Online English Summarizer tool, free and accurate!
الاستقلالية الذاتية للجمالية وتبعية الفن من كنت إلى هيغل يؤكد كنت بقوة على استقلالية المدار الجمالي، غير أنه ليس سوى الرمز : ومن الواضح أيضاً أن 27) تعود هذه العبارة إلى فريدريك نيتشه، إلا أنه من الواضح أيضاً أن الحكم الجمالي، أي غاية ذاتية وموضوعية. إن فقدان الاهتمام بالواقع الملموس والمادي يثير مشكلة : ماذا في إمكان الجمالية أن تستفيد من استقلالية تفصلها بهذه الجذرية عن جميع حقول الأنشطة الإنسانية، أو في ما خلا الأمثلة النادرة التي يظهر فيها عمل عبقري خلاق في إنتاج الروائع : هل يعني هذا أن الفن عموماً، وأن الفنون الجميلة خصوصا، وبالمجتمع أيضاً؟ إن المكانة التي يخص بها كنت الإبداع الفني والأعمال الفنية، تظهر في جميع الأحوال ما يؤكد ذلك. منذ نشأتها كاختصاص، سمحت لنا هذه الحجة بإظهار كيف أن الجمالية كانت تتولد بوصفها خطاباً فلسفياً خصوصياً. يقف الخطاب عند كنت على مسافة لائقة من الممارسة الملموسة للفنون. حصل هذا في وقت متأخر من دون شك غير أن الجمالية الكنتية تمثل فرصة لإيضاح جلي للأسئلة الشائكة التي طرحت في العصور السابقة. نحن، أمام إعادة تشكيل كامل للإشكالية الجمالية في ما يتعلق تحديداً بالعلاقات بين الذات والواقع، يكفي الانتباه إلى أنها هي ذاتها، فرع من فلسفة وولف. نظريات الفنون الجميلة والعلوم الجميلة التي لم تكن مبادئها سوى المقترحات الرئيسة في علم النفس عند الإنجليز والفرنسيين». لا يسعنا هنا أيضاً، لا يتردد عن إبداء نقد قاس في حق من يفسرون الفن بواسطة علم النفس الأمبيريقي، ودموع لا تحصى كما يظهر، قاسياً مع مدعي النزعة الكنتية، وهم في غالبهم أساتذة وزملاء له، بوصفها الجمالية، إلى كراسيهم الجامعية وإلى كتاباتهم. أن يبلور علماً حقيقياً الفلسفة الفن، صالح عالمياً وبشكل دقيق. غير أن هذا ما يرمي إليه فريدريك فون شيلينغ بناء نظام جمالي، أخذاً بالاعتبار التطور التاريخي للفن سيبرز هذا النظام الفارق بين الفن العريق والفن الحديث، وكل من هذه الفنون، مثل التصوير والموسيقى والفنون التشكيلية، وكل عمل فني في حد ذاته، ستكون تجليات زمنية مخصوصة، لهذا المطلق: حسب رؤيتي للفن الفن هو في حد ذاته انسكاب للمطلق (. كما يظهر فيه أيضا أن جميع القصائد تتأتى من العبقرية عينها ووحدها، والتي ما كانت تتبدى في التعارض بين الفن القديم والفن والسياق التاريخي يؤدي حتما دورا هائلا وغداة الثورة لا تحمل معها قصة الغرام الرائعة المعقودة منذ ديكارت، بين الإنسان والعقل الظافر. أصاب شيلينغ التقدير - وهو صديق الشاعر هولدرلين وهيغل - حين انتبه إلى التوافق بين الحدث التاريخي في العام 1798 - الثورة في الوقائع - وبين الانقلاب الثقافي الذي أحدثه كنت - الثورة في الأفكار. متعالية، إلى نزعة مثالية، إلا أنها مثالية متسامية. والقادر على استبيان قدرات الله وأفكاره نفسها. عصية على فانتازيا المخيلة، وأنواع الحدس، هذه الأنا حرة ومستقلة : إنها التي تضع العالم خارجاً عما هي. إلا أن هذه الأنا، التي تتعين في أنها منقضية محدودة، وإلى أن تذوب في وحدة العالم والكون. والجامعة، إنه يفكر في دستور دولة تضبط بشكل عقلاني حياة الفرد في مجموعته، يمثل شيلينغ المنحدر الموضوعي لهذه المثالية والفكر لا يختلط أبدا بالأنا، إنه يتوجد أيضاً خارجها، في الطبيعة: إنه يتعين موضوعيا فيها ما يفعل الفنان الذي يبدع؟ إنه يحقق، في صورة موضوعية وملموسة، الفكرة التي في داخله الفن هو أساساً المكان الأمثل الذي تتصالح فيه الطبيعة مع الفكر، وظهور المطلق في شكل ملموس. المتأنية من ردة فعل معادية للـ أنوار» عند كتاب وشعراء مجموعة عاصفة وانقضاض تتلاقى تماماً مع هذه الاطروحات الفلسفية إن الحركة السابقة على الرومنسية، لنكتف، غير أن هؤلاء السابقين على العهد الرومنسي تطوروا في اتجاه الكلاسيكية ولاسيما في نهاية القرن. ترى في هذا كيف أن التحقيب بين عهد كلاسيكي وآخر رومنسي، إن كتاب جيل عاصفة وانقضاض (Sturm und Drung) كلاسيكيون، يتداخل مع مصدر آخر ومهم للرومنسية الألمانية : القرون الوسطى غوته نفسه اكتشف قبل كاتدرائية ستراسبورغ، نزعة توفيقية غريبة، في الفلسفة، وماورائياً ومشغولاً بتنظيم القانون أو الدولة، وهو في حقيقته بيان كلاسيكي النزعة، كيف يمكن تفسير خليط المصادر هذا والتطلعات المختلفة والمتناقضة، وتمكين كل واحد من أن يعي أنه قابل لأن يكون مواطن العالم، النمسا، إلا أن الواقع يخيب كل رجاء، وفي العام 1804، ولألمانيا التي كانت تحلم من دون أن تصدق ذلك بالضرورة، سواء في الفن أو في الفلسفة، يحدد نوفاليس بدقة الحالة الذهنية في عصره: «في ألمانيا، وفي اهتمامات وقضايا ضيقة، لكي تصبح مؤهلة للمشاركة في عصر ذي ثقافة عالية، والمسيحية في التفكير الرومنسي، على التدقيق في ما سبق أن قلناه أعلاه فيونان الرومنسية ليست بأي حال يونان العصر الكلاسيكي، وتثبت بالفعل عينه الفن في تاريخها الخصوصي توفر اليونان النقطة التي يتعين النظر منها إلى الحضارة الغربية منذ أصولها، أي موت، إذا. كما عند بودلير، أما مفارقة النصف الثاني من القرن التاسع عشر فهي تحديدا أن الفن اليوناني لا يزال يظهر مثل نموذج، لنجر بعض الخلاصات في بداية القرن التاسع عشر، في إطار استقلالية الجمالية نفسها، فلاسفة شيلينغ)، والحقيقة، والكائن، والله ويمكن الحديث عن نزعة إلى تقديس الفن. إلا أن هناك أيضا من يرسمون للفن مهام زمنية، اجتماعية، إن النزعتين التقديسية والدنيوية، لا تتعارضان دائما، ولكنها وافقتها بصورة تجريدية : إن موقف كنتالشكلاني يجعل الفن عاجزاً وعديم النفع بالمقابل، ما أن ينظر إلى الفن في علاقته الملموسة بالمجتمع على أنه ممارسة فعلية، من هنا ينشأ السؤال : أليست الاستقلالية الجمالية هي التي تسمح بالتفكير بأن الفن في أي زمن كان، والماورائيات والأساطير، وفي كل عصر، سعى فلاسفة ومفكرون والفنانون أنفسهم إلى إعطاء الفن دورا في المجتمع، وإلى جعله مقتصرا على مهام تربوية، غير أنه لم ينظر إلى هذه الصلات في إطار خطاب خصوصي، بتبعية الفنون هذه. كان الفن يتلاعب بتأنيبات أفلاطون، وكان في النهضة یداور قواعد المنظور الجوي المتعاهد عليها، ونظريات الفن في وقت متأخر : هكذا تقدمها الفن في تطوره دائماً، أو أنه دحضها بسرعة. وقد اعتبر نوفاليس، وشيلينغ،
الاستقلالية الذاتية للجمالية وتبعية الفن
من كنت إلى هيغل
يؤكد كنت بقوة على استقلالية المدار الجمالي، وعلى الذاتية غير القابلة لاختصار شعور الذوق. يقول طبعاً بأن الجميل موصول بالأخلاق، غير أنه ليس سوى الرمز : ومن الواضح أيضاً أن
(27) تعود هذه العبارة إلى فريدريك نيتشه، لقد كان قاسياً ولكن يقظاً، إذ قال عن كنت أن فكره كان تاريخ عقل بل استنتج أن كنت عاش قليلا، لأن طريقته في العمل أخذت منه وقت العيش أيا كان.
ملفوظ حكم يشترط إمكان التحاق الجميع به، إلا أنه من الواضح أيضاً أن الحكم الجمالي، وهو ما يميز الذات عن غيرها، متحرر من
أي غاية ذاتية وموضوعية.
إن فقدان الاهتمام بالواقع الملموس والمادي يثير مشكلة : ماذا في إمكان الجمالية أن تستفيد من استقلالية تفصلها بهذه الجذرية عن جميع حقول الأنشطة الإنسانية، سواء عن العلم، أو الأخلاق، أو
ببساطة عن الحياة اليومية ؟
يعطي كنت أولوية للجميل الطبيعي على الجميل الفني، في ما
خلا الأمثلة النادرة التي يظهر فيها عمل عبقري خلاق في إنتاج الروائع : هل يعني هذا أن الفن عموماً، وأن الفنون الجميلة خصوصا، لا تلعب غير دور محدود في تصرف الإنسان بالعالم، وبالمجتمع أيضاً؟ إن المكانة التي يخص بها كنت الإبداع الفني والأعمال الفنية، والتي تكاد أن تكون غائبة عنده، تظهر في جميع الأحوال ما يؤكد ذلك. وتشكيل استقلالية جمالية يلعب في الواقع،
دوراً رئيسياً عند اللاحقين على كنت.
سبق لنا أعلاه أن لفتنا النظر إلى أن الجمالية، منذ نشأتها كاختصاص، اختفت على الفور تقريباً كعلم للجميل (28). سمحت لنا هذه الحجة بإظهار كيف أن الجمالية كانت تتولد بوصفها خطاباً فلسفياً خصوصياً. يقف الخطاب عند كنت على مسافة لائقة من الممارسة الملموسة للفنون. حصل هذا في وقت متأخر من دون شك غير أن الجمالية الكنتية تمثل فرصة لإيضاح جلي للأسئلة الشائكة التي طرحت في العصور السابقة. نحن، إذاً، أمام إعادة تشكيل كامل للإشكالية الجمالية في ما يتعلق تحديداً بالعلاقات بين
الذات والواقع، والعلاقات بين الفن والطبيعة، ودور المحاكاة في الفنون الجميلة، والدور الوسيط للفن بين المعارف والأخلاق.
إن قيمة كنت لا تغيب أبداً عن أنظار معاصريه، وفي العام 1801 - قبل ثلاثة أعوام على موت فيلسوف كونيغسبرغ - صرح فريدريك 1775 - 1854): «قبل كنت( )Friedrich von Schelling( فون شيلينغ كانت كل عقيدة للفن في ألمانيا، فرعاً أكيدا من جمالية يومغارتن - طالما أن هذا التعبير استعمل لأول مرة منه - لكي يتم تثمين هذه، يكفي الانتباه إلى أنها هي ذاتها، وبدورها، فرع من فلسفة وولف. وفي الفترة التي سبقت كنت مباشرة والتي سادت فيها، في الفلسفة، الشعبوية المبسطة والأمبيريقية، سادت النظريات المعروفة للغاية، نظريات الفنون الجميلة والعلوم الجميلة التي لم تكن مبادئها سوى المقترحات الرئيسة في علم النفس عند الإنجليز والفرنسيين».
في رأيه، لم يستطع أحد بعد كنت، أن يبلور علماً حقيقياً الفلسفة الفن، صالح عالمياً وبشكل دقيق. غير أن هذا ما يرمي إليه فريدريك فون شيلينغ بناء نظام جمالي، أخذاً بالاعتبار التطور التاريخي للفن سيبرز هذا النظام الفارق بين الفن العريق والفن الحديث، إلا أنه سيعتبر هذا التعارض ثانوياً : لن يكون سوى تعبير عن فن واحد ومبتكر، عن أمر مطلق. وكل من هذه الفنون، مثل التصوير والموسيقى والفنون التشكيلية، وكل عمل فني في حد ذاته، ستكون تجليات زمنية مخصوصة، لهذا المطلق: حسب رؤيتي للفن الفن هو في حد ذاته انسكاب للمطلق (...) ففي تاريخ الفن، لا في غيره، تتكشف الوحدة الرئيسة والداخلية لأعمال الفن كلها، كما يظهر فيه أيضا أن جميع القصائد تتأتى من العبقرية عينها ووحدها، والتي ما كانت تتبدى في التعارض بين الفن القديم والفن
الحديث إلا في هيئتين مختلفتين.
إن هذه الاقتباسات من محاضرات في فلسفة الفن Cours de) (philosophie de l'art لفريدريك فون شيلينغ تظهر بأن ورثة كنت المباشرين، المعدين في مدرسته ليسوا تلامذة مخلصين الفلسفته. والسياق التاريخي يؤدي حتما دورا هائلا وغداة الثورة لا تحمل معها قصة الغرام الرائعة المعقودة منذ ديكارت، بين الإنسان والعقل الظافر. لقد سقط روبسبيار (Robespierre) في 9 تير ميدور)، والمحكمة الثورية وإرهاب عام 1794 الكبير (*). واهتزت قواعد الإيمان بالعقل نفسه الذي كان يفترض أن يقود الإنسانية على درب تقدم مستمر ولامتناه في جميع الميادين العلم، والأخلاق،
والقانون، والسياسة.
أصاب شيلينغ التقدير - وهو صديق الشاعر هولدرلين وهيغل - حين انتبه إلى التوافق بين الحدث التاريخي في العام 1798 - الثورة في الوقائع - وبين الانقلاب الثقافي الذي أحدثه كنت - الثورة في الأفكار. غير أن هذا التزامن يشترط أيضاً وجود توافق بين تراجع الأفكار الثورية وانكفاء الفلسفة الكنتية.
وكان كنت قد بذل جهدا لحصر سلطات العقل في عالم الظواهر، إذ قطع الطريق، لو أمكن القول، أمام مسألة الكائن : المطلق، الحقيقة، الأشياء في ذاتها النومين، ليست مما يعتني به العقل والمعارف ممكنة لأن ذاتاً مسلحة بمبادئ قبلية، متعالية، تبلغ الواقع الأمبيريقي. هذه الأولوية المعطاة للفكر، تعود، إذا، إلى نزعة مثالية، إلا أنها مثالية متسامية.
بالمقابل، فإن شيلينغ - كما ظهر لنا للتو - وفيشته (Fichte) وهيغل بلبلوا الحدود التي كان كنت قد أقامها. وقد استبدلوا العقل الكنتي، وطموحاته المتواضعة مع ذلك، بالفكر المتعجرف، المتعطش إلى معرفة المطلق، والقادر على استبيان قدرات الله وأفكاره نفسها. كما جرى إحلال التفكير المجرد محل التفكير العقلاني والعقل، في حساب كنت يفترض وجود طريقة متشددة، دقيقة، عصية على فانتازيا المخيلة، وأنواع الحدس، والشعور. ويقوم الفكر، عند فيشته وشيلينغ مكان العقل إن هذا الفكر هو في خدمة أنا، فردانية، وعبقرية، تجسد في صورة فردية، جميع الملكات التي مدت الطبيعة بها الإنسان، بما فيها الملكات المتضادة ظاهرياً : العقل والحدس والثقافي والحساس.
هذه المثالية فردية عند فيشته (1762 - 1814): تستند إلى وحدة الفكر، والأنا. هذه الأنا حرة ومستقلة : إنها التي تضع العالم خارجاً عما هي. إلا أن هذه الأنا، في الوقت عينه، تشعر بألم عجزها عن بلوغ المعرفة المطلقة بالأشياء. ألم غامض لهذه الأنا، التي تتعين في أنها منقضية محدودة، وفي أنها - على الرغم من ذلك - تطمح إلى اللامتناهي، واللامحدود، وإلى أن تذوب في وحدة العالم والكون. احتفظ فيشته من كنت بفكرة التفاعل بين الذوات، والجامعة، محدداً لها مضموناً ملموساً. إنه يفكر في دستور دولة تضبط بشكل عقلاني حياة الفرد في مجموعته، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي
أو الأخلاقي أو الثقافي.
يمثل شيلينغ المنحدر الموضوعي لهذه المثالية والفكر لا يختلط أبدا بالأنا، إنه يتوجد أيضاً خارجها، في الطبيعة: إنه يتعين موضوعيا فيها ما يفعل الفنان الذي يبدع؟ إنه يحقق، في صورة موضوعية وملموسة، الفكرة التي في داخله الفن هو أساساً المكان الأمثل الذي تتصالح فيه الطبيعة مع الفكر، وتتحد الأنا مع العالم، ويمتزج الفرد بما هو جامع يصير الفن، إذا، ظهوراً للمطلق.
سنرى لاحقا كيف أن هيغل تخطى هذين المفهومين المثاليين، وكيف أن الفن المندرج في التاريخ هو انكشاف، وظهور المطلق في شكل ملموس.
من الواضح أن الفلسفات اللاحقة على كنت تعطي الفن نصاباً مختلفاً تماماً عن الذي كان له في نقد ملكة الحكم، بل أكثر من ذلك في المفهومات التالية. إن الفن يمثل من الآن وصاعداً، من بين جميع الأنشطة الإنسانية، النشاط الذي يستجيب أفضل من غيره للتطلعات الأساسية العائدة إلى الماورائيات أو اللاهوت. والمفاهيم الرومنسية، المتأنية من ردة فعل معادية للـ أنوار» عند كتاب وشعراء مجموعة عاصفة وانقضاض تتلاقى تماماً مع هذه الاطروحات الفلسفية إن الحركة السابقة على الرومنسية، أي «عاصفة وانقضاض»، نشأت قبل الثورة الفرنسية، حوالي العام 1770، في عهد الأمبراطور فريدريك الثاني، وسط حقبة الأنوار» (الألمانية). أحيا هذه الحركة شبان منشقون ومعادون للعقلانية الهانئة والبورجوازية، واختفت في العام 1780. ما كان لهذه الحركة أن تخلف أثراً في التاريخ الأدبي، لولا أن كتاباً وفلاسفة شهيرين مثل شيلر وغوته وهردر، ساندوها.
إن مجموعة عاصفة وانقضاض لحظة حماس، متمردة على الامتثائية ظاهرة مؤقتة، إلا أنها لو جرى النظر إليها وفق منظور ممثليها الثلاثة الذائعي الصيت تشكل تمهيدا للرومنسية. الرومنسية، لفظ صعب في التحديد فريدريك فون شليغل يشترط كتابة ألفي صفحة لكي يحاول مثل هذه المحاولة إنها طريقة مثل أخرى للقول بأن هذه المحاولة مستحيلة. لنكتف، إذاً، برسم بعض المعالم.
إن غوته، كاتب آلام الشاب فرتر Souffrances du jeune) (Werther ، رومنسي منذ وقت، وشيلر، مؤلف قطاع طرق (Brigands)، هو كذلك أيضاً، غير أن هؤلاء السابقين على العهد الرومنسي تطوروا في اتجاه الكلاسيكية ولاسيما في نهاية القرن. ترى في هذا كيف أن التحقيب بين عهد كلاسيكي وآخر رومنسي، في ألمانيا، لا يوافق أبدأ الكلاسيكية الفرنسية في القرن السابع عشر، ولا الرومنسية التي تبعتها في نهاية القرن الثامن عشر.
إن كتاب جيل عاصفة وانقضاض (Sturm und Drung) كلاسيكيون، لأنهم يعتبرون أن الفن الإغريقي، الناشئ - حسب تعبيرات غوته نفسها - فوق الأرض الكلاسيكية، يمثل التمام الإعجازي، والجمال المثالي والدائم إن هذا المفهوم العائد إلى غونه وشيلر عن الفن الإغريقي، والذي نظر إليه بعض المعاصرين على أنه ظاهرة نكوصية، يتداخل مع مصدر آخر ومهم للرومنسية الألمانية : القرون الوسطى غوته نفسه اكتشف قبل كاتدرائية ستراسبورغ، البارتينون الهيكل الإغريقي)، وأبدى حماسته للأسلوب القوطي. أما نوفاليس (1772) - 1801) فمجد المسيحية في عهود القرون الوسطى.
تظهر عندها، في بداية القرن التاسع عشر، نزعة توفيقية غريبة، في الفلسفة، والشعر، وفي الفنون عموما : يمكن للواحد منا أن يكون وارث عصر الأنوار»، وتقدميا ورومنسياً محافظاً، وكلاسيكياً ورومنسيا، ومتزهداً ووثنيا، وماورائياً ومشغولاً بتنظيم القانون أو الدولة، وجامعا ووطنيا قريبا ينشر غوته مداخل المعابد (Les) 1798)، وهو في حقيقته بيان كلاسيكي النزعة، فيما( Propylées( ينشر في الوقت عينه نوفاليس المتزهد والأفلاطوني، مقالاته في مجلة الأخوين شليغل أتينايوم (L'Athenaeum) (نسبة إلى أثينا)، وهي أول منشور رسمى للرومنسية بل يشكل نوفاليس أحد منشطى هذه المطبوعة ذات العمر القصير (1798 - 1800).
كيف يمكن تفسير خليط المصادر هذا والتطلعات المختلفة والمتناقضة، إلا بوجود رهان واحد إنقاذ أوروبا بالثقافة، والفن والشعر. وتمكين كل واحد من أن يعي أنه قابل لأن يكون مواطن العالم، وأن جميع البلدان المتجاورة، والتي كانت في حرب في ما بينها - فرنسا، إيطاليا، النمسا، ألمانيا، إنجلترا - تشكل جسماً فنياً مثاليا تعود هذه التعابير إلى غوته).
إلا أن الواقع يخيب كل رجاء، وفكرة الوحدة الأوروبية مازالت بعيدة، ولا نعد هنا دول هولندا وإسبانيا وروسيا، التي ستنتهي بأن تتحالف ضد فرنسا القنصل الأول أصبح قنصلاً مدى الحياة (1802)، وفي العام 1804، أصبح بونابرت يسمى «نابوليون، وتتهيأ قواته لاجتياح ألمانيا: هزائم قاسية تحديدا في فيينا في العام 1806)لبروسيا، ولألمانيا التي كانت تحلم من دون أن تصدق ذلك بالضرورة، بأن تتحول إلى أمة.
لا نحسن فهم ردة الفعل الرومنسية أبداً، سواء في الفن أو في الفلسفة، لو وضعنا جانباً الارتباك الذي أصاب جيلاً من المثقفين إزاء وضعية خارجية خطرة، ووضعية داخلية من الأزمات الاقتصادية،
والاجتماعية والسياسية والايديولوجية الباعثة للقلق بشكل خاص.
إن إعادة الاعتبار للقرون الوسطى، والعودة إلى العراقة الإغريقية واللاتينية، أسهمت في الترميم الثقافي لبلاد تبحث عن صيانة نفسها من الفوضى قبل وقت قليل على اجتياح القوات الفرنسية، يحدد نوفاليس بدقة الحالة الذهنية في عصره: «في ألمانيا، يمكننا، بشكل أكيد أن ننتبه إلى أمارات عالم جديد. وألمانيا تتقدم جميع البلدان الأوروبية في مسيرة بطيئة ولكن ثابتة، بينما تنشغل هذه في حروب، وفي اهتمامات وقضايا ضيقة، تجهد ألمانيا بكل قوتها
لكي تصبح مؤهلة للمشاركة في عصر ذي ثقافة عالية، وسيوفر لها هذا التقدم في الزمن رجحاناً كبيراً على غيرها (29).
أيا كان دور القرون الوسطى والشعور الديني، والمسيحية في التفكير الرومنسي، سواء الألماني أو الفرنسي (شاتوبريان، فيكتور هوغو)، فإن اليونان العريقة، أكثر من إيطاليا، كانت تشغل بال الفلاسفة والشعراء.
إلا أننا نقوى من الآن وصاعداً، على التدقيق في ما سبق أن قلناه أعلاه فيونان الرومنسية ليست بأي حال يونان العصر الكلاسيكي، ولا يونان مدرسانيي القرون الوسطى باتت اليونانتندرج من الآن وصاعداً، في التاريخ بفضل تنقيبات آثارية، وتثبت بالفعل عينه الفن في تاريخها الخصوصي توفر اليونان النقطة التي يتعين النظر منها إلى الحضارة الغربية منذ أصولها، وفهم الثقافة مثل مسار، وتطور، وحياة، أي موت، إذا.
بل أحسن من ذلك : يسمح النموذج اليوناني بالتفكير في الحداثة الناشئة، وباستباق الطابع العابر لفن يسعى إلى القطيعة مع الجمال الأبدي، كما عند بودلير، وقبله عند هيغل. أما مفارقة النصف الثاني من القرن التاسع عشر فهي تحديدا أن الفن اليوناني لا يزال يظهر مثل نموذج، في اللحظة نفسها، التي كانت تتهاوى فيها النماذج.
لنجر بعض الخلاصات في بداية القرن التاسع عشر، في إطار استقلالية الجمالية نفسها، يتحقق الفن من أن دوره ومكانته تبدلا. وتظهر بالتالي نزعنان. هناك، فلاسفة شيلينغ)، أو شعراء (هولدرلين)، يرسمون للفن رسالة ماورانية أو لاهوتية : يمكننا الفن من بلوغ المطلق، والحقيقة، والكائن، والله ويمكن الحديث عن نزعة إلى تقديس الفن. إلا أن هناك أيضا من يرسمون للفن مهام زمنية، تربوية، اجتماعية، أو سياسية. وهذا يشير إلى نزعة تجعل الفن دنيويا.
إن النزعتين التقديسية والدنيوية، لا تتعارضان دائما، بل يمكن أن تتعايشا في جمالية واحدة، كما عند شيلر أو نيتشه. إلا أن الأهم يتعين في هذا اكتسبت الجمالية استقلاليتها على قاعدة التحرر التدريجي للفن من وصايات الماوراتيات واللاهوت والدين والأخلاق : هذه الانفكاكات تصاحب تحررا من إكراهات اجتماعية ومؤسساتية : الاعتراف بمكانة الفنان، وضع الأعراف الأكاديمية قيد المراجعة
تمثل الجمالية الكنتية اللحظة التي وافقت استقلالية الجمالية فيها استقلالية الفن. ولكنها وافقتها بصورة تجريدية : إن موقف كنتالشكلاني يجعل الفن عاجزاً وعديم النفع بالمقابل، ما أن ينظر إلى الفن في علاقته الملموسة بالمجتمع على أنه ممارسة فعلية، ومبدع
أعمال، تظهر الصلات من جديد.
من هنا ينشأ السؤال : أليست الاستقلالية الجمالية هي التي تسمح بالتفكير بأن الفن في أي زمن كان، لم يكن مستقلاً أبداً؟
لطالما كانت الصلات موجودة بين الفن والدين، والماورائيات والأساطير، ومختلف أنظمة تمثيل العالم، سواء في اليونان، أو في القرون الوسطى أو في القرن الثامن عشر. وفي كل عصر، سعى فلاسفة ومفكرون والفنانون أنفسهم إلى إعطاء الفن دورا في المجتمع، وإلى جعله مقتصرا على مهام تربوية، على سبيل المثال. غير أنه لم ينظر إلى هذه الصلات في إطار خطاب خصوصي، وحده تشكيل الجمالية، مثل نطاق مستقل سمح بالاضطلاع، على المستوى النظري، بتبعية الفنون هذه.
ولعل الوصول إلى مثل هذا الاستنتاج هو الذي جعل أن هذه التبعية لم تكن تامة أبدأ، وأن الإبداع الفني تمرد دائما ضد الأنظمة المفروضة عليه (90). والفن في الواقع، كان دائما حيث كانت العقائد والأنظمة المتعارف عليها لا تنتظره في مدينة أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد، كان الفن يتلاعب بتأنيبات أفلاطون، وكان في النهضة یداور قواعد المنظور الجوي المتعاهد عليها، وكان في بدايات القرن التاسع عشر يتحدى ضوابط التمثيل التصويري وقوانين التناغم التقليدي. وتدخلت العقائد والأنظمة، ونظريات الفن في وقت متأخر : هكذا تقدمها الفن في تطوره دائماً، وحتى اليوم، أو أنه
دحضها بسرعة.وما حادث عن هذا المصير أبداً نزعة تقديس الفن نفسها، التي أكدها الفلاسفة ما بعد الكنتيين والشعراء الرومنسيون، من شيلر إلى هيغل. وقد اعتبر نوفاليس، وفريدريك فون شليغل، وشيلينغ، وهو لدرلين أن الفن بات منافس الفلسفة والدين : إنه الكشف عن الكائن يبلغ هذا المفهوم اللاهوتي - الماورائي ذروته في فلسفة الفن عند هيغل. إلا أن نظرية الفن المجردة (1) ستتطور في سياق من لم يكن يعرف بعد الثورات الشكلية. هذه النظرية تمثل، بعد هيغل، آخر مسعى للتفكير في الفن في صلته القوية بالمطلق، قبل أن تدخل الفنون في الحقبة الحديثة حكما التي سيطلقها الطليعيون (92). وسنتهي إذا هذا الفصل الكبير المخصص لاستقلالية الفن بالحديث عن جمالية هيغل.
يمثل هذا الأثر الفلسفي الهائل خلاصة للمفاهيم ما بعد الكنتية، المثالية والرومنسية في الثلث الأول من القرن التاسع عشر. كما يشكل، إلى ذلك، مع إنتاج كنت أحد المراجع اللازمة للجمالية الحديثة والمعاصرة، وهو ما لن نلبث أن نشرحه.
إلا أن تاريخا للجمالية له أن يستعرض أيضاً مفاهيم أكثر تواضعا، على أن تميز، على الرغم من ذلك، توترات الجمالية،
ولاسيما الأزمات التي عصفت في ذلك العهد، وهي توترات وأزمات سعى النظام الهيغلي إلى تخطيها.
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
# **التعريف:** التعلم التنظيمي عملية منهجية ومستمرة تكتسب من خلالها المنظمة معارف جديدة، وتتعلم الد...
أولا شعر الحزب الزبيري بدا يتنصيب عبد الله بن الزبير نفسه خليفة على الحجاز، واستمر تسع سنوات، وانته...
ث- الصراع: يعتبر من المفاهيم الأقرب لمفهوم الأزمة، حيث أن العديد من الأزمات تنبع من صراع بين طرفين...
تعرض مواطن يدعى عادل مقلي لاعتداء عنيف من قبل عناصر مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي أمام زوجته، في محافظة...
زيادة الحوافز والدعم المالي للأسر الحاضنة لتشجيع المشاركة. تحسين تدريب ومراقبة العاملين الاجتماعيين...
Because learning changes everything.® Chapter 13 Mutations and Genetic Testing Essentials of Biology...
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر استخباراتية في الشرق الأوسط ومسؤولين إسرائيليين أن عز الدين ا...
تُعد طرائق التدريس من أهم العوامل التي تؤثر في جودة العملية التعليمية وفاعليتها. ومع تطور أساليب الت...
تعتبر بروفايلات الدول مهمة للغاية في تحسين الفهم والتواصل الثقافي والاقتصادي بين الدول، وكذلك بين ال...
هدفت هذه الدراسة إلى تحليل العلاقة بين السياحة والتنويع الاقتصادي وأثرهما المشترك على تحقيق النمو ال...
is a comprehensive document that outlines a business's goals, strategies, and operational structure....
شدد الفريق أول عبدالمجيد صقر، على أهمية التنسيق بين القوات المسلحة المصرية ونظيراتها الدولية من أجل ...