Lakhasly

تمهيد:
في ظل التطورات السريعة في عالم الإعلام والاتصال، أصبحت المواقع الإلكترونية أحد أهم وسائل الصحافة الحديثة. إذ تعتبر هذه المنصات الرقمية نافذة أساسية للوصول إلى الأخبار والمعلومات في عصر الانترنت والتكنولوجيا الرقمية. كما تجمع المواقع الإلكترونية بين سرعة النشر والتفاعلية مما يجعلها قناة مثالية لتوفير محتوى صحفي شامل ومتنوع يلبي احتياجات الجمهور المتنوعة. وفي هذا السياق، يهدف هذا المبحث إلى استكشاف دور المواقع الإلكترونية في تغطية الأحداث ونقل الأخبار بطريقة تفاعلية وشيقة تتناسب مع تطلعات القرّاء في عصر الرقمية.

1. 
   

   نشأة و تطور الصحافة الالكترونية:
   تجدر الإشارة في البداية إلى أن التاريخ المحدد لظهور أول صحيفة إلكترونية ليس متفقًا عليه حيث تختلف الروايات بشأن متى وأين ظهرت بالضبط، ومع تزايد اعتماد الناس على الإنترنت كمصدر للمعلومات كان من الطبيعي أن تستغل وسائل الإعلام هذه الفرصة للاستثمار في هذا المجال.
   وفقًا للباحث الأمريكي مارك ديويز في دراسته حول تاريخ الصحافة الإلكترونية، فإن صحيفة "شيكاغو تريبيون" في الولايات المتحدة كانت أول من أطلق نسخة إلكترونية لها على الإنترنت عام 1992 تحت اسم "شيكاغو أون لاين". و توالى ذلك ظهور العديد من المواقع الإخبارية والصحفية على الإنترنت سواء التابعة للصحف والقنوات التلفزيونية أو المواقع الإخبارية المستقلة التي أصبحت بدورها قنوات صحفية إلكترونية مستقلة.
   وفي هذا السياق، يرى "درويش اللبان" أن الصحافة الإلكترونية بدأت تلفت الأنظار إليها عقب حرب الخليج الأولى عام 1991. آنذاك، عرضت وكالات الأنباء العالمية صورة لبطة برية تحتضر بعدما غُمرت في مياه الخليج الملوثة بالنفط، إذ أثارت هذه الصورة المؤثرة تعاطف الكثيرين حول العالم وأدانت الاعتداءات الصارخة على البيئة والطبيعة والتلوث الشديد لمياه الخليج بسبب الأعمال الحربية التي تجاوزت كل الحدود الشرعية والمشروعة.
   وفي هذا السياق، يرى "درويش اللبان" أن الصحافة الإلكترونية بدأت تلفت الأنظار إليها عقب حرب الخليج الأولى عام 1991. آنذاك، عرضت وكالات الأنباء العالمية صورة لبطة برية تحتضر بعدما غُمرت في مياه الخليج الملوثة بالنفط. أثارت هذه الصورة المؤثرة تعاطف الكثيرين حول العالم وأدانت الاعتداءات الصارخة على البيئة والطبيعة والتلوث الشديد لمياه الخليج بسبب الأعمال الحربية التي تجاوزت كل الحدود الشرعية والمشروعة.
   من جهة أخرى، يعتقد البعض أن الصحافة الإلكترونية شهدت ازدهارًا كبيرًا بعد الحادي عشر من سبتمبر حيث استفاق العالم على وقع حدث مهول في أمريكا، إذ استطاعت الصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية الإلكترونية نقل ذلك الحدث التاريخي بدقة وكفاءة نادرة في حين تعثرت بعض الصحف والفضائيات التقليدية وأثبتت فشلها في تلك المهمة.
   ويرى فريق آخر أن عمليات التطوير في مجال استخدام الإنترنت أدت إلى بدء شبكات الإذاعة والتلفزيون المشهورة مثل BBC وCNN و الجزيرة في تخصيص مواقع مستقلة لتحميل البيانات والأخبار. كما بدأت الصحف الهامة أيضًا تظهر على شبكة المعلومات من خلال المواقع التي أعدتها لذلك والتي لاقت إقبالًا كبيرًا من رواد الإنترنت الذين وجدوا فيها ضالتهم المنشودة واستغنوا بها عن الصحف الورقية التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، بدأت الصحف الإلكترونية البحتة تظهر إلى حيز الوجود سواء في الدول الأجنبية أو في البلاد العربية.
   ولقد بدأت الصحافة الإلكترونية كمجرد مواقع تحتوي على مقالات وموضوعات وأفكار ورؤى بسيطة، انطلقت تحديدًا من منتديات الحوار التي تتميز بسهولة تحميل برامجها وبساطة تركيبها، يكفي تحميل هذه البرامج المجانية في الغالب ورفعها إلى موقعك في أقل من ساعة، ليبدأ الموقع عمله ويجتذب عددًا كبيرًا من الزوار.

   
   


2. 
   

   أهمية المواقع الالكترونية للصحف اليوم:
   المتتبع لتطور وسائل الاتصال والإعلام عبر العصور والمراحل التاريخية يصل إلى تأكيد فرضية أن ظهور وسيلة اتصالية وإعلامية جديدة لم ينفِ أو يقضِ على الوسيلة التي سبقته بالظهور، بل إن ظهور الوسيلة الجديدة يكون دعمًا وتطويرًا للوسيلة التقليدية. على سبيل المثال، ظهور وتطور الصحافة الورقية في العالم كان حدثًا هامًا في تطور وسائل الاتصال والإعلام حيث قدمت الصحافة المطبوعة العديد من الخدمات للجماهير والشعوب والدول. وكانت الصحافة الورقية رمزًا لحرية التعبير والرأي ونشر مبادئ الديمقراطية بين الشعوب، والدفاع عن حقوق الإنسان كما أنها كانت وسيلة لتحرير العديد من الشعوب من خلال إيصال صوت الثورة في العالم.
   بعد ذلك، ظهر الراديو الذي اعتبر قفزة مذهلة في تطور وسائل الإعلام الجماهيرية. كان هناك من يعتقد أن ظهور الراديو سوف يقضي على الصحف المكتوبة بشكل نهائي لكن ما حدث كان العكس تمامًا، فتفرد الصحف المكتوبة بسمات وخصائص معينة عن وسيلة الراديو جعل لها مكانة خاصة لدى القراء فالصحيفة تركز على التفاصيل والتحاليل، أما الراديو فيعتمد على الصوت والاختصار في تقديم الأحداث والأخبار، مما ساهم في الحفاظ على مكانة الصحف المكتوبة لدى جمهورها الخاص. ونفس الأمر تكرر مع ظهور التلفزيون وتطوره، حيث انتقل بنا من عالم الصوت والمطبوع إلى عالم جديد يختلف عن الوسائل التي سبقته حيث جمع بين الصوت والصورة المتحركة والألوان وغيرها من تقنيات إرسال واستقبال الصورة. أحدث التلفزيون ضجة كبيرة عند ظهوره وخصوصًا عندما أصبح بالألوان لكن رغم ما قدمه التلفزيون من خدمات كبيرة للجماهير، اعتمادًا على تقنيات إخراج عالية وفنيات في التقديم وجمعه بين الصورة المتحركة والصوت إلا أنه لم يقضِ على خدمات الراديو الذي احتفظ بخصائصه المميزة.
   أما اليوم، مع ظهور الإنترنت وتعدد خدماته وظهور ما يسمى بالصحافة الإلكترونية التي أصبحت منتشرة بحجم كبير عبر مواقع الإنترنت، أصبحت أغلب الجرائد المطبوعة تمتلك نسخة إلكترونية، وهناك جرائد إلكترونية بحتة، وبعض الجرائد تخلت عن نسختها الورقية بمجرد وجودها على شبكة الإنترنت.
   
   وبالتالي، نجد في العصر الحالي المواقع الإلكترونية للصحف قد أصبحت أداة لا غنى عنها في عالم الإعلام والاتصالات، فهذه المواقع أصبحت نافذة للعالم للوصول إلى الأخبار والمعلومات بسرعة وسهولة، وتلعب دورًا حيويًا في توسيع دائرة القراءة والمشاهدة للصحف . وذلك لعدة أسباب:
   أولاً، توفر المواقع الإلكترونية للصحف وسيلة فعالة لنشر الأخبار على مدار الساعة دون تأخير مما يسمح للقراء بالحصول على المعلومات الحديثة والمحدثة في أي وقت وفي أي مكان.
   ثانيًا، تمتاز المواقع الإلكترونية بقدرتها على توفير محتوى متنوع بمختلف الأشكال المرئية والصوتية والنصية مما يلبي احتياجات القراء المتنوعة ويجذب فئات واسعة من الجمهور.
   ثالثًا، تسهل المواقع الإلكترونية للصحف التفاعل بين القراء والصحفيين من خلال تعليقات القراء ومشاركة المقالات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يعزز التواصل ويبني جسورًا تفاعلية بين الطرفين.
   رابعًا، تتيح المواقع الإلكترونية للصحف استخدام التقنيات الحديثة مثل الصوت والفيديو والصور المتحركة والرسوم البيانية بشكل فعّال لتوضيح الأخبار وجذب انتباه القراء بشكل أكبر.
   وبهذه الطرق، تظل المواقع الإلكترونية للصحف أداة حيوية وفعّالة في عالم الإعلام اليوم حيث تسهم في نشر الأخبار والمعلومات بسرعة وسهولة وتوسع نطاق الوصول إلى القراء وتعزز التواصل بين الصحف والجمهور وتوفر تجربة قراءة تفاعلية ومتنوعة.

   
   


3. 
   

   كيفية استخدام الموقع لنشر المحتوى الصحافي:
   أولا: يتصدر البريد الإلكتروني أدوات الاتصال والتفاعل في الوسائل الجديدة نظرًا لما يتمتع به من مزايا عديدة. فهو يوفر سهولة استخدامه ويسمح بتبادل المعلومات والآراء وطلب المساعدة وتقديم النصائح والإرشادات للمتلقي. كما يتيح البريد الإلكتروني تبادل الرسائل مع المحرر والمجموعات سواء كانت هذه الرسائل بصيغ نصية أو مصورة.وعلى الرغم من عدم توفير البريد الإلكتروني للتفاعل المتزامن نظرًا لفروق الزمن بين إرسال الرسائل واستقبالها والرد عليها، فإنه يتمتع بعدد من المزايا التي تجعلها مفضلة للاستخدام. ومن أهم هذه المزايا:
   • سرعة تبادل الرسائل مع الأفراد مهما كانت المسافات بينهم.
   • تكلفة منخفضة مقارنة بالوسائل التقليدية للاتصال.
   • إمكانية إرسال رسالة واحدة إلى العديد من الأفراد في أماكن متفرقة في العالم في نفس الوقت.
   • إمكانية ربط ملفات إضافية بالبريد الإلكتروني.
   • تهيئة المتلقي لقراءة الرسائل والرد عليها في الوقت المناسب له.
   ثانيا: منتديات الحوار (Forums)تعد نوادي تجمع أفرادًا لديهم اهتمامات مشتركة حيث يتواجد لكل فرع من فروع هذه الاهتمامات قسم خاص به لتبادل الأفكار، إذ تختص بمواضيع معينة مثل الأخبار والفنون والسياحة والتعليم ويستطيع المستخدم الانضمام إلى هذه المنتديات ليجد مناطق اهتمام دقيقة ليقرأ عنها ويتفاعل معها، مثل قراءة مقالات عن أبطال مسلسل تلفزيوني وأخبارهم ونشاطاتهم الشخصية . كما تنقسم منتديات الحوار إلى قسمين:
    القوائم البريدية: وهي مجموعة من الأخبار والموضوعات المحلية والإقليمية والدولية والسياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية المختارة، يتم نشرها يوميًا في أقسام مختلفة للصحيفة، ويتم إرسالها للأعضاء المسجلين عبر البريد الإلكتروني لتمكينهم من متابعة التطورات والحصول على المعلومات المهمة.
    المجموعات الإخبارية أو مجموعات الحوار: تقدم الصحيفة هذه الخدمة للقراء للتعبير عن آرائهم في القضايا والموضوعات التي يهتمون بها. تنقسم مجموعات الحوار إلى:

   
   

• حوار حول أهم الموضوعات المنشورة في العدد الأخير.


• حوار حول موضوعات أخرى غير مرتبطة بالعدد اليومي، وتنقسم وفقًا لأقسام الصحيفة الرئيسية مثل الأخبار والاقتصاد والرياضة والتكنولوجيا وغيرها.
  ثالثا: المدونات هي مواقع على شبكة الإنترنت ظهرت في عام 1995 تعتبر دفاتر يوميات إلكترونية يستخدمها الجمهور لتسجيل اهتماماتهم وتفاصيل حياتهم مع إمكانية إرفاقها بالصوت والصورة، تطورت المدونات لتصبح وسيلة للتعبير عن الآراء والحوار حول قضايا مشترك، وقد سلطت الضوء عليها بشكل كبير خلال حرب الخليج الثالثة مما أدى إلى تطور مواضيعها وزيادة قوتها كوسيلة تعبير حرة وغير متحيزة.
  رابعا: صناديق الاقتراع أو الاستفتاء تُعتبر خدمة تستخدم أيضًا في الصحافة الإلكترونية حيث تقوم الصحف بطرح مواضيع مختلفة تهم القراء والصحيفة وتكون عادة أسبوعية أو شهرية حول قضية أو حدث مميز في فترة زمنية معينة. كما يتم تقديم استطلاع للآراء اليومي ونشره على الموقع، مما يتيح للمشاركين معرفة النتيجة الحاصلة قبل التصويت. إضافة إلى ذلك، يقوم قراء الصحف الإلكترونية بملء البيانات المطلوبة لعملية التصويت عبر الإنترنت إلى المؤسسة الصحفية مما يساعد في إزالة عائق هام يواجه الصحف، وهو الوصول إلى آراء الجمهور بشأن قضية معينة، توفر هذه العملية الوقت والجهد المبذول لمعرفة آراء الجمهور في بعض القضايا بشكل عاموتؤثر بشكل فعال على توزيع الصحف حيث تقدم المؤسسة الصحفية محتوى يتفاعل معه الجمهور بشكل مباشر مما يؤثر بشكل إيجابي على مستوى تفاعل القراء مع الصحيفة وتوزيعها.
  خامسا: استخدام الشبكات الاجتماعية يرتبط بشكل وثيق بالصحافة الإلكترونية، حيث تُعتبر الشبكات الاجتماعية أداة رئيسية لتبادل الأخبار والمعلومات بين الأفراد و على الرغم من أن الصحافة الإلكترونية والهواتف النقالة تعملان داخل المحيط الرقمي نفسه، إلا أن الصحافة الإلكترونية لا تتداخل مع شبكات العلاقات الاجتماعية بنفس الطريقة التي تفعلها الهواتف النقالة حيث يتم استخدام الهواتف النقالة بشكل رئيسي لتفعيل العلاقات الشخصية والتواصل الاجتماعي. وبالتالي، يمكن القول إن استخدام الشبكات الاجتماعية في الصحافة الإلكترونية يلعب دورًا مهمًا في توفير الأخبار والمعلومات وتفاعل الجمهور معها، ويساهم في تعزيز الاتصال الجماهيري ونشر الأفكار والآراء بشكل فعّال.
  سادسا: استخدام الفيديو التشاركي لعب دورًا مهمًا خلال الثورات العربية، حيث ساهم في نقل الأحداث والتطورات في تلك البلدان من خلال استخدام الهواتف المحمولة لتصوير وتسجيل ما يحدث، ثم نقله إلى مواقع الفيديو على الإنترنت. و قد شكلت هذه الحالة جزءًا من ظاهرة جديدة في الثقافة حيث خلقت الهواتف النقالة نوعًا جديدًا من التواصل الاجتماعي المرتكز على التفاعلات الشخصية والخصوصية الشديدة في تعريف الذات وتعريف الآخر. وقد أظهرت الدراسات أن هذا النوع الجديد من التواصل يميل إلى التفضيل للتواصل المباشر بين الأفراد أو المجموعات بينما يزداد تجنبًا للتواصل مع المؤسسات أو الهيئات الرسمية بما في ذلك مواقع الصحف الإلكترونية وغيرها من المنظمات التي تنشر المحتوى الإخباري.
  سابعا: استخدام مواقع الصور التشاركية، مثل موقعFlickr يسمح للمستخدمين بتحميل الصور وكتابة التعليقات عليها ومشاركتها مع الآخرين، تهدف هذه الخدمات التي تقدمها المواقع الإلكترونية إلى منح الفرصة للمشتركين في إنشاء المحتوى ومشاركته، وخلق بيئة تفاعلية تجمع بين المستخدمين والأخبار المنشورة.