لخّصلي

وعلى الرغم من كون الحركة البروتستانتية حركة دينية ٠٤ الله سبحانه وتعالى هو الذي يحدد من هم الاغنياء ومن هم الفقراء والاغنياء هم المقربون الى الله طالما حصلوا على ثرواتهم باعتماد اساليب الاقتصاد والتقشف واستثمروا أموالهم في المشاريع الاقتصادية التي ينتفع منها المجتمع قاطبة تعتقد البروتستانتية - الكالفينية بالمباديء التالية : . رنين نها مر هي اليد ــل ه. الزهد والعبادة والتصوف انما هي ممارسات لا ترقى الى منزلة السلوك الاقتصادي العقلاني الذي يعتمده الفرد في حياته اليومية من اجل مصلحته ومصلحة الجميع (۱۸) . يعتقد ماكس فيبر بان المباديء والافكار البروتستانتية . ولم يكتف بدراسة الجذور الاجتماعية للرأسمالية فقط وهي البروتستانتية - الكالفينية ، سيطرة القطاع الخاص على وسائل الانتاج لاسيما رأس المال (۲۰) . غاية النشاط الاقتصادي هي الحصول على أكبر كمية من الربح (۲۱) . اما الآثار الاجتماعية التي تمخضت عنها الرأسمالية فيمكن اجمالها بالنقاط والطبقة البرجوازية التي تمتلك وسائل الانتاج الحديث والخبرات الصناعية والادارية والتنظيمية، واخيرا الطبقة العمالية الكادحة التي تمتلك الجهود البشرية الخلاقة التي تعرضها في سوق العمل لقاء أجور معينة (٢٢) . وجود الصراع الطبقي والقهر الاجتماعي والاستغلال الاقتصادي الذي يعبر عن نفسه بالكساد الاقتصادي والبطالة بين العمال والاضرابات العمالية سيطرة الطبقة الارستقراطية والرأسمالية على بنية المجتمع ومقدراته المادية والبشرية (٢٤) . تطلع السلطة الرأسمالية والبرجوازية الى الاستيطان والاستعمار والسيطرة على الشعوب الضعيفة ونهب ثرواتها المادية والبشرية وفرض واقع التجزئة والتخلف والمرض والامية والجهل عليها لكي لا تقوم لها قائمة . ويعرف البروفسور يوجين شنايدر علم الاجتماع الاقتصادي بالعلم الذي يدرس المنظمات والمؤسسات الاقتصادية دراسة اجتماعية علمية أن من اهم المنظمات الاقتصادية التي يمكن دراستها هنا في فهم واستيعاب هذا التعريف المصنع الذي هو منظمة اقتصادية اجتماعية تهتم بانتاج بضاعة اقتصادية لها اهميتها الاجتماعية والمادية (٢٥). ويعتبر المصنع من اهم المنظمات الانتاجية في المجتمع نظرا للوظائف المجتمعية ذات المضامين والاغراض الاقتصادية والحضارية التي يؤديها للمجتمع الكبير. ومثل هذه الوظائف لا تخدم المسيرة الاقتصادية ، فحسب بل تخدم ايضا وحدة الترابط المصيري بين المؤسسات البنيوية وتحقق طموحات العاملين في المصنع المادية منها وغير المادية . يكمل ادوار الآخرين فضلا عن وجود علاقات اجتماعية بين اعضائه وممارسات سلوكية تحددها النظم والمعايير الوظيفية التي يتفق عليها العاملون مهما تكن ادوارهم ومسؤولياتهم (۲۱) ، ان موضوع الدراسة الاجتماعية للمصنع يتطرق الى ثلاث نقاط اساسية هي المصنع كتنظيم اجتماعي ووحدة انتاجية والعلاقات الاجتماعية في الصناعة والعوامل الاجتماعية والحضارية التي تكمن خلف الظواهر السلبية في المنظمات الصناعية كظواهر التغيب عن العمل والتباطؤ فيه وتدني الانتاجية (٢٢) . يكون المصنع على شكل هرم تدرج عليه المراكز الوظيفية القيادية والمراكز الانتاجية القاعدية فضلا عن المراكز الوظيفية التي تحتل سفوح الهرم الا ان هناك اختلافات واضحة المعالم بين المراكز الصناعية القيادية والمراكز الصناعية القاعدية. وبجانب المراكز القيادية والقاعدية ، هناك المراكز الوسطية في المصنع كمركز العامل الاقدم والكتبة والاخصائيين. الخ. والفرق الآخر بين القيادة والقاعدة هو أن القيادة تمتلك ومسائل الانتاج بينما القاعدة لا تمتلك هذه الوسائل ومع هذا فان المشاريع الصناعية الكبيرة يمتلك رؤوس أموالها المساهمون بينما القادة والمدراء ورؤساء الاقسام يديرون هذه المشاريع ويسيطرون على أمورها الانتاجية والفنية ويتقاضون رواتب لقاء جهودهم وخبراتهم التي يقدمونها للمشاريع الصناعية التي يعملون فيها. وان هذه المراكز تعطي المجال لاصحابها بالتقدم والرقي الوظيفي فيما اذا اثبتوا كفاءتهم وقدرتهم على اداء العمل الموكل إليهم. كما أن ترقيتهم واستمرارهم في المهنة وتقيدهم بسلوك العمل يتسم بصفات معينة تختلف عن الصفات التي يتميز بها الموظفون . فالعمال عادة لا واطنة إلى مهنة عالية، ولكنهم قد ينتقلون من مهنة لاخرى تحتل ينتقلون من . من مهنة . نفس السمعة وتستلم نفس الامتيازات ، كانتقال عامل الكهرباء مثلا من مصنع تكرير النفط الى م مصنع الـ الزجاج . ويتميز المصنع بنظام السلطة الذي يعتبر بمثابة الوسيلة الشرعية التي يعتمدها المصنع لضمان تجاوب وانسجام سلوك العمال والموظفين مع اهدافه وطموحاته غير ان المهمة الرئيسية لنظام السلطة في المصنع لا تتجسد في اصدار ۲۲ هناك صيغة مهمة يستطيع المصنع من خلالها ضمان طاعة أعضائه ومنتسبيه وهذه الصيغة تظهر في خلق مراكز السلطة الشرعية التي تتولى اتخاذ الأوامر ووضعها موضع التنفيذ . توجد السلطة الشرعية في المصنع عندما يشعر الافراد الخاضعين لها بأنهم ملزمون بالانصياع لاوامرها وتنفيذ جميع متطلباتها دون قيد أو شرط ان السلطة في المنظمة الصناعية تتركز في المناصب القيادية والمسؤولة التي تتولى عمليات تنفيذ القرار وتحقيق اهداف المنظمة. وطاعة صاحب المركز القيادي تعني طاعة المركز ذاته لانه يحمل درجة من القوة والسلطة المطلوب طاعتها لغرض تمشية أمور المصنع والايفاء بالتزاماته لكن طاعة مراكز السلطة في المصنع من قبل العاملين هي اعتراف بشرعية سلطة المصنع ووجودها وعدم طاعة هذه المراكز هي تعبير عن عدم الاعتراف بالمصنع وبشرعيته في الوجود وممارسة العمل الانتاجي . ومن المزايا الأخرى التي يتسم بها المصنع الذي ينتهج مباديء البيروقراطية الصناعية اعتماده على نظام المنزلة.

من مارتن لوثر (١٤٨٣-١٥٤٦) فى المانيا وجين كالفن (١٥٠٩-١٥٦٤) فى فرنسا واستطاعا من خلالها فصل واستقلالية الكنيسة البروتستانتية عن الكنيسة الكاثوليكية في روما (١٥) . وعلى الرغم من كون الحركة البروتستانتية حركة دينية

٠٤ الله سبحانه وتعالى هو الذي يحدد من هم الاغنياء ومن هم الفقراء والاغنياء هم المقربون الى الله طالما حصلوا على ثرواتهم باعتماد اساليب الاقتصاد والتقشف واستثمروا أموالهم في المشاريع الاقتصادية التي ينتفع منها المجتمع قاطبة

واجتماعية الا ان لها توجهاتها واغراضها الاقتصادية (١٦) .

تعتقد البروتستانتية - الكالفينية بالمباديء التالية :

الاعتقاد بالله سبحانه وتعالى وبالحياة الثانية بعد الموت .

الإيمان باخلاقية المذهب البروتستانتي المسيحي .

الشخص المقرب الى الله هو العصامي الذي لا يبذر امواله ويحافظ عليها ويستثمرها في المشاريع الاقتصادية ذات النفع العام (۱۷) . .

يل لكي د اهم تصادي صادية الية . رنين نها مر هي اليد ــل

ه. الزهد والعبادة والتصوف انما هي ممارسات لا ترقى الى منزلة السلوك الاقتصادي العقلاني الذي يعتمده الفرد في حياته اليومية من اجل مصلحته ومصلحة الجميع (۱۸) .

يعتقد ماكس فيبر بان المباديء والافكار البروتستانتية . الكالفينية هي التي ادت الى ظهور وانتشار واستقرار الرأسمالية كنظام اقتصادي في اوربا خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر (۱۹) . ولم يكتف بدراسة الجذور الاجتماعية للرأسمالية فقط وهي البروتستانتية - الكالفينية ، في كتابه الاخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية الذي يعتبر مؤلفا في علم الاجتماع الاقتصادي، بل درس ايضا الآثار الاقتصادية والاجتماعية للرأسمالية كما انعكست على المجتمع الأوربي بعد القرن السابع عشر ولغاية القرن العشرين . فالرأسمالية كنظام اقتصادي قد أفرزت الآثار الاقتصادية التالية:
سيطرة القطاع الخاص على وسائل الانتاج لاسيما رأس المال (۲۰) .

اكتساب الثروة والمواد الأولية عن طريق عمليات السوق الحرة ..

بيع وشراء العمل في السوق الحرة .

غاية النشاط الاقتصادي هي الحصول على أكبر كمية من الربح (۲۱) .

اما الآثار الاجتماعية التي تمخضت عنها الرأسمالية فيمكن اجمالها بالنقاط

ظهور ثلاث طبقات اجتماعية هي الطبقة الارستقراطية التي تمتلك الاراضي الواسعة والاقطاعيات الوراثية والالقاب العائلية المتميزة، والطبقة البرجوازية التي تمتلك وسائل الانتاج الحديث والخبرات الصناعية والادارية والتنظيمية، واخيرا الطبقة العمالية الكادحة التي تمتلك الجهود البشرية الخلاقة التي تعرضها في سوق العمل لقاء أجور معينة (٢٢) . وجود الصراع الطبقي والقهر الاجتماعي والاستغلال الاقتصادي الذي يعبر عن نفسه بالكساد الاقتصادي والبطالة بين العمال والاضرابات العمالية

وارتفاع الاسعار والازمات السياسية والحروب المدمرة (٢٣) .

سيطرة الطبقة الارستقراطية والرأسمالية على بنية المجتمع ومقدراته المادية والبشرية (٢٤) .

تطلع السلطة الرأسمالية والبرجوازية الى الاستيطان والاستعمار والسيطرة على الشعوب الضعيفة ونهب ثرواتها المادية والبشرية وفرض واقع التجزئة والتخلف والمرض والامية والجهل عليها لكي لا تقوم لها قائمة . ويعرف البروفسور يوجين شنايدر علم الاجتماع الاقتصادي بالعلم الذي يدرس المنظمات والمؤسسات الاقتصادية دراسة اجتماعية علمية أن من اهم المنظمات الاقتصادية التي يمكن دراستها هنا في فهم واستيعاب هذا التعريف المصنع الذي هو منظمة اقتصادية اجتماعية تهتم بانتاج بضاعة اقتصادية لها اهميتها الاجتماعية والمادية (٢٥). ويعتبر المصنع من اهم المنظمات الانتاجية في

المجتمع نظرا للوظائف المجتمعية ذات المضامين والاغراض الاقتصادية والحضارية التي يؤديها للمجتمع الكبير. ومثل هذه الوظائف لا تخدم المسيرة الاقتصادية ، فحسب بل تخدم ايضا وحدة الترابط المصيري بين المؤسسات البنيوية

وتحقق طموحات العاملين في المصنع المادية منها وغير المادية . يمكننا اعتبار المصنع كمجتمع مصغر، ذلك لانه يشغل مساحة جغرافية معينة ويتكون من مجموعة افراد كل واحد منهم يشغل دورا اجتماعيا وظيفيا متميزا

يكمل ادوار الآخرين فضلا عن وجود علاقات اجتماعية بين اعضائه وممارسات سلوكية تحددها النظم والمعايير الوظيفية التي يتفق عليها العاملون مهما تكن ادوارهم ومسؤولياتهم (۲۱) ، ناهيك عن نظم السلطة التي تحدد علاقات الأمرين بالمأمورين ونظم المنزلة والسمعة الاجتماعية التي تعين المكافآت والامتيازات المادية والمعنوية التي يتمتع بها عمال واداريو ومدراء المصانع علما بان نظم السلطة والمنزلة الاجتماعية التي يعتمدها المصنع ترتكز على ماهية وطبيعة الادوار الوظيفية الموجودة فيه.

ان موضوع الدراسة الاجتماعية للمصنع يتطرق الى ثلاث نقاط اساسية هي المصنع كتنظيم اجتماعي ووحدة انتاجية والعلاقات الاجتماعية في الصناعة والعوامل الاجتماعية والحضارية التي تكمن خلف الظواهر السلبية في المنظمات الصناعية كظواهر التغيب عن العمل والتباطؤ فيه وتدني الانتاجية (٢٢) . ولا تستطيع هنا دراسة هذه الموضوعات بالتفصيل لانها تقع خارج نطاق التعريف غير اننا يجب دراسة التحليل البنيوي للمصنع كنظام اجتماعي ووحدة التاجية .

يكون المصنع على شكل هرم تدرج عليه المراكز الوظيفية القيادية والمراكز الانتاجية القاعدية فضلا عن المراكز الوظيفية التي تحتل سفوح الهرم الا ان هناك اختلافات واضحة المعالم بين المراكز الصناعية القيادية والمراكز الصناعية القاعدية. فالمراكز الصناعية القيادية يحتلها ارباب العمل او الادارة الصناعية، بينما المراكز الصناعية القاعدية يحتلها العمال (۲۸) ، وبجانب المراكز
القيادية والقاعدية ، هناك المراكز الوسطية في المصنع كمركز العامل الاقدم والكتبة والاخصائيين.... الخ. والفرق الآخر بين القيادة والقاعدة هو أن القيادة تمتلك ومسائل الانتاج بينما القاعدة لا تمتلك هذه الوسائل ومع هذا فان المشاريع الصناعية الكبيرة يمتلك رؤوس أموالها المساهمون بينما القادة والمدراء ورؤساء الاقسام يديرون هذه المشاريع ويسيطرون على أمورها الانتاجية والفنية ويتقاضون رواتب لقاء جهودهم وخبراتهم التي يقدمونها للمشاريع الصناعية التي يعملون فيها. كما أن هناك بعض المشاريع الصناعية التي يسهم العمال في ادارتها وامتلاك بعض معداتها الانتاجية ومواردها الأولية ويشاركون في ارباحها ويتحملون خسارتها مارتها اذا تعرضت للخسارة (٢) .

وهناك ثم ثمة فروق أساسية أخرى بين الادارة والعمال اهمها أن المراكز الادارية على اختلاف درجاتها واهميتها تحتاج إلى قدر معين من الخبرة والكفاءة والتحصيل العلمي، وان هذه المراكز تعطي المجال لاصحابها بالتقدم والرقي الوظيفي فيما اذا اثبتوا كفاءتهم وقدرتهم على اداء العمل الموكل إليهم. كما تمنحهم حق الاستمرار بالوظيفة واستلام المكافآت المادية والمعنوية التي يستحقونها (٣٠) .

لما بالنسبة للعمال فطبيعة مهنتهم تختلف عن طبيعة مهنة المدراء والموظفين ، فهم لا يحملون المؤهلات العلمية والاخصائية التي تحتاج إلى دراسة طويلة وتدريب متقن، كما أن ترقيتهم واستمرارهم في المهنة وتقيدهم بسلوك العمل يتسم بصفات معينة تختلف عن الصفات التي يتميز بها الموظفون . فالعمال عادة لا واطنة إلى مهنة عالية، ولكنهم قد ينتقلون من مهنة لاخرى تحتل ينتقلون من . من مهنة . نفس السمعة وتستلم نفس الامتيازات ، كانتقال عامل الكهرباء مثلا من مصنع تكرير

النفط الى م

مصنع الـ الزجاج .

ويتميز المصنع بنظام السلطة الذي يعتبر بمثابة الوسيلة الشرعية التي يعتمدها المصنع لضمان تجاوب وانسجام سلوك العمال والموظفين مع اهدافه وطموحاته غير ان المهمة الرئيسية لنظام السلطة في المصنع لا تتجسد في اصدار

۲۲

الايعازات والأوامر بقدر ما تتجسد في ضمان طاعة الايعازات والأوامر الصادرة من المراكز القيادية في المنظمة الصناعية (٢١) .

هناك صيغة مهمة يستطيع المصنع من خلالها ضمان طاعة أعضائه ومنتسبيه وهذه الصيغة تظهر في خلق مراكز السلطة الشرعية التي تتولى اتخاذ الأوامر ووضعها موضع التنفيذ . توجد السلطة الشرعية في المصنع عندما يشعر

الافراد الخاضعين لها بأنهم ملزمون بالانصياع لاوامرها وتنفيذ جميع متطلباتها دون قيد أو شرط ان السلطة في المنظمة الصناعية تتركز في المناصب القيادية والمسؤولة التي تتولى عمليات تنفيذ القرار وتحقيق اهداف المنظمة. وطاعة صاحب المركز القيادي تعني طاعة المركز ذاته لانه يحمل درجة من القوة والسلطة المطلوب طاعتها لغرض تمشية أمور المصنع والايفاء بالتزاماته لكن طاعة مراكز السلطة في المصنع من قبل العاملين هي اعتراف بشرعية سلطة المصنع ووجودها وعدم طاعة هذه المراكز هي تعبير عن عدم الاعتراف بالمصنع وبشرعيته في

الوجود وممارسة العمل الانتاجي .

ومن المزايا الأخرى التي يتسم بها المصنع الذي ينتهج مباديء البيروقراطية الصناعية اعتماده على نظام المنزلة. وبالمنزلة نعني السمعة والشرف والاحترام الذي يعطي للمركز الوظيفي في المنظمة الاجتماعية . اما بنظام المنزلة فنعني ميل الادوار الى التدرج الوظيفي بناء على مقدار الكمية النسبية التي تتمتع بها من السمعة والجاه (۳۲) .

هناك عدة انظمة مختلفة من المنزلة تعمل في المنظمة الصناعية بعضها رسمي ومعترف به وبعضها الآخر غير رسمي فنظام المنزلة الرسمية يتماشى مع نظام السلطة الذي يعتمده المصنع، فكلما يمتلك المركز الصناعي سلطة أكبر كلما كان محترما والعكس بالعكس اذا كان المركز لا يمتلك السلطة العالية. فالسمعة العالية يمتلكها رئيس المصنع والسمعة الاعتيادية يمتلكها العمال الذين يشغلون المراكز الانتاجية والروتينية في المصنع والنظام الآخر للمنزلة في المصنع لا يعتمد على المركز الوظيفي الذي يحتله الفرد بل يعتمد على الخبرات النادرة والمؤهلات العلمية ونوعية التدريب العلمي والتكنولوجي الذي يمتلكه العامل أو الموظف في المصنع (۳۳) فالمهندس الذي يحتل موقعا لا بأس به في نظام السلطة قد يعطي درجة متميزة من الاحترام والتقدير نظرا لمؤهلاته العلمية ودراسته الطويلة وتدريبه الفني .

لذا نستطيع القول بأن الدراسة الاجتماعية للمصنع هي من اختصاص علم الاجتماع الاقتصادي، ذلك الموضوع الذي لا يدرس المصنع كمنظمة انتاجية فحسب بل يدرسه كمنظمة اجتماعية ايضا والدراسة الاجتماعية للمصنع تتطلب من العالم الاجتماعي الاقتصادي فحص وتحليل بناء المصنع ووظائفه وعلاقاته الانسانية الداخلية والخارجية وانظمة السلطة والمنزلة الموجودة فيه .

واخيرا عرف كيرث وملز علم الاجتماع الاقتصادي بالعلم الذي يدرس العلاقة المنطقية والجدلية بين المؤسسات الاقتصادية وبقية المؤسسات الاجتماعية كالمؤسسات الدينية والسياسية والعسكرية والعائلية والتربوية (٣٤) . وهذه العلاقة يمكن مشاهدتها من خلال قياس التغييرات التي تطرأ على المؤسسات البنيوية والناجمة عن تغيير مخطط أو تلقائي يطرأ على احدها فاي تغيير يطرأ مثلا على المؤسسات الاقتصادية كتحويل النظام الاقتصادي من نظام زراعي الى نظام صناعي مثلا لابد أن يؤثر في بقية المؤسسات اذ يحولها من نمط الى نمط آخر (٣٠). فدراسة التصنيع وتغير المجتمع العراقي للمؤلف تعتبر من الدراسات الرائدة التي توضح اثر التصنيع والتنمية الاقتصادية التي شهدها المجتمع العراقي في البناء الاجتماعي للمجتمع (۳۱) ان هذا الضرب من الدراسة يرمي إلى توضيحطبيعة العلاقة المتفاعلة بين التصنيع والتنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة وبين التصنيع والمؤسسات البنيوية التي يتكون منها المجتمع العراقي كالاسرة والدين والتربية والتعليم والاخلاق والقيم والبيئة والسكان من جهة أخرى .

لكن هذه الدراسة تعتبر التصنيع والتنمية الاقتصادية التي حدثت في العراق منذ منتصف هذا القرن من المتغيرات الاساسية التي تؤثر في عناصر البناء الاجتماعي، الا ان هذا لا يعني بأي حال من الاحوال ان المؤسسات الاجتماعية كالثقافة والاديولوجية والتربية والسياسة والاسرة والدين والاخلاق والقيم هي مؤسسات ثانوية يعتمد وجودها ونموها وتطورها على المؤسسات المادية والاقتصادية ، ذلك أن هناك علاقة متفاعلة وجدلية بين المؤسسات البنيوية التي يتكون منها المجتمع مهما تكن هذه المؤسسات مادية أو غير مادية. ومع هذا فان دراسة التصنيع وتغير المجتمع التي هي من الدراسات المهمة في علم الاجتماع الاقتصادي تستند الى النظرية التي تعتقد بان التصنيع والتنمية الاقتصادية غالبا ما تترك آثارها وانعكاساتها على مؤسسات المجتمع غير المادية التي تتكون منها القطاعات والعناصر البنيوية للمجتمع .

ان اية مؤسسة اقتصادية تتكون من الادوار القيادية والوسطية والقاعدية واداء الادوار الاقتصادية لوظائفها والايفاء بالتزاماتها تجاه المؤسسة الاقتصادية التي تعمل فيها تساعد الادارة على تحقيق اهدافها الاساسية التي تتجسد في زيادة كمية الانتاج وتحسين نوعيته والاستمرار في عمليات الانتاج وتوسيع حجم الكفاءة والطاقة الانتاجية وتحديث الاجهزة والمعدات والمكائن التكنولوجية .... الخ (٣٢) . وقيام المؤسسة الانتاجية باداء واجباتها وتنفيذ المهام الملقاة على عاتقها لابد ان يساعد المجتمع على احراز الرفاهية والتقدم الاقتصادي من خلال توفير البضاعة في الاسواق التجارية وانخفاض اسعارها وقدرة الافراد على شرائها والحصول على أكبر كمية من الاشباع منها، اضافة الى المضاعفات الايجابية التي تولدها عملية زيادة الانتاج كارتفاع معدلات دخل الفرد وزيادة حم الاستهلاك والتوفير والاستثمار اثم زيادة الصادرات على الواردات وتحسن ميزان المدفوعات الخارجية .