لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

لقد ابتعد العالم الإسلامي عن المناهج الإسلامية التي اتبعها علماء المسلمين خلال العصور الماضية، وسار على نهجهم التربوي الأجيال العديدة، على أن بداية التعليم ينبغي أن تكون من سن الرابعة للطفل بحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، وبعد سن التمييز - السابعة فما فوق - تبدأ بدايات العلوم الأخرى. ومنذ أن أخذ العالم الإسلامي المناهج الغربية والشرقية ابتعدوا عن المنهج الإسلامي، وربما وصل الطالب والطالبة إلى المرحلة الجامعية وهو لا يدري أساسيات التي لا يصح إسلامه إلا بمعرفتها نظرياً، لذا كان من الضرورة بمكان أن تقرر مادة الثقافة الإسلامية متطلباً جامعياً في جميع الكليات الإنسانية منها، ويدعو إلى ذلك ويحتمه:

  1. الانتماء إلى الإسلام إن انتماءنا إلى الإسلام يفرض علينا حداً أدنى من الثقافة، فأركان الإيمان الستة: "الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره " لا يصح إيمان المسلم إلا إذا علمها، وأركان الإسلام الخمسة: "الشهادتان، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً" لا يتم إسلام المسلم إلا بمعرفتها وتطبيقها تطبيقاً عملياً. بالإضافة إلى معرفة الأخلاق الحميدة التي دعا الإسلام إلى التحلي بها، كل ذلك مطلوب من المسلم أن يعرفه؛ لتتحدد معالم الشخصية المسلمة الجديرة بالإسلام. نحن نعيش في عصر أزيلت فيه الحواجز الزمانية والمكانية، ووصلت الأفكار والمعلومات إلى كل مكان شئنا أم أبينا، والانفجار المعرفي يلف العالم بتياراته المختلفة وكل صاحب دعوة أو مذهب أو فكرة يدعو إليها بأساليب جذابة لافتة للنظر، وبين ما يقبله الإسلام وما يرفضه، إن لم يكن فالثقافة الإسلامية تعطيه هذه المقاييس، إن المسلم خلق المهمة عظيمة، والجماعات من قبائل وشعوب هذه الأمة، وتعاون أمم العالم. هذا الاستخلاف والعمران، ومقومات تحقيقه. وفي وفي الناس؛ ) [التوبة: ٧١]. ويقتضي معرفة التاريخ الإنساني والحضارة البشرية، وارتقائها أو انحدارها وزوالها، والقيم التي تساعد في كل ذلك، ٤) معالجة المعضلات العالمية بالإسلام لقد قدم المسلمون أنموذجاً فريداً للعالم، عندما أقاموا حضارة إسلامية توافرت فيها كل مقومات الحضارة الإنسانية المثالية، والسنة النبوية الشريفة. فكانت دولة الإسلام صاحبة الحضارة الربانية، التي تحققت فيها كل معاني العدل والعز والتقدم والسعادة. ولكن عندما انصرف حكام المسلمين عن التمسك بهدايات الإسلام وضعفت هممهم عن المعالي، وانشغل علماء المسلمين وأصحاب القيادة الفكرية عن دورهم الترشيدي للحكام، واتبعت أهواءها، وأصبح العالم غابة تتصارع فيها القوى المادية، فتحققت فيهم سنة الله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) [ طه : ١٢٤]. والعلاج الناجع لأدوائها الروحية والعقلية والبشرية اليوم بأمس الحاجة إلى هذه الحلول. ۱) تعريف الثقافة: مطلوب والإدراك، والحذق يقال: ثقف الشيء: أقام المعوج، والثقاف والمثقف: أداة من خشب أو حديد تقوم بها الرماح لتستوي وتعتدل. والمعنى الثاني لمادة (ثقف): الإدراك والملاقاة وجها لوجه . ومن هذا المعنى قوله تعالى : ( فَإِمَّا تَتَقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِدْ بِهِم مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ كما تدل كلمة ثقف على الحذق والمهارة ومنه قولهم: فلان ثقف لقف، ومع خاصية ثقافة كل أمة، فالتعريف المفضل الجامع لها هو : المجموعة المعارف والمعلومات النظرية، والخبرات العملية المستمدة من القرآن التي يكتسبها الإنسان، ومنهج سلوكه في الحياة. وأدرك أبعادها وحذق فيها قومت فكره، وبالتالي استقام سلوكه وفق تلك المعارف، وما أنتجته العقول المستنيرة بنور الوحي، ٢) الفرق بين الثقافة والعلم والمدنية والحضارة (أ) العلم: هو إدراك الشيء على حقيقته ". وحقائق الأشياء التي يصل إليها الإنسان لا تخضع لثقافة الباحث، فحقيقة كون الأجسام تتمدد بالحرارة، وتتقلص بالبرودة إلا الماء فإنه بالعكس. هذه الحقيقة لا تتأثر بإلحاد الملحد، ولا إيمان المؤمن، وسواء أجريت هذه التجربة في بلاد المسلمين، فإن النتيجة هي هي، ولكن صاحب أي معتقد قد يسخر الحقيقة العلمية للاستدلال بها على معتقده، فالمؤمن يستخدم الحقيقة السابقة لبيان حكمة الله في ذلك للحفاظ على الحياة الحيوانية والنباتية في البحار والمحيطات؛ كما أن صعود الطبقة الجليدية على سطح المياه يعرضها للهواء ولأشعة الشمس فتذوب ثانية. إن هذه السنة الكونية خلقها الله سبحانه وتعالى؛ لتبقى الكتلة المائية الهائلة على كوكب الأرض تؤدي وظيفتها التسخيرية للإنسان ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَهِرَةً وَبَاطِنَةً . الثقافة الإسلامية ۲) عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ / ۳۷۷ يقال: تمدن أي عاش عيشة أهل المدن، توجب الارض تؤدي وظيفتها السحيرية بالإنسان في الزيروا أن الله سحر نعم ما في السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً . ) [لقمان: ٢٠]. الثقافة الإسلامية ۲) عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ / ۳۷۷. ب) المدنية مأخوذة في الأصل من سكنى المدن، يقال: تمدن أي عاش عيشة أهل المدن، ج) الحضارة في الأصل تطلق في عرف اللغويين على الإقامة في الحضر وهي تقابل البداوة، قال القطامي: وربما لم يفرق بينهما وبين الثقافة، ولكن ينبغي مراعاة الدلالة اللغوية في المعنى الاصطلاحي، لذا فنحن نرجح التفريق بين المصطلحات الثلاثة: فالثقافة: تطلق على الجانب المعنوي من المعارف، والخبرات والعلوم والآداب. والمدنية تطلق على الجانب المادي من الوسائل التي تستخدم في رفاهية الأمة. والحضارة تشمل الجانب المعنوي والجانب المادي فهي أعم، وعلى ذلك فإن تعريف الحضارة في الاصطلاح هي حصيلة ما قدمته أمة، خلال حقبة تاريخية من المعارف والعلوم، تكون مشاعة بين الشعوب والأمم لأنها لا تتصف بفكر ولا تصبغ بعقيدة. وبما أن الثقافة تحدد سلوكيات الأمة الحضارية، فلابد أن تكون حضارة كل أمة متميزة عن حضارة الأمم الأخرى. والأنموذج الذي يسوقه. القرآن الكريم على الحضارات الربانية حضارة داود وسليمان عليهما السلام أما الحضارة التي سامت الناس الخسف وقهرتهم وأخضعتهم لسلطانها وجبروتها، واستخدمت قوتها المادية وتقنياتها للعلو في الأرض والإفساد، وإتباع الهوى والشهوات فهي حضارات جاهلية، ذمها القرآن الكريم وبين أن عاقبة أصحابها كان الدمار والخراب في الدنيا، وضرب القرآن الكريم نماذج لهذه الحضارات الجاهلية: حضارة قوم عاد بالأحقاف جنوب الجزيرة العربية. وحضارة قوم ثمود بمدائن صالح شمال الجزيرة العربية. - وحضارة الفراعنة في مصر . مصلوبه المعتزة بإسلامها المطلعة على ثقافة عصرها، ۲- عرض الإسلام عرضاً مبسطاً يتلاءم مع روح العصر، وأساليب منابره الدعائية والإعلامية. ۵) قال تعالى : ( وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَنَ إِذْ يحكمان في ا الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَهِدِينَ (2) فَفَهَمْتَهَا سُلَيْمَنَ وَكُلًّا أَتَيْنَا. ا حكما وَعِلْمًا وَسَخَرْنَا دَاوُدَ مَعَ د الجبال الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ يسبحن وَ والطير وكنا فعلين . وَعَلَيْتَهُ لكم الحصنَكُم مِّنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَتُمْ شَكِرُونَ ) وَاسْتَيْمَانَ الرِّيعَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِي إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَرَكَنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِمِينَ ) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَقُومُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حفظين ) [الأنبياء: ۷۸-۸۲]
  2. قال تعالى : ( وَيَسْتَلُونَكَ عَن في القرنين قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُم مِنْهُ ذِكْرًا ) إِنَّا مَكَنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَمَالَيْتَهُ مِن كُلِّ شَيْ وَ سَبَبًا قانع سببًا ( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وَعَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْب جملة ويجد بعدَهَا قَوْماً قُلْنَا بَدا العربي إِما أَن تُعَذِّبَ وَا يَنَا الْعَرْبَينِ وَإِمَّا أن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا الله) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ، فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا ذكرًا (3) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جراء الحسنى وَمَنقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يا (3) ثُمَّ أَنْعَ سَببًا (3) حَتَّى إِذَا بَا ا بلغ مطلع الشمسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دونها سرا ان كذلك وَقَدْ أَحمنَا بِما لديه من الله ثم اتبع سما الله حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدِّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمَا لَا يكَادُونَ يَفْقَهُونَ قولا (3) قَالُوا مَنَا الْقَرْنِين إِن يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَل تحمل لك . ن يأجوج ومأجوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ تَعْمَلُ لَكَ خَيْمًا عَلَى أَن تَعْمَلُ بَيْنِنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ) قَالَ مَا تَكْنِي فِيهِ رَن خير فأعينوني بفوز أجعل بينكم وبينهم ردما )) [الكهف: ٩٥٨٣] ۷) قال تعالى : ( ألم تر كيف فَعَلَ رَبُّكَ بِمَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْمَاءِ الَّتي لَمْ يُعْلَقَ مِثْلُهَا فِي الْبَلَادِ ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بالواد وفرعون في الأولاد ان الذين طغوا في البلاد فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) فِي عَلَيْهِمْ سَوْطَ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) [الفجر : ٦-١٤]. إلقاء الضوء على التحديات التي تواجه المسلمين، وترسم لهم طريق الخلاص وسبيل النجاة. رابعاً: خصائص الثقافة الإسلامية مطلوب تتسم الثقافة الإسلامية بخصائص تميزها عن غيرها من الثقافات السائدة في الأرض ومن أبرز هذه الخصائص:
  3. الربانية: لأن الثقافة الإسلامية تستمد معارفها من الوحي الإلهي (الكتاب والسنة) وما استنبطه العلماء المسلمون من هداياتها، وهي تدعو إلى توحيد الله تعالى وإلى مكارم الأخلاق، وإحقاق الحق ورفع الظلم، وصلة الأرحام، وتصبغ الأمة بالصبغة الربانية ( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَبدُونَ )) [البقرة: ١٣٨]. لقد كان التزام المسلمين بهذه الصبغة خير دعاية لمبادئهم مما جعل الشعوب يدخلون في دين الله أفواجاً، وفتحت لثقافتهم وأخلاقهم القلوب قبل البلدان. ۲ ) ملاءمتها للفطرة الإنسانية فالذي خلق الإنسان هو الذي أوحى إلى رسوله محمد بهذه الهدايات؛ وبيان واجباته تجاه خالقه، لذا كانت منطلقات هذه الثقافة لإصلاح الإنسان من داخله، بتلبية حاجاته الفطرية التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيه، والإجابة على تساؤلاته العقلية، وإشباع أشواقه الروحية، فأدخلت الطمأنينة إلى نفسه وحققت له السعادة والرضا. فهي تطلق الطاقات الكامنة في الإنسان، وتوجهها إلى البحث العلمي،


النص الأصلي

لقد ابتعد العالم الإسلامي عن المناهج الإسلامية التي اتبعها علماء المسلمين خلال العصور الماضية، فقد نص المربون المسلمون الأوائل الذين ملأت شهرتهم العلمية الآفاق، وسار على نهجهم التربوي الأجيال العديدة، على أن بداية التعليم ينبغي أن تكون من سن الرابعة للطفل بحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، ومن أحاديث رسول الله ﷺ ومن الحكم المأثورة والشعر الرقيق اللطيف البليغ، وبعد سن


التمييز - السابعة فما فوق - تبدأ بدايات العلوم الأخرى.


ومنذ أن أخذ العالم الإسلامي المناهج الغربية والشرقية ابتعدوا عن المنهج الإسلامي، وربما وصل الطالب والطالبة إلى المرحلة الجامعية وهو لا يدري أساسيات


الإسلام، التي لا يصح إسلامه إلا بمعرفتها نظرياً، وتطبيقها عملياً. لذا كان من الضرورة بمكان أن تقرر مادة الثقافة الإسلامية متطلباً جامعياً في


جميع الكليات الإنسانية منها، والتطبيقية العملية، ويدعو إلى ذلك ويحتمه:


(1) الانتماء إلى الإسلام


إن انتماءنا إلى الإسلام يفرض علينا حداً أدنى من الثقافة، لا يصح إيمان المسلم


ولا يدخل دائرة الإسلام إلا بمعرفتها معرفة يقينية، وتطبيقها تطبيقاً عملياً. فأركان الإيمان الستة: "الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر


خيره وشره " لا يصح إيمان المسلم إلا إذا علمها، واعتقدها اعتقاداً جازماً. وأركان الإسلام الخمسة: "الشهادتان، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً" لا يتم إسلام المسلم إلا بمعرفتها


وتطبيقها تطبيقاً عملياً.


بالإضافة إلى معرفة الأخلاق الحميدة التي دعا الإسلام إلى التحلي بها، والصفات والانحرافات التي نهى الإسلام عنها.


كل ذلك مطلوب من المسلم أن يعرفه؛ حتى يكون مسلماً محققاً الانتماء لدينه والانتماء للإسلام يفرض هذه الثقافة، لتتحدد معالم الشخصية المسلمة الجديرة بالإسلام.
(٢) الحصانة الفكرية


نحن نعيش في عصر أزيلت فيه الحواجز الزمانية والمكانية، ووصلت الأفكار والمعلومات إلى كل مكان شئنا أم أبينا، والانفجار المعرفي يلف العالم بتياراته المختلفة وكل صاحب دعوة أو مذهب أو فكرة يدعو إليها بأساليب جذابة لافتة للنظر، فإن لم يكن المسلم - وخاصة الشباب الإسلامي - على معرفة بالموازين التي تعرفه بالخطأ والصواب وتميز له بين الحق والباطل، وبين ما يقبله الإسلام وما يرفضه، إن لم يكن


على معرفة بهذه الموازين والمقاييس قد ينزلق وراء دعوة أو مذهب يخرجه عن الإسلام


وهو لا يدري.


فالثقافة الإسلامية تعطيه هذه المقاييس، وهذه الموازين التي يقبل بها الأفكار أو يرفضها، وتحصنه فكرياً تجاه تلك الدعوات البراقة، والتي تدس له السم في الدسم في


كثير من الأحوال.


المسلم إيجابي فاعل في مجتمعه:


إن المسلم خلق المهمة عظيمة، وهي أن يكون خليفة الله - سبحانه وتعالى - على هذه الأرض؛ ليعمرها وفق منهج الله تعالى، وإعمار الأرض يحتاج إلى تضافر جهود


الأفراد، والجماعات من قبائل وشعوب هذه الأمة، وتعاون أمم العالم.


هذا الاستخلاف والعمران، يحتاج إلى معرفة المنهج، ومقومات تحقيقه. إن إدراك هذه المهمة، يتطلب من المسلم معرفة سنن الله في الكون، وفي


المجتمعات، وفي الناس؛ لكي يكون ذا دور إيجابي فاعل في مجتمعه وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ... ) [التوبة: ٧١]. ويقتضي معرفة التاريخ الإنساني والحضارة البشرية، وسنن الله في نشوئها


وارتقائها أو انحدارها وزوالها، والقيم التي تساعد في كل ذلك، كما أشار القرآن يَتَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا


الكريم في قوله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: ١٣] ولثقافة الفرد والجماعة الأثر الكبير في أداء هذا الدور البناء في المجتمع الإسلامي وفي المجتمع الإنساني.


(٤) معالجة المعضلات العالمية بالإسلام


لقد قدم المسلمون أنموذجاً فريداً للعالم، عندما أقاموا حضارة إسلامية توافرت فيها كل مقومات الحضارة الإنسانية المثالية، وكان سبب نجاح هذا الأنموذج، أنها بنيت أساساً على الوحي المتمثل في القرآن العظيم، والسنة النبوية الشريفة.
التطبيق العملي لهدايات الإسلام، فكانت دولة الإسلام صاحبة الحضارة الربانية، التي تحققت فيها كل معاني العدل والعز والتقدم والسعادة.


ولكن عندما انصرف حكام المسلمين عن التمسك بهدايات الإسلام وضعفت هممهم عن المعالي، وانشغل علماء المسلمين وأصحاب القيادة الفكرية عن دورهم الترشيدي للحكام، وخرج من أيديهم الدور القيادي في العالم، آل الأمر إلى قيادات أقامت مناهجها على الاجتهادات البشرية القاصرة، واتبعت أهواءها، فساد الظلم والشقاء وعمت التعاسة أنحاء المعمورة، وأصبح العالم غابة تتصارع فيها القوى المادية، وشعر الناس بالخواء الروحي والعيش الضنك؛ فتحققت فيهم سنة الله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) [ طه : ١٢٤].


إن المثقف المسلم يملك الحل السوي لمشكلات البشرية، والعلاج الناجع لأدوائها الروحية والعقلية والبشرية اليوم بأمس الحاجة إلى هذه الحلول.


ثانيا : تعريف الثقافة الإسلامية والفرق بينها وبين العلم والمدنية والحضارة


(۱) تعريف الثقافة:


مطلوب


الثقافة لغة : مادة (ثقف) في اللغة لها دلالات التقويم، والإدراك، والحذق يقال: ثقف الشيء: أقام المعوج، ومنه : ثقفت الرمح أقمت المعوج منه، وسويته.


والثقاف والمثقف: أداة من خشب أو حديد تقوم بها الرماح لتستوي وتعتدل. والمعنى الثاني لمادة (ثقف): الإدراك والملاقاة وجها لوجه .


ومن هذا المعنى قوله تعالى : ( فَإِمَّا تَتَقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِدْ بِهِم مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ


يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأنفال: ٥٧]. كما تدل كلمة ثقف على الحذق والمهارة ومنه قولهم: فلان ثقف لقف، أي: حاذق يتلقف المعلومات، ويستوعبها بسرعة.
أما تعريف الثقافة اصطلاحاً: فقد اختلفت أقوال المعرفين لها - مع مراعاة المعاني السابقة -، ومع خاصية ثقافة


كل أمة، وبما أننا نعرف الثقافة الإسلامية، فالتعريف المفضل الجامع لها هو : المجموعة المعارف والمعلومات النظرية، والخبرات العملية المستمدة من القرآن


الكريم والسنة النبوية، التي يكتسبها الإنسان، ويحدد على ضوئها طريقة تفكيره،


ومنهج سلوكه في الحياة. فمن شأن ثقافة المرء أن تؤثر على عقله، فتقوم طريقة تفكيره، فإذا تعلم الإنسان معارف معينة، وأدرك أبعادها وحذق فيها قومت فكره، وبالتالي استقام سلوكه وفق تلك المعارف، بالمعلومات المستمدة من الوحي الرباني، وما أنتجته العقول المستنيرة بنور الوحي، فتجعل المثقف المسلم أنموذجاً فريداً في تفكيره وسلوكياته ومنهج


تعامله مع الآخرين.


(٢) الفرق بين الثقافة والعلم والمدنية والحضارة (أ) العلم: هو إدراك الشيء على حقيقته ".


وحقائق الأشياء التي يصل إليها الإنسان لا تخضع لثقافة الباحث، ولا تتأثر بمعتقده؛ فحقيقة كون الأجسام تتمدد بالحرارة، وتتقلص بالبرودة إلا الماء فإنه بالعكس. هذه الحقيقة لا تتأثر بإلحاد الملحد، ولا إيمان المؤمن، وسواء أجريت هذه التجربة في بلاد المسلمين، أم في بلاد النصارى أم في بلاد الشيوعيين؛ فإن النتيجة هي هي، ولكن صاحب أي معتقد قد يسخر الحقيقة العلمية للاستدلال بها على معتقده، فالمؤمن يستخدم الحقيقة السابقة لبيان حكمة الله في ذلك للحفاظ على الحياة الحيوانية والنباتية في البحار والمحيطات؛ لأن تمدد الماء "الجليد" بالبرودة يخفف من الكثافة النوعية؛ ليطفو الجليد على سطح الماء وتبقى حرارة الماء


محفوظة في الأعماق، وتعيش الكائنات البحرية حياتها الطبيعية، كما أن صعود الطبقة الجليدية على سطح المياه يعرضها للهواء ولأشعة الشمس فتذوب ثانية.


إن هذه السنة الكونية خلقها الله سبحانه وتعالى؛ لتبقى الكتلة المائية الهائلة على كوكب الأرض تؤدي وظيفتها التسخيرية للإنسان ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي


السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَهِرَةً وَبَاطِنَةً ... ) [لقمان: ٢٠].


الثقافة الإسلامية


(۲) عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ / ۳۷۷


(ب) المدنية مأخوذة في الأصل من سمى مدن، يقال: تمدن أي عاش عيشة أهل المدن، وتنعم بأسباب الرفاهية ووسائلها.
توجب الارض تؤدي وظيفتها السحيرية بالإنسان في الزيروا أن الله سحر نعم ما في السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ... ) [لقمان: ٢٠].


الثقافة الإسلامية


(۲) عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ / ۳۷۷.


(ب) المدنية مأخوذة في الأصل من سكنى المدن، يقال: تمدن أي عاش عيشة أهل المدن، وتنعم بأسباب الرفاهية ووسائلها.


(ج) الحضارة في الأصل تطلق في عرف اللغويين على الإقامة في الحضر وهي تقابل


البداوة، قال القطامي:


ومن تكن الحضارة أعجبته فأي رجال بادية ترانا )


ولم يفرق كثير من الكتاب المعاصرين بين المدنية والحضارة، وربما لم يفرق بينهما وبين الثقافة، ولكن ينبغي مراعاة الدلالة اللغوية في المعنى الاصطلاحي، لذا فنحن


نرجح التفريق بين المصطلحات الثلاثة:


فالثقافة: تطلق على الجانب المعنوي من المعارف، والخبرات والعلوم والآداب.


والمدنية تطلق على الجانب المادي من الوسائل التي تستخدم في رفاهية الأمة.


والحضارة تشمل الجانب المعنوي والجانب المادي فهي أعم، وعلى ذلك فإن


تعريف الحضارة في الاصطلاح هي حصيلة ما قدمته أمة، خلال حقبة تاريخية من المعارف والعلوم، وما استخدمته من وسائل الرفاه، والتقدم الاجتماعي.


ولئن كانت الثقافة تميز كل أمة عن غيرها، فالمدنية بإطلاقها على الوسائل المادية وهي التطبيقات العملية للحقائق العلمية، تكون مشاعة بين الشعوب والأمم لأنها لا


تتصف بفكر ولا تصبغ بعقيدة.


وبما أن الثقافة تحدد سلوكيات الأمة الحضارية، فلابد أن تكون حضارة كل أمة


متميزة عن حضارة الأمم الأخرى.


لذا نجد أن القرآن الكريم قد مدح حضارات؛ لأنها أقامت العدل بين الناس وأشفقت على الضعفاء وأخذت على يد الظالمين، واستخدمت التقنية المادية التي وصلت إليها في إحقاق الحق ودفع الظلم ورفاهية شعوبها، والأنموذج الذي يسوقه.
القرآن الكريم على الحضارات الربانية حضارة داود وسليمان عليهما السلام


والحضارة التي أقامها ذو القرنين.


أما الحضارة التي سامت الناس الخسف وقهرتهم وأخضعتهم لسلطانها


وجبروتها، واستخدمت قوتها المادية وتقنياتها للعلو في الأرض والإفساد، وإتباع الهوى والشهوات فهي حضارات جاهلية، ذمها القرآن الكريم وبين أن عاقبة


أصحابها كان الدمار والخراب في الدنيا، والعذاب المخلد يوم القيامة.


وضرب القرآن الكريم نماذج لهذه الحضارات الجاهلية: حضارة قوم عاد بالأحقاف جنوب الجزيرة العربية.


وحضارة قوم ثمود بمدائن صالح شمال الجزيرة العربية.



  • وحضارة الفراعنة في مصر .


مصلوبه


وجاءت قصصهم وتفصيلاتها في أكثر من موضع في القرآن الكريم.


ثالثاً : أهداف الثقافة الإسلامية


١- تكوين الشخصية الإسلامية المتميزة في معارفها المطبقة لثوابت معتقداتها


وشرائع ربها، المعتزة بإسلامها المطلعة على ثقافة عصرها، المتبنية لقضايا أمتها.


۲- عرض الإسلام عرضاً مبسطاً يتلاءم مع روح العصر، وأساليب منابره الدعائية


والإعلامية.


(۵) قال تعالى : ( وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَنَ إِذْ يحكمان في ا الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَهِدِينَ (2)


فَفَهَمْتَهَا سُلَيْمَنَ وَكُلًّا أَتَيْنَا. ا حكما وَعِلْمًا وَسَخَرْنَا دَاوُدَ مَعَ د الجبال الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ يسبحن وَ والطير وكنا فعلين . وَعَلَيْتَهُ


لكم الحصنَكُم مِّنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَتُمْ شَكِرُونَ ) وَاسْتَيْمَانَ الرِّيعَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِي إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي


بَرَكَنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِمِينَ ) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَقُومُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حفظين ) [الأنبياء: ۷۸-۸۲]


( 1) قال تعالى : ( وَيَسْتَلُونَكَ عَن في القرنين قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُم مِنْهُ ذِكْرًا ) إِنَّا مَكَنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَمَالَيْتَهُ مِن كُلِّ شَيْ وَ سَبَبًا قانع سببًا ( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وَعَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْب جملة ويجد بعدَهَا قَوْماً قُلْنَا بَدا العربي إِما أَن تُعَذِّبَ وَا يَنَا الْعَرْبَينِ وَإِمَّا أن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا الله) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ، فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا ذكرًا (3) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ


جراء الحسنى وَمَنقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يا (3) ثُمَّ أَنْعَ سَببًا (3) حَتَّى إِذَا بَا ا بلغ مطلع الشمسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دونها سرا ان كذلك وَقَدْ أَحمنَا بِما لديه من الله ثم اتبع سما الله حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدِّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمَا لَا يكَادُونَ يَفْقَهُونَ قولا (3) قَالُوا مَنَا الْقَرْنِين إِن يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَل تحمل لك . ن يأجوج ومأجوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ تَعْمَلُ لَكَ خَيْمًا عَلَى أَن تَعْمَلُ بَيْنِنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ) قَالَ مَا تَكْنِي فِيهِ رَن خير فأعينوني بفوز أجعل بينكم وبينهم ردما )) [الكهف: ٩٥٨٣]


(۷) قال تعالى : ( أن تركيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِمَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الله التي لم يُخلَق مِثْلُهَا فِي الْبَلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بالواد وفِرْعَوْنَ فِي الْأَوْلَاءِ ان الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبَلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ نَصَبَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابِ ) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد ) [الفجر : ٦-١٤
دونها سترا كذلِكَ وَقَدْ أَحَطَنَا بِمَا لديه حيران ثم أنع سما ( حتى إذا بلغ بَينَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لا يكادون يفقهون قولا (٣) قَالُو ايندا القربين إن يأجوج ومأجوج مفيدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَل تحمل لك حرجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَننَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا )


(۷) قال تعالى : ( ألم تر كيف فَعَلَ رَبُّكَ بِمَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْمَاءِ الَّتي لَمْ يُعْلَقَ مِثْلُهَا فِي الْبَلَادِ ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بالواد وفرعون في الأولاد ان الذين طغوا في البلاد فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) فِي عَلَيْهِمْ سَوْطَ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) [الفجر : ٦-١٤].


الثقافة الإسلامية


إلقاء الضوء على التحديات التي تواجه المسلمين، وترسم لهم طريق الخلاص وسبيل النجاة.


رابعاً: خصائص الثقافة الإسلامية


مطلوب


تتسم الثقافة الإسلامية بخصائص تميزها عن غيرها من الثقافات السائدة في الأرض ومن أبرز هذه الخصائص:


(1) الربانية: لأن الثقافة الإسلامية تستمد معارفها من الوحي الإلهي (الكتاب والسنة) وما استنبطه العلماء المسلمون من هداياتها، وهي تدعو إلى توحيد الله تعالى وإلى مكارم الأخلاق، وإحقاق الحق ورفع الظلم، وصلة الأرحام، وإلى نشر الخير، وتصبغ الأمة بالصبغة الربانية ( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَبدُونَ )) [البقرة: ١٣٨]. لقد كان التزام المسلمين بهذه الصبغة خير دعاية لمبادئهم مما جعل الشعوب يدخلون في دين الله أفواجاً، وفتحت لثقافتهم وأخلاقهم القلوب قبل البلدان.


(۲ ) ملاءمتها للفطرة الإنسانية فالذي خلق الإنسان هو الذي أوحى إلى رسوله محمد بهذه الهدايات؛ لإصلاح شأن الإنسان، وتنظيم علاقاته مع غيره، وبيان واجباته تجاه خالقه، لذا كانت منطلقات هذه الثقافة لإصلاح الإنسان من داخله، بتلبية حاجاته الفطرية التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيه، وتهذيب غرائزه وتنظيمها، والإجابة على تساؤلاته العقلية، وتحريره من الخرافات والأوهام، وإشباع أشواقه


الروحية، فأدخلت الطمأنينة إلى نفسه وحققت له السعادة والرضا. الإيجابية تتسم الثقافة الإسلامية بالإيجابية، فهي تطلق الطاقات الكامنة في الإنسان، وتوجهها إلى البحث العلمي، والاستكشافات في الكون المحيط به والتعرف على سنن الله فيه، وتسخيرها لمصلحة البشرية، فمن مهمات الإنسان في هذه الحياة الاستخلاف في الأرض وإعمارها، يقول عز من قائل : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لَيَبْلُوَكُمْ فِي مَا وَاتَكُمْ إِنَّ


رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ()) [الأنعام: ١٦٥]. فالكون كله ميدان العمل الإنسان وتجاربه.


(٤) الشمول والكمال الثقافة الإسلامية تأخذ شمولها وكمالها من الرسالة الإسلامية الخالدة التي يقول عنها منزلها : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... ) [المائدة: ٣]. فالهدايات الإسلامية شملت تعامل
الإنسان مع نفسه، ومع من حوله، وما حوله - من الجماد والنبات والحيوان والإنسان - فتجد القواعد العامة لذلك كله، وفصلت في كيفية تعامل الإنسان مع الإنسان؛ لأن أصل الهدايات تنصب عليه، فهو أكرم المخلوقات على هذه الأرض عند الله، فلم يتركه ليكون حقل تجارب للاجتهادات البشرية؛ فيشقى بالأنظمة


والتشريعات الوضعية. ه التوازن والاعتدال: تتصف الثقافة الإسلامية بالاعتدال والتوازن في بناء الشخصية الإسلامية، فتراعي متطلبات الروح والمادة في الإنسان، والاعتدال والتوازن في إقامة المجتمع الإسلامي، فتحافظ على مصلحة الفرد والجماعة ولا تفرط في جانب الحساب الجانب الآخر، كما تتصف الثقافة الإسلامية على صعيد الحياة كلها بالتوازن بين متطلبات الحياة الدنيا ومقومات السعادة في الدار


الآخرة. يقول الله عز وجل : ( وَابْتَغِ فِيمَا ءَاتَنكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ


نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْعَ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا


يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )) [القصص : ٧٧].


(٦) المثالية الواقعية: ليس في الإسلام قضايا مثالية غير قابلة للتطبيق، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، إلا أن الثقافة الإسلامية ترفع من شأن الإنسان، وتسمو بفكره وروحه، وتكسبه الشفافية في المشاعر، بحيث يكون الإنسان متميزاً بعقيدته وأخلاقه وسلوكه في تعامله مع الناس، ولا يعرف المسلم شعارات للتصدير وأخرى للتطبيق، بل حياته وسلوكه تطبيق عملي الحقائق الإسلام. يقول عز وجل : ( يَتَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا


مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢)) [الصف: ٢-٣]. إن تطبيق سلف هذه الأمة ما دعوا الناس إليه على أنفسهم أولاً، جعل الناس ينبهرون بأخلاقهم وأفعالهم؛ فدخلوا في دين


الله طواعية رغبة لا رهبة، فامتدت دولتهم من طنجة إلى جاكرتا.


عالمية الآفاق لما كان مصدر الثقافة الإسلامية مصدراً ربانياً؛ كانت الثقافة الإسلامية موضوعية الحلول لمشاكل العالم، لم تتسم بسمات شعب معين ولم تتأثر بعادات قوم وتقاليدهم، فهي تتناول قضايا الإنسان ومشكلاته باعتباره إنساناً مخلوقاً لمهام معينة وذا غرائز وطباع محددة .. بقطع النظر عن كونه يعيش في منطقة معينة من العالم أو في عصر معين.. فهي ثقافة مجردة عن الزمان والمكان وتأثير البيئات، لذا كان شعاراتها ومقاييسها وحلولها عالمية موضوعية.


( الجمع بين التطور والثبات: لقد تمثلت عظمة الإسلام ومبادئه الخالدة في عنصر الثبات والخلود، وعنصر المرونة والتطور معاً، مما جعله صالحاً لكل زمان ومكان. فالثبات على الأهداف والغايات أضفى القدسية والاحترام على مبادئه، وأدخل الطمأنينة على نفس معتنقيه، والمرونة في الوسائل والأساليب أضفت الحيوية واستيعاب المستجدات في الشؤون الدنيوية، والعلوم التجريبية. فمثلاً الشورى والحكم بالعدل من الثوابت، أما الوسيلة فمتروكة للاجتهاد.


وهذان التطور والثبات ملائمان لسنن الله في الكون وفي الفطرة الإنسانية، فإن فيهما الثبات الدائم والمتغير المتحول. وبهذه الخصيصة تستطيع الأمة الإسلامية أن تستمر وترتقي في مدارج التقدم الحضاري مع المحافظة على قيمها وعقائدها وأخلاقها .


(۸) انظر هذه الخصائص وغيرها في معالم الثقافة الإسلامية للدكتور عبد الكريم عثمان، ص (۸۷) وما بعدها. ولمحات في الثقافة الإسلامية لعمر عودة الخطيب ص ٦٣ وما بعدها، والخصائص العامة للإسلام للدكتور / يوسف القرضاوي.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

بدينا تخزينتنا ...

بدينا تخزينتنا ولم تفارقني الرغبة بان اكون بين يدي رجلين اثنين أتجرأ على عضويهما المنتصبين يتبادلاني...

خليج العقبة هو ...

خليج العقبة هو الفرع الشرقي للبحر الأحمر المحصور شرق شبه جزيرة سيناء وغرب شبه الجزيرة العربية، وبالإ...

فرضية كفاءة الس...

فرضية كفاءة السوق تعتبر فرضية السوق الكفء او فرضية كفاءة السوق بمثابة الدعامة او العمود الفقري للنظر...

‏@Moamen Azmy -...

‏@Moamen Azmy - مؤمن عزمي:موقع هيلخصلك اي مادة لينك تحويل الفيديو لنص https://notegpt.io/youtube-tra...

انا احبك جداً ت...

انا احبك جداً تناول البحث أهمية الإضاءة الطبيعية كأحد المفاهيم الجوهرية في التصميم المعماري، لما لها...

توفير منزل آمن ...

توفير منزل آمن ونظيف ويدعم الطفل عاطفيًا. التأكد من حصول الأطفال على الرعاية الطبية والتعليمية والن...

Le pêcheur et s...

Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...

في التاسع من ما...

في التاسع من مايو/أيار عام 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام التجاري لأول أقر...

أهم نقاط الـ Br...

أهم نقاط الـ Breaker Block 🔹 ما هو الـ Breaker Block؟ • هو Order Block حقيقي يكون مع الاتجاه الرئي...

دوري كمدرب و مس...

دوري كمدرب و مسؤولة عن المجندات ، لا اكتفي باعطاء الأوامر، بل اعدني قدوة في الانضباط والالتزام .فالم...

سادساً: التنسيق...

سادساً: التنسيق مع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وفريق إدارة شؤون البيئة لنقل أشجار المشلع ب...

I tried to call...

I tried to call the hospital , it was too early in the morning because I knew I will be late for ...