لخّصلي

تعكس المالية العامة حالة الاقتصاد وسياسة الدولة والأهداف المسطرة لها في فترة زمنية معينة ، حيث تعد ذو أهمية بالغة في الدولة ، ولتحقيق تطلعات المجتمع وتلبية حاجياته العامة وإشباعها تلجأ الدولة إلى وسيلة هامة وأساسية من أجل تحقيق ذلك وهي سياسة الإنفاق العمومي ، والذي يعتبر من أهم الأدوات المالية التي ترتكز عليها الدولة ، والجزائر كغيرها من دول العالم تزداد أهمية الإنفاق العمومي فيها من سنة لأخرى ، ويتضح هذا من خلال سرعة تطور حجم الإنفاق العمومي في ميزانية الدولة .
فيعد قانون المالية هو الأساس القانوني التي تستنبط منه الميزانية العامة قواعد إعدادها والأعوان المكلفون بتنفيذها واختصاصاتهم ، وكذا مختلف الجوانب التي تنظم العمل المالي في المالية العامة للدولة ، فالميزانية هي ليست فقط عملية لتقدير الإيرادات والنفقات في فترة تحدد بسنة ، وإنما هي بالإضافة إلى ذلك عبارة عن برنامج عمل يبين ويحدد الإستراتجيات الأساسية التي تعتمد عليها السياسة الاقتصادية والاجتماعية في الدولة ، كما أنها تعتبر أداة رقابية للتأكد من طرق التحصيل والاتفاق من خلال مختلف الأجهزة الرقابية التي تشرف على عمليات الميزانية للتأكد من تحقيق الأهداف المرجوة والمسطرة .
كما أن العمل المالي أو الاقتصادي ومهما اختلفت قطاعات تنفيذه وتسييره إن لم يضبط وينظم بقواعد وقوانين موحدة ومحكمة فإنه لم يحقق الأهداف المسطرة له والمنتظرة منه ، ومن أهم هذه القوانين والنظم هي المدونات المضبوطة التي يعتمدها المشرع في مختلف دول العالم وفي مختلف القطاعات ، والتي تعرف بمسمى الموازنة العامة للدولة أو الميزانية .
حيث يتم تسيير العمل أو النشاط المالي لمختلف دول العالم وفق برنامج مسطر ومحدد ، بحيث يحتوي هذا البرنامج على مجموعة من الإيرادات والنفقات ، ويشترط أن يحوز هذا البرنامج على المصادقة أو التصديق من قبل الهيئة المحولة لذلك في الدولة ، وهذا ليتمكن المكلفون به من تنفيذه في فترة زمنية مقبلة ومحددة ، وفي الجزائر هناك جهة مختصة يدخل في دائرة اختصاصها مهمة إعداد الميزانية العامة وهي السلطة التنفيذية تحت رئاسة وزير المالية والذي يضطلع على مستوى وزارته بمهمة تحضير المشروع النهائي للميزانية العامة والذي يقدم للسلطة التشريعية للمصادقة عليه .

وتضطلع السلطة التنفيذية بمهمة تنفيذ الميزانية العامة للدولة بعد المصادقة عليها ، ويقوم بهذه المهمة على مستوى السلطة التنفيذية مختلف الوزارات والهيئات العمومية والمؤسسات العمومية في الدولة ، والتي توزع كل الاعتمادات التي رصدت لها في الميزانية العامة على مختلف المصالح والمؤسسات التبعة لها .
ومن بين هذه الوزارات والمؤسسات العمومية في الجزائر نجد وزارة الاتصال ، والتي تتفرع عنها مديريات فرعية في أرجاء الوطن ، وتتبعها المؤسسات العمومية ذات طابع التجاري ، وتتمتع هذه المؤسسات التجارية بالشخصية المعنوية الاستقلال المالي في بعض الجوانب، من حيث أنها تقوم بتسيير شؤونها المالية بنفسها ولها حق الملكية والكسب، وذلك في إطار القوانين والنظم العامة للمحاسبة ، فيرأسها الأمر بالصرف الذي يضمن حسن سيرها وتسييرها ويساعده في ذلك المحاسب العمومي أو العون المحاسب الذي يشرف على التسيير المالي فيها بالتوازي مع الآمر بالصرف فهو المستشار التقني في الجانب المالي للمؤسسة .
ومن هذا المنطلق فإن التسيير المالي في المؤسسة المؤسسات العمومية ذات طابع التجاري في الجزائر يتمثل في تنفيذ الميزانية، حيث يرتكز هذا التنفيذ على عنصرين أساسيين أولهما هو إعداد الميزانية والمصادقة عليها والثاني هو المكلفين بتنفيذ ميزانيتها ألا وهما الآمر بالصرف والمحاسب العمومي، وعلى هذا الأساس أردنا أن نعرف كيفية تطبيق وتنفيذ الميزانية في الميدان المهني فاخترنا موضوع تسيير ميزانية عامة في المؤسسة العمومية ذات الطابع التجاري.