لخّصلي

يعتبر تغ ّير المناخ من بين أكثر التحديات التي تواجه هذا القرن منذ بدايته. وليس هنالك بلد
متمتع بالحصانة ضد هذا التحدي. ولا يمكن لأي بلد بمفرده التص ّدي للتحديات المترابطة التي يثيرهاتغيرالمناخ،شامل ًة:اتخاذقراراتسياسيةمثيرةللجدل،وتغييرتكنولوجيبالغ،وعواقب
عالمية واسعة النطاق. مع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، يظهر تح ّول في أنماط هطول الأمطار ويزداد حدوث وقائع
شديدة الح ّدة، مثل: انحباس الأمطار، والفيضانات، وازدياد تواتر وقوع حرائق الغابات. كما سيفقد الملايين ممن يعيشون في المناطق الساحلية المكتظة بالسكان وفي الدول الجزيرية مساكنهم مع ارتفاع مستوى سطح البحر. ويواجه الفقراء في أفريقيا وآسيا وغيرهما من المناطق آفاق: إخفاقات المحاصيل وما ينجم عن ذلك من مآسي، وانخفاض إنتاجية قطاعات الزراعة، وازدياد الجوع
وسوء التغذية والوقوع فريسة للمرض. وبما أن مجموعة البنك الدولي هي مؤسسة متعددة الأطراف تتمثل رسالتها بالتنمية
الاشتمالية والمستدامة، تقع على عاتقها مسؤولية السعي لتوضيح بعض تلك التشابكات والترابطات فيما بين ميادين التخصصات — اقتصاديات التنمية، والعلوم، والطاقة، وعلوم المنظومات البيئية، والتكنولوجيا، والتمويل، وفعالية الأنظمة الدولية والحوكمة. وتواجه مجموعة البنك الدولي — والدول الأعضاء البالغ عددها 186 دولة — على نحو يومي التحدي الماثل في إقامة التعاون فيما بين: دول شديدة التباين، والقطاع الخاص، ومنظمات اتمع المدني بغية تحقيق سلع النفع العام المشترك. ويسعى هذا التقرير وهو الثاني والثلاثون في سلسلة تقرير عن التنمية في العالم إلى تطبيق تلك الخبرة العملية المقترنة مع البحوث، وذلك بغية
دفع مسيرة المعرفة ُق ُدما ً بشأن التنمية في المناخ المتغ ّير. سيقع على عاتق البلدان النامية عبء معظم آثار تغ ّير المناخ، حتى في أثناء بذلها الجهود
للتغلب على الفقر ودفع مسيرة النمو الاقتصادي إلى الأمام. وبالنسبة لتلك البلدان، يش ّكل تغ ّير المناخ خطرا ً ينذر بكل من: تعميق نقاط الضعف والمعاناة، والقضاء على المكاسب التي تحققت بعد عناء طويل، والتقويض الج ّدي لآفاق عملية التنمية. كما تزداد صعوبة الوفاء بالأهداف الإنمائية للألفية الجديدة — وضمان المستقبل المأمون والمستدام بعد العام 2015. وفي الوقت نفسه، يخشى العديد من البلدان النامية محدودية دعوتها الحاسمة الأهمية لتطوير قطاعات الطاقة أو وضع قواعد وأسس جديدة يمكن أن تخنق العديد من احتياجاتها — بدءا ً
بالبنية الأساسية وانتهاء بالعمل الح ّر. يتطلب التصدي لتحدي تغير المناخ وهو تحد هائل ومتعدد الأبعاد إبداعا ً وتعاونا ً غير عاديين.
فالعالم "الذي ي ُعنى بالمناخ" ممكن في عصرنا، ومع ذلك فإن تحقيق مثل ذلك التغيير يستدعي — حسبما يقول هذا التقرير — العمل الآن ومعا ً وعلى نحو مختلف.
يجب علينا العمل الآن، لأن ما نقوم به اليوم يحدد في آن واحد مناخ الغد والخيارات التي تق ّرر شكل مستقبلنا. فنحن اليوم ن ُصدر الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تحتجز الحرارة في الغلاف الجوي لمدة عقود وحتى قرون من السنوات. ونقوم ببناء: محطات توليد كهرباء، وسدود تخزينية، ومساكن، وأنظمة وشبكات نقل ومواصلات، ومدن من المرجح أن تدوم خمسين سنة أو أكثر. علما ً بأن التكنولوجيات المبتكرة وأنواع المحاصيل التي نقوم بتجريبها حاليا ً يمكن أن تحدد شكل مصادر الطاقة والمواد الغذائية اللازمة للوفاء باحتياجات 3 مليارات شخص آخر بحلول
العام 2050.