Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

أولًا : عقد بيع المزايدة لغة :
إنّ المزايدة لغة تعد مصدرًا فعله الأصلي (زايد)، وهي على وزن (مفاعله) من زايد غيره، وذلك يقتضي التشارك في أصل الفعل بين اثنين فأكثر. والدال؛ يزيد فهو زائد . ويقال زايده –أي نافسه في الزيادة، أي البيع الذي يتم بطريق الدعوة إلى شراء الشئ المعروض، وثمن المزاد؛ وتزايد السعر وتزيد. وتزايدوا في ثمن السلعة حتى بلغ منتهاه، ويتضح لنا في المجمل؛ أنّ المزايدة عند اللغويين عبارة عن التنافس في زيادة ثمن السلعة المعروضة للبيع . أما عن معنى العقد في اللغة بفتح العين – أي الإحكام والشد؛ فيقال : عقد الحبل إذًا شده وربطه . إن العقد في الاصطلاح الشرعي يعني بشكل عام هو ارتباط الإيجاب بالقبول، وهي لا تخرج عن المعنى اللغوي للمصطلح فضلًا عن إضافة بعض القيود والشروط؛ أنّ المزايدة هي أن ينادي الرجل على سلعته بنفسه أو بنائبه، فلا بأس للغير أن يزيد . ويقول الإمام العيني أنها؛ وعدم رضاه بالثمن؛ أما عن الإمام الزيلعي؛ فيقول بأنها أن يظهر من البائع ما يدل على عدم الرضا بالبيع؛ فيأتي آخر فيزيد عليه . 2. المذهب المالكي :
عرفت من قبل عرفة المالكي بأنها؛ بيع لم يتوقف ثمن مبيعه المعلوم قدره، على اعتبار ثمنه في بيع قبله؛ أنّ الرجل يعرض سلعته في السوق، ويطلب زيادة من يزيد فيها . وبالتأمل في تعريفات المالكية في المجمل؛ عرف الشافعية وعلى رأسهم الإمام النووي؛ بيع المزايدة بأنه هو ما يطاف به فيمن يزيد، فلغيره الدخول عليه والزيادة فيه . 4. فقهاء الحنابلة:
حتى تصل إلى الثمن الذي يرضاه البائع . فقد تحدثوا عنه أثناء كلامهم عن حكم البيع على بيع الغير . قد جاء مستوفيًا وشاملًا لشروط وأركان ذلك النوع من البيوع، ويليه تعريفات فقهاء المالكية من حيث استيفاء المعنى والشروط والأركان ؛ والناس يزايدون على بعضهم البعض؛ فما لم يكف عن المناداة؛ وكذلك يستفاد من تعريف ابن جزي أن المزايدة قد تكون في غير البيع، يعرف بأنه اتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني محدد؛ سواء بإنشاء التزام أو تعديله أو إنهاؤه أو نقله . بأنها عبارة عن طريقة بمقتضاها تلتزم الإدارة أو الشخص باختيار أفضل من يتقدمون للتعاقد معها شروطًا سواء من الناحية المالية، عرفها البعض بأنها؛ طرح التعاقد في مزاد عام؛ ويكون المزاد علنيًا إذا كان مفتوحًا للجمهور، أو على الأقل لطائفة من الأشخاص دون أن يقتصر على أشخاص معنينين مقصودين بذواتهم مهما قلت أعدادهم . ويؤيد الباحث الرأي القائل بأنّ بيع المزايدة وعقده يمثل بيع التزام مشتريه ثمنه على قبول الزيادة، وله عدة مسميات كبيع الدلالة، وجاء في تعريف عقد بيع المزايدة؛ وإعلان السعر المقدم، وطلب الزيادة من الحاضرين . وقيل بأنه عقد البيع الذي بمقتضاه يتم بيع أموال معينة بإجراءات محددة بعد إعلان السعر المحدد، وبيع الحاكم أموال المفلس . المطلب الثاني
مشروعية البيع بالمزايدة
الفرع الأول : مشروعية بيع المزايدة في الفقه الإسلامي :
والشافعية، والمالكية، والحنابلة، إلى جواز بيع المزايدة دومًا في حال إذا خلا من الغش والتدليس والاحتيال والخداع بشكل عام. ومن السنة النبوية كذلك في قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي سنرد ذكره مفصلًا في المطلب التالي : ". فذلك الحديث فيه دلالة واضحة على جواز الزيادة عللى الثمن إذا لم يرض البائع بها عين الطالب . ويستدل كذلك على جواز هذا النوع من البيوع من الآثار عن الصحابة والتابعين؛ فمنها ما روي عن عطاء بن أبي رباح التابعي؛ وأيضًا مما جاء من الآثار عن الصحابة والتابعين، في الموطأ عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس –رضي الله عنهما- قال : ولا بأس بالسوم بالسلعة توقف للبيع؛ فيسوم بها غير واحد. قال : ولم يزل الأمر عندنا على هذا . وكذلك من الإجماع؛ حيث استدل جمهور الفقهاء على مشروعية البيع بالمزايدة بإجماع المسلمين على إباحة بيع المزايدة، فقد روى ابن حزم بسنده إلى هشام الخزاعي عن أبيه : شهدت عمر بن الخطاب باع إبلًا من إبل الصدقة فيمن يزيد . ومن وجهة نظر العمل بالمصلحة؛ فإن إباحة مثل هذا النوع من البيوع ينطوي على مصالح كثيرة، وكذلك فيه مصلحة للمشتري الذي يعتبر بالنسبة له المزاد العلني، وسيلة للتعرف على البضائع المعروضة في الأسواق، فربما يفتش عن شئ ولا يتمكن من إيجاده إلا من خلال المزادات العلنية، وهو مخير أن يشتري إن شاء، أو على الأقل أن يكون قد أخذ خبرة وخلفية عن محتوى ومجريات الأمور داخل المزاد، وذلك يعد تيسيرًا على طرفي البيع (البائع والمشتري)، والتيسير هو منهج إسلامي أصيل في الشريعة الإسلامية الغراء ، قال تعالى : "وما جعل عليكم في الدين من حرج "؛ ولذلك قال فقهاء الحنفية عن البيع المزايدة : إنّ الحاجة تدعو إليه . حيث أنه من البيوع التي تمّ النهي عنها بيوع المساومة؛ وفي الحقيقة عندما تتسنى لنا الفرصة للتحدث عن حقيقة عقد بيع المزايدة بين الشريعة والقانون؛ فإنه لا عقد بصفة عامة بدون تراضي، وهو ما يتم في الكثير من العقود بطريقة التفاوض؛ حيث يفاوض المشتري البائع على ثمن المشترى، وينتهي الأمر بإبرام العقد؛ وهو ما يطلق عليه في الفقه الإسلامي اسم (المساومة)؛ وقد أجازت الشريعة والقانون بيع المزايدة، فقال له : ما في بيتكَ شئ؟ قال : بلى، فأَتاه بهما، فأَعطاهما إِياه، فأَعطاهما الانصاري، فأَتاه به، فشد الرسول عودًا بيده، فجاء وقدْ أَصاب عشرةَ دراهم، فاشترى ببعضها ثَوبًا، وببعضها طعامًا؛ فقال له الرسول : هذا خير لكَ من أَن تجيء المسألة نكْتة في وجهكَ يوم القيامة. إِن المسأَلةَ لا تصلح إلا لثَلاثَة : لذي دم موجعٍ، أو لذي فقرٍ مدقع . أحدها أنه يجوز بيع المزايدة؛ فالإقرار بأنّ عقد المزايدة عقد معاوضة صحيح، يعتمد دعوة الراغبين نداءًا أو كتابة، ويصح أن تعلن عن عقد مزايدة في الصحف، ويصح أن تعلن عنها بالإذاعة، ويصح أن تعلن عنها بالنداء الشخصي، ويتم هذا عند رضا البائع - أي إذا استقر السعر ورضي به البائع لزم البيع. وبالطبع يوجد لدينا مزايدات اختيارية بين الأفراد، قد يكون المزاد اختياريًا، وقد يكون إجباريًا . قال الكاساني في تعليقه على هذا الحديثِ : وما كَان الرسول ليبيع بيعًا مكْروهًا . وأَنه بيع الفقراء، كَما قال المرغِيناني، ولان النهْي إنما ورد عن السوم حال البيع، وخلاصة القول وباستجماع آراء العلماء وأدلتهم ومناقشتها تبين أنّ الرأي الراجح هو ما قد ذهب إليه جمهور الفقهاء بأنّ بيع المزايدة جائز؛ لأن هذا النوع من البيع كان موجودًا أيام النبي (ص)، فلو كان غير جائزًا لنهى عنه، فهدم النهي يدل على الجواز؛ فيجوز بيع المزايدة في جميع أنواع البضائع، ولا يختص بميراث أو غنيمة . الفرع الثاني : مشروعية بيع المزايدة في القوانين المدنية المعاصرة :
- اعتبرت القوانين المدنية المعاصرة المزايدة طريقًا من طرق التعاقد المشروع، ونصت عليها في قوانينها. ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلًا وكل ذلك ما لم يتضح من قصد خلافه، أو ينص القانون على غيره. أو بإقفال المزايدة دون أن ترسو على أحد ذلك مع عدم الإخلال بأحكام القوانين الأخرى. وقد جاءت المادة 99 من القانون المدني المصري تنظم البيع بالمزايدة ؛ كالتالي : (لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزاد، ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلًا). وأيضًا ألا ضمان للعيب في البيوع القضائية ولا البيوع الإدارية إذا كانت بالمزاد ، وأنه إذ لم تمكن القسمة عينًا أو كان من شأنها إحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته، وتقتصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا هذا بالإجماع ، كما أنه لا يجوز الأخذ بالشفعة إذا حصل البيع بالمزاد العلني وفقًا لإجراءات رسمها القانون . أما عن التقنين المدني اليمني في المادة 103 فقد أيدت نفس فحوى قوانين المزايدة في دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية؛ إذا كان عطاؤه هو الأفضل ويسقط عطاء المتزايد بعطاء أفضل منه، ويكون للداعي إلى المزاد أن يقبل من بين العطاءات المقدمة ما يراه أصلح، وذلك ما لم يتضح غير ذلك من قصد المتعاقدين أو ينص القانون بخلاف ما سبق ذكره. فلقد أخذت جميع القوانين في الدول العربية بهذه الوسيلة في البيع . أن بيع المزايدة بيع جائز ومشروع، وبذلك تتوافق نصوص هذه التشريعات في هذه المسألة، مع ما هو ثابت في الفقه الإسلامي . المبحث الثاني
تكوين مقومات عقد البيع بالمزايدة
تمهيد وتقسيم :
إنّ لكل عقد من العقود أركان وشروط، حتى يترتب عليه آثاره التي قررها الشارع . هما :
المطلب الأول : مقومات عقد المزايدة في الشريعة والقانون
مقومات عقد المزايدة في الشريعة والقانون
سواءٌ أَكَان جزءًا من حقيقته أَم لم يكن، ويرى الحنفية أَن الركْن في عقد البيع وغيره : هو الصيغة فقط. لان ما عدا الصيغةَ ليس جزءًا من حقيقة البيع، وإِن كَان يتوقف عليه وجوده . إنّ الباحث يرى من خلال العديد من القراءات أن هذا؛ ولكل من الصيغة والعاقدين والمحل شروطٌ لا يتحقق الوجود الشرعي لايٍّ منها إلا بتوافرها، وتختلف تلكَ الشروط من حيثُ أَثَر وجودها أو فقدانها؛ ومنها شروط الصحة، أو فساده على الخلاف بين الجمهور والحنفية. ويترتب على تخلفها أو تخلف بعضها عدم لزُوم العقد. ويصلح لهما كل قولٍ يدل على الرضا، أو ملكْتكَ بكَذا. وقال الحنفية : إِن الإيجاب يطلق على ما يصدر أَولًا من كَلام أحد العاقدين، ولا تختلف شروط الصيغة في البيع عن الصيغة في غيره من العقود المالية مما خُلاصته كَون الصيغة بالماضي، فلو تراخى القبول عن الإيجاب أو عكْسه صح المتقدم منهما، ولم يلغ ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه عرفًا. ويشترط : عدم الهزل في الإيجاب أو القبول. وعدم هلاك المعقود عليه. لا خلاف فيما إِذا كَان الإيجاب والقبول بصيغة الماضي مثل : بعت، أو اشتريت. ولا ينعقد البيع إِذا كَان الإيجاب أو القبول بصيغة الاستفهام؛ أَما الأمر مثل : بعني، واحتاج إِلى قبولٍ من الاول (الأمر بالبيع). ومقابل الاظهر عند الشافعية . وإِحدى الروايتين عند الحنابلة : ينعقد البيع بقول المشتري : بعني، وبقول البائع : بعتكَ، للدلالة على الرضا، أو تبيعني، لم ينعقد البيع حتى يقبل بعد ذلكَ . لانه يتضمن معنى قبلت البيع. ومثل ذلكَ عند المالكية والحنابلة. ونحو هذا للشافعية في مثل : أَعتق عبدكَ عني بكَذا، وتدل عبارات الفقهاء على أَن العبرةَ بالدلالة على المقصود، سواءٌ أَكَان ذلكَ بوضع اللغة أَم بجريان العرف، وفي كَشاف القناع : الصيغة القولية غير منحصرة في لفظٍ بعينه كَبعت واشتريت، بل هي كل ما أَدى معنى البيع؛ فيتناول كل ما أَدى معناه . ويحصل التوافق بين الإيجاب والقبول بأَن يقبل المشتري كل المبيع بكل الثمن. وكَذلكَ لا توافق إِن قبل ببعض الثمن الذي وقع به الإيجاب أو بغيره، إلا إِن كَان القبول إِلى خيرٍ مما في الإيجاب، كَما لو باع شخصٌ السلعةَ بأَلفٍ فقبلها المشتري بأَلفٍ وخمسمائة، وهذه موافقة ضمنية ولكن لا تلزم الزيادة، إلا إِن قبلها الطرف الأخر. أَما الحط من الثمن فجائزٌ ولو بعد البيع . وكَذلكَ لا توافق إِن باعه سلعة بأَلفٍ فقبل نصفها بخمسمائة مثلًا، وصرح بعض الشافعية بأَنه لو قال البائع : بعتكَ هذا بأَلفٍ ونصفه بخمسمائة، وقد عني الفقه القانوني بصيغة العقد من جهة أنها تعبر عن رضا المتعاقدين بالعقد وقصدهما إليه، لكنهم يستعملون مصطلح التعبير عن الإرادة في الدلالة على المعنى الذي يستخدم فيه الفقهاء صيغة العقد، نجد أنها تتلخص في :
• الرضا. وبهذا فإن القانون المدني يقترب من رأي جمهور الفقهاء في اعتبار أن المحل من الأركان التي يتوقف عليها تكوين العقد . فعن فكرة السبب معروفة في الفقه الإسلامي، ولكن الفقهاء لم يعتبروا السبب أو المقصود من العقد من جملة الأركان التي يتوقف عليها تكوين العقد وإنشاؤه، وذلك خلافًا للقانون المدني الذي اعتبر السبب ركنًا في تكوين العقد . هذا ولكل ركن من هذه الأركان شروط خاصة بعضها يشترط لصحته، وبعضها يشترط لنفاذه، كما سبق وقد أسلفنا الذكر. فضلًا عن كل الأركان التي سبق وأن أشرنا إليها؛ وهو السمسار أو الدلال والذي يقوم بالمناداة على السلعة بالبيع ويطل الزيادة في السعر ؛ المطلب الثاني
أحكام السمسار في عقد بيع المزايدة
إن الدلال أو ما يعرف بالسمسار؛ يمثل عنصرًا رئيسيًا في شكل البيع بالمزايدة وقالبه الأساسي؛ حيث أنه يعد وكيلًا عن مالك السلعة حين المزايدة والعرض وإيجاب البيع. الفرع الأول : المعنى اللغوي والاصطلاحي والقانوني للدلال أو السمسار
المعنى اللغوي : يعني الكاشف أو المرشد، وتعني كذلك أنه الدليل . ودلل _أي أدل عليه. وأدل فلان _أي هداه إلى مقصده. أن حرفة الدلالة تعني المناداة على البضاعة في السوق . ما بين أن الدلال أو السمسار هو اسم لمن يعمل لحساب الغير بأجرة شراءًا وبيعًا . وبما أن السمسار هو الذي يطلق الناس عليه لفظ دلال؛ وسمسر فلان –أي توسط بين المشتري والبائع في نظير أجر معين ؛ فهما مترادفان لغة واصطلاحًا. ويعرف الدلال أو السمسار؛ بأنه وكيل مكلف من قبل أحد العاقدين للبحث عن شخص آخر يقبل التعاقد مع موكله أو يقوم بتقريب وجهات نظر كلا الطرفين حتى تتم الصفقة بينهما في مقابل أجر معين؛ وذلك بمقتضى اتفاق صريح أو ضمني مستفاد من طبيعة عمله عند نجاح وساطته في إبرام الصفقه بمعرفته . وبالتالي فهو مجرد وسيط –أي ليست عليه أي التزامات تنشأ عن العقد المبرم . يمكننا القول؛ بأن تنقسم السمسرة حسب نوع التفويض إلى السمسار البسيط والسمسار المزدوج أنه من الممكن أن يكون الدلال شخصًا اعتباريًا –أي شركة مثلًا، أو طبيعيًا . وبحسب التفويض يصنف الدلالين؛ كالتالي:
1. الدلال البسيط: أي مفوضًا منقبل طرف واحد فحسب. 2. الدلال المزدوج: أي مفوضًا أو مكلفًا من كلا الطرفين. كالتالي:
أ. الدلال الفرد: هو أن يمارس عمله بشكل فردي . ب. الشركة: أي أن تقوم شركة وساطة بأعمال السمسرة. ويمكننا تقسيم الدلالين حسب الاحتراف كما يلي :
الدلال المحترف: أي الذي يحترف القيام بأعمال السمسرة؛ باعتباره تاجرًا ويخضع للالتزامات المفروضة على التجار ويجوز إشهار إفلاسهم . الدلال غير المحترف: أي من يقوم بأعمال السمسرة لمرة واحدة فقط وليس على وجه الاحتراف . أما تصنيفهم حسب طبيعة تنفيذ العقد:
1. الدلال الضامن: إنَّ مهمة الدلال تنتهي في العموم عند تقريب وجهتي نظر المتعاقدين، وإبرام العقد بينهما، ولا يمتد إلى تنفيذ الالتزامات التي يرتبها العقد، ويبرم العقد مباشرة بين العميل ومَن قدمه الدلال للتعاقد، لذلك فالأصل أن ينتهي دور السمسار عند هذا الحد. ولكن مهمته قد لا تقف عند هذا الحد، فقد يكون السمسار ضامنًا لإبرام العقد، وإنما يمتد ليشمل ضمان توقيع العقد وقيام الاتفاق بين الطرفين؛ كأن يتفق كل من العميل والسمسار على إيجاد شخص يرتضي شراء سلعة معينة من العميل بشروط وسعر محدد فلا تنتهي مهمة السمسار هنا بأن يجد بائع السلعة التي يريدها العميل، والتقريب بينهما في وجهات النظر، كما أنه قد يصل تعهد السمسار أحيانا ليس فقط لعقد اتفاق بين الطرفين ولكن إلى حد تنفيذ الصفقة أو تنفيذ العقد. ففي هذه الحالة يكون السمسارمسئولًا عن تمام تنفيذ الالتزامات كافة التي يرتبها العقد . لا تمتد إلى تنفيذ العقد، الفرع الثالث: مشروعية السمسرة أو الدلالة
اتفق جميع الفقهاء أن الدلالة أو السمسرة مهنة مشروعة؛ وهناك دليلين هما :
1. من السنة النبوية؛ حيث روي عن أبو داوو الكناني؛ حيث أن سمسار لفظ أعجمي؛ وقد نصحهم (ص) بالتصدق؛ ولكن لم ينههم عن عملهم بالدلالة والسمسرة. 2. من المعقول أو المنطق العام؛ فأحيانًا يصعب على كل إنسان الاهتداء إلى سلع معينة؛ فهو يحتاج إلى من يقوم بإدلاله عليها . نظرًا إلى أن الغش يخالط هذه المهنة كثيرًا لإنجاح الصفقات بربح أكبر؛ لذا حث الفقهاء على ضرورة توافر سمات سلوكية وأخلاقية معينة للسمسار أو الدلال؛ للحفاظ على سلامة السوق، حيث أن أي تجاوز قد يؤثر على صحة وبطلان العقد؛ كالتالي :
عدم زيادة الدلال في ثمن السلعة من تلقاء نفسه؛ فينبغي أن تكون الزيادة من قبل المشتري أو التاجر. ب‌. ألا يكون هذا الدلال صاحب أو شريك السلعة مع صاحبها؛ لأنه سيحرص على بيعها بأعلى ثمن، ج. ألا يبتاع السلعة لذاته ثم يقوم بإيهام صاحبها أن هناك من اشتراها منه؛ د. في حال علمه بعيبٍ ما في السلعة؛ استوجب عليه إخطار المشتري بذلك العيب. حتى لو من خلال من يعرف هذا المالك. وجب عليه التأكد من رغبة كافة الشركاء بالبيع وأخذ ميثاق يؤكد ذلك . الفرع الخامس : طبيعة عقد الدلال (القانونية والشرعية)
أولًا : الطبيعة القانونية :
إن الصلة بين الدلال أو السمسار وصاحب السلعة تعد في عقد بيع المزايدة بمثابة وكالة مدنية؛ فتسري عليها أحكام الوكالة العادية المقررة في نصوص القوانين المدنية "الوكالة تعرف بأنها عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بالقيام بعمل قانوني لحساب الموكل " في حال كان العمل مدنيًا حيث يوكله البائع في إبرام العقد . أما في حال كانت العلاقة بينما تكيف على أنها وكالة تجارية؛


Original text

المطلب الأول
تعريف عقد بيع المزايدة
أولًا : عقد بيع المزايدة لغة :
إنّ المزايدة لغة تعد مصدرًا فعله الأصلي (زايد)، وهي على وزن (مفاعله) من زايد غيره، إذا أعطى زيادة في سلعة معروضة على آخر، وذلك يقتضي التشارك في أصل الفعل بين اثنين فأكثر. والزيادة هنا يرفع ثمن السلعة المعروضة بالمزاد القائم .
ويقول ابن فارس؛ أن (زيد) : حرف الزاي، والياء، والدال؛ أصل يدل على الفضل. ويقول الناس زاد الشئ، يزيد فهو زائد .
ويقال زايده –أي نافسه في الزيادة، وفي ثمن السلعة أي زاد فيه على الآخر. والمزاد؛ هو موضع الزيادة . وبيع المزايدة؛ أي البيع الذي يتم بطريق الدعوة إلى شراء الشئ المعروض، ليرسو على من يعرض أعلى ثمن. وثمن المزاد؛ يقصد به الثمن الذي رسا به المزاد .
وقيل في موضع آخر؛ واستزاد –أي طلب الزيادة. زلا مستزاد على ما فعلت ولا مزيد عليه، وتزايد السعر وتزيد. وتزايدوا في ثمن السلعة حتى بلغ منتهاه، وزايد أحد المتابعين الآخر مزايدة. وهو يتزيد في حديثه .
ويتضح لنا في المجمل؛ أنّ المزايدة عند اللغويين عبارة عن التنافس في زيادة ثمن السلعة المعروضة للبيع . أما عن معنى العقد في اللغة بفتح العين – أي الإحكام والشد؛ فيقال : عقد الحبل إذًا شده وربطه .
ثانيًّا : عقد بيع المزايدة في الاصطلاح الشرعي :
إن العقد في الاصطلاح الشرعي يعني بشكل عام هو ارتباط الإيجاب بالقبول، على وجه مشروع يثبت أثره في محله .
لقد وضع علماء الفقه الإسلامي العديد من التعريفات في هذا الصدد، وهي لا تخرج عن المعنى اللغوي للمصطلح فضلًا عن إضافة بعض القيود والشروط؛ كالتالي :




  1. المذهب الحنفي :
    أنّ المزايدة هي أن ينادي الرجل على سلعته بنفسه أو بنائبه، ويزيد الناس بعضهم على بعض؛ فما لم يكف عن النداء؛ فلا بأس للغير أن يزيد . وذلك هو الرأي المرجح ضمن تعريفات الفقهاء لمصطلح المزايدة؛ فأغلب تعريفاتهم تدور حول معنى واحد فقط؛ ألا وهو (النداء على السلعة لطلب الزيادة في ثمنها).
    ويقول الإمام العيني أنها؛ تعني عدم ركون البائع إلى السائم، وعدم رضاه بالثمن؛ فيزاد في السلعة حتى تصل إلى ما يرغب به البائع . أما عن الإمام الزيلعي؛ فيقول بأنها أن يظهر من البائع ما يدل على عدم الرضا بالبيع؛ فيأتي آخر فيزيد عليه .




  2. المذهب المالكي :
    عرفت من قبل عرفة المالكي بأنها؛ بيع لم يتوقف ثمن مبيعه المعلوم قدره، على اعتبار ثمنه في بيع قبله؛ إن التزم مشتريه ثمنه على قبول الزيادة .
    وعرفها أيضًا ابن جزي بأنها، أنّ الرجل يعرض سلعته في السوق، يمشي بها على من يشتري تلك السلعة، ويطلب زيادة من يزيد فيها .
    وبالتأمل في تعريفات المالكية في المجمل؛ فإنها تصف الجوانب الشكلية لحقيقة تطبيع وإنجاز المزايدة، وكيفيتها والبيع بالتمثيل والذكر سواء في العناوين أو التعريفات .




  3. المذهب الشافعي :
    عرف الشافعية وعلى رأسهم الإمام النووي؛ بيع المزايدة بأنه هو ما يطاف به فيمن يزيد، وطلبه طالب؛ فلغيره الدخول عليه والزيادة فيه .




  4. فقهاء الحنابلة:
    لقد عرفت المزايدة لديهم استنباطًا؛ بأنها المناداة على السلعة لأجل الزيادة في ثمنها؛ حتى تصل إلى الثمن الذي يرضاه البائع . حيث أنهم في المجمل لم يذكروا تعريفات واضحة لذلك النوع من البيوع؛ فقد تحدثوا عنه أثناء كلامهم عن حكم البيع على بيع الغير .
    إن التعريف الراجح؛ يتمثل في تعريف العلامة السرخسي الحنفي، قد جاء مستوفيًا وشاملًا لشروط وأركان ذلك النوع من البيوع، ويليه تعريفات فقهاء المالكية من حيث استيفاء المعنى والشروط والأركان ؛ حيث أنهم قد وضحوا صورة البيع بالمزايدة أنها أن ينادي الرجل على سلعته بنفسه أو بنائبه، والناس يزايدون على بعضهم البعض؛ فما لم يكف عن المناداة؛ فلا بأس للغير أن يزايد ، وكذلك يستفاد من تعريف ابن جزي أن المزايدة قد تكون في غير البيع، وأنها قد تتم عن طريق مظاريف مغلقة .
    ثالثًا : عقد بيع المزايدة في الاصطلاح القانوني الوضعي :
    بشكل عام إن العقد في الاصطلاح القانوني؛ يعرف بأنه اتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني محدد؛ سواء بإنشاء التزام أو تعديله أو إنهاؤه أو نقله . وعرف بعض شراح القانون الوضعي المزايدة؛ بأنها عبارة عن طريقة بمقتضاها تلتزم الإدارة أو الشخص باختيار أفضل من يتقدمون للتعاقد معها شروطًا سواء من الناحية المالية، أو من ناحية الخدمة المطلوب أداؤها .
    عرفها البعض بأنها؛ طرح التعاقد في مزاد عام؛ لكي يتمكن من الحصول على أعلى عطاء .
    والرأي الراجح والأصح من وجهة نظر البعض؛ أنّ المزايدة هي البيع بالتنافس بين عدة أشخاص بحيث تعطى الصفقة لمن يقدم أعلى ثمن، ويكون المزاد علنيًا إذا كان مفتوحًا للجمهور، أو على الأقل لطائفة من الأشخاص دون أن يقتصر على أشخاص معنينين مقصودين بذواتهم مهما قلت أعدادهم .
    ويؤيد الباحث الرأي القائل بأنّ بيع المزايدة وعقده يمثل بيع التزام مشتريه ثمنه على قبول الزيادة، وهو عقد معاوضة يعتمد دعوة الراغبين نداء أو كتابة للمشاركة في المزاد، ويتم عند رضا البائع. وله عدة مسميات كبيع الدلالة، وبيع الحراج وبيع المناداة. وجاء في تعريف عقد بيع المزايدة؛ أنه عبارة عن عقد بمقتضاه يتم مبادلة سلعة معروضة بمالٍ بعد النداء عليها بالبيع، وإعلان السعر المقدم، وطلب الزيادة من الحاضرين .
    وقيل بأنه عقد البيع الذي بمقتضاه يتم بيع أموال معينة بإجراءات محددة بعد إعلان السعر المحدد، وطلب الزيادة فيه .
    وكذلك عرف بأنه عقد البيع الذي يعرض فيه البائع سلعته على الراغبين فيها داعيًا لهم لزيادة بعضهم على بعض حتى تنقطع الزيادة؛ فيعقد البائع إن شاء مع العارض .
    وهناك رأي قائل بأنه؛ عقد يفيد ضرورة توافر الإيجاب والقبول، سواء تم البيع بين صاحب المال والمشتري (بيع اختياري) ، أو تم البيع بين المشتري والنائب عن صاحب المال (بيع جبري) كبيع الموصي أموال القاصر التي يخشى عليها الهلاك، وبيع الحاكم أموال المفلس .
    وبالتدقيق في تعريفات شراح القوانين الوضعية، نجد أنّ شأنها شأن تعريفات علماء الفقه الإسلامي، لم تخرج بعيدًا عن المعنى اللغوي .




المطلب الثاني
مشروعية البيع بالمزايدة
الفرع الأول : مشروعية بيع المزايدة في الفقه الإسلامي :
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والمالكية، والحنابلة، إلى جواز بيع المزايدة دومًا في حال إذا خلا من الغش والتدليس والاحتيال والخداع بشكل عام.
ويستدل على ذلك من القرآن الكريم في قوله تعالى : "وأحل الله البيع وحرم الربا "، ومن السنة النبوية كذلك في قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي سنرد ذكره مفصلًا في المطلب التالي : ".. من يزيد على درهمٍ؟ مرتين أو ثَلاثًا "؛ فذلك الحديث فيه دلالة واضحة على جواز الزيادة عللى الثمن إذا لم يرض البائع بها عين الطالب . ويستدل كذلك على جواز هذا النوع من البيوع من الآثار عن الصحابة والتابعين؛ فمنها ما روي عن عطاء بن أبي رباح التابعي؛ أنه قال : أدركت الناس لا يرون بأسًا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث .
وأيضًا مما جاء من الآثار عن الصحابة والتابعين، في الموطأ عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس –رضي الله عنهما- قال : ولا بأس بالسوم بالسلعة توقف للبيع؛ فيسوم بها غير واحد. قال: ولو ترك الناس السوم عند أول من يسوم السلعة أخذت بشبه الباطل من الثمن، ودخل على الباعة في سلعهم المكروه والضرر؛ قال : ولم يزل الأمر عندنا على هذا .
وكذلك من الإجماع؛ حيث استدل جمهور الفقهاء على مشروعية البيع بالمزايدة بإجماع المسلمين على إباحة بيع المزايدة، فقد روى ابن حزم بسنده إلى هشام الخزاعي عن أبيه : شهدت عمر بن الخطاب باع إبلًا من إبل الصدقة فيمن يزيد .
ومن المعقول أنّ هناك حاجة ماسة للبيع بالمزايدة؛ فهو بيع الفقراء والمحتاجين ومن كسدت تجارته؛ فلو ترك الناس هذا البيع لما استطاع الفقراء أن يصلوا إلى حاجاتهم، وفي حال أن ترك الناس الزيادة في السلعة المعروضة لدخل على الباعة الضرر والمكروه ، كما أنّ الوسيلة أمام السلطة القضائية لبيع أموال المدين المفلس لتحقيق مصلحة الغرماء والمدين أيضًا .
ومن وجهة نظر العمل بالمصلحة؛ فإن إباحة مثل هذا النوع من البيوع ينطوي على مصالح كثيرة، وأينما وجدت المصلحة فثمّ شرع الله؛ حيث يعد كوسيلة من وسائل الانتعاش التجاري، وتنشيط حركة البيع والشراء، لما فيه من مصلحة للبائع عن طريق ترويج تجارته بصورة مشروعة للحصول على الكسب الحلال بالبيع لأعلى ثمن؛ طالما كان هذا الثمن ليس فيه استغلال، وكذلك فيه مصلحة للمشتري الذي يعتبر بالنسبة له المزاد العلني، وسيلة للتعرف على البضائع المعروضة في الأسواق، فربما يفتش عن شئ ولا يتمكن من إيجاده إلا من خلال المزادات العلنية، وهو مخير أن يشتري إن شاء، أو على الأقل أن يكون قد أخذ خبرة وخلفية عن محتوى ومجريات الأمور داخل المزاد، وذلك يعد تيسيرًا على طرفي البيع (البائع والمشتري)، والتيسير هو منهج إسلامي أصيل في الشريعة الإسلامية الغراء ، قال تعالى : "وما جعل عليكم في الدين من حرج "؛ ولذلك قال فقهاء الحنفية عن البيع المزايدة : إنّ الحاجة تدعو إليه .
وفيما يخص مسألة عدم جواز عقد البيع بالمزايدة أو ما نهي عنه فيه؛ فإنّ الفقه الإسلامي قد قال بأنه الفيصل في جواز أو عدم جواز عقد بيع المزايدة هو خلوه من الغش والخداع؛ حيث أنه من البيوع التي تمّ النهي عنها بيوع المساومة؛ ولكن يستثنى من النهي عن سوم الرجل على سوم أخيه بيع المزايدة فإنه جائز بإجماع المسلمين، وبيع المزايدة هو المناداة على السلعة فيزيد الناس فيها بعضهم على بعض حتى تقف على آخر زائد فيها فيأخذها .
وفي الحقيقة عندما تتسنى لنا الفرصة للتحدث عن حقيقة عقد بيع المزايدة بين الشريعة والقانون؛ فإنه لا عقد بصفة عامة بدون تراضي، وهو ما يتم في الكثير من العقود بطريقة التفاوض؛ حيث يفاوض المشتري البائع على ثمن المشترى، وينتهي الأمر بإبرام العقد؛ وهو ما يطلق عليه في الفقه الإسلامي اسم (المساومة)؛ أما في الفقه المعاصر (الممارسة) . ولكن قد يتم التراضي بطريقة أخرى وهي : المزايدة؛ فتعرض السلعة في مزاد عام بغية إبرام عقد مع من يتقدم بأكبر عطاء.


وقد أجازت الشريعة والقانون بيع المزايدة، والدليل على جوازه :
ما قد تم روايته عن الإمام أنس بن مالك؛ بأنه كان هناك رجلًا من أهل المدينة قد أتى النبي (ص) يسأله؛ فقال له : ما في بيتكَ شئ؟ قال : بلى، حِلسٌ يلبس بعضه، ويبسط بعضه، وقعبٌ يشرب فيه الماءُ. قال : ائْتني بهما. فأَتاه بهما، فأخذهما الرسول؛ وقال : من يشتري هذين؟ فقال رجل : أَنا آخُذُهما بدرهمٍ، قال : من يزيد على درهمٍ؟ مرتين أو ثَلاثًا؛ فقال رجل : أَنا آخُذُهما بدرهمين، فأَعطاهما إِياه، وأخذ الدرهمين، فأَعطاهما الانصاري، وقال : اشتر بأَحدهما طعامًا فانبذه إِلى أَهْلكَ، واشتر بالأخر قدومًا، فائْتني به. فأَتاه به، فشد الرسول عودًا بيده، ثُم قال له : اذهب فاحتطِب وبع، ولا أَرينكَ خمسةَ عشر يومًا. فذهب الرجل يحتطِب ويبيع، فجاء وقدْ أَصاب عشرةَ دراهم، فاشترى ببعضها ثَوبًا، وببعضها طعامًا؛ فقال له الرسول : هذا خير لكَ من أَن تجيء المسألة نكْتة في وجهكَ يوم القيامة. إِن المسأَلةَ لا تصلح إلا لثَلاثَة : لذي دم موجعٍ، أو لذي غُرمٍ مفظعٍ، أو لذي فقرٍ مدقع .



  • وأنّ النهي إنما ورد عن السوم حال البيع، وحال المزايدة خارج عن البيع.

  • وأنّ المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة من غير نكير.
    إن لتلك الحادثة التي وردت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دلالات كثيرة؛ أحدها أنه يجوز بيع المزايدة؛ فالإقرار بأنّ عقد المزايدة عقد معاوضة صحيح، يعتمد دعوة الراغبين نداءًا أو كتابة، ويصح أن تعلن عن عقد مزايدة في الصحف، ويصح أن تعلن عنها بالإذاعة، ويصح أن تعلن عنها بالنداء الشخصي، كما يجري في بعض الأسواق، نداءًا أو كتابة للمشاركة في المزاد، ويتم هذا عند رضا البائع - أي إذا استقر السعر ورضي به البائع لزم البيع. وبالطبع يوجد لدينا مزايدات اختيارية بين الأفراد، ويوجد لدينا كذلك مزايدات إجبارية يوجبها القضاء، أي أنه لو افترضنا بأن هناك إنسانًا غارمًا عليه دين، يباع بيته بالمزاد العلني، هذا بيع إجباري لا اختيار فيه لصاحب البيت، قد يكون المزاد اختياريًا، وقد يكون إجباريًا .
    قال الكاساني في تعليقه على هذا الحديثِ : وما كَان الرسول ليبيع بيعًا مكْروهًا .
    الدليل الآخر : أَن المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أَسواقهم بالمزايدة ، وأَنه بيع الفقراء، كَما قال المرغِيناني، والحاجة ماسة إليه ؛ ولان النهْي إنما ورد عن السوم حال البيع، وحال المزايدة خارجٌ عن البيع .
    وخلاصة القول وباستجماع آراء العلماء وأدلتهم ومناقشتها تبين أنّ الرأي الراجح هو ما قد ذهب إليه جمهور الفقهاء بأنّ بيع المزايدة جائز؛ لأن هذا النوع من البيع كان موجودًا أيام النبي (ص)، فلو كان غير جائزًا لنهى عنه، فهدم النهي يدل على الجواز؛ فيجوز بيع المزايدة في جميع أنواع البضائع، ولا يختص بميراث أو غنيمة .


الفرع الثاني : مشروعية بيع المزايدة في القوانين المدنية المعاصرة :



  • اعتبرت القوانين المدنية المعاصرة المزايدة طريقًا من طرق التعاقد المشروع، ونصت عليها في قوانينها. والمادة 144 من التقنين المدني الإماراتي، قد نصت على العديد من البنود من أهمها : أنه لا يتم العقد في المزايدات إلا بالإحالة القطعية، ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلًا وكل ذلك ما لم يتضح من قصد خلافه، أو ينص القانون على غيره. أو بإقفال المزايدة دون أن ترسو على أحد ذلك مع عدم الإخلال بأحكام القوانين الأخرى.
    وقد جاءت المادة 99 من القانون المدني المصري تنظم البيع بالمزايدة ؛ كالتالي : (لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزاد، ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلًا). ثمّ وجدت نصوص أخرى في القانون المصري تبين أحكام البيع بالمزايدة؛ ومنها التي تنص على أنه لا يجوز الطعن بالغبن في بيع تم كنص القانون بطريق المزاد العلني ، وأيضًا ألا ضمان للعيب في البيوع القضائية ولا البيوع الإدارية إذا كانت بالمزاد ، وأنه إذ لم تمكن القسمة عينًا أو كان من شأنها إحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته، بيع هذا المال بالطرق المبينة في قانون المرافعات، وتقتصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا هذا بالإجماع ، كما أنه لا يجوز الأخذ بالشفعة إذا حصل البيع بالمزاد العلني وفقًا لإجراءات رسمها القانون .
    أما عن التقنين المدني اليمني في المادة 103 فقد أيدت نفس فحوى قوانين المزايدة في دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية؛ حيث يبقى المتزايد ملتزمًا بعطائه إلى أن يتقدم متزيدًا آخر بعطاء أفضل، أو إلى أن يقفل باب المزاد، دون أن يرسى على أحد، إذا كان عطاؤه هو الأفضل ويسقط عطاء المتزايد بعطاء أفضل منه، ويكون للداعي إلى المزاد أن يقبل من بين العطاءات المقدمة ما يراه أصلح، وذلك ما لم يتضح غير ذلك من قصد المتعاقدين أو ينص القانون بخلاف ما سبق ذكره. فلقد أخذت جميع القوانين في الدول العربية بهذه الوسيلة في البيع .
    وهكذا يتضح من نصوص القوانين المدنية العربية؛ أن بيع المزايدة بيع جائز ومشروع، وبذلك تتوافق نصوص هذه التشريعات في هذه المسألة، مع ما هو ثابت في الفقه الإسلامي .


المبحث الثاني
تكوين مقومات عقد البيع بالمزايدة
تمهيد وتقسيم :
إنّ لكل عقد من العقود أركان وشروط، وكي ينشأ هذا العقد صحيحًا؛ لابد من وجود هذه الأركان وتوافر الشروط المتعلقة بها؛ حتى يترتب عليه آثاره التي قررها الشارع .
وبناءًا على ذلك فقد قمت بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين أساسيين؛ هما :
المطلب الأول : مقومات عقد المزايدة في الشريعة والقانون
المطلب الثاني : أحكام السمسار في عقد بيع المزايدة


المطلب الأول
مقومات عقد المزايدة في الشريعة والقانون
لقد اختلف الفقهاء في تحديد أركان وصياغة ومقومات عقد بيع المزايدة؛ فهل هي الصيغة (الإيجاب أو القبول) أو مجموع الصيغة والعاقدين (البائع والمشتري) والمعقود عليه أو محل العقد (المبيع والثمن).
فجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) يرون أَن هذه كلها أَركَان البيع؛ لان الركْن عندهم : ما توقف عليه وجود الشيء وتصوره عقلاً، سواءٌ أَكَان جزءًا من حقيقته أَم لم يكن، ووجود البيع يتوقف على العاقدين والمعقود عليه، وإِن لم يكن هؤُلاء جزءًا من حقيقته .
ويرى الحنفية أَن الركْن في عقد البيع وغيره : هو الصيغة فقط. أَما العاقدان والمحل فمما يستلزمه وجود الصيغة لا من الاركَان؛ لان ما عدا الصيغةَ ليس جزءًا من حقيقة البيع، وإِن كَان يتوقف عليه وجوده .
واستحسن بعض الفقهاء المعاصرين تسميةَ مجموع الصيغة والعاقدين والمحل (مقومات العقد) : للاِتفاق على عدم قيام العقد بدونها .
إنّ الباحث يرى من خلال العديد من القراءات أن هذا؛ ولكل من الصيغة والعاقدين والمحل شروطٌ لا يتحقق الوجود الشرعي لايٍّ منها إلا بتوافرها، وتختلف تلكَ الشروط من حيثُ أَثَر وجودها أو فقدانها؛ فمنها شروط الانعقاد، ويترتب على تخلف أَحدها بطلان العقد. ومنها شروط الصحة، ويترتب على تخلف شيءٍ منها بطلان العقد، أو فساده على الخلاف بين الجمهور والحنفية. ومنها شروط اللزُوم، ويترتب على تخلفها أو تخلف بعضها عدم لزُوم العقد. وهذا التنوِيع للشروطِ هو ما عليه الحنفية. ومنها شروط النفاذ، ويترتب على فقد أَحدها اعتبار العقد موقوفًا.



  • الصيغة كأحد أهم مقومات عقد البيع :
    الصيغة هي الإيجاب والقبول. ويصلح لهما كل قولٍ يدل على الرضا، مثل قول البائع : بعتكَ أو أَعطيتكَ، أو ملكْتكَ بكَذا. وقول المشتري : اشتريت أو تملكْت أو ابتعت أو قبلت، وشِبه ذلكَ.
    والإيجاب عند الجمهور : ما يصدر من البائع دالًّا على الرضا، والقبول : ما يصدر من المشتري كَذلكَ.
    وقال الحنفية : إِن الإيجاب يطلق على ما يصدر أَولًا من كَلام أحد العاقدين، سواءٌ أَكَان هو البائع أَم المشتري، والقبول ما يصدر بعده .
    وقدْ صرح المالكية والشافعية والحنابلة؛ بأَن تقدم لفظ المشتري على لفظ البائع جائزٌ لحصول المقصود .
    ولا تختلف شروط الصيغة في البيع عن الصيغة في غيره من العقود المالية مما خُلاصته كَون الصيغة بالماضي، أو بما يفيد إِنشاء العقد في الحال كَما يأتي، وتوافق الإيجاب والقبول، فلو خالف القبول الإيجاب لم ينعقد البيع. وصرح الحنفية أَن القبول المخالف للإيجاب يكون إِيجابًا جديدًا.
    ويشترط للصيغة كَذلكَ : اتحاد المجلس، وهو يجمع المتفرقات فيه، فلو تراخى القبول عن الإيجاب أو عكْسه صح المتقدم منهما، ولم يلغ ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه عرفًا. ويشترط : عدم الهزل في الإيجاب أو القبول.
    ويشترط لبقاء الإيجاب صالحًا : عدم رجوع الموجب، وعدم وفاته قبل القبول، وعدم هلاك المعقود عليه.
    ويشترط أَلا يطرأَ قبل القبول تغيِيرٌ على المعقود عليه بحيثُ يصير مسمًّى آخر غير المتعاقد عليه، كَتحول العصير خلًّا.
    وفيما يلي بعض التطبيقات الهامة الخاصة بصيغة البيع؛ فضلًا عما سبقت الإشارة إليه من شروطِ الصيغة في العقود عامة.
    لا خلاف فيما إِذا كَان الإيجاب والقبول بصيغة الماضي مثل : بعت، أو اشتريت. أو المضارع المراد به الحال بقرينة لفظية مثل : أَبيعكَ الأن أو قرينة حالية. كَما إِذا جرى العرف على استعمال المضارع بمعنى الحال.
    ولا ينعقد البيع إِذا كَان الإيجاب أو القبول بصيغة الاستفهام؛ مثل : أَتبيعني؟ أو المضارع المراد به الاستقبال، مثل : سأَبيعكَ، أو أَبيعكَ غدًا.
    أَما الأمر مثل : بعني، فإِذا أَجابه الآخر بقوله : بعتكَ. كَان هذا اللفظ الثاني إِيجابًا، واحتاج إِلى قبولٍ من الاول (الأمر بالبيع). وهذا عند الحنفية، وفي رواية عند الحنابلة، ومقابل الاظهر عند الشافعية .
    أَما عند المالكية، وهو الأظهر عند الشافعية، وإِحدى الروايتين عند الحنابلة : ينعقد البيع بقول المشتري : بعني، وبقول البائع : بعتكَ، للدلالة على الرضا، ولا يحتاج إِلى قبولٍ من الاول .
    وقال الشافعية : لو قال المشتري بلفظ الماضي أو المضارع : بعتني، أو تبيعني، فقال البائع : بعتكَ، لم ينعقد البيع حتى يقبل بعد ذلكَ .
    وصرح الحنفية بصحة الإيجاب بلفظ الأمر أو المضارع، إِذا كَان في العبارة إِيجابٌ أو قبولٌ ضمنيٌّ، مثل : خذ هذه السلعةَ بكَذا، فقال : أَخذتها؛ لان (خذ) تتضمن بعتكَ فخذ، وكَذلكَ قول البائع بعد إِيجاب المشتري : يبارك الله لكَ في السلعة، لانه يتضمن معنى قبلت البيع. ومثل ذلكَ عند المالكية والحنابلة. ونحو هذا للشافعية في مثل : أَعتق عبدكَ عني بكَذا، لأنه تضمن : بعنيه وأَعتقه عني .
    وتدل عبارات الفقهاء على أَن العبرةَ بالدلالة على المقصود، سواءٌ أَكَان ذلكَ بوضع اللغة أَم بجريان العرف، قال الدسوقي : ينعقد البيع بما يدل على الرضا عرفًا، سواءٌ دل لغة أو لا، من قولٍ أو كتابة أو إِشارة منهما أو من أَحدهما.
    وفي كَشاف القناع : الصيغة القولية غير منحصرة في لفظٍ بعينه كَبعت واشتريت، بل هي كل ما أَدى معنى البيع؛ لان الشارع لم يخُصه بصيغة معينة، فيتناول كل ما أَدى معناه .
    ويحصل التوافق بين الإيجاب والقبول بأَن يقبل المشتري كل المبيع بكل الثمن. فلا توافق إِن قبل بعض العين التي وقع عليها الإيجاب أو قبل عينًا غيرها، وكَذلكَ لا توافق إِن قبل ببعض الثمن الذي وقع به الإيجاب أو بغيره، إلا إِن كَان القبول إِلى خيرٍ مما في الإيجاب، كَما لو باع شخصٌ السلعةَ بأَلفٍ فقبلها المشتري بأَلفٍ وخمسمائة، أو اشترى شخصٌ سلعة بأَلفٍ فقبل البائع بيعها بثَمانمائة، وهذه موافقة ضمنية ولكن لا تلزم الزيادة، إلا إِن قبلها الطرف الأخر.
    أَما الحط من الثمن فجائزٌ ولو بعد البيع . وكَذلكَ لا توافق إِن باعه سلعة بأَلفٍ فقبل نصفها بخمسمائة مثلًا، إلا إِن رضي البائع بعد هذا، فيصير القبول إِيجابًا، ورضا البائع بعده قبولٌ.
    وصرح بعض الشافعية بأَنه لو قال البائع : بعتكَ هذا بأَلفٍ ونصفه بخمسمائة، فقبل نصفه جاز، ومنه يعرف حكْم ما لو وجدت قرينة برضا البائع بتجزئة المبيع بالنسبة للثمن .
    وقد عني الفقه القانوني بصيغة العقد من جهة أنها تعبر عن رضا المتعاقدين بالعقد وقصدهما إليه، لكنهم يستعملون مصطلح التعبير عن الإرادة في الدلالة على المعنى الذي يستخدم فيه الفقهاء صيغة العقد، ولا منازعة في الاصطلاح .
    ومن أجل ذلك نجد المادة 89 من التقنين المدني المصري تقضي بأنه لا يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفاه التعبير عن إرادتين متطابقتين، مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد، وهذا يدل على أنّ تطلب التعبير عن الإرادة يتفق القانون المدني المصري خاصة والقانون المعاصر عامة مع الفقه الإسلامي .

  • أركان العقد في القانون المدني؛ نجد أنها تتلخص في :
    • الرضا.
    • المحل.
    • السبب.
    وبهذا فإن القانون المدني يقترب من رأي جمهور الفقهاء في اعتبار أن المحل من الأركان التي يتوقف عليها تكوين العقد .
    ومن جهة أخرى؛ فعن فكرة السبب معروفة في الفقه الإسلامي، ولكن الفقهاء لم يعتبروا السبب أو المقصود من العقد من جملة الأركان التي يتوقف عليها تكوين العقد وإنشاؤه، وذلك خلافًا للقانون المدني الذي اعتبر السبب ركنًا في تكوين العقد .
    هذا ولكل ركن من هذه الأركان شروط خاصة بعضها يشترط لصحته، وبعضها يشترط لنفاذه، وبعضها يشترط للزومه ، كما سبق وقد أسلفنا الذكر.
    فضلًا عن كل الأركان التي سبق وأن أشرنا إليها؛ فإن هنالك مقومًا آخر ينفرد به عقد بيع المزايدة ويميزه عن باقٍ العقود الأخرى؛ وهو السمسار أو الدلال والذي يقوم بالمناداة على السلعة بالبيع ويطل الزيادة في السعر ؛ وهو ما سنتناوله في المطلب الثاني.


المطلب الثاني
أحكام السمسار في عقد بيع المزايدة
إن الدلال أو ما يعرف بالسمسار؛ يمثل عنصرًا رئيسيًا في شكل البيع بالمزايدة وقالبه الأساسي؛ حيث أنه يعد وكيلًا عن مالك السلعة حين المزايدة والعرض وإيجاب البيع.
الفرع الأول : المعنى اللغوي والاصطلاحي والقانوني للدلال أو السمسار
أ‌. المعنى اللغوي : يعني الكاشف أو المرشد، والذي يجمع بين البيعتين؛ وتعني كذلك أنه الدليل . ودلل _أي أدل عليه. وأدل فلان _أي هداه إلى مقصده. ويقول ابن دريد؛ أن حرفة الدلالة تعني المناداة على البضاعة في السوق .
ب‌. المعنى الاصطلاحي : وللفقهاء العديد من التعريفات؛ ما بين أن الدلال أو السمسار هو اسم لمن يعمل لحساب الغير بأجرة شراءًا وبيعًا . أو أنه محترف الدلالة –أي المناداة على البضائع في السوق . ويقال أنه الماهر في البيع والوكيل في المناداة أو الوسيط بين المتعاقدين والسفير بين البائع والمشتري لتيسير البيع والصفقة .
وبما أن السمسار هو الذي يطلق الناس عليه لفظ دلال؛ حيث يدل المشتري على السلع والبائع على الأسعار . وسمسر فلان –أي توسط بين المشتري والبائع في نظير أجر معين ؛ إذًا فإنه لا فرق بين السمسار والدلال؛ فهما مترادفان لغة واصطلاحًا.
ج. المعنى القانوني : لقد أهملت القوانين التجارية والمدنية المعاصرة وكذلك الفقه القانوني وضع تعريف الدلال أو السمسار؛ بينما وجدنا له تعريفًا في طيات القانون التجاري المصري "ويعرف عقد السمسرة؛ بأنه عقد يتعهد السمسار بمقضاه لشخصٍ ما للبحث عن طرف ثاني لأجل إبرام عقد معين وكذلك التوسط في إبرام ذلك العقد ".
ويعرف الدلال أو السمسار؛ بأنه وكيل مكلف من قبل أحد العاقدين للبحث عن شخص آخر يقبل التعاقد مع موكله أو يقوم بتقريب وجهات نظر كلا الطرفين حتى تتم الصفقة بينهما في مقابل أجر معين؛ وذلك بمقتضى اتفاق صريح أو ضمني مستفاد من طبيعة عمله عند نجاح وساطته في إبرام الصفقه بمعرفته . وبالتالي فهو مجرد وسيط –أي ليست عليه أي التزامات تنشأ عن العقد المبرم .


الفرع الثاني : أنواع الدلالين
بالتطرق لأنواع الدلالين أو السماسرة؛ يمكننا القول؛ بأن تنقسم السمسرة حسب نوع التفويض إلى السمسار البسيط والسمسار المزدوج أنه من الممكن أن يكون الدلال شخصًا اعتباريًا –أي شركة مثلًا، أو طبيعيًا .
وبحسب التفويض يصنف الدلالين؛ كالتالي:



  1. الدلال البسيط: أي مفوضًا منقبل طرف واحد فحسب.

  2. الدلال المزدوج: أي مفوضًا أو مكلفًا من كلا الطرفين.
    أما التصنيف من حيث الكينونة؛ كالتالي:
    أ. الدلال الفرد: هو أن يمارس عمله بشكل فردي .
    ب. الشركة: أي أن تقوم شركة وساطة بأعمال السمسرة.
    ويمكننا تقسيم الدلالين حسب الاحتراف كما يلي :
    أ‌. الدلال المحترف: أي الذي يحترف القيام بأعمال السمسرة؛ باعتباره تاجرًا ويخضع للالتزامات المفروضة على التجار ويجوز إشهار إفلاسهم .
    ب‌. الدلال غير المحترف: أي من يقوم بأعمال السمسرة لمرة واحدة فقط وليس على وجه الاحتراف .
    أما تصنيفهم حسب طبيعة تنفيذ العقد:

  3. الدلال الضامن: إنَّ مهمة الدلال تنتهي في العموم عند تقريب وجهتي نظر المتعاقدين، وإبرام العقد بينهما، ولا يمتد إلى تنفيذ الالتزامات التي يرتبها العقد، ويبرم العقد مباشرة بين العميل ومَن قدمه الدلال للتعاقد، لذلك فالأصل أن ينتهي دور السمسار عند هذا الحد. ولكن مهمته قد لا تقف عند هذا الحد، فقد يكون السمسار ضامنًا لإبرام العقد، فلا يقتصر دوره على مجرد البحث عن شخص آخر يرتضي إبرام اتفاق أو عقد مع العميل ضمن الشروط -التي يرغب بها العميل-، وإنما يمتد ليشمل ضمان توقيع العقد وقيام الاتفاق بين الطرفين؛ كأن يتفق كل من العميل والسمسار على إيجاد شخص يرتضي شراء سلعة معينة من العميل بشروط وسعر محدد فلا تنتهي مهمة السمسار هنا بأن يجد بائع السلعة التي يريدها العميل، والتقريب بينهما في وجهات النظر، وإنما تمتد حتى يتم الاتفاق بين الاثنين وتوقيع العقد بينهما . كما أنه قد يصل تعهد السمسار أحيانا ليس فقط لعقد اتفاق بين الطرفين ولكن إلى حد تنفيذ الصفقة أو تنفيذ العقد. ففي هذه الحالة يكون السمسارمسئولًا عن تمام تنفيذ الالتزامات كافة التي يرتبها العقد .
    ولا يتمكن الدلال في هذه الحالة التخلص من مسئولية ضمان التنفيذ إلا إذا كان عدم التنفيذ يرجع إلى خطأ العميل، ومثال ذلك إذا تأخر العميل في تسليم البضاعة المتفق عليها إلى المتعاقد الآخرمما جعله يمتنع عن دفع الثمن، أو كانت تلك البضاعة التي سلمها العميل للمتعاقد الآخر معيوبة .
    وبالنسبة لضمان السمسار لتنفيذ العقد كما تقدم لا يفترض، ويستلزم أن ينص عليه صراحة في العقد أو تؤكده ظروف التعاقد أو يدل عليه العرف التجاري، كما قد يقوم شرط الضمان على عاتق السمسار بنص صريح من القانون . وضمان التنفيذ تكون عمولة السمسار أكبر من العمولة العادية .

  4. الدلال غير الضامن : المعروف أن مهمة السمسار تقتصر على التقريب بين وجهتي نظر المتعاقدين لإبرام العقد، لا تمتد إلى تنفيذ العقد، وهذا ما يطلق الدلال غير الضامن .


الفرع الثالث: مشروعية السمسرة أو الدلالة
اتفق جميع الفقهاء أن الدلالة أو السمسرة مهنة مشروعة؛ وهناك دليلين هما :



  1. من السنة النبوية؛ حيث روي عن أبو داوو الكناني؛ قال : كنا نبيع بالبقيع فأتانا النبي (ص) وكنا ندعى : السماسرة. فسماهم (ص) اسم أحسن من اسمهم. حيث أن سمسار لفظ أعجمي؛ فبدله (ص) إلى التجارة –أي ردها إلى لفظ عربي . وقد نصحهم (ص) بالتصدق؛ كي تكون الصدقة كفارة لما يدور فيما بينهم من كذب أو حلف؛ ولكن لم ينههم عن عملهم بالدلالة والسمسرة.

  2. من المعقول أو المنطق العام؛ حيث أن مشروعيتها تنبثق من الحاجة إلى السمسرة؛ فأحيانًا يصعب على كل إنسان الاهتداء إلى سلع معينة؛ خاصة السيارات والأراضي والعقارات؛ فهو يحتاج إلى من يقوم بإدلاله عليها .
    الفرع الرابع : آداب الدلالة أو السمسرة
    نظرًا إلى أن الغش يخالط هذه المهنة كثيرًا لإنجاح الصفقات بربح أكبر؛ فضلًا عن جهل المتعاقدين لبعضهما البعض، معتمدين على أمانة السمسار أو الدلال اللذين وكلاه لتحقيق المطلوب؛ لذا حث الفقهاء على ضرورة توافر سمات سلوكية وأخلاقية معينة للسمسار أو الدلال؛ للحفاظ على سلامة السوق، ومراعاة ما حددته الشريعة الإسلامية في المعاملات، وتقوم بتأكي ذلك في عقد بيع المزايدة؛ حيث أن أي تجاوز قد يؤثر على صحة وبطلان العقد؛ ونصوا على مجموعة من الآداب يستلزم أن يحرص السماسرة على الالتزام بها ؛ كالتالي :
    أ‌. عدم زيادة الدلال في ثمن السلعة من تلقاء نفسه؛ فينبغي أن تكون الزيادة من قبل المشتري أو التاجر.
    ب‌. ألا يكون هذا الدلال صاحب أو شريك السلعة مع صاحبها؛ حيث سيؤثر ذلك على مصلحة المشتري؛ لأنه سيحرص على بيعها بأعلى ثمن، وقد يخفي عيوبها أيضًا.
    ج. ألا يبتاع السلعة لذاته ثم يقوم بإيهام صاحبها أن هناك من اشتراها منه؛ فهو هنا يبتاعها بأرخص سعر، في حين أنه سيعطيها للبائع بأغلى ثمن. فمادام أنه هناك من يرغب في شراءها بسعر أعلى من الدلال، فإن تلك المزايدة ينتابها غش وخيانة لصاحب السلعة.
    د. في حال علمه بعيبٍ ما في السلعة؛ استوجب عليه إخطار المشتري بذلك العيب.
    يستوجب عليه التعرف على صاحب السلعة والتأكد من ملكيته لها؛ حتى لو من خلال من يعرف هذا المالك. وكذلك في حال كان صاحب السلعة أكثر من شخص؛ وجب عليه التأكد من رغبة كافة الشركاء بالبيع وأخذ ميثاق يؤكد ذلك .
    الفرع الخامس : طبيعة عقد الدلال (القانونية والشرعية)
    أولًا : الطبيعة القانونية :
    إن الصلة بين الدلال أو السمسار وصاحب السلعة تعد في عقد بيع المزايدة بمثابة وكالة مدنية؛ فتسري عليها أحكام الوكالة العادية المقررة في نصوص القوانين المدنية "الوكالة تعرف بأنها عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بالقيام بعمل قانوني لحساب الموكل " في حال كان العمل مدنيًا حيث يوكله البائع في إبرام العقد . أما في حال كانت العلاقة بينما تكيف على أنها وكالة تجارية؛ فإنه تسري أحكام قانون التجارة عليها . وقد يتك تكييفها على أنها عقد سمسرة فحسب، وهنا تنحصر مهمة السمسار في التوسط بين المشتري والبائع .
    ثانيًا : الطبيعة الشرعية :
    إن الدلالة لا تخرج عن كونها عقد جعالة، وكالة، شريكًا في السلعة، أو عقد إجارة؛ حيث :
    أ‌. اعتبار الدلالة عقد جعالة : حيث أن هناك مدة لإنجاز العمل، ويكون العقد مقدرًا في حال فشل العمل.
    ب‌. اعتبار الدلالة عقد إجارة : اتفق غالبية الفقهاء في المجمل على اعتبار العقد مع السمسار عقد إجارة؛ حيث تحدد المنفعة وزمنها .
    وقام فقهاء الشافعية والمالكية بوضع ضابطًا للتفرق بين كون العقد مع السمسار جعالة أم إجارة؛ ألا وهو تمام العمل إن لم يكن في مقدور الأجير حيث يعد هنا عقد جعالة فقد حده بالعمل، أما إذا حده بالزمن فهو عقد إجارة.
    ج. اعتبار الدلال شريكًا في السلعة : أقر الفقهاء بأنه لا يجوز بيع أو شراء الوكيل لنفسه دون إذن من موكله ؛ فكما ذكر العلامة الأبياني أنه يجوز في حال علم رب السلعة بذلك .
    د. اعتبار الدلالة عقد وكالة : يعد كذلك في حال أن يوكل المالك السمسار ولم يشترط له أجر؛ حيث يكون هنا وكيلًا للمالك .


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

ﺗﻧﺗﺷر اﻟﺣدود اﻟ...

ﺗﻧﺗﺷر اﻟﺣدود اﻟﺑﻧﺎءه ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻟﺣﺎﻻت ﺑﯾن ﻟوﺣﯾن ﻣﺣﯾطﯾﯾن ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﯾد وﺳط اﻟﻣﺣﯾط اﻻطﻠﺳﻲ واﺣﯾﺎﻧﺎً ﺗﻘﻊ اﻟﺣد...

THE EMPIRE: FRO...

THE EMPIRE: FROM AUGUSTUS TO MARCUS AURELIUS Having taken control of the state in 31 B.C., Octavian ...

الأمير عبد القا...

الأمير عبد القادر: ولد الأمير عبد القادر بن محي الدين يوم الجمعة 23 رجب 1222هـ الموافق ل 26 سبتمبر 1...

وما إن انتصب ال...

وما إن انتصب الأمير عبد القادر، حتى بادر بتنظيم أمور الدولة، فأسس مجلساً للوزراء، ومجل ًسا للشورى، و...

أبوظبي في 30 إب...

أبوظبي في 30 إبريل / وام / كرمت هيئة الهلال الأحمر المخترع الإماراتي الصغير الطالب أديب سليمان البلو...

تعريف عملية الق...

تعريف عملية القياس وأغراضها . قبل البدء بالحديث عن خطوات تشخيص صعوبات التعلم والمعايير المستخدمة في...

سوف أتطرق في بح...

سوف أتطرق في بحثي عن دور المحامي وآلية عمله بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي ودور مهنة المحاماة ال...

اكتبه بطريقة ال...

اكتبه بطريقة الطلبة الأعزاء: بسم الله الرحمن الرحيم بعد دراستنا لتاريخ القدس في العصور القديمة ثبت...

حيث عنصر العمل...

حيث عنصر العمل كراس المال ا التكنولوجيا تكون ثابت في الاجل القصير يرى ان حدوث النمو في الناتج المحل...

تختتم هذه الدرا...

تختتم هذه الدراسة بتوضيح الأثر الكبير للتغيرات التي شهدها سطح الأرض في منطقة البصرة، في العراق، عبر ...

اتخذ النبي صلى ...

اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد النبوي الشريف مركزًا للدولة الإسلامية، حيث كان يُعقد فيه الا...

اللغة هي هذه ال...

اللغة هي هذه الألفاظ ذات المعاني التي تتبادلها فيفهم كل منا عن صاحبه ما آراد بها حين نطقها، من خبر ي...