لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (75%)

نكبة البرامكة : والبرامكة أيضا يمثلون مرحلة أخري من مراحل قضية المشاركة التي سار عليها خلفاء المنصور، والبرامكة ينتسبون إلى برمك الذي كان خادما لبيت النار في مدينة بلخ، وكان فارسا عريق النسب، لأنه يصل إلى هذه الوظيفة الأمن كان من اصل عريق، ولقد ساعدت ظروف الدعوة والثورة العباسية لأحد أفراد هذا البيت إلى الظهور علي مسرح الأحداثولا جدال في أن خالد بن برمك هو الحلية الأدابم أول جد معروف لهذه الأسرة في الإسلام، فليس مؤكد إسلام أبيه برمك، لكن من المؤكد أنا خالد قد ارتبط بالدعوة العباسية منذ بدايتها، فانضم إلى أبي مسلم وحارب معه الأمويين إلى أن تم الأمر العباسيين، كما اشترك مع قحطية بن شبيب وتقلد الخراج والغنائم وولي في عهد السفاح الديوان والجند، ثم تولي الوزارة بعد مصرع أبي سلمه الهلال عام 132هـ/749م، واستمر فيها خلال خلافة السفاح وعاش حتى عصر المهدي . حتى توفي عام 781/165م أنا يحيى فقد بدأت صلاه بالعباسيين منذ عهد المنصور الذي ولاه على أذربيجان وأرمنية 158هـ/774م. وفي عهد المهد قام بأمر نفقات العسكر وأصبح كل شيء عنده، حتى جعله مربيا لابنه هارون 777/161م ولما عين هارون على المناطق الغربية، ولذلك اتفق يحيى مع الخيزران أم هارون في أن يجعل ولاية هارون تسبق المهدي، كنا دافع عن حق هارون في الخلافة خلال عهد الهادي حتى أنه سجن بسبب ذلك، ثم وحد الهادي ميتا في ذات الليلة التي سجن فيها يحيى وقيل إن الخيزران هي السبب في موت الهادي . وعندما تولى هارون الخلافة فإن يحيى كتب إلى العمال وتفسير ذلك اتضح في المستقبل القريب اذا ن هارون قد تولى الخلافة صغيرا (۲۲) عاما في عام 170هـ/786م ولذلك تدخل أهل القصر في شؤن الخلافة أكثر من عهد المهدي الذي وضع حدا لذلك، حتى أصبحت الخيزران مع هارون هي المسيطرة الفعلية وأصبح يحيى ابن برمك يصدر الأوامر عن رأيها، لكن بعد موتها عام 789/173م، أخلي الجو تماما ل يحيى الذي أصبح له الرأي الأول في الدولة، لكنه لم يكن تأثير شخص بمفرده ولكن أسره بأكملها . وبالفعل أصبح يحيى كل شيء في خلافة هارون الذي لقيه بالرشيد قولته وزارة التفويض وأصدر له تقليد ببين مدي السلطة المطلقة، واستعان يحيى لأولاده في حكم الخلافة دون الرجوع للخليفة، أما ابنه جعفر فكان له الإشراف على الجزيرة والشام ومصر والإقليم الغربية، كما تولي البريد ودور الضرب والطراز، ولقد بلا من نفوذه أنه شارك الخليفة في نقش اسمه على السكة. هذا بدوره أدي إلى أن يكون يحبى وبنيه من وراء ذلك ثورات طائله كما أنهم ملكوا العقول والفنون وساعد على ذلك أنهم كانوا مثقفين ثقافة عالية تجمع بين تراث الفرس والهند والسلام وعلي علم بالعربية والفارسية حتى قال الجاحظ : البلاغة لم تستكمل إلا فيهم ولم تكن مقصورة إلا عليهم فجعفر قد تتلمذ على الفقيه أبو يوسف وصار يوقع على القصص بين يدي الرشيد حتى تنافس الببغاء في تحصيلها وكانت كل قصه تباع بدينار، هذا فضلا أن يحيى كان له ولأولاده ندوات يجمع فيها نجوم العصر يتبادلون فيها قضايا هامة مثل موضوع الإمامة، القدر خيره وشره، كما كانوا يتذوقون الشعر ويقرضونه فمدحهم الكثير أمثال : أبي نواس والعباس بن الأحنف . كما كانت البرامكة مجالس سمر وغناء اشتهر فيها المغنيات فكان آل برمك يغدقون على العلماء والشعراء وأهل الفن العطايا والصلات، وبذلك كان البرامكة يمثلون دولة داخل دولة بني العباس . واستمر سلطان البرامكة حوالي سبعة عشر عاما وسبعة أشهر، وفجأة قرر الخليفة الرشيد استئصال شأفتهم وهو ما عرف بالنكبة، ولم تكن النكبة إلا إبعادهم عن السيطرة والنفوذ وكانت النكبة كما يصورها المؤرخون في آخر ليلة من المحرم عام 802/187م بعد أن رجع الرشيد من حجه ووصل الأنبار، فلما انصرف جعفر من عنده أرسل وراءه مسرورا وأمره بضرب عنقه وقبل أن تنقضي تلك الليلة أمر الرشيد بمن يقبض علي يحيى وابنه وحبسهم وأمر بمصادرة أموالهم وفرق الكتب على الولاة بالأقاليم بذلك وبالقبض على أنصارهم ومواليهم ولذلك اختلف المؤرخون في ذكر الأسباب التي من أجلها نكب البرامكة ومن الغريب أن الرشيد لم يذكر السبب المباشر الذي من أجله نكبهم، كما أن البرامكة نفسهم لم يتحدثوا عن الأسباب، مع أنه كان هناك بقيه منهم بعد موت الرشيد، فإن هذا أتاح فرصة للقصص والتجنيات حتى بلغ بعض الناس قالوا إن نكبتهم بغير سبب . ومن بين الأسباب التي أوردها المؤرخون تلك الرواية التي يرويها الطبري والسعودي وغيرهم، والتي ترجع نكبة البرامكة لوجود علاقة بين جعفر بن يحيى والعباسة أخت الرشيد والهادي وابنه المهدي، وهذه القصة تروي أن العباسة كانت تجالس الرجال في حضرة أخيها الرشيد بسبب ثقافتها، فكان جعفر والعباسة يجتمعان ثم يقوم الرشيد ويخلوان بأنفسهما حتى ولدت له ولد أو ولدين وكتمت الأمر عن الخليفة الرشيد، وعندما علم بالأمر نكب البرامكة. ويضيف المسعودي إلى هذه الرواية أن العباسة هي التي حاولت أن تصل إليه مع أمه ثم ولدت غلاما أو اثنين ووجهت بهما إلى مكة ثم اليمن وأن الرشيد حج إلى الحجاز يقصد أن يعرف الخبر، ومما يضعف هذه الرواية أيضا أن هناك مصادر أساسية لم تذكرها مثل كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني، كما أن هناك رجالا معاصرين ينفوا عنها هذا الأمر مثل سياف الرشيد، الذي قال عندما سأله البعض عن العباسة كأنك تريد ما يريده العامة، والله ما لشيء من هذا أصل، وهذه الرواية تكررت أيضا عن أخت الرشيد ميمونة. ويطالعنا ابن خلدون أيضا بعدة اعتراضات لنفي هذا الزواج منها كيطلب الصوت والعفاف إذا ذهب عنها وأين توجد الطهارة إذا فقدت من بيتها فضلا عن المصادر لم تذكر العباسة سوى ثلاثة زيجات منها زواجها من محمد بن سليمان والي البصرة الذي تزوجته عام 744/0127م وتوفي في العام الذي يليه، ثم أن زوجيها الآخرين فقد توفيا قبلها ولم تذكر أنها تزوجت بجعفر بن يحيى، حتى أن الشاعر أبا نواس، يري أنه لكي يموت إنسان عليه أن يتزوج العباسة، وأخيرا فكيف يتم كل ذلك والخليفة لا علم له به. أما السبب الثاني الذي ينسبه إليهم المؤرخون الزندقة لا سيما وأن دين البرامكة الأول قبل الإسلام كان المجوسية ويبدو من سيرتهم أنهم جعلوا من بيوتهم ملجاً لشرب الخمر والمجون وكانت لهم مجالس شرب ولهو علنية غير محتشمة يلبسون فيها هم وندماؤهم ثيابا من حمراء وصفراء وخضراء لمعانا في اللهو، فلعل هارون لم يعجبه تبدل البرامكة وعدم اهتمامهم بالدين الإسلامي، حتى أن يحي بأمر الرشيد كتب إلى الفضل بن يحيى الذي تشاغل بالصيد وإدمان الملذات عن النظر في أمور الرعية، أما البغدادي في كتابه "الفرق بين الفرق فإنه ينسب صراحة إلى البرامكة العودة إلى ديانتهم حينما زينوا للرشيد أن يصنع مجمرة في جوف الكعبة يتبخر عليها العود فعلم الرشيد أنهم يريدون أن يحولوا الكعبة إلى بيت نار، وأن كانت تهمه الزندقة عند العباسيين تهمة من لا تهمة له ووسيلة للقضاء على أعدائهم . كذلك يذكر المؤرخون أن من أسباب غضب الرشيد على البرامكة احتجازهم الأموال مع كثرة المصادر المالية للدولة العباسية، حتى بلغت في عهد الرشيد ما يقرب من اثنين وسبعين مليون دينار في السنة عدا العينية، فكان هو وأفراد أسرته يطلبون اليسير فلا يحصلون عليه، يضاف إلى ذلك أن البرامكة خالفوا التقليد السابق في إشراف الخلفاء على السكة وهي العملة من الدراهم والدنانير بأنفسهم، وأصبح جعفر له النظر في سك العملة باسمه، كذلك كانوا يتصرفون في أموال الدولة التي كانت كلها تحت أيديهم كما يشاءون من غير حساب وبدون رقيب، وفي سبيل إظهار الكرم والسخاء بقصد استمالة رجال الدولة بالمال. أما ابنه جعفر فإنه كان يحمل الدنانير مع خادمه ليشترى الناس في حضرته بعطاءه وكرمه، ولا شك أن البرامكة اغتنوا غني فاحش لم تسمع به الأسرة من الموالي من قبل، فقد أحصيت أموال يحيى وجعفر في آخر أيامه فكانت ٢٠ مليونا وفاقت ضياعهم ضياع الخليفة نفسه، فكان الرشيد لا يمر بضيعة ولا بستان إلا قبل هذا الجعفر، كذلك بني جعفر لنفسه قصرا فخما في الرصافة أو المدينة الشرقية في بغداد اتفق عليه ۲۰ مليون درهم، هذا غير بقيه قصور البرامكة حتى أصبحت أشبه بمدينة عرفت باسمهم وبقيت بعدهم، فلعل الرشيد حسدهم على ثروتهم وأخذ عليهم إنفاق أموال المسلمين بدون حساب لأغراضهم الخاصة، لاسيما الأموال من الناس في الموصل من غير وجه حق وسرقتها وأمهله ثلاثة أيام والا قتل ليأتي بثلاثة ملايين درهم، حتى أن ابنه يحيي أحد يقترض من الناس وبعد أن تمكن من إحضارها عفا عنه المنصور . يف تلحق العباسة وهي ابنه خليفة وأخت خليفة نسبها بجعفر، ويتعجب أين ثم يذكر المؤرخون تلميحا سببا آخر من أسباب تغير هارون علي البرامكة وهو ميلهم العلويين مثل كل الفرس بسبب زواج الحسين بن علي من ابنه يزدجرد آخر ملوك آل ساسان، كما أن سلالة العلويين ارتبطت بالفرس، ويؤيد هذا الميل من قبل البرامكة أن جعفر كان يمنح من يتصل به من العلويين مناشير الأمان، ويسمح لهم في حضرته بمناقشة مسائل أحقيتهم في الأمانة وأنها تكون بالنص أو بالاختيار فكان ذلك على خلاف سياسة العباسيين في التضييق علي بني عمومتهم حتى يمتنعوا عن المطالبة بأحقيتهم في الخلافة، حتى أن هارون نفسه قد أمر واليه في المدينة بالتضييق عليهم وأخرج من كان في بغداد منهم، ويبدو أن هارون أراد أن يختبر ولاء البرامكة للعباسيين من دون العلويين فأمر جعفر يقتل واحد من آل البيت آل طالب وهو يحي ابن عبد الله أخو النفس الذكية الذي كان قد شارك في فتنه صاحب في أيام الهادي وهرب بعد مقتله إلى الديلم عند بحر قزوين، ثم رجع إلى العراق بعد أن منحه الرشيد الأمان وما لبث أن قبض عليه وسجنه وقدمه لجعفر لقتله، لكن جعفرا أطلقه وان تمكن الرشيد فينا بعد من القبض عليه وقتله، فلعل جعفر أراد باطلاق سراحه أن يوجد منافسا الخليفة أو على الأقل أراد أن يجعله سيفا مسلطا على رأسه، فالبرامكة بسيطرتهم على الرشيد وبإطلاق سراح يحي العلوي أصبحوا يتحكمون في أشراف البيوت الإسلام من العباسيين والعلويين . وعلى ما يبدو أن نكبتهم أنت قبل كل شيء من دسائس ومكاند ظهرت ضدهم من المعارضين لنفوذهم والطامحين في أن يحلوا محلهم والذين حقدوا عليهم لاستيلائهن على كل شيء والمظلومين الذين كثر عددهم حتى أن أبا يوسف مؤلف كتاب "الخراج" يعدد الظلم الكثير في أيامهم ويطلب من الرشيد أن يجلس بنفسه المظالم وساعد على ذلك أن الرشيد كان يتأثر بالغير مما جعله يتأثر بالسعاية ضدهم فبرز من أعدائهم شخصيتين بارزاني في قصر الرشيد، وان كان لهم الأثر المباشر في نكبتهم، أولهما شخصية نسائية لا تقل شهره عن الرشيد نفسه وهي ابنه عمه زوجة منذ عام 781/165م وهي زبيدة التي اعتبرت اقوي النساء العباسيات اللاتي كن يتدخلن في السياسة والسيطرة على الأمور وتقوي من الخيزران نفسها التي حكمت في أول خلافته، فهذه كانت جارية مشاركات بينما زبيدة عربية من نسل الخلفاء مباشرة، وكانت على عكس الخيزران لا تعمل وجه لوجه وإنما تعمل من وراء الحجاب، حتى لا تكاد تجد مصدرا يبين سعايتها وثانيهما: رجل سياسة داعية هو الفضل بن الربيع الذي لم تظهر أهميه دوره إلا منذ أن أصبح أبوه الربيع بن يونس خصيصا بالخفاء المنصور والمهدي والهادي الذي عينه مكان أبيه في الوزارة ثم عزله، وفي أول خلافة الرشيد ووقت وفاة الخيزران عينه يحيى البرمكي علي ديوان النفقات العام والخاص؛ مما جعله شديد الصلة بكبار الأسرة العباسية من رجاله ونسائها، فلم يزل حاله من وقتها ي نمو ولكنه لم يختص بالرشيد إلا بعد عزل محمد بن خالد ابن برمك عن الخطبة فتولاها هو وكذا حينما اخد هارون الخاتم من جعفر ليعطيه له، فكان ذلك معناه أن الفضل بن الربيع قد استحوذ على الخليفة وأصبح صاحب نفوذ في قصرة ودولته . والذي عجل بعداوة هاتين الشخصيتين الهامتين للبرامكة في قصر الرشيد هو مسألة التغيير في ولاية العهد، فتسبب ذلك في تفرقة العرب وان أبا بكر صير الأمور إلى عمر فسلمت الأمه له ثم جعلها عمر شوري، فكان بعده من الفتن حتى صارت إلى غير أهلها إلى أن تولاها العباسيين الذين عليهم أن يوطدوا أحوال وراثه الخلافة لتبقى فيهم إلى يوم القيامة، ومع ذلك فإن ما حدث بالنسبة لولاية العهد يرتبط بنفوذ البرامكة في دولة الرشيد، حيث كان الفضل قد بدأ يستحوذ على ثقة الخليفة، وتبين نصوص عديدة العداوة الشديدة بينه وبين يحيى بن خالد، فكان ظهور هذا الفريق المعارض للبرامكة مفاجأة لهم علي غير انتظار كما أن فريق زبيدة اتخذ طابعا يختلف عن طابع البرامكة العنصري فزبيدة عربية أصيله أما الفضل بن الربيع فله أحاسيس عربية مثل أبيه بينما البرامكة وهم من الموالي كانوا يمثلون العنصر الفارسي، حتى أن الخليفة المنصور اتهم جدهم خالد بالميل للعجم مما جعل النزاع بينهم نزاعا عنصريا بين العرب والعجم، وعول البرامكة على تغيير ولاية العهد لصالح عبد الله بحيث يوجدوا منافسا لزبيدة في شخص مراجل الفارسية أم عبد الله، وأمام هذا التغيير في ولاية العهد تحرك فريق زبيدة سريعا حيث كثرت سعايتهم لدي الرشيد ضد البرامكة حتى أو غروا صدره ضدهم، وقد لجأوا إلى ذلك بوسائل متعددة منها أنهم كانوا يذكرونه باستبدادهم واحتجازهم الأموال لأنفسهم وتقربهم من العلويين وغير ذلك من مساوئهم، إذ كانوا يدسون إليه الرسائل التي ورد إحداها، أنت إذا وقفت بين يدي الله فسألك عما عملت في عباده وبلاده قلت يا رب اني استكفيت يحيى أمور عبادك به كما جعلوا أحد المغنيين يحتال على إسماع الخليفة بهذه الأبيات : ليت هند أنجزتنا ما تعد واستبدت مرة واحدة وشفيت أنفسنا مما تجد أنما العاجز من لا يستيد ويبدو أن السعاية أنت بنتائج سريعة لدى الرشيد وساعد على ذلك أنه لم يعد صغيرا فقد بلغ من العمر أربعين عاما وأراد أن يلعب دوره الذي تركه للبرامكة منذ أن ولي الخلافة، فنجده يتنبه فجأة إلى استبدادهم فقرر نكبتهم فيقول لبعض جلسانه : استبد" يحيى بالأمور دوني بالخلافة على الحقيقة له وليس لي فيها إلا اسمها كما شكا إلى طبيبه الخاص سوء سلوكهم وأنهم يدخلون عليه في فراشه مجردا،


النص الأصلي

نكبة البرامكة :


والبرامكة أيضا يمثلون مرحلة أخري من مراحل قضية المشاركة التي سار عليها خلفاء المنصور، فها هو الرشيد يؤكد فعاليته للمرة الثانية للحفاظ على نفوذ الخلافة والخلفاء


والبرامكة ينتسبون إلى برمك الذي كان خادما لبيت النار في مدينة بلخ، وكان فارسا عريق النسب، لأنه يصل إلى هذه الوظيفة الأمن كان من اصل عريق، ولقد ساعدت ظروف الدعوة والثورة العباسية لأحد أفراد هذا البيت إلى الظهور علي مسرح الأحداثولا جدال في أن خالد بن برمك هو


الحلية الأدابم


أول جد معروف لهذه الأسرة


في الإسلام، فليس مؤكد إسلام أبيه برمك، لكن من المؤكد أنا خالد قد ارتبط بالدعوة العباسية منذ بدايتها، فانضم إلى أبي مسلم وحارب معه الأمويين إلى أن تم الأمر العباسيين، كما اشترك مع قحطية بن شبيب وتقلد الخراج والغنائم وولي في عهد السفاح الديوان والجند، ثم تولي الوزارة بعد مصرع أبي سلمه الهلال عام 132هـ/749م، واستمر فيها خلال خلافة السفاح وعاش حتى عصر المهدي .حتى توفي عام 781/165م


أنا يحيى فقد بدأت صلاه بالعباسيين منذ عهد المنصور الذي ولاه على أذربيجان وأرمنية 158هـ/774م. وفي عهد المهد قام بأمر نفقات العسكر وأصبح كل شيء عنده، حتى جعله مربيا لابنه هارون 777/161م ولما عين هارون على المناطق الغربية، فان قد تم تعينه على ديوان الرسائل وأنقذه المهدى في الحملات ضد الروم، ولذلك اتفق يحيى مع الخيزران أم هارون في أن يجعل ولاية هارون تسبق المهدي، كنا دافع عن حق هارون في الخلافة خلال عهد الهادي حتى أنه سجن بسبب ذلك، ثم وحد الهادي ميتا في ذات الليلة التي سجن فيها يحيى وقيل إن الخيزران هي السبب في موت الهادي .


وعندما تولى هارون الخلافة فإن يحيى كتب إلى العمال وتفسير ذلك اتضح في المستقبل القريب اذا ن هارون قد تولى الخلافة صغيرا (۲۲) عاما في عام 170هـ/786م ولذلك تدخل أهل القصر في شؤن الخلافة أكثر من عهد المهدي الذي وضع حدا لذلك، حتى أصبحت الخيزران مع هارون هي المسيطرة الفعلية وأصبح يحيى ابن برمك يصدر الأوامر عن رأيها، لكن بعد موتها عام 789/173م، أخلي الجو تماما ل يحيى الذي أصبح له الرأي الأول في الدولة، خاصة وأنه بتربيته الهارون كان يمكنه التأثير عليه، لكنه لم يكن تأثير شخص بمفرده ولكن أسره بأكملها .


وبالفعل أصبح يحيى كل شيء في خلافة هارون الذي لقيه بالرشيد قولته وزارة التفويض وأصدر له تقليد ببين مدي السلطة المطلقة، واستعان يحيى لأولاده في حكم الخلافة دون الرجوع للخليفة، فكان لابنه الفضل الجبال وطبرستان وخراسان وأذربيجان وجميع الأقاليم الشرقية بين عامي 796-792/180-176 م حيث أنشأ له جيشا كبيرا أسماه العباسية، أما ابنه جعفر فكان له الإشراف على الجزيرة والشام ومصر والإقليم الغربية، كما تولي البريد ودور الضرب والطراز، ولقد بلا من نفوذه أنه شارك الخليفة في نقش اسمه على السكة.


هذا بدوره أدي إلى أن يكون يحبى وبنيه من وراء ذلك ثورات طائله كما أنهم ملكوا العقول والفنون وساعد على ذلك أنهم كانوا مثقفين ثقافة عالية تجمع بين تراث الفرس والهند والسلام وعلي علم بالعربية والفارسية حتى قال الجاحظ : البلاغة لم تستكمل إلا فيهم ولم تكن مقصورة إلا عليهم فجعفر قد تتلمذ على الفقيه أبو يوسف وصار يوقع على القصص بين يدي الرشيد حتى تنافس الببغاء في تحصيلها وكانت كل قصه تباع بدينار، هذا فضلا أن يحيى كان له ولأولاده ندوات يجمع فيها نجوم العصر يتبادلون فيها قضايا هامة مثل موضوع الإمامة، القدر خيره وشره، كما كانوا يتذوقون الشعر ويقرضونه فمدحهم الكثير أمثال : أبي نواس والعباس بن الأحنف .
كما كانت البرامكة مجالس سمر


وغناء اشتهر فيها المغنيات


أمثال دنانير واسحق الموصلي، فكان آل برمك يغدقون على العلماء والشعراء وأهل الفن العطايا والصلات، وبذلك كان البرامكة يمثلون دولة داخل دولة بني العباس .


واستمر سلطان البرامكة حوالي سبعة عشر عاما وسبعة أشهر، وفجأة قرر الخليفة الرشيد استئصال شأفتهم وهو ما عرف بالنكبة، ولم تكن النكبة إلا إبعادهم عن السيطرة والنفوذ وكانت النكبة كما يصورها المؤرخون في آخر ليلة من المحرم عام 802/187م بعد أن رجع الرشيد من حجه ووصل الأنبار، ودخل إلى فراشة مبكرا على غير عادته، فلما انصرف جعفر من عنده أرسل وراءه مسرورا وأمره بضرب عنقه وقبل أن تنقضي تلك الليلة أمر الرشيد بمن يقبض علي يحيى وابنه وحبسهم وأمر بمصادرة أموالهم وفرق الكتب على الولاة بالأقاليم بذلك وبالقبض على أنصارهم ومواليهم


ولذلك اختلف المؤرخون في ذكر الأسباب التي من أجلها نكب البرامكة ومن الغريب أن الرشيد لم يذكر السبب المباشر الذي من أجله نكبهم، كما أن البرامكة نفسهم لم يتحدثوا عن الأسباب، مع أنه كان هناك بقيه منهم بعد موت الرشيد، فإن هذا أتاح فرصة للقصص والتجنيات حتى بلغ بعض الناس قالوا إن نكبتهم بغير سبب .


ومن بين الأسباب التي أوردها المؤرخون تلك الرواية التي يرويها الطبري والسعودي وغيرهم، والتي ترجع نكبة البرامكة لوجود علاقة بين جعفر بن يحيى والعباسة أخت الرشيد والهادي وابنه المهدي، وهذه القصة تروي أن العباسة كانت تجالس الرجال في حضرة أخيها الرشيد بسبب ثقافتها، فقال الرشيد لجعفر أزوجكها حتى يحل لك النظر إليها ثم لا تقربها وأحد عليه المواثيق بذلك، فكان جعفر والعباسة يجتمعان ثم يقوم الرشيد ويخلوان بأنفسهما حتى ولدت له ولد أو ولدين وكتمت الأمر عن الخليفة الرشيد، وعندما علم بالأمر نكب البرامكة.


ويضيف المسعودي إلى هذه الرواية أن العباسة هي التي حاولت أن تصل إليه مع أمه ثم ولدت غلاما أو اثنين ووجهت بهما إلى مكة ثم اليمن وأن الرشيد حج إلى الحجاز يقصد أن يعرف الخبر، ويذكر غيره من المؤرخون أيام رشيد عاقب العباسة بأن وضعها في صندوق ودلاها في بئر وأمر بولديها ثم رماهما معها وطمى عليهما .


بداية لا نستطيع أن نقبل هذه الرواية ونرفضها لان عوامل ضعفها تكمن في داخلها أولا كيف يتم هذا الزواج الصورى من قبل الخليفة ممثل الشريعة الإسلامية، ومما يضعف هذه الرواية أيضا أن هناك مصادر أساسية لم تذكرها مثل كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني، كما أن هناك رجالا معاصرين ينفوا عنها هذا الأمر مثل سياف الرشيد، الذي قال عندما سأله البعض عن العباسة كأنك تريد ما يريده العامة، والله ما لشيء من هذا أصل، وهذه الرواية تكررت أيضا عن أخت الرشيد ميمونة.


ويطالعنا ابن خلدون أيضا بعدة اعتراضات لنفي هذا الزواج منها كيطلب الصوت والعفاف إذا ذهب عنها وأين


توجد الطهارة إذا فقدت من


بيتها فضلا عن المصادر لم تذكر العباسة سوى ثلاثة زيجات منها زواجها من محمد بن سليمان والي البصرة الذي تزوجته عام 744/0127م وتوفي في العام الذي يليه، ثم أن زوجيها الآخرين فقد توفيا قبلها ولم تذكر أنها تزوجت بجعفر بن يحيى، حتى أن الشاعر أبا نواس، يري أنه لكي يموت إنسان عليه أن يتزوج العباسة، وأخيرا فكيف يتم كل ذلك والخليفة لا علم له به.


أما السبب الثاني الذي ينسبه إليهم المؤرخون الزندقة لا سيما وأن دين البرامكة الأول قبل الإسلام كان المجوسية ويبدو من سيرتهم أنهم جعلوا من بيوتهم ملجاً لشرب الخمر والمجون وكانت لهم مجالس شرب ولهو علنية غير محتشمة يلبسون فيها هم وندماؤهم ثيابا من حمراء وصفراء وخضراء لمعانا في اللهو، فلعل هارون لم يعجبه تبدل البرامكة وعدم اهتمامهم بالدين الإسلامي، حتى أن يحي بأمر الرشيد كتب إلى الفضل بن يحيى الذي تشاغل بالصيد وإدمان الملذات عن النظر في أمور الرعية، أما البغدادي في كتابه "الفرق بين الفرق فإنه ينسب صراحة إلى البرامكة العودة إلى ديانتهم حينما زينوا للرشيد أن يصنع مجمرة في جوف الكعبة يتبخر عليها العود فعلم الرشيد أنهم يريدون أن يحولوا الكعبة إلى بيت نار، وأن كانت تهمه الزندقة عند العباسيين تهمة


من لا تهمة له ووسيلة للقضاء على أعدائهم .


كذلك يذكر المؤرخون أن من أسباب غضب الرشيد على البرامكة احتجازهم الأموال مع كثرة المصادر المالية للدولة العباسية، حتى بلغت في عهد الرشيد ما يقرب من اثنين وسبعين مليون دينار في السنة عدا العينية، فكان هو وأفراد أسرته يطلبون اليسير فلا يحصلون عليه، يضاف إلى ذلك أن البرامكة خالفوا التقليد السابق في إشراف الخلفاء على السكة وهي العملة من الدراهم والدنانير بأنفسهم، وأصبح جعفر له النظر في سك العملة باسمه، كذلك كانوا يتصرفون في أموال الدولة التي كانت كلها تحت أيديهم كما يشاءون من غير حساب وبدون رقيب، وفي سبيل إظهار


الكرم والسخاء بقصد استمالة رجال الدولة بالمال.


كان يحيى إذا ركب يعد صررا في كل صرة مائتا درهم يدفعها إلى المعترضين له، أما ابنه جعفر فإنه كان يحمل الدنانير مع خادمه ليشترى الناس في حضرته بعطاءه وكرمه، كما كانت آلاف الدنانير والدراهم والقري والضياع تغدق من غير حساب لصنائعهم بكلمه واحده منهم، ولا شك أن البرامكة اغتنوا غني فاحش لم تسمع به الأسرة من الموالي من قبل، فقد أحصيت أموال يحيى وجعفر في آخر أيامه فكانت ٢٠ مليونا وفاقت ضياعهم ضياع الخليفة نفسه، فكان الرشيد لا يمر بضيعة ولا بستان إلا قبل هذا الجعفر، كذلك بني جعفر لنفسه قصرا فخما في الرصافة أو المدينة الشرقية في بغداد اتفق عليه ۲۰ مليون درهم، هذا غير بقيه قصور البرامكة حتى أصبحت أشبه بمدينة عرفت باسمهم وبقيت بعدهم، فلعل الرشيد حسدهم على ثروتهم وأخذ عليهم إنفاق أموال المسلمين بدون حساب لأغراضهم الخاصة، لاسيما الأموال من الناس في الموصل من غير وجه حق وسرقتها وأمهله ثلاثة أيام والا قتل ليأتي بثلاثة ملايين درهم، حتى أن ابنه يحيي أحد يقترض من الناس وبعد


أن تمكن من إحضارها عفا عنه المنصور .يف تلحق العباسة وهي ابنه خليفة وأخت خليفة نسبها بجعفر، وتدنس أصلها العربي بمولى من موالى العجم، ويتعجب أين
ثم يذكر المؤرخون تلميحا سببا آخر


من أسباب تغير هارون علي


البرامكة وهو ميلهم العلويين مثل كل الفرس بسبب زواج الحسين بن علي من ابنه يزدجرد آخر ملوك آل ساسان، كما أن سلالة العلويين ارتبطت بالفرس، بحيث أصبح التشيع للعلويين مذهبا قوميا عند الفرس، ويؤيد هذا الميل من قبل البرامكة أن جعفر كان يمنح من يتصل به من العلويين مناشير الأمان، ويسمح لهم في حضرته بمناقشة مسائل أحقيتهم في الأمانة وأنها تكون بالنص أو بالاختيار فكان ذلك على خلاف سياسة العباسيين في التضييق علي بني عمومتهم حتى يمتنعوا عن المطالبة بأحقيتهم في الخلافة، حتى أن هارون نفسه قد أمر واليه في المدينة بالتضييق عليهم وأخرج من كان في بغداد منهم، ويبدو أن هارون أراد أن يختبر ولاء البرامكة للعباسيين من دون العلويين فأمر جعفر يقتل واحد من آل البيت آل طالب وهو يحي ابن عبد الله أخو النفس الذكية الذي كان قد شارك في فتنه صاحب في أيام الهادي وهرب بعد مقتله إلى الديلم عند بحر قزوين، ثم رجع إلى العراق بعد أن منحه الرشيد الأمان وما لبث أن قبض عليه وسجنه وقدمه لجعفر لقتله، لكن جعفرا أطلقه وان تمكن الرشيد فينا بعد من القبض عليه وقتله، فلعل جعفر أراد باطلاق سراحه أن يوجد منافسا الخليفة أو على الأقل أراد أن يجعله سيفا مسلطا على رأسه، فالبرامكة بسيطرتهم على الرشيد وبإطلاق سراح يحي العلوي أصبحوا يتحكمون في أشراف البيوت الإسلام من العباسيين والعلويين .


وعلى ما يبدو أن نكبتهم أنت قبل كل شيء من دسائس ومكاند ظهرت ضدهم من المعارضين لنفوذهم والطامحين في أن يحلوا محلهم والذين حقدوا عليهم لاستيلائهن على كل شيء والمظلومين الذين كثر عددهم حتى أن أبا يوسف مؤلف كتاب "الخراج" يعدد الظلم الكثير في أيامهم ويطلب من الرشيد أن يجلس بنفسه المظالم وساعد على ذلك أن الرشيد كان يتأثر بالغير مما جعله يتأثر بالسعاية ضدهم فبرز من أعدائهم شخصيتين بارزاني في قصر الرشيد، وان كان لهم الأثر المباشر في نكبتهم، أولهما شخصية نسائية لا تقل شهره عن الرشيد نفسه وهي ابنه عمه زوجة منذ عام 781/165م وهي زبيدة التي اعتبرت اقوي النساء العباسيات اللاتي كن يتدخلن في السياسة والسيطرة على الأمور وتقوي من الخيزران نفسها التي حكمت في أول خلافته، فهذه كانت جارية مشاركات بينما زبيدة عربية من نسل الخلفاء مباشرة، وكانت على عكس الخيزران لا تعمل وجه لوجه وإنما تعمل من وراء الحجاب، حتى لا تكاد تجد مصدرا يبين سعايتها


وثانيهما: رجل سياسة داعية هو الفضل بن الربيع الذي لم تظهر أهميه دوره إلا منذ أن أصبح أبوه الربيع بن يونس خصيصا بالخفاء المنصور والمهدي والهادي الذي عينه مكان أبيه في الوزارة ثم عزله، وفي أول خلافة الرشيد ووقت وفاة الخيزران عينه يحيى البرمكي علي ديوان النفقات العام والخاص؛ مما جعله شديد الصلة بكبار الأسرة العباسية من رجاله ونسائها، فلم يزل حاله من وقتها ي نمو ولكنه لم يختص بالرشيد إلا بعد عزل محمد بن خالد ابن برمك عن الخطبة فتولاها هو وكذا حينما اخد هارون الخاتم من جعفر ليعطيه له، فكان ذلك معناه أن الفضل بن الربيع قد استحوذ على الخليفة وأصبح صاحب نفوذ في قصرة ودولته .


والذي عجل بعداوة هاتين الشخصيتين الهامتين للبرامكة في قصر الرشيد هو مسألة التغيير في ولاية العهد، حقا أن بعض المؤرخين يذكرون تدخل البرامكة فيها وأن الرشيد وحده هو الذي اتخد قراره فيها وخصوصا أنه كان يرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم توفى من غير وصية
فتسبب ذلك في تفرقة العرب وان أبا بكر


صير الأمور إلى عمر فسلمت


الأمه له ثم جعلها عمر شوري، فكان بعده من الفتن حتى صارت إلى غير أهلها إلى أن تولاها العباسيين الذين عليهم أن يوطدوا أحوال وراثه الخلافة لتبقى فيهم إلى يوم القيامة، ومن ناحية أخري فإن بعض المؤرخون المحدثين يرون أن ما لجأ إليه الرشيد بالنسبة لولاية العهد هو تقليد للعصر الذي عاش فيه .


ومع ذلك فإن ما حدث بالنسبة لولاية العهد يرتبط بنفوذ البرامكة في دولة الرشيد، ففي بداية الأمر اختاروا محمد من دون إخوته وليا للعهد ثم سرعان ما أدركوا هذا الخطأ وسوء اختيارهم إذ كان هذا من شأنه أن يعمل على ظهور نفوذ زبيدة التي أصبحت غاضبه على البرامكة تزعمه الفضل وزبيدة، حيث كان الفضل قد بدأ يستحوذ على ثقة الخليفة، وتبين نصوص عديدة العداوة الشديدة بينه وبين يحيى بن خالد، فكان ظهور هذا الفريق المعارض للبرامكة مفاجأة لهم علي غير انتظار


كما أن فريق زبيدة اتخذ طابعا يختلف عن طابع البرامكة العنصري فزبيدة عربية أصيله أما الفضل بن الربيع فله أحاسيس عربية مثل أبيه بينما البرامكة وهم من الموالي كانوا يمثلون العنصر الفارسي، حتى أن الخليفة المنصور اتهم جدهم خالد بالميل للعجم مما جعل النزاع بينهم نزاعا عنصريا بين العرب والعجم، وعول البرامكة على تغيير ولاية العهد لصالح عبد الله بحيث يوجدوا منافسا لزبيدة في شخص مراجل الفارسية أم عبد الله، وأمام هذا التغيير في ولاية العهد تحرك فريق زبيدة سريعا حيث كثرت سعايتهم لدي الرشيد ضد البرامكة حتى أو غروا صدره ضدهم، وقد لجأوا إلى ذلك بوسائل متعددة منها أنهم كانوا يذكرونه باستبدادهم واحتجازهم الأموال لأنفسهم وتقربهم من العلويين وغير ذلك من مساوئهم، إذ كانوا يدسون إليه الرسائل التي ورد إحداها، أنت إذا وقفت بين يدي الله فسألك عما عملت في عباده وبلاده قلت يا رب اني استكفيت يحيى أمور عبادك به


كما جعلوا أحد المغنيين يحتال على إسماع الخليفة بهذه الأبيات :


ليت هند أنجزتنا ما تعد


واستبدت مرة واحدة


وشفيت أنفسنا مما تجد


أنما العاجز من لا يستيد


ويبدو أن السعاية أنت بنتائج سريعة لدى الرشيد وساعد على ذلك أنه لم يعد صغيرا فقد بلغ من العمر أربعين عاما وأراد أن يلعب دوره الذي تركه للبرامكة منذ أن ولي الخلافة، فنجده يتنبه فجأة إلى استبدادهم فقرر نكبتهم فيقول لبعض جلسانه : استبد" يحيى بالأمور دوني بالخلافة على الحقيقة له وليس لي فيها إلا اسمها كما شكا إلى طبيبه الخاص سوء سلوكهم وأنهم يدخلون عليه في فراشه مجردا، ومن ناحيه أخرى فإنه عمد إلى أن يهرب من استبدادهم فترك بغداد وتنقل من بلد إلى بلد الرقة إلى الحيرة وأخيرا أتخد الرقة مقرا له عدة سنوات حيث بني فيها القصور وفي خلال ذلك أخذ يدبر نهايتهم مما يتبين أن مسألة نكبهم لم تكن وليدة الصدقة وربما فكر فيها منذ العام الذي حدث فيه التغيير في ولاية العهد 182هـ/798م، وهو في طريق العودة من الحج، وفوق ذلك أنه بدأ يعاملهم
بصلف وكبرياء فكان يرد السلام علي يحيى


له الغلمان وحتى إذا طلب أن يشرب فلا يجيب أحد إلا إذا دعا مرارا .


حلية الأدابم


رد ضعيفا كما أمر بأنه لا يقوم


وفي سبيل نكبتهم اتبع الرشيد الكتمان والمفاجأة قدير لهم مؤامرة محكمة لم تمكنهم من الهرب، ففي ليلة السبت من آخر محرم عام 802/4187م أمر عماله بالقبض على البرامكة جميعا ولا أمان لمن أولهم فأحاط بيحيى بن خالد وبجميع ولده ومواليهم، فلم يفلت منهم أحدا، كذلك بعث برجال من عنده إلى منزل من منازلهم ليحتفظ على أموالهم، فأخذوا ما وجد لهم من مال وضياع ومتاع.


وفي الليلة ذاتها دبر أيضا قتل جعفر بن يحيى على أساس أنه كان يحكم الدولة باسم أبيه يحبي، فطلب من سياقه مسرور الكبير أن يذهب إلى جعفر ويعود إليه برأسه، فدهش مسرور ولكنه لم يسعه إلا الامتثال فذهب إلى جعفر فوجده لا يزال مستيقظا من جليس له بضربات فإنني إليه طلب الخليفة فدهش جعفر وطلب منه مقابله الخليفة ويبدو أنه مسرور اضطر إلى أن يخرج جعفر إخراجا عنيفا حتى أتى به إلى الرشيد فقيدهم بقيد حمار ثم ضرب عنقه وقطع جسده وجعل على ثلاثة جسور ثم احرق بأن وضع في شوك وحطب .


ومع ذلك فلا يجب أن نعتبر نكبة الرشيد للبرامكة مذبحة على حسب ما أوردته بعض المصادر، بحيث نقول أن الرشيد قتل من البرامكة عددا كبيرا فكما رأينا لم ينتقم منهم انتقاما أهوج فهو لم يقتل منهم غير جعفر؛ لأنه كان يتولي السلطة نيابة عنهم جميعا إذ أن نكبتهم كانت في سلطانهم ومالهم أما بقية البرامكة ومواليهم، فلم يرد لهم ذكر بالقتل، ويحيى مثلا رأس أسرة البرامكة وهو شيخ مسن فإن الرشيد أمر أن يبقي في منزله وان حبست معه جاريته دنانير البرمكية، ويبدو أنه كان يكتب الرشيد يستعطفه ولكن لم يكن له جواب من الرشيد ولعله قد أطلق سراحه بعد ذلك وأبعد عن بغداد وتوفي بالرقة 805/190م، أما الفضل بن يحبي على الرغم من أنه قد عرف بشراسة أخلاقه، فانه سجن سجنا حقيقيا وضرب مائة سوط ليقر بالأموال حتى أنه دفع بورقة إلى أحد رجاله فسددها عنه وتوفي عام 808/193م، لكن محمد بن خالد اهو يحيى لما عرف من براءته، فانه اخلي سبيله والأغرب من هذا أن الرشيد أذن لجميع الناس في رثاء البرامكة بعد ذلك مما يدل على أنه لم يستعمل القسوة معهم ..


ولقد أثارت نكبة البرامكة شجون القومية الفارسية وأعادت ذكري ما فعله المنصور من قبل مع أبي مسلم الخراساني، فعمدت إلى إفساد الصورة عن الرشيد فوصفوه بأبشع الصور منها أنه كان يقبل على الغلمان وأنه كان يحب النساء ويعاقر الخمر وهي القصص التي نقلت إلى قصص الف ليله، كما اختلفوا قصة العباسي للنيل من الشرف العباسي، لكن المؤرخون العرب مثل ابن خلدون و غيره دافعوا عن الرشيد الذي كان يحج عاما ويغزوا عاما وأنه حج ماشيا وكان يصلي في كل يوم مائة ركعة .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

الحياة الاجتماع...

الحياة الاجتماعية : جاءت معالم التطور الاجتماعي كنتيجة حتمية للحياة الاقتصادية وما حدث فيها من انطل...

التكيفمعالتغيير...

التكيفمعالتغيير:وهذا هو املطلوب من كل ما هو استراتيجي. الن البيئة سواء الداخليةأوالخارجيةقد يحدثفيها...

لا يستطيع بسكال...

لا يستطيع بسكال الخروج من البيرونية إلا بفضل ذلك المصدر للمعرفة واليقين الذي يسميه تارة القلب OEUR و...

One of the prob...

One of the problematic areas in translation is politics; to translate political texts from one langu...

خطتي المستقبلية...

خطتي المستقبلية كطالب في مجال تقنية المعلومات: بصفتي طالبًا في تخصص تكنولوجيا المعلومات، أهدف إلى: ...

ٚف ادلزاْمخ )تؼ...

ٚف ادلزاْمخ )تؼبرٚفٓب ٔيظبْزْب( إف صط ل ا را ب شتؽ ف ا فاؿ ا متامػا Adolesce امػطه ا تػػدرج موػػ ا ...

1- توضح نتائج ا...

1- توضح نتائج التحليل الأدبي أن ضمير المتكلم أدى دورًا كبيرًا في مقامات بديع الزمان الهمذاني؛ وقد تم...

جلست آن عند ناف...

جلست آن عند نافذتها طويلًا، وواجهت الواقع بشجاعة، ولم تذهب إلى فراشها حتى عم السلام والرضا، لأنها اس...

نكبة البرامكة :...

نكبة البرامكة : والبرامكة أيضا يمثلون مرحلة أخري من مراحل قضية المشاركة التي سار عليها خلفاء المنصو...

الصدفة أو الحظ ...

الصدفة أو الحظ فأنت حين تدرس فصلا أو موضوعا دراسيا دون غيره من أجزاء مادة الاختبار وصدف أن الفاحص قد...

המטרה: יותר טיפ...

המטרה: יותר טיפולי פוריות, יותר הריונות מוצלחים, יותר משפחות מאושרות Embie היא פלטפורמה חדשנית, מבוס...

مزايا اإلستقطاب...

مزايا اإلستقطاب الداخلي عيوب اإلستقطاب الداخلي ▪ إن قفل الباب عن التعيينات الخارجية قد يصيب المتقدمي...