لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (36%)

أعرف أنك كنت تنتظر بقلق. إنها دورثي كنتور رئيسة الجمعية النفسية الأمريكية التي تضم في عضويتها ۱۹۰۰۰۰ عضو، كان الاقتراع لانتخاب خلف لها قد انتهى لتوه وكنت أحد المرشحين ولكن هل حاولت مرة استخدام هاتف السيارة وسط سلسلة
من الجبال الشاهقة؟
صرخ والد زوجتي دنيس بلهجته البريطانية المرتفعة: "هل كان هذا بشأن نتائج الانتخابات؟". ومن المقعد الخلفي للسيارة المكدسة، والعديد من المنح، وطلبة مخلصون، وكتاب من الكتب الأفضل مبيعاً، واجتماعات بالكلية مملة، ولكنها محتملة وأعتبر نفسي شخصاً مركزياً في مجالين أكاديميين: العجز المكتسب والتفاؤل المكتسب. فمن ذا الذي يحتاج للرئاسة؟
أنا أحتاجها. وبينما أنا في انتظار عودة الهاتف للحياة، سرحت بذهني للوراء أربعين
عاماً لجذوري كمعالج نفسي هناك، الاهتمام الرومانسي غير المتحقق لطفل ممتلى في الثالثة عشر من العمر ومن الطبقة المتوسطة فجأة يدفع إلى مدرسة معلوءة بأطفال كان أهلهم يعيشون في ألبانيا لمدة ثلاثمائة عام، وأطفال شديدي الثراء ورياضيين من الدرجة الأولى تفوقت في امتحانات القبول للأكاديمية الألبانية للبنين في تلك الأيام الناعسة لأيزنهاور. لا يمكن لأحد أن يلتحق بكلية جيدة من خريجي المدارس الألبانية العامة، وعليه فإن والدي، كانا محقين في الحاقي بكلية جيدة،ماذا يمكنني أن أكون حتى أجذب اهتماماً ضئيلاً من جيني، صاحبة الأنف المنحدرة، أو باربرا، نبع أحاديث الشهوة في أوائل البلوغ،مستريحاً إلى محرابي. دورثي من فضلك، من الذي فاز؟". صوت عال حاد، البعض مصاب بدنياً، وآخرون كثيرون مصدومون عاطفياً من الذي سيداوي المحاربين الأمريكان الذين ضحوا بالكثير لنبقى أحراراً؟ الأطباء النفسيون بلا شك، فهذه رسالتهم التي يحملونها، وبلولر، وفرويد حققوا جميعاً نجاحاً نال الثناء طويلاً، وإن لم يكن عالمياً في تاريخ علاج النفوس المصابة . ومكلفاً، وشديد الانتقائية. وليس هذا فقط، لقد كانوا يحصلون على مبالغ كبيرة نظير خدماتهم.الكونجرس: "وماذا عن علماء النفس؟".من هم علماء النفس؟ كيف كانوا يكسبون عيشهم عام ١٩٤٦ على أية حال؟ بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، كان علم النفس مهنة صغيرة. معظم علماء النفس كانوا أكاديميين يسعون إلى اكتشاف الخطوات الأساسية للتعلم واكتشاف الدوافع (عادة تجرى التجارب على الفئران البيضاء ومن منظور طلبة الصف الثاني من الكلية عادة. كانوا يجرون التجارب من أجل العلم المحض دون أن يبالوا إن كانت القوانين الأساسية التي يكتشفونها يمكن تطبيقها على أي شيء على الإطلاق. وكان علماء النفس الذين يقومون بأعمال تطبيقية سواء في البحث العلمي أو على أرض الواقع لديهم ثلاث مهام، وفي أغلب الأحوال، كانوا يقومون بمهمة الاختبار وليس العلاج والذي كان مقصوراً على الأطباء النفسانيين المهمة الثانية يضطلع بها علماء النفس الذين يعملون في الصناعة والجيش والمدارس؛ وهي مهمة أن يجعلوا حياة الناس العاديين أكثر سعادة وأكثر إنتاجية وأكثر إشباعاً. والمهمة الثالثة هي: تحديد ورعاية الصغار المميزين،وذلك بمتابعة الأطفال ذوي مقياس الذكاء المرتفع جداً عبر تطورهم.قانون المحاربين القدماء لعام ١٩٤٦ - بالإضافة لأشياء أخرى كثيرة منع مجموعة من علماء النفس المعالجة المحاربين المرضى. وقطعاً، العديدون بدءوا يعالجون المشاكل بين غير المحاربين، مؤسسين عيادات خاصة ومطالبين شركات التأمين بأن تدفع لهم نظير خدماتهم خلال عشرين عاماً ، كما كانوا يعرفون مجموع باقي العاملين في المهنة مجتمعين، وأصدرت العديد من الولايات قوانين تحرم الجميع عدا المعالجين النفسانيين حتى من اسم "عالم نفس". إن رئاسة الجمعية الأمريكية النفسية، والتي كانت أعلى شرف علمي، انتقلت مراراً للمعالجين النفسيين والتي كانت أسماؤهم لامعة ولكنهم غير معلومين لعلماء النفس الأكاديميين. كاد علم النفس وعلاج الأمراض العقلية أن يصبحا شيئاً واحداً. وتراجعت رسالته التاريخية في أن يجعل حياة الناس المضطربين أكثر إنتاجية، وأكثر إشباعاً، وتم إهمال محاولات
تحديد ورعاية العباقرة. وفي عام ١٩٤٧ أنشأ الكونجرس المعهد القومي للصحة العقلية وكرس له تمويلاً فخماً ما كان أحد يحلم به من قبل. ولمدة من الزمن وجدت البحوث العادية حول الأعراض السيكولوجية الطبيعية وغير الطبيعية)، بعض التشجيع في المعهد القومي للصحة العقلية ولكن المعهد يديره أطباء نفسانيون، وعلى الرغم من اسم المعهد ورسالته المقرة من الكونجرس، فقد تحول بالتدريج لكي يماثل معهداً قومياً للأمراض العقلية؛ عمل بحثي رائع، ولكنه مكرس للاضطرابات العقلية بدلاً من الصحة العقلية. إن مقدمي طلبات المنح الناجحين في عام ١٩٧٢ كان لابد وأن يوضحوا أهميتهم"، علاقتهم بأسباب وعلاجات الاضطرابات العقلية. وبدأ علماء النفس الأكاديميون يوجهون فئرانهم وطلبتهم في اتجاه الأمراض العقلية. ولقد استشعرت هذا الضغط عندما تقدمت لطلب أول منحة في عام ١٩٦٨ ، ولكن بالنسبة لي على الأقل، لم يكن الأمر عبثاً لأن طموحي كان تخفيف المعاناة.صرخت زوجتي "ماندي": "لماذا لا نتوجه إلى ييلوستون؟ حتماً سنجد هواتف بالعملة هناك". كان الأطفال قد اندفعوا إلى ترديد يصم الآذان : هل تسمع الناس يغنون؛ يغنون أغنية الرجال الغاضبين؟". استدرت عائداً، وعدت إلى الذكريات وأنا أقود السيارة.إنني في إيثاكا بنيويورك والعام هو ۱۹٦٨. إنني في السنة الثانية كمساعد لأستاذ علم نفس بكورنويل وأكبر طلبتي بعامين. عندما كنت طالبا في السنة النهائية بجامعة بنسلفانيا، اشتركت مع ستيف ماير وبروس أوثرمين في دراسة ظاهرة مؤثرة تسمى "العجز المكتسب" . اكتشفنا أن الكلاب التي تتعرض لصعق كهربائي مؤلم لا تستطيع التخلص منه بأي من حركاتها تكف فيما بعد عن المحاولة. وبهمهمات ضعيفة تتقبل بسلبية الصعقات، حتى لو كانت الصحقات الأخيرة يسهل الفرار منها. هذه الاكتشافات شدت انتباه الباحثين في نظرية التعلم، لأن الحيوانات ليس من المتوقع أن تستطيع معرفة أن أي شيء تفعله لا يحدث فارقاً، وأن هناك علاقة عشوائية بين أفعالها وما تتعرض له. الفرضية الأساسية لهذا المجال هي أن التعلم يحدث فقط عندما يتسبب فعل ما مثل الضغط على قضيب) في نتيجة ما مثل كرة طعام). أو عندما لا يعود الضغط على القضيب ينتج الطعام. إن تعلم أن كرة الطعام ستظهر بعشوائية سواء ضغطت على القضيب أو لم تضغط، التعلم من العشوائية (أن لا شيء تفعله سيؤش هو عمل إدراكي، ونظرية التعلم متورطة في فكرة التحفيز رد الفعل التعزيزي الآلي، وهي فكرة تجنب التفكير والعقيدة والتوقع. هذه الفكرة تقول بأن الحيوانات والبشر لا يستطيعون فهم الاحتمالات المركبة، ولا يستطيعون تكوين توقعات عن المستقبل، وبالتأكيد لا يستطيعون
معرفة أنهم عاجزون، والعجز المكتسب يتحدى الحقائق المحورية في مجال عملي. ولنفس هذا السبب لم تكن مأساة الظاهرة أو جوانبها المؤثرة الحزينة (كانت الحيوانات تبدو مكتئبة تماماً هي التي أثارت انتباه زملائي ولكن دلالاتها بالنسبة
وبالمقارنة كنت مأخوذاً بشدة بدلالات ذلك على المعاناة الإنسانية. بداية بوضعي الاجتماعي كمعالج نفسي لجيني وباربرا وسالي، فإن دراسة الاضطرابات قد أضحت هدفي إن معطيات ونتائج نظرية التعلم كانت مجرد محطات على الطريق نحو فهم علمي
وبينما أنا جالس أكتب على مكتبي الرمادي بين أحشاء معملي، وهو في مبنى ريفي تم
تحويله المعمل في ضواحي نيويورك، لم أكن أحتاج لأن أتردد بشأن ما إذا كنت سأناقش دلالات العجز المكتسب على المرض العقلي. تطلبت منحتي الأولى وكل ما تلاها عبر الثلاثين عاماً التالية - وضع أبحاثي بوضوح في إطار فهم وعلاج الأمراض. وبعد سنوات
إن على الباحثين أن يدرسوا الاكتئاب لدى البشر. وخلال عشر سنوات ظهر طلبة الصف الثاني المكتئبون أيضاً. إن الطبعة الثالثة للدليل التشخيصي والإحصائي للجمعية الأمريكية للأطباء النفسانيين تصنف أنواع الاضطرابات الحقيقية، وبدون أن تقدم نفسك على أنك مريض ويكون لديك على الأقل خمسة أعراض حادة من الأعراض التسعة، فلست بالفعل مكتئباً . إن طلبة السنة الثانية لو استمروا في المدارس لأمكنهم الاستمرار في العمل. ولا يمكن أن يشعروا بذلك الشيء الحاد حقيقة الاضطراب الاكتئابي وعليه فلن يستطيعوا الاشتراك في التجارب الرئيسية. وعندما تكيف معظم باحثي علم النفس مع المطلب الجديد بأن البحث
لابد وأن يتم على مرضى مسجلين، فإن معظم علم النفس الأكاديمي تراجع تماماً وأصبح خادماً في مشروع الاضطرابات النفسية. توماس زاس - وهو طبيب نفساني سليط اللسان يقول متشككاً ومنزعجاً : "إن علم النفس مهنة تقلد مهنة تسمى الطب النفسي" .وبخلاف العديد من زملائي، فإنني أتعامل مع كل هذا سعيداً، ولو اضطررت للتكيف مع أنماط الطب النفسي، وهذه مجرد أشياء مزعجة ولكنها ليست تظاهراً زائفاً. لم يكن هناك أي مرض عقلي يعالج، فلم يكن هناك أي اضطراب يفلح معه أي علاج. كان الأمر كله دخاناً وانعكاسات : فالعمل على هلاوس الطفولة لم يكن يساعد مريض الفصام ومع ذلك يوجد فيلم ديفيد وليزا، واستئصال قطع من الفصوص الأمامية لم يكن يخفف الاكتئاب النفسي ومع ذلك منحت جائزة نوبل لعام ١٩٤٩ للطبيب النفسي البرتغالي أنطونيو مونين. وبالمقارنة وبعد مرور خمسين عاماً، فإن العلاج أو طرقاً معينة للتحليل النفسي كان يمكنها وبصورة ملحوظة تحسين أربعة عشر مرضا
عقلياً على الأقل. اثنان منهما، يمكن شفاؤهما : الاضطراب الهستيري ورهاب الدم والجروح كتبت كتاباً عام ١٩٩٤ بعنوان What You Can Change and What You Can't ،وليس هذا فقط، بل تم تشكيل علم الأمراض العقلية، والاكتئاب، وإدمان الكحوليات بدقة، وأصبحنا قادرين على رصد تطورها على مدى الحياة وعلى عزل المؤثرات العشوائية عن طريق الاختبارات، والأفضل من كل هذا استطعنا اكتشاف التأثير النافع للعقاقير وللتحليل النفسي لتخفيف المعاناة. كل هذا التقدم تقريباً يعود الفضل فيه مباشرة لبرامج البحوث التي مولها المعهد القومي للصحة العقلية وهي صفقة تكلفت حوالي عشرة بلايين دولار. والمردود بالنسبة لي كان أيضاً جيداً جداً. فبالعمل على "نموذج المرض" ، استفدت من
أكثر من ثلاثين عاماً من المنح غير المتطوعة لاكتشاف العجز في الحيوانات ثم في البشر. اقترحنا أن العجز المكتسب قد يكون نموذجاً من الاكتئاب أحادي القطب" وهو يعني اكتئاباً بدون هوس. قمنا باختبار أعراض متوازية، أسباب وعلاجات، إن العجز المكتب والاكتئاب يتسمان بنقص متشابه في كيمياء المخ ونفس العقاقير التي تخفف الاكتئاب أحادي القطب في البشر تخفف العجز في الحيوانات.وعلى الرغم من ذلك، أو يرى مريض أنه على الرغم من كونه محاسباً قليل الكفاءة إلا أن عملاءه دائماً ما يقدرون اجتهاده في تقدير مشاعرهم، وعندما تقوم مريضة بتنظيم أفكارها عن طريق صياغة مترابطة لأحداث حياتها من بين الفوضى الظاهرة من ردود أفعالها تجاه مشكلة بعد الأخرى، وأقوم بتصنيفها ثم استخدامها في التحليل وأراها تعمل كعازل ضد الاضطرابات العديدة والتي أصف أسماءها بعناية في النماذج التي ترسل لشركات التأمين بأن فكرة بناء القدرات العازلة كوسيلة علاجية لا تتلاءم ببساطة مع إطار يؤمن بأن كل مريض لديه اضطراب محدد، ولديه ضمنياً حزن محدد يمكن أن يخفف بوسيلة علاج محددة تشفي العيوب.وبعد عشر سنوات من عملنا على العجز المكتسب غيرت رأيي بشأن ما يجري في تجاربنا . لقد نبع كل شيء من بعض الاكتشافات المربكة التي كنت أظن أنها ستختفي. لم يتحول كل الفئران والكلاب إلى عجزة بعد التعرض للصعقات التي لا يمكن القرار منها، وكذلك لم يتحول كل الناس الذين تعرضوا لمشاكل بلا حل أو صحب لا يمكن الفكاك منه . واحد من بين كل ثلاثة لم ييأس أبداً، وفوق هذا ، واحد من بين كل ثمانية كان عاجزاً منذ البداية ، لم يكن يحتاج أي خبرة مع ما لا يمكنه التحكم فيه حتى يستسلم. حاولت أن أتجاهل ذلك، جاء الوقت الذي لابد أن أتعامل فيه مع الأمر بجدية. ما هذا الذي يجعل بعض الناس تظهر لديهم قدرات عازلة تجعلهم غير قابلين للعجز؟ وما الذي يجعل أناساً آخرين يتداعون مع أول
أوقفت السيارة وهرعت إلى الفندق. كان هناك هواتف بالعملة، أتراه يكون ديك أم أنها بات؟". إنني أنافس شخصيتين سياسيتين: "ديك سوان"، العمدة السابق لفورت كولتر، كلورادو وهو عالم نفس للرياضيين الأولبيين، ورئيس قسم علم النفس بجامعة ولاية كولورادو؛ و"بات بريكان"، وأماكن أخرى. لقد كنت غريباً لا أدعى لمثل هذه التجمعات. ولكنني لم أترأس شيئاً، "بات" و"ديك" كانا رؤساء العديد من المجموعات. آخر رئاسة لي أتذكرها، وأنا أعيد طلب الرقم،مازال هاتف دورثي مشغولاً وقفت أحدق في الهاتف بإحباط وعجز، لقد افترضت تلقائياً أن الأخبار سيئة. إنني حتى لم أتذكر أنني شغلت بالفعل منصباً رئاسياً آخر وكان لقسم العيادات النفسية وأعضائها ستة آلاف بالجمعية الأمريكية للطب النفسي ولقد أدرت منصبي بكفاءة. لقد نسيت أنني لست غريباً تماماً على الجمعية الأمريكية للطب النفسي، وإنما كنت فقط فتى ظهر متأخراً. لقد دفعت نفسي لليأس والفزع، إنني نموذج سيئ لنظريتي. إنهم يفكرون تلقائياً أن السبب دائم وسيعم كل شيء وشخص. سوف يستمر هذا إلى الأبد، وسوف يدمر كل شيء، وإنها غلطتي". وأنا خسرت لأنني لم أكن كفئاً بما يكفي، ولم أكرس المساحة الضخمة
والضرورية من حياتي لكي أفوز.والمتفائلون بالمقارنة لديهم قدرة تسمح لهم بتفسير هزائمهم على أنها عابرة، وناجمة عن ظروف مؤقتة أو أناس آخرين. كما اكتشفت من خلال العقدين الماضيين يكونون أقرب للاكتئاب من غيرهم بثمانية أضعاف عندما تقع الأحداث السيئة. أداؤهم أسوأ في المدرسة والرياضة وأغلب الوظائفودون قدراتهم، وصحتهم البدنية أسوأ وأعمارهم أقصر؛ لو كنت متفاءلاً ، وحتى لو خسرت، فهذا بسبب أن العيادات الممارسة الآن لديها عدد أضخم من المقترعين أكثر من العلوم الأكاديمية،ولكنني لست متفائلاً بشكل طبيعي. وإنني أستخدم الطريقة التي كتبت عنها في التفاؤل المكتسب يومياً. إنني أتعاطى الدواء الذي أصفه، وهو ينجح معي. إنني أستخدم الآن أحد أساليبي - مناقشة الأفكار الكارثية بينما أحدق في الهاتف وهو يتدلى من مكانه .نجحت المناقشة، وبينما أستعيد نشاطي وضح لي طريق آخر. أدرت رقم راي فولر. وقالت سكرتيرته بيتي : "انتظر الدكتور فولر دقيقة من فضلك يا دكتور سليجمان". راي، سرحت بذهني للوراء اثني عشر شهراً إلى جناح أحد الفنادق في واشنطن. وماندي وأنا نفتتح معاً حفلاً في كاليفورنيا. كان ثلاثة أطفال يميلون على الأريكة ويغنون موسيقى الليل" من أوبرا "فانتوم" . الذي هو في منتصف الستينات من العمر شخص وسيم، نحيل، يذكرني بروبرت إي لي وماركوس أولياس مجتمعين معاً في شخص واحد. وقبل
عشر سنوات من ذلك، كان قد انتخب رئيساً وانتقل إلى واشنطن العاصمة تاركاً جامعة ألا ياما حيث رأس قسم علم النفس لسنوات عديدة. وعلى الرغم من أنها لم تكن غلطته ، معتقدين أن الدهاء السياسي للغالبية من الممارسين قد أدى بالجمعية النفسية الأمريكية لأن تصبح أداة لمساندة العلاج النفسي في العيادات الخاصة وأهملت العلم. قام رأي بعقد هدنة في حرب الممارسة والعلم ودفع بالجمعية النفسية الأمريكية للأمام بصورة مدهشة وزاد عدد أعضائها إلى ١٦٠,٠٠٠ ، وربط بينها وبين الجمعية الكيميائية الأمريكية، فأصبحت أكبر
هل يمكنني أن أفوز؟ ولو حدث، هل سأحقق أي شيء يستحق ثلاث سنوات من عمري؟".فكر "راي" في الأمر بهدوء. عادة "راي" هي أن يفكر بهدوء، فهو جزيرة تأمل في المحيط العاصف لعالم السياسية في مجال علم النفس. ثم سألني: "لماذا تريد أن تصبح رئيساً يا مارتي؟" .أستطيع أن أقول لك يا راي إنني أود أن أجمع العلم والممارسة معاً. أو أنني أتمنى أن أرى أبحاث الصحة القليلة قد تضاعف تمويلها. ولكن في أعماقي، الأمر ليس كذلك، ولا أعرف ما هي. وأظن أنني عندما أصبح رئيساً للجمعية
سأعرف.تأمل راي ما قلته لثوان إضافية وقال: "نصف دستة ممن يرغبون في منصب الرئيس سألوني هذا السؤال في الأسابيع القليلة الماضية. إنني أحصل على راتبي من أجل جعل وقت الرئيس في المكتب أفضل أوقات حياته وظيفتي أن أقول لك إنه يمكنك أن تنجح، وإنك ستكون رئيساً عظيماً. في هذه الحالة، أظنني أعني ما أقول. أما إن كانت تستحق
إن لديك عائلة رائعة تنمو، والرئاسة تعني
قضاء الكثير من الوقت بعيداً عنهم". قاطعت زوجتي ماندي قائلة: كلا في الواقع شرطي الوحيد لدخول مارتي الانتخابات أن نشتري شاحنة وتذهب لأي مكان يذهب إليه. إننا ندرس لأبنائنا في المنزل وسوف نعلمهم في كل الأماكن التي سنزورها . ابتسمت ساندي زوجة راي، بسرور وهزت
قالت بيتي مقاطعة ذكرياتي: "معك راي الآن". "لقد فزت يا مارتي. إنك لم تفز فحسب ولكنك حصلت على أصوات أكثر ثلاث مرات
لقد اقترع ضعف العدد المعتاد. ولدهشتي، فزت. أقرب ما استطعته للموضوع كان الوقاية". ومساعدة الأشخاص الذين يحضرون للعلاج عندما تصبح متاعبهم غير محتملة. إن العلم المدعوم من المعهد القومي للصحة العقلية يركز على دراسات دقيقة "لتأثير" عقاقير مختلفة وأشكال متنوعة من العلاج النفسي على أمل أن يتم ترويج "العلاج الاختياري" لكل اضطراب بعينه. وجهة نظري أن العلاج دائماً ما يكون قد فات أوانه، وأنه مع التدخل عندما يكون الفرد مازال بحالة طيبة، فإن التدخلات الوقائية سوف توفر قدراً هائلاً من دموع الندم. كان هذا هو الدرس الرئيسي للقرن الماضي بشأن وسائل الصحة العامة : العلاج غير مؤكد، ولكن الوقاية شديدة التأثير؛ لاحظوا كيف أن جعل القابلات يغسلن أيديهن قد قضى على حمى النفاس وكيف أن التطعيم قد قضى على شلل الأطفال.هل يمكن أن تكون هناك تدخلات نفسية في مرحلة الشباب تحول دون الاكتئاب والفصام، والإيذاء الجسدي لدى الناضجين؟ كانت أبحاثي الشخصية طوال العقد الماضي تدور حول هذا السؤال. لقد اكتشفت أن تعليم أطفال في العاشرة من العمر مهارات التفكير والسلوك المتفائل تخفض معدل الاكتئاب إلى النصف عندما يصلون للبلوغ وقد ذكرت في كتابي السابق The Optimistic Child هذه النتائج بالتفصيل). وعليه فكرت أن فضائل الوقاية وأهمية
تشجيع علومها وممارساتها قد تكون هي فكرتي الأساسية.بعد مرور ستة أشهر في شيكاغو جمعت مجموعة عمل حول الوقاية لمدة يوم من
التخطيط كل من الأعضاء الاثني عشر كانوا من أفضل المحققين في المجال، وقدموا أفكاراً حول موقع جبهات الوقاية بالنسبة للمرض العقلي وللأسف، قتلني الملل. مع أخذ العقاقير التي نجحت واستعمالها مبكراً مع الشباب المعرض للخطر. كان كل شيء يبدو منطقياً، ولكن كان لدي تحفظان جعلا من الصعوبة أن أتابع بأكثر من نصف أذن. إن التقدم الذي يمكن أن يحدث لمنع المرض
العقلي يتأتى من إدراك وتنمية منظومة من القدرات والكفاءات والفضائل في الشباب؛ والأمل، ومهارات العلاقات الشخصية، والشجاعة، والقدرة على التدفق والإيمان وأخلاق العمل. إن ممارسة هذه القدرات تعمل كحاجز ضد المحن التي تعرض الناس لخطر المرض العقلي. إن الاكتئاب يمكن منعه في شابة لديها مخاطر جينية عن طريق تنمية
معرض لخطر الإيذاء وإدمان المخدرات بسبب انتشار الاتجار بها في الحي الذي يعيش فيه، يكون أقل ضعفاً إذا كانت لديه رؤية مستقبلية، ويمارس الرياضة بنشاط ولديه أخلاق عمل قوية. ولكن بناء هذه القدرات كمازل
أو "بروزاك" لن يفلح، فإن مثل هذا البرنامج العلمي سوف يجذب فقط التابعين. وإحياء علم الوقاية يحتاج إلى الشباب النابه والعلماء المجددين الذين صنعوا التقدم الحقيقي عبر التاريخ في أي مجال.وبينما أجر قدمي باتجاه الباب الدوار استوقفني أكثر الأساتذة مهاجمة للمعتقدات التقليدية قائلاً : "هذا شيء ممل بحق يا مارتي.الأمر".بعد مرور أسبوعين لمحت ما يمكن أن يكون أساساً بينما أزيل الحشائش في حديقتي بصحبة ابنتي نيكي ذات الخمسة أعوام. ولابد وأن أعترف أنه على الرغم من تأليفي لكتاب وكتابتي للعديد من المقالات عن الأطفال، إلا أنني بالفعل لا أحسن التعامل معهم. إنني بطبيعتي أركز على الهدف وأشعر بضغط الوقت، وعليه عندما أقوم باقتلاع الحشائش في الحديقة،أقتلع الحشائش بكل كياني. ولكن نيكي كانت تلقي بالحشائش في الهواء وترقص وتغني، ولأنها تشتتني فقد صرخت فيها فسارت مبتعدة.التحدث إليك"."ما الأمر يا تيكي؟".هل تذكر يا أبي ما قبل عيد ميلادي الخامس منذ كنت في الثالثة حتى الخامسة من عمري، كنت كثيرة الشكوى والتذمر. وفي يوم عيد ميلادي الخامس


النص الأصلي

مرحباً مارتي، أعرف أنك كنت تنتظر بقلق. إليك النتائج .. صوت عال حاد. طنين.


صوت عال حاد. ثم صمت.


عرفت الصوت، إنها دورثي كنتور رئيسة الجمعية النفسية الأمريكية التي تضم في عضويتها ۱۹۰۰۰۰ عضو، وكانت محقة في أنني قلق. كان الاقتراع لانتخاب خلف لها قد انتهى لتوه وكنت أحد المرشحين ولكن هل حاولت مرة استخدام هاتف السيارة وسط سلسلة


من الجبال الشاهقة؟


صرخ والد زوجتي دنيس بلهجته البريطانية المرتفعة: "هل كان هذا بشأن نتائج الانتخابات؟". ومن المقعد الخلفي للسيارة المكدسة، كنت أسمعه بالكاد وسط أصوات أطفالي الثلاثة وهم يغنون بقوة أغنية : يوم واحد آخر يوم آخر واحد من رواية "البؤساء". عضضت شفتي في إحباط من الذي دفع بي إلى هذه الأمور السياسية على أية حال؟ لقد كنت أستاذاً في برج عاجي ومحتمياً بالجامعة لدي معمل يئز دائماً، والعديد من المنح، وطلبة مخلصون، وكتاب من الكتب الأفضل مبيعاً، واجتماعات بالكلية مملة، ولكنها محتملة وأعتبر نفسي شخصاً مركزياً في مجالين أكاديميين: العجز المكتسب والتفاؤل المكتسب. فمن ذا الذي يحتاج للرئاسة؟


أنا أحتاجها. وبينما أنا في انتظار عودة الهاتف للحياة، سرحت بذهني للوراء أربعين


عاماً لجذوري كمعالج نفسي هناك، وجدت فجأة جيني أولبرايت وباربرا ويليس وسالي
إيكرت، الاهتمام الرومانسي غير المتحقق لطفل ممتلى في الثالثة عشر من العمر ومن الطبقة المتوسطة فجأة يدفع إلى مدرسة معلوءة بأطفال كان أهلهم يعيشون في ألبانيا لمدة ثلاثمائة عام، وأطفال شديدي الثراء ورياضيين من الدرجة الأولى تفوقت في امتحانات القبول للأكاديمية الألبانية للبنين في تلك الأيام الناعسة لأيزنهاور. لا يمكن لأحد أن يلتحق بكلية جيدة من خريجي المدارس الألبانية العامة، وعليه فإن والدي، وكلاهما موظف مدني، اقتطعا جزءاً كبيراً من مدخراتهما ليدفعا لي ستمائة دولار كمصاريف. كانا محقين في الحاقي بكلية جيدة، ولكن لم يكن لديهما فكرة عن الآلام التي يعانيها طفل من طبقة منخفضة ينظر له بدونية عبر خمس سنوات من طالبات الأكاديمية الألبانية للبنات


والأسوأ من ذلك من أمهاتهن.


ماذا يمكنني أن أكون حتى أجذب اهتماماً ضئيلاً من جيني، صاحبة الأنف المنحدرة، أو باربرا، نبع أحاديث الشهوة في أوائل البلوغ، أو الأكثر استحالة ، سمراء الشتاء، سالي؟ ربما أستطيع أن أتحدث إليهن عن مشاكلهن. يا لها من فكرة ذكية أظن أنه لم يستمع إليهن أي شاب وهن يجترون افتقادهن للأمان، وكوابيهن وخيالاتهن الكتيبة، ولحظات قنوطهن قمت بتجربة الدور ثم عدت


مستريحاً إلى محرابي.


نعم، دورثي من فضلك، من الذي فاز؟". إن الاقتراع لم يكن ... صوت عال حاد، ثم صمت. كلمة "لم" بدت كخبر سيئ.


سرحت بذهني مرة أخرى، مكتئباً تخيلت كيف كانت الأمور في واشنطن العاصمة عام ١٩٤٦. عادت الجيوش من أوروبا والمحيط الهادي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ؛ البعض مصاب بدنياً، وآخرون كثيرون مصدومون عاطفياً من الذي سيداوي المحاربين الأمريكان الذين ضحوا بالكثير لنبقى أحراراً؟ الأطباء النفسيون بلا شك، فهذه رسالتهم التي يحملونها، أن يكونوا أطباء للروح. وبدءاً من كربلين، وجانيت، وبلولر، وفرويد حققوا جميعاً نجاحاً نال الثناء طويلاً، وإن لم يكن عالمياً في تاريخ علاج النفوس المصابة . ولكن كان واضحاً أنه لا يوجد منهم الكثير لينتشروا : إن التدريب كان طويلاً (أكثر من ثماني سنوات من العمل بعد التخرج، ومكلفاً، وشديد الانتقائية. وليس هذا فقط، لقد كانوا يحصلون على مبالغ كبيرة نظير خدماتهم. ثم هل يقضي المريض خمسة أيام أسبوعياً مستلقياً على أريكة؟ هل هذا يفلح فعلاً؟ هل يمكن أن يتم تمرين عدد أضخم من الأفراد لهذه المهنة النادرة حتى ينخرطوا في العمل ويعالجوا الجراح العقلية لمحاربينا؟ وتساءل
الكونجرس: "وماذا عن علماء النفس؟".


من هم علماء النفس؟ كيف كانوا يكسبون عيشهم عام ١٩٤٦ على أية حال؟ بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، كان علم النفس مهنة صغيرة. معظم علماء النفس كانوا أكاديميين يسعون إلى اكتشاف الخطوات الأساسية للتعلم واكتشاف الدوافع (عادة تجرى التجارب على الفئران البيضاء ومن منظور طلبة الصف الثاني من الكلية عادة. كانوا يجرون التجارب من أجل العلم المحض دون أن يبالوا إن كانت القوانين الأساسية التي يكتشفونها يمكن تطبيقها على أي شيء على الإطلاق. وكان علماء النفس الذين يقومون بأعمال تطبيقية سواء في البحث العلمي أو على أرض الواقع لديهم ثلاث مهام، الأولى أن يعالجوا المرض العقلي. وفي أغلب الأحوال، كانوا يقومون بمهمة الاختبار وليس العلاج والذي كان مقصوراً على الأطباء النفسانيين المهمة الثانية يضطلع بها علماء النفس الذين يعملون في الصناعة والجيش والمدارس؛ وهي مهمة أن يجعلوا حياة الناس العاديين أكثر سعادة وأكثر إنتاجية وأكثر إشباعاً. والمهمة الثالثة هي: تحديد ورعاية الصغار المميزين،


وذلك بمتابعة الأطفال ذوي مقياس الذكاء المرتفع جداً عبر تطورهم.


قانون المحاربين القدماء لعام ١٩٤٦ - بالإضافة لأشياء أخرى كثيرة منع مجموعة من علماء النفس المعالجة المحاربين المرضى. تم تمويل رابطة من علماء النفس للتدريب بعد التخرج وبدءوا يشاركون الأطباء النفسانيين في وصف العلاج. وقطعاً، العديدون بدءوا يعالجون المشاكل بين غير المحاربين، مؤسسين عيادات خاصة ومطالبين شركات التأمين بأن تدفع لهم نظير خدماتهم خلال عشرين عاماً ، تجاور عدد علماء النفس الذين يعملون في العيادات الطبية أو المعالجين النفسيين، كما كانوا يعرفون مجموع باقي العاملين في المهنة مجتمعين، وأصدرت العديد من الولايات قوانين تحرم الجميع عدا المعالجين النفسانيين حتى من اسم "عالم نفس". إن رئاسة الجمعية الأمريكية النفسية، والتي كانت أعلى شرف علمي، انتقلت مراراً للمعالجين النفسيين والتي كانت أسماؤهم لامعة ولكنهم غير معلومين لعلماء النفس الأكاديميين. كاد علم النفس وعلاج الأمراض العقلية أن يصبحا شيئاً واحداً. وتراجعت رسالته التاريخية في أن يجعل حياة الناس المضطربين أكثر إنتاجية، وأكثر إشباعاً، للمقعد الخلفي البعيد لمجرد مداواة الاضطرابات. وتم إهمال محاولات


تحديد ورعاية العباقرة.


لمدة وجيزة فقط ظل علماء النفس الأكاديميون مع فئرانهم وطلابهم لديهم مناعة ضد الإغراء المعروض لدراسة الأشخاص المضطربين. وفي عام ١٩٤٧ أنشأ الكونجرس المعهد القومي للصحة العقلية وكرس له تمويلاً فخماً ما كان أحد يحلم به من قبل. ولمدة من الزمن وجدت البحوث العادية حول الأعراض السيكولوجية الطبيعية وغير الطبيعية)، بعض التشجيع في المعهد القومي للصحة العقلية ولكن المعهد يديره أطباء نفسانيون، وعلى الرغم من اسم المعهد ورسالته المقرة من الكونجرس، فقد تحول بالتدريج لكي يماثل معهداً قومياً للأمراض العقلية؛ عمل بحثي رائع، ولكنه مكرس للاضطرابات العقلية بدلاً من الصحة العقلية. إن مقدمي طلبات المنح الناجحين في عام ١٩٧٢ كان لابد وأن يوضحوا أهميتهم"، وبعبارة أخرى، علاقتهم بأسباب وعلاجات الاضطرابات العقلية. وبدأ علماء النفس الأكاديميون يوجهون فئرانهم وطلبتهم في اتجاه الأمراض العقلية. ولقد استشعرت هذا الضغط عندما تقدمت لطلب أول منحة في عام ١٩٦٨ ، ولكن بالنسبة لي على الأقل، لم يكن الأمر عبثاً لأن طموحي كان تخفيف المعاناة.


صرخت زوجتي "ماندي": "لماذا لا نتوجه إلى ييلوستون؟ حتماً سنجد هواتف بالعملة هناك". كان الأطفال قد اندفعوا إلى ترديد يصم الآذان : هل تسمع الناس يغنون؛ يغنون أغنية الرجال الغاضبين؟". استدرت عائداً، وعدت إلى الذكريات وأنا أقود السيارة.


إنني في إيثاكا بنيويورك والعام هو ۱۹٦٨. إنني في السنة الثانية كمساعد لأستاذ علم نفس بكورنويل وأكبر طلبتي بعامين. عندما كنت طالبا في السنة النهائية بجامعة بنسلفانيا، اشتركت مع ستيف ماير وبروس أوثرمين في دراسة ظاهرة مؤثرة تسمى "العجز المكتسب" . اكتشفنا أن الكلاب التي تتعرض لصعق كهربائي مؤلم لا تستطيع التخلص منه بأي من حركاتها تكف فيما بعد عن المحاولة. وبهمهمات ضعيفة تتقبل بسلبية الصعقات، حتى لو كانت الصحقات الأخيرة يسهل الفرار منها. هذه الاكتشافات شدت انتباه الباحثين في نظرية التعلم، لأن الحيوانات ليس من المتوقع أن تستطيع معرفة أن أي شيء تفعله لا يحدث فارقاً، وأن هناك علاقة عشوائية بين أفعالها وما تتعرض له. الفرضية الأساسية لهذا المجال هي أن التعلم يحدث فقط عندما يتسبب فعل ما مثل الضغط على قضيب) في نتيجة ما مثل كرة طعام). أو عندما لا يعود الضغط على القضيب ينتج الطعام. إن تعلم أن كرة الطعام ستظهر بعشوائية سواء ضغطت على القضيب أو لم تضغط، كان يظن أنه بعيد عن قدرة الحيوانات والبشر أيضاً). التعلم من العشوائية (أن لا شيء تفعله سيؤش هو عمل إدراكي، ونظرية التعلم متورطة في فكرة التحفيز رد الفعل التعزيزي الآلي، وهي فكرة تجنب التفكير والعقيدة والتوقع. هذه الفكرة تقول بأن الحيوانات والبشر لا يستطيعون فهم الاحتمالات المركبة، ولا يستطيعون تكوين توقعات عن المستقبل، وبالتأكيد لا يستطيعون


معرفة أنهم عاجزون، والعجز المكتسب يتحدى الحقائق المحورية في مجال عملي. ولنفس هذا السبب لم تكن مأساة الظاهرة أو جوانبها المؤثرة الحزينة (كانت الحيوانات تبدو مكتئبة تماماً هي التي أثارت انتباه زملائي ولكن دلالاتها بالنسبة
للنظرية. وبالمقارنة كنت مأخوذاً بشدة بدلالات ذلك على المعاناة الإنسانية. بداية بوضعي الاجتماعي كمعالج نفسي لجيني وباربرا وسالي، فإن دراسة الاضطرابات قد أضحت هدفي إن معطيات ونتائج نظرية التعلم كانت مجرد محطات على الطريق نحو فهم علمي


الأسباب وعلاجات المعاناة. وبينما أنا جالس أكتب على مكتبي الرمادي بين أحشاء معملي، وهو في مبنى ريفي تم


تحويله المعمل في ضواحي نيويورك، لم أكن أحتاج لأن أتردد بشأن ما إذا كنت سأناقش دلالات العجز المكتسب على المرض العقلي. تطلبت منحتي الأولى وكل ما تلاها عبر الثلاثين عاماً التالية - وضع أبحاثي بوضوح في إطار فهم وعلاج الأمراض. وبعد سنوات


قليلة لم يعد كافياً اختبار الفئران والكلاب التي قد تكون مكتئبة. إن على الباحثين أن يدرسوا الاكتئاب لدى البشر. وبعد ذلك، وخلال عشر سنوات ظهر طلبة الصف الثاني المكتئبون أيضاً. إن الطبعة الثالثة للدليل التشخيصي والإحصائي للجمعية الأمريكية للأطباء النفسانيين تصنف أنواع الاضطرابات الحقيقية، وبدون أن تقدم نفسك على أنك مريض ويكون لديك على الأقل خمسة أعراض حادة من الأعراض التسعة، فلست بالفعل مكتئباً . إن طلبة السنة الثانية لو استمروا في المدارس لأمكنهم الاستمرار في العمل. ولا يمكن أن يشعروا بذلك الشيء الحاد حقيقة الاضطراب الاكتئابي وعليه فلن يستطيعوا الاشتراك في التجارب الرئيسية. وعندما تكيف معظم باحثي علم النفس مع المطلب الجديد بأن البحث


لابد وأن يتم على مرضى مسجلين، فإن معظم علم النفس الأكاديمي تراجع تماماً وأصبح خادماً في مشروع الاضطرابات النفسية. توماس زاس - وهو طبيب نفساني سليط اللسان يقول متشككاً ومنزعجاً : "إن علم النفس مهنة تقلد مهنة تسمى الطب النفسي" .


وبخلاف العديد من زملائي، فإنني أتعامل مع كل هذا سعيداً، بحولاً البحث العلمي بعيداً عن البحث الرئيسي باتجاه البحث التطبيقي الذي يوضح المعاناة، وهذا مناسب لي. ولو اضطررت للتكيف مع أنماط الطب النفسي، فإنني أصوغ عملي وفقاً لأحدث


أنماط التبويب للجمعية الأمريكية للطب النفسي، وأجعل التشخيص الرسمي يزين موضوع البحث، وهذه مجرد أشياء مزعجة ولكنها ليست تظاهراً زائفاً.


وبالنسبة للمرضى كان مردود طريقة المعهد القومي للصحة العقلية في معالجة الأمر هائلاً. ففي عام ١٩٤٥ ، لم يكن هناك أي مرض عقلي يعالج، فلم يكن هناك أي اضطراب يفلح معه أي علاج. كان الأمر كله دخاناً وانعكاسات : فالعمل على هلاوس الطفولة لم يكن يساعد مريض الفصام ومع ذلك يوجد فيلم ديفيد وليزا، واستئصال قطع من الفصوص الأمامية لم يكن يخفف الاكتئاب النفسي ومع ذلك منحت جائزة نوبل لعام ١٩٤٩ للطبيب النفسي البرتغالي أنطونيو مونين. وبالمقارنة وبعد مرور خمسين عاماً، فإن العلاج أو طرقاً معينة للتحليل النفسي كان يمكنها وبصورة ملحوظة تحسين أربعة عشر مرضا
عقلياً على الأقل. اثنان منهما، من وجهة نظري، يمكن شفاؤهما : الاضطراب الهستيري ورهاب الدم والجروح كتبت كتاباً عام ١٩٩٤ بعنوان What You Can Change and What You Can't ، موثقاً هذا التقدم بالتفصيل).


وليس هذا فقط، بل تم تشكيل علم الأمراض العقلية، وأصبحنا قادرين على تشخيص وقياس المفاهيم المشوشة مثل الفصام، والاكتئاب، وإدمان الكحوليات بدقة، وأصبحنا قادرين على رصد تطورها على مدى الحياة وعلى عزل المؤثرات العشوائية عن طريق الاختبارات، والأفضل من كل هذا استطعنا اكتشاف التأثير النافع للعقاقير وللتحليل النفسي لتخفيف المعاناة. كل هذا التقدم تقريباً يعود الفضل فيه مباشرة لبرامج البحوث التي مولها المعهد القومي للصحة العقلية وهي صفقة تكلفت حوالي عشرة بلايين دولار. والمردود بالنسبة لي كان أيضاً جيداً جداً. فبالعمل على "نموذج المرض" ، استفدت من


أكثر من ثلاثين عاماً من المنح غير المتطوعة لاكتشاف العجز في الحيوانات ثم في البشر. اقترحنا أن العجز المكتسب قد يكون نموذجاً من الاكتئاب أحادي القطب" وهو يعني اكتئاباً بدون هوس. قمنا باختبار أعراض متوازية، أسباب وعلاجات، واكتشفنا أن كلاً من الأشخاص المكتئبين الذين يزوروننا في العيادة والأشخاص الذين يصبحون عاجزين بسبب مشاكل بلا حل، يصبحون سلبيين، وأكثر بطئاً في التعلم وأكثر حزناً وأكثر قلقاً من الأشخاص غير المكتئبين أو الخاضعين للعلاج. إن العجز المكتب والاكتئاب يتسمان بنقص متشابه في كيمياء المخ ونفس العقاقير التي تخفف الاكتئاب أحادي القطب في البشر تخفف العجز في الحيوانات.


وعلى الرغم من ذلك، كان هناك قلق حقيقي في ذهني حول هذا التركيز الكلي على اكتشاف النقائص وعلاج القصور فكمعالج نفسي كنت أرى مرضى يوافقهم "نموذج المرض" ولكنني أيضاً كنت أرى مرضى يتغيرون بصورة ملحوظة للأفضل تحت منظومة من الظروف التي لا تتلاءم مع "نموذج المرض". شاهدت النمو والتحول في هؤلاء المرضى عندما يدركون كم هم أقوياء. فعندما ترى مريضة تم المحتصابها حقيقة أنه رغم أن الماضي لا يمكن تغييره إلا أن المستقبل في يديها، أو يرى مريض أنه على الرغم من كونه محاسباً قليل الكفاءة إلا أن عملاءه دائماً ما يقدرون اجتهاده في تقدير مشاعرهم، وعندما تقوم مريضة بتنظيم أفكارها عن طريق صياغة مترابطة لأحداث حياتها من بين الفوضى الظاهرة من ردود أفعالها تجاه مشكلة بعد الأخرى، أرى حينئذ العديد من القدرات الإنسانية، وأقوم بتصنيفها ثم استخدامها في التحليل وأراها تعمل كعازل ضد الاضطرابات العديدة والتي أصف أسماءها بعناية في النماذج التي ترسل لشركات التأمين بأن فكرة بناء القدرات العازلة كوسيلة علاجية لا تتلاءم ببساطة مع إطار يؤمن بأن كل مريض لديه اضطراب محدد، ولديه ضمنياً حزن محدد يمكن أن يخفف بوسيلة علاج محددة تشفي العيوب.
وبعد عشر سنوات من عملنا على العجز المكتسب غيرت رأيي بشأن ما يجري في تجاربنا . لقد نبع كل شيء من بعض الاكتشافات المربكة التي كنت أظن أنها ستختفي. لم يتحول كل الفئران والكلاب إلى عجزة بعد التعرض للصعقات التي لا يمكن القرار منها، وكذلك لم يتحول كل الناس الذين تعرضوا لمشاكل بلا حل أو صحب لا يمكن الفكاك منه . واحد من بين كل ثلاثة لم ييأس أبداً، مهما فعلنا . وفوق هذا ، واحد من بين كل ثمانية كان عاجزاً منذ البداية ، لم يكن يحتاج أي خبرة مع ما لا يمكنه التحكم فيه حتى يستسلم. في البداية، حاولت أن أتجاهل ذلك، ولكن بعد عشر سنوات من تنوعات ثابتة، جاء الوقت الذي لابد أن أتعامل فيه مع الأمر بجدية. ما هذا الذي يجعل بعض الناس تظهر لديهم قدرات عازلة تجعلهم غير قابلين للعجز؟ وما الذي يجعل أناساً آخرين يتداعون مع أول


بادرة للمشاكل ؟


أوقفت السيارة وهرعت إلى الفندق. كان هناك هواتف بالعملة، ولكن هاتف دورثي كان مشغولا. وقلت لنفسي : "إنها تتحدث إلى الفائز على الأرجح. أتراه يكون ديك أم أنها بات؟". إنني أنافس شخصيتين سياسيتين: "ديك سوان"، العمدة السابق لفورت كولتر، كلورادو وهو عالم نفس للرياضيين الأولبيين، ورئيس قسم علم النفس بجامعة ولاية كولورادو؛ و"بات بريكان"، مرشحة الأغلبية لمجموعة المعالجين النفسانيين بالجمعية الأمريكية للطب النفسي، وهي نفسها نموذج للمعالج النفسي كما أنها شخصية إعلامية. كلاهما أمضى معظم العشرين عاما الأخيرة في الاجتماعات السرية للجمعية الأمريكية للطب النفسي بواشنطن، وأماكن أخرى. لقد كنت غريباً لا أدعى لمثل هذه التجمعات. وفي الواقع، ما كنت لأذهب لو طلب مني الذهاب لأنني لدي فترة انتباه أقل من أطفالي في حالة اجتماعات اللجان. كل من "بات" و"ديك" قد ترأس تقريباً كل منصب ضخم للجمعية الأمريكية للطب النفسي ماعدا الرئاسة. ولكنني لم أترأس شيئاً، "بات" و"ديك" كانا رؤساء العديد من المجموعات. آخر رئاسة لي أتذكرها، وأنا أعيد طلب الرقم، كانت لفصلي في المرحلة التاسعة.


مازال هاتف دورثي مشغولاً وقفت أحدق في الهاتف بإحباط وعجز، وأخذت نفساً عميقاً وراجعت ردود أفعالي. لقد افترضت تلقائياً أن الأخبار سيئة. إنني حتى لم أتذكر أنني شغلت بالفعل منصباً رئاسياً آخر وكان لقسم العيادات النفسية وأعضائها ستة آلاف بالجمعية الأمريكية للطب النفسي ولقد أدرت منصبي بكفاءة. لقد نسيت أنني لست غريباً تماماً على الجمعية الأمريكية للطب النفسي، وإنما كنت فقط فتى ظهر متأخراً. لقد دفعت نفسي لليأس والفزع، وابتعدت عن كل مصادر قوتي؛ إنني نموذج سيئ لنظريتي.
إن المتشائمين لديهم طريقة مؤذية في صنع هزائمهم وإحباطاتهم. إنهم يفكرون تلقائياً أن السبب دائم وسيعم كل شيء وشخص. سوف يستمر هذا إلى الأبد، وسوف يدمر كل شيء، وإنها غلطتي". وضبطت نفسي مرة أخرى أقوم بهذا : إن هاتف مشغول يعني أنني قد خسرت الانتخابات. وأنا خسرت لأنني لم أكن كفئاً بما يكفي، ولم أكرس المساحة الضخمة


والضرورية من حياتي لكي أفوز.


والمتفائلون بالمقارنة لديهم قدرة تسمح لهم بتفسير هزائمهم على أنها عابرة، وأنها خاصة بمشكلة واحدة، وناجمة عن ظروف مؤقتة أو أناس آخرين. إن المشائمين، كما اكتشفت من خلال العقدين الماضيين يكونون أقرب للاكتئاب من غيرهم بثمانية أضعاف عندما تقع الأحداث السيئة. أداؤهم أسوأ في المدرسة والرياضة وأغلب الوظائفودون قدراتهم، وصحتهم البدنية أسوأ وأعمارهم أقصر؛ وعلاقاتهم الشخصية أكثر اهتزازاً ، ويخسرون انتخابات الرئاسة الأمريكية لصالح منافسيهم التفائلين. لو كنت متفاءلاً ، لكنت قد اعتبرت أن الهاتف المشغول يعني أن دورتي مازالت تحاول أن تصل إلي لإخباري بأنني قد فزت، وحتى لو خسرت، فهذا بسبب أن العيادات الممارسة الآن لديها عدد أضخم من المقترعين أكثر من العلوم الأكاديمية، وأنا في النهاية المستشار العلمي لتقارير المستهلك والتي تقرر مدى نجاح العلاج النفسي. وعليه فإنني في موقع جيد يجمع بين العملي والعلمي معا، ومن المتوقع أن أفوز إذا


دخلت انتخابات العام المقبل.


ولكنني لست متفائلاً بشكل طبيعي. إنني متشائم ثابت على المبدأ، وأعتقد أن المتشائمين فقط هم الذين يقدرون على كتابة كتب متزنة وحساسة عن التفاؤل، وإنني أستخدم الطريقة التي كتبت عنها في التفاؤل المكتسب يومياً. إنني أتعاطى الدواء الذي أصفه، وهو ينجح معي. إنني أستخدم الآن أحد أساليبي - مناقشة الأفكار الكارثية بينما أحدق في الهاتف وهو يتدلى من مكانه .


نجحت المناقشة، وبينما أستعيد نشاطي وضح لي طريق آخر. أدرت رقم راي فولر. وقالت سكرتيرته بيتي : "انتظر الدكتور فولر دقيقة من فضلك يا دكتور سليجمان".


وبينما أنتظر د. راي، سرحت بذهني للوراء اثني عشر شهراً إلى جناح أحد الفنادق في واشنطن. كان راي وزوجته ساندي، وماندي وأنا نفتتح معاً حفلاً في كاليفورنيا. كان ثلاثة أطفال يميلون على الأريكة ويغنون موسيقى الليل" من أوبرا "فانتوم" .


راي، الذي هو في منتصف الستينات من العمر شخص وسيم، نحيل، ذو لحية قصيرة، يذكرني بروبرت إي لي وماركوس أولياس مجتمعين معاً في شخص واحد. وقبل
عشر سنوات من ذلك، كان قد انتخب رئيساً وانتقل إلى واشنطن العاصمة تاركاً جامعة ألا ياما حيث رأس قسم علم النفس لسنوات عديدة. وعلى الرغم من أنها لم تكن غلطته ، تداعت الجمعية النفسية الأمريكية، في خلال شهور تزايدت مطالب مجلة علم النفس اليوم Psychology Today التي مولتها الجمعية بصورة مبالغة. وفي ذات الوقت هددت جماعة منظمة من الأكاديميين الساخطين وكنت من بينهم بسيرة خارج المنظمة، معتقدين أن الدهاء السياسي للغالبية من الممارسين قد أدى بالجمعية النفسية الأمريكية لأن تصبح أداة لمساندة العلاج النفسي في العيادات الخاصة وأهملت العلم. وعندما انتقل من الرئاسة إلى مقعد السلطة الحقيقي كمدير تنفيذي في خلال عقد، قام رأي بعقد هدنة في حرب الممارسة والعلم ودفع بالجمعية النفسية الأمريكية للأمام بصورة مدهشة وزاد عدد أعضائها إلى ١٦٠,٠٠٠ ، وربط بينها وبين الجمعية الكيميائية الأمريكية، فأصبحت أكبر


منظمة للعلماء في العالم.


قلت : "راي، إنني بحاجة لنصيحة لا مجاملة فيها. إنني أفكر في خوض انتخابات الرئاسة للجمعية. هل يمكنني أن أفوز؟ ولو حدث، هل سأحقق أي شيء يستحق ثلاث سنوات من عمري؟".


فكر "راي" في الأمر بهدوء. عادة "راي" هي أن يفكر بهدوء، فهو جزيرة تأمل في المحيط العاصف لعالم السياسية في مجال علم النفس. ثم سألني: "لماذا تريد أن تصبح رئيساً يا مارتي؟" .


أستطيع أن أقول لك يا راي إنني أود أن أجمع العلم والممارسة معاً. أو أنني أريد أن أرى علم النفس يتحدى هذا النظام المؤذي المحكوم بعناية بأن أذهب لأبعد من بحوث فعالية العلاج، أو أنني أتمنى أن أرى أبحاث الصحة القليلة قد تضاعف تمويلها. ولكن في أعماقي، الأمر ليس كذلك، إنه شيء غير منطقي. هل تذكر الصورة في نهاية "أوديسا الفضاء ۲۰۰۱ : ذلك الجنين الضخم الذي يطفو فوق الأرض وهو لا يدري ما هو آت؟ أظن أن لدي رسالة يا راي، ولا أعرف ما هي. وأظن أنني عندما أصبح رئيساً للجمعية


سأعرف.


تأمل راي ما قلته لثوان إضافية وقال: "نصف دستة ممن يرغبون في منصب الرئيس سألوني هذا السؤال في الأسابيع القليلة الماضية. إنني أحصل على راتبي من أجل جعل وقت الرئيس في المكتب أفضل أوقات حياته وظيفتي أن أقول لك إنه يمكنك أن تنجح، وإنك ستكون رئيساً عظيماً. في هذه الحالة، أظنني أعني ما أقول. أما إن كانت تستحق
ثلاث سنوات من عمرك أم لا فهذا أصعب. إن لديك عائلة رائعة تنمو، والرئاسة تعني


قضاء الكثير من الوقت بعيداً عنهم". قاطعت زوجتي ماندي قائلة: كلا في الواقع شرطي الوحيد لدخول مارتي الانتخابات أن نشتري شاحنة وتذهب لأي مكان يذهب إليه. إننا ندرس لأبنائنا في المنزل وسوف نعلمهم في كل الأماكن التي سنزورها . ابتسمت ساندي زوجة راي، بسرور وهزت


رأسها موافقة.


قالت بيتي مقاطعة ذكرياتي: "معك راي الآن". "لقد فزت يا مارتي. إنك لم تفز فحسب ولكنك حصلت على أصوات أكثر ثلاث مرات


من المرشح الذي يليك. لقد اقترع ضعف العدد المعتاد. لقد فزت بأكبر نسبة في التاريخ !". ولدهشتي، فزت. ولكن ما رسالتي؟


كنت بحاجة لطرح موضوعي الرئيسي في الحال والبدء في تجميع أشخاص متعاطفين للقيام به. أقرب ما استطعته للموضوع كان الوقاية". لقد ركز معظم علماء النفس في العمل وفقاً لنموذج المرض على العلاج، ومساعدة الأشخاص الذين يحضرون للعلاج عندما تصبح متاعبهم غير محتملة. إن العلم المدعوم من المعهد القومي للصحة العقلية يركز على دراسات دقيقة "لتأثير" عقاقير مختلفة وأشكال متنوعة من العلاج النفسي على أمل أن يتم ترويج "العلاج الاختياري" لكل اضطراب بعينه. وجهة نظري أن العلاج دائماً ما يكون قد فات أوانه، وأنه مع التدخل عندما يكون الفرد مازال بحالة طيبة، فإن التدخلات الوقائية سوف توفر قدراً هائلاً من دموع الندم. كان هذا هو الدرس الرئيسي للقرن الماضي بشأن وسائل الصحة العامة : العلاج غير مؤكد، ولكن الوقاية شديدة التأثير؛ لاحظوا كيف أن جعل القابلات يغسلن أيديهن قد قضى على حمى النفاس وكيف أن التطعيم قد قضى على شلل الأطفال.


هل يمكن أن تكون هناك تدخلات نفسية في مرحلة الشباب تحول دون الاكتئاب والفصام، والإيذاء الجسدي لدى الناضجين؟ كانت أبحاثي الشخصية طوال العقد الماضي تدور حول هذا السؤال. لقد اكتشفت أن تعليم أطفال في العاشرة من العمر مهارات التفكير والسلوك المتفائل تخفض معدل الاكتئاب إلى النصف عندما يصلون للبلوغ وقد ذكرت في كتابي السابق The Optimistic Child هذه النتائج بالتفصيل). وعليه فكرت أن فضائل الوقاية وأهمية


تشجيع علومها وممارساتها قد تكون هي فكرتي الأساسية.


بعد مرور ستة أشهر في شيكاغو جمعت مجموعة عمل حول الوقاية لمدة يوم من


التخطيط كل من الأعضاء الاثني عشر كانوا من أفضل المحققين في المجال، وقدموا أفكاراً حول موقع جبهات الوقاية بالنسبة للمرض العقلي وللأسف، قتلني الملل. لم تكن المشكلة في جدية الموضوع أو قيمة الحلول ولكن في كم الرتابة التي بدأ عليها العلم. كان فقط نموذج المرض بلا تجديد وأعيدت صياغته بحيوية، مع أخذ العقاقير التي نجحت واستعمالها مبكراً مع الشباب المعرض للخطر. كان كل شيء يبدو منطقياً، ولكن كان لدي تحفظان جعلا من الصعوبة أن أتابع بأكثر من نصف أذن.


الأول، أعتقد أن ما نعرفه عن علاج الاضطرابات المخية والعقلية يقول لنا القليل عن كيفية منع هذه الاضطرابات في المقام الأول. إن التقدم الذي يمكن أن يحدث لمنع المرض


العقلي يتأتى من إدراك وتنمية منظومة من القدرات والكفاءات والفضائل في الشباب؛ مثل الرؤية المستقبلية، والأمل، ومهارات العلاقات الشخصية، والشجاعة، والقدرة على التدفق والإيمان وأخلاق العمل. إن ممارسة هذه القدرات تعمل كحاجز ضد المحن التي تعرض الناس لخطر المرض العقلي. إن الاكتئاب يمكن منعه في شابة لديها مخاطر جينية عن طريق تنمية


مهاراتها في التفاؤل والأمل وشاب من وسط المدينة، معرض لخطر الإيذاء وإدمان المخدرات بسبب انتشار الاتجار بها في الحي الذي يعيش فيه، يكون أقل ضعفاً إذا كانت لديه رؤية مستقبلية، ويمارس الرياضة بنشاط ولديه أخلاق عمل قوية. ولكن بناء هذه القدرات كمازل


بعيد عن نموذج المرض الذي يهتم فقط بعلاج القصور والعيوب.


ثانياً: بعيداً عن احتمال أن حقن أطفال معرضين للفصام أو الاكتئاب بعقار "هالدول"


أو "بروزاك" لن يفلح، فإن مثل هذا البرنامج العلمي سوف يجذب فقط التابعين. وإحياء علم الوقاية يحتاج إلى الشباب النابه والعلماء المجددين الذين صنعوا التقدم الحقيقي عبر التاريخ في أي مجال.


وبينما أجر قدمي باتجاه الباب الدوار استوقفني أكثر الأساتذة مهاجمة للمعتقدات التقليدية قائلاً : "هذا شيء ممل بحق يا مارتي. لابد وأن تضع بعض الأساس الفكري لهذا


الأمر".


بعد مرور أسبوعين لمحت ما يمكن أن يكون أساساً بينما أزيل الحشائش في حديقتي بصحبة ابنتي نيكي ذات الخمسة أعوام. ولابد وأن أعترف أنه على الرغم من تأليفي لكتاب وكتابتي للعديد من المقالات عن الأطفال، إلا أنني بالفعل لا أحسن التعامل معهم. إنني بطبيعتي أركز على الهدف وأشعر بضغط الوقت، وعليه عندما أقوم باقتلاع الحشائش في الحديقة، فإنني
أقتلع الحشائش بكل كياني. ولكن نيكي كانت تلقي بالحشائش في الهواء وترقص وتغني، ولأنها تشتتني فقد صرخت فيها فسارت مبتعدة. وبعد دقائق قليلة عادت قائلة : "أبي، أريد


التحدث إليك".


"ما الأمر يا تيكي؟".


هل تذكر يا أبي ما قبل عيد ميلادي الخامس منذ كنت في الثالثة حتى الخامسة من عمري، كنت كثيرة الشكوى والتذمر. كنت أنتحب كل يوم. وفي يوم عيد ميلادي الخامس


قررت أنني لن أنتحب بعد ذلك".


"لقد كان هذا هو أصعب شيء حققته. وإذا كنت أستطيع أن أتوقف عن النحيب، فأنت


تستطيع الكف عن ضيق الخلق".


كان هذا اكتشافاً بالنسبة لي. ففيما يتعلق بحياتي الشخصية، أصابت نيكي كبد الحقيقة، لقد كنت ضيق الخلق بالفعل. لقد أمضيت خمسين عاماً أتحمل مناخاً رطباً في روحي، وعلى مدار العشر سنوات الأخيرة كنت كسحابة ممطرة متحركة في منزل تضيؤه أشعة


الشمس. أي حسن حظ حالفني لم يكن على الأرجح بسبب كوني نكد المزاج ولكن على الرغم


منه. في هذه اللحظة، قررت أن أتغير.


والأهم من ذلك أنني أدركت أن تربيتي لنيكي لم تكن تدور حول تصحيح أخطائها. فهي


تستطيع أن تصنع ذلك بنفسها، ولكن كان هدفي من تربيتها هو رعاية هذه القدرة الناضجة التي أظهرتها - إنني أسميها النظر داخل الروح ولكن المصطلح هو الذكاء الاجتماعي ومساعدتها على تكييف حياتها من حولها. هذه القدرة عندما يكتمل نموها سوف تكون عازلاً ضد ضعفها وضد عواصف الحياة التي ستعترضها حتماً. إن تنشئة الأطفال، كما عرفت الآن هي أكثر بكثير من مجرد إصلاح ما لديهم من أخطاء. إنها تدور حول تحديد وتقوية قدراتهم وفضائلهم،


ومساعدتهم على إيجاد المكان اللائق حيث يمارسون هذه السمات الإيجابية لأقصى مدى.


ولكن لو كانت مصلحة المجتمع تتأتى من وضع الأشخاص في أماكن يستطيعون فيها استغلال قدراتهم على أفضل نحو، فعليه يصبح لعلم النفس دور عظيم. فهل يمكن أن يوجد فرع لعلم النفس يعني بأفضل ما في الحياة؟ هل يمكن أن يكون هناك تبويب للقدرات والفضائل التي تجعل الحياة تستحق أن تعاش؟ وهل يستطيع الآباء والمدرسون استخدام هذا العلم لتنشئة أطفال أقوياء ومرئين وعلى استعداد لأن يتبوءوا مكانتهم في عالم تتزايد فيه فرص الإشباع؟ وهل


يستطيع الناضجون تعليم أنفسهم وسائل أفضل للسعادة والإشباع؟


إن الكتابات السيكولوجية العديدة حول المعاناة لا تنطبق كثيراً على نيكي. إن علم
نفس أفضل بكثير لها وللأطفال في كل مكان سيصور الدوافع الإيجابية - الحنان، والتنافس والاختيار واحترام الحياة على أنها أصيلة تماماً شأنها شأن الدوافع السوداء. إنه سوف يبحث في مثل هذه المشاعر الإيجابية مثل الإشباع، والسعادة، والأمل. وسوف يتساءل كيف يمكن للأطفال أن يكتسبوا القدرات والفضائل التي تتولد المشاعر الإيجابية عند ممارستها. وسوف يتعرض للمؤسسات الإيجابية العائلات المترابطة والديمقراطية، ودائرة واسعة من الأخلاقيات التي تروج لهذه القدرات والفضائل. وسوف يقودنا جميعا عبر طرق أفضل للحياة


الطبية.


لقد وجدت نيكي رسالتي، وهذا الكتاب هو محاولتي لنقل تلك الرسالة.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

Title: The Crys...

Title: The Crystal Ball Championship In the city of Ardena, nestled within the heart of the Feywood...

وإذ يذكر بالقرا...

وإذ يذكر بالقرار 46/182/A/RES والمبادئ التوجيهية الواردة في مرفق القرار، وبالقرار 76/119/A/RES الذي ...

الموضوعات دعوى...

الموضوعات دعوى - شروط قبول الدعوى - فوات مدد التظلم - تكرار التظلم الوجوبي - التظلم المعتبر في احت...

ثانياً جمع عثما...

ثانياً جمع عثمان القرآن، وكتابة المصاحف، وإرسالها إلى الأمصار: ثبت أن القرآن نزل على سبعة أحرف، كما...

جمع القرآن : • ...

جمع القرآن : • سبق أن تكلمنا عن جمع القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد جمع القرآن في ...

5 .أنواع نمو ال...

5 .أنواع نمو المؤسسة: يمكن تصنيف أنواع نمو المؤسسة إلى ما يلي: النمو الداخلي: بعد النقاشات التي أث...

Technological a...

Technological advancement is the improvement and innovation of the utility of science. Science is an...

أَنا وَجْهي غَي...

أَنا وَجْهي غَيْرُ كُلِّ الوُجوهِ، قَلْبي، دَبيبُ الدَّمِ في عُروقي، هَكذا أَشْعُرُ، وَأَنا أَقِفُ ع...

عض المشكلات الص...

عض المشكلات الصحیة أولًا: التدخین Smoking: التدخینھوإستعمالالتبغالذيھونباتمنالفصیلةالباذنجانیة، و...

At the Airport ...

At the Airport Before the Flight: When I arrived at the airport, I headed straight to the check-in ...

وتخدم أيضا برمج...

وتخدم أيضا برمجية جيوجبرا التعلم في الإحصاء إذ يلعب الاحصاء دوراً كبيرا ومهما ومتزايداً في كل مظاهر ...

أولا: علم السيا...

أولا: علم السياسة كحقل من حقول المعرفة: ان المعرفة العلمية لاي حقل من حقول المعرفة تتطلب في البداية ...