Online English Summarizer tool, free and accurate!
يعتقد بعض العلماء أن القرآن نزل على النبي مرتين: الأولى نزولًا إجماليًا جملة واحدة، والثانية نزولًا تفصيليًا تدريجيًا خلال 23 سنة من البعثة إلى الوفاة. نزول الإجمال يعني نزول المعارف القرآنية وأسراره على قلب النبي ليمتلئ بنورها، بينما التفصيل يعني نزوله بألفاظه وآياته المتعاقبة المرتبطة أحيانًا بالأحداث. كان النزول الإجمالي لتنوير النبي وتثقيفه بالرسالة، وتؤيده آيات مثل (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) [البروج: 21-22] التي تشير لوجوده في اللوح المحفوظ بكيفية خاصة. وتفيد آيات أخرى نزوله جملة واحدة في ليلة القدر بشهر رمضان، وهو القول الأشهر والأصح، مدعومًا بأحاديث عن ابن عباس تؤكد نزوله جملةً إلى سماء الدنيا ثم تنزيله تدريجيًا على النبي. يُذكر أن نزوله جملةً إلى السماء يُفخم أمر القرآن والنبي، ويعلم سكان السماوات به، ويتساوى فيه محمد مع موسى وعيسى في نزول الكتب جملة، مع تفصيل خاص لمحمد. استمر التنزيل التدريجي 23 سنة، وتؤكده آيات مثل (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) [الفرقان: 22] و (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث) [الإسراء: 106]. كان لهذا التدرج أثر كبير في تحقيق أهداف القرآن وبناء الأمة. مثال ذلك، تشريع الجهاد على ثلاث مراحل، والصوم، وغيرها من الأحكام التي سُهّلت على الناس بالتدريج. الحكمة من التنزيل التدريجي: تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم بتجدد الوحي، وتيسير حفظ وفهم القرآن، وتقديم معجزة جديدة في كل مرة، وتأييد النبي ودحض باطل أعدائه، والتعهد الإلهي له عند الشدائد. الحكمة الثانية: مراعاة التدرج في التشريع وتربية الجماعة، كما في تحريم الخمر على ثلاث مراحل. الحكمة الثالثة: مواجهة الشبهات والأسئلة المختلفة من المشركين، ومجاراة الوقائع ببيان حكم الله فيها عند حدوثها. الحكمة الرابعة: كون القرآن عملية تغيير إنساني شاملة، لا تتم دفعة واحدة، بل بتدرج حكيم. اختلف في أول ما نزل من القرآن، فأصح الأقوال: صدر سورة العلق ((اقرأ باسم ربك الذي خلق)) مدعومًا بأحاديث عن عائشة. أما آخر ما نزل، ففيه أقوال متعددة، وليس بينها حديث مرفوع واحد، وقد استمر نزول القرآن فترة البعثة، تقريباً ثلاثة وعشرين عامًا، باستثناء فترة فتور.
في رأي عدد من العلماء أن القرآن الكريم نزل على النبي مرتين:
أحدهما: نزل فيها جملة واحدة على سبيل الإجمال.
والأخرى: نزل فيها تدريجا على سبيل التفصيل خلال المدة التي قضاها النبي صلى الله عليه وسلم في أمته منذ بعثته إلى وفاته.
ومعنى نزوله على سبيل الإجمال: هو نزول المعارف الإلهية التي يشتمل عليها القرآن و أسراره الكبرى على قلب النبي صلى الله عليه وسلم لكي تمتلئ روحه بنور المعرفة القرآنية..
ومعنى نزوله على سبيل التفصيل هو نزوله بألفاظه المحددة وآياته المتعاقبة والتي كانت بعض الأحيان ترتبط بالحوادث والوقائع وفي زمن الرسالة وكذاك مواكبة تطورها.
وكان إنزاله على سبيل الإجمال مرة واحدة، لأن الهدف منه تنوير النبي صلى الله عليه وسلم وتثقيف الله له بالرسالة التي أعده لحملها.
والآيات الدالة على نزوله دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا، نحو قوله تعالى: (بل هو قرآن مجيد، في لوح محفوظ) [سورة البروج، الآيتان 21 - 22] هاتان الآيتان تفيدان أن القرآن كان موجودا في اللوح المحفوظ، وفقا لكيفية مخصوصة لا يعلمها إلا الله تعالى. وليس لنا أن نسأل عن تلك الكيفية، ولا عن مبدأ وجودها. فهذا من جملة الإيمان بالغيب، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "خلق الله اللوح المحفوظ كمسيرة مائة عام، ثم قال الله تعالى للقلم قبل أن يخلق الخلق اكتب علمي في خلقي، فجرى ما هو كائن إلى يوم القيامة". وعن ابن عباس: أنزل القرآن في ليلة القدر في شهر رمضان ليلة القدر، الموصوفة بأنها ليلة مباركة، قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) [سورة البقرة، الآية (85) ، وقوله تعالى: ((إنا أنزلناه في ليلة القدر)) [سورة القدر، الآية (1]، وقوله تعالى: ((إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين)) [سورة الدخان، الآية 3].
10 - انظر : تفسير الشوكاني، ج 5 ص 417. فهذه الآيات الثلاث مجتمعة تفيد أن القرآن أنزل دفعة واحدة فى شهر رمضان، وهذا
القول هو أصح الأقوال وأشهرها11. فقد أخرج الحاكم والبيهقى وغيرهما عن سعيد بن جبير
(ت95ه)، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أنزل القرآن فى ليلة القدر جملة واحدة
إلى سماء الدنيا، وكان بمواقع النجوم، وكان الله ينزله على رسول الله بعضه في إثر
بعض "12.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس أيضا أنه قال: "أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في
بيت العزة في السماء الدنيا، ونزله جبريل على محمد بجواب كلام العباد وأعمالهم".
فهذه الأحاديث كلها صحيحة كما ذكر السيوطي (ت٥911) وهي موقوفة على "ابن
عباس" غير أن لها حكم الأحاديث المرفوعة، ويصح الاحتجاج بها.
وقيل في سر إنزاله جملة أولا إلى السماء الدنيا أو إلى البيت المعمور: أنه تفخيم أمر
القرآن وأمر النبي الذي أنزل إليه، وذلك لأن فيه إعلام سكان السماوات السبع بأن هذا
الكتاب آخر الكتب، منزل على آخر الرسل وخاتمهم لأشرف الأمم، قد قربناه إليهم لننزله
عليهم ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع، لنزلناه إلى
الأرض جملة كسائر الكتب المنزلة قبله ولكن الله باين وبينها فجعل لهذا النبي الكريم
الأمرين، إنزاله جملة ثم إنزاله مفرقا تشريفا للمنزل عليه.×
وقيل: إن السر في نزوله جملة إلى السماء الدنيا تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند
الملائكة، وتعريفهم عناية الله بهم ورحمة لهم، ولهذا المعنى أمر الله سبعين ألف ملك أن
يشيعوا سورة الأنعام، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل عليه السلام بإملائه على
السفرة الكرام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له.
وفيه أيضا التسوية بين نبينا صلى الله عليه وسلم وبين موسى بن عمران عليه السلام
وعيسى بن مريم عليه السلام، في إنزاله كتابه جملة، كما أنزل كتابيهما جملتين والتفصيل
لمحمد صلى الله عليه وسلم في إنزاله عليه منجما لحكم كثير لا يعلمها إلا الله.
لتدرج في التنزيل: استمر التنزيل التدريجي للقرآن الكريم طيلة ثلاث وعشرين سنة،
وهي المدة التي قضاها النبي صلى الله عليه وسلم في أمته منذ بعثته إلى وفاته، فقد بعث
في الأربعين سنة من ولادته، ومكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم هاجر إلى المدينة
وظل فيها عشر سنين، والقرآن يتعاقب ويتواتر عليه حتى مات وهو في الثالثة والستين من
عمره الشريف، والدليل على ذلك قوله تعالى: (( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن
جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه (ترتيلا )) [سورة الفرقان، الآية 22].
وقوله تعالى: (وقرآنا) فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)) [سورة
الإسراء، الآية 106].
فهاتان الآيتان تدلان دلالة واضحة على أن القرآن لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم
دفعة واحدة، وإنما نزل منجما حسب الوقائع والأحداث.
وكان لهذا التدرج في إنزاله أثر كبير في تحقيق أهدافه وإنجاح الدعوة وبناء الأمة، كما
أنه آية من آيات الإعجاز في القرآن الكريم.
فمثلا، شرع الله شهادة أن لا إله إلا الله، ومكث صلى الله عليه وسلم في مكة لا يدعو إلا
لعبادة الله وحده، ثم بعد ذلك شرع الله له الصلوات الخمس المكتوبة ليلة الإسراء والمعراج،
ثم بعد ذلك فرضت الزكاة والصوم في سنة واحدة وهي سنة اثنين من هجرته صلى الله
عليه وسلم على اختلاف في ذلك. ثم فرض الحج واختلف في وقت فرضه فجزم الشافعي
رحمه الله بأنه فرض في عام ست 13.
مثال آخر، تشريع الجهاد على ثلاث مراحل لما فيه من إنفاق الأموال وتعريض النفس
للتلف، فأذن فيه من غير إيجاب لقوله تعالى : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله
على نصرهم لقدير)) [سورة الحج، الآية 37]، ثم لما استأنست النفوس به بعد الأذى فيه
أمروا بقتال من قاتلهم دون من لم يقاتلهم بقوله: ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا
تعتدوا)) [سورة البقرة الآية 189]، فلما استأنست النفوس بالقتال ومارسته وهان عليها
فرض فرضا جازما باتا بقوله: (( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم
اقعدوا لهم كل مرصد )) ، وقوله : (( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلوكم كافة)) بالتبريل المابول معرفا والانزال أعم
التوبة، الآية 36]، ومعلوم أن بعض أهل العلم يقول في آية (( وقاتلوا في سبيل الله الذين
يقاتلونكم)) غير ما ذكرناه ولكن ما ذكرناه اختاره غير واحد من العلماء.
أما الصوم فلا يخفى أنه كف النفس عن شهوة البطن والفرج فيه مشقة على من لم يعتده
ولذلك كانوا في أول الأمر مخيرين بين الصوم والفطر والإطعام كما دل عليه قوله تعالى:
((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين على أظهر التفاسير والأقوال في ذلك ثم لما
استأنست النفوس بالصوم والفته أوجب إيجابا جازما باتا بقوله تعالى: ((فمن شهد منكم
الشهر فليصمه)) [سورة البقرة، الآية 184].
هكذا برهن الشرع على التيسير على العباد من خلال ترجه في تشريع مجموعة من
خادمة الأحكام، والتى لولا التدرج أثناء تشريعها للقى الناس فى الامتثال لها عننا كبيرا مما قد
يحملهم على العصيان وهذا مخالف لقصد الشارع من وضع الشريعة للعمل بمقتضاها ..
الحكمة من نزول القرآن منجما
الحكمة الأولى: تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وتقوية فؤاده، كما أشار إليه قوله
تعالى: لنثبت به فؤادك))، وذلك من وجوه خمسة
الأول: أن في نزول الوحي تدريجا كان إمدادا معنويا مستمرا للنبي صلى الله عليه وسلم
كما قال الله تعالى: وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به
فؤادك ورتلناه (ترتيلا)) [سورة الفرقان الآية (22] ، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة
كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك نزول الملك إليه وتجدد العهد به
وتقوية أمله في النصر، واستهانته بما يستجد ويتعاقب من محن ومشاكل.
ولهذا نجد أن القرآن ينزل مسليا للنبي مرة بعد مرة مهونا عليه الشدائد كلما وقع في محنة
يؤمر تارة بالصبر أمرا صريحا، فيقول: (( واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا
جميلا)) [سورة المزمل، الآية (10]، وينهاه تارة أخرى عن الحزن كما في قوله: ((ولا
يحزنك قولهم إن العزة الله جميعا )) [سورة يونس، الآية (65]، ويذكره بسيرة الأنبياء الذين
تقدموه من أولي العزم، فيقول: ((فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل)) [سورة
الأحقاف، الآية 35 ، ويخفف عنه أحيانا، ويعلمه أن الكافرين لا يجرحون شخصه ولا
يتهمونه بالكذب لذاته، وإنما يعاندون الحق بغيا كما هو شأن الجاحدين في كل عصر كما في
قوله: ))قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله
)يجحدون(( ]سورة الأنعام، الآية 33[.
الثاني: أن في التدرج تيسيرا من الله تعالى في حفظ القرآن وفهمه ومعرفة أحكامه
وحكمه، كما قال تعالى: )وقرآنا( فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا
]سورة الإسراء، الآية 106[
الثالث: أن في كل مرة من مرات هذا النزول التدريجي معجزة جديدة للنبي صلى الله عليه
وسلم، حيث كان عليه الصلاة والسلام يتحدى المعاندين والمعارضين كل مرة أن يأتوا بمثل
هذا القرآن، فظهر عجزهم عن المعارضة، وثبت صدقه عليه الصلاة والسلام، وهذا بلا
ريب فيه تثبيت لقلب النبي صلى الله عليه وسلم.
الرابع أن في تأييد النبي عليه الصلاة والسلام، ودحض باطل أعدائه، المرة بعد الأخرى،
تكرارا لتثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم.
الخامس: تعهد الله نبيه عند اشتداد الخصومة بينه وبين أعدائه بما يهون عليه هذه الشدائد
ولا ريب أن تلك الشدائد كانت تحدث في أوقات متعددة .
الحكمة الثانية مراعاة مقتضيات التدرج في التشريع، وتربية الجماعة، ونقلها على
مراحل من حالة إلى حالة أحسن من سابقتها، وإسبال الرحمة الإلهية على العباد، فإنهم كانوا
في الجاهلي في إباحية مطلقة فلو نزل عليهم القرآن دفعة واحدة، لعسر عليهم التكليف
فنفروا من التطبيق للأوامر والنواهي.
أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما" نزل أول ما نزل منه سورة من
المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام
ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر، لقالوا لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا
ندع الزنا".
بيان ذلك أن تحريم الخمر مر بأطوار ثلاثة
الأول: التصريح بأن الخمر ضررها أكثر من نفعها، وذلك للبحث على التنفير منها والبعد
عنها، يرشد لذلك قول الله تعالى: ))يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع
للناس وإثمهما أكبر من نفعهما(( ]سورة البقرة، الآية 219[.
الثاني: تحريم الخمر قبيل القيام للصلاة حتى لا يدخل المصلي الصلاة وهو سكران.
يوضح ذلك قول الله تعالى : ((يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى
تعلموا ما تقولون)) [سورة النساء، الآية 13].
الثالث: تحريم الخمر تحريما قطعيا في جميع الأوقات، ودليل ذلك قول الله تعالى: ((يا)
أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه
لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر
ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون)) [سورة المائدة، الآيتان 90 - 91].
الحكمة الثالثة: إن الرسالة الإسلامية كانت تواجه الشبهات والاتهامات والمواقف
والإثارات والأسئلة المختلفة من قبل المشركين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى
أن يواجه كل ذلك بالموقف والتفسير المناسبين، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بشكل تدريجي،
لأن طبيعة هذه المواقف هي طبيعة تدريجية وتحتاج إلى معالجة ميدانية مستمرة، وهذا لعله
المراد من سياق قوله تعالى: (ولا يأتونك بمثل إلا جنناك بالحق وأحسن تفسيرا)) [سورة
الفرقان، الآية 33].
فقد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أسئلة مختلفة لأغراض متنوعة، فقد سألوه لغرض
التثبت من رسالته كما قال الله تعالى عن الروح كما في قوله تعالى: ((ويسألونك عن الروح
قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) [سورة الإسراء، الآية 85]، وسألوه
عن ذي القرنين، كما قال تعالى: (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا)
سورة الكهف، الآية 83].
وسئل صلى الله عليه وسلم من أجل التنور ومعرفة حكم جديد من أحكام الإسلام، كما في
قوله تعالى: (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو)) [سورة البقرة، الآية 219]، وقوله:
((ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم)) [سورة القرة، الآية
[220
ومن ذلك، مجاراة الوقائع في حينها ببيان حكم الله تعالى فيها عند حدوثها ووقوعها،
ومعلوم أنها لم تقع في يوم واحد، أو شهر واحد بل وقعت تفصيلا وتدريجا. والأمثلة على
ذلك كثيرة ومتعددة، فمنها حادثة الوليد بن عقبة أخو عثمان ابن عفان لأمه، حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق ليأخذ صدقاتهم وكان بينه وبينهم إحن وعداوات
فلما سمعوا به استقبلوه فحسب أنهم مقاتلوه، فرجع إلى المدينة وقال للرسول: "إنهم ارتدوا
ومنعوا الزكاة، فهم الرسول بقتالهم، فنزل قوله تعالى: ))يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم
فاسق بنبا فيبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين(( ]سورة
الحجرات، الآية 6[.
ومنها حادثة فتنة اليهود التي أثاروها عندما حولت القبلة من جهة بيت المقدس إلى جهة
المسجد الحرام وكان ذلك بعد الهجرة إلى المدينة المنورة بسبعة عشر شهرا تقريبا، فنزلت
الآيات من قوله تعالى: سيقول( السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها
قل الله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وكذلك جعلناكم أمة وسطا
لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها
إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله
وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم، قد نرى تقلب وجهك في السماء
فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم
شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعلمون
ولئن آتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم
بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواء هم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين((
]سورة البقرة الآيات 142 - 145[.
ومن ذلك، كشف حال أعداء الله المنافقين، وهتك أستار هم كي يأخذ المؤمنون منهم
حذرهم فيأمنوا شرهم وحتى يتوب من شاء منهم. كما في قوله تعالى: ))ومن الناس من
يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين(( ]سورة البقرة، الآية 8[ إلى آخر الآيات
الثلاث عشرة التي فضحت المنافقين، كما فضحتهم سورة التوبة في كثير من الآيات.
الحكمة الرابعة: إن القرآن الكريم ليس كسائر الكتب التي تؤلف للتعليم والبحث العلمي
وإنما هي عملية تغيير الإنسان تغييرا شاملا كاملا في عقله وروحه وإرادته، وهدفه الأساس
هو صنع أمة وبناء حضارة ، وهذا العمل لا يمكن أن يوجد مرة واحدة، وإنما هو عمل
تدريجي بطبيعته، ولهذا كان من الضروري أن ينزل القرآن تدريجا، ليحكم عملية البناء
وينشئ أساسا بعد أساس، ويجتث جذور الجاهلية ورواسبها بأناة وحكمة.
وعلى أساس هذه الأناة والحكمة في عملية التغيير والبناء نجد أن الإسلام تدرج في علاج
القضايا العميقة بجذورها في نفس الفرد ونفس المجتمع، وقاوم بعضها على مراحل حتى
استطاع أن يستأصلها ويجتث جذورها، فلو أن القرآن نزل جملة واحدة بكل أحكامه
ومعطياته الجديدة لنفر الناس منه، ولما استطاع أن يحقق الانقلاب العظيم الذي أنجزه في
التاريخ.
أول ما نزل:
اختلف في تعيين أول ما نزل من القرآن. ولقد جاءت في ذلك أقوال أربعة:
القول الأول: أنه صدر سورة العلق وهو قوله تعالى: ((اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق
الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم)) [سورة
العلق، الآيات 1 - 5].
وهذا القول يعتبر أصح الأقوال بإجماع جميع الكتاب. وذلك لأنه مؤيد بالعديد من
الأحاديث، أذكر منها ما يلي:
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: "أول ما بدئ به رسول الله
من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم
حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع
إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق، وهو في غار
حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ قلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم
أرسلني. فقال: اقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم
أرسلني فقال: اقرأ، قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: (اقرأ باسم
ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان
ما لم يعلم، فرجع بها إلى خديجة يرجف فؤاده ". الحديث.
وصحح الحاكم في مستدركه، والبيهقي في دلائله عن عائشة رضي الله عنها أيضا قالت:
ول سورة نزلت من القرآن ((اقرأ باسم ربك الذي خلق))".
القول الثاني: أن أول ما نزل من القرآن إطلاقا صدر سورة المدثر. وسند هذا القول
حديث جابر بن عبد الله، والمعروف أن هذه الآية نزلت بعد فترة الوحي وكانت أول ما نزل
على الرسول صلى الله عليه وسلم بعدها. فلعل جارا سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم
حديثه عن أول ما نزل عليه من القرآن بعد فتور الوحي، وهو قوله تعالى: ((يا أيها المدثر،
قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فاهجر، ولا تمنن تستكثر، ولربك فاصبر))
[سورة المدثر، الآيات 1 - 7].
القول الثالث: أن أول ما نزل هو الفاتحة وسند هذا حديث مرسل سقط من سنده
الصحابي، فليست له قوة الحديث المروي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله
عليه وسلم، ولم يقل بهذا القول إلا قلة من العلماء منهم الزمخشري.
القول الرابع: أن أول ما نزل هو : (بسم الله الرحمن الرحيم). واستند في ذلك على حديث
أخرجه الواحدي عن عكرمة والحسن، قالا: أول ما نزل من القرآن بسم الله الرحمن
الرحيم، وأول سورة سورة اقرأ"، وهذا الحديث مرسل فليست له قوة الحديث المرفوع
المروي عن عائشة رضي الله عنها.
آخر ما نزل
بعد البحث والرجوع إلى المصادر وجدت الكتاب نقلوا في ذلك "أحد عشر قولا".
واستدلوا على كل قول بأثر أو أكثر. ولكن المتفحص لهذه الآثار لن يجد فيها حديثا واحدا
مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم، مما يوقع الإنسان في حيرة واضطراب.
قال القاضي أبو بكر في كتابه "الانتصار": "وهذه الأقوال ليس في شيء منها ما رفع
إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ويجوز أن يكون قال قائله بضرب من الاجتهاد، وتغليب
الظن، وليس العلم بذلك من فرائض الدين حتى يلزم ما طعن به الطاعنون من عدم
الضبط.
ويحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم في
اليوم الذي مات فيه، أو قبل مرضه بقليل، وغيره سمع منه بعد ذلك، وإن لم يسمعه هو
لمفارقته له، ونزول الوحي عليه بقرآن بعده.
ويحتمل أيضا أن تنزل الآية، التي هي آخر آية تلاها الرسول مع آيات نزلت معها،
فيؤمر برسم ما نزل معها وتلاوتها عليهم بعد رسم ما نزل آخرا وتلاوته، فيظن سامع ذلك
أنه آخر ما نزل في الترتيب 14.
وقد استغرق نزول القرآن فترة البعثة، فقد بدأ الوحي ينزل على الرسول صلى الله عليه
وسلم منذ مبعثه، وتتابع النزول إلى قرب انتهاء حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويختلف
تقدير هذه المدة ما بين عشرين وخمسة وعشرين، وأرجح الأقوال أن إقامته بمكة كانت أثنتا
عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة عشر يوما، بدأت من 17 رمضان من العام 41 من مولد
الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتهت يوم أول ربيع الأول عام 54 من مولده.
أما إقامة الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقد امتدت تسع سنوات وتسعة أشهر
وتسعة أيام، أي حتى العام الثالث والستين من حياته، وهو ذاته عام وفاته ويوافق العام
العاشر من الهجرة، فمعنى ذلك أن نزول الوحي دام ما يقرب من ثلاثة وعشرين عاما،
تستثنى منها المدة التي فتر فيها نزول الوحي وتقدر بثلاث سنوات.
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
In this presentation, I will focus on main points: First, I will provide a definition of the concep...
في خسائر فادحة للذرة، والمحاصيل السكرية، والأعلاف النجيلية، والكينوا. لمواجهة هذه التحديات بفعالية،...
أدى الإنترنت والتطور الرقمي إلى إحداث تحول جذري في أساليب التواصل وتبادل المعلومات بين الأفراد. فنحن...
تم في هذا المشروع تطبيق مكونات الواجهة الأمامية (Front-end) والواجهة الخلفية (Back-end) الشائعة لضما...
تُعد عدالة الأحداث من أهم القضايا التي تشغل الأنظمة القانونية والاجتماعية في مختلف دول العالم، نظرًا...
كان تحالف ديلوس في البداية قوة دفاعية ناجحة، لكنه تحول مع الوقت إلى أداة للسيطرة الأثينية، مما أدى إ...
--- ### **التعريف:** عوائق التعلم التنظيمي هي **عوائق إدراكية، أو ثقافية، أو هيكلية، أو شخصية** تم...
أولا شعر الحزب الزبيري بدا يتنصيب عبد الله بن الزبير نفسه خليفة على الحجاز، واستمر تسع سنوات، وانته...
ث- الصراع: يعتبر من المفاهيم الأقرب لمفهوم الأزمة، حيث أن العديد من الأزمات تنبع من صراع بين طرفين...
تعرض مواطن يدعى عادل مقلي لاعتداء عنيف من قبل عناصر مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي أمام زوجته، في محافظة...
زيادة الحوافز والدعم المالي للأسر الحاضنة لتشجيع المشاركة. تحسين تدريب ومراقبة العاملين الاجتماعيين...
Because learning changes everything.® Chapter 13 Mutations and Genetic Testing Essentials of Biology...