لخّصلي

�عد الذاكرة من الزاو�ة التار�خية موضوعا إش�اليا تناولھ العديد من
الفلاسفة، أفلاطون، أرسطو، برغسون، لوك... وغ��هم، غ�� أن الدراسات ال�ي
اهتمت بھ سي�ولوجيا لم تظهر إلا مع ه��مان إبنجهاوس Ebbinghauss Herman
(1909-1805)، الذي �عت�� أول من قدم تفس��ا علميا مخ��يا حولموضوع الذاكرة ��
كتابھ memory On1885 معتمدا �� ذلك ع�� المنا�ج التجر�بية �� دراسة تطور
�داء الذاكري، ففي هذه المرحلة انصب اهتمام علماء النفس أساسا ع�� النمو
الذاكري.
و�مكن القول إن بداية الكشف العل�ي عن الذاكرة يق��ن بتار�خ البحث عن أسباب
فقدان الذاكرة مع تطور الطب النف��ي والعق�� وعلوم �عصاب... خاصة ان النتائج
العلمية ال�ي توصل إل��ا �ل من برو�ا وفرن�ي ش�لت اللبنة �ساسية لتحديد مناطق
الذاكرة �� الدماغ، و�� نتائج تزاوج ب�ن طبيعة المعلومات ا�خزنة �� الذاكرة و��ن
البنيات الدماغية المسؤؤولة عن التخز�ن والمعا�جة. ونظرا للصعو�ة ال�ي تطرحها
دراسة الذاكرة التجأ الباحثون إ�� مقار���ا اعتمادا ع�� من�ج النمذجة والتقييس،
هذا المن�ج الذي بدأ يفرض نفسھ ع�� التيارات المعرفية �سبب طا�عھ العل�ي
والتكنولو��، ولقد استعملت السي�ولوجيا المعرفية اعتمادا ع�� منطق التشبيھ
(اف��اض وجود �شابھ ب�ن اشتغال ا�حاسوب وعمل الذهن)، تقييس سمات الذاكرة
��سانية ��دف تطو�ر نموذج لطر�قة تفك�� ��سان وتحديد الس��ورات الذهنية
ال�ي تتدخل �� معا�جة المعلومات.
و نظرا لما تكتسيھ الذاكرة من أهمية �� مجال السي�ولوجيا المعرفية، سنعمل ع��
�عر�فها، وتحديد م�ونا��ا وآليات اشتغالها مع رصد أهم النماذج ال�ي تناول��ا من
حيث بني��ا او وظيف��ا مع الوقوف ع�� �عض �ضطرابات ال�ي تصي��ا .

.1 الذاكرة كوظيفة معرفية: �عر�فها، مكونا��ا وآليات اشتغالها:
.1.1 �عر�ف مفهوم الذاكرة:
إن مفهوم الذاكرة من المفاهيم ال�ي يصعب �عر�فها بدقة لتعدد واختلاف التعار�ف
بتعدد النظر�ات و�تجاهات ال�ي عملت ع�� مقار���ا، علاوة ع�� ان الذاكرة وظيفة
معرفية معقدة ترتبط �عمليات �نتباه و�دراك...ومن ب�ن التعار�ف ال�ي قدمت
للذاكرة:
ـ إ��ا عملية �حتفاظ بالمعلومات ع�� الزمن من خلال ترم��ها واس��جاعها
.(Santrock2003)
ـ أ��ا العملية ال�ي يتم من خلالها استدعاء معلومات الما��ي لاستخدامها �� ا�حاضر
.(Strenberg, 2003)
ــ إ��ا دراسة عمليات استقبال المعلومات و�حتفاظ ��ا واستدعاؤها عند ا�حاجة
(Andersson, 1995)
ــ إ��ا أنظمة مختلفة لتخز�ن المعلومات من بضع أجزاء من الثانية إ�� تخز���ا �ش�ل
دائم (2005 ,Baddely(
ــ إ��ا القدرة ع�� ترم�� المعلومات المستقاة من ا�حيط وتخز���ا �ش�ل ملائم �� أحياز
معينة واس��جاعها واستعمالها �� �شاطات وعمليات لاحقة. (زغبوش بنعي�ىى
.(2008
من خلال التعار�ف السابقة �ستنتج أن الذاكرة ��سانية تتم�� بتعدد بنيوي داخل
وحدة النظام (أحياز، نماذج، أنظمة للتخز�ن)، يقابلھ �عدد وظيفي (�شتغال،
�حتفاظ، المعا�جة، �شاط، ال��م��...)فبالرغم من �عدد آليات اشتغالها، ف�ي جهاز
�شمل جميع العمليات المعرفية ال�ي نتمكن بواسط��ا من استقبال المعلومات
وترم��ها ومعا�ج��ا وتخز���ا واس��جاعها.
.2.1 مكونات الذاكرة:

لقد �عددت تقسيمات الذاكرة حسب طبيعة المعلومات ال�ي تخز��ا ونوعية
المعا�جة ال�ي تخضع لها المعلومات، ولقد كشف العديد من الباحث�ن Sperling
1960, Neisser 1967
بحاث �بواسطة Tulving1972, Turvey1973, Schacter1985, Baddely1992...)
التجر�بية والملاحظات ودراسات اضطرابات الذاكرة واللغة وتصو�ر ا�شطة الدماغ
عن وجود عدة ذاكرات، حيث يمكن التمي��، حسب مدة وقدرة التخز�ن ب�ن أر�عة
م�ونات أو أصناف:
 الذاكرة ا�حسية (ال�جلات ا�حسية) sonsorielle mémoire La:� ستقبل
حواسنا (السمع، البصر، اللمس...)، عددا كب��ا من المن��ات �ش�ل دائم. فبالرغم
من أن الفرد لا �ستطيع أن يتلقى هذه المن��ات أو أن ينتبھ إل��ا دفعة واحدة، فإن
كث��ا من المعلومات والصور ال�ي تتلقاها ا�حواس تدخل إ�� ال�جلات ا�حسية حسب
نوع المث��، فحينما ي�ون المث�� بصر�ا نت�لم عن �جل بصري (أيقو�ي)، وحينما ي�ون
سمعيا يتعلق �مر ��جل سم�� (صو�ي). و�ش�� إ�� أن مدة بقاء تلك المعلومات
و�حتفاظ ��ا لا تتعدى بضع أجزاءمن الثانية، مما يب�ن مدى سرعة استقبال أجهزة
ا�حس للمعلومات الواردة من ا�حيط ا�خار��. "القدرة التخز�نية لل�جل ا�ح��ي
البصري لا تتعدى 5 وحدات؛ هذه القدرة التخز�نية �� خاصة ب�ل نظام ح��ي
(بصري، سم��، ذو��، ش�ي، لم��ي). (,2008P.J ,Rossi(
ولا بد من �شارة إ�� أن معا�جة المعلومات �� نظام التخز�ن ا�ح�ىي تتم �سرعة �ي
تنتقل إ�� الذاكرة القص��ة المدى.

مسلك علم النفس
الفصل السادس
مادة: سيكولوجية الذاكرة

ذ .عبدالقادر أزداد

الموسم ا�جام��
2021-2020

La العاملة أوالذاكرةLa mémoire à court termeالمدى ة��القص الذاكرة 
:mémoire de travail
تنقل إل��ا المعلومات الواردة من الذاكرة ا�حسية، ف�ي �عت�� ذات طاقة استيعابية محدودة،
حيث أكد "جورج ميلر" G ,Miller) 1956(، أن القدرة التخز�نية لهذه الذاكرة لا تتعدى 7 إ��
9 عناصر (سواء �انت حرفا أو �لمة أو رقما)، ولقد تم الكشف عن وجودها ودراس��ا
باستعمال بروتو�ول تجر��ي دقيق؛ يتمثل �� تقديم قائمة اختبارات �� عبارة عن لائحة �لمات
مألوفة، إ�� ال�خص المفحوص و عليھ أن �س��جع �� ��اية التقديم والعرض جميع ال�لمات
الم�ونة للقائمة، أي �ل ال�لمات ال�ي يمكن لھ تذكرها و�نفس ال��تيب وغالبا ما تمتد قيم هذا
�س��جاع من 6,5 إ�� .7 هذه القيمة لا تنطبق إلا ع�� ال�لمات المألوفة" (1993 ,L,Alain (.
و�عد من اك�� م�ونات الذاكرة ال�ي حظيت باهتمام الباحث�ن، لما لها من دور أسا��ي �� عملية
معا�جة المعلومات، حيث تمرر المعلومات ال�ي تمت معا�ج��ا إ�� الذاكرة البعيدة المدى
لتخز���ا، ثم �س��جع هذه المعلومات من الذاكرة البعيدة المدى إ�� الذاكرة العاملة، ف�ي ع��
حد �عب�� D ,Tileston)2004 " (نظام يحدث الت�امل والتنسيق ب�ن المعلومات القديمة
وا�جديدة، فبمجرد دخول المعلومات للذاكرة العاملة، يقرر الذهن خلال مدة وج��ة تقدر
بالثوا�ي معا�جة المعلومات أو عدم معا�ج��ا، و�� هذه ال�حظة %91 من المعلومات لا تتم
معا�ج��ا، أما ما تتم معا�جتھ ليحتفظ بھ، في�ون ذلك من خلال آلية التسميع الذا�ي أو
التكرار، وهذه �لية �� ال�ي تنقل المعلومات من الذاكرة العاملة إ�� الذاكرة الطو�لة المدى"
و�عرف الذاكرة العاملة بأ��ا وحدة تخز�ن مؤقت �عمل ع�� معا�جة المعلومات واس��جاعها
�ش�ل عم�� وسريع ف�ي حسب باد�� ( 1992) "عبارة عن نظام للاحتفاظ المؤقت للمعلومات
و�تم �شغيلها أثناء إنجاز أ�شطة معرفية معقدة �الفهم والتعلم و�ستدلال" ,P.J ,Rossi(
.2006).
و�مثل المنفذ المركزي أهم العناصر �� هذه الذاكرة حيث �عمل ع�� توزيع الموارد المعرفية
والتنسيق ب�ن الم�ون�ن: ا�حلقة التلفظية والمفكرة البصر�ة-الم�انية ومراقبة عملية المعا�جة ��
مهمات معرفية مثل الفهم، حل المشكلات، التعلم، التفك��.
:La mémoire à long termeالمدى لة�الطو الذاكرة 

�� ذات سعة غ�� محدودة، تخزن المعلومات لمدة ت��اوح ب�ن بضع دقائق إ�� عدة سنوات،
فبفضل هذه الذاكرة يتم اس��جاع المعلومات والمعارف و�حداث والوقائع، إن تخز�ن
المعلومات �� الذاكرة البعيدة المدى �� حالة التعلمات �رادية، يف��ض إما التكرار أو معا�جة
عميقة للمعلومات، فعند �علم أو حفظ أبيات شعر�ة، علينا أن نكرر قراءة هذه �بيات إ�� أن
نحفظها وتصبح مخزنة �� الذاكرة، بينما �علم درس ما لا يتطلب ا�حفظ عن ظهر قلب، بل
فهمھ وتحليل مدى ا��جام عناصره والقيام بمعا�جة عميقة بخصوص دلالتھ لاستعابھ
و�علمھ.ولقد �عددت تقسيمات الذاكرة البعيدة المدى بتعدد المعلومات ال�ي تخز��ا و�نوعية
�صابات ال�ي ت�حقها، مما أدى إ�� نمذج��ا من خلال التمي�� الوظيفي ب�ن نوع�ن من الذاكرة:
:Mémoire déclarative ou expliciteالتصریحیة الذاكرة ــ
�س�ى ايضا ذاكرة معرفية لأ��ا تضم مجمل المعارف ال�ي يمكن التعب�� ع��ا لفظيا أو كتابيا
ولقد م�� "تولفينغ" Tulving) 1972 (ب�ن نظام�ن للمعا�جة:
 الذاكرة �ب��وديةépisodique mémoire La :تضم مجمل �حداث والوقائع ال�ي
عاشها الفرد �ش�ل واع خلال مسار حياتھ، ف�ي مرتبطة بتار�خھ و��و�تھ مما دفع البعض إ��
�سمي��ا ب"�وطو�يوغرافية" ل�و��ا متعلقة بأحداث معينة �� سياق زم�ي خاص بالفرد.
:La mémoire sémantique الدلالية الذاكرة 
�� ذاكرة القواعد والمفاهيم، ف�ي "مجموع المعارف المفهومية ال�ي اكتس��ا الفرد وال�ي �سمح
لنا بفهم عالمنا ومحيطنا" (1993 ,Baddeley(، ف�ي ع�� حد �عب�� "تولفينغ" ( 1972)معرفة
العالم.
ـــ الذاكرة الضمنیة implicite ou déclarative non Mémoire: تتضمن مختلف
المعارف �جرائية faire Savoir و�� معارف تتمظهر �ش�ل غ�� وا�� .

• الذاكرة �جرائية: تظهر من خلال ��شطة �دراكية ا�حركية والمعرفية للفرد، و��
  تضم مجمل �جراءات الذهنية ال�ي اكتس��ا الفرد عن طر�ق التعلم، ف�ي �سمح
  باكتساب العادات والمهارات ا�حركية من قبيل: �علم الم��ي، السباحة... والمهارات
  المعرفية كتعلم اللغة، الرقن ع�� ا�حاسوب... وتتم�� المعارف ا�خزنة �� هذه الذاكرة
  باس��جاعها بطر�قة غ�� واعية.
  فبعد هذا التحديد المقتضب لم�ونات الذاكرة يطرح السؤال التا�� : كيف تنتقل أو تمرر
  المعلومات ب�ن أنظمة الذاكرة ؟ أو بتعب�� أدق ما�� �ليات المسؤولة عن اشتغال الذاكرة؟

.3.1 آليات اشتغال الذاكرة:
 استقبال المعلومات:س��ورة وآلية، من خلالها يتم التقاط المث��ات ا�خارجية ع��
ا�حواس وحفظها �� ال�جلات ا�حسية لمدة وج��ة �عد إخضاعها لعملية �نتباه الذي يتم
التمي�� فيھ ب�ن نوع�ن. �نتباه �نتقائي يتجھ نحو مث�� محدد �غض النظر عن المث��ات
�خرى ال�ي توجد �� نفس الوقت، أما �نتباه الموزع يتوزع ب�ن العديد من المث��ات. ف�لما �ان
�نتباه انتقائيا، �لما �انت المعا�جة المعرفية للمث��ات موجهة وعميقة.
 الترمیز:س��ورة، تحول المستقبلات ا�حسية إ�� تمثلات ذهنية مؤقتة أو دائمة،
فعمليات ال��م�� عبارة عن مصفاة معقدة �ستقبل المث��ات القادمة من ا�حيط وتدخل عل��ا
التنظيم والضبط اللازم�ن وتخضع للمراقبة �لية من قبل عاداتنا �جتماعية
والفرديةوحوافزنا، كما تخضع للمراقبة الواعية من قبل مشاريعنا وتوجهات سلو�اتنا
الواعية 1991 Tiberghien، فأمام �عدد مصادر المعلومات ال�ي يتلقاها نظامنا الذاكري، وقع
�جال ب�ن الباحث�ن منذ عقود، حيث اعت�� �ل من أتكنسون وشيفر�ن et Atkinson(
(,1968 Shiffrin بأن المعلومات ترمز صوتيا Phonétique �� الذاكرة القص��ة المدى، اما باد��
(1986)فيش�� بإم�انية ترم��ها صوتيا أو لسانيا أو بصر�ا-م�انيا �� الذاكرة العاملة وهذا ما
يف�ىي إ�� وجود أنواع من ال��م��ات: ال��م�� البصري وفيھ يتم تمثيل �شياء من حيث ا�حجم
والش�ل واللون والتموقع، ال��م�� الصو�ي وفيھ يتم تمثيل سمات الصوت من حيث شدتھ
ودرجة تردده، ال��م�� ا�حر�ي وفيھ يتم تمثيل تتا�ع ا�حر�ات، ال��م�� اللفظي وفيھ يتم م�� تر
المعلومات من خلال ال�لمات.

أما Lockhart et Craik ) 1972� (عت��ان بأن طبيعة المعا�جة �� ال�ي تحدد طبيعة
ال��م�� "فعمق المعا�جة �� ال�ي تحدد طبيعة ال��م�� الذي سيحتفظ بھ ع�� ش�ل تمثل ��
الذاكرة، كما يحدد ديمومة الذكرى" .(1992 .,P ,Doré & D ,Mercier (حيث يم��ان ب�ن
مستو�ات متعددة من المعا�جة عند مرور المعلومات من الذاكرة القص��ة المدى إ�� الذاكرة
البعيدة المدى، فالمعا�جة السطحية تكمن �� التحليل البسيط ل�خصائص المادية، �� ح�ن
تمكن المعا�جة العميقة من التعرف ع�� ش�ل المث�� او دلالتھ. فعمق المعا�جة �� ال�ي تحدد
طبيعة ال��م�� والتمثل الذي سيحتفظ بھ �� الذاكرة كما يحدد ديمومة الذكرى، فالمعا�جة

العميقة تدوم اك�� من المعا�جة السطحية لأ��ا تنتج ذكرى تت�ون من عدة إسنادات، لأن هذه
�خ��ة اي المعا�جة السطحية لا توفر ا�خصائص ال�ي �سمح بمرور المعطيات إ�� الذاكرة
البعيدة المدى (زغبوش بنعي�ىى 2008). و�مكن تصنيف ال��م�� عموما إ�� ثلاثة أصناف:
الرموز ا�حسية، الرموز ا�ختلطة (الم�جمية والتصو�ر�ة)، الرموز الدلالية. (1993 .,L ,Alain(.
 التخز�ن:�عد أهم مرحلة �� �شتغال الذاكري ولكن ليس �ل ما يتم ترم��ه يخزن ��
الذاكرة، إذ أن مصدر ا�جزء �ك�� من التمثلات هو التلا��ي و�ختفاء، فنحن لا نخزن ��
الذاكرة سوى %1 من المعلومات. فإذا �انت الذاكرة القص��ة المدى تخزن المعلومات من خلال
آلية التكرار الذه�ي، فإن الذاكرة البعيدة المدى تخزن المعلومات الواردة إل��ا من خلال آلية
التدعيم. و�مكن أن "ينتج التدعيم عن توافق عال مع ا�حتوى السابق
للذاكرة." .,1991 I.J,Signore (حيث يتم إدماج التمثلات ا�جديدة �� التمثلات القديمة
�سهولة. و�تخذ التخز�ن مدد زمنية متباينة قد تمتد من بضع ثوا�ي إ�� مدى ا�حياة،
فالذكر�ات ا�خزنة �� الذاكرة البعيدة المدى تدوم سنوات ح�ى لو �عرضت للتلا�ىي أو عوضت
بمعلومات جديدة، بينما تدوم �� الذاكرة القص��ة المدى فقط لبضع ثوان، فنظرا للسعة
ا�حدودة لهذه الذاكرة، فإذا لم تتم معا�جة المعلومات ف��ا بتفعيل آلية التكرار الذه�ي
سيصي��ا التلف وستعوض بمعلومات جديدة
� س��جاع:حسب مرسيي ودوري، �عت�� " س��ورة �سمح بالنفاذ إ�� المعلومات ��
الذاكرة البعيدة �مد �� الوقت الملائم، لتوف��ها �� الذاكرة العاملة ��دف معا�جة المعطيات
المستقاة من ا�حيط"(1992 .,Doré & Mercier (
و��ون �س��جاع ناجعا إذا �ان سياقھ أشبھ �سياق ت�ون الذكرى، وهذا ما �سميھ "تولفينغ"
باسم "مبدأ خصوصية ال��م��"، فعدم اس��جاع المعلومات ي�ون �� الغالب �سبب وجود الفرد
�� سياقات معرفية وجدانية مختلفة عن تلك ال�ي بنيت ف��ا. واس��جاع المعلومات يتم من
خلال س��ور�ي:
ـ التذكر: الذي �سمح باس��جاع المعلومات ا�خزنة �� الذاكرة البعيدة المدى وتوف��ها للذاكرة
العاملة، وهو لا يف��ض وجود اتصال إدرا�ي ب�ن المث�� والفرد، حيث �سمح باس��جاع
المعلومات �� غياب الموضوع، فإذا �ان ��سان قادرا ع�� تذكر ماض ليست لھ فيھ تجر�ة
�خصية مباشرة، ماض نقل إليھ من قبل �جيال السالفة حسب �عب�� (1978)Vygotsky،
فهذه العملية (التذكر)مرتبطة �� جزء مهم م��ا باللغة (زغبوش بنعي�ىى 2008). فاس��جاع

الما��ي يتم من خلال اللغة (الفاظ، حر�ات، صور ذهنية...). و�تخذ التذكر اش�الا متعددة
نوجزها فيما ي��: "التذكر ا�حر و�قصد بھ تذكر ال�خص للمعلومة كما تتبادر لھ �� الذاكرة،
التذكر الفوري هو تذكر ال�خص فورا للمعلومة عند تقديم آخر عنصر لقائمة من
العناصر، التذكر المؤجل يتم �عد تنفيذ المهمة �س�ى مهمة وسيطة، التذكر بمؤشر يتم
بمساعدة عناصر ع�� اس��جاع المعلومات، والتذكر التسلس�� يفرض تذكر المعلومة حسب
ال��تيب الذي قدمت فيھ هذه المعلومة" (2008 .,O.J ,Godefroid(.
ــ التعرف:يحيل التعرف ع�� �حساس الذي ي�ون عند ال�خص حول معلومة مدركة
حديثا، وال�ي تم تخز���ا سابقا. ويعت�� التعرف أك�� �عقيدا من التذكر، إذ يمكننا أن نتعرف
ع�� معلومة لا �ستطيع تذكرها ، إن أهم ميدان عرف �شاطا مكثفا �� دراسة آلية التعرف ،
هو ميدان التعرف ع�� الوجوه �سبب المتغ��ات الهائلة ال�ي توظفها هذه العملية، وكمية
المعلومات ال�ي �ستدع��ا من الذاكرة (اسم ال�خص، طولھ، عنوانھ، صوتھ، أصدقاؤه،
تار�خھ...). وتكمن أهمية التعرف وتفضيلھ عن التذكر حسب 1991 ,Tiberghien �� أنھ
ينشط أك�� من آلية �� اشتغالھ "هذا التفضيل ناتج عن الضبط الكب�� للمفتاح الذي منحتھ
الوضعية السياقية أثناء عملية التعرف" (زغبوش بنعي�ىى، 2008). و�رجع عمق التعرف إ��
اعتماده ع�� س��ورت�ن مختلفت�ن: س��ورة ذهنية نازلة �سمح بالتعرف ع�� �شياء وفق
ما�عتقده حول هذه �شياء، وس��ورة ذهنية صاعدة تقوم ع�� التعرف ع�� �شياء كما ��
�ش�ل مباشر.
التذكر والتعرف إذن س��ورتان �سمحان بالنفاذ إ�� الذاكرة لاس��جاع المعلومة (التذكر) أو
لإدراك معلومة �انت مخزنة سابقا (التعرف). فالتذكر والتعرف هما آليتان لاس��جاع
المعلومات ا�خزنة �� الذاكرة، وذلك �عد أن يتم ترم��ها.
 آلية النسيان:إن ما يخزن �� الذاكرة من معلومات لا يبقى متوفرا ومحفوظا، بل إن
جزءا مهما من هذه المعلومات يتلا�ىى �سبب عامل النسيان. وهناك نوعان من النسيان:
ـ النسيان البعيد المدى : أفضت دراسة النسيان البعيد المدى 1983, Tulving(
(1993 Tiberghien إ�� أن أسبابھ ترجع إ�� عامل�ن رئيسي�ن هما ال��م�� وشروط �رجاع
"بحيث اننا نن�ىى معلومات إذا �ان ترم��ها غ�� �اف أو مرمزة �ش�ل جيد ولكن تحجب
بمعلومات متداخلة." (زغبوش بنعي�ىى، 2008)

ــ النسيان القص�� المدى : إن المعلومات ا�خزنة �� الذاكرة القص��ة المدى غالبا ما تتلا�ىى
وتضيع إن لم يتم �حتفاظ ��ا عن طر�ق التكرار الذه�ي.
فالسؤال الذي يمكن طرحھ �عد تحديد م�ونات الذاكرة وآليات اشتغالها: اين تخزن
المعلومات ال�ي تتم معا�ج��ا؟
سؤال تتطلب �جابة عنھ الكشف عن بنية الذاكرة واشتغالها من خلال استحضار النماذج
ال�ي اخضعت النظام المعر�� للنمذجة من خلال تقييس اشتغالھ ع�� ا�حاسوب او الدماغ.

مسلك علم النفس
الفصل السادس
مادة: سيكولوجية الذاكرة

ذ .عبدالقادر أزداد

الموسم ا�جام��
2021-2020

.2 النماذج المفسرة لبنية الذاكرة ووظيف��ا:
فمع ستينيات القرن الما�ىي، تنامى حجم النتائج المتوصل إل��ا حول دراسة الذكرة
وهذا ما أدى إ�� ظهور مقار�ات تحتضن نماذج صور�ة حول بنية الذاكرة ووظيف��ا،
وقذ توزعت هذه النماذج حسب �ولو�ة ال�ي منح��ا إما لمعيار زمن �حتفاظ ��
الذاكرة أو لمعيار الوظائف ال�ي تؤد��ا. من ب�ن المقار�اتن هناك المقار�ة ا�حاسو�ية
(المعلوماتية) و�� تف��ض وجود تناظر ب�ن العقل البشري والعقل ���، ع�� اعتبار
أن �ل��ما �عا�جان المعلومات اعتمادا ع�� الرموز"فالدماغ وا�حاسوب �شتغلان
بطر�قة متشا��ة أو إن لم نقل بنفس الطر�قة" (1985 .,Gohn ,Searle(، بينما
المقار�ة �ق��انية تركز ع�� تقابل ذهن/ دماغ، فإذا �ان ا�حاسوب �عا�ج المعلومات
�سلسليا، فإن ا�جهاز العص�ي (الدماغ) لا �عمل بنفس الصيغة التسلسلية، إذ أن
المعا�جة ال�ي يقوم ��ا الذهن ليست �سلسلية كما �ان �مر �� النماذج الرمز�ة، بل
�� معا�جة موزعة ومتواز�ة للمعلومات "إن معا�جة المعلومات �شاط يتم �ش�ل
متوازي ضمن شب�ات ترتبط فيما بي��ا �عقد Noeuds ذات عتبة محددة... وأن
القيام بأي معا�جة �� مستوى مع�ن يحدث تأث��ا �� المستو�ات �خرى" .,B ,Denis(
(2000 .,S ,Arielle. فالاختلاف ب�ن المقار�ت�ن ع�� مستوى النمذجة والتقييس يؤشر
ع�� وجود �جال فيما يخص معا�جة المعلومات بحكم أن نماذج التقييس الرمز�ة
تحمل تصورا موضعيا (م�انيا) للذاكرة، ع�� غرار النماذج التحت-الرمز�ة ال�ي تتب�ى
تصورا توزيعيا لآثار الذاكرة، فأمام �عدد المقار�ات (ا�حاسو�ية، �ق��انية، المعرفية)
والنماذج الصور�ة حول بنية الذاكرة ��سانية ووظيف��ا، فإننا سن�كز ع�� النمذجة
المعرفية ال�ي تفرض �عدد المقار�ات وتداخلها لفهم اشتغال النظام المعر��.

فمن النماذج الكلاسيكية ال�ي ذهبت إ�� صورنة (Formalisation (وتقييس بنية
الذاكرة �� ��اية ستينيات القرن الما� ي نجد نموذج "ووف ونورمان" ( 1965)،
ونموذج "أتكنسون" و "شفر�ن" ( 1968)، والذي �س�ى بالنموذج التسلسلس أو
المودا��.
.1.2 النموذج التسلس��: أتكنسون وشفر�ن (Shiffrin & Atkinson(
:(1968)
�ش�ل هذا النموذج أحد المرجعيات الكلاسيكية ال�ي ركزت ع�� الكيفية ال�ي يتم ��ا تخز�ن
المعلومات �� الذاكرة، ويعت�� من اك�� النماذج شهرة، حيث يف��ض بأن الذاكرة تتأسس ع��
تنظيم م�ا�ي للمعلومات، ولقد اطلق ع�� هذا النموذج الذي اق��حھ �ل من "أتكنسون"
و"شفر�ن" باسم "نموذج ا�خازن المتعددة"،
يف��ض هذا النموذج أن المعلومات القادمة من ا�حيط ا�خار�� تتم معا�ج��ا من طرف عدد
من ال�جلات ا�حسية (بصر�ة، سمعية لمسية...)، ليتم �عد ذلك تحو�لها إ�� الذاكرة القص��ة
المدى المتم��ة بمحدودية سع��ا وال�ي �عمل بدورها ع�� نقل المعلومات إ�� الذاكرة البعيدة
المدى (.,1968M.R,Shiffrin&C.R,Atkinson(، فهو بذلك �عطي وصفا لكيفية تنقل المعلومة
�� النظام الذاكري الذي يتضمن م�ونات بنيو�ة ثلاثة لتخز�ن المعلومة، ال�جل ا�ح� ي Le(
،Magasin de stockage à court tèrme) المدى�� القص المستودع خزن�ا ،registre sonsriel)
المستودع البعيد المدى : (tèrme long à stockage de Magasiin(.حدد �ل من "تكنسون "
و"شفر�ن" بنية الذاكرة ��:
أ. الذاكرة ا�حسية (ال�جل ا�ح��ي): تتعرض حواسنا (السمعن البصر، اللمس...) لعدد
كب�� من المن��ات �ش�ل دائم. فبالرغم من أن الفرد لا �ستطيع أن يتلقى هذه المن��ات أو
أ�ينتبھ إل��ا دفعة واحدة، فإن كث��ا من المعلومات والصور ال�ي تتلقاها ا�حواس تدخل إ��
مستودع الذاكرة ا�حسية، ومدة بقا��ا واحتفاظها لا تتعدى بضع أجزاء من الثانية (ما ب�ن
0,01 و 0,05)، مما يب�ن مدى سرعة استقبال اجهزة ا�حس للمعلومات الواردة إل��ا من
ا�حيط ا�خار��. و�ش�� هنا أن معا�جة المعلومات �� نظام �خ��ان ا�ح� ي تتم �سرعة �ي
تنتقل إ�� �خ��ان القص�� المدى . وتتم�� الذاكرة ا�حسية بقدرة وسعة محدودة �سبب عامل
النسيان الذي يحدث نتيجة عامل تلا� ي للمعلومات.

ب. المستودع القص�� المدى: إنھ بمثابة لوحة لا تتعدى سع��ا 7 وحدات �� �حظة واحدة،
و�قدر زمن �حتفاظ فيھ �عدة ثوا�ي، وكمثال ع�� ذلك أننا بمجرد ما نقوم ب��كيبرقم هاتفي
ح�ى ننساه، فهذا النوع من الذاكرة لا يتطلب تدخل س��ورات ذهنية معقدة، فدورها يكمن ��
السماح لنا باستعمال المعلومات المرغوب ف��ا �� �حظة وج��ة ليتم �عد ذلك التشطيب عل��ا،
لذلك فإ��ا غالبا ما �شبھ اللوحة (Ardoise(. ولقد أشار "أتكنسون" و "شفر�ن"أن المعلومات
ال�ي تتحول من ال�جل ا�ح�ىي إ�� الذاكرة القص��ة المدى �� المعلومات ال�ي انتبھ إل��ا الفرد
أي ال�ي وقع عل��ا �نتباه �نتقائي، و�� معلومات محدودة، ومن خلال س��ورات التكرار
الذه�ي يمتد �حتفاظ بالمعلومات لتتحول �عد ذلك إ��