Lakhasly

يذكر التوراة أنه في طرف على جبل موريا في مدينـة القـدس، كانـت مدينة صهيون (والكلمة كنعانية وتعني الأعالي) التي عرفـت باسـم مدينـة داوود، وفيهــا نــشأت أورشــليم ضــمن مــساحة صــغيرة بنــى عليهــا الملــك سليمان سنة ١٠١٣ق. م هيكلاً. تم ذلك بمساعدة ملك صور أحيرام، ولقـد أطنــب التــوراة بوصــف هــذا الهيكــل الأول الــذي هــدم ســنة ٥٨٨ ق. م مــن نبوخــذ نــصر، ويــذكر أن هــذا الهيكــل أعيــد بنــاؤه بــشكل متواضع سنة ٥١٦ق.م. وفي عصر هيـرودوس الـذي نـصبه الرومـان ملكـا، أعاد بناء الهيكل، وقد بالغ العالم دوفوغيه بوصـف تفاصـيل هـذا الهيكـل اسـتنادا إلـى التـوراة وإلـى الوصـف الـذي أورده المـؤرخ يوسـيفوس، ولقـد هـدم الرومـان هـذا الهيكـل بـأمر تيتـوس سـنة ٧٠م فـأين هـي آثـار هـذه الهياكل ؟ إن هذه الأعمدة والتيجان والسواكف والواجهات الحجرية الضخمة التي وصفت، لم يعثر على أي منها رغم التنقيب الكثيف، مع أن الأحداث التي تلت لا تبرر أبداً فقدان أي أثر للهيكل القديم الذي يعود إلى سليمان أو الهيكل الذي يعود إلى عهد هيـرودوس. لقـد يـئس المنقبـون مـن العثـور على آثار الهيكلين، وتسألوا ما إذا كانا قد بنيا من الطين والآجر، أو لعله لم يكن من هيكل بل مجرد مذبح، أو أن أحجارهما قد أعيد استعمالها في ابنية محدثة اسـتمر هـاجس البحـث عـن الهيكـل يـشغل وزارة الأديـان ومـصلحة الآثار في إسرائيل، لتأكيد وجودهم تاريخيـاً في القـدس، وكثيـراً مـا حـاول الإسرائيليون التنقيب تحـت الحـرم الـشريف ممـا يـؤثر علـى بنـاء المـسجد الأقصى وقبة الصخرة والأبنية الإسلامية الأخرى في الحرم الشريف . ولم تستطع أعمال التنديد وقرارات الشجب والمنع التي وجهتها منظمة الأمـم المتحدة، أن توقف أعمال البحث عن الهيكل في منطقة الحرم. إن العثور على آثار تعود إلى عصر الحديد ولا تنتـسب إلـى التـاريخ التوراتي، أصبح يفزع إسرائيل، ويدفعها إلـى التعتـيم علـى نتـائج التنقيـب الفاشلة. فالفشل في العثور عل أثر الهيكل، يعني نفـي مدينـة داوود وأنهـا ،لـم تكـن حقيقـة أو ن عـدم اكتـشاف هيكـل هيـرودوس يعنـي أن اليهـود لـم يتمتعــوا بعهـــده بــاعتراف الـــسلطة الرومانيــة، بـــل إن التــوراة يـــذكر أن هيـرودوس كــان أكثــر الحكــام بطــشا بــاليهود، وهــذا يتنــاقض مــع القــول بتشييد هيكل لهم لا نظير له، لم يعثر على أي أثر لهذا الهيكل .
ولكـن اليهـود في القـدس ( أورسـلام) اعتقـدوا أن الجـدار الـداعم للحـرم الشريف مـن جهـة المـسجد الأقـصى،هو مـن أحجـار الهيكـل وحتـى بدايـة القـرن العشرين. وعندما عـرض الخـلاف علـى عـصبة الأمـم المتحـدة شـكلت في العـام ١٩٣٠لجنة دولية علمية لدراسة هوية الجدار، وأطلق على هذه اللجنة اسم لجنة البـراق وأثبتـت أن تلـك الأحجـار التـي تـشكل الجـدار تعـود إلـى الأوقـاف ،الإسلامية وهي جزء من الحرم الشريف، ولا علاقة لهـا بالهيكـل. ولكـن اليهـود استمروا على زعمهم وجعلوا من هذا الجدار جداراً للبكاء على ماضي الهيكـل . ١٩٧٦وبعد العام تضاعفت مساحة هذا الحائط من ٣٠ متراً إلى ١٠٠، متر على حساب حي المغاربة هناك، حيث أزيلت معالم مئتي عقار إسلامي.
المثير للانتبـاه، أن التـوراة لـم يتحـدث عـن معبـد إلـه اليهـود (يهـوه ) إلا ،باكتراث قليل بل ذكر أن سليمان لم يكن قلبه مع الـرب كمـا كـان أبـوه داوود، وأنــه بنــى علــى الجبــل تجــاه أور ســلام، معبــدا لإلــه المــؤابيين وآخــر لإلــه العمونيين، واستمرت هـذا المعابـد أكثـر مـن ٣٥٠عامـاً . ممـا يدعو إلى الاعتقاد أن الهيكل لم ينشأ للعقيدة اليهوديـة، إذ إن سـليمان أنكـر عبادة يهوه وعاد لعبادة الإله العليّ، والهيكل لم يكن لعبـادة يهـوه. ثم إن بنـاءه وحسب أوصاف التوراة، يشابه الأبنيـة والمعابـد البـسيطة الـسورية في غوزانـا تـل حلـف وحماتـا (في حمـاة ) وأوغاريـت (في اللاذقيـة ) وشـمأل زنجرلـي والـساحل الفينيقـي. وأبـان التـوراة أن أحيـرام ملـك صـور أمـر ببنـاء الهيكـل وأرسل لذلك عماله، وأطلق عليه اسم هيكال وهي كلمة فينيقية، وكان لصور سلطان ونفوذ على سليمان .