لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (86%)

أنا ميليسا"! فوجئت سويي غوه عندما رأت اسم نائبتها يظهر على شاشة هاتفها، فقد كانت تنوي تفقد الأوضاع مع ميليسا منذ عدة أيام.كانت كلتاهما تعملان في قسم تطوير أعمال في مكتب شركة أغذية الطاقة العالمية "شابيرو غلوبال" في سنغافورة، حيث كانت سويي مديرة القسم بينما كانت ميليسا مساعدتها. كان فريقهما يعمل بلا كلل ولا ملل منذ تفشي "كوفيد - 19" على ضمان عدم خروج خطط توسع "شابيرو غلوبال" في جنوب شرق آسيا عن المسار المرسوم. غير أن الأميركية التي كانت عادة ما تركز بدت مشتتة الانتباه في مكالمات الفيديو الأخيرة. كانت سويي تعلم أن عملها من المنزل خلال الجائحة لم يكن في ظروف مثالية فرغم أن العديد من المكاتب في سنغافورة ظلت مفتوحة، إلا أن "شابيرو" كانت واحدة من قلائل الشركات المتعددة الجنسيات التي أرسلت جميع موظفيها إلى منازلهم. كانت ميليسا وزوجها الذي يمتلك وظيفة تملأ وقته يعيشان في شقة صغيرة مؤلفة من غرفتين مع ابنهما البالغ من العمر ست سنوات، وكانت مدرسته قد حولت دوام طلابها ليصبح عن بعد منذ ثلاثة أشهر. "أنا سعيدة لأنك اتصلت كنت على وشك أن أحجز موعداً لي معك"، "لماذا لا نخرج سوياً لنتنفس بعض الهواء النقي ونتمشى قليلاً ونتحدث؟"
كانت سويي في أسعد حالاتها عندما كانت في حركة دائبة - ليس فقط عندما تمارس التمارين الرياضية، وإنما أيضاً عندما كانت تعمل بجد على التقدم إلى الأمام في مسيرتها المهنية. كانت من بين أول سبعة موظفين يعملون في مكتب "شابيرو" في سنغافورة. ومن خلال موقعها كمعاونة لمدير المكتب كانت تؤدي المهام الروتينية الصغيرة، وتضمن سير عمل المكتب بسلاسة. رقيت إلى منصب محللة تجارية، وعلى مدار السنوات الأربع عشرة التالية واكبت تطور الشركة، أما الآن فقد باتت تشرف على تطوير الأعمال في عموم منطقة جنوب شرق آسيا، حيث يعمل تحت إمرتها 28 موظفاً. وبوصفها المديرة التنفيذية الوحيدة في "شابيرو غلوبال" في المنطقة، ونائبة الرئيس الوحيدة التي ارتقت السلم الوظيفي من أدنى درجة إلى المراتب العليا، فقد وضعت نصب عينيها تقديم الإرشاد إلى الموظفين الشباب في الفريق،"بالتأكيد سيكون ذلك أمراً عظيماً"،"هل هناك أي شيء خاص أردت أن تكلميني بشأنه؟" سألتها سويي؟
أنا وزوجي ننتظر فرداً جديداً في العائلة"، "تنتظرون فرداً جديداً في العائلة؟"
كانت سوي على وشك الخروج من الباب عندما توقفت فجأة. كان الطقس لطيفاً لكنها شعرت كما لو أنها قد خرجت لتسير في جو شديد البرودة تعصف به رياح جليدية. هذه أخبار رائعة أعتقد أننا بحاجة إلى الحديث عن إجازة أمومتك. إجازة الأمومة المأجورة هي لمدة 12 أسبوعاً، أي أكثر بكثير مما هي عليه في الولايات المتحدة الأميركية! " "حسناً، "ربما أطلب إجازة لفترة أطول من ذلك". فميليسا كانت نجمة صاعدة في "شابيرو غلوبال"، وكانت سويي تنوي الاتكال عليها - والاستمرار في تعزيز وضعها - خلال الأشهر والسنوات المقبلة. وغيابها حتى لمدة ثلاثة أشهر كان بحد ذاته مدعاة للمعاناة."بماذا كنتِ تفكرين؟" سألت سويي محاولة أن تخفي مفاجأتها. لا أعلم إذا كنت أريد العودة إلى العمل بدوام واجهت سويي صعوبة في استيعاب المشاعر التي انتابتها. في بادئ الأمر جاءت الصدمة. فمنذ وصول ميليسا إلى سنغافورة التي نُدِبَت إليها على أساس المداورة لمدة ثلاث سنوات قادمة من مكتب سان فرانسيسكو قبل عام، كانت دائماً تبدو كشخص مقامر يمتلك قدرات قيادية، إن لم يكن طموحات للوصول إلى مناصب الإدارة التنفيذية العليا. والأهم من ذلك هو أنها كانت شخصاً مجدّاً للغاية، إذ كانت قادرة وبسهولة على العمل لأيام طويلة ومستعدة للعمل لساعات إضافية خلال عطلة نهاية الأسبوع إذا اقتضت الضرورة ذلك. وبما أنها محللة تمتلك ذهنية تركز على الأسلوب الكمي فقد كانت دائماً ما تدفع باتجاه اتخاذ القرارات المبنية على البيانات، حيث أسهمت هذه القرارات في تفعيل حضور المجموعة على نطاق أوسع وتعزيز إيراداتها. ورغم أن سويي كانت في بادئ الأمر قد أصيبت بالإحباط لأن نقل ميليسا إلى مكتبها فُرِضَ عليها دون مشاورتها أو موافقتها، إلا أنها رأت في نهاية المطاف في ميليسا العديد من الخصال التي أسهمت في صعودها هي. وسرعان ما رقتها لتصبح نائبتها، ووضعت تحت تصرفها ثلاثة مرؤوسين ورشحتها لشغل عضوية لجان رئيسة لتعطيها الفرصة للاحتكاك بكبار قادة شابيرو غلوبال". وكانت علاقة العمل الوثيقة بين السيدتين قد تطورت كثيراً. عادت سويي بذاكرتها إلى إحدى الليالي المتأخرة التي جمعتها بها في المكتب قبل تفشي "كوفيد - 19". كانت ميليسا قد اعترفت أنه على الرغم من معرفتها أن الانتقال إلى سنغافورة سوف يعجل من صعودها في "شابيرو"، إلا أن فعل ذلك في أثناء تربية طفل صغير كان قراراً صعباً. وهي لم توافق إلا عندما تمكن زوجها سكوت أيضاً من الحصول على فرصة للانتقال لمدة ثلاث سنوات، وكانا قد عثرا على مربية رائعة ومدرسة مناسبة لابنهما. وبعد أن حسبت سويي الأمر في رأسها، أدركت أن ميليسا ربما كانت حاملاً عندما كانتا قد تحدثنا وقتها، لكنها لم تذكر الأمر لم يكن بوسعها إلا أن تشعر أنها قد خُدعت.لكن سويي شعرت بعدها بموجة من التعاطف. فهي تعلم كم عانت ميليسا في الأشهر القليلة الماضية عندما حاولت الجمع بين عملها والتزاماتها العائلية خلال فترة إغلاق المكاتب والمدارس. كما أن حملها خلال فترة الجائحة بعيداً عن الأصدقاء والأهل لا بدّ أنه قد زاد من توترها. وسويي كانت قادرة على مد يد العون. فقد كانت لديها الكلمة الفصل في تحديد مدة إجازة الأمومة الإضافية التي يمكن للشركة أن تمنحها إلى ميليسا بما يتجاوز المدة الرسمية. والجهود التي كان المكتب الرئيس للشركة قد بذلها مؤخراً لوضع معايير عالمية للموارد البشرية كانت قد باءت بالفشل بعد تذمّر المدراء الإقليميين بمن فيهم سويي) من أنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على التعامل مع الطلبات على أساس كل حالة على حدة.أصغت سويي بهدوء إلى ميليسا وهي تعرض مقترحها. فبعد إجازة الأمومة التي تمتد على مدار 12 أسبوعاً، أرادت أن تعمل لثلاثة أيام في الأسبوع مقابل الحصول على 60% من راتبها. فقد فوجئت من طلب ميليسا العمل بدوام جزئي. وعندما اقترحت عليها عوضاً عن ذلك تمديد إجازتها، أجابتها ميليسا أنها هي وسكوت قلقان بخصوص اضطرارهما إلى الاستمرار في الإشراف على دوام ابنهما المدرسي عن طريق الإنترنت وإعادة المربية التي لا تقيم معهم في المنزل إلى العمل بسبب حالات عدم اليقين التي تحيط بكوفيد - 19. وهنأت ميليسا مجدداً ووعدت بالرد على مقترحها دون تأخير. ثم عادت إلى طاولتها وبعثت برسالة إلكترونية إلى موظفي قسم الموارد البشرية لتطلعهم على الأمر، وكان ذلك إجراء روتينياً فحسب، وبعد سلسلة من الاجتماعات التي استمرت حتى ساعة متأخرة مساءً بتوقيت سنغافورة، أصبح لدى سويي أخيراً الوقت للتفكير في طلب ميليسا. كان الحل الأوضح هو قبول مقترح ميليسا، وإعادة هيكلة وظيفتها لتصبح منصباً يعتمد على الدوام لثلاثة أيام. لم تكن واجبات سويي كمديرة لتتأثر كثيراً، وستكون ميليسا قادرة على إنجاز الكثير في أسبوع عملها المضغوط، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بإتمام واجباتها عبر تقنية الفيديو المرئي، وهذه باتت طريقة العمل الطبيعية الآن في جميع الأحوال، لكن سويي خشيت من أن تترك هذه الترتيبات أثراً سلبياً على مرؤوسيها الآخرين. فخفض ساعات عملها سيعني على الأغلب المزيد من العمل بالنسبة لهم. كما أن ذلك ربما يشكل سابقة قد تندم عليها هي شخصياً وقد تندم عليها شابيرو غلوبال" حتى. فميليسا ستغادر في غضون عامين بعد أن تكتمل فترة ندبها إلى مكتب سنغافورة، وهذا يعني أن مديرها في مهمتها التالية سيكون مضطراً إما إلى الاستمرار في تقديم التسهيلات الممنوحة إلى ميليسا أو حرمانها منها، وهذا قد يتسبب بمشاكل في المنصب الجديد. ولن تتمكن سويي أبداً من حصاد ثمار سلوكها كمديرة مرنة.كان ثمة بديل آخر يتمثل في إنشاء منصب جديد للمشاريع الخاصة بدوام جزئي خصيصاً لميليسا بعد إجازتها وتعيين بديل عنها في وظيفتها الحالية. لكن تسويق هذا الخيار في فترة الهبوط الاقتصادي لم يكن بالأمر اليسير.كانت المقاربة الأبسط تتمثل في إقناع ميليسا أن ترتيبات الدوام الجزئي هي أمر غير مجد وغير منصوح به. وكانت سويي قد بذلت الغالي والنفيس وأعطت الكثير من وقتها وجهدها ورأسمالها الاجتماعي لتطوير ميليسا وترقيتها، وكان ينتظر ميليسا في "شابيرو غلوبال" مستقبل باهر. كانت الأبحاث واضحة وتشير إلى أن الانتقال إلى العمل بدوام جزئي يؤذي الموظفين ولا سيما النساء، حيث يضطررن في نهاية المطاف إلى العمل لساعات مضنية أطول مما يجب ومقابل أجر أدنى، بينما يأخذ العديد من الموظفين المختصين الذكور الوقت الذي يحتاجونه دون تقليل ساعات عملهم وأجورهم رسمياً.هل ستغادر ميليسا "شابيرو غلوبال " إذا لم تنل مرادها ؟ قبل تفشى الجائحة، كان يبدو أنها تعشق مسيرتها المهنية في "شابيرو". فراتبها كان كافياً ليغطي بسهولة تكلفة شقة أكبر حجماً والاستعانة بمربية تقيم مع العائلة في المنزل. ربما يكون تقديم عرض لها لتقصير يوم عملها إلى ثماني ساعات كافياً، ما يمنحها الوقت لتجرّب كيفية الموازنة بين العمل والحياة العائلية وتجديد حماستها للعمل. وأغلقت كمبيوترها المحمول وقررت تأجيل الأمر إلى صباح اليوم التالي.ما خطبك يا عمتي اليوم؟ تبدين شاردة الذهن". وضعت سويي قطعة الخبز التي كانت في يدها على المائدة
ونظرت إلى ابنة أختها جين بي التي تجلس قبالتها. كان تناول طعام الإفطار صباح كل سبت في فندق رافيلز تقليداً اعتادت عليه السيدتان وهو الجزء المفضل من الأسبوع بالنسبة لسويي. كانت جينغ يي فتاة لماحة تبلغ من العمر 22 عاماً، وكانت تحب الإصغاء إلى قصص النميمة الخاصة بما يجري في المكتب وقد وجدت طريقة لتجعل سو يي تضحك - ولكل ليس اليوم مالت سويي إلى الأمام وعرضت على جينغ بي تفاصيل قصتها مع ميليسا شرحت لابنة أختها كيف أنها أساءت الحكم على طموحات تلميذتها النجيبة التي كانت هي من صنعها. لا شك في أن ميليسا كانت قادرة على الاستمرار في تقديم إسهاماتها إلى "شابيرو" بوصفها موظفة تعمل بدوام جزئي، لكنها أرادت الخروج عن المسار السريع الذي كانت تمشي فيه سوف تهمش نفسها وتتحول من نجمة النجوم إلى موظفة عادية . 7 لم تكن سويي قادرة على أن تطرد من رأسها فكرة أن ذلك كان خطأ. كانت تريد أن تخبر ميليسا بضرورة أن تعود إلى رشدها. فلماذا أرادت الآن وبعد سنوات من كونها أماً عاملة ناجحة أن تحرف حياتها المهنية عن المسار المرسوم وتضيع موهبتها ؟ صحيح أن الجائحة صعبت حياة الناس، لكن الحياة ستعود في نهاية المطاف إلى طبيعتها. غير أن سويي كانت تعلم أن تقديم هذا النوع من النصائح من موقع قوة هو أمر تشوبه شكوك أخلاقية، ناهيك عن الشكوك القانونية. قالت جينغ يي. "لقد أخذت والدتي مساراً مختلفاً عن المسار الذي أخذتيه لكي تتمكن من البقاء في المنزل إلى جانبي. هي سعيدة بمقدار سعادتنا".فوجئت سويي بكلام ابنة أختها التي كانت قد حصلت على أعلى الدرجات في الجامعة وتعمل في شركة استشارية مرموقة، وهي في طريقها إلى البدء ببرنامج الماجستير في إدارة الأعمال العام المقبل لطالما كانت سويي تشعر بالأسف لحال اختها التي عاشت حياة تقليدية وكانت تعتقد أن جينغ بي تكن الشعور ذاته. واصلت ابنة اختها كلامها، كنت قادرة على الإمساك بالمجد من طرفيه لأنك كنت مثلا أعلى آخر وقدوة في حياتي".أومأت سويي برأسها بعد أن شعرت بشيء من الطمأنينة. لكنني يجب أن أفكر في تأثير ذلك على فريقي".أخذت جينغ يي شفة من فنجان القهوة وأمالت رأسها جانباً. "لطالما كنت يا عمتي تدعمين النساء في مكان العمل - ولكن في الحصول على الترقيات، وليس دعم حقهن في التنحى جانباً، قالت يي ثم أضافت: "لا بد أنه قرار صعب بالنسبة لك". بكل تأكيد هو قرار صعب"، قالت سويي وهي تتأمل في كلام ابنة اختها.


النص الأصلي

"مرحباً، أنا ميليسا"! فوجئت سويي غوه عندما رأت اسم نائبتها يظهر على شاشة هاتفها، لكنها ردت عليها فوراً. فقد كانت تنوي تفقد الأوضاع مع ميليسا منذ عدة أيام.
كانت كلتاهما تعملان في قسم تطوير أعمال في مكتب شركة أغذية الطاقة العالمية "شابيرو غلوبال" في سنغافورة، حيث كانت سويي مديرة القسم بينما كانت ميليسا مساعدتها. كان فريقهما يعمل بلا كلل ولا ملل منذ تفشي "كوفيد - 19" على ضمان عدم خروج خطط توسع "شابيرو غلوبال" في جنوب شرق آسيا عن المسار المرسوم. وكانت ميليسا في موقع القيادة، غير أن الأميركية التي كانت عادة ما تركز بدت مشتتة الانتباه في مكالمات الفيديو الأخيرة. كانت سويي تعلم أن عملها من المنزل خلال الجائحة لم يكن في ظروف مثالية فرغم أن العديد من المكاتب في سنغافورة ظلت مفتوحة، إلا أن "شابيرو" كانت واحدة من قلائل الشركات المتعددة الجنسيات التي أرسلت جميع موظفيها إلى منازلهم. كانت ميليسا وزوجها الذي يمتلك وظيفة تملأ وقته يعيشان في شقة صغيرة مؤلفة من غرفتين مع ابنهما البالغ من العمر ست سنوات، وكانت مدرسته قد حولت دوام طلابها ليصبح عن بعد منذ ثلاثة أشهر. "أنا سعيدة لأنك اتصلت كنت على وشك أن أحجز موعداً لي معك"، قالت سويي. "لماذا لا نخرج سوياً لنتنفس بعض الهواء النقي ونتمشى قليلاً ونتحدث؟"
كانت سويي في أسعد حالاتها عندما كانت في حركة دائبة - ليس فقط عندما تمارس التمارين الرياضية، وإنما أيضاً عندما كانت تعمل بجد على التقدم إلى الأمام في مسيرتها المهنية. ففي عام 1997، كانت من بين أول سبعة موظفين يعملون في مكتب "شابيرو" في سنغافورة. ومن خلال موقعها كمعاونة لمدير المكتب كانت تؤدي المهام الروتينية الصغيرة، وتجيب على الهاتف، وتضمن سير عمل المكتب بسلاسة. وعندما وسّع المكتب، رقيت إلى منصب محللة تجارية، وعلى مدار السنوات الأربع عشرة التالية واكبت تطور الشركة، واكتسبت المهارات والخبرة، وحازت على الترقيات. أما الآن فقد باتت تشرف على تطوير الأعمال في عموم منطقة جنوب شرق آسيا، حيث يعمل تحت إمرتها 28 موظفاً. وبوصفها المديرة التنفيذية الوحيدة في "شابيرو غلوبال" في المنطقة، ونائبة الرئيس الوحيدة التي ارتقت السلم الوظيفي من أدنى درجة إلى المراتب العليا، فقد وضعت نصب عينيها تقديم الإرشاد إلى الموظفين الشباب في الفريق، وتحديداً النساء منهم.
"بالتأكيد سيكون ذلك أمراً عظيماً"، أجابتها ميليسا.
"هل هناك أي شيء خاص أردت أن تكلميني بشأنه؟" سألتها سويي؟
ساد الصمت لبرهة. لدي بعض الأخبار. أنا وزوجي ننتظر فرداً جديداً في العائلة"، قالت ميليسا أخيراً.
لم تستوعب سويي الأمر فوراً. "تنتظرون فرداً جديداً في العائلة؟"
"أنا حامل. وفي الشهر السادس تقريباً"، قالت ميليسا. كانت سوي على وشك الخروج من الباب عندما توقفت فجأة. كان الطقس لطيفاً لكنها شعرت كما لو أنها قد خرجت لتسير في جو شديد البرودة تعصف به رياح جليدية. لكنها سرعان ما عادت إلى رشدها كمديرة. تهانينا. هذه أخبار رائعة أعتقد أننا بحاجة إلى الحديث عن إجازة أمومتك. ففي سنغافورة، إجازة الأمومة المأجورة هي لمدة 12 أسبوعاً، أي أكثر بكثير مما هي عليه في الولايات المتحدة الأميركية! " "حسناً، هذا هو الموضوع"، قالت ميليسا. "ربما أطلب إجازة لفترة أطول من ذلك". فغرت سويي فاهها. فميليسا كانت نجمة صاعدة في "شابيرو غلوبال"، وكانت سويي تنوي الاتكال عليها - والاستمرار في تعزيز وضعها - خلال الأشهر والسنوات المقبلة. وغيابها حتى لمدة ثلاثة أشهر كان بحد ذاته مدعاة للمعاناة.
"بماذا كنتِ تفكرين؟" سألت سويي محاولة أن تخفي مفاجأتها.
"بصراحة، لا أعلم إذا كنت أريد العودة إلى العمل بدوام واجهت سويي صعوبة في استيعاب المشاعر التي انتابتها. في بادئ الأمر جاءت الصدمة. فمنذ وصول ميليسا إلى سنغافورة التي نُدِبَت إليها على أساس المداورة لمدة ثلاث سنوات قادمة من مكتب سان فرانسيسكو قبل عام، كانت دائماً تبدو كشخص مقامر يمتلك قدرات قيادية، إن لم يكن طموحات للوصول إلى مناصب الإدارة التنفيذية العليا. والأهم من ذلك هو أنها كانت شخصاً مجدّاً للغاية، إذ كانت قادرة وبسهولة على العمل لأيام طويلة ومستعدة للعمل لساعات إضافية خلال عطلة نهاية الأسبوع إذا اقتضت الضرورة ذلك. وبما أنها محللة تمتلك ذهنية تركز على الأسلوب الكمي فقد كانت دائماً ما تدفع باتجاه اتخاذ القرارات المبنية على البيانات، حيث أسهمت هذه القرارات في تفعيل حضور المجموعة على نطاق أوسع وتعزيز إيراداتها. ورغم أن سويي كانت في بادئ الأمر قد أصيبت بالإحباط لأن نقل ميليسا إلى مكتبها فُرِضَ عليها دون مشاورتها أو موافقتها، إلا أنها رأت في نهاية المطاف في ميليسا العديد من الخصال التي أسهمت في صعودها هي. وسرعان ما رقتها لتصبح نائبتها، ووضعت تحت تصرفها ثلاثة مرؤوسين ورشحتها لشغل عضوية لجان رئيسة لتعطيها الفرصة للاحتكاك بكبار قادة شابيرو غلوبال". وكانت علاقة العمل الوثيقة بين السيدتين قد تطورت كثيراً. عادت سويي بذاكرتها إلى إحدى الليالي المتأخرة التي جمعتها بها في المكتب قبل تفشي "كوفيد - 19". كانت ميليسا قد اعترفت أنه على الرغم من معرفتها أن الانتقال إلى سنغافورة سوف يعجل من صعودها في "شابيرو"، إلا أن فعل ذلك في أثناء تربية طفل صغير كان قراراً صعباً. وهي لم توافق إلا عندما تمكن زوجها سكوت أيضاً من الحصول على فرصة للانتقال لمدة ثلاث سنوات، وكانا قد عثرا على مربية رائعة ومدرسة مناسبة لابنهما. وبعد أن حسبت سويي الأمر في رأسها، أدركت أن ميليسا ربما كانت حاملاً عندما كانتا قد تحدثنا وقتها، لكنها لم تذكر الأمر لم يكن بوسعها إلا أن تشعر أنها قد خُدعت.
لكن سويي شعرت بعدها بموجة من التعاطف. فهي تعلم كم عانت ميليسا في الأشهر القليلة الماضية عندما حاولت الجمع بين عملها والتزاماتها العائلية خلال فترة إغلاق المكاتب والمدارس. كما أن حملها خلال فترة الجائحة بعيداً عن الأصدقاء والأهل لا بدّ أنه قد زاد من توترها. وسويي كانت قادرة على مد يد العون. فقد كانت لديها الكلمة الفصل في تحديد مدة إجازة الأمومة الإضافية التي يمكن للشركة أن تمنحها إلى ميليسا بما يتجاوز المدة الرسمية. والجهود التي كان المكتب الرئيس للشركة قد بذلها مؤخراً لوضع معايير عالمية للموارد البشرية كانت قد باءت بالفشل بعد تذمّر المدراء الإقليميين بمن فيهم سويي) من أنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على التعامل مع الطلبات على أساس كل حالة على حدة.
أصغت سويي بهدوء إلى ميليسا وهي تعرض مقترحها. فبعد إجازة الأمومة التي تمتد على مدار 12 أسبوعاً، أرادت أن تعمل لثلاثة أيام في الأسبوع مقابل الحصول على 60% من راتبها. شعرت سويي بانقباض داخلي. فقد فوجئت من طلب ميليسا العمل بدوام جزئي. وعندما اقترحت عليها عوضاً عن ذلك تمديد إجازتها، أجابتها ميليسا أنها هي وسكوت قلقان بخصوص اضطرارهما إلى الاستمرار في الإشراف على دوام ابنهما المدرسي عن طريق الإنترنت وإعادة المربية التي لا تقيم معهم في المنزل إلى العمل بسبب حالات عدم اليقين التي تحيط بكوفيد - 19.
كانت سويي أذكى من أن تقاومها أكثر. وهنأت ميليسا مجدداً ووعدت بالرد على مقترحها دون تأخير. ثم عادت إلى طاولتها وبعثت برسالة إلكترونية إلى موظفي قسم الموارد البشرية لتطلعهم على الأمر، وكان ذلك إجراء روتينياً فحسب، لأنها كانت تعلم أن القرار بيدها هي.
في تلك الليلة، وبعد سلسلة من الاجتماعات التي استمرت حتى ساعة متأخرة مساءً بتوقيت سنغافورة، أصبح لدى سويي أخيراً الوقت للتفكير في طلب ميليسا. كان الحل الأوضح هو قبول مقترح ميليسا، وإعادة هيكلة وظيفتها لتصبح منصباً يعتمد على الدوام لثلاثة أيام. لم تكن واجبات سويي كمديرة لتتأثر كثيراً، وستكون ميليسا قادرة على إنجاز الكثير في أسبوع عملها المضغوط، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بإتمام واجباتها عبر تقنية الفيديو المرئي، وهذه باتت طريقة العمل الطبيعية الآن في جميع الأحوال، حتى لو لم تسافر. لكن سويي خشيت من أن تترك هذه الترتيبات أثراً سلبياً على مرؤوسيها الآخرين. فخفض ساعات عملها سيعني على الأغلب المزيد من العمل بالنسبة لهم. كما أن ذلك ربما يشكل سابقة قد تندم عليها هي شخصياً وقد تندم عليها شابيرو غلوبال" حتى. فميليسا ستغادر في غضون عامين بعد أن تكتمل فترة ندبها إلى مكتب سنغافورة، وهذا يعني أن مديرها في مهمتها التالية سيكون مضطراً إما إلى الاستمرار في تقديم التسهيلات الممنوحة إلى ميليسا أو حرمانها منها، وهذا قد يتسبب بمشاكل في المنصب الجديد. ولن تتمكن سويي أبداً من حصاد ثمار سلوكها كمديرة مرنة.
كان ثمة بديل آخر يتمثل في إنشاء منصب جديد للمشاريع الخاصة بدوام جزئي خصيصاً لميليسا بعد إجازتها وتعيين بديل عنها في وظيفتها الحالية. لكن تسويق هذا الخيار في فترة الهبوط الاقتصادي لم يكن بالأمر اليسير.
كانت المقاربة الأبسط تتمثل في إقناع ميليسا أن ترتيبات الدوام الجزئي هي أمر غير مجد وغير منصوح به. وكانت سويي قد بذلت الغالي والنفيس وأعطت الكثير من وقتها وجهدها ورأسمالها الاجتماعي لتطوير ميليسا وترقيتها، وكان ينتظر ميليسا في "شابيرو غلوبال" مستقبل باهر. كانت الأبحاث واضحة وتشير إلى أن الانتقال إلى العمل بدوام جزئي يؤذي الموظفين ولا سيما النساء، حيث يضطررن في نهاية المطاف إلى العمل لساعات مضنية أطول مما يجب ومقابل أجر أدنى، ولا ينلن لا حمداً ولا شكوراً، بينما يأخذ العديد من الموظفين المختصين الذكور الوقت الذي يحتاجونه دون تقليل ساعات عملهم وأجورهم رسمياً.
هل ستغادر ميليسا "شابيرو غلوبال " إذا لم تنل مرادها ؟ قبل تفشى الجائحة، كان يبدو أنها تعشق مسيرتها المهنية في "شابيرو". فراتبها كان كافياً ليغطي بسهولة تكلفة شقة أكبر حجماً والاستعانة بمربية تقيم مع العائلة في المنزل. ربما يكون تقديم عرض لها لتقصير يوم عملها إلى ثماني ساعات كافياً، ما يمنحها الوقت لتجرّب كيفية الموازنة بين العمل والحياة العائلية وتجديد حماستها للعمل.
نظرت سو إلى الساعة، وأغلقت كمبيوترها المحمول وقررت تأجيل الأمر إلى صباح اليوم التالي.
ما خطبك يا عمتي اليوم؟ تبدين شاردة الذهن". وضعت سويي قطعة الخبز التي كانت في يدها على المائدة
ونظرت إلى ابنة أختها جين بي التي تجلس قبالتها. كان تناول طعام الإفطار صباح كل سبت في فندق رافيلز تقليداً اعتادت عليه السيدتان وهو الجزء المفضل من الأسبوع بالنسبة لسويي. كانت جينغ يي فتاة لماحة تبلغ من العمر 22 عاماً، وكانت تحب الإصغاء إلى قصص النميمة الخاصة بما يجري في المكتب وقد وجدت طريقة لتجعل سو يي تضحك - ولكل ليس اليوم مالت سويي إلى الأمام وعرضت على جينغ بي تفاصيل قصتها مع ميليسا شرحت لابنة أختها كيف أنها أساءت الحكم على طموحات تلميذتها النجيبة التي كانت هي من صنعها. لا شك في أن ميليسا كانت قادرة على الاستمرار في تقديم إسهاماتها إلى "شابيرو" بوصفها موظفة تعمل بدوام جزئي، لكنها أرادت الخروج عن المسار السريع الذي كانت تمشي فيه سوف تهمش نفسها وتتحول من نجمة النجوم إلى موظفة عادية . 7 لم تكن سويي قادرة على أن تطرد من رأسها فكرة أن ذلك كان خطأ. كانت تريد أن تخبر ميليسا بضرورة أن تعود إلى رشدها. فلماذا أرادت الآن وبعد سنوات من كونها أماً عاملة ناجحة أن تحرف حياتها المهنية عن المسار المرسوم وتضيع موهبتها ؟ صحيح أن الجائحة صعبت حياة الناس، لكن الحياة ستعود في نهاية المطاف إلى طبيعتها. غير أن سويي كانت تعلم أن تقديم هذا النوع من النصائح من موقع قوة هو أمر تشوبه شكوك أخلاقية، ناهيك عن الشكوك القانونية.
"لا أعلم"، قالت جينغ يي. "لقد أخذت والدتي مساراً مختلفاً عن المسار الذي أخذتيه لكي تتمكن من البقاء في المنزل إلى جانبي. هي ليست ثرية أو قوية، لكنني أقدر ما فعلته، وأعلم أنها تشعر أنها قد اتخذت القرار الصائب. هي سعيدة بمقدار سعادتنا".
فوجئت سويي بكلام ابنة أختها التي كانت قد حصلت على أعلى الدرجات في الجامعة وتعمل في شركة استشارية مرموقة، وهي في طريقها إلى البدء ببرنامج الماجستير في إدارة الأعمال العام المقبل لطالما كانت سويي تشعر بالأسف لحال اختها التي عاشت حياة تقليدية وكانت تعتقد أن جينغ بي تكن الشعور ذاته. "في الوقت ذاته"، واصلت ابنة اختها كلامها، كنت قادرة على الإمساك بالمجد من طرفيه لأنك كنت مثلا أعلى آخر وقدوة في حياتي".
أومأت سويي برأسها بعد أن شعرت بشيء من الطمأنينة. "أظن أن ميليسا لا تعلم بعد ما الذي سيسعدها، لكنني يجب أن أفكر في تأثير ذلك على فريقي".
أخذت جينغ يي شفة من فنجان القهوة وأمالت رأسها جانباً. "لطالما كنت يا عمتي تدعمين النساء في مكان العمل - ولكن في الحصول على الترقيات، وليس دعم حقهن في التنحى جانباً، قالت يي ثم أضافت: "لا بد أنه قرار صعب بالنسبة لك".
"نعم، بكل تأكيد هو قرار صعب"، قالت سويي وهي تتأمل في كلام ابنة اختها.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

تتغير عناصر الث...

تتغير عناصر الثقافة بمكوناتها المادية والمعنوية الأولى تشمل المادية المحسوسات والثانية تشمل القيم ال...

i n g d o m . c...

i n g d o m . c o m دور الثقافة في التغير الاجتماعي • ت تغير عناصر الثقافة بمكوناتها المادية و .المع...

الألم والمعاناة...

الألم والمعاناة: تُعدّ الحيوانات كائنات حية تشعر بالألم والمعاناة، تماماً مثل البشر. إنّ عملية الصيد...

منذ زمن طويل وا...

منذ زمن طويل والمعنيون في مجال التربية الرياضية يحاولون تنمية فاعلية التدريس وتحسين نوعيته, كون التع...

إلى المدينة وال...

إلى المدينة والناس يتلقونه في كل الطرقات جماعات جماعات يطلبون منه الإقامة عندهـ وهُمْ يُمْسِكُون بِر...

بشكل موجز: تؤ...

بشكل موجز: تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع بطرق متنوعة: فهي عززت قدرتنا على التواصل والتب...

La micro encaps...

La micro encapsulation peut être utilisée pour formuler diverses formes posologiques à libération co...

تصنع المتنبي لل...

تصنع المتنبي للأفكار والصيخ الفلسفية من أهم الوسائل التى كان يستخدمها المتنبي وغيره من الشعراء في هذ...

Training Method...

Training Methods Using three different training approaches, Oman Air teaches three different skills....

كان الطانبوري ر...

كان الطانبوري رجل بخيل جدًا على الرغم من أنه يمتلك المال وليس بفقير أبدًا إلا أنه كان لا يرغب أبدًا ...

من الواضح أن مت...

من الواضح أن متطلبات اليوم تحتاج إلى التخطيط أكثر من أي وقت مضى وذلك نظرا لما تواجه المنظمات من تحول...

الجزء الأول من ...

الجزء الأول من محاضرات في مقياس حماية المستهلك لطلبة السنة الثانية ماستر تخصص قانون الأعمال من إعداد...