Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

الفصل الأول الاجتهاد]
نبذة تاريخية عن الاجتهاد:
بدأ الاجتهاد الجزئي في العهد النبوي، سواء كان ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم أم كان من الصحابة الذين كانوا يعْرِضون اجتهاداتهم على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فيقر الصواب الذي يتفق مع الشرع، وينكر الخطأ الذي يخالف الدِّين. ثم مر الاجتهاد في ثلاثة أطوار رئيسة، وهي:
وفقاؤهم وقضاتهم وولاتهم للاجتهاد، لبيان حكم اللَّه تعالى فيما يستجد من أحداث، ١) قال أبو بكر الجصاص رحمه اللَّه تعالى: "لا خلاف بين الصدر الأول والتابعين وأتباعهم في إجازة الاجتهاد والقياس على النظائر في أحكام الحوادث، الطور الثاني: وذلك ابتداء من منتصف القرن الرابع الهجري حتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري نقل الزركشي عن ابن حزم أنه قال: "والتقليد إنما ابتُدئ به بعد المائة والأربعين من الهجرة، ولم يكن في الإسلام قبل ذلك مسلم واحد فصاعدًا يقلد عالمًا بعينه لا يخالفه" البحر المحيط (٦/ ٢٩٢). وأيقنوا أن فتح باب الاجتهاد هو أحد الوسائل المهمة
وانظر: أصول الفقه الإسلامي، أصول الأحكام ص ٣٦٢، وسيرد مزيد من البيان، المبحث الأول تعريف الاجتهاد، ومشروعيته، تعريف الاجتهاد]
ووصل إلى الغاية، وهو بذل المجهود واستفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور، ويختص بما فيه كلفة ومشقة، ويخرج عنه ما لا مشقة فيه (١). والاجتهاد اصطلاحًا: هو استفراغ الفقيه وسعه لدَرْك حكم شرعي (٢)، فالاستفراغ معناه بذل الوسع والطاقة، من ذي الفقه، بحيث تحسُّ نفسه بالعجز عن الزيادة للمعرفة الظنية أو القطعية فيما يسوغ فيه الاجتهاد، لتحصيل الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. أولًا: الكتاب:
وردت آيات كثيرة تأمر بالنظر والبحث وإعمال العقل والفكر لمعرفة أحكام اللَّه تعالى، وتدل على أن الاجتهاد أصل من أصول الشريعة إما بطريق التصريح أو الإشارة والتنبيه، قال اللَّه تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: ١٠٥]
ثانيًا: السنة:
وإذا حَكَم فاجتهد، قال النووي رحمه اللَّه تعالى: "قال العلماء: أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالمٍ أهل للحكم" (٢). ٢ - قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: "كيف تَصْنَعُ إنْ عَرَضَ لكَ قضاءٌ؟ "، قال: "فإنْ لم يكنْ في سنّةِ رسولِ اللَّه؟ "، ثالثًا: الإجماع:
أجمع الصحابة ومن بعدهم على مشروعية الاجتهاد، أو حدثت قضية، فإن لم يجدوا فيه حكمًا، فزعوا إلى الاجتهاد حسب الأسس والأصول والقواعد والمنهج الذي دَرّبَهم عليه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يخالف في ذلك أحد. سبق البيان في التمهيد للاجتهاد والتقليد والإفتاء أن اللَّه تعالى له في كل حادثة أو واقعة في الكون حكم شرعي، وأن وقائع الكون غير محدودة ولا محصورة، والمحدود لا يحيط بغير المحدود . حكم الاجتهاد]
إن معرفة الحكم الشرعي لكل واقعة أو حادثة أو قضية أو مسألة واجب شرعي قطعًا، وإن لم يكن موجودًا ومعروفًا في النصوص فيجب على علماء الأمة ومجتهديها وفقهائها أن يجتهدوا لمعرفة الحكم الشرعي، وبيانه للناس، قال القرافي رحمه اللَّه تعالى: "مذهب مالك وجمهور العلماء: وجوب الاجتهاد، ١) إرشاد الفحول ص ٢٦٦، شروط الاجتهاد وملكة استنباط الأحكام الشرعية كالتالي:
١ - فرض العين]
إذا وقعت حادثة، لأن حكم المجتهد هو حكم اللَّه تعالى في المسألة التي اجتهد بها بحسب ظنه الغالب، وينهي النزاع والخصومة، الحالة الثالثة: يكون الاجتهاد فرض عين على المجتهد إذا سئل عن حادثة وقعت، ولم يوجد غيره؛ لأن ترك الاجتهاد ومعرفة الحكم الشرعي يؤدي إلى تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو ممنوع شرعًا. ٢ - فرض الكفاية]
يكون الاجتهاد فرض كفاية على المجتهد في حالتين:
الحالة الأولى: إذا وجد عدد من المجتهدين عند وقوع الحادثة، فيكون الاجتهاد فرضًا كفائيًّا على كل منهم، فإن اجتهد أحدهم ووصل إلى الحكم، سقط الطلب عن الباقي، وإن تركه الجميع أثموا، ويتأكد فرض الكفاية على من خُصَّ بالسؤال عنها، وإلا أثموا جميعًا، يكون الاجتهاد مندوبًا إذا عرضت على المجتهد حادثة لم تقع، سواء سئل عنها أم لم يسأل، ٤ - التحريم]
يكون الاجتهاد حرامًا على المجتهد فيما لا يجوز الاجتهاد فيه، كالاجتهاد في مقابلة نص قطعي، لأنه في
١) قال الزركشي رحمه اللَّه تعالى: "لما لم يكن بدٌّ من تعرّف حكم اللَّه في الوقائع، وتعرف ذلك بالنظر غير واجب على التعيين، فلا بدَّ أن يكون وجود المجتهد من فروض الكفايات، ولا بدَّ أن يكون في كل قطر ما تقوم به الكفايات، 
(٢) المستصفى (٢/ ٣٧٥)، كشف الأسرار (٤/ ١٤)، ٢٠٧)، أصول الأحكام ص ٣٧٢. وسوف يتم تفصيل ما يجوز الاجتهاد فيه وما لا يجوز في مبحث قادم في مجال الاجتهاد ونطاقه ومحله. وإذا كان الاجتهاد فرضًا في الجملة، فهذا يستلزم عدم خلو الزمان عن مجتهد، وهذا ما يبحثه الأصوليون، ولو نظريًا، ولذلك نعرض هذه المسألة هنا. خلو العصر عن المجتهدين]
اختلف العلماء في فكرة خلو العصر عن المجتهدين إلى قولين:
القول الأول: لا يجوز خلو زمان من مجتهد يبيِّن للناس ما نُزل إليهم ويبيِّن لهم حكم الشرع في كل ما يقع، وهو قول الحنابلة وبعض الشافعية كالأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني والزبيدي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم. القول الثاني: يجوز خلو العصر من المجتهدين، وهو رأي أكثر العلماء، وجزم به الفخر الرازي، والغزالي من الشافعية وبقية المذاهب. يَنْتَزِعَهُ من العباد، ولكنْ يَقْبضُ العِلْمَ بقبضِ العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتَّخَذَ الناسُ رؤساءَ جهالًا، فسُئِلُوا، فأفتَوْا بغيرِ عِلْم، وأن الناس كلَّهم جهال، لا مجتهد فيهم. ثم بيَّن أنه لا يجوز عقلًا وشرعًا إخلاء العصر من مجتهد
لا عن مجتهد في مذهب أحد الأئمة الأربعة" (١). ١) هذا الحديث رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، وأبو داود عن مالك الأشعري، قال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث مشهور، 
(٢) هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه عن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنه. ١) انظر أقوال العلماء في مسألة الخلو عن مجتهد في: شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٦٤)
ولا يخالف في هذا من له فهم صحيح وعقل سويّ" (١). وعلى العلماء الفقهاء المختصين أن يبذلوا أقصى جهدهم في معرفة الأحكام الشرعية للوقائع الطارئة، ولا انعقد عليه إجماع" (٢). العلم بالاجتهاد]
متى تم الاجتهاد بشروطه التي سنذكرها وجب العمل به في الحوادث والقضايا، وذلك لإجماع الصحابة فمن بعدهم، وهو دين اللَّه وشرعه (٣). الزحيلي (٢/ ١٠٧٠)، أصول الأحكام ص ٣٧٢. 
(٣) البحر المحيط (٦/ ١٩٨). المبحث الثاني أركان الاجتهاد وشروطه]
أركان الاجتهاد]
وهو العمل والفعل الذي يبذل فيه المجتهد وسعه لنيل حكم شرعي من الأدلة المقررة شرعًا عن طريق الاستنباط والاستدلال والقياس وغيره، مما ليس فيه نص قطعي الثبوت والدلالة، وسيرد لاحقًا مجاله، ٢ - المجتهد]
وهو الفقيه البالغ العاقل الذي توفرت فيه شروط الاجتهاد، وصار عنده ملكة يقتدر بها على استنتاج الأحكام من مآخذها، ٣ - المجتهد فيه]
وهو الحكم الشرعي العملي أو العلمي الذي ليس فيه دليل قطعي، والشرعي لإخراج الأمور العقلية التي لا تحتمل الاجتهاد، ولأن الحق فيها واحد لا يتعدد، ولا يحتمل الاختلاف، والعملي هو الذي يقتضي عملًا بالقلب أو اللسان أو الأعضاء والجوارح مما يدخل في كسب المكلف إقدامًا أو إحجامًا، والعلمي هو ما تضمنه علم الأصول من المظنونات التي يستند العمل إليها، وعبارة "ليس فيه دليل قاطع" لتخرج الأحكام الثابتة بالدليل القطعي، مما يحرم فيه الاجتهاد؛ شروط الاجتهاد]
يشترط في المجتهد أن تتوفر فيه الشروط التالية، حتى يسوغ له الاجتهاد، أو تقليده، أو الأخذ به (٢)، انظر شروط المجتهد في: الرسالة ص ٥٠٩، ١ - العلم بكتاب اللَّه تعالى:
يشترط في المجتهده أن يكون عالمًا بمعاني القرآن الكريم، ولا يشترط معرفته بجميع الكتاب، وذلك بأن يعرف أحاديث الأحكام، لغة وشرعًا، ويعلم صحة الحديث وضعفه سندًا ومتنًا، ويتجنب الموضوع مطلقًا. ٣ - العلم بالناسخ والمنسوخ
يشترط في المجتهد معرفة الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنّة، حتى لا يعتمد المجتهد على منسوخ متروك في القرآن والسنة، المستصفى (٢/ ٣٥٢)، ٤ - معرفة مسائل الإجماع
بدأ الاجتهاد في الجيل الأول قبل الإجماع، فإن اتفقت آراء المجتهدين صار إجماعًا، ويحتل مرتبة القطع، فلا يجوز خرقُه ولا مخالفته. ويجتنب الاجتهاد والفتوى بخلاف ما أجمع عليه، ٥ - معرفة القياس
يشترط في المجتهد أن يكون عارفًا بوجوه القياس وشرائطه المعتبرة، مع باقي أبواب أصول الفقه كما سنرى. لأن القرآن والسنة جاءا باللغة العربية، وذلك لمعرفة مراد الشرع وقصده، ٧ - العلم بأصول الفقه
يشترط في المجتهد أن يكون عالمًا بأصول الفقه؛ لأنه الأداة الثانية بعد اللغة؛ أو المجتهد الجزئي في مسألة أو بجانب فقهي كالمعاملات المالية، أو الإثبات، أو الميراث، يقول الآمدي رحمه اللَّه تعالى: "أما الاجتهاد في حكم بعض المسائل فيكفي فيه أن يكون عارفًا بما يتعلق بتلك المسألة، 
(1) إحكام الأحكام،


Original text

[الفصل الأول الاجتهاد]


نبذة تاريخية عن الاجتهاد:


بدأ الاجتهاد الجزئي في العهد النبوي، سواء كان ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم أم كان من الصحابة الذين كانوا يعْرِضون اجتهاداتهم على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فيقر الصواب الذي يتفق مع الشرع، وينكر الخطأ الذي يخالف الدِّين.


ثم مر الاجتهاد في ثلاثة أطوار رئيسة، وهي:


الطور الأول: بدأ الاجتهاد رويدًا رويدًا بعد وفاة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم فتصدّى كبار الصحابة وعلماؤهم، وفقاؤهم وقضاتهم وولاتهم للاجتهاد، لبيان حكم اللَّه تعالى فيما يستجد من أحداث، مما ليس له حكم في الكتاب والسنة.


(١) قال أبو بكر الجصاص رحمه اللَّه تعالى: "لا خلاف بين الصدر الأول والتابعين وأتباعهم في إجازة الاجتهاد والقياس على النظائر في أحكام الحوادث، وما نعلم أحدًا نفاه وحظره من أهل هذه الأعصار المتقدمة" الفصول (٤/ ٢٣)


الطور الثاني: وذلك ابتداء من منتصف القرن الرابع الهجري حتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري نقل الزركشي عن ابن حزم أنه قال: "والتقليد إنما ابتُدئ به بعد المائة والأربعين من الهجرة، ولم يكن في الإسلام قبل ذلك مسلم واحد فصاعدًا يقلد عالمًا بعينه لا يخالفه" البحر المحيط (٦/ ٢٩٢).


الطور الثالث: أحسَّ العلماء الغيورون بالوضع الراهن السيِّء، وتلمسوا الحلول لإنقاذ الأمة، وأيقنوا أن فتح باب الاجتهاد هو أحد الوسائل المهمة


(١) أكد السيوطي رحمه اللَّه تعالى بقاء الاجتهاد واستمراره مع تفاوت حالته، وصنَّفَ كتابه القيم ليدل على ذلك بعنوانه "الردّ على مَنْ أخلدَ إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فَرْض" وهو مطوع عدة مرات.


و قال الشوكاني رحمه اللَّه تعالى: "ومن حصر فضل اللَّه على بعض خلقه، وقصر فهم هذه الشريعة المطهرة على ما تقدم عصره، فقد تجرأ على اللَّه عزَّ وجلَّ، ثم على شريعته الموضوعة لكل عباده، ثم على عباده الذين تعبّدهم اللَّه بالكتاب والسنة" (١).
ج
————————————
(١) إرشاد الفحول ص ٢٥٤، وانظر: أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١٠٣٣)، أصول الأحكام ص ٣٦٢، وسيرد مزيد من البيان، مع المصادر والمراجع إن شاء اللَّه تعالى.


[المبحث الأول تعريف الاجتهاد، ومشروعيته، وحكمه]


[تعريف الاجتهاد]


الاجتهاد لغة: افتعال من الجُهدْ -بالضم والفتح- وهو الطاقة والمشقة، من جَهَد أي: جدَّ وطلب الأمر حتى بلغ المشقة، ووصل إلى الغاية، وهو بذل المجهود واستفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور، ويختص بما فيه كلفة ومشقة، ويخرج عنه ما لا مشقة فيه (١).


والاجتهاد اصطلاحًا: هو استفراغ الفقيه وسعه لدَرْك حكم شرعي (٢)، فالاستفراغ معناه بذل الوسع والطاقة، من ذي الفقه، بحيث تحسُّ نفسه بالعجز عن الزيادة للمعرفة الظنية أو القطعية فيما يسوغ فيه الاجتهاد، لتحصيل الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.


(١) القاموس المحيط (١/ ٢٨٦)
(٢) هذا تعريف ابن النجار الفتوحي في: شرح الكوكب المنير (٤/ ٤٥٨)


[مشروعية الاجتهاد]


أولًا: الكتاب:


وردت آيات كثيرة تأمر بالنظر والبحث وإعمال العقل والفكر لمعرفة أحكام اللَّه تعالى، وتدل على أن الاجتهاد أصل من أصول الشريعة إما بطريق التصريح أو الإشارة والتنبيه، فمن ذلك:


قال اللَّه تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: ١٠٥]


فهذه الآية تتضمن إقرار الاجتهاد بطريق القياس، والقياس نوع من الاجتهاد.


ثانيًا: السنة:


وردت أحاديث كثيرة جدًّا تنص صراحة على الاجتهاد، وأحاديث أخرى قولية وفعلية تدل على الاجتهاد صراحة أو إشارة، فمن ذلك:


١ - قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا حكمَ الحاكمُ فاجْتَهَدَ ثم أصابَ فلهُ أجْران، وإذا حَكَم فاجتهد، ثم أخطأ فله أجرٌ" (١)، فالحديث صريح في تجويز الاجتهاد والدعوة إليه والترغيب فيه، قال النووي رحمه اللَّه تعالى: "قال العلماء: أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالمٍ أهل للحكم" (٢).


٢ - قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: "كيف تَصْنَعُ إنْ عَرَضَ لكَ قضاءٌ؟ "، قال: أقضي بكتاب اللَّه، قال: "فإنْ لم يكُنْ في كتابِ اللَّه؟ " قال: فبسنةِ رسولِ اللَّه، قال: "فإنْ لم يكنْ في سنّةِ رسولِ اللَّه؟ "، قال:



(١) هذا الحديث رواه البخاري ومسلم
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/ ١٤).


ثالثًا: الإجماع:


أجمع الصحابة ومن بعدهم على مشروعية الاجتهاد، فكان الخلفاء الراشدون، وسائر الصحابة رضوان اللَّه عليهم إذا وقعت واقعة، أو حدثت قضية، رجعوا إلى كتاب اللَّه، فإن لم يجدوا فيه حكمًا، رجعوا إلى السنَّة، وسأل بعضهم الآخر، فإن لم يجدوا فيها حكم القضية، فزعوا إلى الاجتهاد حسب الأسس والأصول والقواعد والمنهج الذي دَرّبَهم عليه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، حتى تواتر ذلك عن الصحابة، ولم يخالف في ذلك أحد.


رابعًا: المعقول:


سبق البيان في التمهيد للاجتهاد والتقليد والإفتاء أن اللَّه تعالى له في كل حادثة أو واقعة في الكون حكم شرعي، وأن نصوص القرآن والسنة محدودة، وأن وقائع الكون غير محدودة ولا محصورة، والمحدود لا يحيط بغير المحدود .


[حكم الاجتهاد]


إن معرفة الحكم الشرعي لكل واقعة أو حادثة أو قضية أو مسألة واجب شرعي قطعًا، فإذا كان الحكم موجودًا في نصوص الكتاب أو السنة فبها ونعمت وحصل المقصود، وكفى اللَّه المؤمنين القتال، وإن لم يكن موجودًا ومعروفًا في النصوص فيجب على علماء الأمة ومجتهديها وفقهائها أن يجتهدوا لمعرفة الحكم الشرعي، وبيانه للناس، قال القرافي رحمه اللَّه تعالى: "مذهب مالك وجمهور العلماء: وجوب الاجتهاد، وإبطال التقليد" (١).


(١) إرشاد الفحول ص ٢٦٦، وانظر مثل هذا الكلام عند الجصاص الرازي في الفصول (٣/ ٣٦٩).


شروط الاجتهاد وملكة استنباط الأحكام الشرعية كالتالي:


[١ - فرض العين]


إذا وقعت حادثة، وتوفرت بالشخص الشروط، فيكون الاجتهاد فرضًا عينيًّا عليه في الحالات التالية:


الحالة الأولى: يكون الاجتهاد فرض عين على المجتهد في حق نفسه، عند نزول الحادثة، فإذا وصل اجتهاده إلى حكم، لزمه العمل به؛ لأن حكم المجتهد هو حكم اللَّه تعالى في المسألة التي اجتهد بها بحسب ظنه الغالب، وينبغي عليه العمل بما غلب على ظنه أنه حكم اللَّه تعالى، ولا يجوز له أن يقلد مجتهدًا آخر.


الحالة الثانية: يكون الاجتهاد فرض عين على المجتهد إذا كان قاضيًا وتعين عليه الحكم في المسألة؛ ليفصل فيها، وينهي النزاع والخصومة، ويصدر حكمًا بينهما.


الحالة الثالثة: يكون الاجتهاد فرض عين على المجتهد إذا سئل عن حادثة وقعت، وخاف فوتها على غير وجهها الشرعي، ولم يوجد غيره؛ لأن ترك الاجتهاد ومعرفة الحكم الشرعي يؤدي إلى تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو ممنوع شرعًا.


[٢ - فرض الكفاية]


يكون الاجتهاد فرض كفاية على المجتهد في حالتين:


الحالة الأولى: إذا وجد عدد من المجتهدين عند وقوع الحادثة، فيكون الاجتهاد فرضًا كفائيًّا على كل منهم، فإن اجتهد أحدهم ووصل إلى الحكم، سقط الطلب عن الباقي، وإن تركه الجميع أثموا، ويتأكد فرض الكفاية على من خُصَّ بالسؤال عنها، فإن أجاب هو أو غيره سقط الفرض، وإلا أثموا جميعًا، ومثل ذلك إذا عرضت قضية على قاضيين مشتركين بالنظر (١).


الحالة الثانية: إذا كان المجتهد واحدًا، وعرضت عليه قضية واقعة، ولكنها ليست على الفور، ولم يخف فوت الحادثة، ولم يوجد غيره، فيكون الاجتهاد فرضًا كفائيًّا في الحال، وله التأخير.


[٣ - الندب]


يكون الاجتهاد مندوبًا إذا عرضت على المجتهد حادثة لم تقع، سواء سئل عنها أم لم يسأل، فيندب له الاجتهاد لبيان حكم اللَّه تعالى فيها.


[٤ - التحريم]


يكون الاجتهاد حرامًا على المجتهد فيما لا يجوز الاجتهاد فيه، كالاجتهاد في مقابلة نص قطعي، أو سنة متواترة قطعية الدلالة، أو في مقابلة الإجماع الذي سبق الحادثة (٢)، وتسمية هذا النوع اجتهادًا إنما هو من قبيل التجوز والمجاز؛ لأنه في


(١) قال الزركشي رحمه اللَّه تعالى: "لما لم يكن بدٌّ من تعرّف حكم اللَّه في الوقائع، وتعرف ذلك بالنظر غير واجب على التعيين، فلا بدَّ أن يكون وجود المجتهد من فروض الكفايات، ولا بدَّ أن يكون في كل قطر ما تقوم به الكفايات، ولذلك قالوا: إن الاجتهاد من فروض الكفايات" البحر المحيط (٦/ ٢٠٦).
(٢) المستصفى (٢/ ٣٧٥)، الإحكام للآمدي (٤/ ٨٥)، كشف الأسرار (٤/ ١٤)، البحر المحيط (٦/ ١٩٨، ٢٠٦، ٢٠٧)، إرشاد الفحول ص ٢٥٣، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١٠٥٥)، أصول الأحكام ص ٣٧٢.


الحقيقة أمر باطل، وليس اجتهادًا أصلًا، كما يحرم الاجتهاد على من فقد شروطه، ولم يكن له أهلًا.


وسوف يتم تفصيل ما يجوز الاجتهاد فيه وما لا يجوز في مبحث قادم في مجال الاجتهاد ونطاقه ومحله.


وإذا كان الاجتهاد فرضًا في الجملة، فهذا يستلزم عدم خلو الزمان عن مجتهد، وهذا ما يبحثه الأصوليون، ولو نظريًا، ولذلك نعرض هذه المسألة هنا.


[خلو العصر عن المجتهدين]


اختلف العلماء في فكرة خلو العصر عن المجتهدين إلى قولين:


القول الأول: لا يجوز خلو زمان من مجتهد يبيِّن للناس ما نُزل إليهم ويبيِّن لهم حكم الشرع في كل ما يقع، وهو قول الحنابلة وبعض الشافعية كالأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني والزبيدي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم.


واستدلوا على ذلك بالسنة والمعقول.


فمن السنّة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزالُ طائفةٌ من أُمّتي ظاهرين حتى تقوم الساعةُ".


القول الثاني: يجوز خلو العصر من المجتهدين، وهو رأي أكثر العلماء، وجزم به الفخر الرازي، والغزالي من الشافعية وبقية المذاهب.


واستدلوا على ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللَّه لا يَقْبضُ العلمَ انتزاعًا، يَنْتَزِعَهُ من العباد، ولكنْ يَقْبضُ العِلْمَ بقبضِ العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتَّخَذَ الناسُ رؤساءَ جهالًا، فسُئِلُوا، فأفتَوْا بغيرِ عِلْم، فضلُّوا وأَضَلُّوا" (٢)، فهذا يدل على خلو العلماء، وأن الناس كلَّهم جهال، لا مجتهد فيهم.


[المناقشة والترجيح]


إن هذه المسألة -أصلًا- نظرية خيالية، وهي في آخر الزمان، ولعل أكثر العلماء لاحظوا عدم وجود المجتهدين اجتهادًا مطلقًا كالأئمة الأربعة، ولذلك قال الغزالي في "الوسيط": "قد خلا العصر عن المجتهد المطلق" وقال الرافعي: "الخلق كالمتفقين على أنه لا مجتهد اليوم".


وإن خلو العصر عن المجتهد المطلق لا يعني خلو الزمان عن المجتهدين من سائر الطبقات الذين يبيّنون للناس أحكام الشرع ولو بالتخريج والقياس وغيره، ولذلك أكد السيوطي رحمه اللَّه تعالى أن الاجتهاد في كل عصر فرض، ثم بيَّن أنه لا يجوز عقلًا وشرعًا إخلاء العصر من مجتهد


ونقل هذا الزركشي رحمه اللَّه تعالى ثم قال: "والحقُّ أن العصر خلا عن المجتهد المطلق، لا عن مجتهد في مذهب أحد الأئمة الأربعة" (١).


(١) هذا الحديث رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، وأبو داود عن مالك الأشعري، وأحمد عن أبي بصرة الغفاري، قال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث مشهور، له طرق كثيرة، لا يخلو واحد منها من مقال".
(٢) هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه عن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنه.


(١) انظر أقوال العلماء في مسألة الخلو عن مجتهد في: شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٦٤)


فالاجتهاد على المتأخرين أيسر وأسهل من الاجتهاد على المتقدمين، ولا يخالف في هذا من له فهم صحيح وعقل سويّ" (١).


وبهذا يتأكد أن الاجتهاد فرض، وعلى العلماء الفقهاء المختصين أن يبذلوا أقصى جهدهم في معرفة الأحكام الشرعية للوقائع الطارئة، والمستجدات التي تواجه الناس في كل زمان.


وقال الماوردي رحمه اللَّه تعالى: "أن يكون الاجتهاد أصلًا يستخرج به حكم ما لم يرد فيه نص، ولا انعقد عليه إجماع" (٢).


[العلم بالاجتهاد]


متى تم الاجتهاد بشروطه التي سنذكرها وجب العمل به في الحوادث والقضايا، سواء بالنسبة للمجتهد نفسه، أو لمن سأله وعلم برأيه، إلا لمجتهد آخر، وذلك لإجماع الصحابة فمن بعدهم، ويسمى الحكم الاجتهادي حكمًا شرعيًّا في الصحيح، وهو دين اللَّه وشرعه (٣).


(١) إرشاد الفحول ص ٢٥٤.
(٢) الحاوي (٢٠/ ١٨٦)، وانظر: البحر المحيط (٦/ ٢٠٧)، إرشاد الفحول ص ٢٥٣، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١٠٧٠)، أصول الأحكام ص ٣٧٢.
(٣) البحر المحيط (٦/ ١٩٨).


[المبحث الثاني أركان الاجتهاد وشروطه]


[أركان الاجتهاد]


الاجتهاد له ثلاثة أركان، وهي:


[١ - نفس الاجتهاد]


وهو العمل والفعل الذي يبذل فيه المجتهد وسعه لنيل حكم شرعي من الأدلة المقررة شرعًا عن طريق الاستنباط والاستدلال والقياس وغيره، مما ليس فيه نص قطعي الثبوت والدلالة، أو مما لم يسبق فيه إجماع، وسبق تعريف الاجتهاد، وسيرد لاحقًا مجاله، وشروطه.


[٢ - المجتهد]


وهو الفقيه البالغ العاقل الذي توفرت فيه شروط الاجتهاد، وصار عنده ملكة يقتدر بها على استنتاج الأحكام من مآخذها، وبشروطها التي سترد.


[٣ - المجتهد فيه]


وهو الحكم الشرعي العملي أو العلمي الذي ليس فيه دليل قطعي، فالحكم هو الوصف للحادثة أو الواقعة، والشرعي لإخراج الأمور العقلية التي لا تحتمل الاجتهاد، ولأن الحق فيها واحد لا يتعدد، ولا يحتمل الاختلاف، والعملي هو الذي يقتضي عملًا بالقلب أو اللسان أو الأعضاء والجوارح مما يدخل في كسب المكلف إقدامًا أو إحجامًا، والعلمي هو ما تضمنه علم الأصول من المظنونات التي يستند العمل إليها، وعبارة "ليس فيه دليل قاطع" لتخرج الأحكام الثابتة بالدليل القطعي، مما يحرم فيه الاجتهاد؛ لأن الاجتهاد ظن، والظن لا يقوي ولا يعارض القطع.


[شروط الاجتهاد]


يشترط في المجتهد أن تتوفر فيه الشروط التالية، حتى يسوغ له الاجتهاد، ويثاب على فعله، ويقبل قوله، ويعتد به، ويجوز اتباعه، أو تقليده، أو الأخذ به (٢)، وهي:


انظر شروط المجتهد في: الرسالة ص ٥٠٩،


١ - العلم بكتاب اللَّه تعالى:


يشترط في المجتهده أن يكون عالمًا بمعاني القرآن الكريم، ولا يشترط معرفته بجميع الكتاب، بل ما يتعلق فيه بالأحكام العملية.


٢ - العلم بالسُّنَّة المتعلقة بالأحكام:


وذلك بأن يعرف أحاديث الأحكام، لغة وشرعًا، كما سبق في القرآن، ولا يشترط حفظها، وإنما يكفيه العلم بمواقعها، والمعرفة بكيفية الرجوع إليها عند الاستنباط، ويعلم صحة الحديث وضعفه سندًا ومتنًا، ويتجنب الموضوع مطلقًا.


٣ - العلم بالناسخ والمنسوخ


يشترط في المجتهد معرفة الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنّة، وهي محصورة في آيات وأحاديث كما سبق، حتى لا يعتمد المجتهد على منسوخ متروك في القرآن والسنة، وذلك عند الاجتهاد والفتوى، وجمع ذلك في عدة كتب (٣).


المستصفى (٢/ ٣٥٢)،


٤ - معرفة مسائل الإجماع


بدأ الاجتهاد في الجيل الأول قبل الإجماع، فإن اتفقت آراء المجتهدين صار إجماعًا، ويحتل مرتبة القطع، فلا يجوز خرقُه ولا مخالفته.


ويشترط في المجتهد اللاحق أن يكون متمكنًا من معرفة مسائل الإجماع؛ ليكون رأيه موافقًا للإجماع، ويجتنب الاجتهاد والفتوى بخلاف ما أجمع عليه، فيكون قد خرق الإجماع، وبالتالي يكون رأيه باطلًا ومردودًا.


٥ - معرفة القياس


يشترط في المجتهد أن يكون عارفًا بوجوه القياس وشرائطه المعتبرة، وأن يعرف علل الأحكام، وطرق الاستنباط من النصوص والمصالح وأصول الشرع؛ لأن القياس أحد أبواب الاجتهاد الرئيسة، مع باقي أبواب أصول الفقه كما سنرى.


٦ - معرفة علوم اللغة العربية


يشترط في المجتهد أن يعرف علوم اللغة العربية من نحو وصرف ومعان وبيان، وأساليب الأدباء؛ لأن القرآن والسنة جاءا باللغة العربية، وبحسب دلالات أهل اللغة، وذلك لمعرفة مراد الشرع وقصده، بمقتضى أساليب العرب.


٧ - العلم بأصول الفقه


يشترط في المجتهد أن يكون عالمًا بأصول الفقه؛ لأنه الأداة الثانية بعد اللغة؛ ليكون المجتهد قادرًا على استخراج أحكام الفقه من الأدلة الشرعية، وضمن مصادر التشريع الصحيحة المقررة في علم أصول الفقه، وبناء على قواعد الاستنباط والاستدلال التي حددها علم أصول الفقه،


شروط المجتهد المقيد


إن الشروط السابقة تختص بالمجتهد المطلق، وهو نادر الحصول في العصور المتأخرة والحاضرة، أما المجتهد المقيد، أو المجتهد الجزئي في مسألة أو بجانب فقهي كالمعاملات المالية، أو الجهاد وما يتعلق به، أو الجنايات، أو الإثبات، أو القضاء، أو الميراث، فلا يشترط فيه جميع الشروط السابقة، وإنما يشترط فيه أن يكون عالمًا بذلك الجانب الذي يجتهد فيه وما يتعلق بهذا الاختصاص، وهذا ما يؤدي إلى جواز تجزؤ الاجتهاد كما سنرى.


يقول الآمدي رحمه اللَّه تعالى: "أما الاجتهاد في حكم بعض المسائل فيكفي فيه أن يكون عارفًا بما يتعلق بتلك المسألة، وما لا بدَّ منه فيها، ولا يضره في ذلك جهله بما لا تعلق بها" (1).

(1) إحكام الأحكام، له (٤/ ١٦٣).

[أقسام المجتهدين]


قسم ابن القيم رحمه اللَّه تعالى المجتهدين أو المفتين إلى أربعة أقسام، يحسن بيانهم للمقارنة بينهم وبين مراتب المجتهدين عند الأصوليين، فقال: "المفتون الذين نَصبُوا أنفسهم للفتوى أربعة أقسام:


"القسم الأول: العالم بكتاب اللَّه وسنة رسوله وأقوال الصحابة، فهو المجتهد في أحكام النوازل.


"القسم الثاني: مجتهد مقيد في مذهب من ائتم به، فهو مجتهد في معرفة فتاويه وأقواله ومأخذه وأصوله، عارف بها، متمكن من التخريج عليها، وقياس ما لم ينص من ائتم به عليه على منصوصه، من غير أن يكون مقلِّدًا لإمامه، لا في الحكم ولا في الدليل، مثل القاضي أبي يعلى من الحنابلة".


"النوع الثالث: من هو مجتهد في مذهب من انتسب إليه، مقرر به بالدليل، متقن لفتاويه، عالم بها، لكن لا يتعدى أقواله وفتاويه ولا يخالفها، وإذا وجد نص إمامه لم يعدل عنه إلى غيره ألبتة، وهذا شأن أكثر المصنفين في مذاهب أئمتهم، وهو حال أكثر علماء الطوائف".


"النوع الرابع: طائفة تفقهت في مذهب من انتسبت إليه، وحفظت فتاويه وفروعه، وأقرت على أنفسها بالتقليد المحض من جميع الوجوه، فإن ذكروا الكتاب والسنة يومًا في مسألة، فعلى وجه التبرك والفضيلة، لا على وجه الاحتجاج والعمل، وإذا رأوا أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا وغيرهم من الصحابة رضي اللَّه عنهم قد أفتوا بفتيا، ووجدوا لإمامهم فتيا تخالفهم، أخذوا بفتيا إمامهم، وتركوا فتاوى الصحابة، قائلين: الإمام أعلم بذلك منا، ونحن قلّدناه، فلا نتعداه ولا نخطاه، بل هو أعلم بما ذهب إليه منا".


[المبحث الثالث أهمية الاجتهاد والحاجة إليه]


كان الاجتهاد أحد المصادر الرئيسة الثلاثة التي أقرها رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في حديث معاذ رضي اللَّه عنه: "القرآن، والسنة، والاجتهاد".


وهو مقرر ثابت بالنصوص والإجماع، وهو مهم للغاية، ويجب ممارسته وتطبيقه والعمل به وجوبًا شرعيًّا، فيثاب فاعله، ويعاقب الأهل له بتركه، وإذا تركه الجميع أثموا، فالاجتهاد -في حد ذاته- عبادة، وتعبد للَّه تعالى في وسائله وغايته، وتقرب لرضوانه في الدنيا والآخرة، ليفوز المجتهد بمكانة العلماء الثابتة شرعًا.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

وصلت ماريال وآن...

وصلت ماريال وآن لبيت السيدة سبنسر الكبير وسألت ماريال عن خطأ اإلتيان بفتاة وقد طلبت صبي قالت لها سبن...

1. المقدمة تعت...

1. المقدمة تعتبر العمارة التقليدية الليبية جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية والثقافية لليبيا. على م...

كان في البداية ...

كان في البداية نقاش حول كيفية تعليم طلاب التربية الخاصة كمعلمات خلال التطبيق، من ثم كان عرض بين المع...

المركّبات العضو...

المركّبات العضويّة تعبّر المركّبات العضويّة عن مجموعةٍ كبيرةٍ من المركّبات الكيميائيّة، وتتميّز باحت...

المطر الحمضي هو...

المطر الحمضي هو أحد ملوثات الهواء الخطرة وينتج بسبب تلوث الهواء بملوثات أولية مثل أكاسيد الكبريت وال...

أمام هذا الوضع؛...

أمام هذا الوضع؛ عرفت الصين موجة من السخط والغضب عمّت أرجائها رافضة الحكم الإمبراطوري الفاشل وتدخلات ...

تعتبر رؤية سمو ...

تعتبر رؤية سمو الشيخة فاطمة ركائز أساسية في البناء التنموي للمرأة في الدولة، والتي انعكست في وضع الخ...

أهم المراكز الت...

أهم المراكز التجارية في الجزيرة ومن أشهر الأسواق التجارية في تلك الحقبة كانت سوق عكاظ التي كانت تقام...

ويُقال: لليلتين...

ويُقال: لليلتين خلتا منه، وقيل لاثنتي عشرة خلت منه وهو أصح ودفن ليلة الأربعاء وسط الليل وقيل ليلة ال...

(٣) تحديد النغم...

(٣) تحديد النغمة في النص الدرامي وليكن هذا مدخلنا إلى شكسبير! فمن ذا الذي يستطيع أن يقطع بأن هذه «ال...

كل لغة لها عيوب...

كل لغة لها عيوبها وقيودها. بعض الناس يشعرون بالإحباط الشديد من العيوب بأنفسهم! لقد كانت هناك أكثر من...

هي شركة متخصصة ...

هي شركة متخصصة في الأجهزة الكهربائية مثل الثلاجات والغسالات والمواقد من المحتمل أن تشارك Union Air ،...