لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (93%)

(تلخيص بواسطة الذكاء الاصطناعي)

قال ابن املقفع: أما بعد، فإن لكل خملوقٍ حاجةً، ولكل حاجةٍ غايةً، ولكل غاية سبيالً.واهللا وقت لألمور أقدارها، وهيأ إىل الغايات سبلها، وسبب احلاجات ببالغها. فغايةُ الناسِ وحاجام صالح املعاشِ واملغاد، والسبيل إىل دركها العقل الصحيح.وأمارةُ صحةِ العقلِ اختيار األمورِ بالبصرِ، وتنفيذُ البصرِ بالعزمِ. األدب ينمي العقول وللعقولِ سجيات وغرائز ا تقبل األدب، وباألدبِ تنمى العقولُ وتزكو. فكما أن احلبة املدفونة يف األرضِ ال تقدر أن ختلع يبسها وتظهر قوا وتطلع فوق األرضِ بزهرا وريعها ونضرا ومنائها إال مبعونةِ املاء الذي يغور إليها يف مستودعها فيذهب عنها أذى اليبس واملوت وحيدث هلا بإذن اهللا القوة واحلياة، فكذلك سليقةُ العقلِ مكنونةٌ يف مغرزها من القلبِ:ال قوة هلا وال حياة ا وال منفعة عندها حىت يعتملها األدب الذي هو مثارها وحياا ولقاحها. وجل األدب باملنطق وجل املنطقِ بالتعلمِ. ليس منه حرف من حروف متعجمه، وال اسم من أنواعأمسائها إال وهو مروي، متعلم، مأخوذٌ عن إمام سابقٍ، من كالمٍ أو كتابٍ. وذلك دليلٌ على أنّ الناس مل يبتدعوا أصوهلا ومل يأم علمها إال من قبلِ العليمِ احلكيمِ. فإذا خرج الناس من أن يكونَ هلم عملٌ أصيلٌ وأن يقولوا قوالً بديعاً فليعلمِ الواصفونَ املخبئون أن أحدهم، وإن أحسن وأبلغ، ليس زائداً على أن يكون كصاحب فصوص وجد ياقوتاً وزبر حداً ومرجاناً، فنظمه قالئد ومسوطاً وأكاليل، ووضع كل فص موضعه، ومجع إىل كل لونٍ شبهه وما يزيده بذلك حسناً، فسمي بذلك صانعاً رفيقاً، وكصاغة الذهب والفضة، صنعوا منها ما يعجب الناس من احللي واآلنية، وكالنحل وجدت مثراتٍ أخرجها اهللا طيبةً، وسلكت سبالً جعلها اهللا ذلالً، فصار ذلك شفاءً .وطعاماً، وشراباً منسوباً إليها، مذكوراً به أمرها وصنعتها2 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعفمن جرى على لسانه كالم يستحسنه أو يستحسن منه، فال يعجنب إعجاب املخترع املبتدعِ، فإنه إمنا اجتناه كما وصفنا. االقتداء بالصالحين ومن أخذ كالماً حسناً إن غريه فتكلم به يف موضعه وعلى وجهه، فال ترين عليه يف ذلك ضؤولة.فإن من أعني على حفظِ كالمٍ املصيبني، وهدي لإلقتداء بالصاحلني، ووفق لألخذِ عنِ احلكماء، وال عليهِ أن ال يزداد، فقد بلغ الغاية، وليس بناقصهِ يف رأيه وال غامطهِ من حقه أن ال يكون هو استحدث ذلك وسبق إليه. فإمنا إحياء العقل الذي يتم به وستحكم خصالٌ سبع:اإليثار باحملبةِ، واملبالغة يف الطلب، والتثبت يف االختيارِ، واالعتياد للخريِ، وحسن الرعي، والتعهد ملا اختري واعتقد، ووضع ذلك موضعه قوالً وعمالً. أما احملبة فإا تبلغ املرء مبلغَ الفضلِ يف كل شيء من أمرِ الدنيا واآلخرة حني يؤثر مبحبته.فال يكون شيءٌ أمرأ وال أحلى عنده منه. وأما الطلب، فإن الناس ال يغنيهم حبهم ما حيبون وهو أهم ما يهوون عن طلبه وابتغائه.وال تدرك هلم بغيتهم ونفاستها يف أنفسهم، دون اجلد والعمل. وأما التثبت والتخري، فإن الطلب ال ينفع إال معه وبه.فكم من طالب رشدٍ وجده والغي معاً، فاصطفى منهما الذي منه هرب، وألغى الذي إليه سعى، فإذا كان الطالب حيوي غري ما يريد، وهو ال يشك يف الظفرِ، فما أحقه بشدةِ التبينيِ وحسنِ االبتغاء!وأما اعتقاد الشيء بعد استبانته، فهو ما يطلب من إحراز الفضل بعد معرفته. وأما احلفظُ والتعهد، فهو متام الدركِ. ألن اإلنسان موكل به النسيانُ والغفلةُ:فال بد له، إذا اجتىب صواب قولٍ أو فعلٍ من أن حيفظه عليه ذهنه ألوان حاجته. وأما البصر باملوضعِ، فإمنا تصري املنافع كلها إىل وضعِ األشياء مواضعها، وبنا إىل هذا كله حاجةٌ شديدةٌ. فإنا مل نوضع يف الدنيا موضع غىن وخفضِ ولكن مبوضعِ فاقةٍ وكدٍ، ولسنا إىل ما ميسك أرماقنا من املأكل واملشرب بأحوج منا إىل ما يشبت عقولنا من األدبِ الذي به تفاوت العقول. وليس غذاءُ الطعامِ بأسرع يف نباتِ اجلسدِ من غداء األبدٍ يف نباتِ العقلِ.ولسنا بالكد يف طلبِ املتاعِ الذي يلتمس بهِ دفع الضررِ والغلبةُ بأحق منا بالكد يف طلبِ العلمِ الذي يلتمس بهِ صالح الدينِ والدنيا. ما وضع في هذا الكتاب3 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفع وقد وضعت يف هذا الكتاب من كالم الناسِ احملفوظِ حروفاً فيها عونٌ على عمارةِ القلوبِ وصقاهلا وجتليةِ أبصارها، وإحياءٌ للتفكريِ وإقامةٌ للتدبري، ودليلٌ على حمامدِ األمور ومكارمِ األخالقِ إن شاء اهللاُ! انظر أين تضع نفسك الواصفون أكثر من العارفني، والعارفون أكثر من الفاعلني. فلينظر امرؤ أين يضع نفسه.فإن لكل امرئ مل تدخل عليه آفةً نصيباً من اللب يعيش به، ال يحب أن له به من الدنيا مثناً.وليس كل ذي نصيبٍ من اللب مبستوجبٍ أن يسمى يف ذوي األلبابِ، وال يوصف بصفام. فمن رام أن جيعل نفسه لذلك االسم والوصفِ أهالً، فليأخذ له عتاده وليعد له طول أيامه، وليؤثره على أهوائهِ.فإنه قد رام أمراً جسيماً ال يصلح على الغفلة، وال يدرك بالعجزةٍ، وال يصري على األثرةِ.وليس كسائرِ أمورِ الدنيا وسلطاا وماهلا وزينتها اليت قد يدرك منها املتواين ما يفوت الثابر، ويصيب منها العاجز ما خيطئ احلازم. جماع الصواب وجماع الخطأ وليعلم أن على العاقلِ أموراً إذا ضيعها حكم عليه عقله مبقارنة اجلهار. فعلى العاقلِ أن يعلم أن الناس مشتركونَ مستون يف احلب ملا يوافق والبغضِ ملا يؤذي، وأن هذه مرتلةٌ اتفق عليها احلمقى األكياس، مث اختلفوا بعدها يف ثالث خصالٍ هن مجاع الصوابِ ومجاع اخلطأ، وعندهن تفرقتِ العلماءُ واجلهال، واحلزمةُ والعجزةُ. الباب األول من ذلك أن العاقل ينظر فيما يؤذيه وفيما يسره، فيعلم أنّ أحق ذلك بالطلبِ، إن كان مما حيب، وأحقه باالتقاء، إن كان مما يكره، أطواله وأدومه وأبقاه، فإذا هو قد أبصر فضل اآلخرةِ على الدنيا، وفضل سرورِ املروءةِ على لذة اهلوى، وفضل الرأي اجلامعِ الذي تصلح به األنفُس واألعقاب على حاضرِ الرأي الذي يستمتع به قليالً مث يضمحل، وفضل األكالتِ على األكلة والساعات على الساعة. الباب الثاني من ذلك 4 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعأن ينظُر فيما يؤثر من ذلك، فيضع الرجاءَ واخلوف فيهِ موضعه، فال جيعل اتقاءه لغريٍ املخوفِ وال رجاءه يف غريِ املدركِ. فيتوقى. عاجلَ اللذاتِ طلباً آلجلها، وحيتملُ قريب األذى توقياً لبعيدهِ.فإذا صار إىل العاقبةِ، بدا له أن قراره كان تورطاً وأن طلبه كان تنكباً. الباب الثالث من ذلك هو تنفيذُ البصرِ بالعزمِ بعد املعرفةِ بفضل الذي هو أدوم، وبعد التثبتِ يف مواضعِ الرجاء واخلوف.فإن طالب الفضل بغري بصرٍ تائه حريانُ، ومبصر الفضلِ بغريِ عزمٍ ذو زمانةٍ حمروم. محاسبة النفس وعلى العاقل خماصمةُ نفسه وحماسبتها والقضاءُ عليها واإلثابةُ والتنكيلُ ا. أما احملاسبةُ، فيحاسبها مبا هلا، فإنه ال مال هلا إال أيامها املعدودةُ اليت ما ذهب منها مل يستخلف كما تستخلف النفقةُ، وما جعل منها يف الباطلِ مل يرجع إىل احلق، فيتنبه هلذه احملاسبةِ عند احلول إذا حال، والشهر إذا انقضى، واليوم إذا وىل، فينظر فيما أفىن من ذلك، وما كسب لنفسهِ، وما اكتسب عليها يف أمرِ الدينِ وأمرِ الدنيا.فيجمع ذلك يف كتابٍ فيه إحصاءٌ، وجد، وتذكري لألمورِ، وتبكيت للنفسِ وتذليل هلا حىت تعترف تذعن. وأما اخلصومةُ، فإن من طباعِ النفسِ اآلمرةِ بالسوء أن تدعي املعاذير فيما مضى، واألماين فيما بقي، فريد عليها معاذيرها وعللها وشبهاا. وأما القضاءُ، فإنه حيكم فيما أرادت من ذلك على السيئة بأا فاضحةٌ مرديةٌ موبقةٌ، وللحسنةِ بأا زائنةٌ منجيةٌ مرحبةٌ. وأما اإلثابةُ والتنكيلُ، فإنه يسر نفسه بتذكر تلك احلسناتِ ورجاء عواقبها وتأميلِ فضلها، ويعاقب نفسه بالتذكر للسيئاتِ والتبشع ِا واالقشعرار منها واحلزن هلا. فأفضل ذوي األلباب أشدهم لنفسه ذا أخذاً، وأقلهم عنها فيه فترةً. ذكر الموت وعلى العاقل أن يذكر املوت يف كل يومٍ وليلةٍ مراراً، ذكراً يباشر به القلوب ويقدع الطماح، فإن يف كثرةِ ذكر املوتِ عصمةً من األشرِ، وأماناً بإذن اهللا، من اهللعِ 5 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعإحصاء المساوئ وعلى العاقل أن حيصي على نفسه مساويها يف الدين ويف األخالق ويف اآلدابِ، فيجمع ذلك كله يف صدرهِ أو يف كتابٍ، مث يكثر عرضه على نفسه، ويكلفها إصالحه، ويوظف ذلك عليها توظيفاً من إصالح اخللةِ واخللتنيِ واخلاللِ يف اليومِ أو اجلمعةِ أو الشهرِ. فكلما أصلح شيئاً حماه، وكلما نظر إىل حموٍ استبشر، وكلما نظر إىل ثابتٍ اكتأب. الخصال الصالحة وعلى العاقلِ أن يتفقد حماسن الناسِ وحيفظها على نفسه، ويتعهدها بذلك مثل الذي وصفنا يف إصالح املساوي. وعلى العاقل أن ال خيادن وال يصاحب وال جياور من الناس، ما استطاع، إال ذا فضلٍ يف العلم والدينِ واألخالقِ فيأخذُ عنه، أو موافقاً له على إصالحِ ذلك فيؤيد ما عنده، وإن مل يكن له عليهِ فضلٌ. فإن اخلصال الصاحلة من الرب ال حتيا وال تنمى إال باملوافقني واملؤيدين.وليس لذي الفضلِ قريب وال محيم أقرب إليهِ ممن وافقه على صاحلِ اخلصال فزاده وثبته. ولذلك زعم بعض األولني أن صحبةَ بليدٍ نشأ مع العلماء أحب إليهم من صحبةِ لبيبٍ نشأ مع اجلهال. من نسي وتهاون خسر وعلى العاقلِ أن ال حيزن على شيءٍ فاته من الدنيا أو توىل، وأن يرتلَ ما أصابه من ذلك مث انقطع عنه مرتلةَ ما مل يصب، ويرتل ما طلب من ذلك مث مل يدركه مرتلة ما مل يطلب، وال يدع حظه من السرورِ مبا أقبل منها، وال يبلغن ذلك سكراً وال طغياناً، فإن مع السكر النسيانَ، ومع الطغيانِ التهاونَ، ومن نسي واون خسر. إيناس ذوي األلباب وعلى العاقل أن يؤنس ذوي األلباب بنفسه وجيرئهم عليها حىت يصريوا حرساً على مسعهِ وبصرهِ ورأيه، فيستنيم إىل ذلك ويرح له قلبه، ويعلم أم ال يغفلونَ عنه إذا هو غفل عن نفسه. ساعة عون على الساعات6 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعوعلى العاقل، ما مل يكن مغلوباً على نفسه، أن ال يشغله شغلٌ عن أربعِ ساعاتٍ:ساعةٍ يرفع فيها حاجته إىل ربهِ، وساعةٍ حياسب فيها نفسه، وساعةٍ يفضي فيها إىل إخوانهِ وثقاته الذين يصدقونه عن غيوبهِ ويصونوه يف أمرهِ، وساعةٍ يخلي فيها بني نفسهِ وبني لذا مما حيل وجيملُ، فإن هذه الساعةَ عونٌ على الساعات األخرِ، وإنّ استجمام القلوبِ وتوديعها زيادةُ قوةٍ هلا وفضل بلغةٍ. الرغبات الثالث وعلى العاقلِ أن ال يكونَ راغباً إال يف إحدى ثالثٍ: تزودٍ ملعادٍ، أو مرمةٍ ملعاشٍ، أو لذةٍ يف غري حمرمٍ. الناس طبقتان متباينتان وعلى العاقلِ أن جيعل الناس طبقتنيِ متباينتنيِ، ويلبس هلم لباسنيِ خمتلفنيِ، فطبقةٌ من العامة يلبس هلم لباس انقباضٍ وإجناز وحتفظٍ يف كل كلمةٍ وخطوةٍ، وطبقةٌ من اخلاصة خيلع عندهم لباس ويلبس لباس اآلنسة واللطف والبذلة واملفاوضة. وال يدخل يف هذه الطبقة إال واحداً من األلف وكلهم ذو فضلٍ يف الرأي، وثقةٍ يف املودة، وأمانةٍ يف السر، ووفاءٍ باإلخاء. الصغير يصير كبيراً وعلى العاقل أن ال يستصغر شيئاً من اخلطأ يف الرأي، والزللِ يف العلمِ، واإلغفال يف األمور، فإنه من استصغر الصغري أوشك أن جيمع إليه صغرياً وصغرياً، فإن الصغري كبري. وإمنا هي ثلم يثلمها العجز والتضييع. فإذا مل تسد أوشكت أن تتفجر مبا ال يطاق.ومل نر شيئاً قط إال قد أيت من قبلِ الصغري املتهاونِ به، قد رأينا امللك يؤتى من العدو احملتقر به، ورأينا الصحة تؤتى من الداء الذي ال حيفلُ بهِ، ورأينا األار تنبشق من اجلدول الذي يستخف بهِ. وأقل األمورِ احتماالً للضياعِ امللك، ألنه ليس شيءٌ يضيع، وإن كان صغرياً، إال اتصل بآخر يكونُ عظيماً. الرأي والهوى عدوان وعلى العاقل أن جينب عن املضي على الرأي الذي ال جيد عليه موافقاً وإن ظن أنه على اليقنيِ. وى متعاديان، وأن من شأنِ الناسِ تسويف الرأي وإسعاف اهلوى، وعلى العاقلِ أن يعرف أن الرأي واهل7 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعفيخالف ذلك ويلتمس أن ال يزال هواه مسوفاً ورأيه مسعفاً وعلى العاقل إذا اشتبه عليه أمرانِ فلم يدرِ يف أيهما الصواب أن ينظر أهوامها عنده، فيحذره. علم نفسك قبل تعليم غيرك ومن نصب نفسه للناسِ إماماً يف الدينِ، فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه وتقوميها يف السرية والطعمةِ والرأي واللفظ واألخدانِ، فيكن تعليمه بسريته أبلغَ من تعليمه بلسانهِ.فإنه كما أن كالم احلكمةِ يونق األمساع، فكذلك عملُ احلكمةِ يروق العيونَ والقلوب. ومعلم نفسه ومؤدا أحق باإلجاللِ والتفضيلِ من معلمِ الناسِ ومؤدم. أعمدة السلطان واليةُ الناسِ بالءٌ عظيم. وعلى الوايل أربع خصالٍ هي أعمدةُ السلطانِ وأركانه اليت ا يقوم وعليها يثبت: االجتهاد يف التخريِ، واملبالغةُ يف التقدمِ، والتعهد الشديد، واجلزاءُ العتيد. فأما التخري للعمالِ والوزراء فإنه نظام األمرِ ووضع مؤونةِ البعيد املنتشرِ.فإنه عسى أن يكونَ بتخريهِ رجالً واحداً قدٍ اختار ألفاً. ألنه من كان من العمالِ خياراً فسيختار كما اختري.ولعل عمالَ العاملِ وعمالَ عمالهِ يبلغونَ عدداً كثرياً، فمن تبني التخري فقد أخذ بسببٍ وثيقٍ، ومن أسس أمره على غريِ ذلك مل جيدِ لبنائه قواماً. وأما التقدمي والتوكيد، فإنه ليس كل ذي لبٍ أو ذي أمانةٍ يعرف وجوه األمورِ واألعمالِ.ولو كانَ بذلك عارفاً، مل يكن صاحبه حقيقاً أن يكل ذلك إىل علمهِ دونَ توقيفهِ عليهِ وتبيينهِ له واالحتجاجِ عليه بهِ. وأما التعهد، فإن الوايل إذا فعلَ ذلك كان مسيعاً بصرياً، وإن العامل إذا فعل ذلك به كان متحصناً حريزاً. وأما اجلزاء فإنه تشبيت احملسنِ والراحةُ من املسيء. بماذا يستطاع السلطان ال يستطاع السلطانُ إال بالوزراء واألعوانِ، وال ينفع الوزراء إال باملودةِ والنصيحةِ، وال املودةُ إال مع الرأي والعفاف. وأعمالُ السلطانِ كثريةٌ، وقليلٌ ما تستجمع اخلصالُ احملمودةُ عند أحدٍ، وإمنا الوجه يف ذلك والسبيلُ 8 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعالذي به يستقيم العلم أن يكون صاحب السلطانِ عاملاً بأمورِ من يريد االستعانةَ به وما عند كل رجلٍ من الرأي والغناء، وما فيه من العيوبِ.فإذا استقر ذلك عنده عن علمهِ وعلم من يأمتن وجه لكل عملٍ من قد عرف أن عنده من الرأي والنجدةِ واألمانةِ ما حيتاج إليه فيهِ، وأن ما فيه من العيوبِ ال يضر بذلك، ويتحفظُ من أن يوجه أحداً وجهاً ال حيتاج فيه إىل مروءةٍ، إن كانت عنده، ال يأمن عيوبه وما يكره منه. مث على امللوكِ، بعد ذلك، تعاهد عماهلم وتفقد أمورهم، حىت ال خيفى عليهم إحسانُ حمسنٍ وال إساءةُ مسيء. مث عليهم، بعد ذلك، أن ال يتركوا حمسناً بغريِ جزاءٍ وال يقروا مسيئاً وال عاجزاً على اإلساءةِ والعجزِ. فإم إن تركوا ذلك ،اونَ احملسن، واجترأ املسيءُ، وفسد األمر، وضاع العملُ. الدنيا دول اقتصار السعي إبقاءٌ للجمامِ، ويف بعد اهلمةِ يكون النصب، ومن سأل فوق قدرتهِ استحق احلرمانَ، وسوءُ محلِ الغىن أن يكونَ عند الفرحِ مرحاً، وسوءُ محلِ الفاقةِ أن يكون عند الطلبِ شرهاً، وعار الفقر أهونُ من عار الغىن، واحلاجةُ مع احملبةِ خري من الغىن مع البغضةِ. الدنيا دولٌ، فما كان لك منها أتاك على ضعفك، وما كان عليك مل تدفعه بقُوتك. المثل أوضح للمنطق إذا جعل الكالم مثالً، كان ذلك أوضح للمنطقِ وأبيس


النص الأصلي

قال ابن املقفع: أما بعد، فإن لكل خملوقٍ حاجةً، ولكل حاجةٍ غايةً، ولكل غاية سبيالً.واهللا وقت لألمور أقدارها، وهيأ إىل الغايات سبلها، وسبب احلاجات ببالغها. فغايةُ الناسِ وحاجام صالح املعاشِ واملغاد، والسبيل إىل دركها العقل الصحيح.وأمارةُ صحةِ العقلِ اختيار األمورِ بالبصرِ، وتنفيذُ البصرِ بالعزمِ. األدب ينمي العقول وللعقولِ سجيات وغرائز ا تقبل األدب، وباألدبِ تنمى العقولُ وتزكو. فكما أن احلبة املدفونة يف األرضِ ال تقدر أن ختلع يبسها وتظهر قوا وتطلع فوق األرضِ بزهرا وريعها ونضرا ومنائها إال مبعونةِ املاء الذي يغور إليها يف مستودعها فيذهب عنها أذى اليبس واملوت وحيدث هلا بإذن اهللا القوة واحلياة، فكذلك سليقةُ العقلِ مكنونةٌ يف مغرزها من القلبِ:ال قوة هلا وال حياة ا وال منفعة عندها حىت يعتملها األدب الذي هو مثارها وحياا ولقاحها. وجل األدب باملنطق وجل املنطقِ بالتعلمِ. ليس منه حرف من حروف متعجمه، وال اسم من أنواعأمسائها إال وهو مروي، متعلم، مأخوذٌ عن إمام سابقٍ، من كالمٍ أو كتابٍ. وذلك دليلٌ على أنّ الناس مل يبتدعوا أصوهلا ومل يأم علمها إال من قبلِ العليمِ احلكيمِ. فإذا خرج الناس من أن يكونَ هلم عملٌ أصيلٌ وأن يقولوا قوالً بديعاً فليعلمِ الواصفونَ املخبئون أن أحدهم، وإن أحسن وأبلغ، ليس زائداً على أن يكون كصاحب فصوص وجد ياقوتاً وزبر حداً ومرجاناً، فنظمه قالئد ومسوطاً وأكاليل، ووضع كل فص موضعه، ومجع إىل كل لونٍ شبهه وما يزيده بذلك حسناً، فسمي بذلك صانعاً رفيقاً، وكصاغة الذهب والفضة، صنعوا منها ما يعجب الناس من احللي واآلنية، وكالنحل وجدت مثراتٍ أخرجها اهللا طيبةً، وسلكت سبالً جعلها اهللا ذلالً، فصار ذلك شفاءً .وطعاماً، وشراباً منسوباً إليها، مذكوراً به أمرها وصنعتها2 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعفمن جرى على لسانه كالم يستحسنه أو يستحسن منه، فال يعجنب إعجاب املخترع املبتدعِ، فإنه إمنا اجتناه كما وصفنا. االقتداء بالصالحين ومن أخذ كالماً حسناً إن غريه فتكلم به يف موضعه وعلى وجهه، فال ترين عليه يف ذلك ضؤولة.فإن من أعني على حفظِ كالمٍ املصيبني، وهدي لإلقتداء بالصاحلني، ووفق لألخذِ عنِ احلكماء، وال عليهِ أن ال يزداد، فقد بلغ الغاية، وليس بناقصهِ يف رأيه وال غامطهِ من حقه أن ال يكون هو استحدث ذلك وسبق إليه. فإمنا إحياء العقل الذي يتم به وستحكم خصالٌ سبع:اإليثار باحملبةِ، واملبالغة يف الطلب، والتثبت يف االختيارِ، واالعتياد للخريِ، وحسن الرعي، والتعهد ملا اختري واعتقد، ووضع ذلك موضعه قوالً وعمالً. أما احملبة فإا تبلغ املرء مبلغَ الفضلِ يف كل شيء من أمرِ الدنيا واآلخرة حني يؤثر مبحبته.فال يكون شيءٌ أمرأ وال أحلى عنده منه. وأما الطلب، فإن الناس ال يغنيهم حبهم ما حيبون وهو أهم ما يهوون عن طلبه وابتغائه.وال تدرك هلم بغيتهم ونفاستها يف أنفسهم، دون اجلد والعمل. وأما التثبت والتخري، فإن الطلب ال ينفع إال معه وبه.فكم من طالب رشدٍ وجده والغي معاً، فاصطفى منهما الذي منه هرب، وألغى الذي إليه سعى، فإذا كان الطالب حيوي غري ما يريد، وهو ال يشك يف الظفرِ، فما أحقه بشدةِ التبينيِ وحسنِ االبتغاء!وأما اعتقاد الشيء بعد استبانته، فهو ما يطلب من إحراز الفضل بعد معرفته. وأما احلفظُ والتعهد، فهو متام الدركِ. ألن اإلنسان موكل به النسيانُ والغفلةُ:فال بد له، إذا اجتىب صواب قولٍ أو فعلٍ من أن حيفظه عليه ذهنه ألوان حاجته. وأما البصر باملوضعِ، فإمنا تصري املنافع كلها إىل وضعِ األشياء مواضعها، وبنا إىل هذا كله حاجةٌ شديدةٌ. فإنا مل نوضع يف الدنيا موضع غىن وخفضِ ولكن مبوضعِ فاقةٍ وكدٍ، ولسنا إىل ما ميسك أرماقنا من املأكل واملشرب بأحوج منا إىل ما يشبت عقولنا من األدبِ الذي به تفاوت العقول. وليس غذاءُ الطعامِ بأسرع يف نباتِ اجلسدِ من غداء األبدٍ يف نباتِ العقلِ.ولسنا بالكد يف طلبِ املتاعِ الذي يلتمس بهِ دفع الضررِ والغلبةُ بأحق منا بالكد يف طلبِ العلمِ الذي يلتمس بهِ صالح الدينِ والدنيا. ما وضع في هذا الكتاب3 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفع وقد وضعت يف هذا الكتاب من كالم الناسِ احملفوظِ حروفاً فيها عونٌ على عمارةِ القلوبِ وصقاهلا وجتليةِ أبصارها، وإحياءٌ للتفكريِ وإقامةٌ للتدبري، ودليلٌ على حمامدِ األمور ومكارمِ األخالقِ إن شاء اهللاُ! انظر أين تضع نفسك الواصفون أكثر من العارفني، والعارفون أكثر من الفاعلني. فلينظر امرؤ أين يضع نفسه.فإن لكل امرئ مل تدخل عليه آفةً نصيباً من اللب يعيش به، ال يحب أن له به من الدنيا مثناً.وليس كل ذي نصيبٍ من اللب مبستوجبٍ أن يسمى يف ذوي األلبابِ، وال يوصف بصفام. فمن رام أن جيعل نفسه لذلك االسم والوصفِ أهالً، فليأخذ له عتاده وليعد له طول أيامه، وليؤثره على أهوائهِ.فإنه قد رام أمراً جسيماً ال يصلح على الغفلة، وال يدرك بالعجزةٍ، وال يصري على األثرةِ.وليس كسائرِ أمورِ الدنيا وسلطاا وماهلا وزينتها اليت قد يدرك منها املتواين ما يفوت الثابر، ويصيب منها العاجز ما خيطئ احلازم. جماع الصواب وجماع الخطأ وليعلم أن على العاقلِ أموراً إذا ضيعها حكم عليه عقله مبقارنة اجلهار. فعلى العاقلِ أن يعلم أن الناس مشتركونَ مستون يف احلب ملا يوافق والبغضِ ملا يؤذي، وأن هذه مرتلةٌ اتفق عليها احلمقى األكياس، مث اختلفوا بعدها يف ثالث خصالٍ هن مجاع الصوابِ ومجاع اخلطأ، وعندهن تفرقتِ العلماءُ واجلهال، واحلزمةُ والعجزةُ. الباب األول من ذلك أن العاقل ينظر فيما يؤذيه وفيما يسره، فيعلم أنّ أحق ذلك بالطلبِ، إن كان مما حيب، وأحقه باالتقاء، إن كان مما يكره، أطواله وأدومه وأبقاه، فإذا هو قد أبصر فضل اآلخرةِ على الدنيا، وفضل سرورِ املروءةِ على لذة اهلوى، وفضل الرأي اجلامعِ الذي تصلح به األنفُس واألعقاب على حاضرِ الرأي الذي يستمتع به قليالً مث يضمحل، وفضل األكالتِ على األكلة والساعات على الساعة. الباب الثاني من ذلك 4 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعأن ينظُر فيما يؤثر من ذلك، فيضع الرجاءَ واخلوف فيهِ موضعه، فال جيعل اتقاءه لغريٍ املخوفِ وال رجاءه يف غريِ املدركِ. فيتوقى. عاجلَ اللذاتِ طلباً آلجلها، وحيتملُ قريب األذى توقياً لبعيدهِ.فإذا صار إىل العاقبةِ، بدا له أن قراره كان تورطاً وأن طلبه كان تنكباً. الباب الثالث من ذلك هو تنفيذُ البصرِ بالعزمِ بعد املعرفةِ بفضل الذي هو أدوم، وبعد التثبتِ يف مواضعِ الرجاء واخلوف.فإن طالب الفضل بغري بصرٍ تائه حريانُ، ومبصر الفضلِ بغريِ عزمٍ ذو زمانةٍ حمروم. محاسبة النفس وعلى العاقل خماصمةُ نفسه وحماسبتها والقضاءُ عليها واإلثابةُ والتنكيلُ ا. أما احملاسبةُ، فيحاسبها مبا هلا، فإنه ال مال هلا إال أيامها املعدودةُ اليت ما ذهب منها مل يستخلف كما تستخلف النفقةُ، وما جعل منها يف الباطلِ مل يرجع إىل احلق، فيتنبه هلذه احملاسبةِ عند احلول إذا حال، والشهر إذا انقضى، واليوم إذا وىل، فينظر فيما أفىن من ذلك، وما كسب لنفسهِ، وما اكتسب عليها يف أمرِ الدينِ وأمرِ الدنيا.فيجمع ذلك يف كتابٍ فيه إحصاءٌ، وجد، وتذكري لألمورِ، وتبكيت للنفسِ وتذليل هلا حىت تعترف تذعن. وأما اخلصومةُ، فإن من طباعِ النفسِ اآلمرةِ بالسوء أن تدعي املعاذير فيما مضى، واألماين فيما بقي، فريد عليها معاذيرها وعللها وشبهاا. وأما القضاءُ، فإنه حيكم فيما أرادت من ذلك على السيئة بأا فاضحةٌ مرديةٌ موبقةٌ، وللحسنةِ بأا زائنةٌ منجيةٌ مرحبةٌ. وأما اإلثابةُ والتنكيلُ، فإنه يسر نفسه بتذكر تلك احلسناتِ ورجاء عواقبها وتأميلِ فضلها، ويعاقب نفسه بالتذكر للسيئاتِ والتبشع ِا واالقشعرار منها واحلزن هلا. فأفضل ذوي األلباب أشدهم لنفسه ذا أخذاً، وأقلهم عنها فيه فترةً. ذكر الموت وعلى العاقل أن يذكر املوت يف كل يومٍ وليلةٍ مراراً، ذكراً يباشر به القلوب ويقدع الطماح، فإن يف كثرةِ ذكر املوتِ عصمةً من األشرِ، وأماناً بإذن اهللا، من اهللعِ 5 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعإحصاء المساوئ وعلى العاقل أن حيصي على نفسه مساويها يف الدين ويف األخالق ويف اآلدابِ، فيجمع ذلك كله يف صدرهِ أو يف كتابٍ، مث يكثر عرضه على نفسه، ويكلفها إصالحه، ويوظف ذلك عليها توظيفاً من إصالح اخللةِ واخللتنيِ واخلاللِ يف اليومِ أو اجلمعةِ أو الشهرِ. فكلما أصلح شيئاً حماه، وكلما نظر إىل حموٍ استبشر، وكلما نظر إىل ثابتٍ اكتأب. الخصال الصالحة وعلى العاقلِ أن يتفقد حماسن الناسِ وحيفظها على نفسه، ويتعهدها بذلك مثل الذي وصفنا يف إصالح املساوي. وعلى العاقل أن ال خيادن وال يصاحب وال جياور من الناس، ما استطاع، إال ذا فضلٍ يف العلم والدينِ واألخالقِ فيأخذُ عنه، أو موافقاً له على إصالحِ ذلك فيؤيد ما عنده، وإن مل يكن له عليهِ فضلٌ. فإن اخلصال الصاحلة من الرب ال حتيا وال تنمى إال باملوافقني واملؤيدين.وليس لذي الفضلِ قريب وال محيم أقرب إليهِ ممن وافقه على صاحلِ اخلصال فزاده وثبته. ولذلك زعم بعض األولني أن صحبةَ بليدٍ نشأ مع العلماء أحب إليهم من صحبةِ لبيبٍ نشأ مع اجلهال. من نسي وتهاون خسر وعلى العاقلِ أن ال حيزن على شيءٍ فاته من الدنيا أو توىل، وأن يرتلَ ما أصابه من ذلك مث انقطع عنه مرتلةَ ما مل يصب، ويرتل ما طلب من ذلك مث مل يدركه مرتلة ما مل يطلب، وال يدع حظه من السرورِ مبا أقبل منها، وال يبلغن ذلك سكراً وال طغياناً، فإن مع السكر النسيانَ، ومع الطغيانِ التهاونَ، ومن نسي واون خسر. إيناس ذوي األلباب وعلى العاقل أن يؤنس ذوي األلباب بنفسه وجيرئهم عليها حىت يصريوا حرساً على مسعهِ وبصرهِ ورأيه، فيستنيم إىل ذلك ويرح له قلبه، ويعلم أم ال يغفلونَ عنه إذا هو غفل عن نفسه. ساعة عون على الساعات6 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعوعلى العاقل، ما مل يكن مغلوباً على نفسه، أن ال يشغله شغلٌ عن أربعِ ساعاتٍ:ساعةٍ يرفع فيها حاجته إىل ربهِ، وساعةٍ حياسب فيها نفسه، وساعةٍ يفضي فيها إىل إخوانهِ وثقاته الذين يصدقونه عن غيوبهِ ويصونوه يف أمرهِ، وساعةٍ يخلي فيها بني نفسهِ وبني لذا مما حيل وجيملُ، فإن هذه الساعةَ عونٌ على الساعات األخرِ، وإنّ استجمام القلوبِ وتوديعها زيادةُ قوةٍ هلا وفضل بلغةٍ. الرغبات الثالث وعلى العاقلِ أن ال يكونَ راغباً إال يف إحدى ثالثٍ: تزودٍ ملعادٍ، أو مرمةٍ ملعاشٍ، أو لذةٍ يف غري حمرمٍ. الناس طبقتان متباينتان وعلى العاقلِ أن جيعل الناس طبقتنيِ متباينتنيِ، ويلبس هلم لباسنيِ خمتلفنيِ، فطبقةٌ من العامة يلبس هلم لباس انقباضٍ وإجناز وحتفظٍ يف كل كلمةٍ وخطوةٍ، وطبقةٌ من اخلاصة خيلع عندهم لباس ويلبس لباس اآلنسة واللطف والبذلة واملفاوضة. وال يدخل يف هذه الطبقة إال واحداً من األلف وكلهم ذو فضلٍ يف الرأي، وثقةٍ يف املودة، وأمانةٍ يف السر، ووفاءٍ باإلخاء. الصغير يصير كبيراً وعلى العاقل أن ال يستصغر شيئاً من اخلطأ يف الرأي، والزللِ يف العلمِ، واإلغفال يف األمور، فإنه من استصغر الصغري أوشك أن جيمع إليه صغرياً وصغرياً، فإن الصغري كبري. وإمنا هي ثلم يثلمها العجز والتضييع. فإذا مل تسد أوشكت أن تتفجر مبا ال يطاق.ومل نر شيئاً قط إال قد أيت من قبلِ الصغري املتهاونِ به، قد رأينا امللك يؤتى من العدو احملتقر به، ورأينا الصحة تؤتى من الداء الذي ال حيفلُ بهِ، ورأينا األار تنبشق من اجلدول الذي يستخف بهِ. وأقل األمورِ احتماالً للضياعِ امللك، ألنه ليس شيءٌ يضيع، وإن كان صغرياً، إال اتصل بآخر يكونُ عظيماً. الرأي والهوى عدوان وعلى العاقلِ أن جينب عن املضي على الرأي الذي ال جيد عليه موافقاً وإن ظن أنه على اليقنيِ. وى متعاديان، وأن من شأنِ الناسِ تسويف الرأي وإسعاف اهلوى، وعلى العاقلِ أن يعرف أن الرأي واهل7 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعفيخالف ذلك ويلتمس أن ال يزال هواه مسوفاً ورأيه مسعفاً وعلى العاقل إذا اشتبه عليه أمرانِ فلم يدرِ يف أيهما الصواب أن ينظر أهوامها عنده، فيحذره. علم نفسك قبل تعليم غيرك ومن نصب نفسه للناسِ إماماً يف الدينِ، فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه وتقوميها يف السرية والطعمةِ والرأي واللفظ واألخدانِ، فيكن تعليمه بسريته أبلغَ من تعليمه بلسانهِ.فإنه كما أن كالم احلكمةِ يونق األمساع، فكذلك عملُ احلكمةِ يروق العيونَ والقلوب. ومعلم نفسه ومؤدا أحق باإلجاللِ والتفضيلِ من معلمِ الناسِ ومؤدم. أعمدة السلطان واليةُ الناسِ بالءٌ عظيم. وعلى الوايل أربع خصالٍ هي أعمدةُ السلطانِ وأركانه اليت ا يقوم وعليها يثبت: االجتهاد يف التخريِ، واملبالغةُ يف التقدمِ، والتعهد الشديد، واجلزاءُ العتيد. فأما التخري للعمالِ والوزراء فإنه نظام األمرِ ووضع مؤونةِ البعيد املنتشرِ.فإنه عسى أن يكونَ بتخريهِ رجالً واحداً قدٍ اختار ألفاً. ألنه من كان من العمالِ خياراً فسيختار كما اختري.ولعل عمالَ العاملِ وعمالَ عمالهِ يبلغونَ عدداً كثرياً، فمن تبني التخري فقد أخذ بسببٍ وثيقٍ، ومن أسس أمره على غريِ ذلك مل جيدِ لبنائه قواماً. وأما التقدمي والتوكيد، فإنه ليس كل ذي لبٍ أو ذي أمانةٍ يعرف وجوه األمورِ واألعمالِ.ولو كانَ بذلك عارفاً، مل يكن صاحبه حقيقاً أن يكل ذلك إىل علمهِ دونَ توقيفهِ عليهِ وتبيينهِ له واالحتجاجِ عليه بهِ. وأما التعهد، فإن الوايل إذا فعلَ ذلك كان مسيعاً بصرياً، وإن العامل إذا فعل ذلك به كان متحصناً حريزاً. وأما اجلزاء فإنه تشبيت احملسنِ والراحةُ من املسيء. بماذا يستطاع السلطان ال يستطاع السلطانُ إال بالوزراء واألعوانِ، وال ينفع الوزراء إال باملودةِ والنصيحةِ، وال املودةُ إال مع الرأي والعفاف. وأعمالُ السلطانِ كثريةٌ، وقليلٌ ما تستجمع اخلصالُ احملمودةُ عند أحدٍ، وإمنا الوجه يف ذلك والسبيلُ 8 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعالذي به يستقيم العلم أن يكون صاحب السلطانِ عاملاً بأمورِ من يريد االستعانةَ به وما عند كل رجلٍ من الرأي والغناء، وما فيه من العيوبِ.فإذا استقر ذلك عنده عن علمهِ وعلم من يأمتن وجه لكل عملٍ من قد عرف أن عنده من الرأي والنجدةِ واألمانةِ ما حيتاج إليه فيهِ، وأن ما فيه من العيوبِ ال يضر بذلك، ويتحفظُ من أن يوجه أحداً وجهاً ال حيتاج فيه إىل مروءةٍ، إن كانت عنده، ال يأمن عيوبه وما يكره منه. مث على امللوكِ، بعد ذلك، تعاهد عماهلم وتفقد أمورهم، حىت ال خيفى عليهم إحسانُ حمسنٍ وال إساءةُ مسيء. مث عليهم، بعد ذلك، أن ال يتركوا حمسناً بغريِ جزاءٍ وال يقروا مسيئاً وال عاجزاً على اإلساءةِ والعجزِ. فإم إن تركوا ذلك ،اونَ احملسن، واجترأ املسيءُ، وفسد األمر، وضاع العملُ. الدنيا دول اقتصار السعي إبقاءٌ للجمامِ، ويف بعد اهلمةِ يكون النصب، ومن سأل فوق قدرتهِ استحق احلرمانَ، وسوءُ محلِ الغىن أن يكونَ عند الفرحِ مرحاً، وسوءُ محلِ الفاقةِ أن يكون عند الطلبِ شرهاً، وعار الفقر أهونُ من عار الغىن، واحلاجةُ مع احملبةِ خري من الغىن مع البغضةِ. الدنيا دولٌ، فما كان لك منها أتاك على ضعفك، وما كان عليك مل تدفعه بقُوتك. المثل أوضح للمنطق إذا جعل الكالم مثالً، كان ذلك أوضح للمنطقِ وأبيس يف املعىن وآنق للسمعِ وأوسع لشعوبِ احلديثِ. ال مال أفضل من العقل أشد الفاقةِ عدم العقلِ، وأشد الوحدةِ وحدةُ اللجوجِ، وال مال أفضلُ من العقلِ، وال أنيس آنس من االستشارةِ. كن ستوراً مما يعترب به صالح الصاحلِ وحسن نظرهِ للناسِ أن يكونَ إذا استعتب املذنب ستوراً ال يشيع وال يذيع، وإذا استشري مسحاً بالنصيحةِ مجتهداً للرأي، وإذا استشار مطروحاً للحياء منفذاً للحزمِ معترفاً للحق. الحارس والمحروس9 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعالقسم الذي يقسم للناس وميتعونَ به حنوان:فمنه حارس ومنه حمروس، فاحلارس العقلُ، واملرحوس املالُ، والعقلُ، بإذن اهللاِ، هو الذي حيرز احلظ، ويؤنس الغربةَ، وينفي الفاقةَ، ويعرف النكرة، ويثمر املسبكبة، ويطيب الثمرةَ، ويوجه السوقةَ عند السلطانِ، ويسترتلُ للسلطانِ نصيحةَ السوقةِ، ويكسب الصديق، ويكفي العدو. األدب العظيم كالم اللبيبِ، وإن كان نزراً، أدب عظيم، ومقارفةُ املأمث، وإن كان حمتقراً، مصيبةٌ جليلةٌ.ولقاءُ اإلخوانِ، وإن كان يسرياً، غنم حسن. أجناس الناس قد يسعى إىل أبوابِ السلطانِ أجناس من الناسِ كثري، أما الصاحلُ فمدعو، وأما الصاحلُ فمقتحم، وأما ذو األدبِ فطالب، وأما من ال أدب له فمختلس، وأما القوي فمدافع، وأما الضعيف فمدفوع، وأما احلسن مستثيب، وأما املسيء فمستجري. فهو جممع الرب والفاجر، والعاملِ واجلاهلِ، والشريفِ والوضيعِ. الناس، إال قليالً ممن عصم اهللاُ، مدخولونَ يف أمورهم:فقائلهم باغٍ، وسامعهم عياب، وسائلهم متعنت، وجميبهم متكلف، وواعظُهم غري حمققٍ لقولهِ بالفعلِ، وموعوظهم غري سليمٍ من االستخفافِ، واألمني منهم غري متحفظٍ من إتيان اخليانة، والصدوق غري حمترسٍ من حديث الكذبةِ، وذو الدينِ غري متورعٍ عن تفريطِ الفجرةِ، واحلازم منهم غري تاركٍ لتوقعِ الدوائرِ. يتناقضون األنباء، ويتراقبون الدول، ويتعايبونَ باهلمز، مولعونَ يف الرخاء بالتحاسدِ، ويف الشدةِ بالتخاذُلِ. ال تغتر بالدنيا كم قد انتزعتِ الدنيا ممنِ استمكن منها واعتكفت له فأصبحتِ األعمالُ أعماهلم والدنيا دنيا غريهم، وأخذ متاعهم من مل حيمدهم، وخرجوا إىل من ال يعذُرهم. فأصبحنا خلفاً من بعدهم، نتوقع مثل الذي نزلَ م، فنحن إذا تدبرنا أمورهم، أحقاءُ أن ننظر ما نغبطهم به فنتبعه وما خناف عليهم منه فنجتنبه. كيف تطلع السلطان على عورتك10 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعكان يقالُ إنّ اهللا تعاىل قد يأمر بالشيء ويبتلي بثقلهِ وى عن الشيء ويبتلي بشهوته. فإذا كنت ال تعملُ من اخلري إال ما اشتهيته، وال تترك من الشر إال ما كرهته، فقد أطلعت الشيطان على عورتك، وأمكنته من رمتك، فأوشك أن يقتحم عليك فيما تحب من اخلري فيكرهه إليك وفيما تكره من الشر فيحببه إليك. ولكن ينبغي لك يف حب ما تحب من اخلري التحاملُ على ما ستثقلُ منه، وينبغي لك يف كراهةِ ما تكره من الشر التجنب ملا حيب منه. زخرف الدنيا الدنيا زخرف يغلب اجلوارح، ما مل تغلبه األلباب. واحلكيم من يغضي عنه ومل يشغل به قلبه:اطلع من أدناه فيما وراءه، وذكر لواحق شرهِ فأكلَ مره وشرب كدره ليحلو يل له ويصفو يف طلوٍ من إقامةِ العيش الذي يبقى ويدوم، غري عائفٍ للرشدِ إن مل يلقه برضاه، ومل يأتهِ من طريقٍ هواه. القيام على الثقة ال تألفِ املستوخم، وال تقِم على غريِ الثقةِ. شكر اهللا على نعمه والعمل بطاعته قد بلغ فضل اهللا على الناس من السعة وبلغت نعمته عليهم من السبوغ ما لو أن أخسهم حظاً وأقلهم منه نصيباً وأضعفهم علماً وأعجزهم عمالً وأعياهم لساناً بلغ من الشكر له والثناء عليه مبا خلص إليه من فضله، ووصل إليه من نعمته، ما بلغ له منه أعظمهم حظاً وأوفرهم نصيباً وأفضلهم علماً وأقواهلم عمالً وأبسطهم لساناً، لكان عما استوجب اهللا عليه مقصراً وعن بلوغِ غايةِ الشكر بعيداً. ومن أخذ حبظه من شكر اهللا ومحده ومعرفة نعمهِ والثناء عليه والتحميد له، فقد استوجب بذلك من أدائه إىل اهللا القربة عنده والوسيلة إليه واملزيد فيما شكره عليه من خري الدنيا، وحسن ثوابِ اآلخرة. أفضلُ ما يعلم به علم ذي العلم وصالح ذي الصالح أن يستصلح مبا أويت من ذلك ما استطاع من الناس ويرغبهم فيما رغب فيه لنفسه من حب اهللا، وحب حكمته، والعمل بطاعته، والرجاء لسحنِ ثوابه يف املعادِ إليه، وأن يبني الذي هلم من األخذ بذلك والذي عليهم يف تركه، و أن يورث ذلك أهله ومعارفه ليلحقه أجره من بعد املوتِ. الدين أفضل المواهب11 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعالدين أفضل املواهبِ اليت وصلت من اهللا إىل خلقهِ، وأعظمها منفعةً، وأمحدها يف كل حكمةٍ، فقد بلغ فضل الدين واحلكمة أن مدحا على ألسنةِ اجلهال على جهالتهم ما وعماهم عنهما. أحق الناس أحق الناسِ بالسلطان أهل املعرفة، وأحقهم بالتدبري العلماءُ، وأحقهم بالفضل أعودهم على الناس بفضله، وأحقهم بالعلمِ أحسنهم تأديباً، وأحقهم بالغىن أهل اجلود، وأقرم إىل اهللا أنفذهم يف احلق علماً وأكملهم به عمالً، وأحكمهم أبعدهم من الشك يف اهللا، وأصوم رجاءً أوثقهم باهللا، وأشدهم انتفاعاً بعلمه أبعدهم من األذى، وأرضاهم يف الناسِ أفشاهم معروفاً، وأقواهم أحسنهم معونةً، وأشجعهم أشدهم على الشيطان، وأفلحهم حبجةٍ أغلبهم للشهوة واحلرصِ، وآخذهم بالرأي أتركهم للهوى، وأحقهم باملودة أشدهم لنفسهِ حباً، وأجودهم أصوم بالعطية موضعاً، وأطوهلم راحةً أحسنهم لألمورِ احتماالً، وأقلهم دهشاً أرحبهم ذراعاً، وأوسعهم غىن أقنعهم مبا أبعدهم من اإلفراط، وأظهرهم مجاالً أظهرهم حصافة، وآمنهم يف الناس أكلهم ناباً وخلباً، وأثبتهم شهادةً عليهم أنطقهم عنهم، وأعد هلم فيهم أدومهم مساملةً هلم، وأحقهم بالنعمِ أشكرهم ملا أويت منها. العجب آفة العقل أفضلُ ما يورثُ اآلباءُ األبناء، الثناءُ احلسن واألدب النافع واإلخوانُ الصاحلون. فصلُ ما بني الدينِ والرأي، أن الدين يسلم باإلميان، وأن الرأي يشبت باخلصومةِ، فمن جعل الدين خصومةً، فقد جعل الدين رأياً، ومن جعل الرأي ديناً فقد صار شارعاً، ومن كان هو يشرع لنفسهِ الدين فال دين له. قد يشتبه الدين والرأي يف أماكن، لوال تشاهما مل حيتاجا إىل الفصل. العجب آفةُ العقل، واللجاجةُ قُعود اهلوى، والبخل لقاح احلرصِ، واملراءُ فساد اللسانِ، واحلميةُ سبب اجلهلِ، واألنف توأم السفهِ، واملنافسة أخت العداوةِ. حكمتان إذا مهمت خبريٍ فبادر هواك، ال يغلبك، وإذا مهمت بشرٍ فسوف هواك لعلك تظفر.فإن ما مضى من .األيامِ والساعاتِ على ذلك هو الغنم12 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعال مينعنك صغر شأن امرئ من اجتناء ما رأيت من رأيه صواباً واالصطفاء ملا رأيت من أخالقه كرمياً، فإنّ اللؤلؤة الفائقة ال انُ هلوانِ غائصها الذي استخرجها. العلم زين لصاحبه من أبوابِ التوفقِ والتوفيقِ يف التعلمِ أن يكون وجه الرجلِ ا لذي يتوجه فيه من العلمِ واألدب فيما يوافق طاعةً ويكونَ له عنده حمملٌ وقبولٌ. فال يذهب عناؤه يف غري غناءٍ، وال تفىن أيامه يف غري دركٍ، وال يستفرغُ نصيبه فيما ال يسنجع فيه، وال يكون كرجلٍ أراد أن يعمر أرضاً مةً فغرسها جوزاً ولوزاً، وأرضاً جلساً فغرسها خنالً وموزاً. العلم زين لصاحبهِ يف الرخاء، ومنجاةٌ له يف الشدة. باألدب تعمر القلوب، وبالعلمِ تستحكم األحالم. العقل الذاتي العقل الذايت غري الصنيعِ، كاألرضِ الطيبةٍ غري اخلرابِ. الدليل على معرفة اهللا مما يدل على معرفةِ اهللا وسبب اإلميان أن يوكل بالغيبِ لكل ظاهرٍ من الدنيا، صغريٍ أو كبريٍ، عيناً، فهو يصرفه وحيركه. فمن كان معترباً باجلليل من ذلك فلينظر إىل السماء فسيعلم أن هلا رباً جيري فلكها، ويدبر أمرها، ومن اعترب بالصغري، فلينظر إىل حبةِ اخلردلِ فسيعرف أن هلا مدبراً ينبتها ويزكيها ويقدر هلا أقواثها من األرض واملاء، يوقت هلا زمانَ نباا وزمانَ شمها، وأمر النبوةِ واألحالمِ وما حيدثُ يف أنفسِ الناسٍ من حيثُ ال يعلمونَ، مث يظهر منهم بالقولِ والفعلِ، مث اجتماعِ العلماء واجلهالِ واملهتدين والضالل على ذكر اهللا وتعظيمه، واجتماعِ من شك يف اهللاِ وكذب بهِ على اإلقرارِ بأم أنشئوا حديثاً، ومعرفتهم أم مل حيدثوا أنفسهم. فكل ذلك يهدي إىل اهللا ويدل على الذي كانت منه هذه األمور، مع ما يزيد ذلك يقيناً عند املؤمنني بأنّ اهللا حق كبري وال يقدر أحد على أن يوقن أنه بالباطلِ. حق السلطان المقسط13 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفع إن للسلطانِ املقُسطِ حقاً ال يصلح خباصةٍ وال عامةٍ أمر إال بإرادتهِ، فذو اللُّب حقيق أن خيُلص هلم النصيحة، ويبذل هلم الطاعة، ويكتم سرهم، ويزين سريم، ويذب بلسانه ويده عنهم، ويتوخى مرضام، ويكون من أمرهِ املؤاتاه هلم واإليثار ألهوائهم ورأيهم على هواه ورأيهِ، ويقدر األمور على موافقتهم وإن كان ذلك له خمالفاً، وأن يكون منه اجلد يف املخالفة ملن جانبهم وجهل حقهم، وال يواصل من الناسِ إال من ال تباعد مواصلته إياه منهم، وال حتمله عداوةُ أحدٍ له وال إضرار به على االضطغانِ عليهم، وال مؤاتاه أحدٍ على االستخفاف بشيء من أمورهم واالنتقاص لشيء من حقهم، وال يكتمهم شيئاً من نصيحتهم، وال يتشاقل عن شيء من طاعتهم، وال يكتمهم شيئاً من نصيحتهم، وال يتثاقلَ عن شيء من طاعتهم، وال يبطر إذا أكرموه، وال جيترئ عليهم إذا قربوه، وال يطغى إذا سلطوه، وال يلحف إذا سأهلم، وال يدخل عليهم املؤونة، وال يستشقل ما محلوه، وال يعتز عليهم إذا رضوا عنه، وال يتغري هلم إذا سخطواعليه، وأن حيمدهم على ما أصاب من خريٍ منهم أو من غريهم فإنه ال يقدر أحد على أن يصيبه خبريٍ إال بدفاعِ اهللا عنه م. الدليل على علم العالم مما يدلُ على علمِ العاملِ معرفته ما يدرك من األمورِ وإمساكه عما ال يدرك وتزيينه نفسه باملكارم، وظهور علمهِ للناسِ من غري أن يظهر منه فخر وال عجب، ومعرفته زمانه الذي هو فيه، وبصره بالناسِ، وأخذُه بالقسطِ، وإرشاده املسترشد، وحسن خمالقتهِ خلطاءه، وتسويته بني قلبهِ ولسانهِ، وحتريه العدل يف كل أمرٍ، ورحب ذرعه فيما نابه، واحتجاجه باحلججِ فيما عمل، وحسن تبصريهِ. علم اآلخرة من أراد أن يبصر شيئاً من علمِ اآلخرة، فالعلم الذي يعرف به ذلك، ومن أرداد أن يبصر شيئاً من أمر الدنيا فباألشياء اليت هي تدل عليه. ماذا يجب على المرء ليكنِ املرء سؤوالً، وليكن فصوالً بني احلق والباطل، وليكن صدوقاً ليؤمن على ما قال، وليكن ذا عهد ليوىف له بعهده، وليكن شكوراً ليستوجب الزيادة، وليكن جواداً ليكون للخري أهالً، وليكن رحيماً باملضرورين لئال يبتلى بالضر، وليكن ودوداً لئال يكون معدناً ألخالق الشيطان، وليكن متواضعاً ليفرح له 14 األدب الكبير واألدب الصغير-ابن المقفعباخلري وال يحسد عليه، وليكن قنعاً لتقر عينه مبا أويت، وليسر للناسِ باخلريِ لئال يؤذيه احلسد، وليكن حذراً لئال تطول خمافته، وال يكونن حقوداً لئال يضر بنفسهِ إضراراً باقياً، وليكن ذا


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

يتفق الباحثون ب...

يتفق الباحثون بشكل عام على أن تنمية مهارات إدارة المعرفة تتطلب التفاعل المشترك بين الأفراد واستخدام ...

بما أن الفلسفة ...

بما أن الفلسفة والعلم حقلان معرفيان مختلفان، ولكل منهما خصائص تختلف عن الآخر، فقد برزت الدعوة الى ا...

1-بذلت أنا والأ...

1-بذلت أنا والأم جهود لا تقدر بثمن لتلبية احتياجات أبنائنا الاثنين عبدالله واليازية وبالإضافة إلى ت...

With such sadne...

With such sadness occupying her thoughts,Erika, a poor single mother of two, struggles to sleep at n...

1. طوير برامج م...

1. طوير برامج متكاملة: ينبغي تصميم وتصميم برامج تأهيل متكاملة تشمل التعليم والتدريب المهني والفنون، ...

تُعتبر المملكة ...

تُعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الدول في العالم العربي والإسلامي، حيث تحتل موقعًا جغراف...

This study expl...

This study explores university students' experiences and perceptions of using artificial intelligenc...

1 تجارب تهدف ال...

1 تجارب تهدف الى اكتشاف الظواهر الجديدة 2 تجارب التحقق تهدف لاثبات او دحض الفرضيات وتقدير دقتها 3 ال...

علق رئيس الوزرا...

علق رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، على صورته المتداولة والتي أثارت الجدل برفقة نظيره الإثيوبي آبي...

تعاني المدرسة م...

تعاني المدرسة من مجموعة واسعة من المخاطر التي تهدد سلامة الطلاب والطاقم التعليمي وتعوق العملية التعل...

يهدف إلى دراسة ...

يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...

‏تعريف الرعاية ...

‏تعريف الرعاية التلطيفية‏ ‏وفقا للمجلس الوطني للصحة والرفاهية ، يتم تعريف الرعاية التلطيفية على النح...