Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

زعموا أيها الملك أن طائرًا طار وعلا إلى الجو، ثم انقضَّ على صخرة في وسط الماء، وإذا برمة إنسان جرَّها الماء حتى أسندها إلى الصخرة، فدَنَا منها طير الماء وتأمَّلَها فرآها رمة ابن آدم، وظهر له فيها ضرب السيف وطعن الرماح، فقال في نفسه: إن هذا المقتول كان شريرًا، ولم يزل طير الماء يكثر التعجُّب من تلك الرمة حتى رأى نسورًا وعقبانًا أحاطوا بتلك الجيفة من جميع جوانبها، فلما رأى ذلك طير الماء جزع جزعًا شديدًا وقال: لا صبر لي على الإقامة في هذا المكان. ثم طار منه يفتش على موضع يأويه إلى حين نفاد تلك الجيفة، وزوال سباع الطير عنها، فنزل عليها كئيبًا حزينًا على بُعده عن وطنه، وقال في نفسه: لم تزل الأحزان تتبعني، وحالوا بينها وبيني، فكيف أرجو أن أكون سالمًا في هذه الدنيا وأطمئن إليها؟ وقد قيل في المثل: الدنيا دارُ مَن لا دارَ له يغترُّ بها مَن لا عقلَ له، وإذا بذكر من السلاحف أقبل منحدرًا في الماء، ودنا من طير الماء وسلَّم عليه، ما الذي أبعدك عن موضعك؟ قال: حلول الأعداء فيه، وما أحسن قول بعض الشعراء :
إِذَا حَلَّ الثَّقِيلُ بِأَرْضِ قَوْمٍ فَمَا لِلسَّاكِنِينَ سِوَى الرَّحِيل
فأنا لا أزال بين يديك، ومما يسلِّي به العاقل نفسه الاستئناس في الغربة، والصبر على الرزية والكربة، وأكون لك خادمًا ومُعينًا. فلما سمع طير الماء مقالة السلحف قال له: لقد صدقتَ في قولك، وليس للعاقل إلا التسلِّي بالإخوان عن الهموم في جميع الأحوال، فإنهما خصلتان محمودتان يعينان على نوائب الدهر، قال له السلحف: إياك والجزع، وما زالا يتحدثان مع بعضهما إلى أن قال طير الماء للسلحف: أنا لم أزل أخشى نوائب الزمان، فلما سمع السلحف مقالة طير الماء، أقبل عليه وقبَّله بين عينيه، وقال له: لم تزل جماعة الطير تعرف في مشورتك الخير، فكيف تحمل الهم والضَّير؟ ولم يزل يُسكِّن روع طير الماء حتى اطمأن، ثم إن طير الماء طار إلى مكان الجيفة، فلما وصل إليه لم يرَ من سباع الطير شيئًا، فلما وصل إلى السلحف أخبره بما رأى، وقال له: إني أحِبُّ الرجوع إلى مكاني، فذهب معه إلى ذلك المكان فلم يجد أشياء مما يخافان منه، فصار طير الماء قرير العين، وأنشد هذين البيتين :
ضَاقَتْ فَلَمَّا اسْتَمْكَنَتْ حَلَقَاتُهَا فرِجَتْ وَكُنْتُ أَظُنُّهَا لَا تُفْرَجُ
فبينما طير الماء في أمن وسرور، قيل إنه كان يقول في تسبيحه: سبحان ربنا فيما قدَّر ودبَّر،


Original text

زعموا أيها الملك أن طائرًا طار وعلا إلى الجو، ثم انقضَّ على صخرة في وسط الماء، وكان الماء جاريًا، فبينما الطائر واقف على الصخرة، وإذا برمة إنسان جرَّها الماء حتى أسندها إلى الصخرة، ووقفَتْ تلك الجيفة في جانب الصخرة، وارتفعت لانتفاخها؛ فدَنَا منها طير الماء وتأمَّلَها فرآها رمة ابن آدم، وظهر له فيها ضرب السيف وطعن الرماح، فقال في نفسه: إن هذا المقتول كان شريرًا، فاجتمع عليه جماعة وقتلوه، واستراحوا منه ومن شرِّه. ولم يزل طير الماء يكثر التعجُّب من تلك الرمة حتى رأى نسورًا وعقبانًا أحاطوا بتلك الجيفة من جميع جوانبها، فلما رأى ذلك طير الماء جزع جزعًا شديدًا وقال: لا صبر لي على الإقامة في هذا المكان. ثم طار منه يفتش على موضع يأويه إلى حين نفاد تلك الجيفة، وزوال سباع الطير عنها، ولم يزل طائرًا حتى وجد نهرًا في وسطه شجرة، فنزل عليها كئيبًا حزينًا على بُعده عن وطنه، وقال في نفسه: لم تزل الأحزان تتبعني، وكنت قد استرحت لما رأيت تلك الجيفة، وفرحتُ بها فرحًا شديدًا، وقلت: هذا رزق ساقه الله إليَّ. فصار فرحي غمًّا، وسروري حزنًا وهمًّا، وافترستها سباع الطير مني، وحالوا بينها وبيني، فكيف أرجو أن أكون سالمًا في هذه الدنيا وأطمئن إليها؟ وقد قيل في المثل: الدنيا دارُ مَن لا دارَ له يغترُّ بها مَن لا عقلَ له، ويطمئن إليها بماله وولده، وقومه وعشيرته، ولم يزل المغتر بها راكنًا إليها يختال فوق الأرض حتى يصير تحتها، ويحثو عليه الترابَ أعزُّ الناس عليه، وأقربهم إليه، وما للفتى خير من الصبر على مكارهها، وقد فارقت مكاني ووطني وكنت كارهًا لفرقة إخواني وأصحابي. فبينما هو في فكرته، وإذا بذكر من السلاحف أقبل منحدرًا في الماء، ودنا من طير الماء وسلَّم عليه، وقال: يا سيدي، ما الذي أبعدك عن موضعك؟ قال: حلول الأعداء فيه، ولا صبر للعاقل على مجاورة عدوه، وما أحسن قول بعض الشعراء :
إِذَا حَلَّ الثَّقِيلُ بِأَرْضِ قَوْمٍ فَمَا لِلسَّاكِنِينَ سِوَى الرَّحِيل
فقال له السلحف: إذا كان الأمر كما وصفته، والحال مثل ما ذكرتها، فأنا لا أزال بين يديك، ولا أفارقك لأقضي حاجتك، وأَفِي بخدمتك، فإنه يقال: لا وحشة أشد من وحشة الغريب المنقطع عن أهله ووطنه، وقد قيل: إن فرقة الصالحين لا يعدلها شيء من المصائب، ومما يسلِّي به العاقل نفسه الاستئناس في الغربة، والصبر على الرزية والكربة، وأرجو أن تحمد صحبتي لك، وأكون لك خادمًا ومُعينًا. فلما سمع طير الماء مقالة السلحف قال له: لقد صدقتَ في قولك، ولعمري إني وجدت للفراق ألمًا وغمًّا مدة بعدي عن مكاني، وفراقي لإخواني وخلَّاني؛ لأن في الفراق عبرةً لمَن اعتبر، وفكرة لمَن تفكَّر، وإذا لم يجد الفتى مَن يسلِّيه من الأصحاب، ينقطع عنه الخير أبدًا، ويثبت له الشر سرمدًا، وليس للعاقل إلا التسلِّي بالإخوان عن الهموم في جميع الأحوال، وملازمة الصبر والتجلُّد، فإنهما خصلتان محمودتان يعينان على نوائب الدهر، ويدفعان الفزع والجزع في كل أمر. قال له السلحف: إياك والجزع، فإنه يفسد عليك عيشك، ويُذهِب مروءتك. وما زالا يتحدثان مع بعضهما إلى أن قال طير الماء للسلحف: أنا لم أزل أخشى نوائب الزمان، وطوارق الحدثان. فلما سمع السلحف مقالة طير الماء، أقبل عليه وقبَّله بين عينيه، وقال له: لم تزل جماعة الطير تعرف في مشورتك الخير، فكيف تحمل الهم والضَّير؟ ولم يزل يُسكِّن روع طير الماء حتى اطمأن، ثم إن طير الماء طار إلى مكان الجيفة، فلما وصل إليه لم يرَ من سباع الطير شيئًا، ولا من تلك الجيفة إلا عظامًا، فرجع يخبر السلحف بزوال العدو من مكانه، فلما وصل إلى السلحف أخبره بما رأى، وقال له: إني أحِبُّ الرجوع إلى مكاني، وأتملى بخلَّاني؛ لأنه لا صبرَ للعاقل عن وطنه. فذهب معه إلى ذلك المكان فلم يجد أشياء مما يخافان منه، فصار طير الماء قرير العين، وأنشد هذين البيتين :
وَلَرُبَّ نَازِلَةٍ يِضِيقُ لَهَا الْفَتَى ذَرْعًا وَعِنْدَ اللهِ مِنْهَا الْمَخْرَجُ
ضَاقَتْ فَلَمَّا اسْتَمْكَنَتْ حَلَقَاتُهَا فرِجَتْ وَكُنْتُ أَظُنُّهَا لَا تُفْرَجُ
ثم سكنا في تلك الجزيرة، فبينما طير الماء في أمن وسرور، وفرح وحبور؛ إذ ساق القضاء إليه بازًا جائعًا، فضربه بمخلبه ضربة فقتله، ولم يُغنِ عنه الحذر عند فراغ الأجل، وسبب قتله غفلته عن التسبيح، قيل إنه كان يقول في تسبيحه: سبحان ربنا فيما قدَّر ودبَّر، سبحان ربنا فيما أغنى وأفقر.
هذا ما كان من حديث الطير. فقال الملك: يا شهرزاد، لقد زدتِني بحكايتك مواعظَ واعتبارًا، فهل عندك شيء من حكايات الوحوش؟


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

Audi of America...

Audi of America recently announced the estimated range specifications and delivery timings for the a...

تعد جودة الخدما...

تعد جودة الخدمات العامة هي المحدد الأقوى لمستوى الرضا الإلكتروني مقارنة بالمحددات الأخرى إمكانية الو...

TThe method is ...

TThe method is carried out to mix dry powder materials or combine solutions to mix easily or solve a...

I feel like I d...

I feel like I don’t matter anymore. I mattered before. Once I was loved. I had joy. There was purpos...

يظهر البحث الحا...

يظهر البحث الحالي أن مستخدمي الإنترنت في الأردن يتزايد على المستوى المعلوماتي للحكومة الإلكترونية. و...

جرائم معالجنحي ...

جرائم معالجنحي التلبسي عدد ،73831/85 على أساس الفصل 521 من ق.ج المتعلق بالاختلاس العمدي لقوى كهربائ...

يكمن هدف التدري...

يكمن هدف التدريس في تحقيق النموّ في الجانب المعرفيّ، والجانب النفسيّ، والحركي، والوجدانيّ للفرد، وتم...

نشاط : مشاركة ا...

نشاط : مشاركة المرأة في الاحزاب السياسية. اختر أحد الأحزاب السياسية التي ترغب في الانضمام إليها أو ...

in their state ...

in their state of language acquisition. If they use the plural marker and answer “wugs”, which is pr...

ثانياً: الدولة ...

ثانياً: الدولة والمجتمع المدني: علاقات التكامل: لاشك أن فهم العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني على أ...

Caitlin Clark G...

Caitlin Clark Gets New Nickname From Stephen A. Smith Amid WNBA Hype.Numbers don't lie, which is why...

- دعت باكستان ط...

- دعت باكستان طاجيكستان لاستخدام ميناء كراتشي لتجارة الترانزيت حيث اتفق البلدان على تعزيز التعاون، و...