خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
يلخص النص حياة ابن رشد، الباحث الأندلسي، ومسيرته العلمية، بدءاً من ولادته في قرطبة سنة ٥٢٠هـ (١١٢٦م) وحتى وفاته في مراكش. يتناول النص تفاصيل دراسته للفقه المالكي والحديث، واهتمامه بعلم الكلام، بالإضافة إلى شرح أسباب محنته على يد السلطان يعقوب المنصور، والتي يُرجّح أن تكون ناتجة عن مزيج من أسباب شخصية واتهامات من خصومه من الفقهاء، بسبب اشتغاله بعلوم الأوائل والفلسفة الأرسطية. يُذكر أن هذه الحملة لم تستمر طويلاً، وعاد السلطان ليرضي عن ابن رشد. يُقدم النص كذلك سرداً مُفصّلاً لمؤلفات ابن رشد، مُصنّفة حسب نوعها (شروح، تلخيصات، جوامع، مؤلفات أصيلة) مع ذكر بعض منها باللغة العبرية أو اللاتينية، ثم ينتقل النص إلى عرض فلسفة ابن رشد، وخاصةً مشكلة العقل والنقل، مُبيّناً آراءه في الجمع بين الشريعة والفلسفة، وضرورة الاستفادة من علوم الأمم السابقة، مع التحفظ على ما يخالف الحقّ. يختتم النص بتأكيد أن ابن رشد كان من أهم شارحي أرسطو، وأن مؤلفاته الأصيلة تُعدّ ذات قيمة كبيرة.
ابن رشد
حياته *
هو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد، ويكنى أبا الوليد ويلقب بـ الحفيد تميزاً له من أبيه وجده اللذين كانا قاضيين وفقيهين مشهورين، وكان جده أبو الوليد محمد فقيها مالكياً، وقاضياً للقضاة في قرطبة، ولا يزال جزء من فتاويه محفوظاً في مخطوط بالمكتبة الوطنية في باريس، وكان أبوه - أي والد صاحبنا - قاضياً في قرطبة
ولد صاحبنا في مدينة قرطبة في سنة ٥٢٠ هـ (١١٢٦ م). ودرس علم الفقه المالكي، والحديث، واشتغل على الفقيه الحافظ أبي محمد بن رزق، واستظهر كتاب الموطأه للإمام مالك على أبيه، وأخذ يسيراً عن أبي القاسم بن بشكوال، وأبي مروان بن مرة. ودرس علم الكلام.عبد الله محمد بن إبراهيم، قاضي بجاية، وأبو الرابع الكفيف، وأبو العباس الحافظ الشاعر القرابي (١).
وقد ذهب المؤرخون في تفسير أسباب نقمة يعقوب المنصور بالله على این رشد مذاهب شتی :
٢ - كذلك يذكر عبد الواحد المراكشي (ص) ٢٢٤ ، نشرة دوزي أن
خصوم این رشد اطلعوا يعقوب المنصور بالله على عبارة كتبها ابن رشد في احد شروحه يقول فيها ان كوكب الزهرة أحد الآلهة، وفصلوا العبارة عما
سبقها، وأوهموا أن قائلها هو ابن رشد، وأنه بذلك مشرك بالله !
ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة . .. وهكذا يستمر هذا الكاتب في الارجاف والتهديد بهذه النغمة المألوفة عند متعصبي الفقهاء .
ويذكر الأنصاري نقلا عن أبي الحسن الرعيني أن من الأمور التي اخذت على ابن رشد عند هؤلاء العامة وأشباههم من الفقهاء - أنه وحين شاع في المشرق والأندلس على ألسنة المنجمة أن ربحا عاتية تهب في يوم كذا وكذا - في تلك المدة تهلك الناس، واستفاض ذلك حتى اشتد جزع الناس منها واتخذوا الغيران ( المغارات والأنفاق تحت الأرض، توقياً لهذه الريح .. ولما انتشر الحديث بها وطبق البلاد، استدعي إلى قرطبة إذ ذاك طلبتها، وفاوضهم في ذلك، وفيهم ابن رشد - وهو القاضي بقرطبة يومئذ - وابن بندود. فلما انصرفوا من عند الوالي، تكلم ابن رشد وابن بندود في شأن هذه الريح من جهة الطبيعة وتأثيرات الكواكب. قال شيخنا أبو محمد عبد الكبير : وكنت حاضراً، فقلت في أثناء المفاوضة : إن صح أمر هذه الربح، فهي ثانية الريح التي أهلك الله تعالى بها قوم عاد، إذ لم تعلم ريح بعدها يعم إهلاكها .
قال : فانبرى إلى ابن رشد، ولم يتمالك أن قال : والله، وجود قومعاد ما كان حقاً. فكيف سبب إهلاكهم !
مسقط في أيدي الحاضرين، وأكبروا هذه الزلة التي لا تصدر إلا عر صريح الكفر والتكذيب لما جاءت به آيات القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (۱).
ومعنى هذا الخبر أن ابن رشد انكر وجود قوم عاد، وأنكر تبعاً لذلك اهم هلكوا بريح عاتية، وهذا يتنافى مع ما ورد في القرآن (٢).
لكننا لا نجد مصدراً آخر ذكر هذا الخبر .
وممن جاهره بالمنافرة والمهاجرة القاضي أبو عامر يحيى بن أبي الحسين ابن ربيع وناقره جملة وعلى ذلك كان أبناء : القاضي أبو القاسم، وأبو الحسين.
ومن الناس من تعامى عن حاله، وتأوّل مرتكبه في انتحاله، واللهأعلم بما كان يسره من أعماله. وحسبنا هذا القدر.
وقد كان امتحن على ما نسب إليه. وامتحانه مشهور (۱) .
إذن الحملة على ابن رشد كانت من جانب الفقهاء ومن أنكروه من العامة - بسبب اشتغاله بعلوم الأوائل من فلسفة وفلك، واعتنائه بمؤلفات أرسطو تفسيراً وتلخيصاً. وهي ظاهرة طالما تكررت في تاريخ الإسلام سواء في المشرق والمغرب (۲) .
ه - لكن إن كان هذا يفسر موقف الفقهاء ومن ورائهم العامة، فهو لا يفسر موقف السلطان الموحد يعقوب المنصور بالله ، إذ كان هو نفسه كما رأينا من المشتغلين بعلوم الأوائل والحريصين على العناية بها والمقربين لأصحابها .
وإنما الأرجح في تفسير موقفه هو أسباب شخصية هي : ما ذكره الأنصاري أيضاً (ص ۳۳۱) عند رينان فقال : ويذكر أن من أسباب نكبته هذه اختصاصه بأبي يحيى، أخي المنصور، والي قرطبة، ثم رفعه الكلفة بينه وبين السلطان حتى كان يخاطبه بقوله: تسمع يا أخي».
محنة ابن رشد
ويظهر أن محنة ابن رشد على يد السلطان أبي يوسف يعقوب كانت محنة علنية جرت في قرطبة، واشتهر أمرها وممن رووا بعض تفاصيلها الذهبي (۳) فقال ان قوماً "ممن يعاديه بقرطبة ويدعي معه الكفاءة في البيت
والحشمة سعوا به عند أن يوسف يعقوب المنصور بالله بأن أخذوا بعض التلاخيص، فوجدوا فيه بخطه حاكياً عن بعض الفلاسفة : وقد ظهر أن الزهرة أحد الآلهة - فأوقفوا أبا يوسف على هذا فاستدعاه بمحضر من الكمار بقرطية، فقال له : أخطك هذا ؟ فأنكر. فقال : لعن الله كاتبه . وأمر الحاضرين بلعنه . ثم أمر بإخراجه مهاناً، وبإبعاده، وإبعاد من تكلم في شيء من هذه العلوم، وبالوعيد الشديد. وكتب إلى البلاد بالتقدم إلى الناس في تركها، وبإحراق كتب الفلسفة، سوى الطب والحساب والمواقيت.
وإذا كان هذا قد فعله السلطان أبو يوسف يعقوب فعلا، فلربما كان مجرد عرض هذا الكلام عليه فرصة فقط للبطش بابن رشد الأسباب شخصية هي تلك التي أوردناها منذ قليل، أو لعله فعل ذلك أيضاً ابتغاء ترمي الفقهاء والعالم في ذلك الوقت لأسباب سياسية، وكان ذلك في وقت اشتند. فيه الصراع بينه وبين الأسبان النصارى. وهي ظاهرة كثيراً ما نشاهدها في أحوال الحكام حين يشتد عليهم الأمر مع الأعداء، فيتملقون أهواء الفقهاء والعامة. وقد يؤيد هذا أن النقمة شملت غير ابن رشد، إذ شملت - كما نقل ابن أبي أصبعة عن أبي مروان الباجي ، جماعة من الأعيان أمر السلطان بتحديد إقامتهم في أماكن معينة ولأنهم مشتغلون بالحكمة وعلوم الأوائل وهؤلاء الجماعة (هم): أبو الوليد بن رشد وأبو جعفر الذهبي، والفقيه أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، قاضي بجاية (1) .
فكانت هذه إذن حملة عامة شبيهة بما فعله المنصور بن أبي عامر من
قبل (۲)
غير أن المنصور بالله لما عاد بعد ذلك إلى مراكش، وتدخل بعض الناس لصالح هذه الجماعة، وشهدوا لأبي الوليد بن رشد بغير ما نسبإليه، فعاد المنصور ورضي عن ابن رشد، واستدعاه للإحسان إليه .
متى كانت المحنة ؟ ومتى تم عفو السلطان عنه ؟
لا تحدد لنا المصادر أياً من هذين التاريخين . لكن يبدو منها أن هذه المحنة لم تستمر طويلاً .
ثم أقام ابن رشد في مراكش مقرباً من جديد إلى السلطان الذي توفي بعد ذلك في صفر سنة ٥٩٤هـ . وتوفي ابن رشد في مراكش، وتاريخ وفاته بالدقة مختلف فيه :
ا - فابن الآبار، والأنصاري يذكران أنه توفي في ٩ صفر سنة ٥٩٥هـ، ويذكر الأنصاري التاريخ الميلادي المقابل وهو ١٠ ديسمبر (1) .
ب - ويذكر الذهبي وابن الآبار أيضاً أنه توفي في نهاية سنة ٥٩٤ ، كما يذكران صفر أو ربيع الأول سنة ٥٩٤ .
لكن يبدو أن الأرجح - الأسباب ذكرناها تفصيلا في كتابنا وتاريخ الفلسفة في الإسلام» (بالفرنسية ، جـ ٢ ، ص ٧٤٣ ، باريس سنة (۱۹۷۲) - أن ابن رشد توفي في يوم الخميس ٩ صفر سنة ٥٩٥ هـ = ١٠ ديسمبر سنة (۱۱۹۸).١ - ترتيبها التاريخي
ب مؤلفاته
من حسن الحظ أن الترجمات العبرية لمؤلفات ابن رشد قد حفظت لنا في أواخرها تواريخ وأماكن تأليف بعض كتبه، مما يسمح بترتيبها تاريخياً على النحو التالي :
قبل سنة ٥٥٨هـ (١١٦٢م) : كتاب «الكليات في الطب .
سنة ٥٦٥هـ (١١٦٩م) : «تلخيص تسع مقالات من كتاب الحيوان، وذلك من الحادية عشرة إلى آخر الحيوان ) - وتم في مدينة أشبيلية .
سنة ٥٥٦هـ ( ۱١٧٠م) : تلخيص السماع الطبيعي»، «شرح كتاب البرهان - في مدينة أشبيلية .
سنة ٥٦٦هـ (١١٧١م) : شرح السماء والعالم - في أشبيلية .
سنة ٥٧٠هـ (١١٧٤م): «تلخيص كتاب الخطابة»، «تلخيص كتاب الشعر»، «تلخيص ما بعد الطبيعة - في قرطبة .
سنة ٥٧٢ هـ (١١٧٦م): تلخيص كتاب الأخلاق لأرسطو طاليس .
سنة ٥٧٤ هـ (١١٧٨م): أقسام من كتابه في «الجرم السماوي» - في مراکش .سنة ية ٥٧٥هـ (۱۱۷۹م) (منهاج الأدلة في الكشف عن عقائد الملة - في
الشيلية
ة ٨٥٨٢ـ (١١٨٦م) شرح السماع الطبيعي.
٥٨٩هـ (۱۱۹۳م) تلخيص كتاب الحميات الحالينوس
٥٩٢هـ (١١٩٥م) مسائل في المنطقة - كتبها أثناء محنته
تصنيف مؤلفاته
ويمكن تصنيف مؤلفات ابن رشد إلى :
ا تفسيرات أو شروح فيها يورد ابن رشد نص كلام أرسطو فقرة فقرة فقرة بنصها الحرفي المترجم إلى العربية، ثم يأخذ في تفسير عبارات هذه الفقرة عبارة عبارة وكلام ابن رشد متميز تماماً عن نص أرسطو
ب - تلخيصات يلخص فيها، بتوسع أحياناً، كتب أرسطو ويبدا الكلام فيها في كل فقرة بقوله قال، ثم يورد بضع كلمات من أوائل الفقرة، ويمضي بعد ذلك في التلخيص دون أن يتميز ما لأرسطو مما لابي رند. ويستطرد أحياناً، ويأتي بأمثلة من عنده، خصوصاً مما هو مستمد من التاريخ أو الأحوال السائدة في العالم الإسلامي، أو يورد أمثلة من الأدب العرب بدلاً من أمثلة أرسطو
ج جوامع صغار فيها يتحرر من نص أرسطو ويتحدث بنفسه. وهي عروض موجزة مستقلة المضمون كتاب من مؤلفات أرسطو دون تقيد
ترتيب العرض الوارد فيها .
د مؤلفات أصيلة .
ولتذكر الآن أهم هذه الأنواع، علماً بأن معظم كتب ابن رشد فقد أصله العربي، ولم يبق لنا إلا في ترجمات عبرية أو لاتينية.ان التفاسير أو الشروح
مخطوط في ليدن برقم ٢٠٧٤ وقد نشره موريس بويج في الأبوة الجزاء جدا سة ١٩٣٨ ، خدا نے ١٩٤٢ جا نے ١٩٤٩، جا (مقدمة) سنة ١٩٥٢ بيروت، المطبعة الكاثوليكية
٢- يشرح كتاب البرهان - مفقود في العربية، وموجود في الترس اللاتينية جد ٧ فينيسيا ١٥٦٠
وشرح كتاب النفس - نصفه مفقود في العربية، وموجود في الترجمة اللاتينية جدا.
وشرح السماع الطبيعي - مفقود في العربية، وموجود في التربية اللاتية حدا
الشرح السماء والعالم - مفقود في العربية، وموجود في اللاتينية
ب التلخيصات :
وتلخيص مدخل فوفوريوس - النص العربي موجود مخطوط ليدن رقم ۲۰۷۳، ومخطوط غیرانسه برقم 54 CLXXX
التلخيص كتاب المقولات - النص العربي في مخطوطي ليدن وفيرنتسه ونشر النص العربي موريس بويج، بيروت سنة ١٩٣٢ .
الفلسفة والفلاسفة عند العرب
المذكورين وتلخيص كتاب العبارة النص العربي في المخطوطين
۱۰ - تلخيص كتاب القياس - النص العربي في المخطوطين
المذكورين
۱۱ - تلخيص كتاب البرهان النص العربي في المخطوطين المذكورين.
۱۲ - وتلخيص كتاب الجدل النصر العربي في المخطوطين الله كوري
المذكورين ۱۳ - تلخيص كتاب السلطة النص العربي في المخطوطين
١٤- تلخيص كتاب الشعرة النعي الغربي في المخطوطين المذكورين
وقد نشره لأول مرة فاوستو الأربيو فيرته سنة ١٨٧٣، ونشرناه لحن ضمن كتابنا وأرسطو في الشعر وشروحه العربية في القاهرة، سنة ١٩٥٣ مع شروح مستفيضة.
١٥ وتلخيص السماع الطبيعي النص العربي في المتحف البريطاني
١٩ - وتلخيص كتاب الحس والمحسوس النص العربي في مخطوط أيا صوفيا باستنبول، برقم ۱۱۷۹، وفي المكتبة الوطنية بحروف عبرية في باريس برقم ١٠٠٩ مخطوطات عبرية.
وقد شرناه نحن في كتابتها أرسطو طالبس، وفي النفس القاهرة سنة ١٩٥٤
ج :الجوامع
۱۷ - جوامع كتب أرسطو طاليس في الطبيعيات والإلهيات.مخطوط في المكتبة الوطنية في مدريد، تحت رقم ٥٠٠٠.
وقد نشر جامع ما بعد الطبيعة في القاهرة، وفي مدريد سنة ١٩١٩ ونشرت كل هذه الجوامع في حيدر أباد، سنة ٧/١٩٤٦
د - المؤلفات الأصيلة .
للغزالي. ۱۸ - وتهافت التهافت - وهو رد على كتاب التهافت الفلاسفة
وقد نشر في القاهرة في السنوات ۱۳۰۳ ، ۱۳۱۹، ۱۳۲۰ هـ، ونشره موريس بويج في بيروت سنة ١٩٣٠..
19 - وفصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال..
نشره لأول مرة M.j. Muller في ميونيخ سنة ١٨٥٩، ثم أعيد نشره عدة مرات في القاهرة، وخير نشراته نشرة ليون جونيه الجزائر سنة ١٩٤٢ مع ترجمة فرنسية .
٢٠ - والكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الله..
نشره لأول مرة M. Maller في ميونيخ سنة ١٨٥٩، ثم أعيد نشره عدة مرات في القاهرة .
٢١ - طعيمة المسألة العلم القديم الذي ذكره أبو الوليد في فصل المقال : - ونشره ملر أيضاً.
٢٢- ومقالة في اتصال العقل بالإنسان - الأصل العربي موجود في مخطوط الاسكوريال رقم ٦٢٩
٢٣- بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه - طبع مراراً عديدة .
فلسفته
تمهيد
بعد ابن رشد في المقام الأول الشارح الأكبر لأرسطو
ومن المؤكد أنه لم يكن يعرف اليونانية، وأنه في شروحه إنما اعتمد على الترجمات العربية لمؤلفات أرسطو وشراحه اليونانيين، وهي ترجمات متفاوتة القيمة بحسب المترجمين .
وتفاسير ابن رشد تدل على قدرة عظيمة على فهم فلسفة أرسطو، فضلا عن أنه اتخذ منهجاً دقيقاً في عمله هذا :
ا - فكان يرجع إلى ترجمات متعددة، إن وجدت، ويقارن بينها .
ب - وكان يرجع إلى بعض الشروح على أرسطو، التي نقلت إلى العربية، خصوصاً ما تيسر له من تفاسير الاسكندر الأفروديسي.
ج - وقد أثبتنا في بحث القيناه في مؤتمر ابن رشد المنعقد في باريس في أواخر سبتمبر سنة ١٩٧٦ أن ما أخذه لويس فيفس Lois Vives من أغلاط تاريخية وغيرها في تفسيره لكتب أرسطو، إنما يرجع إلى أخطاء الترجمات اللاتينية لشروح ابن رشد، لا إلى ابن رشد نفسه .
لكن إذا كان فضل ابن رشد شارحاً وملخصاً لمؤلفات أرسطو فضلا عظيماً جداً، فإن المؤلفاته الأصيلة مع ذلك قيمة كبيرة .
فلنأخذ في عرض فلسفته وفقاً لهذه المؤلفات المبتكرة.
مشكلة العقل والنقل
ومن المشاكل الأساسية التي اهتم بها ابن رشد مشكلة العقل والنقل أو الفلسفة والشريعة، وما بينهما من اتصال وقد كوس این رشد لله المسألة كتابين رئيسيين:
وفصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال
٢ - الكشف عن مناهج الأدلة - في عقائد الملة
والكتاب الأول هو الأساسي في موضوعنا ها هنا
وقد حدد موضوعه این رشد فقال ان عرضه في هذا الكتاب أن يفحص وعلى جهة النظر الشرعي - هل النظر في الفلسفة وعلوم المنطق مباح بالشرع، أو محظور، أم مأمور به إما على الندب وإننا على جهه
الوجوب ) (ص (۲۷)
ومن أجل هذا يبدأ بتعريف الفلسفة فيقول انها وليست شيئاً أكثر من النظر في الموجودات، واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع ، أعني من جهة ما هي مصنوعات، فإن الموجودات إنما تدل على الصانع المعرفة صنعتها،
وواضح ما في هذا التعريف من حد وتضيق شديد الموضوع الفلسفة. وكان غرضها ليس البحث في الموجودات المعرفة حقائق الأشياء، وهو بحث ينبغي أن يطلب لذاته كما قال أرسطو في أول مقالة وألفاء الصغرى في كتاب
وما بعد الطبيعة، بل جعل ابن رشيد النظر في الموجودات وسيلة لاعتبار صانعها، وبهذا جعل الفلسفة في خدمة علم التوحيد، وواضح أيضاً أن الذي ألحاء إلى ذلك، هو الهدف الذي قصد إليه هذا الكتاب، وهو تبرير دراسة الفلسفة تجاه الطاعنين عليها من رجال الدين وإلا فإنه لم يقل ممثل هذا الرأي عند شرحه لذلك الموضع من مقالة والقاء الصغرى وعضي ابن رشد فيقول وإنه كلما كانت المعرفة بصفتها ألم، كانت المعرفة بالصانع أتم، وفي هذا رد على الفقهاء الذين يقولون انه يكفي ما تعرفه من النصوص النقلية.
تبرير النظر العقلي بالشرع
ويؤكد أن الشرع دعا إلى اعتبار الموجودات بالعقل ودعانا إلى معرفتها بالنظر العقلي، كما هو بين في غير ما آية من كتاب الله، مثل قوله تعالى : فاعتبروا يا أولي الأنصار) (سورة الحشر (۲) وقوله تعالى أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء) (سورة الأعراف (١٨٤) وهذا نص بالحث على النظر في جميع الموجودات بواسطة العقل و اعتبارها به
والاعتبار هو استنباط المجهول من المعلوم واستخراجه منه وهذا هو القياس، أو التفكير بالقياس فواجب أن تجعل نظرنا في الموجودات بالقياس العقلي (ص) (۲۸)
وأتم أنواع النظر هو المسمى بالبرهان فالشرع إذن قد حث على معرفة الله تعالى وسائر موجوداته بالبرهان ولهذا كان من الأفضل، أو الأمر الضروري، لمن أراد أن يعلم الله - تبارك وتعالى - وسائر الموجودات بالبرهان، أن يتقدم أولا فيعلم أنواع البراهين وشروطها، وبماذا يخالف القياس البرهاني القياس الحدلي والقياس الخطابي والقياس المغالطي. (ص) (۲۹) ولا بد قبل هذا أن يعرف ما هو القياس عامة، وكم أنواع وما منه قياس، وما منه ليس بقياس، وهذا بدوره يحتاج إلى معرفة أجزاء القياس أعلى المقدمات وأنواعها ، وإذن عليه بالجملة أن يدرس المنطق
وكما أن الفقيه مضطر إلى معرفة المقاييس الفقهية وأنواعها وشروطها حتى يستطيع استنباط الأحكام، كذلك على من يريد معرفة الله أن يعرف القياس العقلي، أي المنطق اعتراضات وردود
فإن اعترض معترض وقال إن هذا النوع من النظر في القياسي العقل بدعة، إذ لم يكن في الصدر الأول فإنها مرد عليه ونقول ان النظر في القياس الفقهي وأنواعه هو شيء استنبط بعد الصدر الأول، فهل هو الآخر ماعة إن هؤلاء المعترضين من الفقهاء لا يعتبرون القياس الفقهي بدعة، وإذن فعليهم الا يعتبروا النظر في القياس العقلي بدعة ذلك أن وأكثر اصحاب هذه الملة مشتون للقياس العقلي، إلا طائفة من الحشوية قليلة، وهم محجوجون بالنصوص» (ص ۳۰ - ۳۱) ويقصد بالحشوية ها هنا أصحاب المذهب الظاهري، وعلى رأسهم ابن حرم ، ممن أنكروا القياس
وإن اعترض معترض آخر فقال ان القياس العقلي من وضع قوم عبر مسلمين، قلنا أن علينا أن تستعين بمن تقدمنا من الأمم ممن درسوا القياس العقلي سواء كان ذلك الغير مشاركاً لنا، أو غير مشارك، في الملة. فإن الآلة التي نصح بها التذكية - النوع الشرعي) ليس يعتبر في صحة التذكية بها كونها آلة المشارك لنا في الملة أو غير مشارك، إذا كانت فيها شروط الصحة وأعني بـ «غير مشارك: من نظر في هذه الأشياء من القدماء قبل ملة الإسلام» (ص (۳۱)
وما دام الأمر كذلك، وكان القدماء قد نظروا وفحصوا عن المقاييس العقلية - أي المنطق - أتم فحص، فينبغي أن ترجع إلى كتبهم فتنظر فيهما قالوه من ذلك فإن كان كله صواباً، قبلناه منهم، وإن كان فيه ما ليس بصواب، بيها عليه (ص) (۳۱-۳۲).
فمن الواجب علينا إذن أن تستعين بما قاله المتقدمون في شأن المقاييس العقلية، كما نفعل ذلك في العلوم الرياضية فإنه لو فرضنا صناعة الهندسة في وقتنا هذا معدومة، وكذلك صناعة علم الهيئة، ورام إنسان واحد من تلقاء نفسه أن يدرك مقادير الأجرام السماوية وأشكالها وأبعاد بعضها عن بعض، لما أمكنه ذلك ، (ص (٣٢).
١٢٥
وهذه صناعة أصول الفقه والفقه نفسه لم يكمل النظر فيهما إلا في زمان طويل دولو رام إنسان اليوم من تلقاء نفسه أن يقف على جميع الحجج التي استنبطها النظار من أهل المذاهب في مسائل الخلاف التي وقعت المناظرة فيها بينهم في معظم بلاد الإسلام - ما عدا المغرب - لكان أهلاً أن يضحك منه، لكون ذلك ممتنعاً . وهذا أمر بين بنفسه ليس في الصنائع العلمية فقط، بل والعملية فإنه ليس منها صناعة يقدر أن ينشئها واحد بعينه. فكيف بصناعة الصنائع، وهي الحكمة ؟!
وإذا كان هذا هكذا، فقد يجب علينا - أن ألفينا، لمن تقدمنا من الأمم السالفة، نظراً في الموجودات واعتباراً لها بحسب ما اقتضته شرائط البرهان - أن تنظر في الذي قالوه من ذلك وما أثبتوه في كتبهم. فما كان منها موافقاً للحق قبلناه منهم وسررنا به، وشكرناهم عليه، وما كان منها غير موافق للحق، بيهنا عليه وحذرنا منه، وعذرناهم» (ص ۳۲ - ۳۳) .
وهذه نظرة واسعة الأفق متحررة منفتحة للأخذ بالعلوم أياً كان مصدرها، دون اعتبار الجنسية أو دين هذا المصدر، كل ما علينا هو أن تفحص عما جاءوا به فإن كان موافقاً للحق أي لما يقضي به العقل والنظر العقلي والبرهان العقلي، قبلناه وفرحنا به وشكرنا لهم صنيعهم عرفاناً منا بجميلهم، وان وجدناه غير موافق للحق ، نبهنا على ذلك، وحذرنا منه، والتمسا العذر لهم فيهما اجتهدوا فيه ولم يصيبوا الحق .
وينتهي اين رشد من هذا كله إلى تقرير أن النظر في كتب القدماء واجب بالشرع، إذ كان مغزاهم في كتبهم ومقصدهم هو المقصد الذي حثنا الشرع عليه، وأن من نهى عن النظر فيها من كان أهلا للنظر فيها - وهو الذي جمع أمرين: أحدهما ذكاء الفطرة، والثاني العدالة الشرعية والفضيلة الخلقية - فقد صد الناس عن الباب الذي دعا الشرع منه الناس إلى معرفة الله، وهو باب النظر المؤدى إلى معرفته حق المعرفة، وذلك غاية الجهل
والبعد عن الله تعالى: (ص) (۳۳).
الاعتراف بالنتائج العارضة
فإن اعترض معترض على ذلك بأن بعض الناس قد زل وغوى من إطلاعه على كتب القدماء في الفلسفة، فليس هذا بحجة وإنما ذلك حدث إما من قبل نقص فطرته، وإما من قبل سوء ترتيب نظره فيها، أو من قبل علبة شهواته عليه، أو أنه لم يجد معلما يرشده إلى فهم ما فيها، أو من قبل اجتماع هذه الأسباب فيه، أو أكثر من واحد منها. ولا ينهض ذلك مبرراً أن تمنعها عن الذي هو أهل للنظر فيها. فإن هذا النحو من الضرر الداخل من قبلها هو شيء لحقها بالعرض، لا بالذات، وليس يجب، فيما كان نافعاً بطاعه وذاته، أن يترك المكان ( سبب) مصرة موجودة فيه بالعرض. إن مثل من منع النظر في كتب الحكمة من هو أهل لها - من أجل أن قوما من أرادل الناس قد يظن بهم أنهم صلوا من قبل نظرهم فيها - مثل من منع العطشان من شرب الماء البارد العذب حتى مات من العطش) لأن قوماً شرقوا به فماتوا فإن الموت عن الماء بالشرق أمر عارض، وعن العطش (أمر) ذاتي وضروري (ص) ٣٣ - ٣٤)
وليست الفلسفة وحدها التي يقع لها هذا، بل يحدث مثله للفقه والفقهاء. فكم من فقيه كان الفقه سببا لقلة توزعه وخوضه في الدنيا بل أكثر الفقهاء كذلك نجدهم، وصناعتهم إنما تقتضي بالذات والفضيلة العملية. (ص (٣٤).
طرق التصديق متفاوتة
الشرع ؟ فإن قيل: وما الداعي إلى طريق الفلسفة، ما دام يغنينا طريق
فالجواب أن طباع الناس متفاضلة في التصديق : فمنهم من يصدق بالبرهان، ومنهم من يصدق بالأقاويل الجدلية تصديق صاحب البرهان، إذ ليس في طباعه أكثر من ذلك، ومنهم من يصدق بالأقاويل الخطابية تصديق صاحب البرهان بالأقاويل البرهانية (ص) (٣٤).
فإن قيل أن هذه الطرق قد لا تؤدي إلى نفس الرأي، كان الجواب أن والحق لا يضاد الحق، بل يوافقه ويشهد له (ص) (٣٥).
فإن وقع تعارض بين ما أدى إليه النظر البرهاني العقلي، وبين ما نطقت به الشريعة، قلنا ان الأمر لا يخلو عن خصلتين :
1 - فإما أن يكون الشرع قد سكت عنه، وإذن فلا تعارض هناك ..
وفي هذه الحالة علينا أن نؤول ما ورد به ظاهر الشرع. ومعنى التأويل هو إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية، من غير أن يحل في ذلك بعادة لسان العرب في التجوز، من تسمية الشيء شبيهه، أو بسببه، أو لاحقه، أو مقارنه، أو غير ذلك من الأشياء التي تحددت في تعريف أصناف الكلام المجازي .
وإذا كان الفقيه يفعل هذا في كثير من الأحكام الشرعية، فكم بالحري أن يفعل ذلك صاحب علم البرهان فإن الفقيه إنما عنده قياس ظني، والعارف عنده قياس يقيني .
ونحن نقطع قطعاً أن كل ما أدى إليه البرهان وخالفه ظاهر الشرع، أن ذلك الظاهر يقبل التأويل على قانون التأويل العربي. وهذه القضية لا يشك فيها مسلم، ولا يرتاب بها مؤمن، وما أعظم ازدياد اليقين بها عند من زاول هذا المعنى وجربه وقصد هذا المقصد من الجمع بين المعقول والمنقول ! والعزائي حين يعرض رأي فلاسفة الإسلام في هذه المسألة يقول ان منهم من ذهب إلى أنه (أي الله لا يعلم إلا نفسه، ومن ذهب إلى أنه يعلم خيرة وهو الذي اختاره ابن سينا فقد رغم أنه يعلم الأشياء علماً كلياً لا يدخل تحت الزمان، ولا يختلف بالماضي والمستقبل والآن ومع ذلك زعم الله لا يغرب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، إلا أنه يعلم الجزئيات ينوع كلي (١).
و ابن رشد في تهافت التهافت يرد على اعتراضات الغزالي على الفلاسفة في هذه المسألة بأن يقول ان الأصل في مشاعبة العزالي على الفلاسفة ها هنا راجع إلى تشبيهه علم الخالق سبحانه بعلم الإنسان وقياس أحد العلمين على الآخر وهذا خطأ في التشبيه، الاختلاف علم الخالق عن علم الإنسان هذا أولاً.
وثانياً من قال من الفلاسفة ان الله إنما يعلم الكليات دون الجزئيات قالب في ذلك أن العلم بالكليات عقل، أما العلم بالجزئيات أي بالأشخاص - فهو حس أو خيال وتحدد الأشخاص يوجب شيئين تغير الادراك، وتعدده أما علم الأنواع والأجناس - أي علم الكليات - فليس يوجب تغيراً، إذ علمهما ثابت
لكن ابن رشد يسلم بأن تعدد الأنواع والأجناس يوجب التعدد في العلم، ولهذا فإن المتحققين من الفلاسفة لا يضعون علمه - سبحانه وتعالى - بالموجودات : لا بكلي، ولا بجزئي. وذلك أن العلم الذي هذه الأمور لازمة له هو عقل منفعل ومعلول والعقل الأول هو فعل محض وعلة، فلا يقاس علمه على العلم الإنساني. فمن جهة ما لا يعقل غيره من حيث هو غيره، هو علم منفعل، ومن جهة ما يعقل الغير، من حيث هو ذاته، هو علم فاعل .وتلخيص مذهبهم الهم لما وقفوا بالبراهين على أنه لا يعقل إلا قاله. هذاته عقل ضرورة ولما كان العقل، بما هو ع
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
# **التعريف:** التعلم التنظيمي عملية منهجية ومستمرة تكتسب من خلالها المنظمة معارف جديدة، وتتعلم الد...
أولا شعر الحزب الزبيري بدا يتنصيب عبد الله بن الزبير نفسه خليفة على الحجاز، واستمر تسع سنوات، وانته...
ث- الصراع: يعتبر من المفاهيم الأقرب لمفهوم الأزمة، حيث أن العديد من الأزمات تنبع من صراع بين طرفين...
تعرض مواطن يدعى عادل مقلي لاعتداء عنيف من قبل عناصر مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي أمام زوجته، في محافظة...
زيادة الحوافز والدعم المالي للأسر الحاضنة لتشجيع المشاركة. تحسين تدريب ومراقبة العاملين الاجتماعيين...
Because learning changes everything.® Chapter 13 Mutations and Genetic Testing Essentials of Biology...
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر استخباراتية في الشرق الأوسط ومسؤولين إسرائيليين أن عز الدين ا...
تُعد طرائق التدريس من أهم العوامل التي تؤثر في جودة العملية التعليمية وفاعليتها. ومع تطور أساليب الت...
تعتبر بروفايلات الدول مهمة للغاية في تحسين الفهم والتواصل الثقافي والاقتصادي بين الدول، وكذلك بين ال...
هدفت هذه الدراسة إلى تحليل العلاقة بين السياحة والتنويع الاقتصادي وأثرهما المشترك على تحقيق النمو ال...
is a comprehensive document that outlines a business's goals, strategies, and operational structure....
شدد الفريق أول عبدالمجيد صقر، على أهمية التنسيق بين القوات المسلحة المصرية ونظيراتها الدولية من أجل ...