خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة
لم يكن يمكن لأحد أن يصدق لو علم، أن بلالاً الذي يصرخ بكل هذه القوة والحماس والمتعة يوشك أن يموت بالسرطان، وأن احتمالية نجاته هي صفر بالمائة. فقط خلو وجهه ورأسه من الشعر كان يمكن أن يجعلهم يشكون. أم لعله كان يصرخ ويفرح ويتحمس نيابة عن عمر قادم لن يعيشه. بعد أن أرضى بلال المراهق في داخله، وأنجز كل تحديات الجبال والمغامرات الخطرة بنجاح تقيأ مرتين فقط في اليومين اللذين قضيناهما، ولم يشك من صداع أو دوار على الأقل لم يقل ذلك)، بعد أن أنجز كل ذلك بدا بلال أكثر تصالحاً مع الطفل في داخله، لم تكن للصغار وكانت ممتعة جداً لي ولكنه كان يرفض قبلها مجرد التفكير في ذلك. رجلي الكبير الذي لن أتمكن من رؤيته عندما يصبح رجلاً. هو بنفسه أن يحضر مسرحية علاء الدين)، بينما كان قد قال قبلها إنها للصف الخامس كحد أعلى. وأعتقد أن المسرحية نفسها كانت قد تصالحت مع المراهقين أكثر مما تصالح بلال مع الطفل في نفسه. كنت التقط الصور كالمجنونة كالمجنونة لو كنا لا نزال في عصر الصور ما قبل الديجيتال لكلفني ذلك ثروة أكثر من كلفة الرحلة بكل ما فيها. كنت أعرف أن الفرح على وجه بلال عابر كضيف لن يطول بقاؤه. كنت أعرف أيضاً أن بلالاً نفسه، كانت الصور الآلاف منها محاولتي البائسة اليائسة للتشبث بهما معا. وببلال فاجأني بلال عندما طلب أن نذهب في آخر يوم، تقريباً في ساعاتنا الأخيرة في ديزني لاند إلى اللحظات العظيمة مع السيد لينكولن). لم أتخيل أن هذا العرض سيكون جذاباً جداً لبلال، وعندما يطلب صبي في الرابعة عشرة حضوره دون حث أو تحفيز خارجي، كان العرض جميلاً، وقصيراً بحيث لا يثير أي ملل، كنت أحب الأغنية، سفينة للمهاجرين تذكرت سفناً أخرى لا بد أن إلى أمريكا. لا يمكن لتلك السفينة ولكل العذابات التي حوتها أن تكون مصاحبة لهذه الأغنية شعرت بالغين. شعرت بأن هذا جزء صغير من جدي كان في واحدة منها، وأننا لكي نفهم حقاً جمال أمريكا علينا أن نعرض الصورة كلها، خاصة عندما نكون في عرض عن الرجل الذي ساهم في تصليح الخطأ الذي لحق بكونتا كنتي وجدي والملايين الآخرين. ثم دخل المعلق: كان هذا هو الحلم الأمريكي الصلاة من أجل المستقبل. لكن هذا الهدف الذهبي لم يكن بلا ثمن نمط الحياة الأمريكية لم نحصل عليه في يوم، في كل تاريخها، إبراهام لينكولن". فبالتأكيد، لم يكن هناك أي رجل أكثر إخلاصاً من لينكولن أو على الأقل لم يكن هناك من هو أكثر إنجازاً لأجل ذلك. ليس هذا مهماً بالنسبة لي. فأنا جاهز لأداء مهمتي. كما لو أن لينكولن يتحدث فعلاً من عمق التاريخ. خيل لي أن ثمة دمعة في عينيه. إلى أن قرأت ما كتبه لاحقاً، في الأيباد الخاص به. لكنه واجبك. كان عبداً كأجدادي، ولكنه آمن بالله الواحد، بدلاً عن الأوثان التي كان أسياده يؤمنون بها، لكن البعض يحاول أن يتجاهل ذلك. ولكني لم أجد دوري فيها بعد. وقد أشرفت على الانتهاء أو تكاد. لا أكثر. أتمنى أن أجد الدور والمكان الذي وضعه الله لي في هذه العاصفة التي ستشرق بعدها الشمس حتى لو لم أكن موجوداً. لقد ساهمت في تحرير العبيد عمل عظيم. دعنا نتكلم رجلاً لرجل" هكذا قالت لي أمي. رجلاً لرجل. كان الأمر مضحكاً. قالت هذا دون حزن. فكرت أنها نجحت كأب أكثر مما تتخيل، كنت جيدة، كرجل أريد أن أتكلم معك رجلاً لرجل كلام رجال لا عواطف. ratemyproffessors. com بالتأكيد، لم أر الدمعة المعتادة. سنطوي الصفحة، لا أعرف حتى إن كان سيوافق على مقابلتك، مهما كان سيئاً أو جيداً. عليك أن تتجاوز الأمر برمته، وماذا بعد أن أنتهي من هذا الأمر؟ ماذا سأفعل ؟ "هذا ما أريد أن أحدثك عنه". نظرت للورقة. كانت رسالتي إلى السيد لينكولن. بعد أن أذهب. قالت: ستكون هذه فكرة جيدة لما ستعمله لاحقاً. لكن الآن. لدينا ما هو عاجل. هل للسيد لينكولن بريد إلكتروني في الآخرة يمكن التواصل معه عبره ؟" قلت وأنا أتصنع الجد. قطبت جبينها وقالت: أتحدث على نحو جدي رجلاً لرجل. تضعها في موقع خاص على النت. امتلأت عيناها بالدموع وهي تكمل: يترك أثراً لك في هذا العالم. فكرت بالأمر. رسائل إلى الجميع. قلت لها: ماذا سنسمي الموقع ؟ قالت: سنجد اسما ملائماً علينا أن نحضر المواد أولاً، كنت أفكر فوراً برسالتي الأولى ابي العزيز لم أناديك من قبل بهذه الكلمة أبي. لم أقلها من قبل لأي أحد. لم تمر على لساني. أذكر أني عندما كنت في الخامسة وأدركت أن الأغلب الأولاد آباء، كيف تبدو كيف أبدو أنا عندما أقولها. كنت أفعل ذلك في الحمام، أمام المرأة، وكنت أعرف أن لا أحد سيرد. كففت عن ذلك عندما كبرت قليلاً. لكني كنت أشعر بغصة كلما سمعت الكلمة تأقلمت مع الأمر مع الوقت لم أعد شديد الحساسية تجاهه. لا أعرف لماذا أكتب لك الآن. ربما لأسألك سؤالاً طالما خطر في بالي دون جواب لم رحلت وتركتني ؟. تركتنا ؟ ربما كانت أمي هي التي جعلتك ترحل. هكذا كانت تقول لي دائماً. كانت أباً جيداً أيضاً لكن حتى لو كانت قد جعلتك ترحل، كل الأطفال يبكون. لكن أغلب الآباء لا يهربون من ذلك. لا أعرف أصلاً ماذا يجب أن يكون موقفي منك. لكني لست متأكداً من أني أحبك. لدي حيرة تجاهك. ثم تركت لها الباقي. وإن علي أن أراك كي أتمكن من التنفس معها حق. سأموت قريباً. على لا شيء ها أنا مع بلال ولاتيشا في انتظار الطائرة المتجهة إلى دالاس المحطة الأولى في رحلتنا إلى أوكيديل لويزيانا. كانت هذه أول مرة أرى فيها بلالاً. جاءت لاتيشا معه إلى المطار. كان بلال يبدو متبرماً بهذا ويؤشر لها أن تذهب بلال لم يكن يبدو طفلاً اقترب موعد موته بالنسبة لي. ربما لم أره قبلها، لذا لا يمكنني أن أقارن. لكني لم أكن لأقول عنه إنه مريض بالسرطان لولا أنه كان بلا شعر تماماً وكذلك التقارير الطبية التي وضعتها أمه في الحقيبة، بالإضافة إلى كوم من الأدوية التي قضت مدة طويلة في شرح وظيفة كل منها. كنت سعيداً بالشرح وأحاول التظاهر بالفهم والتركيز، كان ذلك الشعور غريباً جداً، لكنه كان يبدو أفضل ما حدث لي منذ زمن طويل. أنا ولاتيشا وبلال. كما لو أننا اجتمعنا بعد فراق طويل. ومنذ أول مرة أراها فيها ؟ لكني لم أشعر أبداً أن أول لقاء بيننا كان يمثل المرة الأولى التي رأيتها فيها. هل يحدث هذا في عمري ؟! ألا يجب أن يكون ذلك حصرياً على المراهقين ؟ لعلي مراهق في السادسة والثلاثين لعلي طفل توقف نموه عند مرحلة ما كما كانت كريستين تقول لي كريستين. الحمد لله. كنت مع كريستين أشعر بالضعف أشعر أني مثل طفل ينتظر أن تعاقبه أمه ويحاول استرضاءها كي لا تفعل. يريد أن يريها أنه صار رجلاً. وإن يكن هل الحب إلا هذا النوع من المرض أو ذاك. لكنه مرض. ليس مثلي من يحب بهذه السرعة. هذا غير ناضج. سمعت صوتاً يضحك في داخلي وأنت غير ناضج ما الجديد؟ للأسف لم تهب عاصفة ولم تتأثر حركة الملاحة. في يناير كثيراً ما يحدث ذلك. أراقب لا تيشا وهي تعطي حناناً ( مدروساً) لبلال. كان من الواضح أنها تخشى المبالغة في ذلك أمامي أو أمام أي أحد ربما كانت تعطي النصائح والإرشادات كما لو أنها تتحدث مع رجل بالغ وفقط تريد تذكيره بها وأنه هو (أعلم) بها. أعجبني ذلك كثيراً. لكن وتتحدث في تفاصيل أدوية بلال والطوارئ المحتملة بصبر، كما لو أنها تتحدث مع أحد طلابها. لم أكن أعرف شيئاً عن هذه الأدوية. وكانت قد طلبت مني قبلها أن أراجع موقعاً يعطيني معلومات عن الحالة وعن المخاطر المحتملة في السفر. قالت لي أيضاً إن ثمة مخاطر ولكنها لن تكون أكثر من مخاطر ديزني لاند وإنها تعتقد أن تحقيق أمنية بلال في رؤية والده سيكون له أثر إيجابي كبير على كل شيء. لكنها في الحقيقة - وكما يجب أن يكون متوقعاً - كانت تريد أن تحدثني عن سعيد. طلبت مني ألا أتوقع الكثير منه موافقته على المقابلة لا تعني الكثير هو شخص متقلب جداً، لمحت في عينيها بعض بقايا الحب لسعيد لمحت حباً يائساً. حباً امتلأ بالعضات والجروح حتى فضل أن ينسحب شعرت بشيء من الغيرة. وقال لي الصوت الآخر: ما الجديد في الأمر؟ قالت لي بعد ابتسامة مشجعة سيد حلواني. قاطعتها: أمجد من فضلك. أكملت بعد ابتسامة سريعة أمجد أنت تملك مقدرة لغوية فائقة. خبرتها فيما تكتب وما أرسلت من رسائل عن بلال الحبشي وسيناريو الفيلم. تخيلت أني بدوت مثل كوبر عندما يهز ذيله فرحاً بجائزة مرتقبة. ربما أكثر مني بلال يحتاج إلى ظل أب إلى رجل في هذه المرحلة كنت سأثق بشخص آخر بسهولة. رجل ويستطيع الدعم وليس أي رجل حاولت كثيراً أن أعوضه، كنت أرفضها وأصر على أني قادرة على أداء دور الرجل الخارق والمرأة الخارقة في آن واحد. للأسف، قلت لها مقاطعاً هوني عليك أنت تقومين بدور جيد. أكملت هي فوراً: لا أقصد التشكي، أريد منك فقط أن تدعم بلالاً بكل مفرداتك وقدراتك فيما لو تصرف سعيد على نحو سيئ. لا أريد لهذه الرحلة أن تترك أثراً سلبياً على بلال في هذه المرحلة من حياته. لديه أشهر فقط ولا أريده أن ينتكس فيها. بدا صوتها متأثراً جداً هنا. كما لو أنها فقدت السيطرة على قناع تماسكها. فلتكن رائعة إذن. مثل حياة الفراشة. أعتقد أني قلت الكلمات كما لو كنت أؤديها. كما لو كنت أوجهها للاتيشا. كنت درامياً جداً. مثل ممثل يؤدي أداء الاختبار لدور شكسبيري. لمحت المفاجأة في عينيها. كما لو كانت قد شعرت أني أقول الكلمات لها. نظرت هي إلى بلال بعجلة وتأكدت أنه لا يزال بعيداً وقالت: "هناك شيء آخر يجب أن تعرفه وتنتبه له شيء مهم جداً لم أرغب في الحديث عنه أمام بلال. أرسلت لك التفاصيل على بريدك الإلكتروني، هززت رأسي أن نعم. بلال يتعرض بين الحين والآخر لنوبات صرع. نتيجة لضغط الورم اللعين على دماغه الأدوية تسيطر على ذلك إلى حد كبير، ولكنها تحدث. وقد لاحظت أنها تحدث عندما يكون بلال تحت ضغط نفسي أو شد عاطفي كبير". حاولت أن أستوعب ما تقول. قالت لاتيشا بسرعة وهناك شيء آخر. بلال يملك موهبة كتابة. أنا قاصر يسافر وحيداً ولدي موافقة من والدتي على الأمر، علماً أن خطوطكم الجوية، حسب موقعها الرسمي، تبيح لمن هو فوق سن ۱۲، أن يسافر منفرداً مع تحويل الطائرة دون حاجة إلى موافقة من ولي أمره. وأنا فوق سن الـ ۱۲ بعام وبضعة أشهر. بدت مصدومة بجوابه. أكمل بلال: أما إن كنت تقصدين السيد أمجد هذا - وأشار إلى فهو يصطحبني لزيارة والدي المحكوم بالسجن لسبع سنوات بتهمة تتعلق بتهريب المخدرات، ولدينا ما يثبت موافقة ولي أمري على أن يصاحبني إلى السجن كما أن لديه - مثلي - تصريحاً لزيارة والدي الذي لم يره من قبل ولا أنا. لأن هناك سيدة تريد أن تجلس بجانب الممر وليس بجانب النافذة. قال لي: هل ترغب في الانتقال إلى جانب النافذة، 000 قبل أن أبدأ بمحاولة استدراج بلال في أي موضوع يخص والده أو يخص ما سيكتبه، وقال اقرأ. كانت هذه هي الرسائل التي تحدثت عنها لاتيشا. قرأت الأولى أرسلها إلى لينكولن أحببتها جداً. وأحببت أنه تحدث عن بلال الحبشي. ثم قرأت رسالته إلى والده كانت صادقة وتلقائية. قال لي: هل هو عظيم إلى درجة أنه يقهر الموت؟ ارتبكت بدوت متردداً في الخوض في هذا الموضوع معه على هذا النحو. أكمل هو بلا مبالاة : أمي تقول إنها لو وضعت هذه الرسائل وغيرها في موقع على النت وقرأها الناس، فربما يمكنني أن أقهر السرطان. أن يبقى هناك من يتذكرني. قال بلال: هل كانت مصابة مثلي بسرطان الدماغ؟ أجبته الحقيقة لا. لقد ماتت في معسكرات الاعتقال النازية. وكانت قد عاشت وأسرتها مختفية في منزل خوفاً من الاعتقال، ثم اعتقلوا، وماتوا جميعاً إلا شقيقاً لها عاد لاحقاً إلى المنزل الذي كانوا مختبئين فيه، ووجد يوميات شقيقته. قال بلال كما لو كان يتحدث مع نفسه: أعتقد أني رأيت شيئاً كهذا في فيلم ما. ثم استدرك: لكنها لم تكن تعرف أنها ستموت يوم كتبت هذه اليوميات صحيح ؟ قلت: كانت تعيش في خطر حتمي للموت لكن ربما كان لديها أمل بالنجاة. مثلي ؟ قلت: لا. غمغم بلال وهو ينظر من خلال نافذة الطائرة: إذن الأمر مختلف. قلت له: الأمر مع نسبة الصفر في المائة أفضل للكتابة. التفت لي متعجباً: كيف ؟ قلت له: مع نسبة الصفر لا خيار هناك عليك أن تترك شيئاً لأنك راحل بالتأكيد بسرعة. مع نسبة أمل أعلى ثمة مجال للتأجيل. تنتظر لكي تعيش حياتك أكثر. وقد تلهيك هذه الحياة عن ترك أثر في الحياة. ثم التفت فجأة وأنت هل ستترك شيئاً ؟ أم أن مرضى السرطان وحدهم عليهم أن يفكروا هكذا ؟ فاجأني سؤاله هل سأترك شيئاً؟ لم أستطع أن أخفي ارتباكي، قلت شيئاً عن رسالة الماجستير التي تلتها والدكتوراه التي أعمل عليها وقلت إني أطمح أن تترك أثراً في طريق الأكاديميين الذين يدرسون تاريخ الشرق الأوسط من بعدي. كان ما قلته سخيفاً جداً وبلا معنى لم أفكر أبداً أن آخذ الماجستير أو الدكتوراه من أجل أن أترك أثراً من بعدي أو أي شيء من هذا القبيل، قلت بصوت يحاول أن يبدو أكثر ثقة عملي في فيلم بلال أريد أن أساهم به في ترك بصمة مختلفة عبر هذا الفيلم. لكن هذا لم يكن إلا من خلال تفاعلي مع بلال بلال الذي يجلس بجانبي في الطائرة المتجهة إلى دالاس ومن ثم إلى أوكيديل ليرى والده المسجون. كان هذا هو الشيء الذي أفعله مع بلال. ولم يبد مهتما جداً على أي حال. فتح الأيباد مجدداً وأخذ يلعب لعبة العصافير الغاضبة Angry Birds) دونما اهتمام. سألته: لمن ستوجه رسالتك القادمة، بلال ؟ قال دون أن يرفع عينيه عن اللعبة: لا أعرف. ربما إلى خلايا السرطان. وأعلنت اللعبة وصوله إلى مرحلة أخرى في دالاس بينما نحن ننتظر الطائرة بدا بلال مضطرباً، سأذهب للمرة الأولى في حياتي إلى سجن لأرى شخصاً لم أعرفه في حياتي لكي يراه ابنه الذي يراه للمرة الأولى أيضاً في حياته. بالتأكيد مضطرب أنا. وبالتأكيد مضطرب هو. ارتبكت وأنا أخرج الأدوية وقد نسيت أيها يكون للصداع وأيها للقيء وأيها للصرع. كنت أريد أن أقول لها إن الأمور بخير، لكني في الحقيقة كنت أريد أن أستمد منها القوة بدت قلقة هي الأخرى وكان صوتها قلت لبلال أن يتصل عندما تصلون دالاس أعرف أنه يتضايق عندما أتصل أنا كي لا يبدو أني أعامله كطفل أمامك. ثم قالت بصوت حاولت أن يكون هادئاً: كيف هو ؟ قلت لها: بخير، لكنه تقيأ مرة، قاطعتني بسرعة حبة واحدة فقط ؟ أعطه ثانية بسرعة. قلت لها إني سأفعل بالتأكيد. سألتني بصوت قلق هل تشعر أن عينيه فيهما شيء غريب؟ ليستا ثابتتين ؟ نظرت لبلال نعم شعرت بشيء كهذا. قلت لها بصوت قلق وأنا أبتلع ريقي: نعم يبدو ثمة شيء غريب فيهما. ماذا يعني هذا ؟ قالت بصوت حاسم: أعطه دواء الصرع بسرعة. علبة بيضاء بشريط أزرق من تحت. قلت بهلع هل سيصاب بنوية صرع الآن ؟ قالت وكأنها انتبهت إلى أن هلعي ليس في مصلحة الموضوع: ليس بالضرورة الدواء قد ينهي المسألة. أرجو أن تهدأ وتتماسك. قلت لها مثل ممثل سيئ يقف أمام الجمهور لأول مرة ليؤدي دور يوليوس قيصر اطمئني الأمور تحت السيطرة. كل شيء سيكون على ما يرام. سكتت هي وتخيلتها تلعن الساعة التي قبلت فيها بمرافقتي لبلال في هذه الرحلة. قلت بصوت طبيعي تقريباً اطمئني ساكون قريباً من الوحدة الطبية. أن أبلغك بالأمر قبل هذا. لكن مضت مدة طويلة منذ آخر نوبة. لقد كان تخصصي الثانوي في البكالوريوس هو التمريض. شكراً الله. لكن الكذبة كانت فعالة. لم تأت النوبة. لكن بلالاً زاد اضطراباً واصفراراً. وتقيأ مرة أخرى في الطائرة. قلت له: كيف أنت يا رجل ؟ لقد اقتربنا. سترى أخيراً رجلك العجوز. هل هو بخير لأنه سيرى والده للمرة الأولى في حياته ؟ قال: أفضل من جلسات العلاج الكيمياوي بالتأكيد. لمحت دمعة في عينيه، لكنه التفت لي وابتسم. لقد ابتسم! في وجهه ثمة مزيج من كل شيء. الأمل والألم والخوف والقوة والحزن والسعادة والترقب. فكرت كيف يحتمل قلبك يا بلال كل هذا ؟ هبطنا في مطار ليك تشارلز الأقرب لأوكيديل،
لم يكن يمكن لأحد أن يصدق لو علم، أن بلالاً الذي يصرخ بكل هذه القوة والحماس والمتعة يوشك أن يموت بالسرطان، وأن احتمالية نجاته هي صفر بالمائة. فقط خلو وجهه ورأسه من الشعر كان يمكن أن يجعلهم يشكون. أم لعله كان يصرخ ويفرح ويتحمس نيابة عن عمر قادم لن يعيشه. بعد أن أرضى بلال المراهق في داخله، وأنجز كل تحديات الجبال والمغامرات الخطرة بنجاح تقيأ مرتين فقط في اليومين اللذين قضيناهما، ولم يشك من صداع أو دوار على الأقل لم يقل ذلك)، بعد أن أنجز كل ذلك بدا بلال أكثر تصالحاً مع الطفل في داخله، لم يخجل من رغبته في البحث عن "نيمو" في الغواصة، لم تكن للصغار وكانت ممتعة جداً لي ولكنه كان يرفض قبلها مجرد التفكير في ذلك. نيمو للأطفال، كان يقول. رجلي الكبير الذي لن أتمكن من رؤيته عندما يصبح رجلاً. طلب أيضاً، هو بنفسه أن يحضر مسرحية علاء الدين)، بينما كان قد قال قبلها إنها للصف الخامس كحد أعلى. كان متفاعلاً جداً مع كل ما فيها. وأعتقد أن المسرحية نفسها كانت قد تصالحت مع المراهقين أكثر مما تصالح بلال مع الطفل في نفسه. كنت التقط الصور كالمجنونة كالمجنونة لو كنا لا نزال في عصر الصور ما قبل الديجيتال لكلفني ذلك ثروة أكثر من كلفة الرحلة بكل ما فيها. أخذت حرفياً آلاف الصور. كنت أعرف أن الفرح على وجه بلال عابر كضيف لن يطول بقاؤه. كنت أعرف أيضاً أن بلالاً نفسه، لن يطول بقاؤه . كانت الصور الآلاف منها محاولتي البائسة اليائسة للتشبث بهما معا. بالفرح... وببلال
فاجأني بلال عندما طلب أن نذهب في آخر يوم، تقريباً في ساعاتنا الأخيرة في ديزني لاند إلى اللحظات العظيمة مع السيد لينكولن). لم أتخيل أن هذا العرض سيكون جذاباً جداً لبلال، لكني وافقت بلا تردد عرض تثقيفي وتعليمي كهذا دوماً مفيد، وعندما يطلب صبي في الرابعة عشرة حضوره دون حث أو تحفيز خارجي، فإن الأمر يستحق الموافقة الفورية قبل أن يغير رأيه على الأقل. كان العرض جميلاً، وقصيراً بحيث لا يثير أي ملل، خاصة بالنسبة لمن هم في مثل سن بلال... بدأ العرض بأغنية (أمريكا الجميلة التقليدية الوطنية، كنت أحب الأغنية، تعودت عليها كما تعود أغلب الأمريكيين، لكن عندما ظهرت في العرض المصاحب للأغنية، سفينة للمهاجرين تذكرت سفناً أخرى لا بد أن إلى أمريكا. لا يمكن لتلك السفينة ولكل العذابات التي حوتها أن تكون مصاحبة لهذه الأغنية شعرت بالغين. شعرت بأن هذا جزء صغير من جدي كان في واحدة منها، تذكرت كونا كنتي ورحلته المربعة من غامبيا صورة كبيرة، وأننا لكي نفهم حقاً جمال أمريكا علينا أن نعرض الصورة كلها، خاصة عندما نكون في عرض عن الرجل الذي ساهم في تصليح الخطأ الذي لحق بكونتا كنتي وجدي والملايين الآخرين. ثم دخل المعلق: كان هذا هو الحلم الأمريكي الصلاة من أجل المستقبل. لكن هذا الهدف الذهبي لم يكن بلا ثمن نمط الحياة الأمريكية لم نحصل عليه في يوم، بل ولد من خلال المصاعب ونشأ عبر صراعات أثبت كماله وبرهن على صحته من التجارب الطويلة وإعادة النظر. في كل تاريخها، لم يكن هناك رجل أكثر إخلاصاً للحلم الأمريكي من الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة، إبراهام لينكولن". إذا كان الحلم الأمريكي يتضمن إلغاء الرق، فبالتأكيد، لم يكن هناك أي رجل أكثر إخلاصاً من لينكولن أو على الأقل لم يكن هناك من هو أكثر
إنجازاً لأجل ذلك. لا علاقة لي بالإخلاص، ربما هناك من يحاول أن يفسر قانون الرق بأسباب اقتصادية، ليس هذا مهماً بالنسبة لي.. لقد فعلها. ثم جاء صوت لنكولن أؤمن أن هناك إلها، وأؤمن أنه يكره الظلم والعبودية، أرى العاصفة قادمة، وأرى يد الله فيها، لو كان قد وضع لي مكاناً وعملاً فيها.. وأظنه قد فعل، فأنا جاهز لأداء مهمتي. كانت الكلمات مؤثرة بذلك الصوت العميق الذي يبدو كما لو أنه خارج من جهاز غرامفون قديم. كما لو أن لينكولن يتحدث فعلاً من عمق التاريخ. التفت لبلال. خيل لي أن ثمة دمعة في عينيه. لم أفهمها. إلى أن قرأت ما كتبه لاحقاً، في الأيباد الخاص به. وعرفت بعدها ما علي أن أفعله مع بلال عزيزي السيد لينكولن اسمي بلال أنا واحد من أحفاد أحفاد أحفاد العبيد الذين حررتهم. أشعر بالامتنان لأنك قد أديت واجبك بينما تخلف آخرون عن ذلك. لقد أعدت الحرية التي سرقت من أجدادي. لكنهم كانوا قد ولدوا بها. لذا، لقد أديت واجبك، شكراً لك، لكنه واجبك. هو الشيء الذي كان يجب أن يفعله الجميع. عزيزي السيد لينكولن أنت شخص عظيم بلا شك، وتركت أثراً عظيماً في الأمة. وأنا فخور بك، لكني فخور أيضاً ببلال الشخص الذي أسموني (بلال) تيمناً به، كان عبداً كأجدادي، ولكنه آمن بالله الواحد، بدلاً عن الأوثان التي كان أسياده يؤمنون بها، وأدى ذلك إلى تحريره العاصفة التي تحدثت عنها تتخذ أشكالاً متعددة يا مستر لينكولن ليس كلها على شكل الحروب الأهلية، أحياناً الإيمان يأتي بشكل عاصفة وتكون يد الله موجودة فيها أيضاً. أحياناً العاصفة تأتي بحبوب الطلع، وحبوب الطلع تثمر... لكل منا عاصفته.. بشكل أو بآخر، لكن البعض يحاول أن يتجاهل ذلك. عاصفتي أنا جاءت منذ عامين تقريباً. ولكني لم أجد دوري فيها بعد. وقد أشرفت على الانتهاء أو تكاد. عاصفتي هي السرطان لا أعرف إن كنتم تعرفون المرض في وقتكم لكنه مرض قاتل على الأقل في حالتي هو قاتل. لدي أشهر فقط. لا أكثر. أتمنى أن أجد دوراً لي. أتمنى أن أجد الدور والمكان الذي وضعه الله لي في هذه العاصفة التي ستشرق بعدها الشمس حتى لو لم أكن موجوداً. بعدها. عزيزي السيد لينكولن، لقد ساهمت في تحرير العبيد عمل عظيم. أنا أريد أن أساهم في شيء ما. حتى الآن لا أعرف ما هو لكن وقتي ينفد
دعنا نتكلم رجلاً لرجل" هكذا قالت لي أمي. رجلاً لرجل. كان الأمر مضحكاً. لكنها قالتها بمنتهى الجدية. لقد حاولت دوماً أن أكون الأم والأب في حياتك يا بلال حاولت. ربما لم بلال أنجح في ذلك كثيراً، خاصة في دور الأب. لكني حاولت". قالت هذا دون حزن. وتذكرت أنا نجاحاتها في تعليمي ركوب الدراجة والسباحة والبيسبول. فكرت أنها نجحت كأب أكثر مما تتخيل، ربما أكثر منها كأم أكثر من نجاحها في إعداد فطيرة التفاح مثلاً. فكرت أن أواسيها بذلك. لكن سيكون الأمر محرجاً لها على الأكثر. كنت جيدة، أماه" قلت لها. اليوم أريد أن أحاول مرة أخيرة.. كرجل أريد أن أتكلم معك رجلاً لرجل كلام رجال لا عواطف. لا تراجع" قالتها بحزم وجدية. مددت يدي لها رجلاً لرجل. قالت: حاولت دوماً أن أعوضك عن غياب أبيك. الآن تريد أن تراه. هذا من حقك. لن أقف أبداً في وجه ذلك. تريد أن تزوره في السجن برفقة أمجد؟ لن أقف في وجه ذلك أيضاً رغم أننا لا نعرف أمجد حقاً.. تقصيت عنه حيث يعمل، أغلب طلبته يحبونه حسب موقع ليس مجرماً وليس من أصحاب السوابق www.ratemyproffessors.com بالتأكيد، ولدي نسخة من هويته أيضاً .. لذلك سأوافق على مرافقته لك... ستذهب إلى والدك وتراه أرجو أن يحدث ذلك. لكن بعدها سنطوي
الصفحة. لن نبقى نجترها. لن نمكث فيها. سنطويها تماماً. سننظر إلى ما تبقى لنا. وأنت تعرف أنه ليس بكثير". قالت هذا بقوة وحزم، لم أر الدمعة المعتادة. سنطوي الصفحة، لا أعرف كيف سيتصرف والدك، لا أعرف حتى إن كان سيوافق على مقابلتك، لكني أطلب منك أن لا تتوقف كثيراً عند موقفه مهما فعل... مهما كان سيئاً أو جيداً.. أنت تذهب لتراه وتتعرف عليه، لكنه في السجن، ولن يمكنه أن يفعل الكثير لك على فرض أنه أراد ذلك.. ستراه كي تحقق هذه الأمنية التي تكاد تخنقك، بعدها، عليك أن تتجاوز الأمر برمته، انتهى. قلت لها: حسناً، وماذا بعد أن أنتهي من هذا الأمر؟ ماذا سأفعل ؟ "هذا ما أريد أن أحدثك عنه". ثم ناولتني ورقة. نظرت للورقة. كانت رسالتي إلى السيد لينكولن.. طبعتها أمي على ورقة. قلت لها: هل أنت بخير ؟ لا يمكننا مراسلة السيد لينكولن حقاً.. ربما يمكنني أن أفعل ذلك لاحقاً.. بعد أن أذهب.. لكن ليس الآن بالتأكيد. لم تتمكن أمي من منع نفسها من الابتسام. قالت: ستكون هذه فكرة جيدة لما ستعمله لاحقاً. لكن الآن... لدينا ما هو عاجل... هل للسيد لينكولن بريد إلكتروني في الآخرة يمكن التواصل معه عبره ؟" قلت وأنا أتصنع الجد. قطبت جبينها وقالت: أتحدث على نحو جدي رجلاً لرجل. هززت كتفي اشرحي إذن. قالت بلال لديك موهبة الكتابة.. لديك الحرف والكلمة والروح... يمكنك أن تكتب رسائل إلى كل من يخطر في بالك.. إلى من عرفت أو من لم تعرف من الناس أو الأشياء.. سنجمعها كلها .. رسائلك يا بلال، تضعها في موقع خاص على النت.. موقع يحمل اسمك.. ويترك. امتلأت عيناها بالدموع وهي تكمل: يترك أثراً لك في هذا العالم... أثرك بعد أن تمضي... كانت هذه أول مرة تقول فيها أمي بصراحة أني سأمضي. كأنها لم تجرأ على القول قبل ذلك إلا عندما وجدت ما سيجعل لي أثراً ما. فكرت بالأمر. راقت لي الفكرة جداً. رسائل إلى الجميع. قلت لها: ماذا سنسمي الموقع ؟ قالت: سنجد اسما ملائماً علينا أن نحضر المواد أولاً، ونضع تصميماً... ثم يمكنك أن تجد الاسم المناسب له. كنت أفكر فوراً برسالتي الأولى ابي العزيز لم أناديك من قبل بهذه الكلمة أبي. لم أقلها من قبل لأي أحد. لم تمر على لساني. أذكر أني عندما كنت في الخامسة وأدركت أن الأغلب الأولاد آباء، إلا أنا كنت أحاول أن أجرب أن أقول الكلمة أبي أبي أبي أحاول أن أسمعها بصوتي. كيف تبدو كيف أبدو أنا عندما أقولها. كنت أفعل ذلك في الحمام، أمام المرأة، وكنت أعرف أن لا أحد سيرد. ليس هناك من رد يأتيني كما يحدث مع الباقين لا شيء. كففت عن ذلك عندما كبرت قليلاً. لكني كنت أشعر بغصة كلما سمعت الكلمة تأقلمت مع الأمر مع الوقت لم أعد شديد الحساسية تجاهه. أو كذلك كنت أتظاهر. لا أعرف لماذا أكتب لك الآن. ربما لأسألك سؤالاً طالما خطر في بالي دون جواب لم رحلت وتركتني ؟.. تركتنا ؟ ربما كانت أمي هي التي جعلتك ترحل. هكذا كانت تقول لي دائماً. لم تتهمك أبداً أنك أنت من رحلت هي أم جيدة بالمناسبة، كانت أباً جيداً أيضاً لكن حتى لو كانت قد جعلتك ترحل، ألم تفكر بي ؟ ألم تفكر في زيارتي على الأخ ؟ في أن ترسل لي ؟ ألم ترغب ولو قليلاً في أن تراني ؟ ألم تملك أقل الفضول لكي تعرف شكلي ؟ هل فكرت أن تبحث عني في الفيس بوك مثلاً ... أن ترى صورتي فحسب؟ لطالما سألت نفسي، إن كنت قد رحلت لأنك كنت متضايقاً من صراخي وبكائي وأنا طفل. كل الأطفال يبكون. لكن أغلب الآباء لا يهربون من ذلك. لا أعرف عنك الكثير. لا أعرف أصلاً ماذا يجب أن يكون موقفي منك. هل أحبك ؟ هل أكرهك ؟ لا أكرهك بالتأكيد. لكني لست متأكداً من أني أحبك. لدي فضول في مشاعري تجاهك. لدي حيرة تجاهك. بعد كل شيء تقاسمت أنت وأمي مجيئي إلى هذه الحياة. ثم تركت لها الباقي. حتى كلمة عزيزي التي بدأت بها الرسالة لا أعرف. لا أعرف حقاً إن كنت أعنيها. أنت مثل كوكب غامض بالنسبة لي. مثل صندوق وجدته في العلية. ربما تكون فيه أشياء ثمينة. وربما ليس سوى بعض المهملات المنسية. بكل الأحوال. لا بد أن أفتح هذا الصندوق. تقول أمي إني أختنق بك. وإن علي أن أراك كي أتمكن من التنفس معها حق. أنا أختنق بك. صحيح.. نسيت أن أقول لك: لدي سرطان في الدماغ. سأموت قريباً. لذا علي أن أراك قبل ذلك. شكراً لك.. على لا شيء ها أنا مع بلال ولاتيشا في انتظار الطائرة المتجهة إلى دالاس المحطة الأولى في رحلتنا إلى أوكيديل لويزيانا. كانت هذه أول مرة أرى فيها بلالاً. جاءت لاتيشا معه إلى المطار. كنت عرضت أن أذهب إلى البيت لأصطحبه معي لكنها رفضت تماماً. قالت إنها ستبقى معه إلى أن تقلع الطائرة. كان بلال يبدو متبرماً بهذا ويؤشر لها أن تذهب بلال لم يكن يبدو طفلاً اقترب موعد موته بالنسبة لي. ربما لم أره قبلها، لذا لا يمكنني أن أقارن. لكني لم أكن لأقول عنه إنه مريض بالسرطان لولا أنه كان بلا شعر تماماً وكذلك التقارير الطبية التي وضعتها أمه في الحقيبة، بالإضافة إلى كوم من الأدوية التي قضت مدة طويلة في شرح وظيفة كل منها. كنت سعيداً بالشرح وأحاول التظاهر بالفهم والتركيز، سعيداً فقط من أجل الكلام مع لاتيشا. ثم انتبهت إلى خطورة الأمر، وأخذت أسألها بعض ما فاتني كنت أتمنى لو أن عاصفة تهب فتؤخر موعد الطائرة وتبقي لاتيشا معنا، كان ذلك الشعور غريباً جداً، لكنه كان يبدو أفضل ما حدث لي منذ زمن طويل. أنا ولاتيشا وبلال. كما لو أننا اجتمعنا بعد فراق طويل. سألت نفسي: هل أحبها ؟ هل يوجد شيء كهذا؟ هل أحب امرأة لا أعرفها، ومنذ أول مرة أراها فيها ؟ لكني لم أشعر أبداً أن أول لقاء بيننا كان يمثل المرة الأولى التي رأيتها فيها. كنت أشعر أنها كانت موجودة في مكان ما من حياتي دوماً. وأني وجدتها الآن فقط. هل يحدث هذا في عمري ؟! ألا يجب أن يكون ذلك حصرياً على المراهقين ؟ لعلي مراهق في السادسة والثلاثين لعلي طفل توقف نموه عند مرحلة ما كما كانت كريستين تقول لي كريستين. كم تبدو بعيدة الآن
كم تبدو بعيدة عن لاتيشا. الحمد لله. الله ؟ هل وصلت الأمور إلى أني أحمد الله الذي لا أؤمن بوجوده على غياب كريستين. مشوش أنا. وربما كانت عواطفي هذه تجاه لاتيشا نتيجة لهذا التشوش. لكنها لم تكن تشبه عواطفي تجاه كريستين بالتأكيد. كنت مع كريستين أشعر بالضعف أشعر أني مثل طفل ينتظر أن تعاقبه أمه ويحاول استرضاءها كي لا تفعل. مع لاتيشا أشعر أني كطفل أيضاً، لكني طفل يريد أن يثير إعجابها. يريد أن يريها أنه صار رجلاً. انتبهت إلى ما فكرت به وقلت لنفسي إني مريض في الحالتين رجل توقف نموه في الحالتين مرة بشكل مستلب جداً، ومرة بشكل أكثر إيجابية. لكني مريض. وإن يكن هل الحب إلا هذا النوع من المرض أو ذاك. تختلف أعراضه وأسبابه. لكنه مرض. لكن... هل أنا أحب لا تيشا ؟ هل قلت الكلمة فعلاً. يبدو أني مريض فعلاً. أنا فقط معجب بها معجب بشدة بها. هذا كل شيء. ليس مثلي من يحب بهذه السرعة. هذا غير ناضج. سمعت صوتاً يضحك في داخلي وأنت غير ناضج ما الجديد؟ للأسف لم تهب عاصفة ولم تتأثر حركة الملاحة. في يناير كثيراً ما يحدث ذلك. كنت أتمنى أن يهب إعصار ويحتجزنا في المطار نحن الثلاثة. لكني سيئ الحظ وثمة مؤامرة كونية علي لو كنت مع كريستين في المطار وكانت تجلدني بنظرياتها وبفرويد وأدلر لهبت عاصفة واحتجزتني في عذابي معها لأيام. أراقب لا تيشا وهي تعطي حناناً ( مدروساً) لبلال. كان من الواضح أنها تخشى المبالغة في ذلك أمامي أو أمام أي أحد ربما كانت تعطي النصائح والإرشادات كما لو أنها تتحدث مع رجل بالغ وفقط تريد تذكيره بها وأنه هو (أعلم) بها. أعجبني ذلك كثيراً. وددت لو أنها تفعل ذلك معي أيضاً. لكن
ذلك لم يكن يحدث للأسف كانت تغير لهجتها معي، وتتحدث في تفاصيل أدوية بلال والطوارئ المحتملة بصبر، كما لو أنها تتحدث مع أحد طلابها. كانت محقة في ذلك. لم أكن أعرف شيئاً عن هذه الأدوية. وكانت قد طلبت مني قبلها أن أراجع موقعاً يعطيني معلومات عن الحالة وعن المخاطر المحتملة في السفر. قالت لي أيضاً إن ثمة مخاطر ولكنها لن تكون أكثر من مخاطر ديزني لاند وإنها تعتقد أن تحقيق أمنية بلال في رؤية والده سيكون له أثر إيجابي كبير على كل شيء... طلبت لاتيشا من بلال أن يحضر لها القهوة من ماكينة القهوة. بدا واضحاً أنها تريد أن تتحدث معي على انفراد. سعدت بهذا كما لو أنها تريد أن تصارحني بمشاعرها... لكنها في الحقيقة - وكما يجب أن يكون متوقعاً - كانت تريد أن تحدثني عن سعيد. طلبت مني ألا أتوقع الكثير منه موافقته على المقابلة لا تعني الكثير هو شخص متقلب جداً، وأيضاً سريع الغضب رغم أن قلبه طيب. لمحت في عينيها بعض بقايا الحب لسعيد لمحت حباً يائساً.. حباً امتلأ بالعضات والجروح حتى فضل أن ينسحب شعرت بشيء من الغيرة. وقلت لنفسي بصوت غير مسموع إني مريض. وقال لي الصوت الآخر: ما الجديد في الأمر؟ قالت لي بعد ابتسامة مشجعة سيد حلواني... قاطعتها: أمجد من فضلك. أكملت بعد ابتسامة سريعة أمجد أنت تملك مقدرة لغوية فائقة. خبرتها فيما تكتب وما أرسلت من رسائل عن بلال الحبشي وسيناريو الفيلم. تخيلت أني بدوت مثل كوبر عندما يهز ذيله فرحاً بجائزة مرتقبة. أكملت هي: أرجو أن تستخدم كل مفرداتك وجملك في دعم بلال في هذه الرحلة ما كنت سأثق بشخص آخر بسهولة. لكني أعتقد أنك يمكن أن تساعده. ربما أكثر مني بلال يحتاج إلى ظل أب إلى رجل في هذه المرحلة كنت سأثق بشخص آخر بسهولة. لكني أعتقد أنك يمكن أن تساعده. ربما أكثر مني بلال يحتاج إلى ظل أب إلى رجل في هذه المرحلة. رجل ويستطيع الدعم وليس أي رجل حاولت كثيراً أن أعوضه، ولكن الأمر يتجاوز حدود إمكاناتي تصالحت مع هذه الحقيقة مؤخراً. كنت أرفضها وأصر على أني قادرة على أداء دور الرجل الخارق والمرأة الخارقة في آن واحد. للأسف، حتى دور المرأة الخارقة يبدو صعباً وكبيراً علي. قلت لها مقاطعاً هوني عليك أنت تقومين بدور جيد. أكملت هي فوراً: لا أقصد التشكي، أريد منك فقط أن تدعم بلالاً بكل مفرداتك وقدراتك فيما لو تصرف سعيد على نحو سيئ. سعيد شخص لا يمكن توقع ردود أفعاله. وربما صار أسوأ الآن بكثير مما عرفته يوم عرفته. لا أريد لهذه الرحلة أن تترك أثراً سلبياً على بلال في هذه المرحلة من حياته. لديه أشهر فقط ولا أريده أن ينتكس فيها. أريده أن يعيشها أروع ما يمكن. أريد لهذه الرحلة أن تساهم في ذلك. بدا صوتها متأثراً جداً هنا. كما لو أنها فقدت السيطرة على قناع تماسكها. قالت وثمة دمعة لم تنزل من عينيها ولكن بدت في صوتها ما دامت حياة بلال ستكون قصيرة، فلتكن رائعة إذن.. مثل حياة الفراشة. غمغمت كما لو كنت أتذكر شيئاً بعيداً: "أتمنى لو كنا فراشات لم تعش إلا ثلاثة أيام، ثلاثة أيام صيفية معك تحتوي من السعادة على أكثر ما يمكن لخمسين عاماً اعتيادية أن تحتويه".. جون كيتس لفاني براون... أعتقد أني قلت الكلمات كما لو كنت أؤديها. كما لو كنت أوجهها للاتيشا. كنت درامياً جداً. مثل ممثل يؤدي أداء الاختبار لدور شكسبيري. لمحت المفاجأة في عينيها. كما لو كانت قد شعرت أني أقول الكلمات لها. أو كانت المفاجأة بسبب أني عرفت الاقتباس لمحت بعد ذلك شعوراً بالارتياح على وجهها. كنت أعلم أنك ستكون مناسباً لدعم بلال". تذكرت كوبر مرة أخرى وهو يهز ذيله وقلت " أتمنى أن أكون كذلك". نظرت هي إلى بلال بعجلة وتأكدت أنه لا يزال بعيداً وقالت: "هناك شيء
آخر يجب أن تعرفه وتنتبه له شيء مهم جداً لم أرغب في الحديث عنه أمام بلال. أرسلت لك التفاصيل على بريدك الإلكتروني، يمكنك فتحه من هاتفك، أليس كذلك؟". هززت رأسي أن نعم. قالت وهي تلتفت لترى أين أصبح بلال. بلال يتعرض بين الحين والآخر لنوبات صرع.. نتيجة لضغط الورم اللعين على دماغه الأدوية تسيطر على ذلك إلى حد كبير، ونوبات الصرع هذه متباعدة. ولكنها تحدث. وقد لاحظت أنها تحدث عندما يكون بلال تحت ضغط نفسي أو شد عاطفي كبير". حاولت أن أستوعب ما تقول. أكملت هي بصعوبة وعيناها لا تزالان على بلال أصعب ما في الأمر هو هذه النوبات كل ما يحدث مع السرطان لا يقارن بهذه الحالة بلال لا يعرف عنها الكثير. هو يعتقد أنه يفقد وعيه فقط. لا يذكر شيئاً تقريباً عنها. أو على الأقل يتظاهر بأنه لا يعرف عنها. نظرت إلى بلال وكان قد اقترب ومعه كوبا قهوة. قالت لاتيشا بسرعة وهناك شيء آخر... بلال يملك موهبة كتابة. قررنا أن ننشئ موقعاً يضم ما يكتبه من رسائل أو أي شيء يخطر في باله. شجعه على ذلك... كان بلال قد اقترب أكثر. قالت لي بسرعة وبصوت خفيض أريد أن يبقى منه شيء في هذا العالم. 000 جاءت المضيفة لتسألنا بطريقة تحاول أن تكون مهنية: هل تسافران معاً؟ رد بلال بسرعة: لا، أنا قاصر يسافر وحيداً ولدي موافقة من والدتي
على الأمر، علماً أن خطوطكم الجوية، حسب موقعها الرسمي، تبيح لمن هو فوق سن ۱۲، أن يسافر منفرداً مع تحويل الطائرة دون حاجة إلى موافقة من ولي أمره. وأنا فوق سن الـ ۱۲ بعام وبضعة أشهر. بدت مصدومة بجوابه. أكمل بلال: أما إن كنت تقصدين السيد أمجد هذا - وأشار إلى فهو يصطحبني لزيارة والدي المحكوم بالسجن لسبع سنوات بتهمة تتعلق بتهريب المخدرات، ولدينا ما يثبت موافقة ولي أمري على أن يصاحبني إلى السجن كما أن لديه - مثلي - تصريحاً لزيارة والدي الذي لم يره من قبل ولا أنا. قالت ببساطة سألتكما فقط، لأن هناك سيدة تريد أن تجلس بجانب الممر وليس بجانب النافذة. فقلت إنه ربما لم تكونا وحيدين، وبالتالي يمكن لأحدكما الانتقال إلى مقعد النافذة. بدا بلال محرجاً جداً من تسرعه في الرد. قال لي: هل ترغب في الانتقال إلى جانب النافذة، سيد أمجد؟ قلت فوراً: لا، أنا مرتاح كما أنا. 000 قبل أن أبدأ بمحاولة استدراج بلال في أي موضوع يخص والده أو يخص ما سيكتبه، أسرع هو بإخراج الأيباد من حقيبته، وقال اقرأ. كانت هذه هي الرسائل التي تحدثت عنها لاتيشا. قرأت الأولى أرسلها إلى لينكولن أحببتها جداً. وأحببت أنه تحدث عن بلال الحبشي. شعرت بالفخر لأنه يتحدث ويقارن مع شيء كتبته له. ثم قرأت رسالته إلى والده كانت صادقة وتلقائية. بلا أي تصنع. وتعبر عن كل من مر بألم الغياب. قلت له: عمل عظيم.
قال لي: هل هو عظيم إلى درجة أنه يقهر الموت؟ ارتبكت بدوت متردداً في الخوض في هذا الموضوع معه على هذا النحو. أكمل هو بلا مبالاة : أمي تقول إنها لو وضعت هذه الرسائل وغيرها في موقع على النت وقرأها الناس، وربما جمعت في كتاب، فربما يمكنني أن أقهر السرطان... أو الموت بطريقة ما. ربما هي تقصد أن أقاوم النسيان.. أن يبقى هناك من يتذكرني. قلت له: ممكن جداً. بعض الأشياء البسيطة يمكن أن تقاوم الموت على نحو عجيب هل تعرف أن فرانك ؟ هز رأسه لست متابعاً جيدا للفن لو كان لدي اتصال بالنت لبحثت عنها فوراً في غوغل وقلت لك إني أعرفها هل هي ممثلة أو مغنية من جيلكم ؟ من جيلكم" باعتبار أن الديناصورات كانت تلهو في الباحة الخلفية المنزلي يوم ولدت). قلت: لا. ليست من جيلنا" وليست مغنية أو ممثلة هي فتاة كتبت يومياتها قبل أن تموت كانت في الثالثة عشرة يوم كتبتها، وماتت وهي في الخامسة عشرة، ترجمت لاحقاً لكل لغات العالم وبيع منها ملايين النسخ. قال بلال: هل كانت مصابة مثلي بسرطان الدماغ؟ أجبته الحقيقة لا.. لقد ماتت في معسكرات الاعتقال النازية. وكانت قد عاشت وأسرتها مختفية في منزل خوفاً من الاعتقال، وكانت تكتب معاناتهم في هذه الفترة، ثم اعتقلوا، وماتوا جميعاً إلا شقيقاً لها عاد لاحقاً إلى المنزل الذي كانوا مختبئين فيه، ووجد يوميات شقيقته... قال بلال كما لو كان يتحدث مع نفسه: أعتقد أني رأيت شيئاً كهذا في فيلم ما. ثم استدرك: لكنها لم تكن تعرف أنها ستموت يوم كتبت هذه اليوميات صحيح ؟
قلت: كانت تعيش في خطر حتمي للموت لكن ربما كان لديها أمل بالنجاة. قال بلال وثمة ابتسامة هادئة مستسلمة على وجهه إذن لم تكن نسبة نجاتها صفراً في المائة.. مثلي ؟ قلت: لا.. أعتقد أنه كانت هناك نسبة أمل أكبر من هذا. غمغم بلال وهو ينظر من خلال نافذة الطائرة: إذن الأمر مختلف. قلت له: الأمر مع نسبة الصفر في المائة أفضل للكتابة. التفت لي متعجباً: كيف ؟ قلت له: مع نسبة الصفر لا خيار هناك عليك أن تترك شيئاً لأنك راحل بالتأكيد بسرعة.. مع نسبة أمل أعلى ثمة مجال للتأجيل.. تنتظر لكي تعيش حياتك أكثر.. وقد تلهيك هذه الحياة عن ترك أثر في الحياة. عاد إلى النافذة وهو يقول كما لو كان يحدث نفسه ربما. ثم التفت فجأة وأنت هل ستترك شيئاً ؟ أم أن مرضى السرطان وحدهم عليهم أن يفكروا هكذا ؟ فاجأني سؤاله هل سأترك شيئاً؟ لم أستطع أن أخفي ارتباكي، قلت شيئاً عن رسالة الماجستير التي تلتها والدكتوراه التي أعمل عليها وقلت إني أطمح أن تترك أثراً في طريق الأكاديميين الذين يدرسون تاريخ الشرق الأوسط من بعدي. سمعت صوتي وأنا أقول ذلك ورأيت كلماتي على وجه بلال. كان ما قلته سخيفاً جداً وبلا معنى لم أفكر أبداً أن آخذ الماجستير أو الدكتوراه من أجل أن أترك أثراً من بعدي أو أي شيء من هذا القبيل، كان أمراً أكاديمياً بحتاً نفعله جميعاً بلا تفكير أوسع من التفكير في الخطوة القادمة. قلت بصوت يحاول أن يبدو أكثر ثقة عملي في فيلم بلال أريد أن أساهم به في ترك بصمة مختلفة عبر هذا الفيلم.
شعرت أن عبدول يمكن أن يقول هذه الجملة بحماس دون أن يكون كاذباً واضح الكذب مثلي قبلت بالعمل على مضض فقط من أجل الأجر لا أكثر ولا أقل. ربما شعرت بالحماس لاحقاً بالتدريج، لكن هذا لم يكن إلا من خلال تفاعلي مع بلال بلال الذي يجلس بجانبي في الطائرة المتجهة إلى دالاس ومن ثم إلى أوكيديل ليرى والده المسجون. شعرت أن الشيء الوحيد الذي فعلته في حياتي، والذي ترك أثراً في حياة الآخرين، كان هذا هو الشيء الذي أفعله مع بلال. لم أقل له ذلك. ولم يبد مهتما جداً على أي حال. فتح الأيباد مجدداً وأخذ يلعب لعبة العصافير الغاضبة Angry Birds) دونما اهتمام. سألته: لمن ستوجه رسالتك القادمة، بلال ؟ قال دون أن يرفع عينيه عن اللعبة: لا أعرف.. ربما إلى خلايا السرطان. وأعلنت اللعبة وصوله إلى مرحلة أخرى
في دالاس بينما نحن ننتظر الطائرة بدا بلال مضطرباً، وكنت أنا مضطرباً أيضاً. سأذهب للمرة الأولى في حياتي إلى سجن لأرى شخصاً لم أعرفه في حياتي لكي يراه ابنه الذي يراه للمرة الأولى أيضاً في حياته. بالتأكيد مضطرب أنا. وبالتأكيد مضطرب هو. بدا لي بلال أكثر من مجرد مضطرب ذهب وتقيأ وطلب بعدها دواء الصداع، ارتبكت وأنا أخرج الأدوية وقد نسيت أيها يكون للصداع وأيها للقيء وأيها للصرع. أخذ هو العلبة المناسبة وأخرج منها حبة وابتلعها ثم شرب من قنينة الماء التي معه. شعرت للمرة الأولى بمشاعر قدرت أنها لا بد أن تكون مثل مشاعر الأبوة. اتصلت بلاتيشا، كنت أريد أن أقول لها إن الأمور بخير، لكني في الحقيقة كنت أريد أن أستمد منها القوة بدت قلقة هي الأخرى وكان صوتها
مخنوقاً وهي تكاد تصرخ رياه، قلت لبلال أن يتصل عندما تصلون دالاس أعرف أنه يتضايق عندما أتصل أنا كي لا يبدو أني أعامله كطفل أمامك. اتصل أنت لو سمحت. ثم قالت بصوت حاولت أن يكون هادئاً: كيف هو ؟ قلت لها: بخير، لكنه تقيأ مرة، ويشعر بالصداع وأخذ حبة من دواء الصداع. قاطعتني بسرعة حبة واحدة فقط ؟ أعطه ثانية بسرعة. قلت لها إني سأفعل بالتأكيد. سألتني بصوت قلق هل تشعر أن عينيه فيهما شيء غريب؟ ليستا ثابتتين ؟ نظرت لبلال نعم شعرت بشيء كهذا. قلت لها بصوت قلق وأنا أبتلع ريقي: نعم يبدو ثمة شيء غريب فيهما. ماذا يعني هذا ؟ قالت بصوت حاسم: أعطه دواء الصرع بسرعة. فيمبات ۲۰۰ مليغرام. علبة بيضاء بشريط أزرق من تحت. قلت بهلع هل سيصاب بنوية صرع الآن ؟ قالت وكأنها انتبهت إلى أن هلعي ليس في مصلحة الموضوع: ليس بالضرورة الدواء قد ينهي المسألة. أرجو أن تهدأ وتتماسك. كان من الواضح أني لم أكن أبدو متماسكاً أبداً. قلت لها مثل ممثل سيئ يقف أمام الجمهور لأول مرة ليؤدي دور يوليوس قيصر اطمئني الأمور تحت السيطرة. كل شيء سيكون على ما يرام.
سكتت هي وتخيلتها تلعن الساعة التي قبلت فيها بمرافقتي لبلال في هذه الرحلة. قلت بصوت طبيعي تقريباً اطمئني ساكون قريباً من الوحدة الطبية. وسأبلغ طاقم الطائرة، سأقرأ كل الإرشادات الخاصة بالأمر، وسأرى في اليوتيوب لا بد أن هناك فيديو عن الأمر. قدت الجملة وانتبهت لغبائها بعد أن سمعتها مني. على قالت مي. أن أبلغك بالأمر قبل هذا.. تخيلتها كانت تريد أن تقول: كان على أن لا أرسله معك... تريد أن تشاهد فيديو عن كيفية إنقاذ ابني ؟)... لكن مضت مدة طويلة منذ آخر نوبة. قلت لها: اطمئني. لقد كان تخصصي الثانوي في البكالوريوس هو التمريض. قالت: أوه، هذا مربح... شكراً الله. كنت أكذب تخصصي الجزئي كان علم الاجتماع. للأسف غير فعال هنا. لكن الكذبة كانت فعالة. وشاهدت فيديو التعامل مع حالات الصرع على اليوتيوب
لم تأت النوبة. لكن بلالاً زاد اضطراباً واصفراراً. وتقيأ مرة أخرى في الطائرة. كدت أتقياً أنا أيضاً. وبالتأكيد زاد اضطرابي أنا واصفراري. لقد اقتربنا. حاولت أن أتحدث مع بلال عن الأمر. قلت له: كيف أنت يا رجل ؟ لقد اقتربنا. سترى أخيراً رجلك العجوز.
هز رأسه وزم شفتيه سكت أولاً كما لو كان يريد أن يعرف كيف يكون الجواب عن هذا السؤال. هل هو بخير لأنه سيرى والده للمرة الأولى في حياته ؟ قال: أفضل من جلسات العلاج الكيمياوي بالتأكيد. لمحت دمعة في عينيه، لكنه التفت لي وابتسم. لقد ابتسم! في وجهه ثمة مزيج من كل شيء. الأمل والألم والخوف والقوة والحزن والسعادة والترقب. كل شيء. فكرت كيف يحتمل قلبك يا بلال كل هذا ؟
هبطنا في مطار ليك تشارلز الأقرب لأوكيديل، حيث إن مطار ألن بارش في أوكيديل في اللا مكان الذي استبشرت بوجوده في أوكيديل أول ما بحثت عنه كان موجوداً كنصب تذكاري تقريباً. هناك رحلة واحدة فقط في اليوم لهذا المطار.. لا ريب أن الموظفين فيه يقضون وقتاً طيباً.. كنت أتمنى لو كانت الإجراءات تأخذ وقتاً أطول في ليك تشارلز. للأسف كانت أسرع عملية خروج من مطار في حياتي وجدنا أنفسنا فوراً في الشارع وأمامنا سيارات الأجرة. لم أتخيل يوماً أني سأطلب من سائق أجرة أن يذهب بي إلى السجن. ها أنا ذا أفعلها. الطريق إلى سجن أوكيديل من مطار ليك تشارلز يستغرق ساعة تقريباً. سنصل في منتصف النهار الوقت لا يزال مناسباً كما خططنا. وقت الزيارة ينتهي في الثالثة عصراً. لا يزال ثمة متسع فكرت إن كان سعيد قلقاً ومضطرباً ويتحرك في زنزانته مثل حيوان حبيس في قفص، أم أنه غير
تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص
يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية
يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة
نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها
خليج العقبة هو الفرع الشرقي للبحر الأحمر المحصور شرق شبه جزيرة سيناء وغرب شبه الجزيرة العربية، وبالإ...
تقوم الشركات الاستشارية بتحليل البيانات المالية والاقتصادية لتحديد الاتجاهات والفرص الاستثمارية. وتق...
@Moamen Azmy - مؤمن عزمي:موقع هيلخصلك اي مادة لينك تحويل الفيديو لنص https://notegpt.io/youtube-tra...
انا احبك جداً تناول البحث أهمية الإضاءة الطبيعية كأحد المفاهيم الجوهرية في التصميم المعماري، لما لها...
توفير منزل آمن ونظيف ويدعم الطفل عاطفيًا. التأكد من حصول الأطفال على الرعاية الطبية والتعليمية والن...
Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...
في التاسع من مايو/أيار عام 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام التجاري لأول أقر...
أهم نقاط الـ Breaker Block 🔹 ما هو الـ Breaker Block؟ • هو Order Block حقيقي يكون مع الاتجاه الرئي...
دوري كمدرب و مسؤولة عن المجندات ، لا اكتفي باعطاء الأوامر، بل اعدني قدوة في الانضباط والالتزام .فالم...
سادساً: التنسيق مع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وفريق إدارة شؤون البيئة لنقل أشجار المشلع ب...
I tried to call the hospital , it was too early in the morning because I knew I will be late for ...
أكد موقع " construction business news " في أحد تقاريره عزم الشركات اليابانية والصينية على استهداف ال...