Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

ولا قوالب ثابتة يخاطب به الجميع؛ لأن "الإنسان لا يستخدم اللغة فحسب للتعبير عن شيء، فتكون لغة الاستعمال المشحونة بالانفعال في نزاع مستمر مع اللغة المنطقية، لأن "اللغة مرآة ينعكس فيها ما يسير عليه الناطقون بها في شؤونهم الاجتماعية العامة، كل ذلك وما إليه يصبغ اللغة بصبغة خاصة في جميع مظاهرها: في الأصوات، إذ تُعدُّ اللغة - في المخبر اللساني - نظاما له عناصره الأساس المكونة له بصورة علمية؛ وهو ما يعرف عند دي سوسير (De. Saussure) بالمدلول، فهو يرى أن النظام اللغوي متصور أساسا بصفته نظاما من العلامات، والعلامة اللغوية محددة فيه؛ لكونها وحدة طبيعية ذات وجهين لا ينفصلان، هو الصورة المفهومية المتصورة. يحمل كل دال في النظرية اللغوية بعدا دلاليا معينا يسعى المتكلم (الباث) إلى نقله - نطقا أو كتابة - إلى المستمع (المتلقي)، ويُدْعَمُ هذا النقل بالأداء اللغوي وغير اللغوي؛ وما يدور في الذهن من دلالة. ونظامها، فشرط "البلاغة والفصاحة حسن الموقع من نفوس الجمهور" ؛ فالتحدث بأسلوب لا يتناسب والمستوى الثقافي أو الاجتماعي للمستقبل من أسباب فشل الرسالة؛ لأن كلام الإنسان مرهون بالجماعة التي يخاطبها، وعدم الدقة، لهذا يجب مراعاة جملة الظروف الحافة بالنص؛ لأن الخطاب يبسط ظلاله الدلالية على النسق اللغوي الذي يتشكل وفق الذات المتلقية، جوهر الكلام حالة نفسية، أو هو ظل لهذا الكلام النفسي، لهذا كانت العرب في حديثها تتخير في كلامها الألفاظ، وتأتي بتعبير دون آخر؛ مراعاة لأحوال المخاطب النفسية، أو اختلاف الترتيب، فهو يأتي نتيجة لترتيب معانيها في العقل، فلا تُنْظَمُ الألفاظ في جملة من حيث هي ألفاظ وبمعزل عن دلالاتها، فعملية الحديث يتنازعها قطبان مهمان، هما: - المعنى الْمُرَاد التحدث عنه. - اللفظ الْمُعَبِّر عن هذا المعنى. إن واضع اللُّغة كان مدركا أن النظم عملية فكرية، وإن كل حدث كلامي - على قول فندريس (Vendryes) - يحمل أثرا انفعاليا، فالحدث الكلامي تعبير خاص ينتج انفعالا معينا، لذا كان واضع اللُّغة يرى أن عملية الحديث يتنازعها قطبان مهمان، أولا: ترتيب المعاني في النفس. إن العبرة في قدرة المتكلم في إيصال معناه، باختيار الألفاظ التي تحمل هذه المعاني، فينتقي المتكلم اللفظة الموصلة مراده، لزم ذلك انتقاء لفظة مناسبة، فما ننطقه هو تصوير ما في النفس من معنى، مراعاة للجوانب النفسية، كانت - أيضا - تُغَيِّرُ ترتيب الكلمات؛ أو نفس المخاطب، فربطوا الكلام بمقام استعماله، ومراعاة مقتضى حاله " كأنَّهم يقدمون الذي بيانُه أهمُّ لهم، يقول ابن خلدون (ت 808 هـ): "إن كلامهم واسع، ألا ترى أن قولهم: (زيد جاءني) مغاير لقولهم: (جاءني زيد) من قبل أن المتقدم منها هو الأهم عند المتكلم، أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل الشخص المسند إليه، و(إن زيدا قائم)، متغايرة كلها في الدلالة، إن الواقف على النص القرآني يدرك أنه معجزة بيانية تحدى به الله العرب، فكانت المعجزة من جنس ما اشتهروا به، ودقة تركيب عباراته - وإن حسبها مكررة - بتقديم عنصر في موضع، أو في موضع الفقر الـمـُدْقِع، والعجز الظاهر، وكذلك ذكر المطر؛ لأنك لا تجد القرآن يلفظ به إلا في موضع الانتقام، والعامة - وأكثر الخاصة - لا يفصلون بين ذكر المطر، وذكر الغيث" . في خطوة يزيد من قيمتها أن لفظا مفردا هو الذي يرسم الصورة، وتارة بالجرس والظل جميعا" . أدركت العرب حين سمعت هذا النص الخالد المعجز أنه يعلو ولا يعلى عليه، فخروا لفصاحة ألفاظه معظمين، وببلاغة نظمه معترفين، حيث جاءت ألفاظ القرآن الكريم "مبنية على وفرة الإفادة وتعدد الدلالة، ولها دلالتها البلاغية التي يشاركها في مجملها كلام البلغاء، ولا يصل شيء من كلامهم إلى مبلغ بلاغتها" ، فهو ينقل المعاني والحالات النفسية في صورة شاخصة، يجد صدى له في نفس المتلقي، طالما أن الوظيفة التبليغية للخطاب لا تقف عند حدود الدلالة المعنوية للفظة والعبارة، بل تتجاوزها إلى عنصري الإيقاع والظلال في لغة الخطاب لذا يصدر كلُّ متكلم في كلامه عن علم خاص به، ويختلف استقبال الكلمة من شخص إلى آخر؛ ويتجلى هذا البعد النفسي واضحا في دلالة الكلمة المركزية أو المضمون المنطقي، ودلالتها الهامشية أو المضمون النفسي، "لكل كلمة من الكلمات مضون منطقي، ومضمون أو ارتباط نفسي، فالمضمون المنطقي هو المعنى الذي ينص عليه القاموس في الأغلب، يكون الاشتراك في فهمه واحدا أو شديد التقارب، ولكن المضمون أو الارتباط النفسي يختلف من متكلم لمتكلم اختلافا كبيرا، ولا يمنع هذا من اشتراك جمهور المتكلمين باللغة في طائفة كبيرة من إيحاءاته ومما يرتبط به من ظلال المعاني" . وتقوم عليه؛ أدبية، فلسفية فهذا شأن مسائل المعنى، لأن طبيعة المعنى وتحصيله يتداخل فيه كل ذلك، لقد أدرك أبو عثمان الجاحظ (ت 255 هـ) أن اللغة ظاهرة اجتماعية، وأنها شديدة الارتباط بثقافة الشعب الذي يتكلمها؛ لذا يتباين التعبير بتباين المقام. إن فكرة المقام هذه هي الأساس الذي ينبني عليه شق اللغة الاجتماعي، وهو الوجه الذي تتمثل فيه الأحداث والظروف والعلاقات التي تسود ساعة أداء المقال، فكان من رأي الجاحظ - والبلاغيين بعده - أن لكل مقام مقالا، وأن معنى الكلمة هو استعمالها في اللغة، والكلام فردي . أدبية، فلسفية فهذا شأن مسائل المعنى، فلا يمكن أن تحصر دراسة المعنى في مستوى واحد، ويرى رومان جاكبسون (R. Jakobson) أنه "من الصعب على اللغوي في العصر الحديث أن يقتصر على موضوع دراسته التقليدي دون الاهتمام بالمجالات المشتركة بين اللغة وغيرها من العلوم الإنسانية، وحتى العلمية كالفيزياء، والفيزيولوجيا" ؛
والهيئة، والنجامة، إذ "لم يلجأ أحد من العلماء إلى القرآن الكريم في مسألة إلا وجد لها فيه أصلا " . قال السيوطي (ت 911 هـ): "وأنا أقول: قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها" . إن الذي يهمنا هنا أساليب تربية القرآن الكريم،


Original text

ليست اللغة الإِنسانية بناء منطقيا جامدا، ولا قوالب ثابتة يخاطب به الجميع؛ لأن "الإنسان لا يستخدم اللغة فحسب للتعبير عن شيء، بل للتعبير عن نفسه أيضا" ؛ فتكون لغة الاستعمال المشحونة بالانفعال في نزاع مستمر مع اللغة المنطقية، وما يتعلق بالقوة الحرفية المنجزة من استلزام حوراي؛ لأن "اللغة مرآة ينعكس فيها ما يسير عليه الناطقون بها في شؤونهم الاجتماعية العامة، فعقائد الأمة وتقاليدها، وما تخضع له من مبادئ في نواحي السياسة، والتشريع، والقضاء، والأخلاق، والتربية، وحياة الأسرة، . . .، كل ذلك وما إليه يصبغ اللغة بصبغة خاصة في جميع مظاهرها: في الأصوات، والمفردات، والدلالة، والقواعد، والأساليب" ، إذ تُعدُّ اللغة - في المخبر اللساني - نظاما له عناصره الأساس المكونة له بصورة علمية؛ إذ لا بد لكل عنصر لغوي أو الصورة السمعية أو الكتابية (الدال)، من بُعْدٍ يمثله، وهو التصور الفكري الذي يحمله هذا الدال، وهو ما يعرف عند دي سوسير (De. Saussure) بالمدلول، حيث أطلق سوسير (Saussure) على تصور الفكري للعلامة أو الإشارة اسم المدلول، وأطلق على صورتها السمعية أو الكتابية اسم الدال، فهو يرى أن النظام اللغوي متصور أساسا بصفته نظاما من العلامات، والعلامة اللغوية محددة فيه؛ لكونها وحدة طبيعية ذات وجهين لا ينفصلان، هما:
- الدال أو اللفظ، هو الصورة الصوتية.
- المدلول أو المعنى، هو الصورة المفهومية المتصورة.
يحمل كل دال في النظرية اللغوية بعدا دلاليا معينا يسعى المتكلم (الباث) إلى نقله - نطقا أو كتابة - إلى المستمع (المتلقي)، ويُدْعَمُ هذا النقل بالأداء اللغوي وغير اللغوي؛ لأنه يهدف إلى بيان مراد النشاط الإنساني، وما يدور في الذهن من دلالة.
يقول هايمز (Hymse): "لكي تتواصل مع الآخرين لا يكفيك أن تعرف اللغة، ونظامها، بل أن تعرف -أيضا- كيف تستعملها في سياقها الاجتماعي" ، فشرط "البلاغة والفصاحة حسن الموقع من نفوس الجمهور" ؛ فالتحدث بأسلوب لا يتناسب والمستوى الثقافي أو الاجتماعي للمستقبل من أسباب فشل الرسالة؛ لأن كلام الإنسان مرهون بالجماعة التي يخاطبها، لذلك كان مرغما على أن يختار مما اصطلحت عليه تلك الجماعة، وإلَّا فإن رسالته ستتسم بالغموض، وعدم الدقة، لهذا يجب مراعاة جملة الظروف الحافة بالنص؛ لأن الخطاب يبسط ظلاله الدلالية على النسق اللغوي الذي يتشكل وفق الذات المتلقية، فالتركيب الخطابي- المشدود إلى حيثيات التخاطب أو سياق المقام - يبلور وحداته اللفظية المشكلة النسق التركيبي بناء على مقام المتلقي، أو المتلقين الذهني، والنفسي، والاجتماعي.

جوهر الكلام حالة نفسية، وتعبير وجداني، فما ننطقه هو تصوير ما في النفس من معنى، وانعكاس للحالة الشعورية التي نعيشها، أو هو ظل لهذا الكلام النفسي، وامتداد تأثيره في المتلقي، لهذا كانت العرب في حديثها تتخير في كلامها الألفاظ، وتأتي بتعبير دون آخر؛ مراعاة لأحوال المخاطب النفسية، فقد كانوا مدركين لما للكلمة من أثر، وأن اختلاف المعنى المراد التعبير عنه، يوجب تباين اللفظ، أو اختلاف الترتيب، ويقرر عبد القاهر الجرجاني (ت 471 هـ) "أن نظم الألفاظ لصياغة جملة لا يأتي عشوائيا، فهو يأتي نتيجة لترتيب معانيها في العقل، وتناسقها فيه" ، فلا تُنْظَمُ الألفاظ في جملة من حيث هي ألفاظ وبمعزل عن دلالاتها، وإنما تُنْظَمُ بمراعاة تلك الدلالات؛ أي: أن النظم يكون بين المعاني لا بين المباني، فعملية الحديث يتنازعها قطبان مهمان، هما:
- المعنى الْمُرَاد التحدث عنه.
- اللفظ الْمُعَبِّر عن هذا المعنى.
إن واضع اللُّغة كان مدركا أن النظم عملية فكرية، وإن كل حدث كلامي - على قول فندريس (Vendryes) - يحمل أثرا انفعاليا، فالحدث الكلامي تعبير خاص ينتج انفعالا معينا، فلا يعطي شخص ما المعلومة ذاتها بطريقة واحدة إطلاقا، لذا كان واضع اللُّغة يرى أن عملية الحديث يتنازعها قطبان مهمان، هما:

أولا: ترتيب المعاني في النفس.
ثانيا: ترتيب الألفاظ في النطق.
إن العبرة في قدرة المتكلم في إيصال معناه، باختيار الألفاظ التي تحمل هذه المعاني، فينتقي المتكلم اللفظة الموصلة مراده، والموضحة مبتغاه، فإذا اختلف المعنى المراد التعبير عنه؛ لزم ذلك انتقاء لفظة مناسبة، أو مخالفة في ترتيب الألفاظ في التركيب، فجوهر الكلام حالة نفسية، وتعبير وجداني، فما ننطقه هو تصوير ما في النفس من معنى، وانعكاس لحالتها الشعورية التي نعيشها، أو هو ظل لهذا الكلام النفسي، وامتداد تأثيره في المتلقي.
إن من يطالع منهج العرب في كلامها يلحظ أن العرب كانت تختار الألفاظ، وتنتقي الكلمات، وتعتنى بالتراكيب، مراعاة للجوانب النفسية، كانت - أيضا - تُغَيِّرُ ترتيب الكلمات؛ لتأتي موافقة ما في نفوسهم، أو نفس المخاطب، فربطوا الكلام بمقام استعماله، ومراعاة مقتضى حاله " كأنَّهم يقدمون الذي بيانُه أهمُّ لهم، وهم بشأنهِ أعْنَى وإِن كانا جميعاً يُهمَّانِهم ويَعْنيانهم" ، يقول ابن خلدون (ت 808 هـ): "إن كلامهم واسع، ولكل مقام عندهم مقال يختص به بعد كمال الإعراب والإبانة، ألا ترى أن قولهم: (زيد جاءني) مغاير لقولهم: (جاءني زيد) من قبل أن المتقدم منها هو الأهم عند المتكلم، فمن قال: (جاءني زيد)، أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل الشخص المسند إليه، ومن قال: (زيد جاءني) أفاد أن اهتمامه بالشخص قبل المجيء المسند، وكذا التعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام، من موصول أو مبهم أو معرفة، وكذا تأكيد الإسناد على الجملة، كقولهم:(زيد قائم)، و(إن زيدا قائم)، و(إن زيدا لقائم)، متغايرة كلها في الدلالة، وإن استوت عن طريق الإعراب" .
إن الواقف على النص القرآني يدرك أنه معجزة بيانية تحدى به الله العرب، الذين نبغوا في البيان، فكانت المعجزة من جنس ما اشتهروا به، إمعانا في الحجة والتحدي، فجاء بليغا من حيث ألفاظه المختارة المنتقاة، ومن حيث نظمه ورصفه، ودقة تركيب عباراته - وإن حسبها مكررة - بتقديم عنصر في موضع، وتأخيرها في موضع آخر، وإقامة لفظة في سياق، وحذفها في آخر، يقول أبو عثمان الجاحظ (ت 255 هـ): "وقد يستخف الناس ألفاظا، ويستعملونها، وغيرها أحق بذلك منها، ألا ترى أن الله - تبارك وتعالى - لم يذكر في القرآن الجوعَ إلا في موضع العقاب، أو في موضع الفقر الـمـُدْقِع، والعجز الظاهر، والناس لا يذكرون ( السغب ) ويذكرون ( الجوع ) في حال القدرة والسلامة، وكذلك ذكر المطر؛ لأنك لا تجد القرآن يلفظ به إلا في موضع الانتقام، والعامة - وأكثر الخاصة - لا يفصلون بين ذكر المطر، وذكر الغيث" .
إن المفردات القرآنية وتراكيبه توحي بجمالية التصوير، فتجعل المشهد المتخيل أمامك حقيقة، فهي "ترسم صورة شاخصة لا بمجرد المساعدة على إكمال معالم صورة، في خطوة يزيد من قيمتها أن لفظا مفردا هو الذي يرسم الصورة، تارة بجرسه الذي يلقيه في الأذن، وتارة بظله الذي يلقيه في الخيال، وتارة بالجرس والظل جميعا" .
أدركت العرب حين سمعت هذا النص الخالد المعجز أنه يعلو ولا يعلى عليه، فخروا لفصاحة ألفاظه معظمين، وببلاغة نظمه معترفين، حيث جاءت ألفاظ القرآن الكريم "مبنية على وفرة الإفادة وتعدد الدلالة، فجمل القرآن لها دلالتها الوضعية التركيبية التي يشاركها فيها الكلام العربي كله، ولها دلالتها البلاغية التي يشاركها في مجملها كلام البلغاء، ولا يصل شيء من كلامهم إلى مبلغ بلاغتها" ، فهو ينقل المعاني والحالات النفسية في صورة شاخصة، يجد صدى له في نفس المتلقي، فيتجسد أثر الكلام، طالما أن الوظيفة التبليغية للخطاب لا تقف عند حدود الدلالة المعنوية للفظة والعبارة، بل تتجاوزها إلى عنصري الإيقاع والظلال في لغة الخطاب لذا يصدر كلُّ متكلم في كلامه عن علم خاص به، ويختلف استقبال الكلمة من شخص إلى آخر؛ فلكل تجاربه وحياته، ويتجلى هذا البعد النفسي واضحا في دلالة الكلمة المركزية أو المضمون المنطقي، ودلالتها الهامشية أو المضمون النفسي، "لكل كلمة من الكلمات مضون منطقي، ومضمون أو ارتباط نفسي، فالمضمون المنطقي هو المعنى الذي ينص عليه القاموس في الأغلب، يكون الاشتراك في فهمه واحدا أو شديد التقارب، ولكن المضمون أو الارتباط النفسي يختلف من متكلم لمتكلم اختلافا كبيرا، ولا يمنع هذا من اشتراك جمهور المتكلمين باللغة في طائفة كبيرة من إيحاءاته ومما يرتبط به من ظلال المعاني" .
تؤكد هذه الأقوال أن "المعنى هو الوظيفة في السياق" ، وأن اللغة في التواصل ليس لها - أساسا - وظيفة وصفيّة بل لها وظيفة عملية. فحين نستعمل اللغة فإننا لا نصف العالم، بل نحقّق أعمالا هي الأعمال اللغوية التي تدور حول المعنى، وتقوم عليه؛ لذا كانت ملتقى الدراسات المختلفة لغوية، أدبية، قانونية، فلسفية فهذا شأن مسائل المعنى، لأن طبيعة المعنى وتحصيله يتداخل فيه كل ذلك، لقد أدرك أبو عثمان الجاحظ (ت 255 هـ) أن اللغة ظاهرة اجتماعية، وأنها شديدة الارتباط بثقافة الشعب الذي يتكلمها؛ لذا يتباين التعبير بتباين المقام.
إن فكرة المقام هذه هي الأساس الذي ينبني عليه شق اللغة الاجتماعي، وهو الوجه الذي تتمثل فيه الأحداث والظروف والعلاقات التي تسود ساعة أداء المقال، فكان من رأي الجاحظ - والبلاغيين بعده - أن لكل مقام مقالا، لأن صورة المقال تختلف في نظر البلاغيين بحسب المقام ، وأن معنى الكلمة هو استعمالها في اللغة، وأن المعنى لا ينكشف إلا من خلال وضع الكلمة في سياقات مختلفة، وهذا يتوافق مع ما ذهب إليه ستيفن أولمان (Uilmann Stephen) أن اللغة اجتماعية، والكلام فردي .
إن البحث في المعنى مثار التقاء الدراسات المختلفة: لغوية، أدبية، قانونية، فلسفية فهذا شأن مسائل المعنى، لأن طبيعة المعنى وتحصيله يتداخل فيه كل ذلك، فلا يمكن أن تحصر دراسة المعنى في مستوى واحد، أو علم دون غيره، يقول غريماس (Greimas): "العلوم الإنسانية يمكن أن تجد قاسمها المشترك في البحث المنصب على الدلالة" ، ويرى رومان جاكبسون (R. Jakobson) أنه "من الصعب على اللغوي في العصر الحديث أن يقتصر على موضوع دراسته التقليدي دون الاهتمام بالمجالات المشتركة بين اللغة وغيرها من العلوم الإنسانية، وحتى العلمية كالفيزياء، والفيزيولوجيا" ؛ لأن المواقف النفسية التي يمر بها كل من المتكلم والسامع لها أثرها البالغ في التعبير والاستيعاب ، فعند التبادل اللغوي، نبلِّغ من المعاني أكثر مما تدل عليه الكلمات، فيعمد المتكلم إلى تنويع أساليبه التواصلية تنويعا بحسب حالة المخاطبين وطبيعة النفس البشرية المترددة بين إقبال وإدبار، ونشاط وفتور.

إن القرآن العظيم كتاب معجز، حوت آياته ضروب المعرفة، والقواعد الأخلاقية، والأصول التربوية، والتشريعية التي يمكن استنباطها منها، ذكر أبو عبد الله المرسي (ت 655 هـ) أن " هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه، وقد احتوى على علوم أخر من علوم الأوائل، مثل الطب، والجدل، والهيئة، والهندسة، والجبر والمقابلة، والنجامة، وغير ذلك" ، وهذا ما أكدته التجارب والوقائع العملية؛ إذ "لم يلجأ أحد من العلماء إلى القرآن الكريم في مسألة إلا وجد لها فيه أصلا " .
ذهب بعض العلماء كالمرسي (ت 655 هـ) إلى أن المراد بقوله تعالى: (لِكُلِّ شَيْءٍ) وَ(مِنْ شَيْءٍ) العموم من غير تخصيص، قال السيوطي (ت 911 هـ): "وأنا أقول: قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها" .
إن الذي يهمنا هنا أساليب تربية القرآن الكريم، والطرائق تعامله مع نفوس المخاطبين، ومن يتأمل آيات القرآن يلحظ أنه لم يسلك مسلكا وحيدا في مخاطبة النفوس، ومعالجة قضاياها، ولعل المزاوجة بين المتضادين أي الجمع بين الشيء وضده في سياق واحد من أكثر الأساليب التي اعتمدها القرآن الكريم، ومن صوره الجمع بين الترغيب والترهيب الذي يعد من أهم الأساليب التي تعامل بها القرآن الكريم مع النفس البشرية.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

A Difficult Dec...

A Difficult Decision I am against factories that pollute the environment. But there is a question a...

While Colombia’...

While Colombia’s vision is firmly set on the future, with sustainable practices, and water and rainf...

تطبيق شعار الإص...

تطبيق شعار الإصلاح (الحياة الاقتصادية ) كان شعار الدعوة إلى الإصلاح أحد الشعارات التي رفعتها الدعو...

3. التعريف الدخ...

3. التعريف الدخل وفق التشريع الجبائي الجزائري: يتحدد الدخل وفق التشريع الجبائي الجزائري بالنظر لرؤوس...

اختيار **أفضل ط...

اختيار **أفضل طريقة لعزل الإنزيم** يعتمد على عدة عوامل، مثل: - **نقاء الإنزيم المطلوب**. - **خصائص ا...

Singing and mus...

Singing and music play an important role in our culture. You'll find music present in many aspects o...

المدة القانونية...

المدة القانونية للعمل في الوظيفة العمومية في الجزائر هي مجموع ساعات العمل التي يحددها القانون والتي ...

Friendship To h...

Friendship To have a true, faithful friend is to seize the whole world. Friends are worthy of respec...

تطور انتاج النف...

تطور انتاج النفط في العالم بين 1980 و 2022 ليمر من 3215 مليون طن الى 4407 مليون طن حسب المناطق يتفاو...

‏*Last week*, I...

‏*Last week*, I *visited* my *family*. ‏We *went* to the park and *saw* many beautiful flowers. ...

مبررات استخدام ...

مبررات استخدام التدريس المصغر في برامج أعداد المعلم أكدت تقارير من نظامة الممتحدة للتربية والثقافة و...

2 أنواع الأقمار...

2 أنواع الأقمار الصناعية يمكن تصنيف أنواع الأقمار الصناعية حسب الوظيفة والهدف من إطلاقها إلى: • أقما...