لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

القرون هي أكـثـر الـطـرق تـعـسـفـا فـي تـقـسـيـم
التاريخ إلى عصور. 􏰇ت بالفعل دراسة محيط القرن التاسع عشر
285
مختلفة منذ العصور القد􏰊ة􏰅 والثاني هو الفهم ا􏰀تعاظم للعلم اللغوي الهندي خاصة في الصوتيات والفنلجيا􏰅 والثالث هو 􏰇ثل العلم اللـغـوي - وبـشـكـل خاص في توجهه التاريخي - 􏰀واقف عامة للقرن التاسـع عـشـر􏰅 ولـنـظـريـة
ا􏰀قارنة ونظرية التطور والنظرية الوضعية للعلوم الطبيعية. عند محاولة 􏰇ييز الاتجاهات التي تحرك ويتحرك فيها علم اللغة في القرن الحالي يكون ا􏰀رء متعاملا مع »التاريخ ا􏰀عاصر«􏰅 وا􏰀وقف التاريخي هو نفس ا􏰀وقف􏰅 ولكن ا􏰀ادة تختلف في كونها أكثر وفرة وأقل سهولـة فـي الصياغة. وا􏰀رء - من ناحية - معني بالأشخاص والنظريات ا􏰀ألوفة بالفعل في ا􏰀قدمات الأساسية لعلم اللغة􏰅 بدرجة أكبر 􏰉ا هو معني ببعض أعمال القرن التاسع عشر􏰅 وبدرجة أكبر كـثـيـرا بـأعـمـال الـفـتـرات الأسـبـق. إضافة لهذا فإن العلماء السابق􏰆 وأعمالهم قد خضعت لمحاكمات صارمة􏰅 وفـي بـعـض الأحـيـان لـظـلـم كـبـيـر مـن قـبـل معاصريهم ولاحقيهم ا􏰀باشرين فيما يتعلق 􏰋ا وجد أنه يستحـق الإشـارة والتطوير􏰅 ولكن هذا لم يبق كله􏰅 وبشكل خاص ما هو من الفترات ا􏰀بكرة. ولقد قيل إن معظم علماء العالم على قيد الحياة الآن􏰅 وهذا صحيح بالنسبة لعلماء اللغة بالنظر إلى التـوسـع الـضـخـم وغـيـر ا􏰀ـفـحـوص حـتـى الآن فـي الدراسات اللغوية في جامعات العالم. وأي عمل كالوصف الكامل للأعمال ا􏰀همة في علم اللغة الآن وفي ا􏰀اضي القريب􏰅 حتى لو على نطاق شبيه 􏰋ا أمكن في العصور القد􏰊ة والعصور الـوسـطـى􏰅 سـوف يـكـون مـتـفـاوتـا فـي الطول بشكل فادح􏰅 كما أن الإشارة اﻟﻤﺨتصرة لا تكاد تصل لأكثر من 􏰉ارسة للتبسيط الأكاد􏰊ي. الفرق الأساسي والأكثر وضوحا ب􏰆 القرن􏰆 الأخيرين كان هو النهوض
السريع لعلم اللغة الوصفي􏰅 في مقابل علم اللغة الـتـاريـخـي􏰅 حـتـى كـان لـه وضع السيادة الحالي. وكانت الشخصية الرئيسية في تغيير مواقف القرن التاسع عشر 􏰀واقف القرن العشرين على نحو مهم هي اللغوى السويسري فردينان دي سوسير􏰅 الذي عرف أولا في اﻟﻤﺠتمع العلمي من خلال مساهمة مهمة في علم اللغة الهندوأوروبي ا􏰀قارن􏰅 بعد دراسته في ليبزج مع أعضاء مدرسة القواعدي􏰆 الجـدد)٢(. ومع أن دي سوسير قد نشر القليل بنـفـسـه فإن محاضراته في علم اللغة في أوائل القرن العشرين قد أثرت كثيرا في بعض تلاميذه في باريس وجنيف􏰅 حتى أنهم نشروها في عام ١٦١٦م تحت عنوان »محاضـرات فـي عـلـم الـلـغـة الـعـام ”Cours de linguistique générale”􏰅 وهذا بقدر ما أمكنهم إعادة بنائها نقلا عن كراسات محاضراتهم ومحاضرات آخرين ومواد معينة كانت باقية بخط دي سوسير)٣(. وفي تاريخ علم اللغة فإن دي سوسير يعرف ويدرس إلى حد كبير من خلال ما ذكره عنه تلاميذه. وقد شبه نـشـر الــ Cours في موضوعـه »بالثورة الكوبرنيكيـة«)٤(. وإن عددا من الأفكار حول اللغة وحول دراستها ا􏰀توافقة إلى حد كبير مع أفكار دي سوسير􏰅 كان قد عبر عنها همبولت في الواقع قبل ما يقرب من قرن )صص ١٨ ـ ٢٨٩ من قبل(􏰅 ولكن مدى تأثير دي سوسير ا􏰀باشر بهمبولت مدى مشكوك في أمره على الرغم مـن افـتـراض صلة ما بينهما)٥(. ومن الناحية التاريخية 􏰊كن لأفكار دي سوسير أن توضع تحت ثـلاثـة
287
الأول هو الدراسة التزامنـيـة Synchronic التي تعالج فيها اللغـات بـوصـفـهـا أنظمة اتصال تامة في ذاتها في أي زمن بعيد􏰅 والبعد الثاني هو الدراسـة التعاقبية ]التاريـخـيـة[ diachronic التي تعالج فيها تاريخيا عوامـل الـتـغـيـيـر التي تخضع لها اللغات في مسيرة الزمن. والمحاضرات الـتـي ضـمـهـا الــ Cours يجب النظر إليـهـا بـوصـفـهـا
عاملا رئيسيا في تطور الدراسات اللغوية الوصفية في هذا القرن. ثانيا: ميز ب􏰆 ا􏰀قدرة اللغوية للمتكلم وب􏰆 الظواهر الـواقـعـيـة أو مـادة علم اللغة )ا􏰀نطوقات( بوصفهما الـ langue والـ parole )سار هذان ا􏰀صطلحان السوسيريان دون ترجمة في التداول الدولي مثل مصطلحات أخرى كثيرة جدا(. وبينما يشكل »البارول« ]والكلام[ ا􏰀ادة التي 􏰊كن الحصـول عـلـيـهـا مباشرة􏰅 فإن الهدف الصحيح للغوي هو »لانج« ]لغة[ كل جماعة لغوية􏰅 أي ا􏰀عجم والقواعد والفنلجيا ا􏰀غروسة في كل فرد بسبب نشأته في اﻟﻤﺠتمع ا􏰀ع􏰆 وتنشئته على الأسس التي وفقا لها يتكلم لغة هذا اﻟﻤﺠتمع ويفهمها. ور􏰋ا يكون دي سوسير قد بالغ - متأثرا كثيرا بالنظرية الاجتماعية لإميل دور كا􏰍 - في تقديره للواقع فوق الشخـصـي لـلـغـة langaue إضافة للـواقـع الفردي􏰅 وبشكل أخص عندما يعترف بأن التغيرات في اللغة تحدث بسبب التغيرات التي يحدثها الأفراد في كلامهم 􏰅parole بينما يصرح مع ذلك بأن
بوصفها نظاما من العناصر ا􏰀تـرابـطـة􏰅 أي عـنـاصـر مـعـجـمـيـة وقـواعـديـة وفنلجية􏰅 وليس بوصفها مجموع الكيانات مكتـفـيـة بـذاتـهـا )الـتـي ضـاهـى بينها وب􏰆 مجرد التسمية nomenelature)٧((. a langue is forme
وليس بتكوينها ا􏰀ادي الـفـعـلـي)٨(. paradigmatic ا􏰀تمثل في أنظمة العناصر أو الفئات ا􏰀تقابلة)٩((. وهذه ا􏰀قولة للمقاربة البنائية في دراسة اللغـة تـشـكـل الأسـاس فـعـلـيـا ﻟﻤﺠمل علم اللغة الحديث􏰅 وتسوغ دعوى دي سوسير فيما يتعلق باستقلال علم اللغة بوصفه موضوع دراسة في حد ذاتـه)١٠(. ومهما تكن التفسيـرات التي قدمت للمعنى الدقيق »للبنائية« فإن قـلـيـلا مـن الـلـغـويـ􏰆 الآن سـوف
و􏰊كن النظر لجلوسيماتية [التحليل شبه الرياضي لـلـغـة] يـلـمـسـلـيـف
بوصفها التأكيد السوسيري على الصيـغـة فـي مـقـابـل ا􏰀ـادة فـي »مـسـتـوى ا􏰀عنى content plane« )الدلالة والقواعد( و»مستوى التعبير expression plane« )الفنلجيا(􏰅 وعلى تعريف الصيغة بوصفها العـلاقـات ا􏰀ـتـبـادلـة لـلـعـنـاصـر. والانتقال با􏰀ستوي􏰆 لنهايتيهما ا􏰀نطقيت􏰆 يعني أن تحليل ا􏰀عنـى يـجـب أن يكون مستقلا عن ا􏰀عايير الوجودية فوق اللغوية􏰅 وأن تحليل التعبير )الفنلجيا( يجب أن يكون مستقـلا عـن ا􏰀ـعـايـيـر الـصـوتـيـة )فـوق الـلـغـويـة ا􏰀ـزعـومـة(. والعلاقات ب􏰆 العناصر􏰅 وليس العناصر نفسها􏰅 هي موضوع العلم. وينظر لكل من ا􏰀ستوي􏰆 باعتباره e
e على مستوى التعبيـر􏰅 وإلـى »حـصـان«􏰅 »مـؤنـث«􏰅 »مـفـرد« عـلـى مستوى ا􏰀عنى(. وفي مجال آخر في علم اللغــة فإن الدراســة البــنائية للمــعاني باعتبارها معتمدة جزئيا على الوجــود ا􏰀تــصاحب في اللــغة􏰅 لعــدد مــن ا􏰀صطلحات ا􏰀عجمية ا􏰀ــترابطة فــي ا􏰀ــجالات الدلالية􏰅 􏰇ثــل تحقــقا للأفـــــكـار الـتـي
جاء بها دي سوسير)١٢(. ولكن أكثر آثار نظرية دي سوسير البنائية للغة مباشرة􏰅 ومن أهمها من
الناحية التاريخية كان في ميدان الفنلجيا􏰅 حيث اتفقت نظريته بشكل ملحوظ مع النظرية غير النهائية التي 􏰎 التوصل إليهـا فـي الـصـوتـيـات فـي نـفـس الوقت􏰅 نتيجة لجهود علماء الصوتيات في القرن التاسع عشر. والصوتيات وما ارتبط بها من أنشطة وتطبيقات في الاختزال وتعـلـيـم اللغات وإصلاح الإملاء􏰅 قد لقيت اهتماما كبيرا فـي إنجـلـتـرا مـنـذ عـصـر النهضة فصاعدا􏰅 وقد أشرنا في الفصل السادس للحافز العام للدراسات الصوتية منذ اكتشاف ا􏰀ؤلفات الصوتية الهندية في نـهـايـة الـقـرن الـثـامـن عشر)١٣(. وعلى نقيـض معظم معاصريه ميز بوضوح ب􏰆 الحرف والصــوت􏰅 واعتـــرض بقــوة علــى
جراهـام( تـخـلـد ذكـراه فـي اسـم الـشـركـة وهـو Bell Telephone Company of
􏰅America وهو - مثل أبيه ألـكـسـنـدر مـلـڤـل )١٨١٩ - ١٩٠٥( وجـده ألكـسـنـدر 􏰐
١٧٩٠ - ١٨٥٦( - قد انشغل بتدريبات الكلام والتطبيقات العلاجية للصوتيات􏰅 وقد كان أ. بل هو اﻟﻤﺨترع لنظام »الكلام ا􏰀رئي« على مـنـوال مـحـاولات سابقة )ص ٢٠١ من قبل( حيث تقابل كل عـمـلـيـة نـطـق مـسـتـقـلـة صـورتـهـا الكتابية الخاصة بها􏰅 وهذا النظام قد تبناه سويت في كتابه »􏰇هيد في علم الصوتيات »Primer of phonetics» مع إجراء تصحيحات وتعديلات معينة)١٦(. وكـمـا يحدث عند فساد الأمور الإنسانية فإن الاعتراف به عا􏰀ا مبرزا كمـا كـان􏰅 قد تحقق في الخارج􏰅 وبشكل بارز في أ􏰀انيا􏰅 على نحو أسرع 􏰉ا تحقق في وطنه􏰅 حيث منعه اتجاهه الانتقادي الصريح وشكوكه واستياؤه ا􏰀سوغ فـي سنواته الأخيرة􏰅 من الحصول في أي وقت على درجـة الأسـتـاذيـة فـي أي
في القرن التاسع عشر اعتمدت ا􏰀ؤلـفـات الـصـوتـيـة عـلـى الـتـقـدم فـي
في ذلك ابتكار رموز أبجدية إضافية وبأنظـمـة رمـوز صـوتـيـة عـامـة. وقـد
291
ومقاربة هذه ا􏰀عضلة 􏰊كننا أن نلاحظها في كتابات سويت ا􏰀بكرة􏰅 فهي في مؤلفه »كتيب في الـصـوتـيـات Handbook of phonetics« )١٨٧٧( ميز ب􏰆 الأصوات التي تعتمد اختلافاتها في اللغة على محيطها الصوتي􏰅 ولذلك فهي غير 􏰉يزة􏰅 وب􏰆 الأصوات التي 􏰊كن بنفسها أن تكون كلمت􏰆 بوصفهما مادت􏰆 مستقلت􏰆 معجميا􏰅 والفرق الصوتي نفسه 􏰊كن - واقعيا - أن يكون 􏰉يزا في لغة وغير 􏰉يز في لغة أخرى􏰅 والفروق الصوتية ا􏰀ميزة تحـتـاج إلى تدوين مستقل في نظام كتابة صوتية واسعة للغة معينـة)١٩(. وحيث إن الأصوات ا􏰀ميزة القليلة نسبيا في لغة معينة 􏰊كن أن 􏰇ثل بسهولة بحروف رومانية إضافة لحروف قليلة أخرى􏰅 فإن سويت قد صاغ مصطلح »الرومية الواسعة broad romic« في مقابل الكتابة الصوتية الضيقة التي تحتاج إلى
كثير من الرموز ا􏰀تنوعة أكثر فأكثر. بوضوح على هذا ا􏰀فهوم􏰅 ولكن التمييز الاصطلاحي المحدد ب􏰆 الصوت أو الفون phone وب􏰆 الفونيم􏰅 كان من عمل العالم البولندي الذي كـان يـدرس في روسيا􏰅 وهو بودوان دي كورتناي Baudouin de Caurtenay الذي استخدم الكلمة الروسية fonema استخداما فنيا. وقد نشرت نظريته عن الفونيم في عام ١٨٩٣م􏰅 ولكنه من ا􏰀مكن أن يكون قد توصل إليها قبل ذلك على الأصح􏰅 وتقريبا في نفس الوقت مع سويت على الرغم من عدم وجود اتصال بينهما
في ذلك الوقت)٢٠(.


النص الأصلي

اللغة في القرن العشرين
القرون هي أكـثـر الـطـرق تـعـسـفـا فـي تـقـسـيـم
التاريخ إلى عصور. ولكن في الحالات الـتـي يـركـز فيها على نزعات معينة في قرون معينة􏰅 فإن تقسيم القرون قد يكون قيمة منشطة للذاكرة بعض الشيء􏰅 فب􏰆 عدد من الوقائع التاريخية والاتجاهات السابقة في علم اللغة􏰅 فإن القرن التاسع عشـر قـد غـلـبـت عليه الدراسات التاريخية􏰅 ولكن بتـتـبـعـنـا لـبـعـض التطورات التي نشـأت بـشـكـل مـبـاشـر مـن أعـمـال القواعدي􏰆 الجدد فإن هذا قـد قـادنـا إلـى الـقـرن العشرين􏰅 وكذلك عند تتبع أصل النظريات وا􏰀واقف الحالية سوف نعود بفكرنا إلى القرن التاسع عشر والقرون السابقة􏰅 ليس مـن أجـل الأسـلاف الـذيـن تأثر بهم العلماء􏰅 أو العلـم الـذي تـلـقـوه􏰅 ولـكـن مـن أجل حركات التفكـيـر ا􏰀ـتـمـيـزة ا􏰀ـتـصـلـة بـالـعـصـر الحاضر أكثر 􏰉ا تتـصـل بـالاهـتـمـامـات الـسـائـدة
للقرن التاسع عشر. 􏰇ت بالفعل دراسة محيط القرن التاسع عشر
الذي نشأ فيه علماء القرن العشرين الأوائل􏰅 والذي 􏰊كن أن 􏰇يز فيه ثلاثة اتجاهات على الأقل: الأول هو التراث ا􏰀تواصل للأعمال القواعدية والأعمال اللغوية الأخرى التي أعدها علماء أوروبيون بطرق
8
285
مختلفة منذ العصور القد􏰊ة􏰅 والثاني هو الفهم ا􏰀تعاظم للعلم اللغوي الهندي خاصة في الصوتيات والفنلجيا􏰅 والثالث هو 􏰇ثل العلم اللـغـوي - وبـشـكـل خاص في توجهه التاريخي - 􏰀واقف عامة للقرن التاسـع عـشـر􏰅 ولـنـظـريـة
ا􏰀قارنة ونظرية التطور والنظرية الوضعية للعلوم الطبيعية. عند محاولة 􏰇ييز الاتجاهات التي تحرك ويتحرك فيها علم اللغة في القرن الحالي يكون ا􏰀رء متعاملا مع »التاريخ ا􏰀عاصر«􏰅 وا􏰀وقف التاريخي هو نفس ا􏰀وقف􏰅 ولكن ا􏰀ادة تختلف في كونها أكثر وفرة وأقل سهولـة فـي الصياغة. وا􏰀رء - من ناحية - معني بالأشخاص والنظريات ا􏰀ألوفة بالفعل في ا􏰀قدمات الأساسية لعلم اللغة􏰅 بدرجة أكبر 􏰉ا هو معني ببعض أعمال القرن التاسع عشر􏰅 وبدرجة أكبر كـثـيـرا بـأعـمـال الـفـتـرات الأسـبـق. ومـن ناحية أخرى فإن الاقتـراب الـشـديـد مـن ا􏰀ـشـهـد يـجـعـل 􏰇ـيـيـز الحـركـات والاتجاهات المحددة »وا􏰀دارس« ا􏰀ستمرة نسبيا أمرا أكثر صعوبة􏰅 فا􏰀سافر الذي يترك عينيه تنظران للمشهد البعيد من ا􏰀كان الذي يجتازه يستطيـع أن يرى السهول والجبال والأنهار والغابات التي تكون التضاريس و􏰇يزها􏰅 ولكن عندما ينظر 􏰀ا هو قريب منه فإن التلال والحصباء والأشجار والجداول الصغيرة􏰅 لا تقدم غالبا صورة واضحة للكـيـفـيـة الـتـي سـوف يـبـدو عـلـيـهـا ا􏰀نظر الطبيعي من مسافة أبعد. إضافة لهذا فإن العلماء السابق􏰆 وأعمالهم قد خضعت لمحاكمات صارمة􏰅 وفـي بـعـض الأحـيـان لـظـلـم كـبـيـر مـن قـبـل معاصريهم ولاحقيهم ا􏰀باشرين فيما يتعلق 􏰋ا وجد أنه يستحـق الإشـارة والتطوير􏰅 ولكن هذا لم يبق كله􏰅 وبشكل خاص ما هو من الفترات ا􏰀بكرة. ولقد قيل إن معظم علماء العالم على قيد الحياة الآن􏰅 وهذا صحيح بالنسبة لعلماء اللغة بالنظر إلى التـوسـع الـضـخـم وغـيـر ا􏰀ـفـحـوص حـتـى الآن فـي الدراسات اللغوية في جامعات العالم. وأي عمل كالوصف الكامل للأعمال ا􏰀همة في علم اللغة الآن وفي ا􏰀اضي القريب􏰅 حتى لو على نطاق شبيه 􏰋ا أمكن في العصور القد􏰊ة والعصور الـوسـطـى􏰅 سـوف يـكـون مـتـفـاوتـا فـي الطول بشكل فادح􏰅 كما أن الإشارة اﻟﻤﺨتصرة لا تكاد تصل لأكثر من 􏰉ارسة للتبسيط الأكاد􏰊ي. وفي هذا الفصل فإن الغرض هو إلقاء النظر بـشـكـل عام على بعض التطــورات الحديثة والحالية في عـــلاقاتها التاريخية بعضها ببعض􏰅 وليس تقــد􏰍 وصف مختــصر لكل تطــور حيث إن هذا متاح بسهولة
موجز تاريخ علم اللغة
286
علم اللغة في القرن العشرين
في الكتب الدراسية)١(. الفرق الأساسي والأكثر وضوحا ب􏰆 القرن􏰆 الأخيرين كان هو النهوض
السريع لعلم اللغة الوصفي􏰅 في مقابل علم اللغة الـتـاريـخـي􏰅 حـتـى كـان لـه وضع السيادة الحالي. وكانت الشخصية الرئيسية في تغيير مواقف القرن التاسع عشر 􏰀واقف القرن العشرين على نحو مهم هي اللغوى السويسري فردينان دي سوسير􏰅 الذي عرف أولا في اﻟﻤﺠتمع العلمي من خلال مساهمة مهمة في علم اللغة الهندوأوروبي ا􏰀قارن􏰅 بعد دراسته في ليبزج مع أعضاء مدرسة القواعدي􏰆 الجـدد)٢(. ومع أن دي سوسير قد نشر القليل بنـفـسـه فإن محاضراته في علم اللغة في أوائل القرن العشرين قد أثرت كثيرا في بعض تلاميذه في باريس وجنيف􏰅 حتى أنهم نشروها في عام ١٦١٦م تحت عنوان »محاضـرات فـي عـلـم الـلـغـة الـعـام ”Cours de linguistique générale”􏰅 وهذا بقدر ما أمكنهم إعادة بنائها نقلا عن كراسات محاضراتهم ومحاضرات آخرين ومواد معينة كانت باقية بخط دي سوسير)٣(. وفي تاريخ علم اللغة فإن دي سوسير يعرف ويدرس إلى حد كبير من خلال ما ذكره عنه تلاميذه. اعتمد دي سوسير على نطاق محدود من اللغات هي غالبا لغات أوروبا ا􏰀ألوفة􏰅 ولكن تأثيره في علم اللغة في القرن العشرين الذي 􏰊كن أن يقال إنه قد دشنه􏰅 لم يتفوق عليه أحد. وقد شبه نـشـر الــ Cours في موضوعـه »بالثورة الكوبرنيكيـة«)٤(. وإن عددا من الأفكار حول اللغة وحول دراستها ا􏰀توافقة إلى حد كبير مع أفكار دي سوسير􏰅 كان قد عبر عنها همبولت في الواقع قبل ما يقرب من قرن )صص ١٨ ـ ٢٨٩ من قبل(􏰅 ولكن مدى تأثير دي سوسير ا􏰀باشر بهمبولت مدى مشكوك في أمره على الرغم مـن افـتـراض صلة ما بينهما)٥(. ونظرية همبولت اللغوية العامة لم تجذب إلا أقل عناية مباشرة 􏰅 لأن الدراسات التاريخية كانت مـهـيـمـنـة فـي ذلـك الـوقـت􏰅 ولـكـن نظرية دي سوسير جاءت في عـصـر وصـل وقـت مـسـار الـنـظـريـة الـلـغـويـة التاريخية ا􏰀قارنة مؤقتا􏰅 إلى وضع مستقر مقبول في مبادىء القواعديـ􏰆
الجدد. ومن الناحية التاريخية 􏰊كن لأفكار دي سوسير أن توضع تحت ثـلاثـة
عناوين وهي: أولا: صاغ وأوضح ما اعتبره اللغويون السابقون أمرا مفروغا منه أو تجاهلوه􏰅 وهو البعدان الأساسيان الضروريان للدراسة اللغوية􏰅 والبعد
287
الأول هو الدراسة التزامنـيـة Synchronic التي تعالج فيها اللغـات بـوصـفـهـا أنظمة اتصال تامة في ذاتها في أي زمن بعيد􏰅 والبعد الثاني هو الدراسـة التعاقبية ]التاريـخـيـة[ diachronic التي تعالج فيها تاريخيا عوامـل الـتـغـيـيـر التي تخضع لها اللغات في مسيرة الزمن. ولـقـد كـان إنجـازا لـسـوسـيـر أن 􏰊يز ب􏰆 هذين البعدين أو المحورين لعلم اللغة: البعد التزامني أو الوصفي والبعد التعاقبي أو التاريخي􏰅 وكل منهما يستخدم مناهجه ومبادئه الخاصة به وأساسياته في أي مقرر تعليمي ملائـم لـلـدراسـة الـلـغـويـة أو الـتـدريـس اللغوي. والمحاضرات الـتـي ضـمـهـا الــ Cours يجب النظر إليـهـا بـوصـفـهـا
عاملا رئيسيا في تطور الدراسات اللغوية الوصفية في هذا القرن. ثانيا: ميز ب􏰆 ا􏰀قدرة اللغوية للمتكلم وب􏰆 الظواهر الـواقـعـيـة أو مـادة علم اللغة )ا􏰀نطوقات( بوصفهما الـ langue والـ parole )سار هذان ا􏰀صطلحان السوسيريان دون ترجمة في التداول الدولي مثل مصطلحات أخرى كثيرة جدا(. وبينما يشكل »البارول« ]والكلام[ ا􏰀ادة التي 􏰊كن الحصـول عـلـيـهـا مباشرة􏰅 فإن الهدف الصحيح للغوي هو »لانج« ]لغة[ كل جماعة لغوية􏰅 أي ا􏰀عجم والقواعد والفنلجيا ا􏰀غروسة في كل فرد بسبب نشأته في اﻟﻤﺠتمع ا􏰀ع􏰆 وتنشئته على الأسس التي وفقا لها يتكلم لغة هذا اﻟﻤﺠتمع ويفهمها. ور􏰋ا يكون دي سوسير قد بالغ - متأثرا كثيرا بالنظرية الاجتماعية لإميل دور كا􏰍 - في تقديره للواقع فوق الشخـصـي لـلـغـة langaue إضافة للـواقـع الفردي􏰅 وبشكل أخص عندما يعترف بأن التغيرات في اللغة تحدث بسبب التغيرات التي يحدثها الأفراد في كلامهم 􏰅parole بينما يصرح مع ذلك بأن
اللغة لا تخضع لقدرة الفرد على التغيير)٦(. ثالثا: أوضح دي سوسير أن أي »لغة« يجـب أن تـرى وتـوصـف تـزامـنـيـا
بوصفها نظاما من العناصر ا􏰀تـرابـطـة􏰅 أي عـنـاصـر مـعـجـمـيـة وقـواعـديـة وفنلجية􏰅 وليس بوصفها مجموع الكيانات مكتـفـيـة بـذاتـهـا )الـتـي ضـاهـى بينها وب􏰆 مجرد التسمية nomenelature)٧((. وا􏰀صطلحات اللغوية يجب أن تعرف بالنسبة لبعضها البعض وليس بشكل مطلق. وهذه هي النظرية التي
ّ
عبر عنها بقوله إن »اللغة« عبارة عن »صيغة وليست مادة ,a langue is forme
􏰅non substance ووضح هذا باستعارتيه ا􏰀عروفت􏰆: قطع الشطرنج والقطارات التي تحدد وتعرف 􏰋كانها في نظام اللعبة أو شبكة السكة الحديدية ككل􏰅
موجز تاريخ علم اللغة
288
علم اللغة في القرن العشرين
وليس بتكوينها ا􏰀ادي الـفـعـلـي)٨(. وهذه العلاقات ا􏰀تبادلة في الـلـغـة تـقـوم على كل من البعدين الأساسي􏰆 للتركيب اللغوي التزامـنـي: الـبـعـد الأفـقـي associative ا􏰀نطبق على تتابع ا􏰀نطوق􏰅 والبعد الرأسي )الترابطي syntágmatic
paradigmatic ا􏰀تمثل في أنظمة العناصر أو الفئات ا􏰀تقابلة)٩((. وهذه ا􏰀قولة للمقاربة البنائية في دراسة اللغـة تـشـكـل الأسـاس فـعـلـيـا ﻟﻤﺠمل علم اللغة الحديث􏰅 وتسوغ دعوى دي سوسير فيما يتعلق باستقلال علم اللغة بوصفه موضوع دراسة في حد ذاتـه)١٠(. ومهما تكن التفسيـرات التي قدمت للمعنى الدقيق »للبنائية« فإن قـلـيـلا مـن الـلـغـويـ􏰆 الآن سـوف
ينكرون التفكير البنائي في أعمالهم. و􏰊كن النظر لجلوسيماتية [التحليل شبه الرياضي لـلـغـة] يـلـمـسـلـيـف
بوصفها التأكيد السوسيري على الصيـغـة فـي مـقـابـل ا􏰀ـادة فـي »مـسـتـوى ا􏰀عنى content plane« )الدلالة والقواعد( و»مستوى التعبير expression plane« )الفنلجيا(􏰅 وعلى تعريف الصيغة بوصفها العـلاقـات ا􏰀ـتـبـادلـة لـلـعـنـاصـر. والانتقال با􏰀ستوي􏰆 لنهايتيهما ا􏰀نطقيت􏰆 يعني أن تحليل ا􏰀عنـى يـجـب أن يكون مستقلا عن ا􏰀عايير الوجودية فوق اللغوية􏰅 وأن تحليل التعبير )الفنلجيا( يجب أن يكون مستقـلا عـن ا􏰀ـعـايـيـر الـصـوتـيـة )فـوق الـلـغـويـة ا􏰀ـزعـومـة(. والعلاقات ب􏰆 العناصر􏰅 وليس العناصر نفسها􏰅 هي موضوع العلم. وبوضع هذا في ا􏰀قدمة على نحو تام 􏰊كن فقط أن يتحقق هدف دي سوسير في علم لغة مستقل لا يعتمد على علم آخر. وينظر لكل من ا􏰀ستوي􏰆 باعتباره e
قابلا للتحليل 􏰀كوناته النهائية )فكلمة mare مثلا تحلل إلى / /􏰅 /m/ 􏰅/ε/ أو m, a, r, e على مستوى التعبيـر􏰅 وإلـى »حـصـان«􏰅 »مـؤنـث«􏰅 »مـفـرد« عـلـى مستوى ا􏰀عنى(. وا􏰀ستويان ليسا متشاكل􏰆􏰅 لأنه لا 􏰊كن تحديد علاقة ب􏰆 الفونيمات ا􏰀فردة أو الحروف وب􏰆 العناصر الصغرى للمعنى􏰅 ولكن ا􏰀ستوي􏰆 كليهما يجب أن يحللا بطريقة متشابهة􏰅 كما أنهما متساويان ومتكافئان في نظام اللغة. وإنها بالضبط هي تلك الدعوى بالتكافؤ بـ􏰆 ا􏰀ـسـتـويـ􏰆 الـتـي وجدها آخرون صعبة القبول􏰅 مادامت الفروق في التعبير قابلة للملاحظة بشكل مستقل في اللغة وتنتمي ﻟﻤﺠال محدد بدقة􏰅 بينما تتكـشـف الـفـروق في المحتوى الدلالي )وهو غير محدود( فقط من خلال الفروق في التعبير
في اللغة)١١(.
289
وفي مجال آخر في علم اللغــة فإن الدراســة البــنائية للمــعاني باعتبارها معتمدة جزئيا على الوجــود ا􏰀تــصاحب في اللــغة􏰅 لعــدد مــن ا􏰀صطلحات ا􏰀عجمية ا􏰀ــترابطة فــي ا􏰀ــجالات الدلالية􏰅 􏰇ثــل تحقــقا للأفـــــكـار الـتـي
جاء بها دي سوسير)١٢(. ولكن أكثر آثار نظرية دي سوسير البنائية للغة مباشرة􏰅 ومن أهمها من
الناحية التاريخية كان في ميدان الفنلجيا􏰅 حيث اتفقت نظريته بشكل ملحوظ مع النظرية غير النهائية التي 􏰎 التوصل إليهـا فـي الـصـوتـيـات فـي نـفـس الوقت􏰅 نتيجة لجهود علماء الصوتيات في القرن التاسع عشر.
والصوتيات وما ارتبط بها من أنشطة وتطبيقات في الاختزال وتعـلـيـم اللغات وإصلاح الإملاء􏰅 قد لقيت اهتماما كبيرا فـي إنجـلـتـرا مـنـذ عـصـر النهضة فصاعدا􏰅 وقد أشرنا في الفصل السادس للحافز العام للدراسات الصوتية منذ اكتشاف ا􏰀ؤلفات الصوتية الهندية في نـهـايـة الـقـرن الـثـامـن عشر)١٣(. وقد جسد السير وليم جونز نفسه وأثار الاهتمام العظيم 􏰋شكلات الكتابة الصوتية للغات مثل: السنسكريتية والفارسـيـة والـعـربـيـة الـتـي لـهـا تراث مديد من الكتابة في أنظمة كتابة مختلفة عـن الحـروف الـرومـانـيـة. وفي »أطروحته عن كتابة الكلمات الآشيتية Asiatick بالحروف الرومانية«􏰅 أثنى على ا􏰀لاءمة الفنلجية للكتابة ا􏰀قطعية الدفاناجارية Devanagari والكتابة العربية في مقابل عدم ملاءمة الإملاء الألفبائي الإنجليزي. وعلى نقيـض معظم معاصريه ميز بوضوح ب􏰆 الحرف والصــوت􏰅 واعتـــرض بقــوة علــى
الإشــارة التعليمــية »للصــوائت الخمسة« في الإنجليزية)١٤(. وا􏰀ؤلف الصوتي للسير وليم جونز 􏰇ت دراسته بعناية في إنجلتـرا مـن جانـب أ. ج. إليس A. J. Ellis الذي اشترك مع السير إسحاق بتمان Sir Isaac Pitman في إصلاح الأبجدية􏰅 وقد أدى الاهتمام الإنجليزي بفسيلجيا الكلام لنشر مؤلـف س. ر. لـبـسـيـوس C. R. Lepsius »الأبجدية ا􏰀عـيـاريـة Standard alphabet)١٥(«􏰅 وهو نتاج لتعاون إنجليزي أوروبي قام بوصف أ􏰌اط الأصوات الصائتـة vowel والصامتـة Consonant مصنفة حسب نطقها􏰅 􏰉ثلـة بـرمـوز متميزة􏰅 موضحة بأمثلة من عدد من اللغـات اﻟﻤﺨـتـلـفـة􏰅 وقـد تـبـع هـذا فـي ١٨٨٩م أبجدية صوتـيـة دولـيـة International Phonetic Alphabet مراجعـة مـن جانب ما أطلق عليه فيما بعد »الجمعية الصوتية الدولية«. وهذه الأبجدية
موجز تاريخ علم اللغة
290
علم اللغة في القرن العشرين
التي تختصر إلـى »IPA» ظلت تطبع وتخضع باستمرار 􏰀راجـعـة دوريـة فـي ترتيبها ورموزها ومصطلحاتها.
ومع هجرة عائـلـة بـل Bell العجيبة فإن هذا الاهتمـام نـفـسـه قـد أثـمـر
اختراع الهاتف في الولايات ا􏰀تحدة􏰅 حيث إن اسم بل الأصغـر )ألـكـسـنـدر
جراهـام( تـخـلـد ذكـراه فـي اسـم الـشـركـة وهـو Bell Telephone Company of
􏰅America وهو - مثل أبيه ألـكـسـنـدر مـلـڤـل )١٨١٩ - ١٩٠٥( وجـده ألكـسـنـدر 􏰐
)١٧٩٠ - ١٨٥٦( - قد انشغل بتدريبات الكلام والتطبيقات العلاجية للصوتيات􏰅 وقد كان أ. م. بل هو اﻟﻤﺨترع لنظام »الكلام ا􏰀رئي« على مـنـوال مـحـاولات سابقة )ص ٢٠١ من قبل( حيث تقابل كل عـمـلـيـة نـطـق مـسـتـقـلـة صـورتـهـا الكتابية الخاصة بها􏰅 وهذا النظام قد تبناه سويت في كتابه »􏰇هيد في علم الصوتيات »Primer of phonetics» مع إجراء تصحيحات وتعديلات معينة)١٦(. كان هنري سويت )١٨٤٥ - ١٩١٢( أحد الرواد في دراسة الصوتيات ودراسة الإنجليزية القد􏰊ة والوسيطة والجديدة )الحديثة( في بريطانيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد مال بشكل مزاجي نحو الجوانب التزامنية الوصفية لعلم اللغة􏰅 وكان هذا بشكل جزئي بسبب وطنيته الشديـدة نـوعـا ما􏰅 وعدائه للعلم اللغوي التاريخي السائد الذي ربطه بحق بأ􏰀ـانـيـا. وكـمـا يحدث عند فساد الأمور الإنسانية فإن الاعتراف به عا􏰀ا مبرزا كمـا كـان􏰅 قد تحقق في الخارج􏰅 وبشكل بارز في أ􏰀انيا􏰅 على نحو أسرع 􏰉ا تحقق في وطنه􏰅 حيث منعه اتجاهه الانتقادي الصريح وشكوكه واستياؤه ا􏰀سوغ فـي سنواته الأخيرة􏰅 من الحصول في أي وقت على درجـة الأسـتـاذيـة فـي أي
جامعة بريطانية)١٧(. في القرن التاسع عشر اعتمدت ا􏰀ؤلـفـات الـصـوتـيـة عـلـى الـتـقـدم فـي
ميداني الفسيلجيا والأكستيكا ا􏰀رتبط􏰆 بها􏰅 ومع نهاية القرن كانت البحوث التجريبية جزءا مقبولا من البحوث الصوتية􏰅 كما أن تطبيقات علم الصوتيات في إصلاح الإملاء وفي تعليم اللـغـات􏰅 قـد اعـتـبـرت ذات دور رئـيـسـي فـي الجهود الجارية في سبيل التوسع في التعليم وفي قضية التقدم الاجتماعي
بشكل عام)١٨(. شغل علماء الصوتيات أنفسهم حتى عصر سويت بإصلاح الإملاء 􏰋ـا
في ذلك ابتكار رموز أبجدية إضافية وبأنظـمـة رمـوز صـوتـيـة عـامـة. وقـد
291
أصبح واضحا في النصف الثاني من القرن أنه مع الزيادة في تعقيد البنية الصوتية فإن كل نظام كتابة - مهما تكن درجة إصلاحه - لابد أن يتجاهل كثيرا من الفروق الصوتية ا􏰀لحوظـة􏰅 وأن أي كـتـابـة صـوتـيـة ضـيـقـة تـكـون قريبة من الهدف ا􏰀تعذر »رمز واحد للصوت الواحد«􏰅 سوف تكون شديدة التعقيد على نحو ميئوس منه فيما يتصل بالاستخدام الفعلي في كتابة لغة معينة. ومقاربة هذه ا􏰀عضلة 􏰊كننا أن نلاحظها في كتابات سويت ا􏰀بكرة􏰅 فهي في مؤلفه »كتيب في الـصـوتـيـات Handbook of phonetics« )١٨٧٧( ميز ب􏰆 الأصوات التي تعتمد اختلافاتها في اللغة على محيطها الصوتي􏰅 ولذلك فهي غير 􏰉يزة􏰅 وب􏰆 الأصوات التي 􏰊كن بنفسها أن تكون كلمت􏰆 بوصفهما مادت􏰆 مستقلت􏰆 معجميا􏰅 والفرق الصوتي نفسه 􏰊كن - واقعيا - أن يكون 􏰉يزا في لغة وغير 􏰉يز في لغة أخرى􏰅 والفروق الصوتية ا􏰀ميزة تحـتـاج إلى تدوين مستقل في نظام كتابة صوتية واسعة للغة معينـة)١٩(. وحيث إن الأصوات ا􏰀ميزة القليلة نسبيا في لغة معينة 􏰊كن أن 􏰇ثل بسهولة بحروف رومانية إضافة لحروف قليلة أخرى􏰅 فإن سويت قد صاغ مصطلح »الرومية الواسعة broad romic« في مقابل الكتابة الصوتية الضيقة التي تحتاج إلى
كثير من الرموز ا􏰀تنوعة أكثر فأكثر. وسويت لم يستعمل مصطلح »الفونيم phoneme« رغم أن أعماله ترتكـز
بوضوح على هذا ا􏰀فهوم􏰅 ولكن التمييز الاصطلاحي المحدد ب􏰆 الصوت أو الفون phone وب􏰆 الفونيم􏰅 كان من عمل العالم البولندي الذي كـان يـدرس في روسيا􏰅 وهو بودوان دي كورتناي Baudouin de Caurtenay الذي استخدم الكلمة الروسية fonema استخداما فنيا. وقد نشرت نظريته عن الفونيم في عام ١٨٩٣م􏰅 ولكنه من ا􏰀مكن أن يكون قد توصل إليها قبل ذلك على الأصح􏰅 وتقريبا في نفس الوقت مع سويت على الرغم من عدم وجود اتصال بينهما
في ذلك الوقت)٢٠(. وعلى أي حال لم يكتسب مصطلح »الفونيم« استعمالا واسعا قبل العقد
الثاني من القرن العشرين بعد أن بدأت أفكار دي سوسيـر تحـدث أثـرهـا􏰅 وبعد ذلك أصبح بسرعة عمومية لغوية. وقد استعمل دي سوسير الكـلـمـة الفرنسـيـة 􏰅phonème رغم أن ذلك كان بوجه عام 􏰋عنى الصـوت الـكـلامـي بوصفه واقعة صوتية􏰅 ولكن نظريته البنائيـة فـي الـلـغـة فـي تـطـبـيـقـهـا فـي
موجز تاريخ علم اللغة
292
علم اللغة في القرن العشرين
الفنلجيا قد صاغت بوضوح كبير مفهوم التمييز الفونيمي باعتباره واسطة
العقد في الفنلجيا


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

الجمال الداخلي ...

الجمال الداخلي والخارجي هناك نوع من الجمال أفضل أن أسميه الجمال. إنه يتعلق بالمعيار والقرب من علاقا...

ظهور مواهب وقدر...

ظهور مواهب وقدرات الشيخ زايد له تأثير كبير على شخصيته وحكمه لشعبه. بدأ الشيخ زايد في بناء سمعته كزعي...

أوال: ماهية الب...

أوال: ماهية البورصة تعتبر البورصة في االقتصاديات الحديثة أهم مؤشر لقياس مستوى اقتصاد الدول تقدما أو ...

Les événements ...

Les événements majeurs de cette période a-L’invasion des vikings : le mot « viking » veut dire pira...

منذ الانفجار ال...

منذ الانفجار الكمبري قبل 538.8 مليون سنة (الوقت الذي نشأت فيه العديد من شُعَب الحيوانات المألوفة الي...

عندما كنت أبلغ ...

عندما كنت أبلغ من العمر خمس سنوات كان مصطلح الظلام بمثابة الغول الذي أضرم النار في مخاوفي،وإني لم أ...

Immediate Chaos...

Immediate Chaos: Orbital Disruption: The current stable orbits of the planets depend on their distan...

توفر حلول الحوس...

توفر حلول الحوسبة السحابية آلية لدعم التعاون مع شركاء العمل الخارجيين، وتحتاج إلى تبادل المعلومات مع...

التواضع مأخوذ م...

التواضع مأخوذ من مادة (وضع) ، التي تدل على خفض الشيء وحطه، يقال: وضعته بالأرض وضعًا ، ووضعت المرأة و...

The central the...

The central theme of this play is Nora’s rebellion against society and everything that was expected ...

ولكن هل تفعل ما...

ولكن هل تفعل ما يجب فعله سيد ويس المهري هل هي قادره على السيطرة على اراضيها فتح التحقيق. نعم مالي ...

كان للسيد علي ا...

كان للسيد علي السيستاني المرجع الأعلى للشيعة في العراق دوراً في إخماد الأزمة الطائفية في العراق خلال...