لخّصلي

يوضح الخالدي، من بين آخرين، كيف ساهم التحديث وانهيار الإمبراطورية العثمانية والسعي الأوروبي الجشع للحصول على أراضي في الشرق الأوسط في ترسيخ القومية الفلسطينية قبل أن تترك الصهيونية بصمتها في فلسطين مع الوعد البريطاني بالوطن اليهودي في عام ١٩١٧.كان أحد أوضح مظاهر هذا التعريف الذاتي الجديد هو الإشارة في البلاد إلى فلسطين ككيان جغرافي وثقافي، وبعد ذلك ككيان سياسي. بالرغم من عدم وجود دولة فلسطينية، كان الموقع الثقافي لفلسطين واضحًا جدًا. كان هناك شعور موحد بالانتماء،في بداية القرن العشرين، عكست صحيفة "فلسطين "الطريقة التي أطلق بها الناس على بلادهم.
يتحدث الفلسطينيون بلهجتهم الخاصة، ولديهم عاداتهم وطقوسهم الخاصة، ويظهرون على خرائط العالم على أنهم يعيشون في بلد تدعي فلسطين.
.خلال القرن التاسع عشر، أصبحت فلسطين، مثل المناطق المجاورة لها، أكثر وضوحًا كوحدة جيوسياسية في أعقاب الإصلاحات الإدارية التي بدأت من اسطنبول،عاصمة الدولة العثمانية. نتيجة لذلك، بدأت النخبة الفلسطينية المحلية في السعي للحصول على الاستقلال داخل سوريا الموحدة، أو حتى دولة عربية موحدة (إلى حد ما مثل الولايات المتحدة الأمريكية). كان هذا الدافع القومي للعرب يسمى بالقومية العربية، وكان شائعًا في فلسطين وبقية العالم العربي.
اليهود كانوا شعباً بلا أرض

إن الادعاء في الفصل السابق بأن فلسطين أرض بلا شعب، يسير جنبًا إلى جنب مع الادعاء بأن اليهود شعب بلا أرض.

لكن هل كان المستوطنون اليهود شعباً؟ لقد كررت الدراسات الحديثة الشكوك التي تم التعبير عنها منذ سنوات عديدة حول هذا الأمر أيضًا. من الأفضل تلخيص الموضوع المشترك لوجهة النظر النقدية هذه في كتاب شلومو ساند "اختراع الشعب اليهودي". يوضح ساند أن العالم المسيحي، من أجل مصلحته الخاصة وفي لحظة معينة من التاريخ الحديث، دعم فكرة اليهود كأمة يجب أن تعود يومًا ما إلى الأرض المقدسة. في هذه الرواية، ستكون هذه العودة جزءًا من المخطط الإلهي لنهاية الزمان، جنبًا إلى جنب مع قيامة الأموات والمجيء الثاني للمسيح.

أنتجت الاضطرابات اللاهوتية والدينية للإصلاح منذ القرن السادس عشر فصاعدًا ارتباطًا واضحًا، خاصة بين البروتستانت، بين فكرة نهاية الألفية وتحول اليهود وعودتهم إلى فلسطين. وقد مثل توماس برايتمان، وهو رجل دين إنجليزي من القرن السادس عشر، هذه المفاهيم عندما كتب: "هل يعودون إلى أورشليم مرة أخرى؟ ليس هناك شيء أكثر يقينًا: فالأنبياء يؤكدون ذلك في كل مكان ويتحدثون عنه". ولم يكن برايتمان يأمل فقط في ذلك. وعد إلهي سيتحقق؛ كما أنه، مثل الكثيرين من بعده، تمنى لليهود إما أن يتحولوا إلى المسيحية أو أن يغادروا أوروبا معًا. وبعد مائة عام، كتب هنري أولدنبورج، اللاهوتي والفيلسوف الطبيعي الألماني: "إذا ظهرت المناسبة وسط تغييرات تخضع لها الشؤون الإنسانية، فقد يقيم [اليهود] إمبراطوريتهم من جديد، و... قد يختار الله لهم مرة ثانية."³ صرح تشارلز جوزيف من ليجن، وهو مشير نمساوي مجري، في النصف الثاني من القرن الثامن عشر: