Lakhasly

مراحل تأسيس حزب سياسي في الجزائر
مقدمة:
يعتبر وجود أحزاب سياسية من المبادئ الدستورية التي تقوم عليها الديمقراطية، وتبعا لهذا أصدر المشرع الجزائري العديد من القوانين من أجل توضيح مراحل وشروط إنشاء الأحزاب السياسية كان آخرها القانون العضوي 12-04 المؤرخ في 12 جانفي 2012.
مفهوم الحزب السياسي: الحزب السياسي هو تجمع مواطنين يتقاسمون نفس الأفكار ويجتمعون لغرض وضع مشروع سياسي مشترك حيز التنفيذ للوصول بوسائل ديمقراطية وسلمية إلى ممارسة السلطات والمسؤوليات في قيادة الشؤون العمومية.
مراحل التأسيس:
وفقا لما جاء في المادة 16 وما يليها من القانون رقم 04-12 يخضع تأسيس الحزب السياسي إلى الإجراءات التالية:
1/ التصريح بتأسيس الحزب السياسي لدى الوزير المكلف بالداخلية.
2/تسليم القرار الإداري المرخص بعقد المؤتمر التأسيسي عند مطابقة التصريح.
3/ اعتماد الحزب السياسي بعد التأكد من استيفاء شروط المطابقة لأحكام القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية.
أولا: مرحلة التصريح بتأسيس الحزب السياسي لدى وزير الداخلية:
أ: الشروط المتعلقة بالأعضاء المؤسسين
نصت المادة 17 من القانون العضوي رقم 04-12 على وجوب توافر مجموعة من الشروط في الأعضاء المؤسسين لحزب سياسي، وهي :- أن يكونوا من جنسية جزائرية - أن يبلغوا سن 25 سنة على الأقل عند تاريخ تأسيس الحزب السياسي. - أن يكونوا متمتعين بممارسة كافة الحقوق المدنية والسياسية - ألا يكونوا ممن حكم عليهم بعقوبة سالبة الحرية في جناية أو جنحة ولم يرد إليهم الاعتبار - ألا يكونوا ممن سلكوا سلوكا معاديا لمبادئ ثورة أول نوفمبر1954 ومثلها، بالنسبة للأشخاص المولودين قبل شهر جويلية سنة 1942 - ألا يكونوا في حالة منع وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 05 من القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية». - وجوب تمثيل النساء بنسبة ضمن قائمة الأعضاء المؤسسين للحزب. والملاحظ بالنسبة للشرط الأخير أنه مستحدث، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن المشرع أراد أن يعطي للمرأة دورا للمشاركة في الحياة السياسية، وذلك من خلال وجوب تواجدها ضمن قائمة الأعضاء المؤسسين للحزب السياسي تحت طائلة عدم الموافقة على تأسيسه.
إجراءات التصريح بتأسيس حزب سياسي
يتطلب التصريح بتأسيس حزب سياسي إيداع ملف لدى وزارة الداخلية من طرف الأعضاء المؤسسين لهذا الحزب، مقابل تسلمهم وصل بإيداع التصريح بعد التحقق الحضوري من وثائق الملف"، والملاحظ
أن القانون العضوي لم يحدد الأجل أو المدة التي ينبغي أن يسلم فيها هذا الوصل من طرف الإدارة، بل ترك المجال مفتوحا أمام هذه الأخيرة وخاضعا لسلطتها التقديرية التي قد ترفض تسليمه إما لنقص في الملف أو تعسفا في استعمال سلطتها.
يعتبر الوصل المقدم من طرف وزارة الداخلية بمثابة دليل لتقديم طلب التصريح بتأسيس الحزب، وكذا إثباتا لتاريخ إيداع الملف، إذن فهو يشكل ضمانة فعلية بموجبه يكون للحزب إمكانية اللجوء إلى مجلس الدولة في حالة رفض طلب التصريح بتأسيس الحزب.
ثانيا- مرحلة تسليم القرار الإداري المرخص بعقد المؤتمر التأسيسي
يقوم الوزير المكلف بالداخلية بعد فحص ومراقبة مطابقة وثائق الملف وطلب التصريح بتأسيس الحزب المقدم إليه مع القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، بإصدار قرار يرخص بعقد المؤتمر التأسيسي ويبلغ إلى الأعضاء المؤسسين".
ولا يكون لقرار الوزير المكلف الداخلية أثر اتجاه الغير إلا بعد إشهاره من طرف الأعضاء المؤسسين في يوميتين إعلاميتين وطنيتين على الأقل، ويجب أن يتضمن هذا الإشهار جملة من المعلومات الأساسية تتعلق باسم الحزب ومقره وألقاب وأسماء ووظائف الأعضاء المؤسسين في الحزب السياسي الأربع والعشرون (24) الموقعين على التعهد المذكور في المادة 19 من القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية.
ثالثا: مرحلة اعتماد الحزب السياسي:
بعد قيام الأعضاء المؤسسين للحزب السياسي بإشهار قرار الوزير المكلف بالداخلية المتضمن الترخيص بعقد المؤتمر التأسيسي للحزب، وجب عليهم في أجل أقصاه سنة واحدة تسري ابتداء من تاريخ إشهار الترخيص أن يعقدوا مؤتمرا تأسيسيا للحزب، وفي سبيل ذلك لهم الحق في القيام بجميع الأنشطة والأعمال التحضيرية بغرض عقد هذا المؤتمر في أجله المحدد قانونا.
ثم يقوم المؤتمر التأسيسي بتفويض صريح لعضو من أعضائه يكلف بإيداع القانون الأساسي للحزب مرفقا بملف طلب الاعتماد لدى الوزير المكلف بالداخلية خلال الثلاثين يوما التي تلي الانعقاد، وهذا مقابل تسلمه وصل الإيداع حالاه.
يقوم العضو المقوض من طرف المؤتمر التأسيسي بإيداع ملف طلب الاعتماد لدى الوزير المكلف بالداخلية في ظرف ثلاثين (30) يوما تلي تاريخ انعقاد المؤتمر، مقابل تسلمه وصل الإيداع في الحال.
وفقا للمادة 29 من القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية للوزير المكلف بالداخلية في أجل 60 يوما أن يقوم بالتأكد من مطابقة طلب الاعتماد مع أحكام هذا القانون، ويمكن له في سبيل ذلك أن يجري تدقيقا ودراسة مستفيضة وأن يطلب تقديم الوثائق الناقصة أو استبدال أي عضو في الهيئات القيادية لا تتوافر فيه الشروط المنصوص عليها في هذا القانون. فإن اتضح للوزير بأن طلب الاعتماد جاء مستوفيا لكافة الشروط المتطلبة قانونا أصدر قرار الاعتماد للحزب السياسي، وبلغه إلى الهيئة القيادية للحزب السياسي ونشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية"، ليكتسب بذلك الحزب السياسي الشخصية المعنوية والأهلية القانونية ابتداء من تاريخ هذا النشر.
وإن قرر الوزير رفض طلب الاعتماد وجب عليه تعليل وتسبيب هذا الرفض قانونيا، وتبليغه للأعضاء المؤسسين حتى يتسنى لهم الطعن فيه أمام مجلس الدولة في أجل شهرين من تاريخ التبليغ، وإذا قبل مجلس الدولة طعنهم عد هذا القبول بمثابة اعتماد للحزب السياسي، وعلى الوزير المكلف بالداخلية أن يسلم لهم فورا قرار الاعتماد ويبلغ للحزب السياسي المعني.
خاتمة:
رغم إقرار المؤسس الدستوري منذ دستور 1989 بالتعددية الحزبية والتأكيد على هذا الاعتراف مرة أخرى في دستور1996 فإن المشرع الجزائري مازال يخضع تأسيس الأحزاب السياسية لشروط وإجراءات بيروقراطية طويلة معقدة، وبفرضه لرقابة إدارية صارمة من جانب الوزارة المكلفة بالداخلية والجماعات المحلية.
هذه الإجراءات غير المرنة يبرز من خلالها تفوق سلطة الإدارة ويلم عن رغبة في تضييق حرية إنشاء الأحزاب والحد من انتشارها.