهاز التلفاز، جهاز الفيديو، جهاز الحاسوب، جهاز عرض الشرائح والأفلام الثابتة...). ويُراعى في اختيار هذه الوسائل بكل مكوناتها قبل كل شيء استجابتها للمتطلبات والأهداف المشار إليها أعلاه. فهي تحتوي على مضامين وظواهر راهنة، تتوفر فيها الشروط التربوية، وتناسب سن المتعلم(ة) الزمني والعقلي، وحاجاته وفضوله المعرفي ومستواه الدراسي. كما أنها تساعده على الانفتاح على محيطه الاجتماعي، وتحثه على التعلم الذاتي والبحث والإبداع.
   ولا يخفى أن الكتب المدرسية ومضامين التعلمات لم تعد محصورة في المطبوعات الورقية، فتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال وتوفر الموارد البيداغوجية الرقمية أحدثا تحولات عميقة في إمكانيات الحصول على المعرفة وبالتالي في تنوع الوسائل التعليمية المعتمدة ومن ثمة ينبغي استثمار المضامين والموارد الرقمية المتوفرة إن في التخطيط للأنشطة بما يُكمّل ما هو مقترح بدليل المدرس(ة)، أو بجعل أنشطة المتعلمات والمتعلمين تتم مباشرة على حواسيب ووسائط رقمية، سواء داخل القاعات المتعددة الوسائط أو باستعمال الأطقم المعلوماتية المتحركة، بما توفره في كثير من الأحيان من سهولة وسرعة واستقلالية وتنوع الاختيارات، وبما قد تضمنه من فرص للتواصل والتتبع داخل أو خارج أوقات الدراسة الرسمية. ويجب في هذا السياق تعويد المتعلمات والمتعلمين على الاستعانة بمثل هذه الأدوات والوسائل خارج المدرسة، لتمكينهم من تحسين أدائهم وتفعيل مشاركاتهم. كما يعتبر الفضاء التربوي الملائم وسيلة فعالة للتنشيط والفاعلية والتنظيم، وبلوغ الأهداف المسطرة. ويستدعي ما سلف من المدرسات والمدرسين البحث بمختلف السبل لاستكمال التدريب والتكوين في مجال تقنيات الإعلام والتواصل؛ لتفعيل المكتسبات في مجال التدريس، وتطوير الإنتاجات الرقمية وتبادل الخبرات، سواء بصفة مباشرة أو عبر
   التواصل عن بعد.غير أن ذلك لا يمنع من تعزيز الكتاب المدرسي والموارد الرقمية بوسائل ومعينات ديدكتيكية أخرى ومتنوعة، تساعد على استيعاب مكونات البرنامج الدراسي. أضف إلى ذلك المشاريع الشخصية التي يمكن تكليف المتعلمين بإنجازها. ويجب التذكير في هذا الإطار بأن أي محتوى تعلمي أو نص مسموع أو مكتوب، أو أية صورة أو شريط أو رسم أو خريطة أو جدول أو مبيان أو أي فعل تعليمي - تعلمي أو نشاط مواز، يجب أن يحترم ويأخذ بعين الاعتبار السن الزمني والمعرفي للمتعلم(ة)، وإمكاناته البدنية والذهنية، وقدرته على التجريد وذكاءه النظري. أضف إلى ذلك حاجته لاكتشاف الذات والوعي بها، وبحاجاتها النفسية والاجتماعية والفكرية، وتحقيق التوازن بينها وبين محيطها. لذا يجب على المادة التعليمية المتضمنة بمحتوياتها ووسائلها الديداكتيكية وأهدافها، إيلاء أهمية كبيرة لمجالات اهتمام المتعلمين وحاجاتهم العقلية والنفسية والوجدانية، وذلك مع احترام القيم الدينية والوطنية وواقعهم المعيش، لمساعدتهم على التعديل الإيجابي لسلوكهم ورؤيتهم لذاتهم وللآخر.
   وتجدر الإشارة هنا إلى أن غياب بعض الوسائل والتي تمثل جزءا لا يتجزأ من تدريس المواد وتعلمها، كما هو الشأن بالنسبة للأجهزة السمعية في تدريس اللغات وتعلمها مثلاً، يجعل تحقيق الكفايات المرتبطة بها صعبة المنال. غير أن الجانب الإيجابي للوسيلة التعليمية يعتمد على مدى قدرة المدرس (ة) على توظيفها بالشكل الصحيح، واختيار الملائم من مجموع الوسائل المتوفرة لديه بمعنى "الوسيلة المناسبة في الوقت المناسب، واستغلال الوقت في ما يخدم المتعلم(ة) باعتبار دوره الحيوي والفاعل داخل الفصل. أنه ينبغي التذكير هنا كذلك بأن التقنيات الحديثة، شأنها شأن الكتاب المدرسي، مجرد أدوات مساعدة ينبغي ألا تستعبد الممارسات التربوية وتحتكرها معوضة بذلك وضعيات تعلم ملائمة واقعية أو قريبة من الواقع.
   غير


2. تنظيم الفضاء
   1.3. فضاء القسم
   يقتضي تدبير فضاء القسم تفادي وضعيات الجلوس التقليدية ضمن صفوف والانتقال نحو العمل في وضعيات جلوس بيداغوجية؛ من بينها الجلسة الدائرية أو الجلسة وفق حُذوة الفرس وهي جلسة تسمح بالتواصل بين أعضاء جماعة القسم الكبرى مثلا مجموعات من أربعة أو ستة أفراد في حصص التعبير الشفهي. كما يمكن تدبير فضاء القسم باعتماد أركان تربوية داخل حجرة الدراسة لتستجيب لحاجات المتعلمات والمتعلمين، نذكر من بينها:

• ركن القراءة؛


• ركن الفنون؛


• ركن الكتابة؛


• ركن الورشات؛


• ركن المعلوميات؛
  إضافةولما سبق يمكن تخصيص ركن للوسائل الديدكتيكيةيتم من خلاله إشراك المتعلمات والمتعلمين في البحث عن وسائل محلية من شأنها أن تجعل التعلمات أكثر ملاءمة لخصوصياتهم. وقد تكون عبارة عن مواد طبيعية وإنتاجات متنوعة تساهم في تقريب مضامين التعلمات.
  2.3 فضاءات أخرى للتعلم
  ينبغي للأنشطة ألا تتم فقط داخل الحجرات الدراسية التقليدية، بل في فضاءات أخرى داخل المؤسسة أو خارجها، كما يتعين تنويع أشكال العمل باعتمادها في وضعيات مختلفة تيسّر التواصل بين مجموعة القسم الواحد أو أكثر، أو ضمن مجموعات عمل صغيرة تتغير تبعا لحاجات المتعلمين والمتعلمات أو للأنشطة التعليمية التعلمية، بحيث تتجانس تارة وتتباين تارة أخرى. ويمكن للتعلمات أن تتم في فضاءات خارجية في إطار التعاون أو الانفتاح أو الشراكة التي تعقدها المؤسسة مع مؤسسات أو جمعيات أو إدارات ذات طابع تربوي أو اجتماعي أو اقتصادي، وهي فضاءات من شأنها توسيع مجال الحياة المدرسية، وتحقيق ذلك الانفتاح المنشود للمؤسسة على محيطها. 4. تدبير الزمن
  برمجة التعلمات مراعاة
  يشير مفهوم الزمن أو الإيقاعات المدرسية إلى تنظيم وتدبير الحصص السنوية والأسبوعية واليومية لأنشطة المتعلم(ة) الفكرية والمهارية والعلائقية؛ بحيث يراعي هذا التنظيم صحته الجسمية والنفسية، والأوقات المناسبة للتعلم. لذا، ينبغي عند التدرج بشكل يتيح للمتعلم(ة) الاستعمال الأمثل لإمكاناته الجسمية والنفسية والذهنية؛ باحترام إيقاعاته البيولوجية وزمن برمجة الحصص الدراسية العادية وحصص الأنشطة المندمجة وحصص الدعم والأنشطة الأخرى في فترات زمنية ملائمة، وفي فضاءات مدرسية مختلفة، لتجنيب المتعلم(ة) قضاء ظرف زمني مطول في وضعيات وأنشطة رتيبة؛ تفعيل دور المؤسسة التربوية بشكل يحقق التفاعل الإيجابي مع محيطها المباشر بمكوناته المختلفة، من أسر ومؤسسات اقتصادية واجتماعية، وهيئات المجتمع المدني وغيرها.