لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (التلخيص باستخدام خوارزمية التجزئة)

مع حلول عام 1986 ونتيجة لصدمة انهيار أسعار النفط انخفض دخل الموازنة الجزائرية بنحو %50 واضحت مشكلات التخطيط المركزي بارزة للعيان وفي محاولة لحل هذه المشكلات بدأت الدولة في مباشرة سلسلة من الاصلاحات للتثبيت الاقتصادي ثم الاصلاح الهيكلي، وفي البداية كانت سرعة التكيف منخفضة مما أدى الى تزايد اختلال الموازين الاقتصادية الداخلية حيث بلغ العجز في الموازنة العامة على سبيل المثال الى 13. 7% من الناتج المحلي الاجمالي عام 1988 نتيجة لان انخفاض الانفاق لم يكن مماثلا للانخفاض الكبير في الايرادات ، الشروع في اعادة الهيكلة العضوية نتيجة لكبر حجم الوحدات الاقتصادية التي يصعبالتحكم في تسييرها حسب تفسير السلطات العمومية خاصة من الناحية المالية تطبيق مبدأ استقلالية المؤسسات بموجب قانون 01-88 بهدف ترسيخ تطبيق القانون التجاري باعتبار أن المؤسسة شخصية اعتبارية ورأس مال جماعي تستفيد من امكانية تسييرمواردها المالية اصلاح المنظومة البنكية لجعلها تتلاءم والافرازات الاقتصادية الجديدة من خلال خطةالقرض التي شرع فيها سنة 1986 الدخول إلى اتفاقين (stand-by) الأولى في ماي 1989 والثانية في 3 جوان 1991 نتيجة للصعوبات التي كانت تواجهها بلادنا لتسديد مستحقاتها تجاه المؤسسات المالية والدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي وذلك بالاعتماد على تخفيض قيمة العملة المحلية بـ 40% للفترة 1986-1988 ثم 20 سنة 1989 و30 سنة 1990 ليستمر التخفيض إلى 50 سنة 1994 تسيير سعر الصرف من خلال اللجوء إلى السعر المتعدد والذي يخضع في تعدده إلى طبيعة النشاط الاقتصادي ويسمح هذا الاجراء بتشجيع الصادرات خارج المحروقات والمساهمة فياعادة التوازنات الخارجية إلى وضعها الطبيعي. انخفاض أسعار البترول سنة 1986 إلى أقل من 10 دولار أمريكي للبرميل الواحد 1990بسبب أزمة الخليج. وبانهيار أسعار النفط في الأسواق الدولية دخلت الدولة الجزائرية في أزمة اقتصادية فتقلصتالموارد الاقتصادية بصورة محسوسة في مقابل تزايد مستوى الانفاق نظرا إلى ان نمط الاستهلاك الذي برز مع بداية الثمانينات كان النظام أحد المشجعين عليه . وبما ان مداخيل النفط لم تستغل كما ينبغي في عملية التنمية ولم تقم بدور كبير في برنامج الاستثمار الذي حاولت الجزائر العمل به في السبعينات، بل اخذت المداخيل مسارا اتجه صوب "سياسة البذخ والاختلاسات التي اثقلت كاهل الاقتصاد الجزائري تحت غطاء "النمط الاستهلاكي بعيدا عن استثمارها في مشاريع كبرى وبإمكانها أن تقترب من المسؤولية ، أيالمحاسبة ولكنها خصصت للامسوؤلية اي المحسوبية مما أدى الى ترسيخ التبعية. كما أدى فشل التسيير البيروقراطي للاقتصاد الوطني الى العجز المالي للمؤسسات الاقتصاديةالعامة الى 250 مليار دينار جزائري. بالإضافة الى كل ذلك فان التغطية المالية للجزائر قد تقلصت من 4 أشهر الى شهر واحد فقط، وأصبح العجز المتراكم للإيرادات يتجاوز 9 مليار دولار في حين أضحى الاحتياج الأدنىالمواصلة وتيرة النمو لما قبل 1986 يحتاج الى 10 ملايير دولار . ومما زاد الطين بلة أن رئيس حكومة الشاذلي بن جديد عبد الحميد الابراهيمي اختار طريق الكذب على الدوائر المالية والسياسية الأجنبية ، وذلك بتقديم صورة مزيفة عن الاقتصاد الجزائري عندما اتخذ قرارا بزيادة رسمية لقيمة الدينار الجزائري، فبعد ان كان يلزم 5. 028دينار لشراء دولار واحد أصبح الدولار يساوي 4. 702 دج. فاختار الشاذلي بن جديد الهروب الى الأمام والقاء مسؤولية الانحدار الكبير الذي اصبحت تعرفه الجزائر على كاهل الآخرين الذين لا يفكرون إلا في مصالحهم الشخصية، فلقد اختفت السلع الاستهلاكية من الاسواق وارتفعت الاسعار بشكل مفاجئ وجنوني واضحى قطاع الانتاج وانتشر اليأس في اوساط الناس وبدا الأفق أشد حلكة وراحت الاحتجاجات تتوسع رقعتها في عدة أحياء شعبية بالجزائر العاصمة وفي وهران ومدن داخلية من أجل الحصول على سكنات اجتماعية وعلى الماء القابل للشرب الصحة ، المواصلات والمشكلة الغذائية. وقد تسببت المشكلة الغذائية في تردي الوضع الاجتماعي بشكل معقد، وبالتالي تفكيك الحلقات الاقتصادية وابدالها بقرارات سياسية قاسية وذلك في غياب الامكانيات وان وجدت فقد رمت بكل جهدها في الصناعة الثقيلة المركبة التي لا تعرف الدولة الجزائرية كيف تتصرف في أدواتها أو حتى التعامل معها وفق معطيات العصر، نظرا إلى انعدام الصناعة الزراعية ما عدا بعض المصانع التي تستورد المادة الاولية من الخارج والنتيجة هي ركود اقتصادي في انتاج بعض المزروعات وان هذا الخلل في الجانب الزراعي كان نتيجة مشكلة نقص المياه في استخداماتها المتعددة وبخاصة وان الجزائر تعتبر بلدا شبه جاف يستقبل كمية من الأمطار بمعدل 500 ملم في المناطق الشمالية و 150 إلى 300 ملم في مناطق الهضاب العليا ، وهذا النقص يعقبه العجز في بناء السدود، مما يجعل المياه الآتية من الامطار تذهب إلى البحر وان شهدت الجزائر بعض التطورات الطفيفة في بناء السدود فقد تم انجاز 8 سدود بين عامي 1962 و 1970 و 14 سدا بين عامي 1980 و 1988 ، لكن هذا كله قليل بالنسبة الى انجاز السدود قبل الاستقلال والتي قدرت بـ 15 سدا بالإضافة الى ذلك فان المشكلة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر تتمثل في الدخل السنوي مما أدى الى انخفاض القدرة الشرائية والمعضلة تكمن في أن الجزائر تستورد المواد الأولية بالعملة الأوربية التي تزداد ارتفاعا في حين ان سعر البرميل سنة 1986 كان يقدر بـ 16. 5 دولارا أي أنه سجل انخفاضا بمقدار 349 و 27. 7 دولار بالنسبة الى السنتين 1985 و 1986 على التوالي . ولكن بعد الاستقلال عملت الجزائر على القضاء على التخلف الذي ورثته عن الفترة الاستعمارية واعتمدت على الصناعات الثقيلة كسبيل لذلك ، عن طريق الاستثمار في صناعة الحديد والصلب والصناعات الطاقوية المحروقات والبيتروكيميائية، حيث سخرت لها امكانيات ضخمة تجاوزت 120 مليار دج للفترة الممتدة ما بين 1966 و 1990 ولكن ما فتئ ان بدأ الاقتصاد الجزائري في التراجع والضعف نتيجة لعدة عوامل من بينها : التبعية الاقتصادية ، النمو الديموغرافي والاعتماد الكامل على تصدير منتوج واحد هو النفط حيث يشكل هذا الأخير%95 من الايرادات المتحصلة من الصادرات الاجمالية للجزائر (2) . هذا بالإضافة الى ان المؤسسات العمومية التي أنشئت في اطار النظام الاشتراكي لم تحقق مستوى الطموحات المنتظرة لذلك قررت السلطات توقيف الاستثمار في المشاريع الضخمة والتوجه الى تدعيم المنشآت القاعدية (الطرقات - السدود – قطاعات البناء . الخ) هذا ماأدى الى تحطيم النسيج الصناعي الوطني في الثمانينات وجعل اقتصادنا يعتمد كليا علىالواردات الخارجية في كل ما تحتاج إليه المؤسسات الصناعية من معدات وقطع غيار، حيث عرفت بداية الثمانينات استيراد السلع الاستهلاك النهائي خصصت له عشرة مليار دولار سنة 1981)، على حساب الاستثمار والتشغيل بالإضافة الى الانخفاض المتواصل لأسعار النفط التي وصلت الى ما دون 10 دولار للبرميل في سنة 1986 ، وقد تزامنت فترة الثمانينات بقيام الدولة بجملة من الاصلاحات الاقتصادية غرضها التخفيف من الضيق الناجم عن الدخل المتجاوز للدولة ، ويكون ذلك باستقلالية المؤسسات القائمة بنشاط وتعبئة جميع الجهود دون استثناء حتى تنتقل البلاد من عهد البترول الى عهد الاعتماد على النفس كما أن الانتقال من الصناعات الثقيلة والاهتمام بالقطاعات الاخرى كالخدمات في فترة الثمانينات كانت متعلقة بإعادة الهيكلة العضوية والمالية للمؤسسات العمومية وتشجيعالاستثمار في القطاع الخاص. ولقد عرفت الجزائر كغيرها من البلدان النامية تدهورا في وضعها الاقتصادي اعقاب تدهور الاوضاع الاقتصادية الدولية في الثمانينات ، اثر الانخفاض الشديد في اسعار المواد المصدرةكالبترول ومشتقاته ، وبالتالى تدهور معدلات التبادل التجارى وارتفاع اسعار الفائدة وحدث خلل وذلك نتيجة عجز القطاع العام في الميزانية العمومية وكذا ميزان المدفوعات وعدم قدرته علىالتنافس في الاسواق العالمية. ولقد كان الهدف من هذا التحول الذي عرفته الجزائر في القطاعات العام الى الخاص) رد الاعتبار للتشغيل وخلق وظائف ومجالات عمل جديدة ومن ثمة التقليص من حجم البطالة ، التحفيز على المنافسة في ميدان الانتاج والخدمات ، توفير رؤوس أموال بواسطة الشراكة وبيع الأسهم سواء بالعملة الوطنية أو الأجنبية وتشجيع الاستثمار الوطني والاجنبي تنمية القطاع الخاص ودعم مؤسساته وذلك عن طريق تحويل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص. وبعد ان كان القطاع الخاص شبه منعدم في فترة ما بعد الاستقلال الى غاية منتصف الثمانينات أصبح في النصف الثاني من الثمانينات يلعب دور الريادة فاذا ارتفع عدد المؤسسات الخاصة بشكل لم يعرف قبله هذا الارتفاع ففي الفترة الممتدة من 1980-1988 ارتفع عددالمؤسسات بحوالي 4000 مؤسسة ، ونفس العدد أزيد بقليل ارتفع به في سنة واحدة 1988-1989 حيث بلغت 19843 بعدما كانت 14770 مؤسسة، كما انه في سنة 1989 أصبح القطاع الخاص عامة يشغل 1. 583. 000 عاملا أي بنسبة %35. 71 من المجموع العام ، في حين بلغ العدد في القطاع العام 2. 589. 000 (58. 41) عاملا و 260. 000(%5. 86) عاملا في القطاعات الأخرى المشتركة أو الأجنبية (4). وهذا ان دل فانه يدل على ان القطاع الخاص بدأ يترعرع أكثر فاكثر والدليل على ذلك أن اليدالعاملة فيه عامة كانت تزداد يوما بعد يوم ، واذا قورنت نسبة اليد العاملة التي يشغلها القطاع الخاص 54% بتلك التي يشغلها القطاع العام 45, 11% ، و هنا نلاحظ ان القطاع الخاص اصبح يسيطر على نسبة 50% او اكثر من النشاط الاقتصادي في البلاد (1)أما عن مساهمة القطاع الخاص في التشغيل ، فقد شهد تطورا كبيرا مقارنة بالفترات السابقة ، اذ تم فتح مجالات عدة للاستثمار كانت في السابق حكرا على القطاع العمومي وقد مكن ذلك من انشاء مناصب شغل جديدة ، اذ انتقلت نسبة الشغل له مقارنة بالحجم الاجمالي من)2(1992 21. 4 سنة 1986 إلى 42 سنةولكن رغم محاولات القطاع الخاص بعدم الوقوع في اخطاء القطاع العام () وتدارك الاوضاعالاقتصادية التي عرفتها فترة الثمانينات إلا أنه هو الاخر لم يحقق ما كان يطمح إليه . اذ كان هناك فرق شاسع بين توقعات خلق مناصب العمل والانجازات في هذا المجال ويمكنتفسير ذلك بالصعوبات التي اعترضت هذا القطاع كتجسيد للمشاريع والحصول على التجهيزات التي كانت تمول عادة عن طريق عملية الاستيراد الذي تباطء مما أدى الى جمود الاستثماراتالمختلفة ومن ثم تجميد لعملية خلق مناصب العمل (3)كما أن تطبيق قانون الاستثمار الخاص ، قد أثر بطريقة مباشرة على الاستثمار من حيثالمبلغ والضمانات الكفيلة لعمية الاستثمار هذا بالإضافة الى ضعف مساهمة القطاع الخاص في خلق مناصب العمل حيث ان الاستثمار في المشاريع التي تستخدم مؤهلات عالية كانت نادرة ، اما من الناحية الاجتماعية فقد برزتاحداث أكتوبر 1988 كرد فعل من طرف الشبان على تردي الأوضاع . اذ ان أكتوبر 1988 طوى صفحة الثورة التحريرية وفتح صفحة جديدة في تاريخ الجزائر المستقلة صفحة الثورة الاجتماعية ضد الظلم والثورة الثقافية ضد الكبت والثورة الاقتصادية ضدتدهور موارد البلاد والمتاجرة بمستقبل أجيالها(1) . أكتوبر 1988 دشن مرحلة من الفوضى الشاملة في البنية المتآكلة وأعاد عقارب الساعة إلى الوراء بحثا عن هوية جديدة للوطن والمواطن وعن صيغة جديدة للحكم ولمؤسسات الدولة وعن نظام اجتماعي يضع حدا للاستقلال وعن حرية طال انتظارها (2) ، وفي يومي الرابع والخامس من شهر أكتوبر 1988 عرفت الجزائر أسبوعا دمويا شهدت فيه مدينة الجزائر العاصمةوالمدن الرئيسية للوطن عددا كبيرا من المتظاهرين والاحتجاجات لكن النظام قمعها بقوةرصاص الجيش الوطني الشعبي ، والحصيلة كانت مئات الموتى في الشوارع غير ان الرئيس الشاذلي بن جديد استطاع أن يرجع الهدوء الى البلد بعد القاء خطابه يوم 10 أكتوبر (3) في بث مباشر على شاشة التلفزة حيث وعد خلاله بإجراء اصلاحات سياسية عميقة عقب احتجاجات الشباب وأصبح كل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي للسياسة الجزائرية المنتهجة ضد استرجاع الجزائر سيادتها محل تغيير عاجل ، وجاء بعد ذلك استفتاء يوم 3 نوفمبر الذي حمل الحكومة مسؤولية تسيير شؤون البلاد أمام المجلس الوطني واعادة انتخاب الرئيس الشاذلي بنجديد لعهدة جديدة يوم 22 ديسمبر (1988(4). وفي 6 اكتوبر 1988 بلغت الانتفاضة ذروتها فأحرقت مبان عامة واعلنت حالة الحصار وفرض حظر التجول من منتصف الليل حتى السادسة صباحا ، وفي الثامن منه فتحت قوات الجيش نيران أسلحتها على المتظاهرين في ضاحية القبة أحد معاقل الاسلاميين فقتلت 60 منهم وكانت دبابات الجيش قد احتلت المرافق الحساسة في المدينة وانتشرت قوات على اسطحالمنازل (1) . وفي 10 أكتوبر 1988 يوم الاثنين جرت اعنف المواجهات بين الجيش والمتظاهرين في وسط العاصمة قام بها الشباب العاطل عن العمل وتلاميذ المدارس والمتسربين منها في العاصمة لتشتد وتعم والملفت للانتباه أن السلطة لم تبدي اي استعداد لتهدئة الوضع بل جردت قوات الأمن من أسلحتها ، كما أن (2) عمليات التكسير والتخريب كانت موجهة خصوصا ضد الممتلكات العامة (الوزارات) ، البنوك ، الخطوط الجوية الجزائرية ، أسواق الفلاح ، المؤسساتالتعليمية ومراكز الهاتف . إلخ) . ونتيجة لهذا القى الرئيس الشاذلي بن جديد يوم 10 اكتوبر خطابا للشعب " تأسف فيه عما حدث وما نتج من خسائر تحددت في 189 قتيلا و 1442 جريحا و 1. 61 مليار دينار جزائري خسائر مادية وندد باحتكار السلطة ووعد بإجراء إصلاحات سياسية كبيرة (3)وهنا تعددت الاطروحات حول أسباب وقوع هذه الأحداث وهذا باختلاف تصور وتحليل كل شخص وخلفياته وخاصة موقعه من النظام السياسي فكانت أصل التمردات الدامية لأكتوبر 1988 هو صدام الحزب مع الدولة ويمكن حصر هذه الأطروحات في اتجاهات : يرى محمد الشرف مساعديه في هذا الشأن أن احداث 5 اكتوبر 1988 كانت مؤامرة استهدفت الحزب والجيش معا ونفذت بأجهزة تابعة للنظام وبتواطؤ خارجي وهناك فئة من المسؤولين أرادوا البروز قبل المؤتمر السادس ليدخلوا هذا المؤتمر منتخبين ويكون لهم دورهم في القيادة الجديدة ففعلوا 5 أكتوبر وافتعلوه لتسمين أنفسهم سياسيا (1) ، كما أشار الى الانشطةالتي تقوم بها الجزائر كدليل على ذلك وعلى سبيل المثال : الحزب يريد خلق عوائق أمام بناء وحدة مغاربية وكما هو معروف فقد كان في ذلك الوقت توتربين الجيش الجزائري والليبي وكادت أن تكون المواجهة (2) ، اما الرئيس الأسبق أحمد بن بلة" فانه يرجع أسباب حوادث أكتوبر إلى أزمة اجتماعية واقتصادية كفقدان المواد الغذائية ، ازمةالسكن ، تدهور القطاع الصحي ، ضعف التعليم ، الارتفاع الهائل للشباب وتهميشهم (3) وبالنسبة " لرابح بيطاط يذكر أن بدايات التفكير في التعددية والانفتاح يرجع الى 3 أو 4سنوات قبل أحداث 5 أكتوبر 1988 حيث كانت هناك جماعة من الأشخاص تجتمع بأقبية رئاسة الجمهورية ، ومنهم على الخصوص مولود حمروش وغازي حيدوسي للإعداد المشروع ومعهم العربي بلخير الذي صرح هذا الأخير بانه ساهم في التحضير الى الديموقراطية بمساهمته في انشاء الجمعيات غيرالسياسية التي انطلقت قبل التعددية . ومن المؤكد أن الشباب الذين خرجوا الى الشوارع في 5 اكتوبر 1988 لم يكونوا يطالبون بالديمقراطية ولا بالتعددية الحزبية بل خرجوا ثائرين على ندرة السلع الاستهلاكية الأساسيةكالزيت والسميد (1) . وبالنسبة الى " محمد بوضياف() يرى بان الأحداث كانت منتظرة نتيجة لتردي الوضع السياسي، الاقتصادي والاجتماعي وتهميش شرائح اجتماعية كبرى وعدم تأطيرها قصد المشاركةالسياسية . ويرى الأستاذ "علي" "الكتر" من جهته أن حوادث أكتوبر تعتبر انتفاضة وتعبر عن وعي جماعي للشعب الجزائري وان الطبقات المحرومة في المجتمع هي التي مسها بالدرجة الأولى التدهور الكبير للحياة الاجتماعية حيث كانت اكثر احساسا من غيرها بالوضعية التي آلت اليها (2) أما الدكتور جيلالي اليابس يبرز ذلك من خلال تضاعف المنازعات في أبريل 1980 أحداث تيزي وزوو ، الاسلاميون 1982 ، احداث قسنطينة وسطيف 1985-1986 ، وقد كان على النظام مواجهة هذه الاحداث التي كانت تحمل في طياتها مطالب أضحت تتضخم من يوملآخر (3) أما أحمد طالب الابراهيمي (1) فانه يرى أن احداث اكتوبر كانت نتيجة طبيعية للتخلي التدريجي عن احدى المبادئ الأساسية لثورة نوفمبر 1954 وهو مبدأ العدالة الاجتماعية الذي ميز فترة حكم الرئيس "هواري بومدين ثم تراجع تطبيقه تدريجيا في عهد الرئيس "الشاذلي بن جديد" الذي فضل اعطاء هامشا أكبر للحريات الفردية والاجتماعية على حساب العدالة الاجتماعية (1) وقدحصر الخلافات في 4 نقاط وهي :- الاختلاف حول أسلوب مواجهة الموقف في احداث اکتوبر 1988 .

  • الاختلاف حول طريقة اعادة العلاقات الدبلوماسية مع المغرب- اختلاف وجهات النظر حول القضية الصحراوية .
  • الاختلاف حول طريقة اعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر (2) . وحسب اعتقاد محمد السعيد مغزوزي فان الأسباب الحقيقية لأحداث أكتوبر تعود الى الاحباطالكبير الذي اخذ يشعر به الجزائريون وخاصة الشباب منذ سنوات ، ويؤكد الشاذلي بن جديدبان هذه الاحداث أعدت من اجل احداث تغييرات على الميثاق الوطني . الوثيقة المرجعية للنمط السياسي والاقتصادي للدولة الجزائرية وبرر لجؤه لهذا التغيير بشللالاقتصاد (**) الذي طبعه النمط الاداري لتسييره وكرس الانخفاض السريع لأسعار البترول (3) . ومن خلال كل هذه الآراء والمواقف يمكن لنا تحديد الأسباب الأساسية المؤدية الى حوادث 5اكتوبر والتي افضت بدورها الى دخول الجزائر في عهد جديد هو عهد التعددية الحزبية (*)والسياسية في النقاط التالية :1 تمكن الحزب من فرض نفسه بشكل واضح على الساحة الجزائرية في بداية الثمانينات واصبح يسيطر على مؤسسات وهياكل الدولة والحكومة التي تحولت الى شبه جهاز تنفيذي للحزب مكلف بتطبيق توصيات مؤتمراته ودورات لجنته المركزية ومكتبه السياسي ، كما أن الحزب أصبح يسعى للسيطرة فعليا على المجتمع من خلال منظماته الجماهيرية ومقابل كل هذا بدأت بعض مظاهر التذمر والرفض في الظهور داخل المجتمع وتطالب بالمزيد من التحرروالتغيير وتحسين ظروف المعيشة ومن أبرز هذه الحركات ما حدث في قسنطينة سنة 1986والتي يقول عنها السيد محمد سعيدي" بان هذه الاحداث كشفت عن الخلل الذي كانفي النظام بمكوناته المختلفة في الجهاز السياسي والتنظيمات (1) فقد انتقد محمد سعيدي الطريقة التي تعامل بها النظام مع هذه الاحداث وهنا يمكن القول أن هذه الأزمة وغيرها من الحوادث الأخرى التي كان النظام يتعامل معها بروح اللامبالاة هي التي أدت الى احداث 5 اكتوبر (1988) ومن اخطر هذه الأزمات الأزمة الاقتصادية التي بدأت تضرب الجزائر مع منتصف الثمانينات حيث تدهورت الاوضاع الاقتصادية بشكل ملحوظ وخاصة مع انهيار اسعار البترول ، كما ان بعض مؤيدي السيطرة الحزبية بدأت في (3) التذمرمن هذه السيطرة التي وقفت في وجه مشاريعها الاقتصادية والسياسية . 2 التطبيق السيء للاشتراكية ، وهو ما أفرز فئة جديدة من البرجوازية هذه الفئة التي لم تتمكنمن التشكل في اي بلد اختار التسيير الاشتراكي في مدة زمنية قصيرة مثلما حدث في الجزائر ، ولو كان النظام الحاكم في الجزائر مناهضا حقا لهذه الفئة وراغبا حقا في تحقيق النظامالاشتراكي ، فالاشتراكية تبنتها القيادة السياسية ولم تتحمل الجماهير مسؤولية تحقيقها . 3 غياب الديموقراطية في التسيير الداخلي لأجهزة الدولة والحزب قبل 1988 وعدم وجود حوار حقيقي بين القاعدة ومختلف المسؤولين في جميع المستويات ورفض كل نقد بناء والاختيار السيء للرجال ، مما سمح بظهور جو متعفن وفقدان الثقة بين الحاكم والمحكوم الى جانب أزمة الثقة هناك أزمة اخلاقية وهذه القيم ذهبت وحل محلها نظام مبني على اعطاء الامتيازات والمحسوبية والرشوة وتكوين الثروة غير الشرعية واتباع سياسة البذخ التي تستفزالجماهير . 4/ الصدمة النفطية الناجمة عن الهبوط الحاد لأسعار النفط منذ 1986 والتي كشفت عن مدىحساسية النظام الاقتصادي الجزائري للتغيرات الحادثة في السوق العالمية وهذا سبب كون الاقتصاد الجزائري اساسا اقتصاد (1) ريعي (1) بالإضافة الى أن سبب انتقال لتعددية الحزبية هو الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية أنذاك الشاذلي بن جديد في 19 سبتمبر 1988 الذي وجه فيه انتقادات لاذعة للحزب والحكومة بسبب تقصيرها في أداء مهامها لمعالجة المشاكل التي يتخبط فيها لمجتمع وأيضا حالة التسيب التي طبعت تصرفات الاطارات والأفراد (2) المجتمع مؤكدا الاستمرار في نتهاج سياسة التقشف لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الدولةالجزائرية لاسيما بعد انخفاض سعر البترول، ادى الى حدوث أحداث 5 اکتوبر 1988 او ما اطلق عليها بانتفاضة الخبز" في العاصمة وبعض نواحي الوطن التي ادت الى خسائر بشرية ومادية ، واعلن حينها رئيس الجمهورية عن حالة الحصار ، وفي 10 اكتوبر 1988 والقى خطابا منددا باحتكار السلطة متأسفا عما حدث ووعد بالقيام بإصلاحات دستورية ، وفي 24 اكتوبر 1988 أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا حدد العناصر الرئيسية التي سيتضمنها مشروع الاصلاحات السياسية الذي سيناقش في القاعدة وتم القيام بتعديل دستوري جزئي في استفتاء 3 نوفمبر 1988 واهم ما جاء فيه فصل الحزب عن الحكومة واعتبارها مسؤولة فقط أمام البرلمان ولحق ذلك تعديل شامل تمثل (1) في الاستفتاء على دستور 23 فيفري 1989الذي جاء كنتيجة لظروف غير عادية عرفها المجتمع والنظام السياسي الجزائري ولتلبية مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية جسدتها أحداث أكتوبر 1988 ليعبر عن نظام حكم جديد قاعدتهسيادة الشعب ويهدف الى وضع أسس نظام ديموقراطي يقوم في التعددية السياسية ومجتمعمدني يشارك في اتخاذ القرار السياسي (2) حيث صوت الشعب الجزائرى لصالح الدستور الجديد والذي أقر مبدأ التعددية السياسية والاعلامية (3) ، وفور المصادقة عليه بدأت رموز المعارضة من الداخل والخارج في انشاء الاحزاب السياسية حتى تجاوزت 60 هيئة في مدة زمنيةوجيزة (4). فقد اعتمد المشروع الدستوري على مصادر أساسية أستند عليها دستور عام 1989 كما أقرمبادئ يقوم عليها النظام السياسي الجزائري. واذا كان دستور عام 1989 قد تبنى عددا من أحكام دستور عام 1976 ذات الطابع القانوني التنظيمي من دون الايديولوجيا ولاسيما في مجال تنظيم السلطات ، فان أهم المصادر التي شكلت مضمون دستور عام 1989 قد تمثلت في الشرعية الدستورية والإسلام ويمكن القول بان الشرعية الدستورية قد حلت محل الشرعية الثورية التي اعتمد عليها النظامالسياسي طوال الفترة السابقة لعام 1989. واذا كانت القاعدة في الجزائر مبنية على منح الأولوية للشرعية الثورية فان دستور 1989 استبدل او حاول ان يستبدل تلك الشرعية بشرعية أخرى تقوم على الحرية والفصل بين السلطاتوالتعددية السياسية والحزبية اضافة الى الشرعية (1)إن هناك عدة أسباب داخلية أدت بالدولة الجزائرية الى التخلي عن الأحادية الحزبية والدخولفي عهد التعددية الحزبية ومنها :طبيعة المجتمع الجزائري التعددي سواء تاريخيا ، فالتعددية ظهرت مع نشأة الحركة الوطنيةبداية القرن العشرين وتطورت معها ، كما أن مرحلة الحزب الواحد بينت وجود أحزاب وتيارات سياسية بالإضافة إلى الصراع الذي كان دائر داخل حزب الجبهة في حد ذاته (2) .
  • السلبيات والتجاوزات التي عرفتها الأحادية الحزبية منها احتكار السلطة وتزوير الانتخابات وتهميش الاطارات ، كما سادت البيروقراطية في الادارة وفي حزب جبهة التحرير الوطني ، مماأدى الى تباعد بين الحزب والشعب (3)فقد اعتمد هذا الدستور على مبدأ الفصل بين السلطات كرد فعل لدمج السلطات الذي أقرهدستور عام 1976. كما عمل على انشاء أجهزة للرقابة ومؤسسات استشارية الذي كان الهدف منها متابعة أعمالسلطات الدولة واحترم الدستور (1)وأيضا عمل على ابعاد الجيش عن الحياة السياسية حيث يصبح مكلفا فقط بالدفاع عن وحدة أراضي البلاد وسلامتها ، وحدد كذلك علاقة الدولة بالاقتصاد من خلال الاحكام الدستوريةالتالية (2) :1 حصر الملكية العامة وجماعتها الاقليمية في الثروات الطبيعية الحية والمرافق العمومية . 2 تخلي الدستور عن احتكار الدولة للتجارة الخارجية. 3 تحرير الاقتصاد من التسيير الاداري .


النص الأصلي

على المستوى الداخلي
مع حلول عام 1986 ونتيجة لصدمة انهيار أسعار النفط انخفض دخل الموازنة الجزائرية بنحو %50 واضحت مشكلات التخطيط المركزي بارزة للعيان وفي محاولة لحل هذه المشكلات بدأت الدولة في مباشرة سلسلة من الاصلاحات للتثبيت الاقتصادي ثم الاصلاح الهيكلي، وفي البداية كانت سرعة التكيف منخفضة مما أدى الى تزايد اختلال الموازين الاقتصادية الداخلية حيث بلغ العجز في الموازنة العامة على سبيل المثال الى 13.7% من الناتج المحلي الاجمالي عام 1988 نتيجة لان انخفاض الانفاق لم يكن مماثلا للانخفاض الكبير في الايرادات ، وفي غياب سوق مال محلي فان عجز الموازنة كأن يتم تمويله عن طريق الاصدار النقدي وتراكم الدين الخارجي ارتفع معدل الناتج المحلي الاجمالي ليبلغ 41% بعد أن كان لا يزيد عن 30% في عام 1985وتتمثل هذه الاصلاحات في:
الشروع في اعادة الهيكلة العضوية نتيجة لكبر حجم الوحدات الاقتصادية التي يصعبالتحكم في تسييرها حسب تفسير السلطات العمومية خاصة من الناحية المالية
تطبيق مبدأ استقلالية المؤسسات بموجب قانون 01-88 بهدف ترسيخ تطبيق القانون التجاري باعتبار أن المؤسسة شخصية اعتبارية ورأس مال جماعي تستفيد من امكانية تسييرمواردها المالية
اصلاح المنظومة البنكية لجعلها تتلاءم والافرازات الاقتصادية الجديدة من خلال خطةالقرض التي شرع فيها سنة 1986
الدخول إلى اتفاقين (stand-by) الأولى في ماي 1989 والثانية في 3 جوان 1991 نتيجة للصعوبات التي كانت تواجهها بلادنا لتسديد مستحقاتها تجاه المؤسسات المالية والدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي وذلك بالاعتماد على تخفيض قيمة العملة المحلية بـ 40% للفترة 1986-1988 ثم 20 سنة 1989 و30 سنة 1990 ليستمر التخفيض إلى 50 سنة 1994
تسيير سعر الصرف من خلال اللجوء إلى السعر المتعدد والذي يخضع في تعدده إلى طبيعة النشاط الاقتصادي ويسمح هذا الاجراء بتشجيع الصادرات خارج المحروقات والمساهمة فياعادة التوازنات الخارجية إلى وضعها الطبيعي.
انخفاض أسعار البترول سنة 1986 إلى أقل من 10 دولار أمريكي للبرميل الواحد 1990بسبب أزمة الخليج. وبانهيار أسعار النفط في الأسواق الدولية دخلت الدولة الجزائرية في أزمة اقتصادية فتقلصتالموارد الاقتصادية بصورة محسوسة في مقابل تزايد مستوى الانفاق نظرا إلى ان نمط الاستهلاك الذي برز مع بداية الثمانينات كان النظام أحد المشجعين عليه .وبما ان مداخيل النفط لم تستغل كما ينبغي في عملية التنمية ولم تقم بدور كبير في برنامج الاستثمار الذي حاولت الجزائر العمل به في السبعينات، بل اخذت المداخيل مسارا اتجه صوب "سياسة البذخ والاختلاسات التي اثقلت كاهل الاقتصاد الجزائري تحت غطاء "النمط الاستهلاكي بعيدا عن استثمارها في مشاريع كبرى وبإمكانها أن تقترب من المسؤولية ، أيالمحاسبة ولكنها خصصت للامسوؤلية اي المحسوبية مما أدى الى ترسيخ التبعية.
كما أدى فشل التسيير البيروقراطي للاقتصاد الوطني الى العجز المالي للمؤسسات الاقتصاديةالعامة الى 250 مليار دينار جزائري. بالإضافة الى كل ذلك فان التغطية المالية للجزائر قد تقلصت من 4 أشهر الى شهر واحد فقط، وأصبح العجز المتراكم للإيرادات يتجاوز 9 مليار دولار في حين أضحى الاحتياج الأدنىالمواصلة وتيرة النمو لما قبل 1986 يحتاج الى 10 ملايير دولار .ومما زاد الطين بلة أن رئيس حكومة الشاذلي بن جديد عبد الحميد الابراهيمي اختار طريق الكذب على الدوائر المالية والسياسية الأجنبية ، وذلك بتقديم صورة مزيفة عن الاقتصاد الجزائري عندما اتخذ قرارا بزيادة رسمية لقيمة الدينار الجزائري، فبعد ان كان يلزم 5.028دينار لشراء دولار واحد أصبح الدولار يساوي 4.702 دج. فاختار الشاذلي بن جديد الهروب الى الأمام والقاء مسؤولية الانحدار الكبير الذي اصبحت تعرفه الجزائر على كاهل الآخرين الذين لا يفكرون إلا في مصالحهم الشخصية، فلقد اختفت السلع الاستهلاكية من الاسواق وارتفعت الاسعار بشكل مفاجئ وجنوني واضحى قطاع الانتاج وانتشر اليأس في اوساط الناس وبدا الأفق أشد حلكة وراحت الاحتجاجات تتوسع رقعتها في عدة أحياء شعبية بالجزائر العاصمة وفي وهران ومدن داخلية من أجل الحصول على سكنات اجتماعية وعلى الماء القابل للشرب الصحة ، المواصلات والمشكلة الغذائية. وقد تسببت المشكلة الغذائية في تردي الوضع الاجتماعي بشكل معقد، وبالتالي تفكيك الحلقات الاقتصادية وابدالها بقرارات سياسية قاسية وذلك في غياب الامكانيات وان وجدت فقد رمت بكل جهدها في الصناعة الثقيلة المركبة التي لا تعرف الدولة الجزائرية كيف تتصرف في أدواتها أو حتى التعامل معها وفق معطيات العصر، نظرا إلى انعدام الصناعة الزراعية ما عدا بعض المصانع التي تستورد المادة الاولية من الخارج والنتيجة هي ركود اقتصادي في انتاج بعض المزروعات وان هذا الخلل في الجانب الزراعي كان نتيجة مشكلة نقص المياه في استخداماتها المتعددة وبخاصة وان الجزائر تعتبر بلدا شبه جاف يستقبل كمية من الأمطار بمعدل 500 ملم في المناطق الشمالية و 150 إلى 300 ملم في مناطق الهضاب العليا ، وهذا النقص يعقبه العجز في بناء السدود، مما يجعل المياه الآتية من الامطار تذهب إلى البحر وان شهدت الجزائر بعض التطورات الطفيفة في بناء السدود فقد تم انجاز 8 سدود بين عامي 1962 و 1970 و 14 سدا بين عامي 1980 و 1988 ، لكن هذا كله قليل بالنسبة الى انجاز السدود قبل الاستقلال والتي قدرت بـ 15 سدا بالإضافة الى ذلك فان المشكلة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر تتمثل في الدخل السنوي مما أدى الى انخفاض القدرة الشرائية والمعضلة تكمن في أن الجزائر تستورد المواد الأولية بالعملة الأوربية التي تزداد ارتفاعا في حين ان سعر البرميل سنة 1986 كان يقدر بـ 16.5 دولارا أي أنه سجل انخفاضا بمقدار 349 و 27.7 دولار بالنسبة الى السنتين 1985 و 1986 على التوالي .ولكن بعد الاستقلال عملت الجزائر على القضاء على التخلف الذي ورثته عن الفترة الاستعمارية واعتمدت على الصناعات الثقيلة كسبيل لذلك ، عن طريق الاستثمار في صناعة الحديد والصلب والصناعات الطاقوية المحروقات والبيتروكيميائية، حيث سخرت لها امكانيات ضخمة تجاوزت 120 مليار دج للفترة الممتدة ما بين 1966 و 1990 ولكن ما فتئ ان بدأ الاقتصاد الجزائري في التراجع والضعف نتيجة لعدة عوامل من بينها : التبعية الاقتصادية ،النمو الديموغرافي والاعتماد الكامل على تصدير منتوج واحد هو النفط حيث يشكل هذا الأخير%95 من الايرادات المتحصلة من الصادرات الاجمالية للجزائر (2) .
هذا بالإضافة الى ان المؤسسات العمومية التي أنشئت في اطار النظام الاشتراكي لم تحقق مستوى الطموحات المنتظرة لذلك قررت السلطات توقيف الاستثمار في المشاريع الضخمة والتوجه الى تدعيم المنشآت القاعدية (الطرقات - السدود – قطاعات البناء ... الخ) هذا ماأدى الى تحطيم النسيج الصناعي الوطني في الثمانينات وجعل اقتصادنا يعتمد كليا علىالواردات الخارجية في كل ما تحتاج إليه المؤسسات الصناعية من معدات وقطع غيار، حيث عرفت بداية الثمانينات استيراد السلع الاستهلاك النهائي خصصت له عشرة مليار دولار سنة 1981)، على حساب الاستثمار والتشغيل بالإضافة الى الانخفاض المتواصل لأسعار النفط التي وصلت الى ما دون 10 دولار للبرميل في سنة 1986 ، وقد تزامنت فترة الثمانينات بقيام الدولة بجملة من الاصلاحات الاقتصادية غرضها التخفيف من الضيق الناجم عن الدخل المتجاوز للدولة ، ويكون ذلك باستقلالية المؤسسات القائمة بنشاط وتعبئة جميع الجهود دون استثناء حتى تنتقل البلاد من عهد البترول الى عهد الاعتماد على النفس كما أن الانتقال من الصناعات الثقيلة والاهتمام بالقطاعات الاخرى كالخدمات في فترة الثمانينات كانت متعلقة بإعادة الهيكلة العضوية والمالية للمؤسسات العمومية وتشجيعالاستثمار في القطاع الخاص. ولقد عرفت الجزائر كغيرها من البلدان النامية تدهورا في وضعها الاقتصادي اعقاب تدهور الاوضاع الاقتصادية الدولية في الثمانينات ، اثر الانخفاض الشديد في اسعار المواد المصدرةكالبترول ومشتقاته ، وبالتالى تدهور معدلات التبادل التجارى وارتفاع اسعار الفائدة وحدث خلل وذلك نتيجة عجز القطاع العام في الميزانية العمومية وكذا ميزان المدفوعات وعدم قدرته علىالتنافس في الاسواق العالمية.
ولقد كان الهدف من هذا التحول الذي عرفته الجزائر في القطاعات العام الى الخاص) رد الاعتبار للتشغيل وخلق وظائف ومجالات عمل جديدة ومن ثمة التقليص من حجم البطالة ، التحفيز على المنافسة في ميدان الانتاج والخدمات ، توفير رؤوس أموال بواسطة الشراكة وبيع الأسهم سواء بالعملة الوطنية أو الأجنبية وتشجيع الاستثمار الوطني والاجنبي تنمية القطاع الخاص ودعم مؤسساته وذلك عن طريق تحويل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص. وبعد ان كان القطاع الخاص شبه منعدم في فترة ما بعد الاستقلال الى غاية منتصف الثمانينات أصبح في النصف الثاني من الثمانينات يلعب دور الريادة فاذا ارتفع عدد المؤسسات الخاصة بشكل لم يعرف قبله هذا الارتفاع ففي الفترة الممتدة من 1980-1988 ارتفع عددالمؤسسات بحوالي 4000 مؤسسة ، ونفس العدد أزيد بقليل ارتفع به في سنة واحدة 1988-1989 حيث بلغت 19843 بعدما كانت 14770 مؤسسة، كما انه في سنة 1989 أصبح القطاع الخاص عامة يشغل 1.583.000 عاملا أي بنسبة %35.71 من المجموع العام ،في حين بلغ العدد في القطاع العام 2.589.000 (58.41) عاملا و 260.000(%5.86) عاملا في القطاعات الأخرى المشتركة أو الأجنبية (4). وهذا ان دل فانه يدل على ان القطاع الخاص بدأ يترعرع أكثر فاكثر والدليل على ذلك أن اليدالعاملة فيه عامة كانت تزداد يوما بعد يوم ، واذا قورنت نسبة اليد العاملة التي يشغلها القطاع الخاص 54% بتلك التي يشغلها القطاع العام 45,11% ، و هنا نلاحظ ان القطاع الخاص اصبح يسيطر على نسبة 50% او اكثر من النشاط الاقتصادي في البلاد (1)أما عن مساهمة القطاع الخاص في التشغيل ، فقد شهد تطورا كبيرا مقارنة بالفترات السابقة ، اذ تم فتح مجالات عدة للاستثمار كانت في السابق حكرا على القطاع العمومي وقد مكن ذلك من انشاء مناصب شغل جديدة ، اذ انتقلت نسبة الشغل له مقارنة بالحجم الاجمالي من)2(1992 21.4 سنة 1986 إلى 42 سنةولكن رغم محاولات القطاع الخاص بعدم الوقوع في اخطاء القطاع العام () وتدارك الاوضاعالاقتصادية التي عرفتها فترة الثمانينات إلا أنه هو الاخر لم يحقق ما كان يطمح إليه .اذ كان هناك فرق شاسع بين توقعات خلق مناصب العمل والانجازات في هذا المجال ويمكنتفسير ذلك بالصعوبات التي اعترضت هذا القطاع كتجسيد للمشاريع والحصول على التجهيزات التي كانت تمول عادة عن طريق عملية الاستيراد الذي تباطء مما أدى الى جمود الاستثماراتالمختلفة ومن ثم تجميد لعملية خلق مناصب العمل (3)كما أن تطبيق قانون الاستثمار الخاص ، قد أثر بطريقة مباشرة على الاستثمار من حيثالمبلغ والضمانات الكفيلة لعمية الاستثمار هذا بالإضافة الى ضعف مساهمة القطاع الخاص في خلق مناصب العمل حيث ان الاستثمار في المشاريع التي تستخدم مؤهلات عالية كانت نادرة ، اما من الناحية الاجتماعية فقد برزتاحداث أكتوبر 1988 كرد فعل من طرف الشبان على تردي الأوضاع . اذ ان أكتوبر 1988 طوى صفحة الثورة التحريرية وفتح صفحة جديدة في تاريخ الجزائر المستقلة صفحة الثورة الاجتماعية ضد الظلم والثورة الثقافية ضد الكبت والثورة الاقتصادية ضدتدهور موارد البلاد والمتاجرة بمستقبل أجيالها(1) .أكتوبر 1988 دشن مرحلة من الفوضى الشاملة في البنية المتآكلة وأعاد عقارب الساعة إلى الوراء بحثا عن هوية جديدة للوطن والمواطن وعن صيغة جديدة للحكم ولمؤسسات الدولة وعن نظام اجتماعي يضع حدا للاستقلال وعن حرية طال انتظارها (2) ، وفي يومي الرابع والخامس من شهر أكتوبر 1988 عرفت الجزائر أسبوعا دمويا شهدت فيه مدينة الجزائر العاصمةوالمدن الرئيسية للوطن عددا كبيرا من المتظاهرين والاحتجاجات لكن النظام قمعها بقوةرصاص الجيش الوطني الشعبي ، والحصيلة كانت مئات الموتى في الشوارع غير ان الرئيس الشاذلي بن جديد استطاع أن يرجع الهدوء الى البلد بعد القاء خطابه يوم 10 أكتوبر (3) في بث مباشر على شاشة التلفزة حيث وعد خلاله بإجراء اصلاحات سياسية عميقة عقب احتجاجات الشباب وأصبح كل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي للسياسة الجزائرية المنتهجة ضد استرجاع الجزائر سيادتها محل تغيير عاجل ، وجاء بعد ذلك استفتاء يوم 3 نوفمبر الذي حمل الحكومة مسؤولية تسيير شؤون البلاد أمام المجلس الوطني واعادة انتخاب الرئيس الشاذلي بنجديد لعهدة جديدة يوم 22 ديسمبر (1988(4). وفي 6 اكتوبر 1988 بلغت الانتفاضة ذروتها فأحرقت مبان عامة واعلنت حالة الحصار وفرض حظر التجول من منتصف الليل حتى السادسة صباحا ، وفي الثامن منه فتحت قوات الجيش نيران أسلحتها على المتظاهرين في ضاحية القبة أحد معاقل الاسلاميين فقتلت 60 منهم وكانت دبابات الجيش قد احتلت المرافق الحساسة في المدينة وانتشرت قوات على اسطحالمنازل (1) .وفي 10 أكتوبر 1988 يوم الاثنين جرت اعنف المواجهات بين الجيش والمتظاهرين في وسط العاصمة قام بها الشباب العاطل عن العمل وتلاميذ المدارس والمتسربين منها في العاصمة لتشتد وتعم والملفت للانتباه أن السلطة لم تبدي اي استعداد لتهدئة الوضع بل جردت قوات الأمن من أسلحتها ، كما أن (2) عمليات التكسير والتخريب كانت موجهة خصوصا ضد الممتلكات العامة (الوزارات) ، البنوك ، الخطوط الجوية الجزائرية ، أسواق الفلاح ، المؤسساتالتعليمية ومراكز الهاتف ... إلخ) . ونتيجة لهذا القى الرئيس الشاذلي بن جديد يوم 10 اكتوبر خطابا للشعب " تأسف فيه عما حدث وما نتج من خسائر تحددت في 189 قتيلا و 1442 جريحا و 1.61 مليار دينار جزائري خسائر مادية وندد باحتكار السلطة ووعد بإجراء إصلاحات سياسية كبيرة (3)وهنا تعددت الاطروحات حول أسباب وقوع هذه الأحداث وهذا باختلاف تصور وتحليل كل شخص وخلفياته وخاصة موقعه من النظام السياسي فكانت أصل التمردات الدامية لأكتوبر 1988 هو صدام الحزب مع الدولة ويمكن حصر هذه الأطروحات في اتجاهات : يرى محمد الشرف مساعديه في هذا الشأن أن احداث 5 اكتوبر 1988 كانت مؤامرة استهدفت الحزب والجيش معا ونفذت بأجهزة تابعة للنظام وبتواطؤ خارجي وهناك فئة من المسؤولين أرادوا البروز قبل المؤتمر السادس ليدخلوا هذا المؤتمر منتخبين ويكون لهم دورهم في القيادة الجديدة ففعلوا 5 أكتوبر وافتعلوه لتسمين أنفسهم سياسيا (1) ، كما أشار الى الانشطةالتي تقوم بها الجزائر كدليل على ذلك وعلى سبيل المثال : الحزب يريد خلق عوائق أمام بناء وحدة مغاربية وكما هو معروف فقد كان في ذلك الوقت توتربين الجيش الجزائري والليبي وكادت أن تكون المواجهة (2) ، اما الرئيس الأسبق أحمد بن بلة" فانه يرجع أسباب حوادث أكتوبر إلى أزمة اجتماعية واقتصادية كفقدان المواد الغذائية ، ازمةالسكن ، تدهور القطاع الصحي ، ضعف التعليم ، الارتفاع الهائل للشباب وتهميشهم (3) وبالنسبة " لرابح بيطاط يذكر أن بدايات التفكير في التعددية والانفتاح يرجع الى 3 أو 4سنوات قبل أحداث 5 أكتوبر 1988 حيث كانت هناك جماعة من الأشخاص تجتمع بأقبية رئاسة الجمهورية ، ومنهم على الخصوص مولود حمروش وغازي حيدوسي للإعداد المشروع ومعهم العربي بلخير الذي صرح هذا الأخير بانه ساهم في التحضير الى الديموقراطية بمساهمته في انشاء الجمعيات غيرالسياسية التي انطلقت قبل التعددية . ومن المؤكد أن الشباب الذين خرجوا الى الشوارع في 5 اكتوبر 1988 لم يكونوا يطالبون بالديمقراطية ولا بالتعددية الحزبية بل خرجوا ثائرين على ندرة السلع الاستهلاكية الأساسيةكالزيت والسميد (1) . وبالنسبة الى " محمد بوضياف() يرى بان الأحداث كانت منتظرة نتيجة لتردي الوضع السياسي، الاقتصادي والاجتماعي وتهميش شرائح اجتماعية كبرى وعدم تأطيرها قصد المشاركةالسياسية .ويرى الأستاذ "علي" "الكتر" من جهته أن حوادث أكتوبر تعتبر انتفاضة وتعبر عن وعي جماعي للشعب الجزائري وان الطبقات المحرومة في المجتمع هي التي مسها بالدرجة الأولى التدهور الكبير للحياة الاجتماعية حيث كانت اكثر احساسا من غيرها بالوضعية التي آلت اليها (2) أما الدكتور جيلالي اليابس يبرز ذلك من خلال تضاعف المنازعات في أبريل 1980 أحداث تيزي وزوو ، الاسلاميون 1982 ، احداث قسنطينة وسطيف 1985-1986 ، وقد كان على النظام مواجهة هذه الاحداث التي كانت تحمل في طياتها مطالب أضحت تتضخم من يوملآخر (3) أما أحمد طالب الابراهيمي (1) فانه يرى أن احداث اكتوبر كانت نتيجة طبيعية للتخلي التدريجي عن احدى المبادئ الأساسية لثورة نوفمبر 1954 وهو مبدأ العدالة الاجتماعية الذي ميز فترة حكم الرئيس "هواري بومدين ثم تراجع تطبيقه تدريجيا في عهد الرئيس "الشاذلي بن جديد" الذي فضل اعطاء هامشا أكبر للحريات الفردية والاجتماعية على حساب العدالة الاجتماعية (1) وقدحصر الخلافات في 4 نقاط وهي :- الاختلاف حول أسلوب مواجهة الموقف في احداث اکتوبر 1988 . - الاختلاف حول طريقة اعادة العلاقات الدبلوماسية مع المغرب- اختلاف وجهات النظر حول القضية الصحراوية .- الاختلاف حول طريقة اعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر (2) .وحسب اعتقاد محمد السعيد مغزوزي فان الأسباب الحقيقية لأحداث أكتوبر تعود الى الاحباطالكبير الذي اخذ يشعر به الجزائريون وخاصة الشباب منذ سنوات ، ويؤكد الشاذلي بن جديدبان هذه الاحداث أعدت من اجل احداث تغييرات على الميثاق الوطني . الوثيقة المرجعية للنمط السياسي والاقتصادي للدولة الجزائرية وبرر لجؤه لهذا التغيير بشللالاقتصاد (**) الذي طبعه النمط الاداري لتسييره وكرس الانخفاض السريع لأسعار البترول (3) .
ومن خلال كل هذه الآراء والمواقف يمكن لنا تحديد الأسباب الأساسية المؤدية الى حوادث 5اكتوبر والتي افضت بدورها الى دخول الجزائر في عهد جديد هو عهد التعددية الحزبية (*)والسياسية في النقاط التالية :1 تمكن الحزب من فرض نفسه بشكل واضح على الساحة الجزائرية في بداية الثمانينات واصبح يسيطر على مؤسسات وهياكل الدولة والحكومة التي تحولت الى شبه جهاز تنفيذي للحزب مكلف بتطبيق توصيات مؤتمراته ودورات لجنته المركزية ومكتبه السياسي ، كما أن الحزب أصبح يسعى للسيطرة فعليا على المجتمع من خلال منظماته الجماهيرية ومقابل كل هذا بدأت بعض مظاهر التذمر والرفض في الظهور داخل المجتمع وتطالب بالمزيد من التحرروالتغيير وتحسين ظروف المعيشة ومن أبرز هذه الحركات ما حدث في قسنطينة سنة 1986والتي يقول عنها السيد محمد سعيدي" بان هذه الاحداث كشفت عن الخلل الذي كانفي النظام بمكوناته المختلفة في الجهاز السياسي والتنظيمات (1) فقد انتقد محمد سعيدي الطريقة التي تعامل بها النظام مع هذه الاحداث وهنا يمكن القول أن هذه الأزمة وغيرها من الحوادث الأخرى التي كان النظام يتعامل معها بروح اللامبالاة هي التي أدت الى احداث 5 اكتوبر (1988) ومن اخطر هذه الأزمات الأزمة الاقتصادية التي بدأت تضرب الجزائر مع منتصف الثمانينات حيث تدهورت الاوضاع الاقتصادية بشكل ملحوظ وخاصة مع انهيار اسعار البترول ، كما ان بعض مؤيدي السيطرة الحزبية بدأت في (3) التذمرمن هذه السيطرة التي وقفت في وجه مشاريعها الاقتصادية والسياسية . 2 التطبيق السيء للاشتراكية ، وهو ما أفرز فئة جديدة من البرجوازية هذه الفئة التي لم تتمكنمن التشكل في اي بلد اختار التسيير الاشتراكي في مدة زمنية قصيرة مثلما حدث في الجزائر ،ولو كان النظام الحاكم في الجزائر مناهضا حقا لهذه الفئة وراغبا حقا في تحقيق النظامالاشتراكي ، فالاشتراكية تبنتها القيادة السياسية ولم تتحمل الجماهير مسؤولية تحقيقها . 3 غياب الديموقراطية في التسيير الداخلي لأجهزة الدولة والحزب قبل 1988 وعدم وجود حوار حقيقي بين القاعدة ومختلف المسؤولين في جميع المستويات ورفض كل نقد بناء والاختيار السيء للرجال ، مما سمح بظهور جو متعفن وفقدان الثقة بين الحاكم والمحكوم الى جانب أزمة الثقة هناك أزمة اخلاقية وهذه القيم ذهبت وحل محلها نظام مبني على اعطاء الامتيازات والمحسوبية والرشوة وتكوين الثروة غير الشرعية واتباع سياسة البذخ التي تستفزالجماهير .4/ الصدمة النفطية الناجمة عن الهبوط الحاد لأسعار النفط منذ 1986 والتي كشفت عن مدىحساسية النظام الاقتصادي الجزائري للتغيرات الحادثة في السوق العالمية وهذا سبب كون الاقتصاد الجزائري اساسا اقتصاد (1) ريعي (1) بالإضافة الى أن سبب انتقال لتعددية الحزبية هو الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية أنذاك الشاذلي بن جديد في 19 سبتمبر 1988 الذي وجه فيه انتقادات لاذعة للحزب والحكومة بسبب تقصيرها في أداء مهامها لمعالجة المشاكل التي يتخبط فيها لمجتمع وأيضا حالة التسيب التي طبعت تصرفات الاطارات والأفراد (2) المجتمع مؤكدا الاستمرار في نتهاج سياسة التقشف لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الدولةالجزائرية لاسيما بعد انخفاض سعر البترول، ادى الى حدوث أحداث 5 اکتوبر 1988 او ما اطلق عليها بانتفاضة الخبز" في العاصمة وبعض نواحي الوطن التي ادت الى خسائر بشرية ومادية ، واعلن حينها رئيس الجمهورية عن حالة الحصار ، وفي 10 اكتوبر 1988 والقى خطابا منددا باحتكار السلطة متأسفا عما حدث ووعد بالقيام بإصلاحات دستورية ، وفي 24 اكتوبر 1988 أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا حدد العناصر الرئيسية التي سيتضمنها مشروع الاصلاحات السياسية الذي سيناقش في القاعدة وتم القيام بتعديل دستوري جزئي في استفتاء 3 نوفمبر 1988 واهم ما جاء فيه فصل الحزب عن الحكومة واعتبارها مسؤولة فقط أمام البرلمان ولحق ذلك تعديل شامل تمثل (1) في الاستفتاء على دستور 23 فيفري 1989الذي جاء كنتيجة لظروف غير عادية عرفها المجتمع والنظام السياسي الجزائري ولتلبية مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية جسدتها أحداث أكتوبر 1988 ليعبر عن نظام حكم جديد قاعدتهسيادة الشعب ويهدف الى وضع أسس نظام ديموقراطي يقوم في التعددية السياسية ومجتمعمدني يشارك في اتخاذ القرار السياسي (2) حيث صوت الشعب الجزائرى لصالح الدستور الجديد والذي أقر مبدأ التعددية السياسية والاعلامية (3) ، وفور المصادقة عليه بدأت رموز المعارضة من الداخل والخارج في انشاء الاحزاب السياسية حتى تجاوزت 60 هيئة في مدة زمنيةوجيزة (4).فقد اعتمد المشروع الدستوري على مصادر أساسية أستند عليها دستور عام 1989 كما أقرمبادئ يقوم عليها النظام السياسي الجزائري. واذا كان دستور عام 1989 قد تبنى عددا من أحكام دستور عام 1976 ذات الطابع القانوني التنظيمي من دون الايديولوجيا ولاسيما في مجال تنظيم السلطات ، فان أهم المصادر التي شكلت مضمون دستور عام 1989 قد تمثلت في الشرعية الدستورية والإسلام ويمكن القول بان الشرعية الدستورية قد حلت محل الشرعية الثورية التي اعتمد عليها النظامالسياسي طوال الفترة السابقة لعام 1989. واذا كانت القاعدة في الجزائر مبنية على منح الأولوية للشرعية الثورية فان دستور 1989 استبدل او حاول ان يستبدل تلك الشرعية بشرعية أخرى تقوم على الحرية والفصل بين السلطاتوالتعددية السياسية والحزبية اضافة الى الشرعية (1)إن هناك عدة أسباب داخلية أدت بالدولة الجزائرية الى التخلي عن الأحادية الحزبية والدخولفي عهد التعددية الحزبية ومنها :طبيعة المجتمع الجزائري التعددي سواء تاريخيا ، فالتعددية ظهرت مع نشأة الحركة الوطنيةبداية القرن العشرين وتطورت معها ، كما أن مرحلة الحزب الواحد بينت وجود أحزاب وتيارات سياسية بالإضافة إلى الصراع الذي كان دائر داخل حزب الجبهة في حد ذاته (2) . * السلبيات والتجاوزات التي عرفتها الأحادية الحزبية منها احتكار السلطة وتزوير الانتخابات وتهميش الاطارات ، كما سادت البيروقراطية في الادارة وفي حزب جبهة التحرير الوطني ، مماأدى الى تباعد بين الحزب والشعب (3)فقد اعتمد هذا الدستور على مبدأ الفصل بين السلطات كرد فعل لدمج السلطات الذي أقرهدستور عام 1976. كما عمل على انشاء أجهزة للرقابة ومؤسسات استشارية الذي كان الهدف منها متابعة أعمالسلطات الدولة واحترم الدستور (1)وأيضا عمل على ابعاد الجيش عن الحياة السياسية حيث يصبح مكلفا فقط بالدفاع عن وحدة أراضي البلاد وسلامتها ، وحدد كذلك علاقة الدولة بالاقتصاد من خلال الاحكام الدستوريةالتالية (2) :1 حصر الملكية العامة وجماعتها الاقليمية في الثروات الطبيعية الحية والمرافق العمومية .2 تخلي الدستور عن احتكار الدولة للتجارة الخارجية.3 تحرير الاقتصاد من التسيير الاداري .وعمل أيضا على تبني مبدأ التعددية الحزبية فقد جاء في المادة 39 من دستور 1989 " حريات التعبير وانشاء الجمعيات والاجتماع مضمونة للمواطن " وبذلك وضع حد لنظام الحزبالواحد المعتمد منذ الاستقلالكما اقر دستور 28 فيفري 1989 في مادته 40 حق انشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

تراجع مكانة الق...

تراجع مكانة القضية الفلسطينية في السياسة الدولية فرض على الجزائر تحديات كبيرة، لكنه لم يغيّر من ثواب...

أيقونة الكوميدي...

أيقونة الكوميديا والدراما بقيمة 100 مليون دولار. قابل عادل إمام ولد عام 1940 في المنصورة، مصر، وبدأ ...

أتقدم إلى سموكم...

أتقدم إلى سموكم الكريم أنا المواطن / أسامة سلطان خلف الله الحارثي، السجل المدني رقم/١٧٣٧٣٨٣ ، بهذا ا...

[1] الحمد لله ...

[1] الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا أخذه ورسوله صلى ...

ad يترقب المقيم...

ad يترقب المقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي بدء تفعيل التأشيرة الخليجية الموحدة بعد مرور أكثر من ع...

Bullying is a r...

Bullying is a repeated aggressive behavior that involves an imbalance of power between the bully and...

فاللغة العربية ...

فاللغة العربية ليست فقط لغة المسلمين، ووسيلة لتحقيق غاية أخرى وهي تعديل سلوك التلاميذ اللغوي من خلال...

1-تعتبر أسرة مح...

1-تعتبر أسرة محمد آل علي الإبداع والإبتكار هي أول نقطة في الإنطلاق إلى التحسين في شتى المجالات حيث ق...

يعتبر فول الصوي...

يعتبر فول الصويا من المحاصيل الغذائية والصناعية الهامة على المستوى العالمي نظراً لاحتواء بذوره على ن...

Traffic Padding...

Traffic Padding: inserting some bogus data into the traffic to thwart the adversary’s attempt to use...

السلام عليكم ور...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم ذهب إلى دورة القرآن وتعلمت القرآن ثم عدت إلى منزلي ومكتبي قلي...

يجمع نظام التكا...

يجمع نظام التكاليف بجوار المحاسبة على الفعليات،التوفيق في ظروف حدوثها وأسبابها ومدى الكفاءة في التنف...