لخّصلي

لا يمكن للجماعات التي تطمح الى تعميق مداركها العقليه وسموا احاسيسها الانسانيه ونضج قيمها المجتمعيه او لشعوب التي تنهد نحو مستقبل راقٍ قابل للتطور والمعاصره ان ستغني عن تفاعل الحياه مع الاخرين فالتفاعل الحياتي في هذا المجال ضروره انسانيه لا يمكن تخلي عنها او تجاهلها. انه يتم عادة عبر طرق عديده ووسائل متنوعه منها ما يقود الى خير الانسانيه وتقدمها ومنها ما يقود الى شر يلحق بالمسيره الانسانيه وربما يؤدي الى تراجعها وتخلفها. فالتفاعل الحياتي بين الناس من خلال الاطلاع على النتاج الادبي الراقي للامم يؤدي الى تفاعل ثقافي من شانه ان يساعد على تحقيق خير هذه الجماعات وشعوب عبر اشتراكها في اختبار قيم ومعارف واحاسيس هي اهل لقيام بناء وحضاري مزدهر. اما التفاعل الذي يتم بين الناس عبر القتل والتدمير وما يلحق بهما من نتائج مفجعه ونظم عيش بعيده عن الشعور الانساني الراقي والرؤيه المجتمعيه الساميه فلا يقود الا الى خراب في الذات الانسانية وتهديم لكثير من القيام الخيرة. يعتبر التفاعل الثقافي بين الشعوب اكثر مجالات التفاعل الانساني غنى ورقيا وسيعا الى اكتشاف اعماق الوجود الانساني وانفتاحا على افاق الفكر والوان الحضاره. انه المجال الذي تتلاقح عبره الافكار وتتشكل من خلاله العادات والتقاليد والقيم وتبنى بواسطته مداميك حضاريه تساعد على نهضه الانسانيه. وهو اسهام بين في ما تمارسه المجموعات الانسانيه لذاتها من مثل عليا واهداف تشارك من خلالها في تطور الفكر الانساني وتنوع مجالات ابداعه. وتقوم الاداب بدور كبير في البناء الثقافي الانساني انها تشكل منبرا فعالا في مجال التاثر والتاثير وواسطه في تطور الثقافات والحضارات مهما بعدت بينها الحدود او فرقت الحواجز اما العناصر المكونه لهذا دور فتقوم على اساس ثلاثه: اولها هو ما تستطيع الافصاح عنه من كوامن النفس الانسانيه وثانيها هو ما تمتلكه من قدرات على التعبير الموحي والمؤثر وثالثها هو ما تقدمه من توضيح لاراء والمفاهيم والقيم التي يعتمد عليها الانسان في عيشه ويؤسس من خلالها لعلاقاته مع الاخر. والادب العربي بفنونه وانواعه نتاج الحياه العربيه وامراه عيش ناسها ومجال تفاعلهم مع الاخرين وهو صوره من صور ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم واطلالاتهم على ذواتهم وعلى العالم ومدخل يعبره ابنائه ابناء الثقافات الاخرى في سبيل التفاعل معهم ومساهمه واياهم في بناء مداميك جديده لمستقبل الحضاره الانسانيه الراهنه. فالادو العربي مثله مثل اي ادب انساني يعبر عن مجموعه بشريه مميزه لها تاريخها العرق وحاضرها طموح الى مستقبل افضل لابد له من ان يساهم على قدر ما يحمله من مؤهلات ذاتيه وقدرات انفتاحيه في عمليه التفاعل الثقافي بين الشعوب متاثرا او مؤثرا. وليس هذه الحضاره الانسانيه ثمره جهد معزول لشاب من شعوبها او لمجموعه من مجموعاتها انها عصاره ما عانته تلك المجموعات وشعوب جميعا عبر تفاعل ثقافي مشترك وحر. ان الاداب تؤكد في جوهرها حقيقه هويتها الذاتيه وترحب من جهه اخرى بتفاعلها الخلاق مع الثقافات الاخرى وتناغمها معها واشتراكها واياها في صناعه الافق الحياتي لانساني العام للبشريه برمتها ضمن رحاب التفاعل حياتي الشامل.