Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (97%)

التقميش إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ معها. هذه قاعدة عامة لا موضع للجدال فيها، وذلك أن التاريخ لا يقوم إلا على الآثار التي خلفتها عقول السلف أو أيديهم . فإذا سطت محن الدهر، وكانت كأنها لم توجد . وبفقدها يجهل تاريخ عصرها ورجالها . أما إذا بقيت وحفظت فقد حفظ التاريخ فيها. هي جميع الآثار التي تخلفت عن السلف . فالرسائل الواردة إلى مجلس محمد علي باشا، والصادرة عنه هي أصول لتاريخ هذه الحقبة من تاريخ العرب. هي أيضاً أصول، بعرف المؤرخ واصطلاحه. اليوم على هضبة المقطم، والذي يطل ويشرف على مدينة القاهرة . . وقل الأمر نفسه عن عظامه المحفوظة في مثواه في داخل هذا الجامع العظيم، وسائر قصورهم. وما يصح من هذا القبيل على الآثار الشخصية المتخلفة عنه، يصح أيضاً على آراء غيره من المعاصرين وآثارهم. فتاريخ الشيخ عبد الرحمن الجبرتي الذي عاش في القاهرة وعاصر عزيز مصر هو أيضاً أصل من الأصول، وكذلك كتاب الدكتور كلوت بك الذي استخدم في حكومة الباشا والذي أسس كلية الطب في القصر العيني، وكتاب الدكتور مخايل مشاقة الدمشقي الذي درس الطب في القصر العيني، والذي التحق بخدمة الأمير بشير الثاني، ردحاً من الزمن، أصول. وهلم جرا. فإذا صحت القاعدة العامة - وهي صحيحة دون جدال ـ في أنه إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ، أقول إذا صحت هذه القاعدة لزم على المؤرخ أن يبدأ عمله دائماً بجمع الأصول. وعملوا بها قبل أن يُدرك فائدتها ، إن في أوروبا أو في غيرها من مراكز العلم الحديث . قال المحدث الشهير أبو حاتم الرازي (١)، وتقمش الرجل أكل ما وجد وإن كان دوناً. فإحياء لذكر الرازي، واعترافاً بجهود المحدثين وفضلهم على علم التاريخ، نرى من الواجب أن نسمي أول خطوات المؤرخ المدقق المنقب التقميش، فنقول: على المؤرخ قبل كل شيء أن يُعنى بتقميش الأصول لأنه إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ معها . والآن وقد ثبت لدينا وجوب التقميش ننتقل إلى النظر في كميته فالحقيقة هي كل الحقيقة، لا بعضها، وهي وحدة تامة لا تتجزأ . أوليس مما يثلج الصدر ويبهج النفس أن يكون علماء الحديث قد سبقوا الغرب في هذا أيضاً فنوهوا به؟ قال الإمام الحافظ مفتي الشام وشيخ الإسلام الشيخ تقي الدين الشهرزوري في مقدمته الشهيرة، ليكتب وليسمع ما يقع إليه من كتاب أو جزء على التمام ولا ينتخب . فقد قال ابن المبارك، ما انختبت على عالم قط إلا ندمت. وروينا عنه أنه قال : لا ينتخب على عالم إلا المنتخب في الحديث حين لا تنفعه الندامة » . قبل اختتام هذا الفصل، مساس الحاجة في العالم العربي اليوم إلى المشتغلين في التقميش في شتى العلوم العربية، في أن علماء العرب اليوم يعيشون في القرن العشرين، وإنهم مع احترامهم لما أنتجه السلف الصالح، ومفاخرتهم به، ينوون النهوض بثقافتهم وتراثهم القومي، إلى مستوى الأمم الرقية كي يتمكنوا من خدمة العلوم التي يشتغلون فيها، ومن السير مع زملائهم الغربيين في مضمار التقدم والعمران . وعلماء العرب في بدء عمل عظيم . فليس أفيد والحالة هذه من الاشتغال في التقميش إن في اللغة أو في التاريخ أو في الفلسفة أو في الفنون العربية . والمجال واسع من هذا القبيل. فإنه بإمكان البعض أن يتعاضدوا في تأسيس أو تشجيع المكتبات العمومية . . وقد قلنا، منذ عشرين سنة، ولا نزال نقول : إن مؤرخي العصر الحاضر، وإن حسبناهم على مستوى واحد مع رصفائهم في العصور السالفة،


Original text

التقميش


إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ معها. هذه قاعدة عامة لا موضع للجدال فيها، وذلك أن التاريخ لا يقوم إلا على الآثار التي خلفتها عقول السلف أو أيديهم . فإذا سطت محن الدهر، أو عوادي الزمن على بعض هذه الآثار، وأزالت معالمها، فقدها التاريخ، وكانت كأنها لم توجد . وبفقدها يجهل تاريخ عصرها ورجالها . أما إذا بقيت وحفظت فقد حفظ التاريخ فيها. لهذا يرى المؤرخون لزاماً في أعناقهم قبل كل شيء، أن يتفرغوا للبحث والتفتيش، عن شتى الآثار التي تخلفت عن السلف، والتي اصطلحنا أن نسميها أصولاً.
والأصول لدى المؤرخ، هي جميع الآثار التي تخلفت عن السلف . فالرسائل الواردة إلى مجلس محمد علي باشا، والصادرة عنه هي أصول لتاريخ هذه الحقبة من تاريخ العرب. ومجموعة المدافع والأسلحة التي ترجع إلى عهده والتي لا تزال محفوظة في وزارة الحربية في مصر وفي سراي عابدين الملكية، هي أيضاً أصول، بعرف المؤرخ واصطلاحه. وكذلك جامعه الشهير القائم، اليوم على هضبة المقطم، والذي يطل ويشرف على مدينة القاهرة . . وقل الأمر نفسه عن عظامه المحفوظة في مثواه في داخل هذا الجامع العظيم، وعن بقايا ألبسته وأدواته الشخصية التي لا تزال
محفوظة، لدى أحفاده في سراي عابدين الملكية، وسائر قصورهم. وما يصح من هذا القبيل على الآثار الشخصية المتخلفة عنه، يصح أيضاً على آراء غيره من المعاصرين وآثارهم. فتاريخ الشيخ عبد الرحمن الجبرتي الذي عاش في القاهرة وعاصر عزيز مصر هو أيضاً أصل من الأصول، وكذلك كتاب الدكتور كلوت بك الذي استخدم في حكومة الباشا والذي أسس كلية الطب في القصر العيني، وكتاب الدكتور مخايل مشاقة الدمشقي الذي درس الطب في القصر العيني، والذي التحق بخدمة الأمير بشير الثاني، وغيره من الأمراء الشهابيين الذين عاصروا عزيز مصر، ودخلوا تحت حكمه، ردحاً من الزمن، كل هذه في عرف المؤرخين ضروب من
أصول. وهلم جرا.
فإذا صحت القاعدة العامة - وهي صحيحة دون جدال ـ في أنه إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ، أقول إذا صحت هذه القاعدة لزم على المؤرخ أن يبدأ عمله دائماً بجمع الأصول. وهي لعمري حقيقة أساسية لازمة عرفها علماء الحديث قروناً عديدة، وعملوا بها قبل أن يُدرك فائدتها ، وينوه بصحتها، ويحبذ العمل بها المؤرخون الحديثون، إن في أوروبا أو في غيرها من مراكز العلم
الحديث .
قال المحدث الشهير أبو حاتم الرازي (١)، من أعيان القرن الثالث : « إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش (۲) وقد جاء في المحيط : قَمَشَ القُماش يقمُشُهُ قمشاً جمعه من ههنا وههنا، والقماش ما على وجه الأرض من فتاة الأشياء، وتقمش الرجل أكل ما وجد وإن كان دوناً. فإحياء لذكر الرازي، واعترافاً بجهود المحدثين وفضلهم على علم التاريخ، نرى من الواجب أن نسمي أول خطوات المؤرخ المدقق المنقب التقميش، فنقول: على المؤرخ قبل كل شيء أن يُعنى بتقميش الأصول لأنه إذا ضاعت
الأصول ضاع التاريخ معها .
والآن وقد ثبت لدينا وجوب التقميش ننتقل إلى النظر في كميته
فنتساءل: أيجب أن نجمع كل الأصول أم نكتفي ببعضها؟ وبطبيعة
الحال، يصبح هذا البعض ما يسهل علينا الوصول إليه - ما قد نجده مثلاً في البلدة التي نقيم فيها أو في أقرب المكاتب إلينا نتساءل فنجيب : إذا كانت غاية المؤرخ الوصول إلى الحقيقة ؛ فالحقيقة هي كل الحقيقة، لا بعضها، وهي وحدة تامة لا تتجزأ .
أوليس مما يثلج الصدر ويبهج النفس أن يكون علماء الحديث
قد سبقوا الغرب في هذا أيضاً فنوهوا به؟ قال الإمام الحافظ مفتي الشام وشيخ الإسلام الشيخ تقي الدين الشهرزوري في مقدمته الشهيرة، وبمناسبة الكلام في معرفة آداب طالب الحديث (۱) :
ليكتب وليسمع ما يقع إليه من كتاب أو جزء على التمام ولا ينتخب . فقد قال ابن المبارك، رضي الله عنه، ما انختبت على عالم قط إلا ندمت. وروينا عنه أنه قال : لا ينتخب على عالم إلا
بذنب . وروينا أو بلغنا عن يحيى بن معين أنه قال : سيندم
المنتخب في الحديث حين لا تنفعه الندامة » .
ومما لا بد من الإشارة إليه، قبل اختتام هذا الفصل، مساس الحاجة في العالم العربي اليوم إلى المشتغلين في التقميش في شتى العلوم العربية، ولا يختلف اثنان فيما نعلم، في أن علماء العرب اليوم يعيشون في القرن العشرين، وإنهم مع احترامهم لما أنتجه السلف الصالح، ومفاخرتهم به، ينوون النهوض بثقافتهم وتراثهم القومي، إلى مستوى الأمم الرقية كي يتمكنوا من خدمة العلوم التي يشتغلون فيها، ومن السير مع زملائهم الغربيين في مضمار التقدم والعمران . فالعلوم العربية اليوم في بدء نهضة مباركة. وعلماء العرب في بدء عمل عظيم . فليس أفيد والحالة هذه من الاشتغال في التقميش إن في اللغة أو في التاريخ أو في الفلسفة أو في الفنون العربية .
والمجال واسع من هذا القبيل. فإنه بإمكان البعض أن يتعاضدوا في تأسيس أو تشجيع المكتبات العمومية . وفي مقدور البعض الآخر أن يعنوا في التفتيش عن المخطوطات العربية في جميع المواضيع . ومن المستحب أن يقوم البعض في نشر مجلة أو مجلات ببليوغرافية، أو في نشر فهارس بعض المكتبات العمومية والخصوصية . .
وقد قلنا، منذ عشرين سنة، عندما بدأنا بنشر الأصول العربية التاريخ سوريا في عهد محمد علي باشا - قلنا، ولا نزال نقول : إن مؤرخي العصر الحاضر، وإن حسبناهم على مستوى واحد مع رصفائهم في العصور السالفة، فهم يفوقونهم، بما توافر لديهم من المصادر والمراجع الأولية، التي لم يتسن لأولئك الأسلاف الوقوف عليها .


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

ي عالم الأعمال ...

ي عالم الأعمال المعاصر، يشكل الامتثال القانوني حجر الزاوية في تحقيق النجاح وضمان استدامة الأعمال، كم...

Everyone wants ...

Everyone wants to look beautiful to help them feel good about themselves. This can lead to greater h...

Section Three: ...

Section Three: Corporate Social Responsibility and Ethical Issues I. Corporate Social Responsibil...

بعد أن أنتخب " ...

بعد أن أنتخب " لويس نابليون بونابرت الثالث " كرئيس للدولة من طرف الجمعية الوطنية الفرنسية في شهر ديس...

قبل أن تُبنى نا...

قبل أن تُبنى ناطحات السحاب، وقبل أن يُعرف الفولاذ، دار حوارٌ أبديٌّ بالحجر. طرفه الأول كان فيلسوفاً ...

أبرز الخلافات ف...

أبرز الخلافات في التاريخ الإسلامي: الخلافة الراشدة (632–661م): أبو بكر، عمر، عثمان، علي رضي الله عنه...

Chaque demi-voi...

Chaque demi-voilure est constituée d'un (ou de plusieurs) longerons attachés au fuselage au niveau d...

Magnetic Resona...

Magnetic Resonance Imaging (MRI) is a non-invasive medical imaging technique. It uses non-ionizing r...

في المعاينة الع...

في المعاينة العنقودية يتم اختيار مجموعات وليس أفراد حيث يتم الاختيار العشوائي مناطق أو مجموعات أو تج...

Enhancing ethic...

Enhancing ethical leadership within the organization requires a multifaceted approach. Leaders must ...

مميزات الفن الق...

مميزات الفن القبطي وأبرز سماته أظهر الفن القبطي المصري بخصائص معينة أبرزها فهو فن ارتجالي بسيط لأن...

القراءة التحليل...

القراءة التحليلية وهو أن امسك الكتاب وافتحه وابدأ بالقراءة به كلمة كلمة وما معناها وما ارتباطها بما ...