لخّصلي

( من الحادث الى لأعب كرة مشهور )
كانَ هُناكَ وُلَدٌ اِسْمُهُ ماجِد يُحِبُّ اللعب بكُرَةِ القَدَمِ .ذاتَ مَرَّةٍ اِلْتَقَى مَعَ أَصْدِقائِهِ فِي الحَيِّ لِيَلْعَبَ مُعهِمٌّ
لٰكِنَّ المَكانَ الَّذِي يَلْعَبُونَ فِيهِ غَيْرُ مُناسِبٍ، فالسَيّاراتُ تَمُرُّ بِهِ كُلُّ حِينٍ رَغْمَ ذٰلِكَ اِسْتَمَرُّوا في اللَعِبِ وَهُمْ فِي غايَةِ الحماس وَفَجْأَةً أَتَتْ سَيّارَةٌ مُنْدَفِعَةٌ لَمْ يَنْتَبِهْ سائِقُها لِلأَوْلادِ
حاوَلَ السائِقُ تَفادِيَ الجَمِيعِ، فمالَ بِسَيّارَتِهِ بَعِيداً قَدْرَ المُسْتَطاعِ. لٰكِنْ لِلأَسَفِ اِرْتَطَمَ طرفها بِماجِدِ فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ مَغْشِيٌّ عَلَيْهِ .
تَجَمَّعَ حَوْلَهُ الأَوْلادُ وَهُمْ خائفون .وخرج السائق من سيارته ليتقدم نَحْوَه، وَعَلَى الفَوْرِ اتصل لطَلَبَ الإِسْعاف .
فِي هٰذِهِ الأَثْناءِ أَسْرَعَ أَحَدُ اصْدِقاءه لِيُخْبِرَ أَهْلَهُ بِما جرى . سمعه أبو ماجد، ولمْ يَتَمالَكْ نَفْسَهُ، فتوجه لِلمُسْتَشْفَى
ولَمّا وَصَلَ سْأَلُ عَنْ اِبنِهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ أَحَدُ المُوَظَّفِينَ بأنه في غُرْفَةِ العَمَلِيّاتِ وَعَلَيْهِ الاِنْتِظارُ.
بَقِيَ أَبُو ماجِد فِي صالة الانتظار وَهُوَ فِي حالَةِ حُزْنٍ شَدِيدٍ وبعد ان مرت ساعة قابله الطبيب واخبره بحالة ابنه
وأنه تَعَرَّضَ لِكسر وَإِصاباتٍ فِي مُخْتَلَفِ جِسْمِهِ , وَسَيَبْقَى منوماً لفترة.
مَرَّتْ الأَيّامُ، وَتَحَسَّنُت حالته ، وَقَبْلَ أَنْ يغادر المُسْتَشْفَى حَذَّرُهُ الطَبِيبُ مِنْ أَيِّ نَشاطٍ رِياضِيٍّ.
بَعْدَ عامٍ مِن الحادِثِ قام ماجد بمراجعة المسْتَشْفَى لأجراء بعض الفحوصات فسَمِعَ مِنْ الطَبِيبِ كَلاما سارَا وَهُوَ أَنَّهُ تَشافِيَ تَماماً ويمكنهُ العَوْدَةَ إِلَى مُمارَسَةِ الرِياضَةِ
وعندما عاد لِلمَنْزِلِ، أَخْبَرَ والِدَتَهُ بِكُلِّ ما سَمِعَ مِنْ الطَبِيبِ.
في هذه الأثناء كانَ والِدُه يَحْمِلُ خَبَرا سارا لأُسْرَتِهِ فقد تم تكَلَّيفه بالعَمَلِ فِي الخارِجِ لِسَنَواتٍ، لذا عليهم مرافقته لِلإقامة هُناكَ .
وَصَلَ ماجِد وَأُسْرَتُهُ إِلَى اليابانِ البَلَدِ الَّذِي سَيَعْمَلُ فِيهِ والِدَهُ . واِلْتَحَقَ بِإِحْدَى المَدارِسِ السَعُودِيَّةِ هُناكَ
فِي يَوْمٍ من الأيام طَلَبَ ماجِدٌ مِنْ والِدِهِ الانضمام الى أحد الاندية الرِياضِيَّةِ ، فَوافَقَه دُونَ تَرَدُّدٍ.
اِسْتَمَرَّ عَلَى لعب كُرَةِ القَدَمِ بِاِحْتِرافٍ ، واصبح يلْفِتُ نَظَرَ المُدَرِّبِينَ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَهاراتٍ عالِيَةً وَلَمَساتٍ سِحْرِيَّة .
أَصْبَحَ ماجد مِنْ أَشْهَرِ المَواهِبِ الصَغِيرَةِ التي تَنْظُرُ إليها أَعْيُنَ المُشَجِّعِينَ نَظْرَةَ إِعْجابٍ.
تَمُرُّ ثلاث سنوات ، وَيَتَبَقَّى شَهْرٌ أَخِير عَلَى إِقامَةِ ماجِد وَأُسْرَتِهِ فِي اليابانِ.
وَفِي الوَقْتِ نَفْسِهِ حانَ مَوْعِدُ المُباراةِ النِهائِيَّةِ لِلدَوْرِيِّ المَحَلِّيِّ وسَيَكُونُ طَرَفُها الأَبْرَزُ فَرِيقَ ماجِدٍ الذي عَلَّقَ المُدَرِّبُ عليه الأَمَلَ لخُوضُ المُباراةَ وحسمها لصالحهم ،
في يوم حسم الدوري حضر جمهور كثير وتواجد ايضاً مسْؤُول الرِياضِة لِلمُشاهَدَةِ ولاسِيَّما أَنَّهُ قد سَمِعُ عَن ذٰلِكَ اللاعِبَ السعودي المَوْهُوبَ

اِنْطَلَقَتْ صافِرَةَ الحكْمِ لبدء المباراة ، لقد كانَ الفريق الثاني صعباً لَيْسَ بِالهَيِّنِ لِأَنَّهُ يَضُمُّ ثَلاثَةً مِنْ اللاعِبِينَ الماهِرِينَ ،لٰكِنَّ حَماسَ ماجِدٌ جَعَلَ مِنْ مَهاراتِهِ تَتَفَوَّقُ فقَدْ أَحْرَزَ ثَلاثَةَ أَهْدافٍ رائعة كانت كَفِيلَةً بِأَنْ تُنْهِيَ المُباراةِ لِصالِحِ فَرِيقِهِ.
أَعْلَنَت صافِرَةَ الحُكْمِ انتهاء المباراة وفَوْزِ فَرِيقِ ماجِدٍ .
فِي الجانِبِ الآخَرِ كان المَسْؤُول الرياضي في الوزارة يرتقب صعود ماجِد للمنصة لأنه يَحْمِلُ لَهُ مُفاجِئَةً سارَّةً يَتَمَنّاها أَيُّ مُحْتَرِفٍ أَجْنَبِيٍّ عِنْدَهُمْ وَلَمّا مَدَّ ماجِدٌ يَدَهُ لِمُصافَحَتِهِ اِسْتَوْقَفَهُ وَقالَ لَهُ : إِنَّها فُرْصَتُكَ يا ماجِد فَلا تُضَيِّعْها مِنْ يَدِكَ إِنَّنا سَنُسَلِّمُكَ جائِزَة أَفْضَلِ لاعِبٍ، وَسَنُهْدِيكَ أَيْضاً هَدِيَّةً أَثْمَنَ وَهِيَ الجِنْسِية اليابانِيَّةُ لِتَبْقَى مَعَنا هُنا كَأَيِّ مُواطِنٍ
كانَ المَسْؤُولُ يَتَحَدَّثُ إِلَيه ، وَفِي الوَقْتِ نَفْسِهِ كانَ ماجِد سارِحاً فِي أَجْمَلِ الذكريات التي أعادته إلى وطنه السَعُودِيَّةِ
فقد حَنَّ لها واشتاق وَتَمَنَّى أَنْ يَعُودَ إِلَيْها يَوْماً لِيَرُدَّ بَعْضَ الجِميلِ الَّذِي قَدَّمْتُه لَهُ طوال حياته
اِسْتِفاقُ مِنْ لَحَظاتِهِ الجَمِيلَةِ وَصَوْتُ المَسْؤُولِ يَتَكَرَّرُ يا ماجِد، يا ماجِد ما هُوَ رَدُّكَ؟
قالَ ماجِد إِنَّنِي لَنْ أَنْسَى السَنَواتِ الَّتِي قَضَيْتُها مَعَكُمْ، وَأُقَدِّمُ لَكُمْ الشُكْرَ الجَزِيلَ.
لٰكِنَّ وَطَنِي أَوْلَى بِوَفائِي وَرَدِّ الجَمِيلِ
أُعْجَبَ الحاضِرُونَ بكلامه واخلاصه لوطنه
فحيوهُ وهتفوا باسمه
ماجد
ماجد
ماجد