لخّصلي

كتابة كوسيلة لإلثبات
لقد أصبحت الكتابة في العصر الحديث من أهم طرق إثبات التصرفات
القانونية، ألنها ذات قوة مطلقة في اإلثبات، ولما توفره من ضمانات إلثبات الحق
عند المنازعة فيه. وقد الشارع الحكيم باتباع الناس باإلشهاد على معامالتهم حماية
1 لها، مصداقا لقوله تعالي: ) فإذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه..(
، وإن األدلة
الكتابية قد تكون رسمية وقد تكون عرفية، وقد وجدت لالحتفاظ بااللتزامات والحقوق
التي تتضمنها لالعتماد عليها عند المنازعة، ال سيما إذا كانت سندات هامة كالعقود
أو المخالصات. كما أن موضوع اإلثبات بالكتابة في الوقت الحاضر، لم يعد يعني
فقط الكتابة التي تتم على الورق، وإنما أصبح يعني الكتابة اإللكترونية أيضا، بفعل
انتشار أنظمة المعلومات واالتصاالت، حيث اعتبر القانون الجزائري اإلثبات بالكتابة
اإللكترونية بموجب المادة 323 مكرر1 من القانون المدني على ضوء تعديله في سنة
2005 كالكتابة على الورق بشرط إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها
وأن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سالمتها.
أوال - التمييز بين الكتابة كطريق لإلثبات والكتابة كركن شكلي في العقد: قد
يشترط القانون الكتابة إلثبات التصرف ال النعقاده، كما إذا كانت قيمة التصرف تزيد
على 100 ألف دينار جزائري وهو ما نصت عليه المادة 333 من القانون المدني.
وقد يتطلب القانون شكال معينا في بعض التصرفات القانونية، كالكتابة الرسمية في
عقد بيع العقار، وهو ما نصت عليه المادة 324 مكرر1 من القانون المدني، ففي هذهالحالة تكون الكتابة الرسمية ركنا شكليا في انعقاد التصرف، يؤدي تخلفها إلى عدم
6 وجود التصرف أصال
.
وقد يستوفي العقد ركن الشكلية ولكنه ال ينتج آثاره القانونية إال بالشهر،
كتسجيله بالمحافظة العقارية بالنسبة للتصرفات الناقلة للملكية العقارية طبقا للمادة
793 من القانون المدني.
ثانيا - أنواع المحررات أو األوراق: تنقسم األوراق أو المحررات التي
تستخدم كأداة لإلثبات إلى أوراق رسمية وأوراق عرفية. فاألوراق الرسمية هي التي
يقوم بتحريرها موظف عام مختص أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة،
وتعتبر دليال كتابيا كامال. أما األوراق العرفية، فهي التي تصدر من األفراد، وتنقسم
إلى نوعين: أوراق معدة لإلثبات وأوراق غير معدة لإلثبات، مثل دفاتر التجار
والرسائل والبرقيات.
ثالثا - التفرقة بين الورقة الرسمية و الورقة العرفية: يظهر االختالف بينهما
من األوجه التالية:
01 - من حيث الشكل: يشترط في الورقة الرسمية أن تحرر من طرف
موظف عام أو ضابط عمومي مختص أو شخص مكلف بخدمة عامة وفقا لألوضاع
المقررة قانونيا. أما الورقة العرفية فالشرط الوحيد لصحتها هو توقيع المدين إذا كانت
معدة لإلثبات، أما إذا لم تكن معدة لإلثبات فال ضرورة حتى للتوقيع.
02 - من حيث الحجية في اإلثبات: كل من الورقة الرسمية والورقة العرفية
حجية على الكافة من حيث صدورها من موقعها، ولكن الورقة الرسمية ال تسقط
حجيتها إال عن طريق الطعن بالتزوير، أما الورقة العرفية فيكفي إنكار الخط أو
التوقيع لكي تفقد حجيتها مؤقتا. ومن حيث صحة ما ورد فيها، فإن الورقة الرسمية
لها حجية إلى حين الطعن بالتزوير فيما ورد على لسان الموظف العام أو الضابط
م العمومي أنه ع ل
هُ بنفسه. أما صحة ما قرره نقال عن الغير، فيجوز دحضه أو إنكاره
بإثبات العكس. وبالنسبة للورقة العرفية يجوز دحض صحة ما ورد فيها جميعا
7 بإثبات العكس، إال تاريخها فال يكون حجة على الغير إال إذا كان تاريخا ثابتا
.
03 - من حيث القوة في التنفيذ: إن بعض األوراق الرسمية يمكن التنفيذ بها
مباشرة تنفيذا جبريا دون حاجة إلى حكم، كالعقود التوثيقية المتعلقة باإليجارات
التجارية والسكنية المحددة المدة المحررة من طرف الموثق طبقا ألحكام المادة 600
من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية، بشرط أن تمهر بالصيغة التنفيذية طبقاألحكام المادة 601 من نفس القانون. أما الورقة العرفية فليس لها قوة تنفيذية، بل
يجب على الدائن الحصول على حكم ضد الدائن قابال للتنفيذ، والحكم هو الذي ينفذ،
فيما عدا الشيكات والسفاتج التي تعد من السندات التنفيذية بمقتضى المادة 600 من
قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية.
..................... يرجى إعادة النظر في األوراق األولى وتحيينها وتعديلها
.............
رابعا - الكتابة اإللكترونية: تطرق إليها المشرع الجزائري في تعديله
للقانون المدني سنة 2005 بالقانون رقم 05 - 10 المؤرخ /20 /06 ،2005 حيث
استحدث به المادتين 323 مكرر و323 مكرر،1 تطرق فيهما إلى شروط وحجية
الكتابة التي تتم في الشكل اإللكتروني، إال أنه لم يورد تعريفا خاصا بالكتابة
اإللكترونية أو بالمحررات اإللكتروني، إنما أورد معنى واسع للكتابة في المادة ،323
يشمل جميع أشكال الكتابة المتاحة أو التي يمكن أن تستحدث مستقبال، بما فيها الكتابة
اإللكترونية. وصورة الكتابة اإللكترونية تكون بوضع المعلومات في صورة رقمية
وتخزينها كبيانات إلكترونية على أقراص مضغوطة أو مغناطيسية أو ضوئية بصفة
دائمة، أو للفترة التي يريدها الشخص في قواعد بيانات أجهزة الكمبيوتر، وما أن يتم
تخزين المعلومات الرقمية، حتى يصبح بإمكان أي شخص لديه جهاز كمبيوتر
ومفتاح دخول أن يسترجعها.
01 - التمييز بين الكتابة العادية والكتابة اإللكترونية: يظهر االختالف
بينهما من عدة أوجه، أهمها:
أ - إن الكتابة العادية تتمثل في كيان مادي ملموس، لذلك يكفي االطالع عليها
للتمكن من قراءتها بالعين المجردة، أما الكتابة اإللكترونية فتكون مسجلة على دعامة
مغناطيسية، وال يمكن قراءتها أو االطالع عليها إال من خالل عرضها على جهاز
الكمبيوتر أو األجهزة الذكية أو طبعها على ورق بواسطة الطابعة الملحقة بالجهاز.
ب - أن الكتابة على الورق تتميز بصفة الدوام والثبات، ألنها بطبيعتها ليست
قابلة للمحو وإعادة الكتابة بنفس السهولة التي يمكن أن تكون عليها الكتابة
اإللكترونية، ويسهل كشف أي تالعب أو تزوير فيها. أما الكتابة اإللكترونية فهي
ُف ذلك قابلة للتعديل والمحو والتلف دون ترك أثر ملحوظ يكشف التالعب بها،
خال
خاصة إذا قام بذلك خبير متخصص في المعلوماتية، كما قد يحصل ذلك بسبب خلل
في الجهاز المستعمل.