لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (29%)

تمثل صحافة المواطن "أشكالا" تعبيرية وتواصلية مبتكرة تتيح للأفراد التفاعل مع الآخرين والانعتاق من إكراهات الزمان والمكان، وتجاوز دوائر التهميش التي طالما حبستهم في أدوار التلقي السلبي السكوني. كما أنّ هذا التأثير يتعاظم حين يقوم الأصدقاء في الحياة الواقعية بمشاركة القصة الخبرية للأحداث الواقعة على شبكات الميديا الاجتماعية (210) . فلم تعد ممارسة الصحافة والإعلام التقليدي بصفة عامةٍ مهنةً نخبويةً مما جعل جماهيراً واسعةً تنجذب إلى صحافة المواطن بوصفها نوعًا جديدًا من الإعلام (211) ، إذ أصبحت منافساً حقيقيا للإعلام التقليدي من خلال تميّزها بالسرعة واللامحدودية والتفاعلية، فهي مقاربة في التأسيس لاتجاه فكري ومهني يحذر مما آلت إليه الصحافة منذ نهاية القرن الماضي من احتكار وتوظيف وتزكية، ومن تأثير سلبي للعولمة على قطاعات الإعلام والاتصال. وتعكس صحافة المواطن قدرة الوسائط الجديدة على إيصال مضمون ما، فهذا يعد مؤشراً إيجابياً على أنّ صحافة المواطن يمكنها أن توفر فرصاً أكثر للمواطنين للمشاركة في الحياة العامة ومعها ضخ دماء جديدة في الديمقراطية بوصفها نظام حياة مشترك. فاستخدام الإعلام المتزايد للمحتوى الإعلامي بواسطة المستخدمين في التغطية الإعلامية للصراعات يتسم بالطابع الانتقائي، إذ تختار ما يناسب أجندتها وتتجاهل البعض الآخر، وتتذرع في ذلك بالحفاظ على التقاليد الإعلامية المرتبطة بمعايير الدقة والموضوعية والمصداقية وكذلك الحفاظ على حياديتها (212). وسنتطرق في الجدول التالي (رقم (4) إلى أهم تأثيرات صحافة المواطن على أدوار الصحفي المهني العامل في المؤسسات الإعلامية التقليدية الفلسطينية استنادا إلى نتائج الجدول السابق فإن لصحافة المواطن تأثيراً في تشجيع الصحفي المهني على التفاعل مع المستخدمين والتعاون معهم والإجابة على رسائلهم عند التغطية الإخبارية زمن الأزمات وذلك بنسبة 90%، ويمكن للتفاعل أن يتمثل بتوجيه الأسئلة المباشرة والفورية للصحفي أو مصدر المعلومة نفسه والإجابة عنها، من خلال الحوارات الحيّة بينهما باستخدام البث المباشر على فايسبوك مثلا، ولا بدّ أن ينفتح الصحفيون على المتابعين وأن يكونوا أكثر وضوحا من أجل بناء الثقة مع متابعيهم، إذ نتحدث اليوم عن صحافة متعددة الطبقات Layered journalism بعد أن صارت غرف الأخبار مجالا للصحافة التقليدية وصحافة المواطن والدردشة التفاعلية مع المشاهدين أو المشاركين في البرنامج، مما يجعل المؤسسات الإعلامية التقليدية الفلسطينية مطالبة بوضع إستراتيجية اتصالية جديدة لممارسة العمل الصحفي في زمن بات فيه المواطن مصدرا للخبر حين يغيب الإعلام التقليدي عن ميدان الحدث، وهذا التفاعل الذي تحدثه صحافة المواطن ليس حكرا على الحالة الفلسطينية، إذ بينت Rena Kim Bivens بأنّ الوسائل الاتصالية الحديثة لعبت غير من روتينية الصحافيين في دورا في زيادة التفاعل بين الجمهور والصحافة مما حياتهم العملية على مدار 24 ساعة (213). وقد علق مدير القسم الإخباري في إذاعة صوت القدس على هذه النسبة بقوله: "يتم هذا التفاعل من خلال سرعة التعليقات وردود الصحفيين المهنيين على تساؤلات المواطنين التى ينشرونها عبر منصات الميديا الاجتماعية المختلفة، والتي فتحت نوافذ جديدة للصحفي المهني كي يقدم ما لديه من معلومات إضافية حول الأحداث الواقعة (214). ونرى بأن على الصحفيين أن يسألوا عما بإمكانهم فعله لمساعدة الجمهور على فهم الأخبار، وليس كما كانوا من قبل ينشرون الأخبار ويعتبرون أن على المتابعين فهمها. بالإضافة إلى أنها طورت المهارات المهنية للصحفيين بالتفاعل مع الإعلام الرقمي بنسبة 87. إذ دفعت التحولات التكنولوجية السريعة والمبهرة إلى تطوير مهارات الصحفيين في جمع الأخبار ومنحتهم القدرة على تحليلها، وفي ظل التقنيات المتطورة التي تظهر كل يوم يحتاج الصحفي المهني إلى فرص دائمة لتعلم مهارات جديدة تكفل له مواكبة عصر التحول الرقمي المستمر، لتساعده على ترقية تصميم المحتوى المقدم ذي الجودة وإنتاجه من خلال تقنيات رقمية خاصة بالتفاعل مع المستخدم مثل النشرة البريدية الإلكترونية فلسطين اليوم". إذ لم يعد يقتصر عمل الصحفي على الكتابة التقليدية للصحف والإذاعات بل تماهى مع ما توافد إليه من تكنولوجيا حديثة لصناعة المحتوى المرئى والانفوجرافيك بمقاسات جديدة وبمدة زمنية متباينة تناسب منصات الميديا الرقمية المختلفة، فالبيئة الجديدة للإعلام أعطت الحق للصحفيين بالحصول على ورشات تدريبية لإعادة وتطوير مهارتهم الرقمية، والحق في العمل على أجهزة رقمية متطورة لاحتضان عصر الصحافة الرقمية. وبما أن المتابعين باتوا يتابعون الأخبار على هواتفهم الذكية، فيتوجب على المؤسسات الإعلامية الفلسطينية أن تصقل مهارات موظفيها الرقمية، وتحسن معداتها ومنصاتها الإلكترونية والمحتوى الذي تنشره. فضلا عن ذلك أثرت صحافة المواطن على أدوار الصحفي المهني بأن دفعته إلى تغيير تعامله وممارسته الإعلامية مع احترام إعطاء الكلمة للمواطن بنسبة 82. ويفسر ذلك بأن وسائل الإعلام الفلسطينية لا يمكن أن يتوفر لها مراسلون بكافة المناطق بل هي في حاجة إلى المواطن، وقد شاهدنا ذلك مع أحداث التحام المسجد الأقصى ومسيرات العودة الكبرى، فكان المواطن هو الناقل المجريات الأحداث الدائرة، لذا اضطر الإعلام الكلاسيكي إلى أن يغير من تعامله وممارسته الإعلامية وذلك بإعطاء الكلمة للمواطن. وفي هذا السياق أفادت مديرة الأخبار الأجنبية في تلفزيون فلسطين بأنّه في وقت الأزمات تلجأ الصحافة المهنية الوسائل التواصل المجتمعية القائمة على صحافة المواطن وتعتمد على مضامينها كي تعاونها في تغطية ونقل الأحداث الحاصلة (215). وقد شجعت صحافة المواطن على المزيد من الجرأة لدى الصحفي بنسبة %80.3، إذ سمحت منصات الميديا الاجتماعية للصحفيين بتجاوز القيود المهنية المفروضة عليهم عند تغطية الأحداث وذلك بالتدوين المباشر عبر صفحاتهم الشخصية، وإماطة اللثام عن التفاصيل التي يتم رصدها وهو ما زاد الجرأة لديهم من نشر ما لم يكن متاحاً في كافة المجالات التقليدية وبلا تردد، إذ بين داود عبد الكريم داود في دراسته بأن قائد المؤسسة الإعلامية الحكومية الفلسطينية لا يمتلك التأثير الصحيح أو المطلوب على الموظفين، وهذا من شأنه أن يجعل الصحفي المهني يتجاوز القيود المهنية المفروضة عليه (216). وتؤكد نقابة الصحفيين الفلسطينيين بأن الصحفيين المهنيين هم المسؤولون عن صفحاتهم الشخصية وهم من يتحملون المسؤولية عنها بوصفها تتضمن موقفاً شخصياً صادراً عنهم، مؤكدة على ضرورة احترام الأخلاقيات العامة للصحافة والإعلام في كل ما ينشر عبر الميديا الاجتماعية (217). ونضيف في هذا الصدد بأنه يجب على الصحفي المهني الفصل بين أرائه الشخصية وواجبه المهنى وتجنيه إبداء رأيه السياسي بحسابه الخاص بالميديا الاجتماعية لا سيما إذا ما اختلف مع الخط التحريري للمؤسسة الإعلامية التي يعمل بها. وبالرجوع إلى (الجدول رقم (4) يعتقد المستجوبون أن صحافة المواطن أوجدت المنافسة الإيجابية بين الصحفيين على مستوى جودة المادة الإعلامية بنسبة 76. فالعالم الرقمي قسم الصحفيين اليوم إلى رقميين وغير رقميين، بمعنى أنه خلق هوة فيما بينهم وأعطى الأفضلية اليوم للصحفي الذي يتقن تلك الأدوات والبرمجيات الرقمية الحديثة، وأصبح معيار وجودهم في عمل المؤسسات الإعلامية التقليدية مرتبطاً بقدرتهم على الالتحاق بالعالم الرقمي ومواكبته والاندماج فيه. كما يعتقد المستجوبون أن صحافة المواطن ساهمت في الرفع من سقف حرية التعبير لدى الصحفي خارج المؤسسة وداخلها بنسبة 74. لأن انتشار منصاتها التفاعلية أصبح أداة ضغط ورقابة على سلطة الإعلام التقليدي، إذ كسرت سطوة وسيطرة المؤسسات الإعلامية على تدفق المعلومات واحتكارها، فغالبا ما كانت تقيد حرية التعبير لدى الصحفي العامل داخلها بسياسات تحريرية وفقا لتوجهات المؤسسة نفسها ورؤيتها، ولكن ومنذ أن أصبح له كيان مستقل يعبر فيه عن رأيه بعيداً عن موقعه في مؤسسته، وجد كثير من العاملين في هذا المجال الحرية الكاملة للوصول للجمهور والتفاعل مع كافة القضايا التي تهتم بها المؤسسة أو التي تقع خارج نطاق اهتماماتها. وهنا وجدت المؤسسات الصحفية نفسها مضطرة لرفع سقف حرية التعبير لدى الصحفيين العاملين فيها بما يسمح بالحفاظ على كل من الصحفي ومادته الإعلامية. ويشير Bruce Mutsvairo وآخرون في هذا السياق، بأن الصحفيين يقومون بمكافحة الاستبدادية للنظام الحكومي عبر صحافة المواطن (218). ومن خلال مقابلاتنا مع مديري المؤسسات الإعلامية الفلسطينية أجمع العديد منهم بوجود تأثيرات الصحافة المواطن على وسائل الإعلام المحلية، وأنها باتت تشكل عنواناً مهماً لدى مؤسساتهم في ظل الأزمات، خصوصا عندما يصعب وصول المؤسسة الإعلامية إلى أماكن الأحداث الدائرة لصعوبتها أو خطورتها أو لعدم قدرة المؤسسة على توزيع طاقمها على مناطق التغطية، وأنها قد أصبحت في صلب اهتمام المؤسسات الإعلامية باعتبارها جزءا من المصادر الإخبارية، كونها أصبحت تشكل عاملاً مساعداً ورئيسيا في نقل التغطية الإعلامية للأحداث الواقعة في فلسطين. ومن جهة أخرى يختلف كلا من سهيل المقيد (219) وحسن دوحان (220) ومفيد أبو شمالة (221) مع هذا الطرح إذ اعتبروا بأن مضامین صحافة المواطن أصبحت مصدراً غير موثوق للمعلومات لكنها قد تعطي بعض المؤشرات الأخبار جديدة يتم العمل على التأكد منها قبل نشرها. وبين مفيد أبو شمالة بأن صحيفته "فلسطين" لم تتأثر نظرا لأنها صحيفة ورقية لا تعتمد على السبق في الأخبار، وإنما تقوم على تقارير ومضامين خاصة تعتمد على مراسلين صحفيين مهنيين. وإجمالا نلاحظ بأن تطور وسائل الاتصال الرقمية في العقد الأخير قد أجبر غرف الأخبار التقليدية على تغيير هيكلتها لتواكب التطور الاتصالي وتستثمر أدواته الحديثة وأنهت احتكار الصحفي في إنتاج المادة الإعلامية، وقلصت من أعداد الصحفيين من الميدان وفي غرف الأخبار، ودفعت المؤسسات الإعلامية التقليدية إلى اعتماد برامج قائمة على تفاعل رأي المواطن الصحفي، وعزّزت من إبراز مضامين صحافة المواطن داخل التقارير الإخبارية، مما ساهم في تأثيث المساحات الإخبارية وإعداد مادة إعلامية تغطي كافة جوانب الأحداث الواقعة، وهو ما أدى إلى تحوّل ملحوظ في غرف الأخبار تجاه التفاعل مع مضامين المستخدمين. نستنتج أنه وفي ظل التطورات الاتصالية الجديدة أصبح لزاما على غرف الأخبار في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية أن تشجع تقبل الأخبار من المواطن الصحفي مع احترام مصدرها ، وتسهل النفاذ إلى المعلومة بأسرع وقت ممكن، وأن تحرص على العمل الجماعي المثمر، وتنظم العمل معه في إطار التوافق على إذاعة الأخبار المتلقاة عنه. ويوضح لنا الجدول التالي (رقم 5) أبرز الإضافات التي قدمتها مضامين صحافة المواطن لغرف الأخبار في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية في ظل تطورات البيئة الجديدة للاتصال يبين الجدول أعلاه أبرز الإضافات التي قدمتها صحافة المواطن لغرف الأخبار وأولها التفاعلية مع الحدث ومتابعته المستمرة بنسبة 90. ويمكن تفسير تلك النسبة بأنه في الآونة الأخيرة بدأت وسائل الإعلام التقليدية بعمل بث مباشر على فايسبوك أثناء تقديمها لبرامجها على الراديو على سبيل المثال، للوصول إلى أكبر عدد من المتابعين والتفاعل معهم تجاه الأحداث الواقعة. وبهذا نقلت الجمهور من حالة متابعة الحدث إلى حالة المشاركة فيه، فالمواقع الشخصية المفتوحة ولاسيما المتخصصة منها تُعتبر مصدرًا جديدًا للمعلومات. وفعلا تبنت وسائل الإعلام التقليدية هذه المواقف منشئةً تبعاً لذلك مواقعها المفتوحة الخاصة بهدف الحفاظ على التفاعلية والحوار مع المواطنين (222). ومن المفيد الإشارة في هذا السياق إلى أن غرفة الأخبار في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية أصبحت بحاجة إلى فريق متخصص بالتغذية الراجعة بشقيها، التغذية الراجعة المتعلقة بنشر أراء وتوجهات وتعليقات الجمهور في البرامج التفاعلية، والتغذية الراجعة المتخصصة في تقييمات الجمهور للقصص الإخبارية التي تنتجها غرفة الأخبار. وفي هذا السياق أفاد المستجوبون بأنّ الإضافات التي تقدمها صحافة المواطن لغرف الأخبار هي إشعارها بتطورات الأحداث العاجلة وأنها وسعت مساحة تغطية الأحداث لتشمل كل فلسطين، إذ لا توجد عقبات جغرافية تعترض مضامين صحافة المواطن فهي متاحة في كل مكان تتوفر به متطلبات الإنترنت، ي تستعين أسرة التحرير ومعدي البرامج الإخبارية بما توفره من مضامين و إخبارية حال عدم تمكن وسائل الإعلام التقليدية الوصول إلى المناطق. وهنا نستحضر حادث مجزرة الشجاعية خلال الحرب على غزة عام 2014، والتي راح ضحيتها أكثر من 74 شهيدا في أعنف هجوم إسرائيلي منذ سنوات، إذ أدى المواطنون دورا كبيرا في مد المؤسسات الإعلامية الفلسطينية بالصور والفيديوهات وسرد تطورات الحادث الأليم الذي شاهده وتابعه العالم أجمع. وقد أشار نضال الوحيدي مؤسس القناة الصوتية بال برس Pal Press إلى أن الهدف من إنشاء قناة عبر تطبيقات الميديا الاجتماعية جاء لنقل الأخبار الصوتية العاجلة في فلسطين، وإشراك المواطنين في نقل الأخبار التي تحدث في مناطق سكنهم وذلك عن طريق الخروج بإشارات صوتية مباشرة من منطقة الحدث التي يسكن بها، فيقوم بإبلاغ المستمعين عن التطورات المهمة الحاصلة في منطقته في محاولة لتغطية الأحداث الواقعة لتشمل كل فلسطين (223). وأفاد المستجوبون بأنّها نوعت من المصادر الإخبارية، وأعطت تفاصيل أكثر حول الأحداث الواقعة بنسبة 86. لأنها تستخدم الوسائط المتعددة الرقمية التي تتيح فرصاً واسعة في توفر المعلومات والأخبار، ونلاحظ اليوم أن العديد من النشرات الإخبارية في وسائل الإعلام الفلسطينية باتت تُخصص زاويةً للحديث عن الخبر الأعلى تداولاً من قبل رواد ومستخدمي منصات الميديا الاجتماعية في فلسطين. وهو ما يعني الاعتراف بدورها الذي ساهم في تنويع مصادر الخبر عند تغطية الأحداث الواقعة، إذ بدأت بالاعتماد على منصات الميديا الاجتماعية على أكثر من مستوى، كمراقبة تدفّق الأخبار وآليات التفاعل معها، واستخدام مضامين الشبكات الاجتماعية كمصادر للمعلومات والآراء والتحليلات ووسيلة للتواصل مع المصادر المختلفة، بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة وآلية لمتابعة توجهات الرأي العام المحلى وأجندة اهتماماته. ففى استراليا أشار كلا من Brian Massey and Jacqui Ewarn إلى أن الصحف المحلية الاسترالية والتي تحظى بإقبال كبير من القراء مثل مثيلاتها البريطانية قد شهدت غرف الأخبار بها درجة من التطور في أساليب تنظيم العمل وإدارته، حيث أصبحت الخدمات الصحفية في عرف الأخبار أكثر تلبية لاحتياجات وأولويات الجماهير وأكثر جودة وأكثر تعبيراً وتفاعلا مع قضاياهم ومشكلاتهم المحلية، وأنها أصبحت أكثر حرصاً على تقديم خدمات صحفية متميزة (224) . ويؤكد حسين غالي بأن غرف الأخبار بالصحف الغربية الكبرى كما في صحف الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا قد شهدت تحولات كبرى في أساليب تنظيم وإدارة العمل فيها، ولعل أهم مظاهر ذلك هو زيادة التوجه نحو رقمنة غرف الأخبار (225). والحاصل أن نتائج الجدول السابق (رقم (5 قد بينت أهمية مضامين صحافة المواطن عندما وفرت خلفيات تتعلق بالحدث الواقع، لم يكن في قدرة الوسائل التقليدية الإتيان بها عند الأحداث الفجئية، ووفرت أفكارا جديدة لبرامج إذاعية وتلفزية جديدة. وعلى سبيل المثال ربط أهم وأجمل الصور اليومية بخاصية top pictures حيث تجمع الصور اليومية في العالم ضمن أيقونة واحدة معبرة في الآن نفسه عما حدث في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة، مما يمكن الغرف الإخبارية من مواكبة كل شيء ويضمن لها الحضور الدائم مع المواطن، وأسست مشهدًا إعلاميا متطوراً تكون فيه الصحافة الفلسطينية حاضرة دائماً وفي كل الميادين، فالتنوع الإعلامي الذي نراه اليوم مشهدًا مستحدثا كسر الصورة النمطية للإعلام التقليدي الذي كان المصدر الوحيد لنشر الخبر والمعلومة والتحليل والتفسير والتعليق، غير ان صحافة المواطن تمكنت من منافسة الصحافة التقليدية في الكثير من الأحداث، فذاع صيتها وأصبحت مضامينها تغطي مختلف المناطق الفلسطينية من شمالها إلى جنوبها، فلا تخلو اليوم مدينة فلسطينية من تواجد اسمها عبر صفحات فيسبوك إذ يسارع مواطنوها إلى نشر الأخبار وآخر المستجدات، لتصبح مصدرا إخباريا لهم لفهم مجريات الأحداث الواقعة. وتجدر الإشارة إلى أن بعض البرامج الإذاعية والتلفازية في فلسطين باتت تخصص مجالا للمواطنين الصحفيين في برامجها، ومن أمثلة ذلك فقرة "مع المواطن" الذي يبث عبر إذاعة صوت القدس، وبرنامج "نبض البلد" الذي تبثه فضائية الأقصى الإخبارية، بهدف التفاعل معهم وإشراكهم في النقاشات المهمة التي تخص الأحداث الإخبارية المحلية. وبناء على كل ما سبق ذكره، نضيف بأن الغرف الإخبارية في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية التقليدية أصبحت بحاجة لأن تضم صحفيين متخصصين في الميديا الرقمية ملمين بالأدوات والتقنيات الحديثة لإدارة المنصات الاجتماعية وداخل هذا الفريق هنالك وحدات ووظائف جديدة لكل منصة لا بد من إيجادها مثل: وحدة تطوير أدوات الأخبار، وحدة تطوير الشكل والمضمون للمنصات الاجتماعية، ومتخصص دراسة وتطوير الجمهور، ومتخصص جمع الأخبار من المصادر المفتوحة.


النص الأصلي

تمثل صحافة المواطن "أشكالا" تعبيرية وتواصلية مبتكرة تتيح للأفراد التفاعل مع الآخرين والانعتاق من إكراهات الزمان والمكان، وتجاوز دوائر التهميش التي طالما حبستهم في أدوار التلقي السلبي السكوني. كما أنّ هذا التأثير يتعاظم حين يقوم الأصدقاء في الحياة الواقعية بمشاركة القصة الخبرية للأحداث الواقعة على شبكات الميديا الاجتماعية (210) . فلم تعد ممارسة الصحافة والإعلام التقليدي بصفة عامةٍ مهنةً نخبويةً مما جعل جماهيراً واسعةً تنجذب إلى صحافة المواطن بوصفها نوعًا جديدًا من الإعلام (211) ، إذ أصبحت منافساً حقيقيا للإعلام التقليدي من خلال تميّزها بالسرعة واللامحدودية والتفاعلية، فهي مقاربة في التأسيس لاتجاه فكري ومهني يحذر مما آلت إليه الصحافة منذ نهاية القرن الماضي من احتكار وتوظيف وتزكية، ومن تأثير سلبي للعولمة على قطاعات الإعلام والاتصال. وتعكس صحافة المواطن قدرة الوسائط الجديدة على إيصال مضمون ما، فهذا يعد مؤشراً إيجابياً على أنّ صحافة المواطن يمكنها أن توفر فرصاً أكثر للمواطنين للمشاركة في الحياة العامة ومعها ضخ دماء جديدة في الديمقراطية بوصفها نظام حياة مشترك. فاستخدام الإعلام المتزايد للمحتوى الإعلامي بواسطة المستخدمين في التغطية الإعلامية للصراعات يتسم بالطابع الانتقائي، إذ تختار ما يناسب أجندتها وتتجاهل البعض الآخر، وتتذرع في ذلك بالحفاظ على التقاليد الإعلامية المرتبطة بمعايير الدقة والموضوعية والمصداقية وكذلك الحفاظ على حياديتها (212). وسنتطرق في الجدول التالي (رقم (4) إلى أهم تأثيرات صحافة المواطن على أدوار الصحفي المهني العامل في المؤسسات الإعلامية التقليدية الفلسطينية استنادا إلى نتائج الجدول السابق فإن لصحافة المواطن تأثيراً في تشجيع الصحفي المهني على التفاعل مع المستخدمين والتعاون معهم والإجابة على رسائلهم عند التغطية الإخبارية زمن الأزمات وذلك بنسبة 90%، ويمكن للتفاعل أن يتمثل بتوجيه الأسئلة المباشرة والفورية للصحفي أو مصدر المعلومة نفسه والإجابة عنها، من خلال الحوارات الحيّة بينهما باستخدام البث المباشر على فايسبوك مثلا، ولا بدّ أن ينفتح الصحفيون على المتابعين وأن يكونوا أكثر وضوحا من أجل بناء الثقة مع متابعيهم، إذ نتحدث اليوم عن صحافة متعددة الطبقات Layered journalism بعد أن صارت غرف الأخبار مجالا للصحافة التقليدية وصحافة المواطن والدردشة التفاعلية مع المشاهدين أو المشاركين في البرنامج، مما يجعل المؤسسات الإعلامية التقليدية الفلسطينية مطالبة بوضع إستراتيجية اتصالية جديدة لممارسة العمل الصحفي في زمن بات فيه المواطن مصدرا للخبر حين يغيب الإعلام التقليدي عن ميدان الحدث، وهذا التفاعل الذي تحدثه صحافة المواطن ليس حكرا على الحالة الفلسطينية، إذ بينت Rena Kim Bivens بأنّ الوسائل الاتصالية الحديثة لعبت غير من روتينية الصحافيين في دورا في زيادة التفاعل بين الجمهور والصحافة مما حياتهم العملية على مدار 24 ساعة (213). وقد علق مدير القسم الإخباري في إذاعة صوت القدس على هذه النسبة بقوله: "يتم هذا التفاعل من خلال سرعة التعليقات وردود الصحفيين المهنيين على تساؤلات المواطنين التى ينشرونها عبر منصات الميديا الاجتماعية المختلفة، والتي فتحت نوافذ جديدة للصحفي المهني كي يقدم ما لديه من معلومات إضافية حول الأحداث الواقعة (214). ونرى بأن على الصحفيين أن يسألوا عما بإمكانهم فعله لمساعدة الجمهور على فهم الأخبار، وليس كما كانوا من قبل ينشرون الأخبار ويعتبرون أن على المتابعين فهمها. بالإضافة إلى أنها طورت المهارات المهنية للصحفيين بالتفاعل مع الإعلام الرقمي بنسبة 87.4%، إذ دفعت التحولات التكنولوجية السريعة والمبهرة إلى تطوير مهارات الصحفيين في جمع الأخبار ومنحتهم القدرة على تحليلها، وفي ظل التقنيات المتطورة التي تظهر كل يوم يحتاج الصحفي المهني إلى فرص دائمة لتعلم مهارات جديدة تكفل له مواكبة عصر التحول الرقمي المستمر، لتساعده على ترقية تصميم المحتوى المقدم ذي الجودة وإنتاجه من خلال تقنيات رقمية خاصة بالتفاعل مع المستخدم مثل النشرة البريدية الإلكترونية فلسطين اليوم". إذ لم يعد يقتصر عمل الصحفي على الكتابة التقليدية للصحف والإذاعات بل تماهى مع ما توافد إليه من تكنولوجيا حديثة لصناعة المحتوى المرئى والانفوجرافيك بمقاسات جديدة وبمدة زمنية متباينة تناسب منصات الميديا الرقمية المختلفة، فالبيئة الجديدة للإعلام أعطت الحق للصحفيين بالحصول على ورشات تدريبية لإعادة وتطوير مهارتهم الرقمية، والحق في العمل على أجهزة رقمية متطورة لاحتضان عصر الصحافة الرقمية. وبما أن المتابعين باتوا يتابعون الأخبار على هواتفهم الذكية، فيتوجب على المؤسسات الإعلامية الفلسطينية أن تصقل مهارات موظفيها الرقمية، وتحسن معداتها ومنصاتها الإلكترونية والمحتوى الذي تنشره. فضلا عن ذلك أثرت صحافة المواطن على أدوار الصحفي المهني بأن دفعته إلى تغيير تعامله وممارسته الإعلامية مع احترام إعطاء الكلمة للمواطن بنسبة 82.8%. ويفسر ذلك بأن وسائل الإعلام الفلسطينية لا يمكن أن يتوفر لها مراسلون بكافة المناطق بل هي في حاجة إلى المواطن، وقد شاهدنا ذلك مع أحداث التحام المسجد الأقصى ومسيرات العودة الكبرى، فكان المواطن هو الناقل المجريات الأحداث الدائرة، لذا اضطر الإعلام الكلاسيكي إلى أن يغير من تعامله وممارسته الإعلامية وذلك بإعطاء الكلمة للمواطن. وفي هذا السياق أفادت مديرة الأخبار الأجنبية في تلفزيون فلسطين بأنّه في وقت الأزمات تلجأ الصحافة المهنية الوسائل التواصل المجتمعية القائمة على صحافة المواطن وتعتمد على مضامينها كي تعاونها في تغطية ونقل الأحداث الحاصلة (215). وقد شجعت صحافة المواطن على المزيد من الجرأة لدى الصحفي بنسبة %80.3، إذ سمحت منصات الميديا الاجتماعية للصحفيين بتجاوز القيود المهنية المفروضة عليهم عند تغطية الأحداث وذلك بالتدوين المباشر عبر صفحاتهم الشخصية، وإماطة اللثام عن التفاصيل التي يتم رصدها وهو ما زاد الجرأة لديهم من نشر ما لم يكن متاحاً في كافة المجالات التقليدية وبلا تردد، إذ بين داود عبد الكريم داود في دراسته بأن قائد المؤسسة الإعلامية الحكومية الفلسطينية لا يمتلك التأثير الصحيح أو المطلوب على الموظفين، وهذا من شأنه أن يجعل الصحفي المهني يتجاوز القيود المهنية المفروضة عليه (216). وتؤكد نقابة الصحفيين الفلسطينيين بأن الصحفيين المهنيين هم المسؤولون عن صفحاتهم الشخصية وهم من يتحملون المسؤولية عنها بوصفها تتضمن موقفاً شخصياً صادراً عنهم، مؤكدة على ضرورة احترام الأخلاقيات العامة للصحافة والإعلام في كل ما ينشر عبر الميديا الاجتماعية (217). ونضيف في هذا الصدد بأنه يجب على الصحفي المهني الفصل بين أرائه الشخصية وواجبه المهنى وتجنيه إبداء رأيه السياسي بحسابه الخاص بالميديا الاجتماعية لا سيما إذا ما اختلف مع الخط التحريري للمؤسسة الإعلامية التي يعمل بها. وبالرجوع إلى (الجدول رقم (4) يعتقد المستجوبون أن صحافة المواطن أوجدت المنافسة الإيجابية بين الصحفيين على مستوى جودة المادة الإعلامية بنسبة 76.4%. فالعالم الرقمي قسم الصحفيين اليوم إلى رقميين وغير رقميين، بمعنى أنه خلق هوة فيما بينهم وأعطى الأفضلية اليوم للصحفي الذي يتقن تلك الأدوات والبرمجيات الرقمية الحديثة، وأصبح معيار وجودهم في عمل المؤسسات الإعلامية التقليدية مرتبطاً بقدرتهم على الالتحاق بالعالم الرقمي ومواكبته والاندماج فيه. كما يعتقد المستجوبون أن صحافة المواطن ساهمت في الرفع من سقف حرية التعبير لدى الصحفي خارج المؤسسة وداخلها بنسبة 74.1%. لأن انتشار منصاتها التفاعلية أصبح أداة ضغط ورقابة على سلطة الإعلام التقليدي، إذ كسرت سطوة وسيطرة المؤسسات الإعلامية على تدفق المعلومات واحتكارها، فغالبا ما كانت تقيد حرية التعبير لدى الصحفي العامل داخلها بسياسات تحريرية وفقا لتوجهات المؤسسة نفسها ورؤيتها، ولكن ومنذ أن أصبح له كيان مستقل يعبر فيه عن رأيه بعيداً عن موقعه في مؤسسته، وجد كثير من العاملين في هذا المجال الحرية الكاملة للوصول للجمهور والتفاعل مع كافة القضايا التي تهتم بها المؤسسة أو التي تقع خارج نطاق اهتماماتها. وهنا وجدت المؤسسات الصحفية نفسها مضطرة لرفع سقف حرية التعبير لدى الصحفيين العاملين فيها بما يسمح بالحفاظ على كل من الصحفي ومادته الإعلامية. ويشير Bruce Mutsvairo وآخرون في هذا السياق، بأن الصحفيين يقومون بمكافحة الاستبدادية للنظام الحكومي عبر صحافة المواطن (218). ومن خلال مقابلاتنا مع مديري المؤسسات الإعلامية الفلسطينية أجمع العديد منهم بوجود تأثيرات الصحافة المواطن على وسائل الإعلام المحلية، وأنها باتت تشكل عنواناً مهماً لدى مؤسساتهم في ظل الأزمات، خصوصا عندما يصعب وصول المؤسسة الإعلامية إلى أماكن الأحداث الدائرة لصعوبتها أو خطورتها أو لعدم قدرة المؤسسة على توزيع طاقمها على مناطق التغطية، وأنها قد أصبحت في صلب اهتمام المؤسسات الإعلامية باعتبارها جزءا من المصادر الإخبارية، كونها أصبحت تشكل عاملاً مساعداً ورئيسيا في نقل التغطية الإعلامية للأحداث الواقعة في فلسطين. ومن جهة أخرى يختلف كلا من سهيل المقيد (219) وحسن دوحان (220) ومفيد أبو شمالة (221) مع هذا الطرح إذ اعتبروا بأن مضامین صحافة المواطن أصبحت مصدراً غير موثوق للمعلومات لكنها قد تعطي بعض المؤشرات الأخبار جديدة يتم العمل على التأكد منها قبل نشرها. وبين مفيد أبو شمالة بأن صحيفته "فلسطين" لم تتأثر نظرا لأنها صحيفة ورقية لا تعتمد على السبق في الأخبار، وإنما تقوم على تقارير ومضامين خاصة تعتمد على مراسلين صحفيين مهنيين. وإجمالا نلاحظ بأن تطور وسائل الاتصال الرقمية في العقد الأخير قد أجبر غرف الأخبار التقليدية على تغيير هيكلتها لتواكب التطور الاتصالي وتستثمر أدواته الحديثة وأنهت احتكار الصحفي في إنتاج المادة الإعلامية، وقلصت من أعداد الصحفيين من الميدان وفي غرف الأخبار، ودفعت المؤسسات الإعلامية التقليدية إلى اعتماد برامج قائمة على تفاعل رأي المواطن الصحفي، وعزّزت من إبراز مضامين صحافة المواطن داخل التقارير الإخبارية، مما ساهم في تأثيث المساحات الإخبارية وإعداد مادة إعلامية تغطي كافة جوانب الأحداث الواقعة، وهو ما أدى إلى تحوّل ملحوظ في غرف الأخبار تجاه التفاعل مع مضامين المستخدمين. نستنتج أنه وفي ظل التطورات الاتصالية الجديدة أصبح لزاما على غرف الأخبار في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية أن تشجع تقبل الأخبار من المواطن الصحفي مع احترام مصدرها ، وتسهل النفاذ إلى المعلومة بأسرع وقت ممكن، وأن تحرص على العمل الجماعي المثمر، وتنظم العمل معه في إطار التوافق على إذاعة الأخبار المتلقاة عنه. ويوضح لنا الجدول التالي (رقم 5) أبرز الإضافات التي قدمتها مضامين صحافة المواطن لغرف الأخبار في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية في ظل تطورات البيئة الجديدة للاتصال يبين الجدول أعلاه أبرز الإضافات التي قدمتها صحافة المواطن لغرف الأخبار وأولها التفاعلية مع الحدث ومتابعته المستمرة بنسبة 90.6%. ويمكن تفسير تلك النسبة بأنه في الآونة الأخيرة بدأت وسائل الإعلام التقليدية بعمل بث مباشر على فايسبوك أثناء تقديمها لبرامجها على الراديو على سبيل المثال، للوصول إلى أكبر عدد من المتابعين والتفاعل معهم تجاه الأحداث الواقعة. وبهذا نقلت الجمهور من حالة متابعة الحدث إلى حالة المشاركة فيه، فالمواقع الشخصية المفتوحة ولاسيما المتخصصة منها تُعتبر مصدرًا جديدًا للمعلومات. وفعلا تبنت وسائل الإعلام التقليدية هذه المواقف منشئةً تبعاً لذلك مواقعها المفتوحة الخاصة بهدف الحفاظ على التفاعلية والحوار مع المواطنين (222). ومن المفيد الإشارة في هذا السياق إلى أن غرفة الأخبار في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية أصبحت بحاجة إلى فريق متخصص بالتغذية الراجعة بشقيها، التغذية الراجعة المتعلقة بنشر أراء وتوجهات وتعليقات الجمهور في البرامج التفاعلية، والتغذية الراجعة المتخصصة في تقييمات الجمهور للقصص الإخبارية التي تنتجها غرفة الأخبار. وفي هذا السياق أفاد المستجوبون بأنّ الإضافات التي تقدمها صحافة المواطن لغرف الأخبار هي إشعارها بتطورات الأحداث العاجلة وأنها وسعت مساحة تغطية الأحداث لتشمل كل فلسطين، إذ لا توجد عقبات جغرافية تعترض مضامين صحافة المواطن فهي متاحة في كل مكان تتوفر به متطلبات الإنترنت، ي تستعين أسرة التحرير ومعدي البرامج الإخبارية بما توفره من مضامين و إخبارية حال عدم تمكن وسائل الإعلام التقليدية الوصول إلى المناطق. وهنا نستحضر حادث مجزرة الشجاعية خلال الحرب على غزة عام 2014، والتي راح ضحيتها أكثر من 74 شهيدا في أعنف هجوم إسرائيلي منذ سنوات، إذ أدى المواطنون دورا كبيرا في مد المؤسسات الإعلامية الفلسطينية بالصور والفيديوهات وسرد تطورات الحادث الأليم الذي شاهده وتابعه العالم أجمع. وقد أشار نضال الوحيدي مؤسس القناة الصوتية بال برس Pal Press إلى أن الهدف من إنشاء قناة عبر تطبيقات الميديا الاجتماعية جاء لنقل الأخبار الصوتية العاجلة في فلسطين، وإشراك المواطنين في نقل الأخبار التي تحدث في مناطق سكنهم وذلك عن طريق الخروج بإشارات صوتية مباشرة من منطقة الحدث التي يسكن بها، فيقوم بإبلاغ المستمعين عن التطورات المهمة الحاصلة في منطقته في محاولة لتغطية الأحداث الواقعة لتشمل كل فلسطين (223). وأفاد المستجوبون بأنّها نوعت من المصادر الإخبارية، وأعطت تفاصيل أكثر حول الأحداث الواقعة بنسبة 86.4% ، لأنها تستخدم الوسائط المتعددة الرقمية التي تتيح فرصاً واسعة في توفر المعلومات والأخبار، ونلاحظ اليوم أن العديد من النشرات الإخبارية في وسائل الإعلام الفلسطينية باتت تُخصص زاويةً للحديث عن الخبر الأعلى تداولاً من قبل رواد ومستخدمي منصات الميديا الاجتماعية في فلسطين. وهو ما يعني الاعتراف بدورها الذي ساهم في تنويع مصادر الخبر عند تغطية الأحداث الواقعة، إذ بدأت بالاعتماد على منصات الميديا الاجتماعية على أكثر من مستوى، كمراقبة تدفّق الأخبار وآليات التفاعل معها، واستخدام مضامين الشبكات الاجتماعية كمصادر للمعلومات والآراء والتحليلات ووسيلة للتواصل مع المصادر المختلفة، بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة وآلية لمتابعة توجهات الرأي العام المحلى وأجندة اهتماماته. ففى استراليا أشار كلا من Brian Massey and Jacqui Ewarn إلى أن الصحف المحلية الاسترالية والتي تحظى بإقبال كبير من القراء مثل مثيلاتها البريطانية قد شهدت غرف الأخبار بها درجة من التطور في أساليب تنظيم العمل وإدارته، حيث أصبحت الخدمات الصحفية في عرف الأخبار أكثر تلبية لاحتياجات وأولويات الجماهير وأكثر جودة وأكثر تعبيراً وتفاعلا مع قضاياهم ومشكلاتهم المحلية، وأنها أصبحت أكثر حرصاً على تقديم خدمات صحفية متميزة (224) . ويؤكد حسين غالي بأن غرف الأخبار بالصحف الغربية الكبرى كما في صحف الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا قد شهدت تحولات كبرى في أساليب تنظيم وإدارة العمل فيها، ولعل أهم مظاهر ذلك هو زيادة التوجه نحو رقمنة غرف الأخبار (225). والحاصل أن نتائج الجدول السابق (رقم (5 قد بينت أهمية مضامين صحافة المواطن عندما وفرت خلفيات تتعلق بالحدث الواقع، لم يكن في قدرة الوسائل التقليدية الإتيان بها عند الأحداث الفجئية، ووفرت أفكارا جديدة لبرامج إذاعية وتلفزية جديدة. وعلى سبيل المثال ربط أهم وأجمل الصور اليومية بخاصية top pictures حيث تجمع الصور اليومية في العالم ضمن أيقونة واحدة معبرة في الآن نفسه عما حدث في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة، مما يمكن الغرف الإخبارية من مواكبة كل شيء ويضمن لها الحضور الدائم مع المواطن، وأسست مشهدًا إعلاميا متطوراً تكون فيه الصحافة الفلسطينية حاضرة دائماً وفي كل الميادين، فالتنوع الإعلامي الذي نراه اليوم مشهدًا مستحدثا كسر الصورة النمطية للإعلام التقليدي الذي كان المصدر الوحيد لنشر الخبر والمعلومة والتحليل والتفسير والتعليق، غير ان صحافة المواطن تمكنت من منافسة الصحافة التقليدية في الكثير من الأحداث، فذاع صيتها وأصبحت مضامينها تغطي مختلف المناطق الفلسطينية من شمالها إلى جنوبها، فلا تخلو اليوم مدينة فلسطينية من تواجد اسمها عبر صفحات فيسبوك إذ يسارع مواطنوها إلى نشر الأخبار وآخر المستجدات، لتصبح مصدرا إخباريا لهم لفهم مجريات الأحداث الواقعة. وتجدر الإشارة إلى أن بعض البرامج الإذاعية والتلفازية في فلسطين باتت تخصص مجالا للمواطنين الصحفيين في برامجها، ومن أمثلة ذلك فقرة "مع المواطن" الذي يبث عبر إذاعة صوت القدس، وبرنامج "نبض البلد" الذي تبثه فضائية الأقصى الإخبارية، بهدف التفاعل معهم وإشراكهم في النقاشات المهمة التي تخص الأحداث الإخبارية المحلية. وبناء على كل ما سبق ذكره، نضيف بأن الغرف الإخبارية في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية التقليدية أصبحت بحاجة لأن تضم صحفيين متخصصين في الميديا الرقمية ملمين بالأدوات والتقنيات الحديثة لإدارة المنصات الاجتماعية وداخل هذا الفريق هنالك وحدات ووظائف جديدة لكل منصة لا بد من إيجادها مثل: وحدة تطوير أدوات الأخبار، وحدة تطوير الشكل والمضمون للمنصات الاجتماعية، ومحرر التعليقات، ومتخصص دراسة وتطوير الجمهور، ومتخصص جمع الأخبار من المصادر المفتوحة.


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

الفن هو تعبير ع...

الفن هو تعبير عن الحياة، وعن الوجود، فيما يخالجنا من أحاسيس وتفاعلات نعيشها في حاضرنا، متخذين من تجا...

ثم تسلم رئاسة ا...

ثم تسلم رئاسة البلدية في عام 1965 . وبعد عودته إلى الشارقة بعد اتمامه دراسته الجامعية عام 1971 تسلم ...

Limited public ...

Limited public support for both airstrikes in Syria in 2013, and the military intervention in Libya ...

Green IT is a p...

Green IT is a pivotal step to lower the environmental footprint of information and communication tec...

هي دولة غير ساح...

هي دولة غير ساحلية تقع في جبال الألب في أوروبا الوسطى. تحدها سويسرا إلى الغرب والجنوب والنمسا في الش...

: " السلام عليك...

: " السلام عليكم، مرحبا بأساتذتنا الكرام. قبل الشروع في مناقشة مذكرة ختم الدروس أردنا أولا التوجه بأ...

مٍظعلا نآرملا ح...

مٍظعلا نآرملا حغلات حٍصىصخ :لولأا ثحثملا عاػدنأ خئادس ىدمع قديبصتمل ةروخدزلاب خهاػدددطلا ةدددفاك ىدد...

3. Theoretical ...

3. Theoretical input modeling. the parameters of a theoretical distribution function are estimated f...

Knowledge is in...

Knowledge is increasingly being recognized as the new strategic imperative of organizations. The mos...

Christie Sides ...

Christie Sides facing criticism after four straight losses: You coach Indiana Fever, you haven't won...

ينتقــل طفيــل ...

ينتقــل طفيــل املالريــا عن طريق أنثــى بعوضة األنوفيليــس. والناقل كائــن حي يحمل الكائنــات املسـ...

The country rad...

The country radiates color and liveliness, located in the heart of Southeast Asia, and is considered...