Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

روى لنا أبو حيان التوحيدي في كتابه المقابسات)، أنه سمع يوماً أستاذه سليمان المنطقي السجستاني يقول : نزلت الحكمة على رؤوس الروم وألسن العرب، وليس في وسع أحد أن ينكر أن الحضارة العربية قد خلفت لنا فكراً وعلماً وفناً ، ولكن أحداً لا يستطيع أن يجحد دور اللغة والبيان واللسان والبلاغة في شتى مرافق الحضارة العربية. لقد كان الكلام عند الإنسان العربي سلوكاً. صحيح أن مثل هذا السلوك لا يزيد عند بعضهم على كونه مجرد سلوك لفظي، لكن الرجل كان يرى فيه ترجماناً يعبر عن شخصيته، ولهذا قال حكماء العرب: إن الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات
ويخبر بمكنونات السرائر، لا يمكن استرجاع بوادره، ولا يقدر
على رد شوارده. ولم تكن الحكمة العربية بغافلة عن دور الكلمة في حياة
حين توجه بالنصح إلى معاذ فقال : يا معاذ سالم ما سكت، فعليك، فإن : " كلامك من عملك : يشهد لك، أو يشهد ضدك، إن الكلمة من قائلها بمعناها في نفسه، فإنها تحكم عليه أكثر مما هو يحكم عليها، وهي حين تكون
فإنها تجيء لتوضح حقاً، أو تدحض باطلاً، حكمة، أو تذكر نعمة، وأما حين تكون هوجاء طائشة فإنها قد تكشف عن
جهل، أو تتلف نفساً". وإلى هذا المعنى ذهب علي - رضي الله عنه - في قوله: "تكلموا تعرفوا، ويسرع إلى الجواب، أو غنم يكسبه، وهذا ما عبر عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قال: رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، ومما يروى عن عمر بن عبد العزيز في هذا الصدد أنه قال : من لم يعد كلامه من عمله، وغيرها كثير، وسحر الكلمة شروطاً أساسية لا بد من توفرها في السياسي
الناجح، والحكم النابه، ورجل الدولة المرموق. فيعرف كيف يأتي بالكلام في موضعه، وتأخير ما يقتضي التقديم توان وعجز. العربي في معظم الأحيان كان رجلاً حكيماً، وقد أهتم حكماء العرب بشرح شروط
بل لكل من يضعه منصبة موضع المعلم
إما في اجتلاب النفع، أو دفع الضرر . والشرط الثاني: أن يأتي
المتكلم بقوله في موضعه ويتوخى به إصابة فرصته. والشرط الثالث: أن
يقتصر منه على قدر حاجته. ولا سيما أن اللسان عنوان الإنسان، يترجم عن مجهوله، وحينما قال الشاعر العربي القديم: كفى بالمرء عيباً أن تراه له وجة وليس له لسان
فإنه كان يشير بذلك إلى أهمية (البيان) بوصفه مقوماً من مقومات شخصية الإنسان. قال : وما جمال الرجل يا رسول الله؟ قال : لسانه". وثيق الصلة بفصاحة
لسانه، ورجاحة عقله. فكانوا يعدون كلام المرء برهان أصله، وترجمان عقله، عنه - حين قال : " لسان العاقل وراء قلبه، الشريفة، وفلتات كلامه مراجعة فكره
فكان لسان العاقل تابعاً لقلبه، وكان قلب الأحمق تابعاً لسانه". الإمام علي أيضاً : " قلب الأحمق في فيه، العرب لم يكونوا يستحسنون الإسراف في القول، ومن هنا كان أجدادنا العرب يضيقون ذرعاً بالثرثار، ويذمون الدعي المكثار، ويحملون على الملح المهذار. ولنشاط السامعين نهاية، وما فضل عن الاحتمال، فذلك الفاضل هو الهذر". فأعلم أن للصمت ضروبا
يجد الكثير من الأقوال المأثورة في امتداح الصمت والثناء على محبيه، أهل السكوت، الرجل يسأله: متى أصمت ؟ فقال : " إذا اشتهيت الكلام".


Original text

روى لنا أبو حيان التوحيدي في كتابه المقابسات)، أنه سمع يوماً أستاذه سليمان المنطقي السجستاني يقول : نزلت الحكمة على رؤوس الروم وألسن العرب، وأيدي أهل الصين"، وليس في وسع أحد أن ينكر أن الحضارة العربية قد خلفت لنا فكراً وعلماً وفناً ، ولكن أحداً لا يستطيع أن يجحد دور اللغة والبيان واللسان والبلاغة في شتى مرافق الحضارة العربية. لقد كان الكلام عند الإنسان العربي سلوكاً. صحيح أن مثل هذا السلوك لا يزيد عند بعضهم على كونه مجرد سلوك لفظي، لكن الرجل كان يرى فيه ترجماناً يعبر عن شخصيته، ولسان حال ينطق باسم ذاته العميقة.
ولهذا قال حكماء العرب: إن الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات


الضمائر، ويخبر بمكنونات السرائر، لا يمكن استرجاع بوادره، ولا يقدر


على رد شوارده. ولم تكن الحكمة العربية بغافلة عن دور الكلمة في حياة


الإنسان، فإنها كانت على وعي بما قاله رسول الله عليه الصلاة والسلام)


حين توجه بالنصح إلى معاذ فقال : يا معاذ سالم ما سكت، فإذا تكلمت


فعليك، أو لك. أجل، فإن : " كلامك من عملك : يشهد لك، أو يشهد ضدك،


إن الكلمة من قائلها بمعناها في نفسه، لا بمعناها في نفسها، وهو حين


ينطق بها، فإنها تحكم عليه أكثر مما هو يحكم عليها، وهي حين تكون


محكومة معقولة، فإنها تجيء لتوضح حقاً، أو تدحض باطلاً، أو تنشر


حكمة، أو تذكر نعمة، وأما حين تكون هوجاء طائشة فإنها قد تكشف عن


جهل، أو تسبب ضرراً أو تذيع سراً، أو تتلف نفساً".


وقديماً قال (سقراط) لشاب كان يديم الصمت:" تكلم حتى أراك"،


وإلى هذا المعنى ذهب علي - رضي الله عنه - في قوله: "تكلموا تعرفوا،
فإن المرء مخبوء تحت لسانه، ومعنى هذا القول أن عقل الإنسان مخبوء تحت لسانه، فلا شيء أولى بطول حبس من لسان يقصر عن الصواب، ويسرع إلى الجواب، ولا حاجة بالعاقل إلى التكلّم إلا لعلم ينشره، أو غنم يكسبه، وهذا ما عبر عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قال: رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو سكت فسلم. ومما يروى عن عمر بن عبد العزيز في هذا الصدد أنه قال : من لم يعد كلامه من عمله، كثرت خطاياه". وكل هذه العبارات، وغيرها كثير، إنما تكشف عن تقديس الإنسان العربي للكلمة، وتقديره لدور اللسان في حياة الإنسان.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن يشغل الأدباء والشعراء مكانة كبرى في الحياة الاجتماعية والسياسية للأمة العربية، فقد كانت بلاغة اللسان،


وقوة البيان، وسحر الكلمة شروطاً أساسية لا بد من توفرها في السياسي


الناجح، والحكم النابه، ورجل الدولة المرموق.


وقد كان من بين السمات الرئيسة للسياسي العربي أن يملك لسانه،


فيعرف كيف يأتي بالكلام في موضعه، لأن تقديم ما يقتضي التأخير عجلة
وخرق، وتأخير ما يقتضي التقديم توان وعجز. ومن هنا فإن السياسي
العربي في معظم الأحيان كان رجلاً حكيماً، يدرك أن الكلام في غير حينه
لا يقع موقع الانتفاع به، ويعرف أن ما لا ينفع من الكلام هذيان وهذر،
ويعلم حق العلم أن لكل مقام قولاً. وقد أهتم حكماء العرب بشرح شروط
الكلام، لا للرجل السياسي وحده، بل لكل من يضعه منصبة موضع المعلم
أو المرشد، فقالوا : إنّ الشرط الأول من شروط الكلام: أن يكون القول لداع
يدعو إليه، إما في اجتلاب النفع، أو دفع الضرر . والشرط الثاني: أن يأتي
المتكلم بقوله في موضعه ويتوخى به إصابة فرصته. والشرط الثالث: أن
يقتصر منه على قدر حاجته. في حين أن الشرط الأخير : أن يتخير اللفظ
الذي يتكلم به، ولا سيما أن اللسان عنوان الإنسان، يترجم عن مجهوله،
ويبرهن عن حصوله على حد تعبير بعضهم. وحينما قال الشاعر العربي القديم: كفى بالمرء عيباً أن تراه له وجة وليس له لسان
فإنه كان يشير بذلك إلى أهمية (البيان) بوصفه مقوماً من مقومات شخصية الإنسان. وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال يوماً لعمه العباس " يعجبني جمالك . قال : وما جمال الرجل يا رسول الله؟ قال : لسانه". وهكذا كان جمال الرجل في رأي الرسول، وثيق الصلة بفصاحة
لسانه، ورجاحة عقله.
ولم يكن الصحابة بغافلين عن صلة اللغة بالفكر، فكانوا يعدون كلام المرء برهان أصله، وترجمان عقله، وإلى هذا المعنى ذهب علي رضى الله . عنه - حين قال : " لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه وقد
علق الشريف الرضي على هذه العبارة فقال وهذا من المعاني العجيبة
الشريفة، والمراد به أن العاقل لا يطلق لسانه إلا بعد مشاورة وروية
ومراجعة الفكرة والأحمق تسبق سقطات لسانه، وفلتات كلامه مراجعة فكره
فكان لسان العاقل تابعاً لقلبه، وكان قلب الأحمق تابعاً لسانه".
وقد كان العرب يرون أن للعقل محلاً هو القلب، فكان من ذلك قول
الإمام علي أيضاً : " قلب الأحمق في فيه، ولسان العاقل في قلبه". ولكن
العرب لم يكونوا يستحسنون الإسراف في القول، والاسترسال في الكلام
لأنهم كانوا يرون أن من أعجب بقوله، أصيب في عقله فضلاً عن أنهم
كانوا على وعي أن المسترسل في الكلام كثير الزلل دائم العثار، ومن هنا كان أجدادنا العرب يضيقون ذرعاً بالثرثار، ويذمون الدعي المكثار،
ويحملون على الملح المهذار. ولعل هذا ما عناه الجاحظ حين قال : " إنّ للكلام غاية، ولنشاط السامعين نهاية، وما فضل عن الاحتمال، ودعا إلى الاستثقال والملال
فذلك الفاضل هو الهذر". وإن ابتغيت الصمت، فأعلم أن للصمت ضروبا
وضروباً. والحق أن المتأمل في تراثنا الأخلاقي، يجد الكثير من الأقوال المأثورة في امتداح الصمت والثناء على محبيه، والإشادة بذوي الهيبة من
أهل السكوت، ولعل من هذا القبيل مثلا ما روي عن أحد الحكماء العرب،
من أن رجلاً سأله يوما : متى أتكلم ؟ فقال : " إذا اشتهيت الصمت، وعاد
الرجل يسأله: متى أصمت ؟ فقال : " إذا اشتهيت الكلام". من ذلك أيضاً قول
جعفر بن يحيى" إذا كان الإنجاز كافياً كان الإكثار عياً، وإن كان الإكثار
واجباً كان التقصير عجزاً".
ومن الحكم المأثورة عن علي رضي الله عنه قوله :" بكثرة الصمت
تكون الهيبة"، وقال بعض الأدباء :" من أطال صمته أجتلب من الهيبة ما
ينفعه، ومن الوحشة مالا يضره". وبالغ بعضهم في استحسان الصمت
فقال :" عي تسلم منه خير من منطق تندم عليه، فاقتصر من الكلام على
ما يقيم حجتك، ويبلغ حاجتك، وإياك وفضوله، فإنه يزل القدم، ويورث
الندم".


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

بلغة الأرقام وب...

بلغة الأرقام وبالعقل والمنطق والتاريخ وكل مفردات المبالغة المتعارف عليها في عالم «صاحبة الجلالة»، سي...

رغم الأهمية الك...

رغم الأهمية الكبيرة و المعروفة لدور الإدارة , إلا أنه لا يو جد اتفاق صريح و أكيد بين الباحثين و الخب...

التعزيز العام و...

التعزيز العام ومعززاته لدى التلميذ: من أهم المعززات التي يمكن أن تؤثر في تحصيل التلميذ خبراته السابق...

In conclusion, ...

In conclusion, healthcare staff, particularly nurses, form the backbone of the healthcare system in ...

جاء الإسلام فمن...

جاء الإسلام فمنح المرأة حقوقا لم تكن تتمتع بها النساء في أي مكان في العالم وذلك بعد المكانة المزرية ...

في خليجنا العرب...

في خليجنا العربي ثمّة شخصيات سخرت نفسها بما أوتيت من علم للبحث والتنقيب والقراءة المتعمّقة في كل ما ...

نعم، محافظة ظفا...

نعم، محافظة ظفار هي وجهة سياحية رائعة في سلطنة عُمان. تقع في جنوب البلاد وتشتهر بطبيعتها الخلابة ومن...

تعتبر البلدية ا...

تعتبر البلدية المكان األول الذي يلتقي فيه المواطن بالدولة فهي لها صالحيات واختصاصات واسعة في مجال ال...

يف 18 حزيران/يو...

يف 18 حزيران/يونيو ،1970 عندما فاز املحافظون بالسلطة يف اململكة املتحدة استمروا يف انتقاد قرار حزب ا...

لم تغير السمكة ...

لم تغير السمكة خط سيرها ولا اتجاهها ابدا طوال تلك الليلة وأمسى الطقس باردا غياب الشمس فاخذ الكيس الذ...

In a randomized...

In a randomized and experimental study Yueh-Min Liu & Yi-Chou (2021) demonstrated the positive impac...

أنهى ابن عمي خط...

أنهى ابن عمي خطابه فأحسست بأن أدران نفسي قد اغتسلت وتطهرت قد مسح بعصاه السحرية ما كان عالقا بنفسي من...