Lakhasly

القيم والمورثات الأساسية ❑ استعرض عالم الاجتماع العربي، عبد الرحمن ابن خلدون في المقدمة مراحل التغير وعلاقتها بثبات القيم الاجتماعية الأساسية التي تشمل: الولاء والانتماء والترابط والتضامن والعدالة والأمانة والصدق والشهامة والكرم والرحمة والتسامح والاحترام والعمل الجاد والتنظيم والنظام ومكافحة الفساد والانحرافات الاجتماعية وتحقيق الخير والصلاح لجميع أفراد المجتمع. وهذه القيم هي التي تؤسس الركيزة الحضارية التي تبنى عليها النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتي تنبع من القواعد التربوية. ❑ ركز ابن خلدون على مفهوم التربية وأهميتها في بناء قيم المجتمع وتكوين الشخصية ودور الأسرة في التربية وتأثير المناخ الاجتماعي والثقافي والديني في منظومة الأخلاق والتربية. ويعد التراث التربوي لابن خلدون عنصرا أساسيا في القواعد التربوية وكمفهوم شامل ومتكامل في المجتمع الإسلامي. ❑ يعتبر عالم الاجتماع الفرنسي Emile Durkheimبأن القيم هي الركيزة الأساسية للبناء الاجتماعي وهي التي تحافظ على تكوينه وتماسكه. وحذر من تآكل القيم التقليدية في المجتمعات المتغيرة، وركز على المعايير وفلسفة الأخلاق التي تشكل المصد الحقيقي ضد تداعي القيم. ❑ اعتبر عالم الاجتماع الفرنسي Jean-Jacques Rousseauبأن منظومة القيم الاجتماعية هي القاعدة الأساسية للتربية وتماسك المجتمع. والأسرة هي الحاضن والمعلم الأول التي من خلالها يدخل الناشئ في مسارات الحياة ابتداء بالتنشئة الاجتماعية وانتهاء بالتكاتف والتآزر الاجتماعي. بل هي خلية المجتمع وصنيعته. المحور الأول القيم الأساسية: تعريف القيم : ❑ حسب أدبيات علم الاجتماع، القيم الاجتماعية هي الخصائص أو الصفات المرغوب فيها والتي تحددها الثقافة السائدة. وهي أداة اجتماعية للحفاظ على النظام الاجتماعي في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية. وهي التي توجه سلوك الأفراد وتعرف الفرق بين الصح والخطأ. وما هو كائن ومرغوب فيه أو غير مرغوب فيه . أي القواعد المعيارية للموروثات الأساسية. واحترام أولي الأمر، وتشمل القيم الاجتماعية العائلة، والاحترام للتنوع والتقاليد، والأعراف الأصيلة والأخلاقيات. ❑ هناك قيم عدة في محيط مجتمع الإمارات المعاصر، كما أن وسائل الاتصال المتعددة ك ّونت قيما متناقضة ومتصارعة مع توجهات المجتمع. يضع جاهزية المجتمع في مواقع متقدمة. . ويشكل الإسلام وحدة عقائدية تشمل الحياة بكل تفاصيلها، وتجسد العبادات بكل أبعادها الروحانية. فالقيم الإسلامية من التزام أخلاقي وسلوك معياري تتسم بالثبات الدائم طالما هنالك التزام قانوني، أما القيم النابعة من المورثات العربية فهي متغيرة وبقاؤها يعتمد على أهميتها ودرجة تداولها بشكل يومي. ودرجة تغير القيم مرتبطة بفعل الانتقال من مجتمع تقليدي محافظ إلى مجتمع منفتح متعدد الثقافات. ويحث الدين الإسلامي على قيم التلاحم والترابط بين الناس؛ هذا التلاحم يشكل قوة مجتمعية متظافرة بين أفراد الشعب الإماراتي. ولها أبعاد مجتمعية تمثل نقاط قوة للنظام الاجتماعي. لا تزال تتصف بدرجة عالية من الثبات! حيث إن المجتمع يزاول القيم الدينية والسلوك المرتبط بالعقيدة الإسلامية بشكل ثابت ومطلق. فهي قيم متغيرة؛ فالقيم الثقافية البديلة والمتغيرة تخضع لسنة التطور الزمني ومنظومة القيم الإماراتية تتغير من زمن إلى آخر وذلك بفعل التماس الثقافي الخارجي. ولكن رغم تواجد العديد من الجنسيات والديانات المختلفة، إلا إن مجتمع الإمارات لا يزال يحافظ على قيمه الدينية والأخلاقية. فهناك جهود مكثفة تبذلها الدولة للحفاظ على القيم والمعايير والعادات العربية والموروثات التقليدية. حيث يوجد تثاقف تلقائي بين المقومات المتوارثة والمعطيات المستحدثة؛ ومن خلال هذا الاندماج، يتشكل منظور القيم المستقبلية. وهذا المنظور لا يمكن تطويعه واستبعاد بعض القيم غير المرغوب فيها، بل هي عملية تثاقف شبه قسرية توجد قيم عالمية مختلفة في مجتمع الإمارات، وهي بطبيعتها غير متجانسة، ويرى Emile Durkheimو أن الجانب اللامادي يتغير ببطء، لا تتغير بشكل مطلق، بل يتم التحول في بعض مقوماتها بشكل تدريجي. فالتغير الاجتماعي المادي واللامادي الذي يحدث في مجتمع الإمارات، وهذا النوع من التغير أحدث نقلة في منظومة القيم والموروثات الأساسية وأصبح له شروطه الخاصة. وبالرغم من التغير الذي أصاب مجتمع الإمارات منذ فترة السبعينات، والأمر الإيجابي في حركة التغير هو أن الجانب اللامادي في مجتمع الإمارات الحديث لم يتغير بشكل مطلق، ورغم أن القيم التقليدية متأصلة في ذهنية الإنسان الإماراتي، إلا أن استمرارها يكمن في الأهمية التي سيوليها لها الناس في يجب إحداث معايير قيمية جديدة كي تتوازى مع توجه رؤية الإمارات القيم الثابتة لا تشكل أي تحد أما المتغيرة فقد تلعب دور المثبط إذا لم يتم احتواؤها. والسؤال المشروع هو أي نوع من التغير المراد إحداثه كي يستثمر المجتمع قيماً معينة تتماشى مع توجه خطة الدولة. ❑ فالتوجه المستهدف لدولة الإمارات هو المحافظة على منظومة القيم لمدة خمسين سنة قادمة وما بعدها. وللمحافظة على القيم في مجتمع متغير تحتاج لجهود متظافرة: بدءاً بالأسرة مرورا بالمجتمع وانتها ًء بأجهزة الدولة الرسمية وغير الرسمية، والتركيز يجب أن يكون على التنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم. وجميع السياسات المفترض تفعيلها من جانب الجهات المعنية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات التي تستمد شرعيتها من رؤية الإمارات – 2021-2071 . ويثار حولها عدة تساؤلات : ❑ هل من المفترض أن تكون القيم خاضعة للرؤى التي يتبناها المجتمع؟ ❑ أم يجب أن تستمد شرعيتها من تاريخها وجذورها الدينية والثقافية؟ ❑ أو يجب أن تتماشى مع النهج القيمي العالمي؟ التسامح كقيمة تبادلية 3. علم الأنساب كموروث أساسي 4. القواعد الأساسية للقيم القبلية: يتسم مجتمع الإمارات بالأصالة، حيث تمتد جذوره في عمق التاريخ، ويرى الدكتور هشام شرابي بأن النظام الأبوي يمثل القاعدة الأساسية للقيم القبلية في المجتمعات العربية التقليدية، وفي معظم المجتمعات الأولية. وانتشر هذا النظام في المناطق الساحلية والريفية وفي المجتمعات الصحراوية المفطورة على إلا إن البيئة الأساسية الحاضنة له هي الجماعات المنغلقة والتي يطلق عليها (مجتمعات اللادولة ). وحافظ التكوين القبلي—السياسي على نظام الشورى كقيمة إسلامية مبنية على أسس ديموقراطية وهي ( حكم الشعب ) حيث إن جميع من ينوب عن أفراد القبيلة يشارك في صنع القرار. إلا أن معظم مهام هذا النظام بدأت تتقلص بعد ظهور البترول وتكوين الدولة ذات الأركان المتكاملة ( دولة المؤسسات والقانون). وتم تأسيس المجلس الوطني الاتحادي الذي يجمع بين قيم الشورى والديموقراطية الحديثة. ويميل علماء الاجتماع إلى أن النظام الأبوي تجلى في التنظيم الاجتماعي والقانوني والسياسي والديني والاقتصادي لمجموعة من الثقافات المختلفة. كما أن معظم المجتمعات المعاصرة في الوقت الحالي هي مجتمعات أبوية في الممارسة وتطبيق المعايير الاجتماعية والسلوكية التي تعتبر مناسبة لتشكيل المنظومة القيمية للأفراد. ويتم تقسيم العمل على أساس الفروق والقدرات بين النساء والرجال والكبار والصغار، ومن القيم الأساسية للنظام الأبوي في مجتمع الإمارات التقليدي هي قيمة العمل والإخلاص والتعاون والصبر وطاعة أولي الأمر والكرم والتضحية؛ ويمتاز النظام القبلي الأبوي بالعمل المشترك بين أفراده على جميع المستويات. ويتطور النظام اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا من أسرة ممتدة إلى نظام عشائري مرتبط بجد واحد، وبذلك تحفظ الأنساب بشكل تسلسلي. يتفكك النظام الأبوي، والنظام القبلي—الأبوي في مجتمع الإمارات لا يزال متماسكا فهو وهناك علاقة وثيقة بين النظام الأبوي وبين الأنساب، فالنظام الأبوي قائم على نسب العصب، الأنساب ويتفرق الناس وتذهب ريحهم. 2. علم الأنساب كموروث أساسي: تعتبر الأنساب من الموروثات الأساسية في مجتمع الإمارات وهذا الأمر لا يزال عين اليقين. وارتباط الأنساب بالنظام الأبوي يتمحور في التركيز على حفظ النسب كقيمة وجودية؛ ويشكل النسب مصدر فخر وردع في وحث على تعلم الأنساب ورصدها وتوثيقها. وأصبحت معرفة الأنساب ضرورة دينية إسلامية، كما ارتبطت الأنساب ببعض من قبائل قريش، واستعان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ببعض منها لنشر مبادئ الإسلام، وذلك لما لها من حظوة ومكانة اجتماعية. وفي عصور الخلافات الإسلامية المتتالية بحث الإسلام في التحالفات القبلية وأعطاها مكانتها الاجتماعية وأشتغل المسلمون على هذه القاعدة من الجانب وكأن أبن خلدون يشير إلى أن المحافظة على العصب تعني المحافظة على النسب! فكيف يحدث ذلك؟ كما هو معروف عند العرب الأوائل وكذلك في العهود الإسلامية، يبقى النسب العربي هو العصب الأول. الأندلس على أنسابهم وإن اختلطت دماؤهم مع الغير من جهة البطون. كما أن عرب الجزيرة الذين سكنوا المدن، إذن المحافظة وتشير أبجديات علم الاجتماع بأن النظام العشائري القبلي هو القاعدة الأساسية لحفظ الأنساب. حيث إن نسب الأب لا يتغير وإنما تكون هذه العلاقة شبه الاندماجية وسيلة للتعاضد. فقبائل الصحراء تشد من أزر بعضها بعضا، لذا عادة ما تتشكل أحلافا قبلية شبه اندماجية مع مراعاة حفظ الأنساب. هذه هي رموز الصحراء. يشكل حلقة اجتماعية مغلقة مرتبطة بنسب أبوي متكامل الأركان. 3. التسامح كقيمة تبادلية: التسامح والتعددية يعتبران من الأسس الموجبة للتلاحم المجتمعي الفعال، وقد سبق ابن خلدون غيره من علماء الأنساب في الربط بين التلاحم المجتمعي وتقبل التعددية، وأوضح ذلك من خلال دراسته للمجتمعات المتحولة. ويتصف مجتمع الإمارات بالتسامح والتقبل ولديه القدرة على استيعاب الآخر والتعايش معه، حيث يعيش على أرض الدولة أكثر من 200 جنسية يربطها ميثاق التسامح الذي أسسته الدولة وتفردت به دون غيرها. مثل هوميروس وآرسطو ، واستنادا إلى التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في عصرهم، ومن هذا المنطلق من الممكن أن يتساءل المرء، أليست هذه أبرز خصائص التسامح التي تكمن في مجتمع الإمارات؟ فكان لابد من إيجاد صيغة تعاقدية ضمنية بين مواطني الدولة والمقيمين فيها تحفظ أمن الدولة وتشيع التسامح بين السكان. عام 2019 عاما للتسامح في دولة الإمارات. وذلك بهدف إبراز دولة الإمارات كعاصمة عالمية للتسامح. تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع من خلال التركيز على هذه القيم لدى الأجيال الجديدة. 5. وعندما أسست الدولة فكر التسامح كانت ترمي إلى السلام وهو الهدف الأساسي، أما مبدأ التقبل وإتاحة الفرص للآخر فهو الأسلوب. والتسامح الذي تبنته الدولة بشكل واسع هو القاعدة الأساسية للسلام العالمي وهو بوابة الانفتاح على الأخر والتقبل وتفهم الاختلاف. هذه الإجراءات هي أسمى قيم التسامح التي تستخدمها دولة الإمارات في عصر العولمة. وفتحت الدولة أبوابها لإمكانية التنمية الاقتصادية مع حفظ القيم الاجتماعية الخاصة التي من خلالها يتم التفاعل مع الآخر. المحور الثالث: يركز على التكوين الاجتماعي

1. العدالة الاجتماعية 2. التكافل الاجتماعي والشعور الجمعي 3. 1. العدالة الاجتماعية: العدالة الاجتماعية مبدأ إسلامي وشرط أساسي لضمان حقوق الإنسان. الإسلام دين السلام الذي يؤكد على المساواة أمام القانون ويعزز فكرة الأخوة العالمية لإقامة مجتمع سلمي. تنتشر مبادئ العدالة الاجتماعية في المجتمعات ذات التنظيم الأولي التعاوني والذي يرتبط بالنظام الأبوي وتقسيم العمل . فحياة الشظف التي تعيشها المجتمعات المترحلة تفرض عليها حياة معيشية ليس فيها طبقات اجتماعية. وفي ظروف كهذه تعتبر العدالة ضربا من المساواة بين جميع الأفراد دون تمييز. والعدالة هي الإنصاف لجميع الناس. فمسألة الترحال فرضت على سكان الصحراء خلق نظام متكاتف لا يسمح بالاستغلال، حيث إن البيئة الاجتماعية لم تسمح لهم بذلك. وهي العدالة القبلية الأبوية التي كانت سائدة بين الجماعات البدوية أثناء ترحالهم في المناطق الصحراوية. ويمكن أن تشمل السياسة الاجتماعية، والبنود التي تتبناها دولة الإمارات لتحقق العدالة للجميع هي تنفيذ المشاريع الخارجية التي لها تأثير على مجتمعات معينة وتحقيق حياة أفضل للجميع. والمثال وهناك ثلاث قضايا رئيسية تتعلق بالعدالة الاجتماعية تشمل التحسين والعدالة البيئية والمشاركة المجتمعية والتمكين. نجد أن دولة الإمارات تطبق العدالة البيئية والدليل على ذلك Cop28 والمشاركة المجتمعية في دولة الإمارات مطبقة بشكل واسع النطاق وفي جميع المجالات. أما التمكين، فتعتبر دولة الإمارات من أوائل الدول التي طبقت التمكين بجميع درجاته. والمثال على ذلك تمكين المرأة الإماراتية التي وصلت إلى درجة المساواة في المجلس الوطني الاتحادي وتحتل 50 % من مقاعد المجلس الأربعين. والهدف من العدالة الاجتماعية هو بأن تخصص الموارد والفرص اللازمة لكل شخص وذلك للوصول إلى نتيجة متساوية. مصطلح المساواة إلى تكافؤ الفرص وتقسيم الموارد، مما يجعل الجميع على نفس المستوى. فالنظام القبلي الأبوي قد تأسس على التعاون والتآزر. التكافل (إميل دوركايم). وهي المجتمعات الصناعية، سواء كان مجتمعا آليا أو عضويا. • ومن خلال السمات الديموغرافية (السكانية)، ونوع المعايير المعمول بها، وكثافة ومضمون الضمير الجماعي. وهذا ينطبق على مجتمع الإمارات التقليدي والذي امتد إلى الزمن المعاصر. ويعتمد وهنا يظهر التضامن الميكانيكي الذي يأتي من التماسك والتكامل الديني وتجانس أفراد القبيلة، حيث يسود الشعور الجمعي من خلال رابطة الدم. وتعتبر الفزعة والشوفة والدخلة من أهم قيم التكافل الاجتماعي المتوارثة في مجتمع الإمارات التقليدي. ويقوم أبناء المجتمع بالتضامن مع الحاكم في حالات الحروب والمناسبات الاجتماعية والدينية المختلفة، فمثلا اذا تعرضت قبيلة أو إلى اعتداء مفاجئ، ونجد أن أبناء القبيلة والأسرة يقدمون المساعدة المادية أوالمعنوية. • ب. الشعور الجمعي • الشعور الجمعي هو منظومة من المعتقدات والمشاعر المشتركة لدى أفراد المجتمع الواحد والتي تشكل نظاما اجتماعيا له خاصية معينة. ويتشكل الضمير الجمعي من خلال وحدة العقيدة أو الأيديولوجية المترسخة في ضمير الأفراد والجماعات. وتكون المعتقدات الاجتماعية نسقا خاصا بين أعضاء المجتمع الواحد، فهو يستمر عبر الأزمنة ويعمل على توحيد الأجيال من خلال القيم الأساسية التي تقرها منظومة الأخلاق. • ويعتبر الشعور الجمعي خاصية مجتمعية، حيث إن الأحاسيس المشتركة بين أفراد الشعب الواحد تعزز التلاحم الوطني بكل أبعاده. 3. الثابت والمتحول في المعايير الاجتماعية: أ. المعايير الاجتماعية يمكن التفريق ما بين المعايير الاجتماعية والاعراف الاجتماعية على هذا النحو: يحدد السلوك القويم الناتج عن منظومة القيم المقبولة والمعترف بها من قبل المجتمع ويحدد لها معيار ضبطي للخارجين عليها. • الأعراف الاجتماعية الأعراف الاجتماعية هي عبارة عن تفاهمات غير رسمية تحكم سلوك الأفراد المقبول والمجاز من قبل المجتمع ويمكن تدوينها في قواعد وقوانين. وتعتبر التأثيرات المعيارية الاجتماعية أو الأعراف الاجتماعية محركات قوية للتغيرات السلوكية البشرية وهي منظمة بشكل جيد ومدمجة في النظريات الرئيسية التي تشرح السلوك • المحور الرابع: تحديات تواجه القيم الوطنية:
2. العولمة 2. العولمة: العولمة Globalization • هي عبارة تصف النظام العالمي الذي يجمع الشعوب والبلدان في بوتقة واحدة دون تخصيص. • والعولمة هي إستراتيجية منظمة مبنية على أيديولوجية اقتصادية رأسمالية . لكن المصطلح أنتشر بشكل واسع بعد الحرب الباردة في أوائل التسعينيات، ىحيث شكلت هذه الإستراتيجية مسارات اقتصادية جديدة. • دخلت دولة الإمارات في مجالات العولمة منذ تصدير النفط في فترة الستينات من القرن الماضي . • حيث أن الدولة انفتحت بشكل واسع على العالم خاصة فيما يتعلق باقتصاد السوق الذي يرتبط بمؤشرات الأسعار المتعلقة بالعرض والطلب. حيث إن الدولة تعتمد على إنتاج البترول والاستثمارات الخارجية وتتأثر بالعوامل الخارجية بقدر انفتاحها على الاقتصاد العالمي. • والانفتاح الاقتصادي قاد المجتمع إلى انفتاح ثقافي اجتماعي وقاد المجتمع إلى الدخول في دائرة الاستهلاك وما يحمله من قيم سلوكية وعادات مكتسبة. • وأصبح للعولمة الاقتصادية تحديات ثقافية، حيث أن مجتمع الإمارات متأثر بالمعطيات العالمية. وهذا أمر طبيعي. فالمتفحص للوجه الحضاري لمجتمع الإمارات الحديث، يجده يحمل سمات الماضي الأصيلة. 2. التحديات التي تواجه اللغة العربية: • اللغة هي قيمة اجتماعية وإخلاقية وهوية وخصوصية متفردة، سواء بشكل منطوق أو مكتوب، تمثل موسوعة قيم متكاملة. الأخلاق والقيم والمعايير؛ وبواسطة اللغة يعرف الإنسان بحضارته وبإنجازاته وتاريخه وتراثه. • ولكي يتحقق التكامل في منظومة القيم، • فمن خلال التعليم يستوعب النشء القواعد القيمية والتربوية والأخلاقية، بل ويتعزز دور اللغة الأساسي في تشكيل وتعديل الاتجاهات. وهي جزء من نظام اجتماعي سياسي متكامل له سلطة تنفيذية. 3. وسائل التواصل الاجتماعي: • على مدى التاريخ وفي جميع ثقافات العالم، تحدد القيم الاجتماعية الأصيلة لنفسها مسارات متداخلة ومتشابكة ضمن قنوات تواصل تقليدية أخذت شرعيتها من المجتمع. وغالبا ما تكون هذه الوسائل مرتبطة بمنظومة القيم الاجتماعية ومتصلة اتصالا مباشرا بالمكون الثقافي العام. إلا إن الوسائل التقليدية قد تبدلت وحلت محلها وسائل تواصل اجتماعية متعددة. استطاعت وسائل الاتصال الإماراتية الحديثة أن تعزز القيم المحلية وأسست منصات إعلامية واجتماعية تحافظ على العادات والتقاليد والموروثات الأساسية. كما أن هناك فوائد لهذه الوسائل فهي تتيح التواصل بين أفراد المجتمع وكذلك زيادة فرص المعرفة وزيادة الوعي والتعلم والتعليم. ويمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي مصدرا قيما للأخبار والمعلومات والقضايا الاجتماعية والقدرة على مشاركة فعالة واسعة وعرض الإبداع والمواهب. وهذه المكونات الأخلاقية الآتية من جميع أنحاء العالم يجب أن تحكمها شروط اجتماعية متسقة مع معطيات الحاضر وتحديات المستقبل. هو الاستثمار الحقيقي في رأس المال البشري الذي سيحمل معطيات الماضي بالتوازي مع الحاضر، فالقيم الإماراتية النابعة من الدين الإسلامي فالمواطن الإماراتي لا يعيش بمعزل عن المقيم الوافد إلى البلد بكل زخمه الإنساني والديني والقيمي. لذا،

الفصل الثالث
القيم والمورثات الأساسية
❑ استعرض عالم الاجتماع العربي، عبد الرحمن ابن خلدون في المقدمة مراحل التغير وعلاقتها بثبات القيم الاجتماعية الأساسية التي تشمل: الولاء والانتماء والترابط والتضامن والعدالة والأمانة والصدق والشهامة والكرم والرحمة والتسامح والاحترام والعمل الجاد والتنظيم والنظام ومكافحة الفساد والانحرافات الاجتماعية وتحقيق الخير والصلاح لجميع أفراد المجتمع. وهذه القيم هي التي تؤسس الركيزة الحضارية التي تبنى عليها النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية
والثقافية والتي تنبع من القواعد التربوية.
❑ ركز ابن خلدون على مفهوم التربية وأهميتها في بناء قيم المجتمع وتكوين الشخصية ودور الأسرة في التربية وتأثير المناخ الاجتماعي والثقافي والديني في منظومة الأخلاق والتربية. ويعد التراث التربوي لابن خلدون عنصرا أساسيا في القواعد التربوية وكمفهوم شامل ومتكامل في المجتمع الإسلامي.
❑ يعتبر عالم الاجتماع الفرنسي Emile Durkheimبأن القيم هي الركيزة الأساسية للبناء الاجتماعي وهي التي تحافظ على تكوينه وتماسكه. وحذر من تآكل القيم التقليدية في المجتمعات المتغيرة، وركز على المعايير وفلسفة الأخلاق التي تشكل المصد الحقيقي ضد تداعي القيم.
❑ اعتبر عالم الاجتماع الفرنسي Jean-Jacques Rousseauبأن منظومة القيم الاجتماعية هي القاعدة الأساسية للتربية وتماسك المجتمع. والأسرة هي الحاضن والمعلم الأول التي من خلالها يدخل الناشئ في مسارات الحياة ابتداء بالتنشئة الاجتماعية وانتهاء بالتكاتف والتآزر الاجتماعي. كما أن الأجيال تكتسب القيم من المجتمع، فالأسرة ليست مؤسسة
مستقلة بذاتها، بل هي خلية المجتمع وصنيعته.
المحور الأول القيم الأساسية: تعريف القيم :
❑ لقد اشتغل الفلاسفة والمفكرون على ماهية القيم عبر العصور الأولى للإنسانية ما قبل الميلاد وما بعد الرسل والانبياء الذين جاءوا هداة للطريق القويم لتكريس العدالة والمساوة والقيم والأخلاق. ليأتي خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم بمنظومة حياتية متكاملة حيث قال محدثا "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
❑ حسب أدبيات علم الاجتماع، القيم الاجتماعية هي الخصائص أو الصفات المرغوب فيها والتي تحددها الثقافة السائدة. وهي أداة اجتماعية للحفاظ على النظام الاجتماعي في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية. والقيم الاجتماعية هي الخصائص أو الصفات المرغوب فيها من ِقبل الجماعة، وهي التي توجه سلوك الأفراد وتعرف الفرق بين الصح والخطأ.
❑ تعرف القيم الاجتماعية بأنها أخلاقيات ومعايير يستخدمها الأفراد والمجموعات الاجتماعية لتحديد الأهداف الشخصية وتشكيل طبيعة النظام الاجتماعي. أي تعريف ما هو مقبول وما هو غير مقبول، ما يجب أن يكون أو لا يكون، وما هو كائن ومرغوب فيه أو غير مرغوب فيه . والقيم هي المعتقدات الشائعة حول القضايا المهمة في المجتمع، وهي اعتقاد
صحيح أو خاطئ حول الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها الأشياء. والقيم ضرورية في التحقق من صحة المعايير؛ أي
القواعد المعيارية للموروثات الأساسية.
❑ تركز القيم الاجتماعية في مجتمع الإمارات على الالتزام بالمبادئ والمعرفات الإسلامية، والقيام بالوجبات الوطنية، والاعتزاز برموز الدولة، واحترام أولي الأمر، والمحافظة على المنجزات الوطنية. وتشمل القيم الاجتماعية العائلة، والمجتمع، والتعاون بين أفراد المجتمع، والمسؤولية الاجتماعية، والعدالة الاجتماعية، والتضامن، والاحترام للتنوع
الثقافي. كما أن القيم الاجتماعية تدخل في إطار شامل وعام وهو الحفاظ على الموروثات التقليدية الإماراتية ( غير المدونة )أي القوانين غير المكتوبة وتتلخص في (السنع) بما يحتويه من السرديات المتداولة والأدب، والعادات، والتقاليد،
والأعراف الأصيلة والأخلاقيات.
❑ هناك قيم عدة في محيط مجتمع الإمارات المعاصر، ولكنها غير متجانسة باعتبارها مكتسبة من القيم الوافدة. كما أن وسائل الاتصال المتعددة ك ّونت قيما متناقضة ومتصارعة مع توجهات المجتمع. إلا إن القيم الإماراتية الثابتة استطاعت أن تستوعب المعطيات الخارجية بكل أبعادها الثقافية رغم تأثيرها المباشر. وما تقدمه الدولة من جهود للحد من المؤثرات
الخارجية على الموروث الثقافي الأصيل، يضع جاهزية المجتمع في مواقع متقدمة. .
2. العقيدة الدينية والقيم الاجتماعية:
يدين شعب الإمارات العربية المتحدة بالدين الإسلامي الحنيف، ويشكل الإسلام وحدة عقائدية تشمل الحياة بكل تفاصيلها، وتجسد العبادات بكل أبعادها الروحانية. فالقيم الإسلامية من التزام أخلاقي وسلوك معياري تتسم بالثبات الدائم طالما هنالك التزام قانوني، وهذا ما أكد عليه دستور دولة الإمارات العربية المتحدة بأن الإسلام هو دين الدولة الرسمي .وتعتمد القيم الأخلاقية والاجتماعية على مصدرين رئيسين هما: العقيدة الإسلامية والعادات والتقاليد العربية الموروثة. فالقيم ذات المنابع الإسلامية تعتبر أساسية وثابتة لا تتغير مهما طال بها الزمن. أما القيم النابعة من المورثات العربية فهي متغيرة وبقاؤها يعتمد على أهميتها ودرجة تداولها
بشكل يومي. ودرجة تغير القيم مرتبطة بفعل الانتقال من مجتمع تقليدي محافظ إلى مجتمع منفتح متعدد الثقافات.
ويحث الدين الإسلامي على قيم التلاحم والترابط بين الناس؛ هذا التلاحم يشكل قوة مجتمعية متظافرة بين أفراد الشعب الإماراتي. فالأواصر الدينية تمثل قيمة مقدسة تربط بين أفراد المجتمع الواحد، ولها أبعاد مجتمعية تمثل نقاط قوة للنظام الاجتماعي. ونقاط القوة في القيم الإماراتية تكمن في الإيمان العقائدي العميق والموروث التقليدي، وهذه الممكنات الذاتية هي الداعمة للقيم والمعايير الأخلاقية والاجتماعية. وبالرغم من ذلك، فالقيم التقليدية متغيرة ولكن يغلب عليها الثبات في بعض جوانبها باعتبارها متصلة بالقيم
الإسلامية الثابتة.

إلا إن ثقافة الإمارات التي تنبع من جزئيين مهمين: العقيدة الإسلامية والموروث العربي، لا تزال تتصف بدرجة عالية من الثبات! حيث إن المجتمع يزاول القيم الدينية والسلوك المرتبط بالعقيدة الإسلامية بشكل ثابت ومطلق. وهذه المنظومة هي التي ستثبت طوال الخمسين سنة القادمة ولن تتغير «يفترض فيها ذلك ». أما القيم والمعايير التي تكونت عبر الأزمنة وأصبحت جزءا من الثقافة العامة تتوارثها الأجيال، فهي قيم متغيرة؛ فهناك ثقافة ثابتة وأخرى متحولة. والثقافة المتغيرة ليس لها درجة ثبات يمكن قياسها في المستقبل، فهي حتما متغيرة ولكن بدرجات. فالقيم الثقافية البديلة والمتغيرة تخضع لسنة التطور الزمني ومنظومة القيم الإماراتية
تتغير من زمن إلى آخر وذلك بفعل التماس الثقافي الخارجي.
ولكن رغم تواجد العديد من الجنسيات والديانات المختلفة، إلا إن مجتمع الإمارات لا يزال يحافظ على قيمه الدينية والأخلاقية. فهناك جهود مكثفة تبذلها الدولة للحفاظ على القيم والمعايير والعادات العربية والموروثات التقليدية.
منظومة القيم المستقبلية:
تخضع منظومة القيم الإماراتية لتغير مستمر، حيث يوجد تثاقف تلقائي بين المقومات المتوارثة والمعطيات المستحدثة؛ ومن خلال هذا الاندماج، يتشكل منظور القيم المستقبلية. وهذا المنظور لا يمكن تطويعه واستبعاد بعض القيم غير المرغوب فيها، فآلية الاندماج لم تخضع للشروط الطبيعية، بل هي عملية تثاقف شبه قسرية توجد قيم عالمية مختلفة في مجتمع الإمارات، وهي بطبيعتها غير متجانسة، وربما تكون متناقضة مع توجهات المجتمع باعتبارها قيماً مكتسبة. والقيم والمعايير الاجتماعية هي انعكاس مادي وسلوكي ومعنوي لتفاعل العناصر المكونة للثقافة الأصيلة. فلكل شعب أجندته القيمية التي تخضع لشروط الواقع. ومن خلال رصد هذه المحددات نستطيع قياس درجة الثبات والتحول في القيم الأصيلة ومدى تأثرها بالقيم الوافدة وكيفية الحفاظ عليها ونقلها للأجيال
القادمة.
ويرى Emile Durkheimو أن الجانب اللامادي يتغير ببطء، بينما الجانب المادي يتغير بسرعة. وتشكل منظومة القيم اللامادية أهم الرواسي الأساسية للموروث الوطني؛ لذا، لا تتغير بشكل مطلق، بل يتم التحول في بعض مقوماتها بشكل تدريجي. فالتغير الاجتماعي المادي واللامادي الذي يحدث في مجتمع الإمارات، كان نتيجة للانتقال السريع من وضعية معينة إلى أخرى. وهذا النوع من التغير أحدث نقلة في منظومة القيم والموروثات الأساسية وأصبح له شروطه الخاصة. وبالرغم من التغير الذي أصاب مجتمع الإمارات منذ فترة السبعينات، إلا أن القيم التقليدية لا تزال تمثل مرجعية لمعظم الممارسات الاجتماعية. والأمر الإيجابي في حركة التغير هو أن الجانب اللامادي في مجتمع الإمارات الحديث لم يتغير بشكل مطلق، بل هناك أجزاء من المكونات المتوارثة لاتزال باقية. ورغم أن القيم التقليدية متأصلة في ذهنية الإنسان الإماراتي، إلا أن استمرارها يكمن في الأهمية التي سيوليها لها الناس في
المستقبل والإجماع عليها بشكل مطلق.
❑ هناك الكثير من القيم والمعايير والسمات الشخصية وفلسفة الأخلاق التي يتصف بها شعب الإمارات دون غيره وهي متوارثة عبر الأجيال. ولكي تستمر هذه القيم، يجب إحداث معايير قيمية جديدة كي تتوازى مع توجه رؤية الإمارات
2021 - 2071 . حيث إن جاهزية المجتمع تعتمد على مدى المحافظة على هذه القيم والوصول بها إلى الخمسين سنة القادمة. ولكن هذا الموروث سيتغير بحكم شروط التحول الطبيعي الذي يشهده مجتمع الإمارات. فقيم المجتمع منها الثابت ومنها المتحول؛ القيم الثابتة لا تشكل أي تحد أما المتغيرة فقد تلعب دور المثبط إذا لم يتم احتواؤها. والسؤال المشروع
هو أي نوع من التغير المراد إحداثه كي يستثمر المجتمع قيماً معينة تتماشى مع توجه خطة الدولة.
❑ فالتوجه المستهدف لدولة الإمارات هو المحافظة على منظومة القيم لمدة خمسين سنة قادمة وما بعدها. وللمحافظة على القيم في مجتمع متغير تحتاج لجهود متظافرة: بدءاً بالأسرة مرورا بالمجتمع وانتها ًء بأجهزة الدولة الرسمية وغير الرسمية، والتركيز يجب أن يكون على التنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم. وكما أسلفنا بأن الجانب اللامادي يمثل المنظومة الأساسية من القيم، وترتكز عليها جميع البنى الفوقية الأخرى من تربية وتعليم وبناء اجتماعي وأسري. وجميع السياسات المفترض تفعيلها من جانب الجهات المعنية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات التي تستمد شرعيتها
من رؤية الإمارات – 2021-2071 . ويجب أن تعرف القيم الممراد الاستثمار فيها، ويثار حولها عدة تساؤلات : ❑ هل من المفترض أن تكون القيم خاضعة للرؤى التي يتبناها المجتمع؟ ❑ أم يجب أن تستمد شرعيتها من تاريخها وجذورها الدينية والثقافية؟ ❑ أو يجب أن تتماشى مع النهج القيمي العالمي؟
المحور الثاني: مقومات الموروثات الأساسي

1. القواعد الأساسية للقيم القبلية 2. التسامح كقيمة تبادلية 3. علم الأنساب كموروث أساسي


2. القواعد الأساسية للقيم القبلية:
   يتسم مجتمع الإمارات بالأصالة، حيث تمتد جذوره في عمق التاريخ، ويرتكز على النظام القبلي الأبوي الذي يستمد منه منظومة القيم والمعايير الاجتماعية. ويرى الدكتور هشام شرابي بأن النظام الأبوي يمثل القاعدة الأساسية للقيم القبلية في المجتمعات العربية التقليدية، وفي معظم المجتمعات الأولية. ويمثل النظام الأبوي ركيزة اجتماعية لها ثقلها في مجتمع الإمارات التقليدي باعتباره وحدة اجتماعية واقتصادية وسياسية. وسعى هذا النظام في مجتمع الإمارات التقليدي إلى توفير الأمان المعيشي لأفراده وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي على مستوى القبيلة. وانتشر هذا النظام في المناطق الساحلية والريفية وفي المجتمعات الصحراوية المفطورة على
   الترحال.
   ومع إن النظام القبلي—الأبوي هو نتاج اجتماعي واسع النطاق، إلا إن البيئة الأساسية الحاضنة له هي الجماعات المنغلقة والتي يطلق عليها (مجتمعات اللادولة ). وبالرغم من ذلك، إلا أن النظام القبلي أسس إطارا اجتماعيا متماسكا وبنية سياسية حصينة قائمة على وحدة القبيلة أو التحالف القبلي. وحافظ
   التكوين القبلي—السياسي على نظام الشورى كقيمة إسلامية مبنية على أسس ديموقراطية وهي ( حكم الشعب ) حيث إن جميع من ينوب عن أفراد القبيلة يشارك في صنع القرار. وحافظ النظام القبلي على القيم التقليدية الأصيلة بشكل كبير، إلا أن معظم مهام هذا النظام بدأت تتقلص بعد ظهور البترول وتكوين الدولة ذات الأركان المتكاملة ( دولة المؤسسات والقانون). وتم تأسيس المجلس
   الوطني الاتحادي الذي يجمع بين قيم الشورى والديموقراطية الحديثة.
   ويميل علماء الاجتماع إلى أن النظام الأبوي تجلى في التنظيم الاجتماعي والقانوني والسياسي والديني والاقتصادي لمجموعة من الثقافات المختلفة. كما أن معظم المجتمعات المعاصرة في الوقت الحالي هي مجتمعات أبوية في الممارسة وتطبيق المعايير الاجتماعية والسلوكية التي تعتبر مناسبة لتشكيل المنظومة القيمية للأفراد. وشكل النظام الأبوي في مجتمع الإمارات التقليدي أساسا قويا للتجمعات القبلية وارتبط بمجموعة من الممارسات التي تعمل على مبدأ تقسيم العمل والتعاون بين الأفراد والأسر الممتدة والعشائر والقبائل. ويتم تقسيم العمل على أساس الفروق والقدرات بين النساء والرجال والكبار والصغار، فالكل يعمل حسب مقدرته. ومن القيم الأساسية للنظام الأبوي في مجتمع الإمارات التقليدي هي قيمة العمل والإخلاص والتعاون والصبر وطاعة أولي الأمر
   والكرم والتضحية؛ وجميع هذه القيم هي من صميم القيم القبلية الأصيلة.
   ويمتاز النظام القبلي الأبوي بالعمل المشترك بين أفراده على جميع المستويات. ويتأسس بتكوين الأسرة الأولية ثم تمتد الأسرة حتى تصل إلى الحلقة الأكبر في النظام وهي القبيلة ثم تتكون القبائل الأحلاف. ويتطور النظام اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا من أسرة ممتدة إلى نظام عشائري مرتبط بجد واحد، وبذلك تحفظ الأنساب بشكل تسلسلي. في هذا النظام يكون العمل مشتركاً بين أفراد الأسرة الممتدة وتكون الملكية مشتركة ومتوارثة. ولكن عندما يتحول المجتمع إلى نظام الدولة بمؤسساته المتكاملة، يتفكك النظام الأبوي، وربما يحافظ على بعض من أطراف النسب وربما لا. والنظام القبلي—الأبوي في مجتمع الإمارات لا يزال متماسكا فهو
   يمثل عصب القيم التقليدية المتوارثة وله زخمه التاريخي.
   وهناك علاقة وثيقة بين النظام الأبوي وبين الأنساب، فالنظام الأبوي قائم على نسب العصب، وهو نسب الأب الممتد إلى الجد الأول الذي يتطور إلى نظام قبلي متكامل له مقوماته السياسية المتكاملة. وبالتالي يحافظ هذا النظام على النسب والعصب الأبوي من خلال إقامة نظام اجتماعي واقتصادي مغلق. ولا يتزاوج النظام الأبوي إلا مع الحلقات المباشرة المرتبطة بالجد الأول كي لا تختلط
   الأنساب ويتفرق الناس وتذهب ريحهم.


3. علم الأنساب كموروث أساسي:
   تعتبر الأنساب من الموروثات الأساسية في مجتمع الإمارات وهذا الأمر لا يزال عين اليقين. حيث أن الجذور الأولى لشعب الإمارات تعود إلى الأنساب العربية القبلية—الأبوية. وارتباط الأنساب بالنظام الأبوي يتمحور في التركيز على حفظ النسب كقيمة وجودية؛ وذلك لتقوية الأواصر بين أفراد الأسرة الممتدة والعشائر والقبائل. في المناطق الصحراوية تمثل الأنساب قيمة اجتماعية، وانتشرت في زمن الجاهلية وعززها الإسلام. فالمحافظة على النسب هو المحافظة على استمرار الحياة. ويشكل النسب مصدر فخر وردع في
   آن واحد، فأبناء القبائل يعتزون بانتمائهم القبلي ويذودون عن هويتهم بصرامة، وهذا الانتماء يفرض عليهم التزاما أخلاقيا.
   لقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على معرفة القرابة البعيدة وذلك لتقوية صلة الأرحام، وحث على تعلم الأنساب ورصدها وتوثيقها. وأصبحت معرفة الأنساب ضرورة دينية إسلامية، وذلك لحرمة اختلاط النسب وضمان تثبيت العلاقات القائمة على النسب بكل أبعادها الدينية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وعمل الصحابة من بعده على التوثيق التاريخي للأنساب، وخصوا نسب «آل البيت والصحبة الشريفة » وأهل الفتوحات منهم. وفي عهد الرسالة الأول أصبحت معرفة الأنساب مرتبطة بتاريخ الفتوحات الإسلامية وذلك بغرض التوثيق ورد المكارم إلى أهلها. كما ارتبطت الأنساب ببعض من قبائل قريش، واستعان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ببعض منها لنشر مبادئ الإسلام، وذلك لما لها من حظوة ومكانة اجتماعية. وفي عصور الخلافات الإسلامية المتتالية بحث الإسلام في التحالفات القبلية وأعطاها مكانتها الاجتماعية وأشتغل المسلمون على هذه القاعدة من الجانب
   العلمي والابتعاد عن التباهي بعرقية النسب. كما أن في مجتمع الإمارات انتشرت العصبية القبلية الإيجابية التي نتج عنها حلفان رئيسيان هما: حلف بني ياس وحلف القواسم.
   وكأن أبن خلدون يشير إلى أن المحافظة على العصب تعني المحافظة على النسب! فكيف يحدث ذلك؟ كما هو معروف عند العرب الأوائل وكذلك في العهود الإسلامية، يعود نسب الأبناء إلى—العصب، وبالتالي مهما أختلط العرب بالتزاوج مع الأقوام الأخرى، يبقى النسب العربي هو العصب الأول. لذلك حافظ أهل
   الأندلس على أنسابهم وإن اختلطت دماؤهم مع الغير من جهة البطون. أما في النظام القبلي وحتى في الأرياف، فالأنساب محفوظة بالمعرفة والعلاقات الأولية. كما أن عرب الجزيرة الذين سكنوا المدن، قد حافظو على أنسابهم وعصبتهم من خلال المحافظة على اسم القبيلة أو العشيرة أو العائلة. وعندما انفكت رابطة النسب في بلاد الأندلس تفككت الأسماء وضاعت الأنساب. إذن المحافظة
   على الأنساب تتطلب البقاء على نظام مغلق أو نظام يبقي على تسلسل الأسماء والألقاب القبلية.
   وتشير أبجديات علم الاجتماع بأن النظام العشائري القبلي هو القاعدة الأساسية لحفظ الأنساب. فالقبيلة كنظام اجتماعي تكون وحدة قائمة بذاتها وتشكل قاعدة نسب عريضة في مفاصلها وتكون بذلك وحدة العصب الأبوي، حيث إن نسب الأب لا يتغير وإنما تكون هذه العلاقة شبه الاندماجية وسيلة للتعاضد. فقبائل الصحراء تشد من أزر بعضها بعضا، فهي تنشد الحماية والتكافل الاقتصادي والاجتماعي، لذا عادة ما تتشكل أحلافا قبلية شبه اندماجية مع مراعاة حفظ الأنساب. فالمصاهرة مع القبائل الأخرى لا تخرج القبيلة أو العشيرة من سياقها التسلسلي، حيث إن التداخل يكون من جهة البطون والأرحام. هذه هي رموز الصحراء. حيث إن هذا النظام
   يشكل حلقة اجتماعية مغلقة مرتبطة بنسب أبوي متكامل الأركان.


4. التسامح كقيمة تبادلية:
   التسامح والتعددية يعتبران من الأسس الموجبة للتلاحم المجتمعي الفعال، وذلك للتغلب على التحديات التي قد تواجه المجتمع. وقد سبق ابن خلدون غيره من علماء الأنساب في الربط بين التلاحم المجتمعي وتقبل التعددية، وأوضح ذلك من خلال دراسته للمجتمعات المتحولة. حيث اعتبر أن التعاقد المدني المبني على العقد الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد وعلى مبدأ المساواة ينشر التلاحم والتكامل بينهم. ويتصف مجتمع الإمارات بالتسامح والتقبل ولديه القدرة على استيعاب الآخر والتعايش معه، حيث يعيش على أرض الدولة أكثر من 200 جنسية يربطها ميثاق التسامح الذي أسسته الدولة وتفردت به دون غيرها. وهذا يعود إلى عقيدتها الإسلامية وقيمها العربية وجذورها القبلية. كما أن هذه القيم مشتركة مع الثقافات الإنسانية القائمة على قواعد أخلاقية، مثل التسامح والأمانة والتعاون والإيثار والحق والعدل. ويمكن إرجاع هذه السرديات إلى القرن السادس والسابع قبل الميلاد، عندما استفسر الفلاسفة الأوائل، مثل هوميروس وآرسطو ، عن وسائل وأهداف الطبيعة البشرية التي من شأنها أن تجعل الناس أقرب إلى التعاون. واستنادا إلى التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في عصرهم، اقترحوا أن الشجاعة، والامتثال لقوانين المدينة، والعمل الجاد، والصدق، والنبل، والعقل، والتسامح والمشاركة في الشؤون العامة هي القيم التي تلخص الحياة. ومن هذا المنطلق من الممكن أن
   يتساءل المرء، أليست هذه أبرز خصائص التسامح التي تكمن في مجتمع الإمارات؟
   وتتسم دولة الإمارات بالتسامح والتعايش وذلك بما تفرضه عليها طبيعتها ومتطلبات المجتمع المتحول المتعدد القوميات والجنسيات. فكان لابد من إيجاد صيغة تعاقدية ضمنية بين مواطني الدولة والمقيمين فيها تحفظ أمن الدولة وتشيع التسامح بين السكان. وتم ترسيخ ذلك بإعلان المغفور له بإذن الله الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان طيب الله ثراه، عام 2019 عاما للتسامح في دولة الإمارات.
   وذلك بهدف إبراز دولة الإمارات كعاصمة عالمية للتسامح. وتم التركيز عند ذاك على خمسة محاور رئيسية لعام التسامح وهي: 1. تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع من خلال التركيز على هذه القيم لدى الأجيال الجديدة.


5. ترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح من خلال مجموعة من المبادرات والمشاريع الكبرى منها المساهمات البحثية، والدراسات الاجتماعية المتخصصة في حوار الحضارات.


6. التسامح الثقافي من خلال مجموعة من المبادرات المجتمعية والثقافية المختلفة. 4. طرح تشريعات وسياسات تهدف إلى تعزيز قيم التسامح الثقافي، والديني، والاجتماعي. 5. تعزيز خطاب التسامح، وتقبل الآخر من خلال مبادرات إعلامية هادفة. كما أنشأت الدولة أول وزارة في الوطن العربي تعنى بالتسامح والتعايش وتقبل الآخر دون النظر إلى خصائصه المختلفة.
   وعندما أسست الدولة فكر التسامح كانت ترمي إلى السلام وهو الهدف الأساسي، أما مبدأ التقبل وإتاحة الفرص للآخر فهو الأسلوب. والتسامح الذي تبنته الدولة بشكل واسع هو القاعدة الأساسية للسلام العالمي وهو بوابة الانفتاح على الأخر والتقبل وتفهم الاختلاف. كما أن إجراءات التسامح التي طبقتها دولة الإمارات هي تقبل واحترام أولئك الذين يقيمون في مجتمع الإمارات ويختلفون عن السكان الأصليين في القيم والعادات والمعايير والدين واللغة. هذه الإجراءات هي أسمى قيم التسامح التي تستخدمها دولة الإمارات
   في عصر العولمة. وفتحت الدولة أبوابها لإمكانية التنمية الاقتصادية مع حفظ القيم الاجتماعية الخاصة التي من خلالها يتم التفاعل مع الآخر.
   المحور الثالث: يركز على التكوين الاجتماعي


7. العدالة الاجتماعية 2. التكافل الاجتماعي والشعور الجمعي 3. الثابت والمتحول في المعايير الاجتماعية


8. العدالة الاجتماعية: العدالة الاجتماعية
   مبدأ إسلامي وشرط أساسي لضمان حقوق الإنسان. الإسلام دين السلام الذي يؤكد على المساواة أمام القانون ويعزز فكرة الأخوة العالمية لإقامة مجتمع سلمي.
   تنتشر مبادئ العدالة الاجتماعية في المجتمعات ذات التنظيم الأولي التعاوني والذي يرتبط بالنظام الأبوي وتقسيم العمل .
   فحياة الشظف التي تعيشها المجتمعات المترحلة تفرض عليها حياة معيشية ليس فيها طبقات اجتماعية. وفي ظروف كهذه تعتبر العدالة ضربا من المساواة بين جميع الأفراد دون تمييز.
   والعدالة الاجتماعية في مجتمع الإمارات التقليدي، هي التوزيع العادل والمنصف للملكية وتنفيذ السياسة العامة والالتزام بتعزيز الإنصاف والمساواة في تشكيل السياسات الاجتماعية.
   والعدالة هي الإنصاف لجميع الناس. فمسألة الترحال فرضت على سكان الصحراء خلق نظام متكاتف لا يسمح بالاستغلال، حيث إن البيئة الاجتماعية لم تسمح لهم بذلك. كما أن العدالة الاجتماعية كانت منتشرة في مجتمع الإمارات، وهي العدالة القبلية الأبوية التي كانت سائدة بين الجماعات البدوية أثناء ترحالهم في المناطق الصحراوية.
   والإنصاف يسمح بإمكانية حدوث اختلافات في بنود محددة ضمن التوازن العام والمساواة. ويمكن أن تشمل السياسة الاجتماعية، والعدالة الاجتماعية، ومجموعة متنوعة من السياقات العامة. والبنود التي تتبناها دولة الإمارات لتحقق العدالة للجميع هي تنفيذ المشاريع الخارجية التي لها تأثير على مجتمعات معينة وتحقيق حياة أفضل للجميع. والمثال
   على ذلك المشاريع التي تنفذها هيئة الاعمال الخيرية الإماراتية في الخارج.
   وهناك ثلاث قضايا رئيسية تتعلق بالعدالة الاجتماعية تشمل التحسين والعدالة البيئية والمشاركة المجتمعية والتمكين. وإذا تمعنا في هذه القضايا، نجد أن دولة الإمارات تطبق العدالة البيئية والدليل على ذلك Cop28 والمشاركة المجتمعية في دولة الإمارات مطبقة بشكل واسع النطاق وفي جميع المجالات.
   أما التمكين، فتعتبر دولة الإمارات من أوائل الدول التي طبقت التمكين بجميع درجاته. والمثال على ذلك تمكين المرأة الإماراتية التي وصلت إلى درجة المساواة في المجلس الوطني الاتحادي وتحتل 50 % من مقاعد المجلس الأربعين. والسؤال هنا ما هو الفرق بين العدالة الاجتماعية والمساواة الاجتماعية؟ يشير مصطلح العدالة إلى الإنصاف، والهدف من العدالة الاجتماعية هو بأن تخصص الموارد والفرص اللازمة لكل شخص وذلك للوصول إلى نتيجة متساوية. ويشير
   مصطلح المساواة إلى تكافؤ الفرص وتقسيم الموارد، مما يجعل الجميع على نفس المستوى.
   التكافل الاجتماعي والشعور الجمعي: الاجتماعي يعتبر التكافل الاجتماعي من القيم الإسلامية والسمات الأساسية التي يتصف بها مجتمع الإمارات التقليدي.
   فالنظام القبلي الأبوي قد تأسس على التعاون والتآزر. وينتشر من خلال الشعور الجمعي بين المجموعات المترابطة كالعشيرة والقبيلة المرتبط بالنظام الأبوي.
   ورغم التغير في بعض القيم والمعايير الاجتماعية، إلا إن هذه السمة لا تزال مستمرة في مجتمع الإمارات.
   • • •
   • • •
   • •
   •
   •


9. أ. التكافل
   • •
   •
   • وفي أدبيات عالم الاجتماع الفرنسي، (إميل دوركايم). هناك نوعان من التضامن الاجتماعي: التضامن «الآلي » والتضامن العضوي. فالمجتمعات البسيطة «البدائية » تتسم بعلاقات التضامن الاجتماعي «الآلي » بينما المجتمعات المركبة أو المعقدة، وهي المجتمعات الصناعية، فإنها تتصف بالتضامن الاجتماعي «العضوي » وتتحدد نوعية التكافل
   والتضامن بناء على درجة التلاحم الاجتماعي، سواء كان مجتمعا آليا أو عضويا.
   • ومن خلال السمات الديموغرافية (السكانية)، ونوع المعايير المعمول بها، وكثافة ومضمون الضمير الجماعي. ويتميز النظام الآلي بشدة وكثافة التكافل الاجتماعي حيث إن التلاحم الاجتماعي بين السكان مبني على القرابة ووحدة المشاعر وتكون العلاقات مباشرة. وهذا ينطبق على مجتمع الإمارات التقليدي والذي امتد إلى الزمن المعاصر.
   • أما التضامن العضوي فينتشر في المدن الكبيرة التي لا يرتبط سكانها بالعلاقات القرابية المباشرة والشعور الجمعي. ويعمل التضامن الآلي عادة في المجتمعات التقليدية والصغيرة الحجم مثل التجمعات القبلية والمجتمعات البسيطة، ويعتمد
   التضامن عادة على روابط القرابة للشبكات العائلية القبلية. وفي مجتمع الإمارات التقليدي ينتشر التكافل الاجتماعي بناء على عاملين أساسين: العامل الديني والعامل القبلي. وهنا يظهر التضامن الميكانيكي الذي يأتي من التماسك والتكامل
   الديني وتجانس أفراد القبيلة، حيث يسود الشعور الجمعي من خلال رابطة الدم. وتعتبر الفزعة والشوفة والدخلة من أهم قيم التكافل الاجتماعي المتوارثة في مجتمع الإمارات التقليدي.
   • الشوفة: وهو نظام تكافل يتمثل في العلاقة بين الحاكم والرعية، ويقوم أبناء المجتمع بالتضامن مع الحاكم في حالات الحروب والمناسبات الاجتماعية والدينية المختلفة، فنجد أبناء القبيلة يقدمون مساهمتهم النقدية أو العينية وفق قدراتهم المادية لتعزيز مكانة حاكمهم لمساعدته على القيام بواجباته والوفاء بمسؤولياته إذا اقتضت الظروف ذلك.
   • الفزعة: هي المساعدة المادية أو المعنوية التي يلتزم أبناء القبيلة أو العشيرة أو الأسرة الممتدة بتقديمها عند الحاجة سواء للجماعات أو الأفراد، وهي تقدم في الشدائد والمسرات. فمثلا اذا تعرضت قبيلة أو إلى اعتداء مفاجئ، فتهب
   الجماعة التي تربطها علاقات قرابة جوار لنجدتها والوقوف معها ضد الاعتداء الخارجي. أو مثلا في حال تعرض أحد الأفراد للمرض أو العجز عن العمل، أو في حال وفاة رب الأسرة، أو في حالات الزواج وبناء منزل. ونجد أن أبناء القبيلة
   والأسرة يقدمون المساعدة المادية أوالمعنوية.
   • الدخله: ويعنى هذا النظام بتوفير الحماية والأمان للأفراد والجماعات القبلية في حالات تعرضها لظروف المنازعات أو الخصومة أو الملاحقة لأي سبب من الأسباب. وفي حال عدم قدرة الأفراد أو الجماعة على توفير الحماية والأمن، فإنهم
   يلجؤون إلى الحاكم أو شيخ قبيلة أو أي شخصية ذات مركز اجتماعي، وفي هذه الحالة فإن هذا الحاكم أو الشيخ أو
   الشخص يقدم لدخيله الأمن و الحماية، ولا يسمح لأحد بالتعرض له بسوء أو وصمه بأي سمه سيئة.
   • ب. الشعور الجمعي
   • الشعور الجمعي هو منظومة من المعتقدات والمشاعر المشتركة لدى أفراد المجتمع الواحد والتي تشكل نظاما اجتماعيا له خاصية معينة. ويتشكل الضمير الجمعي من خلال وحدة العقيدة أو الأيديولوجية المترسخة في ضمير الأفراد والجماعات.
   ويكون هناك ارتباط متبادل بين الضمير الجمعي والأفكاروالمعتقدات الاجتماعية وذلك لما للضمير الجمعي من تأثير على الأفراد. وتكون المعتقدات الاجتماعية نسقا خاصا بين أعضاء المجتمع الواحد، حيث إن الضمير الجمعي له وجوده الخاص المنفصل عن الأفراد ويتصف بالقوة والاستقلال. فهو يستمر عبر الأزمنة ويعمل على توحيد الأجيال من خلال القيم
   الأساسية التي تقرها منظومة الأخلاق.
   • ويعتبر الشعور الجمعي خاصية مجتمعية، وهي من أعمق القيم المجتمعية التي انتشرت عند أهل البادية وكانت تعتمد على العصبية القبلية وهي تمثل نقاط قوة. وفي مجتمع الإمارات الحديث تحول الشعور الجمعي إلى قيمة تضامن اجتماعية. ويوجد الكثير من المشاعر والآمال المشتركة بين أهل الإمارات التي تشكل درع حماية للوطن وتعزز قيم الولاء والانتماء.
   حيث إن الأحاسيس المشتركة بين أفراد الشعب الواحد تعزز التلاحم الوطني بكل أبعاده.


10. الثابت والمتحول في المعايير الاجتماعية: أ. المعايير الاجتماعية يمكن التفريق ما بين المعايير الاجتماعية والاعراف الاجتماعية على هذا النحو:
    • المعايير الاجتماعية هي الموازين الأساسية التي تحدد درجة القيم الاجتماعية من خلال المعايير المشتركة بين أفراد المجتمع، يحدد السلوك القويم الناتج عن منظومة القيم المقبولة والمعترف بها من قبل المجتمع ويحدد لها معيار ضبطي للخارجين عليها.
    
    • الأعراف الاجتماعية الأعراف الاجتماعية هي عبارة عن تفاهمات غير رسمية تحكم سلوك الأفراد المقبول والمجاز من قبل المجتمع ويمكن تدوينها في قواعد وقوانين. «والأعراف هي ما تعارف عليه الناس ». أي أن الأعراف تأخذ مصداقيتها من الإجماع عليها من قبل أفراد المجتمع. وتعتبر التأثيرات المعيارية الاجتماعية أو الأعراف الاجتماعية محركات قوية للتغيرات السلوكية البشرية وهي منظمة بشكل جيد ومدمجة في النظريات الرئيسية التي تشرح السلوك
    البشري.
    • المحور الرابع: تحديات تواجه القيم الوطنية:


11. العولمة 2. تحديات تواجه اللغة العربية


12. وسائل التواصل الاجتماعي 1. العولمة:
    العولمة Globalization
    • هي عبارة تصف النظام العالمي الذي يجمع الشعوب والبلدان في بوتقة واحدة دون تخصيص.
    • والعولمة هي إستراتيجية منظمة مبنية على أيديولوجية اقتصادية رأسمالية .
    • وتهدف إلى توحيد الأنظمة العالمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
    • والعولمة هي أجهزة متنوعة وموحدة تستخدم لوصف نظام الترابط المتزايد بين اقتصادات العالم وثقافاته وسكانه. وهذا النظام نتج عن التجارة عبر الحدود في السلع والخدمات والتكنولوجيا وتدفقات الاستثمار والبشر والمعلومات.
    • وقد قامت الكثير من القوى العظمى بتأسيس شراكات اقتصادية عابرة للحدود والقارات وذلك لتسهيل التحركات العالمية على مدى قرون عديدة. لكن المصطلح أنتشر بشكل واسع بعد الحرب الباردة في أوائل التسعينيات، ىحيث شكلت هذه الإستراتيجية مسارات اقتصادية جديدة.
    • دخلت دولة الإمارات في مجالات العولمة منذ تصدير النفط في فترة الستينات من القرن الماضي .
    • حيث أن الدولة انفتحت بشكل واسع على العالم خاصة فيما يتعلق باقتصاد السوق الذي يرتبط بمؤشرات الأسعار المتعلقة بالعرض والطلب. حيث إن الدولة تعتمد على إنتاج البترول والاستثمارات الخارجية وتتأثر بالعوامل الخارجية بقدر انفتاحها على الاقتصاد العالمي.
    • والانفتاح الاقتصادي قاد المجتمع إلى انفتاح ثقافي اجتماعي وقاد المجتمع إلى الدخول في دائرة الاستهلاك وما يحمله من قيم سلوكية وعادات مكتسبة.
    • وأصبح للعولمة الاقتصادية تحديات ثقافية، حيث أن مجتمع الإمارات متأثر بالمعطيات العالمية. فالانفتاح الاقتصادي يساهم في نهضة الدولة ويقوي علاقاتها مع الدول الأخرى كدولة مصدرة للنفط وشريك اقتصادي عالمي.
    • ومن خلال العلاقات الخارجية لا بد للقيم والعادات والتقاليد والمعايير الاجتماعية أن تتأثر، وهذا أمر طبيعي.
    • ولكن القيادة الرشيدة تعمل جاهدة لتخفيف الأثر الخارجي على الموروثات الأساسية كي تبقى القيم الإماراتية مصونة ومحفوظة من جميع المؤثرات السلبية. فالمتفحص للوجه الحضاري لمجتمع الإمارات الحديث، يجده يحمل سمات الماضي الأصيلة.


13. التحديات التي تواجه اللغة العربية:
    • اللغة هي قيمة اجتماعية وإخلاقية وهوية وخصوصية متفردة، وهي نظام تواصل يتكون من القواعد والمفردات. وهي الوسيلة الأساسية التي ينقل بها الإنسان المعاني والقيم والأعراف الاجتماعية، سواء بشكل منطوق أو مكتوب، أو من خلال الإشارة. وتعتبر اللغة من أهم المكونات الأساسية التي تعبر عن المعتقدات وتحتوي القيم الاجتماعية.
    • وتتميز اللغة العربية بتنوعها الثقافي والتاريخي باعتبارها لغة النطق العظيم «القرآن الكريم ». حيث جاء في محكم آياته ( الر تلك آيات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) .
    • فاللغة العربية تمتلك خصائص اللغات السماوية وتتفرد بها ولديها القدرة على الإنتاجية والإزاحة ويتم اكتسابها من خلال التعليم والتعلم ، وتعتبر اللغة العربية من المقومات الفكرية التي يصاغ بواسطتها المنطوق الفكري وتتشكل من خلالها معرفات السلوك والقواعد الأصيلة. كذلك، تعتبر اللغة العربية صمام الأمان والخط الفاصل بين الأصيل والمستجلب، واللغة هي الوعاء الواسع الذي يستوعب الخطاب المتحضر والوجدان الحيوي في عملية التفاعل اليومي. واللغة العربية بمفرداتها الواسعة وخصوصيتها الدينية والتاريخية، تمثل موسوعة قيم متكاملة. فبواسطة اللغة تتبلور الأفكار وفلسفة
    الأخلاق والقيم والمعايير؛ وبواسطة اللغة يعرف الإنسان بحضارته وبإنجازاته وتاريخه وتراثه.
    • ولكي يتحقق التكامل في منظومة القيم، يجب أن تنتقل الموروثات الأساسية من جيل إلى أخر عبر الوسائل التربوية والتعليمية الموجهة وبواسطة اللغة الوطنية.
    • فمن خلال التعليم يستوعب النشء القواعد القيمية والتربوية والأخلاقية، ويترجم ذلك في سلوك قويم من خلال مفرداته اللغوية. واللغة هي فعل سلوكي تعليمي وللتربية أدوار فاعلة في عمليات التعليم والتوجيه وإعادة التوجيه. وبواسطة الفعل المنطوق، تتشكل الاتجاهات التربوية في صياغة السلوك، بل ويتعزز دور اللغة الأساسي في تشكيل وتعديل
    الاتجاهات.
    • والمدرسة هي الجزء الأساسي في عملية صياغة القيم، وهي جزء من نظام اجتماعي سياسي متكامل له سلطة تنفيذية. لذلك لا تخرج السياسات التربوية عن منظور السلطة الرسمية؛ وعلى الأجهزة التربوية والتعليمية أن تكون على وعي بالاتجاهات المرغوبة والمحافظة على استمرارها.
    • فالمناهج التربوية والتعليمية تخضع للإعداد والتصحيح حسب الرؤية المراد تبنيها من قبل السلطة القائمة عليها.


14. وسائل التواصل الاجتماعي:
    • على مدى التاريخ وفي جميع ثقافات العالم، تحدد القيم الاجتماعية الأصيلة لنفسها مسارات متداخلة ومتشابكة ضمن قنوات تواصل تقليدية أخذت شرعيتها من المجتمع. وغالبا ما تكون هذه الوسائل مرتبطة بمنظومة القيم الاجتماعية ومتصلة اتصالا مباشرا بالمكون الثقافي العام. وبالتالي تشكل معيارا قياسيا لخلق التوازن المطلوب بين القيم المحلية والقيم التي تبثها وسائل الإعلام العالمية. إلا إن الوسائل التقليدية قد تبدلت وحلت محلها وسائل تواصل اجتماعية متعددة. وبالرغم من ذلك، استطاعت وسائل الاتصال الإماراتية الحديثة أن تعزز القيم المحلية وأسست منصات إعلامية واجتماعية تحافظ على العادات والتقاليد والموروثات الأساسية. كما أن هناك فوائد لهذه الوسائل فهي تتيح التواصل بين أفراد المجتمع وكذلك زيادة فرص المعرفة وزيادة الوعي والتعلم والتعليم. ويمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي مصدرا
    قيما للأخبار والمعلومات والقضايا الاجتماعية والقدرة على مشاركة فعالة واسعة وعرض الإبداع والمواهب.
    • وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دور المحرض على تقبل القيم والمعايير والعادات والتقاليد الخارجية. وهذه المكونات الأخلاقية الآتية من جميع أنحاء العالم يجب أن تحكمها شروط اجتماعية متسقة مع معطيات الحاضر وتحديات المستقبل.
    وبقاء القيم المحلية من عدمه يعتمد على التداول اليومي فالمجتمع يختار منها ما يتلاءم مع متطلبات الحياة. والسؤال هو ما هي الممكنات والموارد الأساسية لتحقيق التوجه المستهدف لرؤية دولة الإمارات 2021-2071؟ فالممكن الأساسي الذي سيحقق الاستدامة في القيم والمعايير والأخلاق والسلوك القويم هي العقيدة الدينية—الإسلامية الثابتة على الإطلاق والموروث الأساسي الأصيل لمجتمع الإمارات. فالتوجه المستهدف هو المحافظة على القيم الإماراتية لخمسين سنة قادمة؛ والممكنات والموارد الأساسية تكمن في الثوابت. فإعداد الأجيال، هو الاستثمار الحقيقي في رأس المال البشري الذي سيحمل معطيات الماضي بالتوازي مع الحاضر، وهذا يعتمد على كيفية إعدادها. ولكي تتمثل الأجيال المستقبلية المنظومة القيمية وفلسفة الأخلاق الإماراتية، يجب أن تكون هناك خطة إستراتيجية. فالقيم الإماراتية النابعة من الدين الإسلامي
    والموروث العربي تلعب دور المصد للمؤثرات السلبية. فالمواطن الإماراتي لا يعيش بمعزل عن المقيم الوافد إلى البلد بكل زخمه الإنساني والديني والقيمي. لذا، يجب أن نخلق مساحة واسعة للقيم والمعايير الإماراتية كي تتفاعل ولا تتأثر إلا بالقدر المسموح به. ودولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الرشيدة تسخر كل الطاقات للحفاظ على القيم والمعايير
    والأخلاق الإماراتية السامية