Online English Summarizer tool, free and accurate!
من المدرسة الفقهية واللغوية والنحوية للعلامة الشيخ محيي الدين بن عربي، ومن بين تلامذتها النجباء تخرّج الشيخ عبد الرحمن ابن حلب الشهباء وعاد من دمشق إلى مدينته بعد أن تلقى علوم النحو واللغة والفقه ليعمل مدرّسا في جامع الفردوس بحلب حيث أنفق عمراً في خدمة اللغة والنحو إلى أن توفي ودفن في الجامع المذكور، ولد أديبنا القاصّ والروائي والحقوقي محمد أديب نحوي في حي باب المقام عام ١٩٢٤ لأب يملك مقهى في سوق الحبال بحلب يدعى مقهى الكميني، ونزولا عند رغبة والده تابع دراسته حرا ليحصل على الشهادة الإعدادية التجارية فالشهادة الثانوية . يشار إلى أن أسرة النحوي تفرّعت إلى عدة فروع نتيجة سفر وترحال أفراد منها من حلب إلى فلسطين وبالعكس، انتقل أديبنا للعمل في البنك العربي - فرع حلب، وقد نال إجازة جامعية في الحقوق من الجامعة السورية بدمشق عام ١٩٥١ لينتسب إلى نقابة المحامين بحلب حيث عمل محامياً منذ تخرجه حتى العام ١٩٧٠ حين أسندت إليه وزارة العدل السورية، ليبقى وزيراً على مدى عشرة أعوام حتى العام ١٩٨٠، انتقل بعدها ليعمل مستشاراً قانونيًا لدى وزارة الدفاع حتى وفاته بعد معاناة طويلة ومريرة مع مرض السكري يوم الاثنين ٢٠/تموز /١٩٩٨ عن عمر ناهز أربعة وسبعين عاما . يروي شقيقه المحامي عبد الرحمن نحوي أنّه عقد العزم على ترك الدراسة بعد وفاة والده ليعمل في مهنة الخياطة، ومن خلال تأثره بطالب الطب صفوح الأتاسي - ابن مدير فرع البنك العربي بحلب الذي يروي عنه الأستاذ فائز إسماعيل أنه كان حسن المعشر دمث الخلق - انتسب النحوي إلى صفوف حزب البعث العربي عام ١٩٥٠ متأثراً بأفكار وأخلاق هذا الطالب الحزبي وبأهداف الحزب ورؤيته للوحدة العربية كسبيل وحيدة للخلاص من الظلم والقهر والاستبداد، فناضل محامينا وأديبنا ضد البرجوازية والإقطاعية السائدة في تلك الحقبة فكان محاميا للفئات المقهورة والمسحوقة من العمال والفلاحين وصغار الكسبة مجانا ودون مقابل مادي في أغلب الأحيان، وكان رفاقه الحزبيون يسبقونه إلى أروقة المحاكم التي كان يحاضر فيها بدل أن يترافع ليستمعوا إلى محاضراته الحماسية وحججه وبراهينه وأسانيده القانونية التي يعرضها بمهنية وحرفية عالية وبلغة أدبية رائعة لينتصر لفكره ولحقوق موكليه ضد البرجوازيين والإقطاعيين، ثم ليظهر من قاعة المحكمة محمولا على الأكتاف بعد كل انتصار مهني يحققه . للحزب - قد فازت بخطيب جماهيري مفوّه يتمتع ب (كاريزما) مكنته من الاستحواذ على الجماعات، ومن ذلك أنه شحن ذات يوم بخطابته الحماسية المعهودة رفاقه في الحزب بحلب ليجدوا أنفسهم يستقلون الحافلات متوجهين إلى منطقة حارم في محافظة إدلب ليخرجوا في تشييع شهيد الحزب الرفيق ديب قريع الذي قتلته غدرا إحدى الأسر الإقطاعية هناك ثم توعَدت من يحضر من حلب وإدلب من محازبيه لتشييعه بأنه سيدفن معه، إلا أن أديبنا حوّل الجنازة إلى مهرجان خطابي حث فيه المشيعين على الثورة والثأر للشهيد من البرجوازية والإقطاعية، وقد نفذ الإقطاعيون وعيدهم لاحقا في أربعين الشهيد بساحة حارم عندما أطلقوا نيران بنادقهم من سطح بناء حزب الشعب على المحتفين بالأربعين ليسقط تسعة منهم جرحى، شغل الراحل عضوية مجلس الأمة وعضوية الإتحاد القومي خلال سنوات الوحدة بين مصر وسورية بين العامين (١٩٦١-١٩٥٨)، وعضوا في المكتب السياسي الداخلي للإتحاد الاشتراكي العربي في العام ١٩٦٤ ، وتزوّج في العام نفسه من رفيقته في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي المربية الفاضلة رئيفة عبد الرؤوف تادفي سليلة الأسرة الحلبية العريقة، فأنجبت له خمسة أبناء هم محمود سامر، وقد فجعت هذه الأسرة بوفاة ابنتها رهف الطالبة في السنة الرابعة بكلية الطب في العام ١٩٨٩ الأمر الذي خلف جرحا عميقا وترك بصمة ألم وحزن في حياة الأديب وأسرته. فكان أن التف هؤلاء الجزائريون حوله وصاروا يعقدون اجتماعات دورية عنده فيحرضهم على تنظيم التظاهرات والاعتصامات والثورة على الواقع الراهن ومحاربة سياسة الفرنسة التي تفرض على الشعب الجزائري وصولا إلى طرد المستعمر الفرنسي من أرض الجزائر العربية، بعد أن حلّت الأحزاب الوحدوية والقومية في سورية نفسها تنفيذا كشرط وضعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لتحقيق الوحدة بين البلدين، وكان على رأس هذه الأحزاب التي حلت نفسها حزب البعث العربي الاشتراكي، وبعد وقوع جريمة الانفصال الأسود بين الإقليمين الشمالي والجنوبي، عمل أديبنا بكل ما أوتي من قوة مع رفاقه الوحدويين ضد الانفصال فاعتقل وسجن وعذب في المعتقلات، ثم فرّ وتوارى عن الأنظار وصار يبيت في مقابر حلب وبيوت أصدقائه - وذلك بسبب تكرار اعتقاله وإطلاق سراحه - فعمل سرا مع مناصريه ومحازبيه على محاولة إعادة الوحدة بين سورية ومصر، ويروي أديبنا أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أرسل إليه طالبا منه الحضور إلى مصر - إبان الانفصال - ليسند إليه منصبا مهما هناك تكريما لوفائه وإخلاصه لقوميته، إذ تناول أديبنا كل أطراف الحديث ومتنه فلم يترك مجالا لأحد، وبقي أديبنا يناضل لتحقيق حلم الوحدة العربية ثانية بعد تجاوز الأخطاء التي وقعت في التجربة الأولى حتى أتى فجر الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد عام ١٩٧٠ فاستدعاه الأسد إلى دمشق وعيّنه وزيراً للعدل، "هل تنوي محاربة إسرائيل يا سيادة الرئيس"، فأدلى كل وزير بدلوه إلى أن وصل الدور إلى وزيرنا، فقال له الأسد: "وأنت يا أبا محمود، الجدير ذكره أنّ وزيرنا قدم من حلب إلى دمشق عند توليه مهامه في الوزارة - ولم يكن يملك منزلا في دمشق، حيث أعاد بناء هيكلية الوزارة وفق أسس القانون والعدالة، وقد روي عنه أنه وخلال اجتماع لمجلس الوزراء طلب منه رئيس الوزارة نقل أحد القضاة من مكان إلى آخر استجابة لشكاوى مقدّمة بحقه من فرع الحزب بمكان عمله، ومن أطرف ما وقع له خلال فترة وزارته أنّه كان مع الوفد الذي استقبل الرئيس العراقي صدام حسين في زيارته لدمشق أواخر السبعينات والتي قام بها في إطار التقارب بهدف إقامة الوحدة بين سورية والعراق على أساس الحزب والفكر والعقيدة الواحدة للقطرين، وعند استعراض الرئيس صدام ومضيفه الأسد للمستقبلين من الوزراء، وعند وصولهما إلى وزير العدل ما كان من الرئيس صدام حسين إلا أن اندفع إليه وحضنه معانقا بحرارة ليلتفت إلى الرئيس حافظ الأسد قائلا: لديك بين صفوف وزرائك مناضل مثل أديب نحوي، وعند توقيع اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة بين مصر وإسرائيل، ويذكر أن الرئيس الراحل حافظ الأسد كلفه بالقيام بجولة شاملة في دول عربية وإسلامية وإفريقية بهدف شرح ما تستجره مثل هذه اتفاقية من ويلات على الأمتين العربية والإسلامية ولحث زعماء تلك الدول على تجميد أو قطع علاقات بلادهم مع مصر كامب ديفيد ، فأبلى الوزير النحوي بلاء حسنا في هذه المهمة الدبلوماسية ، فقطعت معظم الدول التي زارها النحوي علاقاتها أو جمّدتها كحد أدنى مع مصر السادات . وذلك بغية إسناد منصب رفيع له في الدولة بعد تنحيه عن الوزارة، عاد أديبنا ووزيرنا بعد ذلك إلى مزاولة مهنة المحاماة في مكتب صديقه القديم وزميل المهنة ورفيق النضال الوحدوي الأستاذ المحامي حمود بكفاني الكائن خلف القصر العدلي بدمشق، ليتلقفه السيد العماد أول مصطفى طلاس نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة - نائب رئيس مجلس الوزراء - وزير الدفاع،
من المدرسة الفقهية واللغوية والنحوية للعلامة الشيخ محيي الدين بن عربي، ومن بين تلامذتها النجباء تخرّج الشيخ عبد الرحمن ابن حلب الشهباء وعاد من دمشق إلى مدينته بعد أن تلقى علوم النحو واللغة والفقه ليعمل مدرّسا في جامع الفردوس بحلب حيث أنفق عمراً في خدمة اللغة والنحو إلى أن توفي ودفن في الجامع المذكور، وقد اشتهر عبر مسيرة عطائه في الأدب واللغة والنحو (بالشيخ النحوي) .
ومن أحفاد الشيخ عبد الرحمن النحوي، ولد أديبنا القاصّ والروائي والحقوقي محمد أديب نحوي في حي باب المقام عام ١٩٢٤ لأب يملك مقهى في سوق الحبال بحلب يدعى مقهى الكميني، وكان الشقيق الأكبر سنا لأشقائه المحامي عبد الرحمن والدكتور محمد كاظم وشقيقتهم الوحيدة، لذلك تحمّل أديبنا المسؤولية كاملة مبكرا من خلال عمله في المقهى حيث حصل على شهادة الدراسة الابتدائية، ونزولا عند رغبة والده تابع دراسته حرا ليحصل على الشهادة الإعدادية التجارية فالشهادة الثانوية .
يشار إلى أن أسرة النحوي تفرّعت إلى عدة فروع نتيجة سفر وترحال أفراد منها من حلب إلى فلسطين وبالعكس، إذ إنَّ الفرع الأساسي منها كان في صفد واشتغل رجالاته هناك بالفقه والسياسة، مما كان مثار افتخار واعتزاز أديبنا بانتسابه لأرض فلسطين وقدسها وأقصاها.
انتقل أديبنا للعمل في البنك العربي - فرع حلب، وقد نال إجازة جامعية في الحقوق من الجامعة السورية بدمشق عام ١٩٥١ لينتسب إلى نقابة المحامين بحلب حيث عمل محامياً منذ تخرجه حتى العام ١٩٧٠ حين أسندت إليه وزارة العدل السورية، ليبقى وزيراً على مدى عشرة أعوام حتى العام ١٩٨٠، انتقل بعدها ليعمل مستشاراً قانونيًا لدى وزارة الدفاع حتى وفاته بعد معاناة طويلة ومريرة مع مرض السكري يوم الاثنين ٢٠/تموز /١٩٩٨ عن عمر ناهز أربعة وسبعين عاما .
يروي شقيقه المحامي عبد الرحمن نحوي أنّه عقد العزم على ترك الدراسة بعد وفاة والده ليعمل في مهنة الخياطة، فكان نصيبه ضرب مبرح من شقيقه محمد أديب الذي أعاده إلى مقاعد الدراسة متكفلا بمسؤوليات ونفقات المنزل وأعبائه، فلم يأل جهدا ولم يتأفف يوما حتى أنهى شقيقاه دراستهما الجامعية .
ترعرع أديبنا في حقبة زمنية طغى فيها الفكر القومي العربي ليبلغ شأواً كبيراً، ومن خلال تأثره بطالب الطب صفوح الأتاسي - ابن مدير فرع البنك العربي بحلب الذي يروي عنه الأستاذ فائز إسماعيل أنه كان حسن المعشر دمث الخلق - انتسب النحوي إلى صفوف حزب البعث العربي عام ١٩٥٠ متأثراً بأفكار وأخلاق هذا الطالب الحزبي وبأهداف الحزب ورؤيته للوحدة العربية كسبيل وحيدة للخلاص من الظلم والقهر والاستبداد، فناضل محامينا وأديبنا ضد البرجوازية والإقطاعية السائدة في تلك الحقبة فكان محاميا للفئات المقهورة والمسحوقة من العمال والفلاحين وصغار الكسبة مجانا ودون مقابل مادي في أغلب الأحيان، وكان رفاقه الحزبيون يسبقونه إلى أروقة المحاكم التي كان يحاضر فيها بدل أن يترافع ليستمعوا إلى محاضراته الحماسية وحججه وبراهينه وأسانيده القانونية التي يعرضها بمهنية وحرفية عالية وبلغة أدبية رائعة لينتصر لفكره ولحقوق موكليه ضد البرجوازيين والإقطاعيين، ثم ليظهر من قاعة المحكمة محمولا على الأكتاف بعد كل انتصار مهني يحققه .
حوّل محامينا مكتبه في بناء الأوقاف بشارع بارون بحلب إلى ملتقى للرفاق الحزبيين ومقرا لحزبهم خصوصا عندما كانت السلطات الأمنية بحلب تغلق مكتب حزبهم في حي الجميلية وتصادر أثاثه، وقد أدركت الكوادر الحزبية أنها - بانتساب النحوي
للحزب - قد فازت بخطيب جماهيري مفوّه يتمتع ب (كاريزما) مكنته من الاستحواذ على الجماعات، إذ كان سرعان ما يقفز بكلماته وحركاته وإيماءاته إلى عقولهم ويستوطن قلوبهم ويستولي على أفكارهم وإراداتهم محرّكا مشاعرهم مستحثًا هممهم للنهوض والثورة وعدم الاستكانة لواقعهم تحت الظلم والطغيان، ومن ذلك أنه شحن ذات يوم بخطابته الحماسية المعهودة رفاقه في الحزب بحلب ليجدوا أنفسهم يستقلون الحافلات متوجهين إلى منطقة حارم في محافظة إدلب ليخرجوا في تشييع شهيد الحزب الرفيق ديب قريع الذي قتلته غدرا إحدى الأسر الإقطاعية هناك ثم توعَدت من يحضر من حلب وإدلب من محازبيه لتشييعه بأنه سيدفن معه، إلا أن أديبنا حوّل الجنازة إلى مهرجان خطابي حث فيه المشيعين على الثورة والثأر للشهيد من البرجوازية والإقطاعية، وقد نفذ الإقطاعيون وعيدهم لاحقا في أربعين الشهيد بساحة حارم عندما أطلقوا نيران بنادقهم من سطح بناء حزب الشعب على المحتفين بالأربعين ليسقط تسعة منهم جرحى، جراح بعضهم خطيرة .
شغل الراحل عضوية مجلس الأمة وعضوية الإتحاد القومي خلال سنوات الوحدة بين مصر وسورية بين العامين (١٩٦١-١٩٥٨)، وعضوا في المكتب السياسي الداخلي للإتحاد الاشتراكي العربي في العام ١٩٦٤ ،وتزوّج في العام نفسه من رفيقته في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي المربية الفاضلة رئيفة عبد الرؤوف تادفي سليلة الأسرة الحلبية العريقة، من مواليد حلب ١٩٣١، فأنجبت له خمسة أبناء هم محمود سامر، رهف، عبد الناصر، شغف ومحمد زاهر، وقد فجعت هذه الأسرة بوفاة ابنتها رهف الطالبة في السنة الرابعة بكلية الطب في العام ١٩٨٩ الأمر الذي خلف جرحا عميقا وترك بصمة ألم وحزن في حياة الأديب وأسرته.
يحكي الأصدقاء أنّ أديبنا سافر إلى فرنسا بعيد تخرجه لمتابعة دراسته العليا في جامعة السوربون للحصول على شهادة الدكتوراه في الحقوق، واستشعرت الشرطة الفرنسية السريّة نشاطاته المؤيدة والداعمة للثورة الجزائرية عبر اتصالاته مع الطلبة والمثقفين الجزائريين الموجودين في الجامعة والمطالبين باستقلال الجزائر، فكان أن التف هؤلاء الجزائريون حوله وصاروا يعقدون اجتماعات دورية عنده فيحرضهم على تنظيم التظاهرات والاعتصامات والثورة على الواقع الراهن ومحاربة سياسة الفرنسة التي تفرض على الشعب الجزائري وصولا إلى طرد المستعمر الفرنسي من أرض الجزائر العربية، فكان أن أستدعي من قبل ما كان يسمى في باريس (مكتب الطرد)، وخلال التحقيق معه قال له الضابط المحقق: إنَّ الجزائر مقاطعة من الجمهورية الفرنسية، ولا يجدر بك - وأنت ضيف في فرنسا - أن تتدخل في الشؤون الداخلية للبلد المضيف فتحرض أبناءه على الإخلال بأمنه واستقراره .. مما يضطرنا إلى طردك وإعادتك إلى بلدك دون إتمامك لدراستك، ولم يبال النحوي بهذا التهديد بل ضحّى بمستقبله عبر استمراره بنشاطه مع الإخوة الجزائريين، وقال للضابط الفرنسي : الجزائر عربية وستبقى عربية، وأنتم أيها الفرنسيون مستعمرون ومحتلون وستطردون من الجزائر عما قريب، فأعيد النحوي بعدها إلى بلده ليتابع من حلب مسيرة نضاله وكفاحه خالي الوفاض من شهادة الدكتوراه (السوربونية) .
ومع بزوغ فجر الوحدة بين سورية ومصر، انضوى أديبنا مع معظم رفاقه تحت علم الوحدة، بعد أن حلّت الأحزاب الوحدوية والقومية في سورية نفسها تنفيذا كشرط وضعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لتحقيق الوحدة بين البلدين، وكان على رأس هذه الأحزاب التي حلت نفسها حزب البعث العربي الاشتراكي، فتم تعيين محمد أديب نحوي في مجلس الأمة (١٩٦١ - ١٩٥٨) ليعمل كالمكوك بين دمشق والقاهرة على ترسيخ دعائم هذه الوحدة الوليدة وإرساء ثوابتها بالتعاون مع الضباط الأحرار في مصر بهدف تحصينها وتمتينها وتصليبها لتصبح عصية على أعدائها من الانفصاليين .
وبعد وقوع جريمة الانفصال الأسود بين الإقليمين الشمالي والجنوبي، عمل أديبنا بكل ما أوتي من قوة مع رفاقه الوحدويين ضد الانفصال فاعتقل وسجن وعذب في المعتقلات، ثم فرّ وتوارى عن الأنظار وصار يبيت في مقابر حلب وبيوت أصدقائه - وذلك بسبب تكرار اعتقاله وإطلاق سراحه - فعمل سرا مع مناصريه ومحازبيه على محاولة إعادة الوحدة بين سورية ومصر، ويروي أديبنا أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أرسل إليه طالبا منه الحضور إلى مصر - إبان الانفصال - ليسند إليه منصبا مهما هناك تكريما لوفائه وإخلاصه لقوميته، فردّ النحوي عليه معتذرا بالقول : و لمن نترك الإقليم الشمالي يا سيادة الرئيس ؟ ... كما يروي الوحدويون من رفاقه البعثيين الذين ساعدوا في هروبه من حلب إلى مصر - وكان تحت الإقامة الجبرية - طرفة وقعت حين لقائه الرئيس عبد الناصر في القاهرة على مأدبة عشاء، إذ تناول أديبنا كل أطراف الحديث ومتنه فلم يترك مجالا لأحد، مفصّلا مشاكل الإقليم الشمالي وشارحا معاناة زملائه الوحدويين الملاحقين وهمومهم، فقدم لهم (السفرجي) أطباق الحساء، فتناولها الجميع إلا هو (المنغمس في حديثه)، ثم رفعت الأطباق وأنزلت أطباق السلطة فتناولها الجميع إلا هو السبب نفسه، ثم رفعت أطباق السلطة لتنزل على الطاولة أطباق الوجبة الرئيسة، فما كان من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلا أن بادره القول:
"أستاذ أديب، كل طبقك بقا، عشان أنا عاوز أحكي كلمتين" !!!..
وبقي أديبنا يناضل لتحقيق حلم الوحدة العربية ثانية بعد تجاوز الأخطاء التي وقعت في التجربة الأولى حتى أتى فجر الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد عام ١٩٧٠ فاستدعاه الأسد إلى دمشق وعيّنه وزيراً للعدل، فسأله النحوي:
"هل تنوي محاربة إسرائيل يا سيادة الرئيس"، فأجابه بنعم، فقال النحوي: "يمكنك إذا أن تعتبرني أول جندي في أول خندق في مواجهة العدو الإسرائيلي قبل أن أكون وزيرا للعدل في حكومتك"، وبعد أن وضعت حرب تشرين التحريرية - ١٩٧٣ - أوزارها، اجتمع الرئيس بوزرائه مستمزجا آراءهم حول نتائج تلك الحرب وتبعاتها، فأدلى كل وزير بدلوه إلى أن وصل الدور إلى وزيرنا، فقال له الأسد: "وأنت يا أبا محمود، ما رأيك وتقييمك للحرب؟ فأجابه باختصار: "حرّ أنجز وعده".
الجدير ذكره أنّ وزيرنا قدم من حلب إلى دمشق عند توليه مهامه في الوزارة - ولم يكن يملك منزلا في دمشق، فخصصت له القيادة السياسية منزلاً مستملكاً للدولة في حي المالكي يليق بوزير، وفي اليوم التالي حضر إليه صاحب المنزل حاملا معه حجة البيت (الطابو) طالبا منه إنصافه بإخلاء المنزل على أمل أن تعيد له الدولة ملكيته، فما كان من وزيرنا إلا أن استجاب لرجائه فاستأجر منزلا متواضعا في شارع بغداد - حي القزازين، ومكث فيه طيلة فترة وزارته .
عرف عن أديب نحوي خلال فترة توليه وزارة العدل أنه كان مثالاً يحتذى بالصدق والنزاهة وعفة اليد واللسان، وكان يتمتع بصلابة نادرة مع الحق لنصرة المظلومين، وبتفان في الحفاظ على استقلال القضاء ونزاهته، حيث أعاد بناء هيكلية الوزارة وفق أسس القانون والعدالة، وقد روي عنه أنه وخلال اجتماع لمجلس الوزراء طلب منه رئيس الوزارة نقل أحد القضاة من مكان إلى آخر استجابة لشكاوى مقدّمة بحقه من فرع الحزب بمكان عمله، فأجاب النحوي بأن هذا الوضع يستدعي فصله من الحزب ولا علاقة له بالسلطة القضائية، فأجابه رئيس الوزراء بأن هذا أمر قيادي واجب التنفيذ، فردّ النحوي قائلا : إنَّ نص المادة ١٣٣ من الدستور يتضمن استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا سلطان فوق القانون، فامتنع أديبنا عن التنفيذ حتى بعد أن جاءه كتاب رسمي يطلب منه ذلك وبتوقيع رئيس الوزراء .
ومن أطرف ما وقع له خلال فترة وزارته أنّه كان مع الوفد الذي استقبل الرئيس العراقي صدام حسين في زيارته لدمشق أواخر السبعينات والتي قام بها في إطار التقارب بهدف إقامة الوحدة بين سورية والعراق على أساس الحزب والفكر والعقيدة الواحدة للقطرين، وعند استعراض الرئيس صدام ومضيفه الأسد للمستقبلين من الوزراء، وعند وصولهما إلى وزير العدل ما كان من الرئيس صدام حسين إلا أن اندفع إليه وحضنه معانقا بحرارة ليلتفت إلى الرئيس حافظ الأسد قائلا: لديك بين صفوف وزرائك مناضل مثل أديب نحوي، لا بد أنك تستطيع الوصول به ومعه إلى مشارف القدس الشريف، فقد كان صدام حسين يعرفه حق المعرفة بحماسته واندفاعه وإقدامه وجرأته ورسوخ إيمانه بالفكر القومي الوحدوي من خلال نشاطاته البعثية المكوكية بين القطرين الشقيقين منذ زمن بعيد .
وعند توقيع اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة بين مصر وإسرائيل، استبد الألم بالقوميين العرب وعلى رأسهم وزيرنا وأديبنا فكان حزنهم أكبر من أن يوصف، ويذكر أن الرئيس الراحل حافظ الأسد كلفه بالقيام بجولة شاملة في دول عربية وإسلامية وإفريقية بهدف شرح ما تستجره مثل هذه اتفاقية من ويلات على الأمتين العربية والإسلامية ولحث زعماء تلك الدول على تجميد أو قطع علاقات بلادهم مع مصر كامب ديفيد ، فأبلى الوزير النحوي بلاء حسنا في هذه المهمة الدبلوماسية ، فقطعت معظم الدول التي زارها النحوي علاقاتها أو جمّدتها كحد أدنى مع مصر السادات .
وعند انتهاء ولايته الوزارية عرضت عليه قيادة البعث العودة إلى صفوف الحزب، نظرا لكونه من الكوادر المؤسسة للحزب، وذلك بغية إسناد منصب رفيع له في الدولة بعد تنحيه عن الوزارة، إلا أنه أبى قائلاً: لست ممن يمتطون جياد الأحزاب متنقلين بينها بحثا عن منصب أو تحقيقا لمصلحة ضيقة .
عاد أديبنا ووزيرنا بعد ذلك إلى مزاولة مهنة المحاماة في مكتب صديقه القديم وزميل المهنة ورفيق النضال الوحدوي الأستاذ المحامي حمود بكفاني الكائن خلف القصر العدلي بدمشق، ليتلقفه السيد العماد أول مصطفى طلاس نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة - نائب رئيس مجلس الوزراء - وزير الدفاع، وهو أيضاً صديق قديم وشريك في النضال والعذاب والاعتقالات وجاره في الزنزانات زمن الانفصال، لينهمك في
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
الفصل الثالث (الرحلة الرمز) يتناول الدكتور السيف في هذا الفصل تحليل رموز الرحلة في الشعر الجاهلي، مب...
الفصل الثامن إتقان استراتيجيات التكيّف والتجنّب أحيانًا لا تستحق المفاوضة العناء. عندما يكون رد فعلك...
الواقعي والرمزي: وحدة على الرغم من الاختلاف** غالبًا ما نفرق بين ما هو واقعي (أي مبني على الخبرة ال...
٣- تجديد عقد العمل محدد المدة: ليس هناك ما يمنع من اتفاق المتعاقدين على تجديد عقد العمل محدد المدة ع...
يمنع فرض كفالات أو غرامات باهظة، أو إنزال عقوبات قاسية وغير إنسانية. يهدف هذا التعديل إلى حماية الأف...
حكم العمل في جماعة و واجبات عَمَلية لمَن التحق بدعوتنا إعداد وترتيب ثلّة من كبار الدعاة 1-حكم العمل ...
لديه نمو واضح في مراجعة مؤشرات الأداء خلال السنوات الثلاث الماضية حيث استطاع بكفاءة عالية مراجعة (26...
**ملخص نص "كواكب المجموعة الشمسية":** في عام 2006، قدم الاتحاد الفلكي الدولي تعريفًا للكوكب، حيث يُ...
يشهد العالم تطورًا تكنولوجيًا غير مسبوق، أصبحت وسائل الإعلام العالمية لاعبًا رئيسيًا في صياغة الأحدا...
توجهات والختيارات في مجال التقويم والإشهاد في إطار عناية النظام التربوي بالمنهاج الدراسي في مفهومه ...
are relatively easy to interpret, with the primary considerations regarding lightness (L*), red (+a*...
ويعتمد المركز في أعماله على ثوابت تنطلق من أهداف إنسانية سامية، ترتكز على تقديم المساعدات للمحتاجين ...