Lakhasly

يُبرز النص منهج ابن حزم الظاهري في العقائد والفروع، القائم على الأخذ بظاهر القرآن والسنة والإجماع، ورفض القياس، والرأي، والاستحسان، والتقليد، مُشدداً على وضوح الشريعة وعدم وجود باطن لها. يُحدد الإجماع المعتبر بإجماع الصحابة، ويرفض أي تأويل للنصوص دون دليل شرعي، مع إقراره بالمجاز المُقرّن بدليل. يُعارض القياس لشمولية الشريعة، واستخدامه خارج النص، وعدم وضوح العلة المشتركة، ونهي النبي عنه، ونصوص قرآنية تحذر منه. ويرفض الاستحسان باعتباره اتباعاً للهوى، والرأي باعتبارِه افتراءً على الله، والتقليد باعتباره اتباعاً لغير دليل شرعي. طبق ابن حزم هذا المنهج في "الفصل"، مُناقشاً النصوص الدينية للمسيحية واليهودية. أما على الصعيد العقلي، فيعتمد منهجه على الحواس المُصححة بالعقل، والعقل المُخضع لإرادة الله، وعلم البدهيات، والخبر المتواتر، والتجربة والاستقراء، مُطبقاً إياه في مناقشة مختلف المدارس الفكرية والدينية. أما في الجدل، فيُظهر النص براعة ابن حزم في كتابه "الفصل"، مُعزياً ذلك لمواهبه، اطلاعه، وكثرة جداله، مُميّزاً بين الجدل الممدوح والمذموم، وهدفِه لإقامة الحجة وطلب الحق. يُلخص النص آداب الجدل لديه بسبعة مبادئ: السعي للحق، دعم الدعوى بالدليل، الإجابة على الأسئلة، تجنب معارضة الخطأ بالخطأ، كثرة الأدلة، مسامحة الخصم، والقبول بالقضايا المسلم بها. ويُبيّن النص طرق استدلال ابن حزم: الاستفهام التقريري، مجاراة الخصم، مطالبة الخصم بالإثبات، القول بالموجب، إثبات خلو مدعى الخصم من الحجة، والسبر والتقسيم، مع ذكر البراهين الفاسدة والسفسطة وأنواعها، و صفات المنقطع في المناظرة، و منهجه الذي يتميز بتفصيل أدلة الخصوم و نقضها بدقة و التفرقة بين المسلمين وغيرهم في حجية العقل.

أصول المنهج الظاهري:
             يتّخذ منهج ابن حزم الظاهري في العقائد والفروع أصلين: الأول هو الأخذ بظاهر القرآن والسنة والإجماع، والثاني هو إبطال القياس، والرأي، والاستحسان، والتقليد. يُصرّ ابن حزم على الالتزام بنصوص الوحي الظاهر، مُشدّداً على أن الشريعة واضحة لا باطن لها، مستشهداً بآيات قرآنية (مثل: "بلسان عربي مبين"، "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم") وحديث النبي صلى الله عليه وسلم، رافضاً أي تأويل للنصوص دون دليل من شرع الله أو إجماع، مع إقراره بالمجاز المُقرّن بدليل. يُحدّد ابن حزم الإجماع المعتبر بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم، معتمداً على كمال الدين بقوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم"، مؤكداً استحالة إجماع لاحق على أمور لم يُنص عليها النبي صلى الله عليه وسلم، بسبب اختلاف الناس في تفكيرهم وطبائعهم. يُعارض ابن حزم القياس بشدة، مستشهداً بآراء بعض الصحابة كابن مسعود وعمر بن الخطاب، مُبيناً أسباب رفضه له: أولاً، أن الشريعة كاملة، وثانياً، استعمال القياس في غير موضع النص، وثالثاً، عدم وجود دليل واضح للعلة المشتركة بين الأصل والفرع، ورابعاً، نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البحث عما لم يُنص عليه، وخامساً، نصوص قرآنية تحذر من تقدّم القياس على نصوص الوحي. كما يرفض الاستحسان باعتباره اتباعاً للهوى، والرأي باعتباره افتراءً على الله، والتقليد باعتباره اتباعاً لغير دليل شرعي، مستنداً في ذلك على آيات قرآنية وأحاديث نبوية وأقوال صحابة. وقد طبق ابن حزم منهجه الظاهري في كتابه "الفصل" في نقده للنصوص الدينية للدين المسيحي واليهودي، مُلتزماً بالظاهر ورافضاً التأويلات، كما يتضح في تعليقاته على بعض الروايات التوراتية، مع ملاحظات نقدية على بعض جوانب هذا المنهج

الاسس العقلية العامة

يلخص هذا النص منهج ابن حزم العقلي القائم على خمسة أسس: (1) الحواس: تُعدّ الحواس أدوات أساسية لاكتساب المعرفة، لكنها قد تُخطئ بسبب عوارض جسدية أو خارجية، كما في رؤية شخص صغير من بعيد أو عدم إدراك وزن خردلة قليلة. العقل يُصحح أخطاء الحواس، ويُدرك ما لا تدركه. (2) العقل: يُعطي ابن حزم للعقل مكانة عالية، مستخدماً إياه في نقد الروايات الدينية التي تخالف المنطق، مثل قصة مصارعة يعقوب لله. العقل لا يوجب ولا يحرم، بل يفهم إرادة الله ويخضع لها. العقل الحقيقي هو الخضوع للحق مع سياسة الدنيا لخدمة الآخرة. (3) علم البدهيات: يشمل أمورًا بديهية لا تحتاج إلى برهان، كأن الكل أكبر من الجزء، أو أن المتضادان لا يجتمعان. هذه البدهيات هي مقاييس عقلية لا يختلف فيها العقلاء، وخطأ الفكر ينشأ من طول المقدمات أو فساد العقل. (4) الخبر المتواتر: يُعتبر من الأسس العقلية التي لا تحتاج إلى دليل، وهو ما تم تناقله عبر جماعة كبيرة بحيث يستحيل تواطؤهم على الكذب. ابن حزم لا يركز على العدد بل على استبعاد التواطؤ، ويرى أن خبر شخصين لم يلتقيا قد يكون متواتراً. (5) التجربة والاستقراء: يستند إلى ثبات سنن الله الكونية وعدم تغيرها، رافضاً ما يخالفها في النصوص الدينية، مثل تحويل عصا إلى حية، مُؤكداً أن مثل هذه الخوارق تختص بالنبوة فقط. يُطبق ابن حزم هذا المنهج في مناقشة السفسطائيين، الفلاسفة، الأديان الأخرى، المذاهب الإسلامية، وأصول العقائد الإسلامية.

منهج ابن حزم في جدل. 

                يلخص هذا النص منهج ابن حزم في الجدل، مستعرضاً كتابه "الفصل" كنموذج لِأسلوبه الجدلي الحاد. يُبرز النص براعة ابن حزم في الجدل، مُشيراً إلى اعتراف خصومه بهذه القدرة، حتى وإن نسبوا انتصاراته للتمويه لا للحق. ويُعزى هذا الإتقان لعوامل ثلاث: أولاً، مواهبه الفطرية كحافظته القوية وبديهته الحاضرة، الثانية هي اطلاعه على الفلسفة اليونانية وعلوم المنطق، والثالثة هي كثرة جداله ومناظراته مع مختلف الطوائف، خاصة أهل الكتاب، مما صقل ملكته الجدلية. يُقدم النص أمثلة من كتاب "الفصل" تُظهر حِدّة جداله مع اليهود والنصارى، وكيف واجه تمويههم بالدليل والعقل. كما يُشير النص إلى معارضة فقهاء عصره لابن حزم، وكيف أدى ذلك إلى نفيه وتشريده، إلا أن ذلك شحذ عزيمته للدفاع عن عقيدته. يُناقش النص كذلك مفهوم الجدل عند ابن حزم، مُميّزاً بين الجدل الممدوح والمذموم، مستشهداً بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، مُؤكّداً أن جداله يهدف لإقامة الحجة وطلب الحق، مُستنداً إلى الأخلاق الإسلامية. ويختتم النص بتعريفات للجدل من ابن سينا والجرجاني، مُبرزا اتفاقهم مع ابن حزم على أهمية الأخلاق في الجدل، وربطه بالقرآن والسنة.

اداب الجدل.  

                                يلخص هذا النص آداب الجدل عند ابن حزم، مُبيّناً سبعة مبادئ أساسية. أولاً، ينبغي أن يكون الهدف الوصول للحق، والتخلي عن التعصب، والبحث عن الحقيقة و قبولها عند ظهورها، مُستشهداً بواقعة من حياته حيث اعترف بخطئه بعد البحث. ثانياً، يجب أن تكون الدعوى مدعومة بدليل وبرهان، رافضاً الدعاوى الخالية من الأدلة كما في مثال ادعاء حلّية دم شخص أو ماله بدون برهان، مستشهداً بآية قرآنية تؤكد ضرورة الحجة. ثالثاً، على من يُسأل في المناظرة أن يُجيب إلا لعذرٍ قاهر، مُشدداً على أهمية الحفاظ على الكرامة إلا في سبيل الحق. رابعاً، يحذر من معارضة الخطأ بالخطأ، مُشيراً إلى خطورة الرد بالمثل. خامساً، يُشجع على كثرة الأدلة، ومسامحة الخصم عند الخطأ، مع تجنب إدخال أمور خارجة عن نطاق المناظرة. سادساً، يُحذر من تدخل ثالث إلا في حالة ظلم ظاهر، ويُشدد على الاختصار وعدم إطالة الكلام بلا فائدة، وضرورة قبول الإقالة من الخصم عند الخطأ. سابعاً، يُؤكد على ضرورة التسليم بالقضايا المسلم بها، مُعتبرًا الجدال في البدهيات دليلاً على الغلط.

طرق الاستدلال
يلخص النص طرق الاستدلال عند ابن حزم، مُبرزًا ست طرق رئيسية مع أمثلة من القرآن الكريم وكتابه "الْفَصل". أولًا، الاستفهام التقريري، الذي يعتمد على مقدمات لا يمكن إنكارها لإثبات الحق، مثل قوله تعالى: "أَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ". ثانيًا، مجاراة الخصم على مقدمة فاسدة لإظهار تناقضها، كما فعل مع أهل القياس. ثالثًا، مطالبة الخصم بإثبات دعواه، كما في نقض دعوى اليهود بأن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودة. رابعًا، القول بالموجب، وهو رد كلام الخصم من فحوى كلامه، مثاله نقده لزواج إبراهيم بأخته استنادًا للفظة "أخت" في التوراة. خامسًا، إثبات أن مدعى الخصم خالٍ من الحجة، مستشهدًا بآيات قرآنية تُبرز أهمية الحجة والدليل. سادسًا، السبر والتقسيم، وهو حصر الأوصاف لإبطال دعوى الخصم، كما في نقض تحريم الكفار لبعض الأنعام. كما يذكر النص البراهين الفاسدة عند ابن حزم: برهان الدور، الاستدلال بالمعلول على العلة، والاستدلال بالشاهد على الغائب، مع أمثلة توضيحية لكل منها. وأخيرًا، يُعرّف السفسطة عند ابن حزم، مُبيّنًا أنواعها المختلفة مثل إيجاب ما لا يجب، إسقاط قسم من الأقسام، إضافة قسم فاسد، ذكر أقسام فاسدة كلها، الغلط في اشتباه الأسماء، واشتباه الخط في الكتابة، مع أمثلة لكل نوع. يختتم النص بذكر صفات المنقطع في المناظرة عند ابن حزم، و منهجه في الجدل الذي يتميز بتفصيل أدلة الخصوم و نقضها بدقة و التفرقة بين المسلمين وغيرهم في حجية العقل.