لخّصلي

لدي طبع في شخصيتي لا اعرف مصدرها تحديدا، هل هي فطريه ام مكتبسة. لدي طاقة تنافسية عالية، التنافس مع الاخرين يجعلني اقوى وافضل واسرع واكثر اصرارا.

لدي هدف دائم ان اكون في المركز الاول، فلا تسعى الا اليه، حتى لو لم ادركه. لا اعرف هل الخيل وسرعتها وسباقها التي عشقها منذ صغري اكتسبتني هذه الصفه، ام ان هذه الصفه الفطريه هي التي جعلتني اكسب سباقات الخيل واكسب الكثير من سباقات الحياه؟

لعلها الاقدار ، ان نكون جزءا من تكوين دوله لجعلها في المركز الاول، اوان تغرس هذه الدول في تكويننا حب المركز الاول حتى. قبل نشأتها.
منذ التحاقي بسريه كوهيما في كليه مونز للضباط، كان لدي هدف؛ كنت اريد المركز الاول على دفعني. كنت اريد ان اشوف بلادي بنجاحي وتفوقي.

مع بدايه التدريبات العسكريه في منطقه دارتمور، سادت اجواء من الرهبه والفزع ثكنات كوهيما، بسبب صعوبة التدريبات وقسوة الظروف الطبيعية التي كنا نواجهها.

كانت لدي افضلية في هذا الموضوع، فأنا متعود على اجواء الصحراء والمبيت فيها والتعامل مع اخطارها ومعرفه اتجاهاتها والسير فيها. وكان الكثير من الرجال الذين يتيهون في الصحراء يلقون حتفهم، اذا لا توجد معالم بارزة يستدلون بها على الطريق، ومع ذلك لم اكن اخاف من الصحراء. انا في انجلترا فالموضوع اسهل من ذلك، وخاصة مع عيني البدوية التي خبرت تضاريس الصحراء الدقيقة، فكيف باراضيهم التي تتمتع بكثره المعالم والعلامات البارزة!

بدانا التدريب، وهو عبارة عن اسابيع نقضيها لوحدنا في الغابات والوديان. ورغم قسوة التدريبات، وكثرة الاصابات، وصعوبة الخرائط ووسائل الاتصالات العسكريه، كنت حريصا على ان اكمل تدريبي بكل احترافيه للوصول الى هدفي.

اشتمل تدريبي في كليه مونز على كافة انواع الخطط العسكرية، واستخدام مختلف الاسلحة، ومعرفة ادوات الاتصالات واساليب الحرب الحديثة وخططها وغيرها الكثير. وكنت حريصا في كل ذلك على تقديم افضل ما عندي وابتساماته في كافة انواع التدريبات البدنية و الذهنية والعسكرية.وكنت قريبا من الحصول على العلامات الكاملة، حتى حدث.ما لم يكن في الحسبان.

قبل فتره قصيره من التمرين الاخير في منطقة بريكون بيكونز، خضعت كلية مونز للتفتيش. تولين مهمة قيادة سريتي ووقفت في المقدمة.وصل عميد الكلية، وكان الوكيل قد حسم امره بأنني اقف خطأ على يسار سريتي بمسافه خطوتين، اما انا فكنت مقتنعا بانني لم افعل ذلك ولن ارتكب مثل هذا الخطأ في مرحلة متقدمه من التدريب كهذه. وبينما كنا ننتظر ووجهت نظري للاسفل وركزت على علامات الخطوط المرسومة حيث اقف، واذ بالوكيل يصيح بصوت مدو: الظابط راشد! خطوتان الى اليسار!

لم يكن ما قمت به هو رد فعل لمجرد ردات الفعل، بل كان ردا يستند الى مبدأ العدل؛ فانا لم اخطئ، ولا اتقبل ان اتعرض للظلم او الاهانه انا رجالي.

صحت بصوت عل جدا: كوهييييما! خطوتان الى اليمين! تحركت السرية بكاملها خطوتين الى اليمين واصبحنا في صف واحد ومستقيم. بدت علامات الغضب واضحه على الوكيل، بدأت ادرك ان حلمي في التفوق على دفعتي قد يكون تلاشى بفعل عملي الذي لم اندم عليه، وكنت متأكدا ان الظباط الوقفين خلفي كانو يفكرون برهانات حول العقوبة التي ستقع بي.

ولكن الموازين انقلبت في فترة الغداء بحمد الله. كان عميد الكلية في غاية الاطراء، واشد بما قمت به وبالمهارات القيادية الواضحة التي اتمتع بها والتي كان ل مونز دور كبير فيها. ويبدو ان هذا الجزء بالتحديد راق للوكيل ودفعه الى عدم اتخاذ اي اجراء تأديبي في حقي او في حق علاماتي.

وفي حادثه اخرى وقبل اسبوعين من التخرج، تم ارسالنا الى مخيم المعركه في ويلز. كانت الاختبارات اقسى والتدريبات اشد. بذلك كاًنا في وسعي خلال الايام الاثني عشر تلك املا في تعويض ذلك، ووظفت كل مهاراتي وخبراتي في منطقة ويلش هيلز. املا الا تنخفض علاماتي.

في 18 اكتوبر 1968، حضر والدي موكب التخرج، وعندما ذهب لمقابلة الكونيل بروكس، مسؤول الكلية، اخبره الكونيل بأن علاماتي كلها كانت مرتفعة في كافة انواع التدريبات.

نظر الي والدي وعيناه تشعان بالفخر، وكأنما تضيئان كم داخل روحه.شعرت بأن الزمن قد توقف وهو ينظر الي، وشعرت بأنني قدمت اليه اعظم هدية من خلال تلك السنوات الصعبة قبل الاتحاد.

همست في اذنه بأنني سأكون بجانبه اثناء الاحتفال كي اترجم له، قال لي: لا يا محمد، سأكون انا بجانبك اليوم، وستكون انت بجانبي في دبي، امامنا ثلاث سنوات لتجهيز جيش قبل انسحاب بريطانيا، وامامي قائد عسكري احترمه، واثق به لتسليمه هذه المسؤلية