لخّصلي

المبحث الثالث

انتهاجه - - أسلوب التعليم بالقدوة العملية

من الأساليب الدعوية التى استخدمها النبي  أسلوب التعليم بالقدوة العملية ، فقد روى أن رجلاً أتى النبى - فقال : يا رسول اﷲ كيف الطهور ؟ - أى الوضوء- فدعا رسول اﷲ -- بماء فى إناء فغسل كفيه ثلاثاً حتى استوفى ثم قال : ( فمن زاد عن هذا أو نقص فقد تعدى وظلم )) (١) . حدثنا محمود بن خالد، حدثنا الوليد، ذا الإسناد ،قال: »فتوضأ ثلاثا ثلاثا وغسل رجليه بغير عدد« (٢) ، وروى سفيان، عن موسى بن أبى عائشة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلا سأل النبى- - عن الوضوء ،فدعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا، وقال: تمت هكذا الطهور، فمن زاد على هذا فقد تعدى وظلم ، ويحمل قوله: تمت فمن استطاع منكم أن يطيل غرته -، يعنى يديمها، فالطول والدوام بمعنى متقارب، أى من استطاع أن يواظب على الوضوء لكل صلاة فإنه يطيل غرته، أى يقوى نوره، ويتضاعف اؤه، فكنى بالغرة عن نور الوجه يوم القيامة. وقال أبو الزناد: قوله: تمت فمن استطاع منكم أن يطيل غرته - فإنه كنى بالغرة عن الحجلة، لأن أبا هريرة كان يتوضأ إلى نصف ساقيه، والوجه فلا سبيل إلى الزيادة فى غسله، فكأنه، واﷲ أعلم، أراد الحجلة فكنى بالغرة عنها. وفيه: جواز الوضوء على ظهر المسجد، وهو من باب الوضوء فى المسجد ،وقد كرهه قوم وأجازه الأكثر، وإنما ذلك تنزيه للمسجد، كما ينزه عن البصاق والنخامة ،وحرمة أعلى المسجد، كحرمة داخله، وممن أجاز الوضوء فى المسجد: ابن عباس، وابن عمر ،

وعطاء، والنخعى ،وطاووس، وهو قول ابن القاسم صاحب مالك، وأكثر العلماء. وكرهه ابنسيرين، وهو قول مالك، وسحنون)(١) ، وقد تعلم عثمان - رضي اﷲ عنه - وضوء رسول اﷲ  فعن عثمان بن عفان: أنه دعا بماء فتوضأ عند المقاعد، فتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال لأصحاب رسول اﷲ  : هل رأيتم رسول اﷲ  فعل هذا ؟ قالوا: نعم )(٢) ، وروى أن رسول اﷲ - - توضأ أمام جمع من الناس ثم قال : ( من توضأ نحو وضوئي هذا ثم
صلى ركعتين ، لا يحدث فيهما نفسه بشيء من الدنيا غفر له ما تقدم من ذنبه ) (٣) .
وروى البخاري حديثاً ذكر فيه أنه عليه الصلاة والسلام صلى مرة بالناس وهو على المنبر ليروا صلاته كلهم وليتعلموها من أفعاله ومشاهداته .. فلما فرغ أقبل على الناس فقال : ( يا أيها
الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بى ، ولتعلموا صلاتي) (٤). ولتعليمه -- رجلاً أساء
صلاته وكان ذلك أمام جمع من الصحابة – رضي اﷲ عنهم – في المسجد ، عن أبي هريرة:
أن رسول اﷲ - - دخل المسجد فدخل رجل، فصلى، فسلم على النبي - - ، فرد وقال:
»ارجع فصل، فإنك لم تصل«، فرجع يصلي كما صلى، ثم جاء، فسلم على النبي -- ، فقال: »ارجع فصل، فإنك لم تصل« ثلاثا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره ،فعلمني ،فقال: »إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع

حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، وافعل ذلك في صلاتك كلها
قوله للرجل الذي أساء الصلاة بحضرته فقال له صل فإنك لم تصل فأعادها ثلاثا كل ذلك يأمره بإعادة الصلاة إلى أن سأله الرجل أن يعلمه الصلاة فابتدأ فعلمه الطهارة ثم علمه الصلاة وذلك واﷲ أعلم لأن الصلاة شيء ظاهر تشتهره الأبصار، والطهارة أمر يستخلي به الناس في ستر وخفاء فلما رآه -- جاهلا بالصلاة حمل أمره على الجهل بأمر الطهارة فعلمه إياها)(٢)

وكان سبب رفض النبي لكيفية صلاته هو عدم الطمأنينة في الركوع والسجود (وإنما نقص من صلاته الطمأنينة فى الركوع والسجود وهى من كمال الصلاة.:
)، يدل أن الطمأنينة
) ، وقال- - فى حجة الوداع لأصحابه معلماً
لهم مناسك الحج: »لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه«(١)
قال النووي : (فيه دلالة لما قاله الشافعي وموافقوه أنه يستحب لمن وصل منى راكبا أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا ولو رماها ماشيا جاز وأما من وصلها ماشيا فيرميها ماشيا وهذا في يوم النحر وأما اليومان الأولان من أيام التشريق فالسنة أن يرمي فيهما جميع الجمرات ماشيا وفي اليوم الثالث يرمي راكبا وينفر هذا كله مذهب مالك والشافعي وغيرهما وقال أحمد وإسحاق يستحب يوم النحر أن يرمي ماشيا قال بن المنذر وكان بن عمر وبن الزبير وسالم يرمون مشاة قال وأجمعوا على أن الرمي يجزيه على أي حال رماه إذا وقع في المرمى وأما قوله -- (لتأخذوا مناسككم ) فهذه اللام لام الأمر ومعناه خذوا مناسككم وهكذا وقع في رواية غير مسلم وتقديره هذه الأمور التي أتيت ا في حجتي من الأقوال والأفعال والهيئات هي أمور الحج وصفته وهي مناسككم فخذوها عني واقبلوها وحفظوها واعملوا ا وعلموها الناس وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج وهو نحو قوله - - في الصلاة صلوا كما رأيتموني أصلي وقوله -- (لعلي لا أحج بعد حجتي هذه) فيه إشارة إلى توديعهم وتعلم وإعلامهمأمور بقربالدين وفاتهو ذا - سميت - حجة وحثهم الوداععلى ) (٢الاعتناء بالأخذ عنه وانتهاز الفرصة من ملازمته
(
كذلك من أساليب الدعوة التعليمية ، أسلوب التعليم التطبيقي: وذلك بأن يشاهد المدعوون الداعي بأبصارهم، أو يتلقون بالسماع عنه، وهذا منهج حسي وضع رسول اﷲ - - أسسه وقواعده، فقال لأصحابه: »ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم وعلموهم