Online English Summarizer tool, free and accurate!
لقمع حركات الاستقلال في الأصقاع الشرقية للإمبراطورية
يبدو أن هذا النصر قد شجعه على معاودة الحرب مرة أخرى ضد
البطالمة من أجل طردهم من جنوب الشام وفلسطين.من هزيمتهم وطردهم من فلسطين بعد انتصاره في معركة بانيون
Paneion ( الشهيرة عند نهر الأردن عام 233 ق.جزء من إمبراطوريتهم وهو إقليم الشام.غير أن سياسته التوسعيه تحطمت فيما بعد بسبب عدم قدرته على
المتوسط وهي روما.فيليب الخامس عدو الرومان الأول، كما أن
اللدود.وربما كان من أسباب تحالفه مع هانيبال هو محاولته إرضاء
العناصر الآرامية والفينيقية،الإمبراطورية السليوقية،كرامة العنصر الآرامي. بالإضافة إلى ذلك، كان البطالمة يقفون ضد توسع
التعاون مع الرومان. لدرجة أنهما وقعا
معاهدة سرية بينهما عام 303 ق.م.؛بدت عليها مظاهر الضعف بعد موت بطليموس الثالث؛ ولاقتسام ممتلكاتها
في الشام وآسيا الصغرى وبحر إيجة. فقد كان السناتو
الخامس ويتوجس خيفة من تصرفاته. فإن حملته العسكرية على إقليم تراقيا شمال بحر إيجة
م. قد أثارت ضده عدوا جديدا وهو جزيرة رودس سيدة بحر
ومركزه البحرى والتجاري، والتي اشتهرت بتجارتها في الغلال مع
موانئ البحر الأسود. كذلك أثارث هذه الحملة عليه حنق مملكة برجامون،التي كان لها مصالح تجارية في شمال الأناضول.لقد أثارت حمله أنطيوخوس الثالث على تراقيا عام 391 ق.حنق بعض المدن الإغريقيه في الأناضول مثل سمرنة ) Smyrna ( )إزمير
الحالية(، فتوجهت
بعض منها إلى السناتو الروماني بطلب التدخل لإجبار أنطيوخوس الثالث
بالالتزام بمبدأ حرية المدن الإغريقية الذي أعلنته روما بعد هزيمتها لفيليب
الخامس عام 391 ق. وإجباره على قبول صلح مهين،ودفع غرامة حرب باهظة، كان من
انتهزت مناسبة
لكافة المدن الإغريقية، وباتوا يحلمون بعصر
ذهبي، تتحقق أخيرا فيه الحرية والرخاء، تحت رعاية الرومان.من أجل مصلحة مشتركة، وهو اقتسام ممتلكات البطالمة. فكان كليهما يخشى
تزايد نفوذ الآخر؛ بل أن أنطيوخوس الثالث بعث مندوبين
عنه لحضور دورة الألعاب الكورنثية التي أعلن فلامينيوس فيها قرار روما
وفي الوقت نفسه،نقلوا إليه تحذيرا يأمره بالانسحاب من المدن الإغريقية في آسيا الصغرى
كما طالبوه بعدم التعرض للمدن الإغريقية التي لم تدخل
وأن ينسحب على الفور من المدن الأخرى التي
وبذلك يتضح أن توسعات أنطيوخوس في آسيا الصغرى وتراقيا قد
كما أنه كشف عن موقفه المعادي للرومان،روما الأكبر هانيبال القرطاجي الذي زار أنطاكية عام 191 ق.م. ليحاول
بدأت أبواق الدعاية الرومانية -التي تسبق عادة
ومن جانبه، راح أنطيوخوس يحذر المدن
لقد جرت محاولات لوضع صيغة تعايش ) Modus Vivendi )
بين الملك أنطيوخوس الكبير والرومان، فقد كانت
الأمور قد وصلت إلى نقطة اللاعودة.يطلقون الشائعات؛ بهدف إثارة الرومان وتخويفهم من نواياه التوسعية. بأن أنطيوخوس الثالث يعد العدة للقيام بحملة
بحرية كبرى لإنزال جنوده عند سواحل صقلية، وأن هذا الأسطول سيعبر البحر الأدرياتيكي في الربيع؛لمهاجمة سواحل صقلية جنوب إيطاليا. وعلى هذا النحو،نقاط القوة والضعف في شخصية أنطيوخوس الكبير
بين أمرائها؛ إلا أنه كان لا يتسامح أبدا مع من
يخونه ويخرج عن طوعه، وخير مثال على ذلك ما قام به نحو ثورة آخايوس. بالرغم من
ثرائه وسطوته.ويرقص معهم رقصة الحرب المقدونية الشهيرة. فقد رفض في تحد سافر أن يسلم هانيبال للرومان بعد أن
معلنا أنه لن يتخل عنه مهما كان الثمن.وفي مجال الدبلوماسية،المهارة والحكمة في موقفه من بطليموس الخامس أبيفانيس عقب الهزيمة
فقد رأى أنه من
أحضان الرومان، على أن تكون المهر
الذي تقدمها العروس لعريسها، بينما يظل هذا الإقليم تابعا من ناحية السيادة للإمبراطورية
السليوقية، فكان حلا معقولا أنهى به صراعا مزمنا وعقيما بين هاتين
الأسرتين المقدونيتين. في نفس الوقت،وجمالها على زوجها بطليموس الخامس؛ لكى يلتزم جانب الحياد في الحرب
الخامس والرومان فيما بعد.علاقته المشئومة بالملك المقدوني فيليب الخامس.الأخير تصرفات حمقاء، جلبت النكبة على الإغريق الذين بادلوة العداء
والكراهية. وبمهارة شديدة استغلت روما هذه الكراهية؛ لتحقيق مآربها
اليونانية، ثم إلى مياه بحر إيجة
وهو نفسه الذي ورط أنطيوخوس في الدعوة لاقتسام
بالإضافة إلى ذلك، لا يتفق والتقاليد الإغريقية.وأبيدوس، وسلك سلوكا أبشع مع جزيرتي ثاسوس وكيوس،الأولى في أسواق الرقيق،الإغريق بالإجماع. فقد كان رزينا بعيد النظر، يعرف كيف
يكسب إلى جانبه حتى أعداءه، لذلك
لم يكن راضيا في أعماق نفسه عن تصرفات حليفه المقدوني؛في مساعدته عندما كان كالثور الهائج يدمر المدن الإغريقية.حرصه على التواجد بالقرب من السواحل الشرقية للبحر الأدرياتيكي؛ حتى
يهدد الرومان بأنهم لو تدخلوا في شئون المدن الإغريقية سواء في بلاد
اليونان، فإنه بدوره
والتي
أجبرها الرومان على الدخول في دولتهم. قرروا
فطرحوا
بل تحالفوا معها لتكوين جبهة تقف في
وجه عدوهم المشترك فيليب الخامس المقدوني،233 ق.وأنطيوخوس،وفي نفس الوقت، كان السناتو يستقبل أيضا وفودا من مدينة سمرنة
على استقلالهم، على مدن آسيا الصغرى المختلفة، فهللوا لتلك القوة الجديدة
التي سوف تلقي طوق النجاة لهم. بعد تحالفه مع ألد
وهو هانبيال القرطاجي؛للوقوف في وجه الخطر الروماني.م.،فيليب الخامس. وغزت مقدونيا،به هزيمة ساحقة في معركة كينوس كيفالاي عام 333 ق. فر هانيبال من
ليلجأ إلى بلاط أنطيوخوس الأكبر في إفيسوس.مقدمات معركة ماجنيسيا الفاصلة
ومتشابكة الأطراف. ولم يكن
الميدان، كما أن الحظ -والمعارك يلعب فيها الحظ دورا كبيرا- لم يكن في
فعلى سبيل المثال، عندما علم بعبور الأسطول الروماني شرقا إلى
تصدى له مدعوما بأسطولين، أولهما أسطول حلفائه
Antalya ( -جنوب الأناضول إلى الشرق من جزيرة رودس- تحت سفح
جبال طوروس. حيث
الكمين وهو يطارد بعضا من سفن القراصنة، وكادت الدائرة تغلق عليه، لولا
أن قائده تذكر فجأة أن جرار النبيذ قد فرغت، فأبحر يبحث عن مصدر يملأ
وبذلك أفلت من كمين ليلي قاتل. تدخلت سفن رودس
وتحول النصر إلى جانب الرومان،و د مر الأسطول السليوقي.مرمرة من وجود قوات سليوقية تحميها؛ التي كانت مليئة بمخازن السلاح والعتاد. وبقيت له
ليقاوم بها حتى يحصل على
والتصالح.لكن يومينيس ملك برجامون كان له بالمرصاد؛ لإبطال أي محاولة
ولم يكن غريبا أن يقف فيليب الخامس هو الآخر مع
فقد كان يطمع أن ي خفض الرومان من غرامة
الحرب التي فرضوها عليه. وعلى هذا النحو،المعركة البرية الفاصلة عند ماجنيسيا.وأنهت سيطرتها على آسيا الصغرى وبحر إيجة،الشرق الأدنى ينحصر نفوذها في الشام )جنوب جبال طوروس( وفي بلاد
وكانت أيضا بداية وصول الرومان إلى الشرق الأدنى، وأهميته التجارية والاستراتيجية.ونظمه وطريقة الحياة فيه. لقي الملك أنطيوخوس الثالث هزيمة ساحقة
قصمت ظهر إمبراطوريته. وبدأ عصر الابتزاز والاستغلال الروماني
لشعوب الشرق الهللينستي،الضعف.التقى الجيشان المتحاربان عند ماجنيسيا عام 333 ق.المعركة مبارزة بين الإمبراطورية السليوقية والإمبراطورية الرومانية
فحسب، بل كانت مباراة بين الفيلق المقدوني العتيق ) Phalanx ( وبين الفرقة
لقد كان كل منهما يريد إظهار تفوقه على خصمه في الشجاعة،القدرة القتالية، فقد أقامت فيالق أنطيوخوس سدا
بلغ عمقه اثنتان وثلاثون وحدة مقاتلة، يفصل بين كل منها رتل من
سلاح الأفيال الهندية المدربة. وكان يتمطيها رماة سهام مهرة،والإقدام. بسبب اشتراك ملك
برجامون إلى جانب الرومان بفرقة من الفرسان، صوبت سهامها إلى رؤوس
وإلى جانب وحدات الفرسان السكيثيين،المقاتلين البدو الذين يركبون الجمال السريعة،أما قلب دفاع الجيش،المتلاصقة، والتي تراوح عددها ما بين ست عشرة واثنتين وثلاثين وحدة.وكانت الفيلة الضخمة تتوسط كل وحدة منها، وتقوم مقام القلاع أو الأبراج
لذلك فقد أولاها المؤرخ بوليبيوس اهتماما
وأفرد لها تحليلا علميا مطولا ودقيقا.حيث سرد تفاصيل المعركة بتفصيل دقيق،ولم يذكر أبدا أن قوات أنطيوحوس كانت تعوزها الشجاعة والجرأة، إنما
مما ش ل حركتها، وأضعف قدرتها على
المناورة. بسبب
وجود مسافات فاصلة بين كل فرقة،العدو.للقوات المقدونية الموروثة عن التراث الحربى الإغريقي، غير أنها في مواجهتها للفرق الرومانية
فأي سهم كان يطلق تجاه هذه الكتل
تنيظمها وتقييد مساحتها؛ ومن ثم يؤدي إلى ش ل حركتها.وبالرغم من هذه العيوب، فقد واجهت الفرق الرومانية من جانب
واصل بوليبيوس توجيه النقد إلى
بأنها كانت تقاتل دون غطاء دفاعي من الفرسان،أدت إلى إضعاف الفيالق المقدونية،مواجهة الفرق الرومانية المتطورة التي تعتمد على المشاة ذات الحركة
والتي تسمح بالكر والفر.كذلك لم يفت بوليبيوس أن يوضح أن من بين أسباب هزيمة
أنطيوخوس الثالث، مثل قوات يومينيس ملك برجامون، تلك
البرية والبحرية، التي كانت تسيطر على طرق التجارة في آسيا، حتى ولو
أدى ذلك إلى التعاون مع الرومان. فقد أغروه بمقاتلة فرسان غريمه يومينيس ملك
برجامون. وقد اشتبك أنطيوخوس مع هذه القوات الإغريقية، فاندفع على
رأس مجموعة من فرسانه يطاردها، حتى سحبته بعيدا عن قواته التي
أضحت بلا غطاء دفاعي يحمي ميسرتها. لكي
ثم انهالت جنوده عليها بالحراب والسهام من كل جانب،بها خسائر فادحة بسبب تكدسها، واضطرتها إلى التقهقر في فوضى.فهاجمت الفيلة محدثة حالة هرج ومرج وخسائر خلال عملية الانسحاب.معتقدا أنه قد شفى غليله بتشتيت شملها،والعربات الحربية ال م حطمة.الفيالق المقدونية الشهيرة؟
العسكرية الموروثة، فكانت تحرص على إناقة مظهرها وزيها العسكري،المتحركة،بعد أن تمالك أنطيوخوس نفسه من هول الهزيمة،العتيقة سارديس، ثم عاد إلى العاصمة السليوقية أباميا ) Apamea (، ومن
م. في أباميا على شروط الرومان،نهاية لأحلامه التوسعية. وطبقا لشروط السلام مع الرومان،لقد أجبرت روما -بمقتضى صلح أباميا- أنطيوخوس الأكبر على
تسليم أفياله المدربة،غريمه يومينيس ملك برجامون،أسطوله، بعد أن أخذت عليه تعهدا بتحديد
المدى البحري لإبحار سفنه. ونتيجة لذلك؛هيمنتها على بحر إيجة، مما نتج عنه عودة القراصنة لتهديد السفن التجارية،مما أحدث خللا في النشاط التجاري في البحر المتوسط.إلى جانب سلاح الأفيال، ورث يومينيس أغلب ممتلكات
الإمبراطورية السليوقية شمال جبال طوروس كمكافأة له لتعاونه مع
الرومان. لكن يومينيس رأى بعينيه الثمن الباهظ الذي ت كلفه فرض الهيمنة
على المدن الإغريقية، ففضل أن يطبق مبدأ الحرية لكافة المدن الإغريقية،ومن المؤسف أن روما قد تغيرت سياستها تجاه الإغريق بعد
فقد أصبح شعب برجامون بغيضا في عيون الرومان،خرج خاسرا بعد أن فقد سيطرته على بحر إيجة،ديلوس إلى سوق دولية لتجارة الرقيق، التي ك سدت تجارتها.واختفاء هيمنة السليوقيين البحرية، أن اختل الأمن في بحر إيجة وشرق
البحر المتوسط، فغدا وكرا وملاذا للقراصنة،فقد كانت كل من رودس والإمبراطورية السليوقية تحافظان بشدة
البحرية.انقلاب موازين القوى. وبين ما يجري في الممالك
وكان يتمنى أن ي صلح الرومان بمبادئهم ومثلهم العليا هذه
الممالك. وتحول الرومان من البساطة والتقشف، إلى الجشع
وانتشر جامعو الضرائب،
حملة عسكرية؛ لقمع حركات الاستقلال في الأصقاع الشرقية للإمبراطورية
وتنظيم أقاليمها وولاياتها، وقد عاد منها منتصرا.
يبدو أن هذا النصر قد شجعه على معاودة الحرب مرة أخرى ضد
البطالمة من أجل طردهم من جنوب الشام وفلسطين. وفي هذه المرة، تمكن
من هزيمتهم وطردهم من فلسطين بعد انتصاره في معركة بانيون
( Paneion ( الشهيرة عند نهر الأردن عام 233 ق.م.، وخسر البطالمة أهم
جزء من إمبراطوريتهم وهو إقليم الشام.
غير أن سياسته التوسعيه تحطمت فيما بعد بسبب عدم قدرته على
فهم حركة التاريخ الدائمة بأن هناك قوة جديدة قد صعدت في سماء البحر
المتوسط وهي روما.
وكان تصرف أنطيوخوس الثالث بتحالفه مع ملك مقدونيا الجديد
فيليب الخامس عدو الرومان الأول، قد أثار سخط روما عليه، كما أن
الملكين المقدوني والسوري قد تحالفا مع هانيبال القرطاجي عدو روما
اللدود.
وربما كان من أسباب تحالفه مع هانيبال هو محاولته إرضاء
العناصر الآرامية والفينيقية، التي كانت تشكل شطرا كبيرا من سكان
الإمبراطورية السليوقية، باعتبار أن هانييال فينيقي الأصل، ويرمز إلى
كرامة العنصر الآرامي. بالإضافة إلى ذلك، كان البطالمة يقفون ضد توسع
قرطاجة في شمال أفريقيا خوفا على ممتلكاتهم في برقة؛ ولذلك فضلوا
التعاون مع الرومان.
لقد أدى تحالف البطالمة مع الرومان إلى تزايد التحالف بين
أنطيوخوس الثالث وحليفه المقدوني فيليب الخامس، لدرجة أنهما وقعا
معاهدة سرية بينهما عام 303 ق.م.؛ لإسقاط الإمبراطورية البطلمية التي
بدت عليها مظاهر الضعف بعد موت بطليموس الثالث؛ ولاقتسام ممتلكاتها
في الشام وآسيا الصغرى وبحر إيجة.
ولما كانت مصر قد أصبحت أحد المصادر الأساسية لإمداد الشعب
الروماني بالقمح بعد حرق هانييال لحقول القمح في إيطاليا، فقد كان السناتو
الروماني يتابع أنباء هذا التحالف بقلق، فقد كان لا يثق في مسلك فيليب
الخامس ويتوجس خيفة من تصرفاته.
زد على ذلك، فإن حملته العسكرية على إقليم تراقيا شمال بحر إيجة
في عام 333 ق.م. قد أثارت ضده عدوا جديدا وهو جزيرة رودس سيدة بحر
إيجة، ومركزه البحرى والتجاري، والتي اشتهرت بتجارتها في الغلال مع
موانئ البحر الأسود. كذلك أثارث هذه الحملة عليه حنق مملكة برجامون،
التي كان لها مصالح تجارية في شمال الأناضول.
بداية تأزم علاقاته مع الرومان
لقد أثارت حمله أنطيوخوس الثالث على تراقيا عام 391 ق.م.،
حنق بعض المدن الإغريقيه في الأناضول مثل سمرنة ) Smyrna ( )إزمير
الحالية(، ولامباسكوس ) Lampascos ( الواقعة على بحر مرمرة. فتوجهت
بعض منها إلى السناتو الروماني بطلب التدخل لإجبار أنطيوخوس الثالث
بالالتزام بمبدأ حرية المدن الإغريقية الذي أعلنته روما بعد هزيمتها لفيليب
الخامس عام 391 ق.م. في معركة كينوس كيفالاي ) Cynoscephalae .)
حيث أكدت روما على ضرورة احترام حرية استقلال المدن
الإغريقية بعد هزيمتها لفيليب الخامس، وإجباره على قبول صلح مهين،
تنازل فيه عن كل ممتلكات مقدونيا الخارجية، وتسليم أسطوله بالكامل لها،
ودفع غرامة حرب باهظة، وإرسال عدد من الرهائن إلى روما، كان من
بينهم أخوه ديمتريوس.
فلكي تكسب روما تأييد الإغريق في أوروبا وآسيا؛ انتهزت مناسبة
انعقاد دورة الألعاب الكورنثية عام 333 ق.م. وأعلنت مبدأ السيادة والحرية
لكافة المدن الإغريقية، وصد ق الإغريق هذا الإعلان، وباتوا يحلمون بعصر
ذهبي، تتحقق أخيرا فيه الحرية والرخاء، تحت رعاية الرومان.
بالرغم من أن تحالف أنطيوخوس الثالث مع فيليب الخامس كان
مدعاة لقلق روما من قبل، لكن غزوها لمقدونيا أثبت أنه كان تحالف الغرماء
من أجل مصلحة مشتركة، وهو اقتسام ممتلكات البطالمة. فكان كليهما يخشى
تزايد نفوذ الآخر؛ ولذلك فقد كان أنطيوخوس الثالث في قرارة نفسه سعيدا
بالكارثة التي حلت بفيليب الخامس، بل أن أنطيوخوس الثالث بعث مندوبين
عنه لحضور دورة الألعاب الكورنثية التي أعلن فلامينيوس فيها قرار روما
بإعلان الحرية لكافة المدن الإغريقية.
وفي الوقت نفسه، استقبل أنطيوخوس الثالث وفدا رسميا رومانيا
نقلوا إليه تحذيرا يأمره بالانسحاب من المدن الإغريقية في آسيا الصغرى
تنفيذا لذلك القرار، كما طالبوه بعدم التعرض للمدن الإغريقية التي لم تدخل
في حوزة إمبراطوريته، وأن ينسحب على الفور من المدن الأخرى التي
كانت تابعة للبطالمة أو مقدونيا.
وبذلك يتضح أن توسعات أنطيوخوس في آسيا الصغرى وتراقيا قد
أثارت غضب الرومان عليه.
كما أنه كشف عن موقفه المعادي للرومان، عندما قدم حمايته لعدو
روما الأكبر هانيبال القرطاجي الذي زار أنطاكية عام 191 ق.م. ليحاول
إثارة أنطيوخوس لكى يعلن الحرب على الرومان.
على إثر ذلك؛ بدأت أبواق الدعاية الرومانية -التي تسبق عادة
الحرب- توجه نشاطها نحوه. ومن جانبه، راح أنطيوخوس يحذر المدن
الإغريقية من مغبة الوقوع في شرك الدعاية الرومانية باسم "تحرير المدن
الإغريقية".
لقد جرت محاولات لوضع صيغة تعايش ) Modus Vivendi )
بين الملك أنطيوخوس الكبير والرومان، غير أنها لم تنجح. فقد كانت
الأمور قد وصلت إلى نقطة اللاعودة. وبدأ أعداء أنطيوخوس من الإغريق
يطلقون الشائعات؛ بهدف إثارة الرومان وتخويفهم من نواياه التوسعية.
حيث وصل يومينيس ) Eumenes ( ملك برجامون إلى روما يحمل
للسناتو شائعات مزعجة، بأن أنطيوخوس الثالث يعد العدة للقيام بحملة
بحرية كبرى لإنزال جنوده عند سواحل صقلية، وأنه أعد لذلك الغرض
أسطولا ضخما، وأن هذا الأسطول سيعبر البحر الأدرياتيكي في الربيع؛
لمهاجمة سواحل صقلية جنوب إيطاليا. وعلى هذا النحو، كان لبرجامون
دور هام في تصعيد الخلاف بين روما وأنطيوخوس الكبير.
نقاط القوة والضعف في شخصية أنطيوخوس الكبير
بالرغم من أن أنطيوخوس الكبير كان رجلا متزنا وحكيما، كما كان
شديد الوفاء لأسرة آل سليوقوس، فقد أمضى حياته يعمل على رأب الصدع
بين أمرائها؛ حتى تبدو قوية ومتماسكة. إلا أنه كان لا يتسامح أبدا مع من
يخونه ويخرج عن طوعه، أو يتسبب في بث الشقاق والفتنة بين الأسرة
الحاكمة. وخير مثال على ذلك ما قام به نحو ثورة آخايوس.
وقد كان أنطيوخوس الثالث متواضعا وبسيطا في حياته، بالرغم من
ثرائه وسطوته. إذ كان يشارك جنوده احتفالاتهم، فيفرط في الشراب معهم،
ويرقص معهم رقصة الحرب المقدونية الشهيرة.
ولقد ع رف عن أنطيوخوس الأكبر وفاءه لأصحابه، يحميهم ويدافع
عنهم ولا يغدر بهم. فقد رفض في تحد سافر أن يسلم هانيبال للرومان بعد أن
التجأ إليه، معلنا أنه لن يتخل عنه مهما كان الثمن.
وفي مجال الدبلوماسية، كان ماهرا وحاذقا وحكيما، فقد تجلت هذه
المهارة والحكمة في موقفه من بطليموس الخامس أبيفانيس عقب الهزيمة
التي م ني بها هذا الأخير في الحرب السورية الخامسة. فقد رأى أنه من
الحكمة ألا يكون قاسيا في شروطه؛ حتى لا يدفع ببطليموس المهزوم إلى
أحضان الرومان، بل ز و جه من ابنته كليوباترا الأولى، على أن تكون المهر
الذي تقدمها العروس لعريسها، هي حكم جنوب الشام من الناحيتين الإدارية
والمالية فقط. بينما يظل هذا الإقليم تابعا من ناحية السيادة للإمبراطورية
السليوقية، فكان حلا معقولا أنهى به صراعا مزمنا وعقيما بين هاتين
الأسرتين المقدونيتين. في نفس الوقت، أوصى العروس أن تؤثر بشخصيتها
وجمالها على زوجها بطليموس الخامس؛ لكى يلتزم جانب الحياد في الحرب
القادمة بينه وبين الرومان، وبالفعل أدى ذلك إلى تأزم العلاقة بين بطليموس
الخامس والرومان فيما بعد.
لقد كانت نقطة الضعف الكبرى في سياسة أنطيوخوس الأكبر هي
علاقته المشئومة بالملك المقدوني فيليب الخامس. فقد كانت تصرفات هذا
الأخير تصرفات حمقاء، جلبت النكبة على الإغريق الذين بادلوة العداء
والكراهية. وبمهارة شديدة استغلت روما هذه الكراهية؛ لتحقيق مآربها
وأطماعها في العالم الهللينستي، تحت ستار إعلان الحرية والسيادة للمدن
اليونانية، وهي أكذوبة ثبت زيفها فيما بعد. فقد كانت تصرفات فيليب الحمقاء
هي التي جاءت بالرومان إلى مياه البحر الأدرياتيكي، ثم إلى مياه بحر إيجة
عام 232 ق.م.، وهو نفسه الذي ورط أنطيوخوس في الدعوة لاقتسام
ممتلكات البطالمة الخارجية.
بالإضافة إلى ذلك، كان مسلك هذا الملك المقدوني مع المدن
الإغريقية الحرة وغير الحرة قاسيا و م شينا، لا يتفق والتقاليد الإغريقية. فقد
سلك فيليب المقدوني سلوكا بربريا إزاء كل من لوسيماخيا وخالقيدون
وأبيدوس، وسلك سلوكا أبشع مع جزيرتي ثاسوس وكيوس، فقد باع سكان
الأولى في أسواق الرقيق، وسوى بيوت الثانية بالأرض ثم باع سكانها أيضا
في أسواق الرقيق.
وبسبب تهوره وطيشه، أصبح فيليب الخامس محط كراهية عند
الإغريق بالإجماع. أما أنطيوخوس، فقد كان رزينا بعيد النظر، يعرف كيف
يكسب إلى جانبه حتى أعداءه، تماما مثلما فعل مع بطليموس الخامس. لذلك
لم يكن راضيا في أعماق نفسه عن تصرفات حليفه المقدوني؛ ومن ثم لم يفكر
في مساعدته عندما كان كالثور الهائج يدمر المدن الإغريقية.
ولقد كان الدافع الذي جعل أنطيوخوس يصبر على تهور فيليب
حرصه على التواجد بالقرب من السواحل الشرقية للبحر الأدرياتيكي؛ حتى
يهدد الرومان بأنهم لو تدخلوا في شئون المدن الإغريقية سواء في بلاد
اليونان، أو في جزر بحر إبجة أو في شبه جزيرة الأناضول، فإنه بدوره
سوف يتدخل لنصرة المدن الإغريقية في صقلية وجنوب إيطاليا، والتي
أجبرها الرومان على الدخول في دولتهم.
ومن الجدير بالذكر أن سكان جزيرة رودس عندما شاهدوا فيليب
المقدوني وهو يستعرض عضلاته في مضايق بحر إيجة ويهدد التجارة،
ويقطع الطريق على السفن القادمة من شواطىء البحر الأسود، قرروا
التصدي له رغم ما ع رف عنهم من إيثار للسلم على الحرب. فطرحوا
خلافاتهم مع مملكة برجامون جانبا، بل تحالفوا معها لتكوين جبهة تقف في
وجه عدوهم المشترك فيليب الخامس المقدوني، وأرسلوا في أواخر عام
233 ق.م. وفودا إلى روما شرحت للسناتو خطر التحالف بين فيليب
وأنطيوخوس، وحثوه على القيام بحرب مانعة لهذا الخطر.
وفي نفس الوقت، كان السناتو يستقبل أيضا وفودا من مدينة سمرنة
ولامباسكوس جاءوا يطالبون روما بضرورة تحرير المدن الإغريقية من نير
هذين الملكين. وقد انطلت سياسة روما المتظاهرة بحب الإغريق والحرص
على استقلالهم، على مدن آسيا الصغرى المختلفة، فهللوا لتلك القوة الجديدة
التي سوف تلقي طوق النجاة لهم.
كذلك أثار فيليب المقدوني ثائرة الرومان، بعد تحالفه مع ألد
أعدائهم، وهو هانبيال القرطاجي؛ بهدف توجيه ضربة معنوية لروما،
وتشكيل حلف ثلاثي يتكون من مقدونيا وقرطاجة والإمبراطورية السليوقية؛
للوقوف في وجه الخطر الروماني. فبعد هزيمة هانيبال في معركة زاما
الكبرى عام 232 ق.م.، قرر الفرار إلى مقدونيا حيث نزل ضيفا في بلاط
فيليب الخامس. ولما استدارت روما لتأديب فيليب، وغزت مقدونيا، وألحقت
به هزيمة ساحقة في معركة كينوس كيفالاي عام 333 ق.م.، فر هانيبال من
البلاط المقدوني؛ ليلجأ إلى بلاط أنطيوخوس الأكبر في إفيسوس.
مقدمات معركة ماجنيسيا الفاصلة
كانت الظروف المحيطة بمعركة ماجنيسيا الكبرى متسارعة
ومتشابكة الأطراف. وقد أبلت فيها قوات أنطيوخوس بلاءا حسنا، ولم يكن
هناك أخطاء تؤخذ على جيوشه سوى غياب فن التكتيك المتطور والمؤثر في
الميدان، كما أن الحظ -والمعارك يلعب فيها الحظ دورا كبيرا- لم يكن في
جانبه. فعلى سبيل المثال، عندما علم بعبور الأسطول الروماني شرقا إلى
مياه آسيا الصغرى، تصدى له مدعوما بأسطولين، أولهما أسطول حلفائه
الفينيقيين ويقوده هانييال بنفسه ، وثانيهما الأسطول السليوقي.
وقد أوقع الرومان بالأسطول الأول هزيمة بحرية عند ساحل أنطاليا
( Antalya ( -جنوب الأناضول إلى الشرق من جزيرة رودس- تحت سفح
جبال طوروس. أما الأسطول الثاني فقد نجح قائده في نصب كمين بحري
محكم للأسطول الروماني عند رأس تيوس على ساحل الأناضول، حيث
يشرف هذا الموقع على خليج صغير. وقد دخل الأسطول الروماني إلى هذا
الكمين وهو يطارد بعضا من سفن القراصنة، وكادت الدائرة تغلق عليه، لولا
أن قائده تذكر فجأة أن جرار النبيذ قد فرغت، فأبحر يبحث عن مصدر يملأ
منه هذه الجرار، وبذلك أفلت من كمين ليلي قاتل.
لما حاول أسطول أنطيوخوس ملاحقته، تدخلت سفن رودس
وبحارتها لحماية الأسطول الروماني، وتحول النصر إلى جانب الرومان،
و د مر الأسطول السليوقي. ثم انتهز الأسطول الروماني خلو منطقة بحر
مرمرة من وجود قوات سليوقية تحميها؛ فاندفع نحوها واستولى على أهم
مدنها لوسيماخيا، التي كانت مليئة بمخازن السلاح والعتاد.
على هذا النحو، فقد أنطيوخوس السيطرة على بحر إيجة، وبقيت له
قواته البرية التي وضع فيها آخر أمل لديه؛ ليقاوم بها حتى يحصل على
شروط صلح معقول. وبالفعل حاول الاتصال سرا بالرومان؛ لحقن الدماء
والتصالح.
لكن يومينيس ملك برجامون كان له بالمرصاد؛ لإبطال أي محاولة
للسلام بين الطرفين. ولم يكن غريبا أن يقف فيليب الخامس هو الآخر مع
الرومان ضد حليفه القديم؛ فقد كان يطمع أن ي خفض الرومان من غرامة
الحرب التي فرضوها عليه. وعلى هذا النحو، كانت هذه هي مقدمات
المعركة البرية الفاصلة عند ماجنيسيا.
معركة ماجينسيا وبداية النهاية للإمبراطورية السليوقية ) 309 ق.م.(
لقد كانت موقعة ماجنيسيا إحدى المعارك الفاصلة في تاريخ الشرق
الهلينستي، فقد كانت بداية النهاية للإمبراطورية السليوقية، حيث قوضتها
وأنهت سيطرتها على آسيا الصغرى وبحر إيجة، وحولتها إلى دولة من دول
الشرق الأدنى ينحصر نفوذها في الشام )جنوب جبال طوروس( وفي بلاد
النهرين.
وكانت أيضا بداية وصول الرومان إلى الشرق الأدنى، حيث أدركوا
مدى ثرائه، وأهميته التجارية والاستراتيجية. بل وتأثروا أيضا بحضارته
ونظمه وطريقة الحياة فيه.
في هذه المعركة، لقي الملك أنطيوخوس الثالث هزيمة ساحقة
قصمت ظهر إمبراطوريته. وبدأ عصر الابتزاز والاستغلال الروماني
لشعوب الشرق الهللينستي، فتحولت من الثراء إلى الفقر، ومن القوة إلى
الضعف.
التقى الجيشان المتحاربان عند ماجنيسيا عام 333 ق.م. ولم تكن
المعركة مبارزة بين الإمبراطورية السليوقية والإمبراطورية الرومانية
فحسب، بل كانت مباراة بين الفيلق المقدوني العتيق ) Phalanx ( وبين الفرقة
الرومانية ) Legio ( وليدة التطوير المستمر في ضوء المعارك المختلفة.
الأسلحة والوحدات القتالية للجيش السليوقي
لقد كان كل منهما يريد إظهار تفوقه على خصمه في الشجاعة، وفي
القدرة القتالية، وفي فن الحركة التكتيكية. فقد أقامت فيالق أنطيوخوس سدا
بشريا، بلغ عمقه اثنتان وثلاثون وحدة مقاتلة، يفصل بين كل منها رتل من
سلاح الأفيال الهندية المدربة. وكان يتمطيها رماة سهام مهرة، ويحمي هذه
القوات وحدات من الفرسان من أهل سكيثيا المعروفين بالفروسية والجرأة
والإقدام.
إلا أن مفعول هذه الفرسان تعطل تماما؛ بسبب اشتراك ملك
برجامون إلى جانب الرومان بفرقة من الفرسان، صوبت سهامها إلى رؤوس
الخيول. وإلى جانب وحدات الفرسان السكيثيين، اشترك العرب بفرقة من
المقاتلين البدو الذين يركبون الجمال السريعة، ويمسكون بحراب طويلة،
وسيوف عريضة باترة.
أما قلب دفاع الجيش، فقد كان وحدات الفيالق المقدونية
المتلاصقة، والتي تراوح عددها ما بين ست عشرة واثنتين وثلاثين وحدة.
وكانت الفيلة الضخمة تتوسط كل وحدة منها، وتقوم مقام القلاع أو الأبراج
الدفاعية.
وبما أن هذه المعركة لم تقرر مصير الشرق الهللينستي فحسب، بل
انها أنهت إلى الأبد دور الفيالق المقدونية، وانتهى معها استخدام الفيلة
كمدرعات ثقيلة في الجيوش؛ لذلك فقد أولاها المؤرخ بوليبيوس اهتماما
خاصا، وأفرد لها تحليلا علميا مطولا ودقيقا.
حيث سرد تفاصيل المعركة بتفصيل دقيق، لدرجة تدعو إلى الملل.
ولم يذكر أبدا أن قوات أنطيوحوس كانت تعوزها الشجاعة والجرأة، إنما
انتقد تكدسها في حيز ضيق، مما ش ل حركتها، وأضعف قدرتها على
المناورة. وفي نفس الوقت، كانت الفرق الرومانية تناور بحرية؛ بسبب
وجود مسافات فاصلة بين كل فرقة، وبحيث لا تسمح بوجود ثغرة ينفذ منها
العدو.
لقد كان حشد القوات لبناء سد دفاعي إحدى سمات البناء العسكري
للقوات المقدونية الموروثة عن التراث الحربى الإغريقي، وربما كانت فكرة
الحائط الدفاعي مفيدة عند الاجتياح، غير أنها في مواجهتها للفرق الرومانية
جعلها تتكبد نسبة عالية من الإصابة، فأي سهم كان يطلق تجاه هذه الكتل
البشرية المتلاحمة، كان ولابد أن يصيب أحد أفرادها، فيؤدي إلى اضطراب
تنيظمها وتقييد مساحتها؛ ومن ثم يؤدي إلى ش ل حركتها.
وبالرغم من هذه العيوب، فقد واجهت الفرق الرومانية من جانب
الفيالق المقدونية قتالا صعبا، ومع ذلك، واصل بوليبيوس توجيه النقد إلى
هذه الفيالق، بأنها كانت تقاتل دون غطاء دفاعي من الفرسان، سواء من
ناحية الميمنة أو الميسرة.
وعلى هذا النحو، حلل بوليبيوس بخبرته العسكرية العوامل التي
أدت إلى إضعاف الفيالق المقدونية، وتقييد حركتها وإعاقة قدراتها في
مواجهة الفرق الرومانية المتطورة التي تعتمد على المشاة ذات الحركة
السريعة، والتي تسمح بالكر والفر.
كذلك لم يفت بوليبيوس أن يوضح أن من بين أسباب هزيمة
أنطيوخوس الثالث، هو اشتراك قوات إغريقية ومقدونية إلى جانب
الرومان، مثل قوات يومينيس ملك برجامون، وقوات جزيرة رودس، تلك
الجزيرة التي كانت مصالحها التجارية تقتضي القضاء على قوة أنطيوخوس
البرية والبحرية، التي كانت تسيطر على طرق التجارة في آسيا، حتى ولو
أدى ذلك إلى التعاون مع الرومان.
وقد بدأت المعركة بمناوشات بين طلائع الفرسان من الجانبين.
وبالرغم من أن أنطيوخوس الثالث أبدى شجاعة مذهلة، إلا أنه وقع في الفخ
الذي نصبه له الرومان، فقد أغروه بمقاتلة فرسان غريمه يومينيس ملك
برجامون. وقد اشتبك أنطيوخوس مع هذه القوات الإغريقية، فاندفع على
رأس مجموعة من فرسانه يطاردها، حتى سحبته بعيدا عن قواته التي
أضحت بلا غطاء دفاعي يحمي ميسرتها.
عندئذ لاحت الفرصة للقائد الروماني إيميليوس باولوس؛ لكي
يطوقها، ثم انهالت جنوده عليها بالحراب والسهام من كل جانب، مما أوقع
بها خسائر فادحة بسبب تكدسها، واضطرتها إلى التقهقر في فوضى.
فهاجمت الفيلة محدثة حالة هرج ومرج وخسائر خلال عملية الانسحاب.
وعندما عاد أنطيوخوس من مطاردته لفرسان يومينيس البرجامي،
معتقدا أنه قد شفى غليله بتشتيت شملها، وجد أن قواته قد ذ بحث عن آخرها.
وقيل أنه وجد خمسين ألف رجل من رجاله جثثا مبعثرة حول الأفيال القتيلة،
والعربات الحربية ال م حطمة.
كتب بوليبيوس في حسرة يقول: "من كان يظن أنها نهاية عصر
الفيالق المقدونية الشهيرة؟
لقد كانت الفيالق المقدونية تتباهى بتاريخها المجيد وتقاليدها
العسكرية الموروثة، فكانت تحرص على إناقة مظهرها وزيها العسكري،
حتى الفيلة التي غدت جزءا لا يتجزأ من الفيلق، وتقوم مقام البروج والقلاع
المتحركة، فاعتنوا كذلك بتزيينها على نحو ما يفعل بعض الهنود اليوم.
نتائج معركة ماجينسيا
بعد أن تمالك أنطيوخوس نفسه من هول الهزيمة، انسحب إلى المدينة
العتيقة سارديس، ثم عاد إلى العاصمة السليوقية أباميا ) Apamea (، ومن
هناك بعث بوفد إلى الرومان يعلن قبوله لشروط السلام التي يقرونها.
بعد مفاوضات استغرقت ما يقرب من عامين كاملين، وقع
أنطيوخوس عام 300 ق.م. في أباميا على شروط الرومان، التي وضعت
نهاية لأحلامه التوسعية. وطبقا لشروط السلام مع الرومان، ق بل الملك
أنطيوخوس الأكبر أن تنسلخ عن الإمبراطورية السليوقية كل الأراضي
الواقعة إلى الشمال من جبال طوروس.
لقد أجبرت روما -بمقتضى صلح أباميا- أنطيوخوس الأكبر على
تسليم أفياله المدربة، والتي كانت بمثابة قواته المدرعة؛ لكي تسلمها إلى
غريمه يومينيس ملك برجامون، كما أمرت بحرق خمسين سفينة حربية من
أسطوله، ولم تترك له سوى عشرة سفن، بعد أن أخذت عليه تعهدا بتحديد
المدى البحري لإبحار سفنه. ونتيجة لذلك؛ فقدت الإمبراطورية السليوقية
هيمنتها على بحر إيجة، مما نتج عنه عودة القراصنة لتهديد السفن التجارية،
مما أحدث خللا في النشاط التجاري في البحر المتوسط.
إلى جانب سلاح الأفيال، ورث يومينيس أغلب ممتلكات
الإمبراطورية السليوقية شمال جبال طوروس كمكافأة له لتعاونه مع
الرومان. لكن يومينيس رأى بعينيه الثمن الباهظ الذي ت كلفه فرض الهيمنة
على المدن الإغريقية، ففضل أن يطبق مبدأ الحرية لكافة المدن الإغريقية،
حتى على تلك التي كانت تحت سيطرته من قبل.
ومن المؤسف أن روما قد تغيرت سياستها تجاه الإغريق بعد
انتصارها في ماجنيسيا . حيث بدأت روما تسيء معاملة حلفائها السابقين.
فقد أصبح شعب برجامون بغيضا في عيون الرومان، أما شعب رودس فقد
خرج خاسرا بعد أن فقد سيطرته على بحر إيجة، إذ ح و ل الرومان جزيرة
ديلوس إلى سوق دولية لتجارة الرقيق، وإلى أكبر محطة للتجار الإيطالين؛
وبالتالي سرقت الأضواء من رودس، التي ك سدت تجارتها.
لقد نتج عن الفراغ الذي خلفه غياب قوة رودس الاقتصادية،
واختفاء هيمنة السليوقيين البحرية، أن اختل الأمن في بحر إيجة وشرق
البحر المتوسط، فغدا وكرا وملاذا للقراصنة، الذين ألحقوا أكبر الأذى
بالتجارة العالمية.
فقد كانت كل من رودس والإمبراطورية السليوقية تحافظان بشدة
على تطبيق السلام البحري، وتشرفان على وضع اللوائح والقوانين
البحرية. وخلاصة القول، لم يعد شرق البحر المتوسط آمنا للتجارة بعد
انقلاب موازين القوى.
تحليل بوليبيوس لتداعيات معركة ماجنسيا على أحوال الشرق الهللينستي
لم ينس بوليبيوس أيضا أن يسجل لنا قوله: "بأن الكارثة سوف
تحل بالإغريق عندما يفرغ الرومان من حروبهم مع هانيبال في إيطاليا".
لقد كان بوليبيوس شديد الإعجاب بأخلاق الرومان، ويشيد دائما
بانضباطهم، ويقارن بين نزاهتهم وقوانينهم، وبين ما يجري في الممالك
الهللينستية. وكان يتمنى أن ي صلح الرومان بمبادئهم ومثلهم العليا هذه
الممالك.
بيد أن أمله قد خاب، فسرعان ما انتقلت هذه الأعراض إلى جهاز
الحكم الروماني ذاته، وتحول الرومان من البساطة والتقشف، إلى الجشع
والترف وحب المظاهر، وانتشر جامعو الضرائب، يثقلون كواهل الناس
بالضرائب التي لا ترحم؛ مما أدى إلى تدهور الشرق الهيللينستي وإفقار
شعوبه.
يحلل بوليبيوس أيضا العوامل التي أدت إلى وقوع الإغريق ضحية
للخدعة الرومانية المتمثلة في الشعار الكاذب الذي رفعوه، وهو ضمان
الحرية والاستقلال لكافة المدن الإغريقية؛ لدرجة تهليلهم لمقدم الغزاة
الرومان إلى بلادهم. غير أن بوليبيوس اكتشف أن السادة الرومان قد نسوا
ما وعدوه، أو ضربوا به عرض الحائط.
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
بدينا تخزينتنا ولم تفارقني الرغبة بان اكون بين يدي رجلين اثنين أتجرأ على عضويهما المنتصبين يتبادلاني...
خليج العقبة هو الفرع الشرقي للبحر الأحمر المحصور شرق شبه جزيرة سيناء وغرب شبه الجزيرة العربية، وبالإ...
فرضية كفاءة السوق تعتبر فرضية السوق الكفء او فرضية كفاءة السوق بمثابة الدعامة او العمود الفقري للنظر...
@Moamen Azmy - مؤمن عزمي:موقع هيلخصلك اي مادة لينك تحويل الفيديو لنص https://notegpt.io/youtube-tra...
انا احبك جداً تناول البحث أهمية الإضاءة الطبيعية كأحد المفاهيم الجوهرية في التصميم المعماري، لما لها...
توفير منزل آمن ونظيف ويدعم الطفل عاطفيًا. التأكد من حصول الأطفال على الرعاية الطبية والتعليمية والن...
Le pêcheur et sa femme Il y avait une fois un pêcheur et sa femme, qui habitaient ensemble une cahu...
في التاسع من مايو/أيار عام 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاستخدام التجاري لأول أقر...
أهم نقاط الـ Breaker Block 🔹 ما هو الـ Breaker Block؟ • هو Order Block حقيقي يكون مع الاتجاه الرئي...
دوري كمدرب و مسؤولة عن المجندات ، لا اكتفي باعطاء الأوامر، بل اعدني قدوة في الانضباط والالتزام .فالم...
سادساً: التنسيق مع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وفريق إدارة شؤون البيئة لنقل أشجار المشلع ب...
I tried to call the hospital , it was too early in the morning because I knew I will be late for ...