لخّصلي

يعود ظهور علم الاجتماع في الوطن العربي إلى سنوات العشرينات من القرن الماضي القرن (20)، بعدما أصبح له وجود مؤسسي عبر كليات وأقسام جامعية، ومعاهد ومراكز بحلية للتج الكتب والدوريات

والرسائل الجامعية مثل الماجستير والدكتوراه ارتبطت الممارسة السوسيولوجية في البلدان العربية المختلفة بواقع الاستعمار الذي استخدمه إلى جانب علوم اجتماعية أخرى، اللغة والأنثروبولوجيا خاصة، لخدمة مصالحه القائمة على تقسيم الوطن العربي إلى مناطق نفوذ أو دويلات باستخدام البنين

1 . تحريك الصراعات الداخلية بتوظيف نخب أنشأها أعضاء البعثات في المشرق) أو وجدها مثل التكوينات القبلية بدعمها لتصير بخدمته نخب دينية أو الوجهاء في القبائل القيادات التي كانت تمثل

الجهات الرسمية للمستعمر في بلادنا. 2 . ارساء ركائز التكوين نخب يمثلها علماء من الوطن العربي في علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية ، فما كان منهم الا ان تناولوا قضايا خارجية عن المجتمع العربي ضمن أطر معرفية والظرية غربية ، منبثقة من صميم التحولات في المجتمعات الغربية ، تم استيرادها جاهزة دون القدرة على تكييفها التفسير الواقع في الوطن العربي المختلف تاريخه جذريا وقد شكلت مؤلفاتهم نماذج ارشادية ومراجع أساسية في الدراسة والبحث في هذه العلوم ليستمر تأثيرها المتناقض حتى بعد التحرر السياسي للبلدان العربية وهو ما كرس التبعية الفكرية والعلمية للغرب الإمبريالي في الانتاج السوسيولوجي في البلدان العربية.

ظهور علم الاجتماع في الوطن العربي وتبعيته للسوسيولوجية الغربية

تبين ذلك من خلال التذكير بخصائص الإنتاج العلمي حول الحياة الاجتماعية الذي أدى إلى ظهور السوسيولوجية الغربية التي شكلت خلفية للممارسة والأعمال السوسيولوجية في الوطن العربي .

سياق الإنتاج العلمي والسوسيولوجي في أوروبا وأمريكا

الأعمال الأولى في أوروبا - 1840 - 1880 جاءت البحوث الاجتماعية في سباق تطور العلوم (1860) 1890) بعد الثورة الفرنسية وفلسفة الأنوار والثورة الصناعية، والسمت بالهيمنة الماكروسوسيولوجية. تناولت هذه الأبحاث مظاهر من الحياة الاجتماعية مع فيلاري و دراسته الميدانية حول النمط المعيشي للعمال ( عمل ، سكن ، خدمة) ، وإنجلز حول العمال باعتبارها طبقة كادحة في فرنسا وإنجلترا، وكتليه الذي اهت أيضا بالعمال وخصائصهم النفسية ، ولوبلاي الذي أنجز التحقيقات الامبريقية حول ميزانيات العائلات العمالية شكل هذا الإنتاج بواكير الإنتاج السوسيولوجي و خلفية للبحث حول ما يحقق وظيفة المجتمع واستقراره مع أعمال كومت و دوركايم ، التي اقضت الى تأسيس علم الاجتماع الغربي ضمن الاتجاهات التطورية والوظيفية.

الدراسات الأولى في أمريكا - 1870- 1820: ارتبطت في السباق الأمريكي بمشروع الإصلاح الاجتماعي" السياسي الذي غدته نقاشات حول التحولات الناجمة عن الحرب الأهلية والتطور الحضري الهائل مع ظهور المدينة وتطور التصنيع ظهرت السوسيولوجيا أول مرة عندما قدم سمير وليام درس في علم الاجتماع، بعنوان "سوسيولجي" في جامعة بال (Yale) في سنة 1875 . أما الدراسات السوسيولوجية فاتخذت اتجاها ميكرو سوسيولوجيا وتناولت مشاكل الهجرة والبطالة والفقر والمجاعة والانحراف والإدمان والبغاء، بطريقة امبريقية أو ميدانية شكل هذا الإنتاج ما يسمى بمدرسة شيكاغو الامبريقية.

تطورت الأبحاث فيما بعد لتصبح ماكرو سوسيولوجية في إطار نظرية البنائية الوظيفية التي ظهرت في

أعمال تالكوت بارسونز

يوضح ذلك ارتباط الإنتاج السوسيولوجي في المجتمع الأمريكي بالمستجدات التي أفرزتها التحولات التي عرفها المجتمع التي أثارت اهتمام باحثين لم يكونوا سوسولوجيين آنذاك.

يبين ما سبق انبثاق السوسيولوجيا من صلب المجتمع الذي أنتجها سواء كان ذلك في أوروبا أو في أمريكا ، اما في الوطن العربي فقد اختلفت ظروف انتاج الاعمال السوسيولوجية وظهورها فيه ، مثلما

تبينه المواضيع التي تناولتها والتوجهات الأيديولوجية التي اتخذتها .

الاعمال السوسيولوجية التي تم إنجازها والتوجهات الأيديولوجية التي أطرتها في هذا الأخير، على أن تفصل في هذا الموضوع بالتطرق إلى ظهور علم الاجتماع في كل من المشرق والمغرب العربي.

الاعمال السوسيولوجية في الوطن العربي وعلاقتها بالسوسيولوجية الغربية تمحورت في الوطن العربي ما بين 1920-1940 حول مواضيع الأخلاق والسلوكيات الاجتماعية

الهامشية مثل الجريمة، والانحراف والادمان، والسرقة، والبغاء، والأطفال غير الشرعيين وغيرها. تأثرت الدراسات السوسيولوجية في العالم العربي في هذه الحقبة بالمدرسة الفرنسية وبالتيار الوظيفي الذي كان مهيمنا آنذاك.

وتناولت معظم الاعمال السوسيولوجية بين 1940-1950 مشاكل التنشئة الاجتماعية، والتكيف والخدمة الاجتماعية. اتخذت هذه الدراسات توجها ميكروسيولوجيا أمبريقيا، قائما على التكميم الذي أصبح تحت تأثير المدرسة الأمريكية، موضة جديدة تحظى بحماسة كبيرة في سنوات الأربعينات في

الوطن العربي.

بينما تميز الإنتاج السوسيولوجي في نهاية سنوات 1950 بتضاعف الدراسات ذات المرجعية الاشتراكية الماركسية الغربية عبر العالم، لتعود هيمنة الاتجاه الماكرو السوسيولوجي على الدراسة في علم الاجتماع.

يظهر المواضيع التي تناولها الإنتاج السوسيولوجي والتوجهات النظرية والأيديولوجية تأثرها الواضح

بعلم الاجتماع الغربي في مستويين الأيديولوجي والموضوعاتي.