Online English Summarizer tool, free and accurate!
ذواقة الشاي ! . اجتمعت في مدينة كامبردج Cambridge بإنجلترا England ظهيرة أحد أيام صيف أواخر العشرينات ، مجموعة من أساتذة الجامعة وزوجاتهم ، وبعض الزائرين حول طاولة في الهواء الطلق الاحتساء الشاي . أصرت إحدى السيدات أن مذاق الشاي يختلف إذا صببناه على الحليب عن مذاقه إذا صببنا الحليب فوقه . بدأ الرجال ذوو العقول العلمية بالسخرية لما قالته باعتباره مجرد تفاهة ، فما الفرق في ذلك ؟ لم يروا أي فرق في التركيبة الكيميائية للمحلول الناتج . اعترض أحدهم على الخلاف وكان قصيرة ونحية بنظارة ثخينة ولحية قصيرة دقيقة بدأ يغزوها الشيب ، فقال بشغف : « فلنقم باختبار الفرضية » . بدأ بشرح تجربة بأن يقدم للسيدة أصرت على وجود فروق ، أكوابة صب في مجموعة منها الشاي على الحليب ، وأخرى الحليب على الشاي . هو أستطيع سماع آراء القراء رافضين الاهتمام بهذا الهراء ، إذ يتساءلون : « ما الاختلاف الذي سيحدث عندما تميز السيدة إحدى طرق الحقن عن الأخرى ؟ » فيسخرون قائلين أن لا يوجد ما له قيمة علمية في هذه المسألة ، وأنه من الأولى لهذه العقول الواعية أن تضع اهتمامها في أمور تنفع البشرية . إن تجربتي مع العلماء ولسوء الحظ ، أنهم يجرون أبحاثهم الاهتمامهم بالنتائج ولحصولهم على المتعتين العلمية والذهنية بعملهم هذا ، ونادرا ما يكون لمجرد قيمة عملهم العلمي كما الحال مع العلماء الحقيقيين . ورجوعة إلى ذلك اللقاء ظهيرة أحد أيام الصيف في كامبردج ، فقد تكون السيدة محقة أو غير محقة بشأن المحلول . وتكمن المتعة في إيجاد طريقة الإثبات ما إذا كانت محقة ، بتتبع إرشادات الرجل الملتحي فبدأوا بمناقشة كيفية القرار . شارك معظمهم وبكل حماسة خطوات تحضير التجربة ، وخلال دقائق بدأوا بتحضير أكواب بالطريقتين المختلفتين وعلى غير مرأى من السيدة . وختاما قدم لها الرجل الملتحي فنجانها الأول ، تذوقته وصرحت بعد دقيقة أنه الفنجان الذي تم فيه صب الحليب فوق الشاي . دون إجابتها من غير تعليق وقدم لها الفنجان الآخر . لقد سمعت هذه القصة في نهاية الستينات من رجل كان قد حضر ذلك اللقاء واسمه هیو سمیث Hugh Smith ، Fairfield Smith . تعرفت إليه عندما كان بروفيسور إحصاء في جامعة کونیکتیکت Connecticut في ستورز Storrs ، إذ كنت قد حصلت على شهادة الدكتوراه في الإحصاء من الجامعة نفسها قبل ذلك بسنتين . وبعد التدريس في جامعة بنسلفانيا Pennsylvania ، التحقت بقسم الأبحاث الطبية في شركة الأدوية الكبيرة بفایزر Pfizer Inc ، وكان يبعد مجمع أبحاث الشركة في غروتن Groton بكونيكتيكت ، مسافة ساعة بالسيارة عن ستورز . كان عملي في بفايزر يتضمن عدة مسائل رياضية معقدة ، ولكوني الإحصائي الوحيد هناك في ذلك الوقت ، كنت بحاجة المناقشة تلك المسائل والحلول التي أوجدتها » معهم . اكتشفت خلال عملي في بنایزر مدى قلة الأبحاث العلمية الممكن القيام بها منفردة ، إذ عادة ما تتطلب تعاون بين جمع من العقول ، تفادية لسهولة الوقوع في الخطأ . قد لا يناسب النموذج الذي أتقدم به في بعض الأحيان عند اقتراحي معادلة رياضية كوسيلة لحل مشكلة ، أو قد أبنيها على فرضيات لا تمثل تلك الحالة ، أو قد تكون « الحلول » التي استخرجتها مأخوذة من فرع خاطئ في المعادلة ، أو قد أكون أخطأت في العمليات الحسابية . كنت أجد ترحيبا كلما زرت جامعة ستورز مع البروفيسور سميث ، إذ كانوا يرحبون بكل هذه المناقشات بحماسة واهتمام . ما يجذب اهتمام معظم العلماء عادة بأعمالهم المتعة التي تتحقق لهم في العمل على تلك المسائل . يتطلعون بشغف للمداخلات مع غيرهم عند انكبابهم على إحدى المسائل محاولین فهمها . هو تصميم التجارب وهكذا كان ذاك اللقاء الصيفي في كامبردج . كان الرجل الملتحي هو رونالد آیلمر فيشر ، Ronald Aylmer Fisher وكان حينها في نهاية الثلاثينات من عمره ، ثم أصبح بمرتبة الفارس رونالد فیشر في سنة 1935. ألف كتاب بعنوان تصميم التجارب The Design of Experiments ، وقام بوصف تجربة ذواقة الشاي في الفصل الثاني من كتابه . قام فیشر في كتابه بمناقشة اعتقاد السيدة أنها مسألة فرضية ، وعرض مختلف الطرق التي يمكن بها تصميم التجربة ، لتقرير في ما إذا كانت السيدة تستطيع تمييز الفرق . تكمن المشكلة في تصميم التجربة . فإذا أعطيت فنجانا واحدة من الشاي تكون لديها فرصة 50 ٪ لتخمين نوع المحلول المستخدم ، حتى لو لم تستطع تحديد الفرق . كما أنها لو أعطيت فنجانين من الشاي فقد يكون بمقدورها التخمين بشكل صحيح . وفي الواقع إذا عرفت السيدة أن فنجاني الشاي قد أعدا بطريقتي حقن مختلفتين ، فإن أحد التخمينات سیکون صحيحة تماما ( أو خاطئة تماما ) . كما أن هناك فرصة لأن ترتكب خطأ حتى لو استطاعت تمييز الفرق ، أو أنه لم يتم مزج المحلول جيدة في أحد الفناجين ، أو تم مزج المحلول بينما لم يكن الشاي حارة بما فيه الكفاية . قد يعرض عليها عشرة أكواب مثلا وتميز تسعة منها فقط ، حتى لو استطاعت أن تفرق بينها . يناقش فیشر في كتابه النتائج الممكنة والمختلفة لمثل هذه التجربة . فهو يصف كيفية تحديد عدد الفناجين وكيفية تقديمها وترتيبها ، وما هو القدر الذي يجب إخبار السيدة به عن ترتيبه في التقديم . ثم يستنبط احتمالات النتائج المختلفة معتمدة على صحة أو عدم صحة اختيار السيدة . لم يشر أثناء مناقشته للتجربة أنها حدثت فعلا ، ولم يصف نتائج تجربة فعلية . کان کتاب فیشر عن تصميم التجارب ، عنصرا هاما في الثورة التي برزت في كل مجالات العلوم في النصف الأول من القرن العشرين . علما أنه كانت تقام التجارب العلمية قبل ظهور فيشر على الساحة بمئات السنين . قام الفيزيائي الإنجليزي وليام هارفي William Harvey في أواخر القرن السادس عشر ، بإجراء التجارب على الحيوانات ، فسد مجرى الدم في الأوردة والشرایین ، محاولا تتبع الدورة الدموية وهي تتدفق من القلب إلى الرئة ، ومن ثم تعود إلى القلب فباقي أجزاء الجسم ، متابعة عودتها إلى القلب ثانية . لم يكتشف فيشر أن التجارب وسيلة لزيادة المعرفة ، إذ كانت التجارب خاصة لكل عالم على حدة حتى مجيئه . تمكن العلماء الجيدون بعدها من إجراء تجارب تعطي معارف جديدة ، وانشغل القليل منهم بتجارب » تجمع الكثير من البيانات لا فائدة منها في تنمية المعرفة . ويتضح هذا في المحاولات غير الحاسمة التي أجريت خلال أواخر القرن التاسع عشر لقياس رعة الضوء . لم يتم حساب التقديرات الجيدة لحساب سرعة الضوء إلا بعد أن قام الفيزيائي الأمريكي آلبرت متشلسون Albert Michelson ، بإجراء مجموعة من التجارب عالية المستوى مستخدمة الضوء والمرايا . نادرة ما نشر علماء القرن التاسع عشر نتائج تجاربهم ، بل اعتادوا وصف نتائجهم ونشر البيانات التي توضح » صحة هذه النتائج . لم يظهر غريفور منديل Gregor Mendel کل نتائج تجاربه في تنمية البازلاء ، بل قام بوصف مراحل التجارب ثم كتب : « قد تقوم أول عشر عينات من كلتي التجربتين مقام تمثيل الصورة بكاملها . قام رونالد فیشر في الأربعينات باختبار أسس « تمثيل » بیانات منديل ، واكتشف أنها مبالغ بها لتكون واقعية ، إذ لم تظهر درجة العشوائية التي قد تحصل ) . وبالرغم من تطور العلوم من خلال التفكير الدقيق والملاحظة والتجارب ، إلا أنه لم تتضح أبدأ كيفية إجراء تلك التجارب ، كما لم يتم عادة عرض نتائجها على القارئ . لقد اتضحت حقيقة هذا الأمر خصوصا في الأبحاث الزراعية التي أجريت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين . كان فيشر يعمل في مركز روثهامستد للأبحاث الزراعية Rothamsted Agricultural Experimental Station خلال السنوات الأولى من القرن العشرين ، وكان المركز يجري تجاربه على أنواع من المخصبات ، ( تدعى « المخصبات غير الطبيعية » قبل تسعين سنة من انضمامه إليه . كان العمال في إحدى تجاربه ينشرون خليط من الفوسفات وأملاح النيتروجين على الحقل كله ، ثم يزرعون الحبوب ويقيسون فترة الحصاد ، مع كمية الأمطار التي تهطل في الصيف . وهناك معادلات تفصيلية تستخدم التعديل » نتاج سنة ما أو حقل ما ، لمقارنتها مع نتاج حقل آخر ، أو نتاج الحقل نفسه في سنة أخرى . يدعی ذلك مؤشرات التخصيب » وكل مركز أبحاث زراعي له مؤشرات تخصيب خاصة به ، والتي يعتقد أنها أكثر دقة من غيرها . كتلة من كانت حصيلة هذه السنوات التسعين من التجارب الفوضى ، واکتشافات واسعة لبيانات لم تنشر ولا فائدة منها . تبين أن بعض سنابل القمح تستجيب أكثر من غيرها لنوع معين من المخصبات ، ولكن فقط حينما يهطل المطر بغزارة . كما بينت بعض التجارب الأخرى أن استعمال هایدروکسید البوتاس في سنة ، وسلفات الصودا في سنة لاحقة زاد في إنتاج أنواع متنوعة من البطاطس دون غيرها . فكل ما نستطيع جزمه عن تلك المخصبات غير الطبيعية ، نظر فيشر نظرة عالم رياضي متمرس إلى مؤشرات التخصيب التي لجأ إليها خبراء الزراعة في روثامستد ، لتصحيح نتائج التجارب آخذين بالاعتبار الفروقات الناتجة عن التقلبات الجوية عبر السنين . قام بدراسة المؤشرات المنافسة المستخدمة في مراكز الأبحاث الزراعية الأخرى ، فوجد أن معادلاتها متماثلة إذا أعيدت لعناصرها الجبرية الأولية . أي أن كل مؤشرين يتنافس بهما أصحابهما يقودان بالواقع لنتائج التصحيح نفسها تماما . فقام سنة 1921 بنشر مقالة بمجلة التطور الزراعي الرائدة ، سجلات الأحياء التطبيقية Annals of Applied Biology ، أوضح فيها أنه لا فرق في استعمال أي نوع من المؤشرات . كما أوضحت المقالة عدم جميع هذه التعديلات التصحيح اختلاف التخصيب في حقول مختلفة . أنهت هذه المقالة المتميزة أكثر من عشرين سنة المشادات العلمية . ملاءمة من قام فيشر بفحص البيانات وقت الحصاد ، وعند هطول الأمطار لتسعين سنة ماضية ، وأوضح أن أثر الاختلاف الجوي من سنة إلى سنة يفوق أثر المخصبات المختلفة . استعمل فيشر لاحقا مصطلح امتداخلة » في نظريته للتصميم التجريبي ، لوصف الاختلاف من سنة إلى سنة في الجو ، والاختلاف من سنة إلى سنة في المخصبات غير الطبيعية ، أي أنه لا مجال لفصلهما عن بعضهما باستخدام بيانات التجارب . وأكثر من عشرين سنة من المشادات العلمية عديمة ومضيعة للجهد 6 الفائدة . حدد هذا نمط تفكير فيشر عن التجارب وتصميمها ، فاستنتج حاجة العلماء للبدء بنموذج رياضي لنتائج التجربة الممكنة . يتكون النموذج الرياضي هذا من مجموعة معادلات تمثل بعض رموزها أرقاما يتم جمعها كبيانات التجارب ، بينما تمثل رموز أخرى نتائج التجربة العامة . يبدأ العالم ببیانات التجربة ، ثم يحسب النتائج المناسبة للمسألة العلمية المطروحة . فلنأخذ مثلا تجربة أحد الأساتذة مع تلميذ معين . يهتم الأستاذ بإيجاد أسلوب لقياس مدى تحصيل تلميذه العلمي ، فيمتحنه بمجموعة « تجارب » ، ويقيم كل امتحان بمقياس من 0 الى 100. لا تمثل نتيجة كل امتحان على حدة حقيقة تحصيل التلميذ العلمي ، فهناك احتمال أنه لم يدرس بعض المواضيع التي اختبر بها ، بينما يكون على دراية بالمواضيع الأخرى . وهناك احتمال إصابته بصداع يوم الامتحان ، أو أنه قد احتد نقاشه والديه صباح يوم الامتحان . أسباب عدة تجعل الامتحان الواحد غير كاف لتقييم معلومات التلميذ ، لذا يقوم الأستاذ بإجراء عدة امتحانات له ، ويكون متوسط درجاته تقديرة أمثل لمدى تحصيله العلمي . تكون البيانات هي درجات التلميذ لكل امتحان . ما الأسلوب الذي يتبعه الأستاذ في تلك الامتحانات ؟ هل تكون مجموعة امتحانات لتغطية ما تعلمه التلميذ في اليومين السابقين ؟ أم هل يجب أن تشمل كل المادة التي درسها لحين الامتحان ؟ هل تجرى هذه الامتحانات أسبوعية أم يومية أم في نهاية كل وحدة دراسية ؟ تؤثر كل هذه الأسئلة في تصميم التجربة . عندما يريد معرفة أثر نوع معين من المخصبات غير الطبيعية على نمو القمح - تجربة للحصول على البيانات اللازمة لتقدير مدى أثرها . أوضح فيشر أن الخطوة الأولى في تصميم التجربة هي تهيئة مجموعة من المعادلات الرياضية ، لوصف العلاقة بين البيانات التي يتم جمعها والنتائج المتوقعة . كما أنه يجب على كل تجربة لتكون نافعة ، أن تسمح بتقدير تلك النتائج . ويجب أن تكون التجربة محددة فتسمح للعلماء تمييز الاختلاف في النتائج نسبة لتقلب الجو ، أو الاختلاف المخصبات المستعملة . ومن الضروري مقارنة نتائج تجربة ما بنتائج مجموعة تسمى « مجموعة الضبط » ، يزودنا فيشر في كتابه تصميم التجارب ، بأمثلة جيدة التصاميم تجارب ، واشتق منها قوانین عامة لتصميم التجارب . ولكنه استعمل أساليب رياضية معقدة إلى حد لم يستطع معظم العلماء أن يصمموا تجاربهم الخاصة ، إلا إذا اتبعوا نموذج أحد تصمیمات کتاب فیشر . أيقن خبراء الزراعة القيمة العظيمة لجهود فيشر في تصميم التجارب ، فسيطرت الأساليب الفيشرية على الكليات الزراعية في معظم أنحاء العالم الناطق باللغة الإنجليزية . وبمحاكاة الجهود الأولى لفيشر تطورت كتابات علمية لشرح تصاميم التجارب المختلفة . استخدمت هذه التصاميم المجالات غير زراعية ، كالطب والكيمياء ورقابة النوعية الصناعية ، ويتكون معظمها من معادلات رياضية معقدة . فلنوافق حاليا الرأي أنه لا يمكن لعالم وببساطة أن يجري تجربة ما » ، لأن الأمر يتطلب تفكيرة عميقة ودقيقة ، وغالبا ما يلزمه جرعة قوية من الرياضيات الصعبة . فما جرى لذواقة الشاي ؟ لم يصف فيشر نتائج التجربة التي أجريت في عصر ذلك اليوم الصيفي المشمس في كامبردج ، لكن البروفيسور سميث أخبرني أنها استطاعت تمییز كل الفناجين بدقة.
ذواقة الشاي ! . اجتمعت في مدينة كامبردج Cambridge بإنجلترا England ظهيرة أحد أيام صيف أواخر العشرينات ، مجموعة من أساتذة الجامعة وزوجاتهم ، وبعض الزائرين حول طاولة في الهواء الطلق الاحتساء الشاي . أصرت إحدى السيدات أن مذاق الشاي يختلف إذا صببناه على الحليب عن مذاقه إذا صببنا الحليب فوقه . بدأ الرجال ذوو العقول العلمية بالسخرية لما قالته باعتباره مجرد تفاهة ، فما الفرق في ذلك ؟ لم يروا أي فرق في التركيبة الكيميائية للمحلول الناتج . اعترض أحدهم على الخلاف وكان قصيرة ونحية بنظارة ثخينة ولحية قصيرة دقيقة بدأ يغزوها الشيب ، فقال بشغف : « فلنقم باختبار الفرضية » . بدأ بشرح تجربة بأن يقدم للسيدة أصرت على وجود فروق ، أكوابة صب في مجموعة منها الشاي على الحليب ، وأخرى الحليب على الشاي .
هو أستطيع سماع آراء القراء رافضين الاهتمام بهذا الهراء ، إذ يتساءلون : « ما الاختلاف الذي سيحدث عندما تميز السيدة إحدى طرق الحقن عن الأخرى ؟ » فيسخرون قائلين أن لا يوجد ما له قيمة علمية في هذه المسألة ، وأنه من الأولى لهذه العقول الواعية أن تضع اهتمامها في أمور تنفع البشرية . إن تجربتي مع العلماء ولسوء الحظ ، أنهم يجرون أبحاثهم الاهتمامهم بالنتائج ولحصولهم على المتعتين العلمية والذهنية بعملهم هذا ، ونادرا ما يكون لمجرد قيمة عملهم العلمي كما الحال مع العلماء الحقيقيين . لذا ، ورجوعة إلى ذلك اللقاء ظهيرة أحد أيام الصيف في كامبردج ، فقد تكون السيدة محقة أو غير محقة بشأن المحلول . وتكمن المتعة في إيجاد طريقة الإثبات ما إذا كانت محقة ، بتتبع إرشادات الرجل الملتحي فبدأوا بمناقشة كيفية القرار . شارك معظمهم وبكل حماسة خطوات تحضير التجربة ، وخلال دقائق بدأوا بتحضير أكواب بالطريقتين المختلفتين وعلى غير مرأى من السيدة . وختاما قدم لها الرجل الملتحي فنجانها الأول ، تذوقته وصرحت بعد دقيقة أنه الفنجان الذي تم فيه صب الحليب فوق الشاي . دون إجابتها من غير تعليق وقدم لها الفنجان الآخر .
الطبيعة التعاونية في العلوم
لقد سمعت هذه القصة في نهاية الستينات من رجل كان قد حضر ذلك اللقاء واسمه هیو سمیث Hugh Smith ، ولكنه نشر أوراقه العلمية تحت اسم ه . فیرفیلد سميث H. Fairfield Smith . تعرفت إليه عندما كان بروفيسور إحصاء في جامعة کونیکتیکت Connecticut في ستورز Storrs ، إذ كنت قد حصلت على شهادة الدكتوراه في الإحصاء من الجامعة نفسها قبل ذلك بسنتين . وبعد التدريس في جامعة بنسلفانيا Pennsylvania ، التحقت بقسم الأبحاث الطبية في شركة الأدوية الكبيرة بفایزر Pfizer Inc ، وكان يبعد مجمع أبحاث الشركة في غروتن Groton بكونيكتيكت ، مسافة ساعة بالسيارة عن ستورز . كان عملي في بفايزر يتضمن عدة مسائل رياضية معقدة ، ولكوني الإحصائي الوحيد هناك في ذلك الوقت ، كنت بحاجة المناقشة تلك المسائل والحلول التي أوجدتها » معهم . اكتشفت خلال عملي في بنایزر مدى قلة الأبحاث العلمية الممكن القيام بها منفردة ، إذ عادة ما تتطلب تعاون بين جمع من العقول ، تفادية لسهولة الوقوع في الخطأ . قد لا يناسب النموذج الذي أتقدم به في بعض الأحيان عند اقتراحي معادلة رياضية كوسيلة لحل مشكلة ، أو قد أبنيها على فرضيات لا تمثل تلك الحالة ، أو قد تكون « الحلول » التي استخرجتها مأخوذة من فرع خاطئ في المعادلة ، أو قد أكون أخطأت في العمليات الحسابية . كنت أجد ترحيبا كلما زرت جامعة ستورز مع البروفيسور سميث ، أو ناقشت المعادلات الكيميائيين ، أو للتحدث الصيدلانيين في بنایزر ، إذ كانوا يرحبون بكل هذه المناقشات بحماسة واهتمام . ما يجذب اهتمام معظم العلماء عادة بأعمالهم المتعة التي تتحقق لهم في العمل على تلك المسائل . يتطلعون بشغف للمداخلات مع غيرهم عند انكبابهم على إحدى المسائل محاولین فهمها . هو تصميم التجارب وهكذا كان ذاك اللقاء الصيفي في كامبردج . كان الرجل الملتحي هو رونالد آیلمر فيشر ، Ronald Aylmer Fisher وكان حينها في نهاية الثلاثينات من عمره ، ثم أصبح بمرتبة الفارس رونالد فیشر في سنة 1935. ألف كتاب بعنوان تصميم التجارب The Design of Experiments ، وقام بوصف تجربة ذواقة الشاي في الفصل الثاني من كتابه . قام فیشر في كتابه بمناقشة اعتقاد السيدة أنها مسألة فرضية ، وعرض مختلف الطرق التي يمكن بها تصميم التجربة ، لتقرير في ما إذا كانت السيدة تستطيع تمييز الفرق . تكمن المشكلة في تصميم التجربة . فإذا أعطيت فنجانا واحدة من الشاي تكون لديها فرصة 50 ٪ لتخمين نوع المحلول المستخدم ، حتى لو لم تستطع تحديد الفرق . كما أنها لو أعطيت فنجانين من الشاي فقد يكون بمقدورها التخمين بشكل صحيح . وفي الواقع إذا عرفت السيدة أن فنجاني الشاي قد أعدا بطريقتي حقن مختلفتين ، فإن أحد التخمينات سیکون صحيحة تماما ( أو خاطئة تماما ) .كما أن هناك فرصة لأن ترتكب خطأ حتى لو استطاعت تمييز الفرق ، أو أنه لم يتم مزج المحلول جيدة في أحد الفناجين ، أو تم مزج المحلول بينما لم يكن الشاي حارة بما فيه الكفاية . قد يعرض عليها عشرة أكواب مثلا وتميز تسعة منها فقط ، حتى لو استطاعت أن تفرق بينها . يناقش فیشر في كتابه النتائج الممكنة والمختلفة لمثل هذه التجربة . فهو يصف كيفية تحديد عدد الفناجين وكيفية تقديمها وترتيبها ، وما هو القدر الذي يجب إخبار السيدة به عن ترتيبه في التقديم . ثم يستنبط احتمالات النتائج المختلفة معتمدة على صحة أو عدم صحة اختيار السيدة . لم يشر أثناء مناقشته للتجربة أنها حدثت فعلا ، ولم يصف نتائج تجربة فعلية . کان کتاب فیشر عن تصميم التجارب ، عنصرا هاما في الثورة التي برزت في كل مجالات العلوم في النصف الأول من القرن العشرين . علما أنه كانت تقام التجارب العلمية قبل ظهور فيشر على الساحة بمئات السنين . قام الفيزيائي الإنجليزي وليام هارفي William Harvey في أواخر القرن السادس عشر ، بإجراء التجارب على الحيوانات ، فسد مجرى الدم في الأوردة والشرایین ، محاولا تتبع الدورة الدموية وهي تتدفق من القلب إلى الرئة ، ومن ثم تعود إلى القلب فباقي أجزاء الجسم ، متابعة عودتها إلى القلب ثانية . لم يكتشف فيشر أن التجارب وسيلة لزيادة المعرفة ، إذ كانت التجارب خاصة لكل عالم على حدة حتى مجيئه . تمكن العلماء الجيدون بعدها من إجراء تجارب تعطي معارف جديدة ، وانشغل القليل منهم بتجارب » تجمع الكثير من البيانات لا فائدة منها في تنمية المعرفة . ويتضح هذا في المحاولات غير الحاسمة التي أجريت خلال أواخر القرن التاسع عشر لقياس رعة الضوء . لم يتم حساب التقديرات الجيدة لحساب سرعة الضوء إلا بعد أن قام الفيزيائي الأمريكي آلبرت متشلسون Albert Michelson ، بإجراء مجموعة من التجارب عالية المستوى مستخدمة الضوء والمرايا . نادرة ما نشر علماء القرن التاسع عشر نتائج تجاربهم ، بل اعتادوا وصف نتائجهم ونشر البيانات التي توضح » صحة هذه النتائج . لم يظهر غريفور منديل Gregor Mendel کل نتائج تجاربه في تنمية البازلاء ، بل قام بوصف مراحل التجارب ثم كتب : « قد تقوم أول عشر عينات من كلتي التجربتين مقام تمثيل الصورة بكاملها . قام رونالد فیشر في الأربعينات باختبار أسس « تمثيل » بیانات منديل ، واكتشف أنها مبالغ بها لتكون واقعية ، إذ لم تظهر درجة العشوائية التي قد تحصل ) . وبالرغم من تطور العلوم من خلال التفكير الدقيق والملاحظة والتجارب ، إلا أنه لم تتضح أبدأ كيفية إجراء تلك التجارب ، كما لم يتم عادة عرض نتائجها على القارئ . لقد اتضحت حقيقة هذا الأمر خصوصا في الأبحاث الزراعية التي أجريت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين . كان فيشر يعمل في مركز روثهامستد للأبحاث الزراعية Rothamsted Agricultural Experimental Station خلال السنوات الأولى من القرن العشرين ، وكان المركز يجري تجاربه على أنواع من المخصبات ، ( تدعى « المخصبات غير الطبيعية » قبل تسعين سنة من انضمامه إليه . كان العمال في إحدى تجاربه ينشرون خليط من الفوسفات وأملاح النيتروجين على الحقل كله ، ثم يزرعون الحبوب ويقيسون فترة الحصاد ، مع كمية الأمطار التي تهطل في الصيف . وهناك معادلات تفصيلية تستخدم التعديل » نتاج سنة ما أو حقل ما ، لمقارنتها مع نتاج حقل آخر ، أو نتاج الحقل نفسه في سنة أخرى . يدعی ذلك مؤشرات التخصيب » وكل مركز أبحاث زراعي له مؤشرات تخصيب خاصة به ، والتي يعتقد أنها أكثر دقة من غيرها . كتلة من كانت حصيلة هذه السنوات التسعين من التجارب الفوضى ، واکتشافات واسعة لبيانات لم تنشر ولا فائدة منها . تبين أن بعض سنابل القمح تستجيب أكثر من غيرها لنوع معين من المخصبات ، ولكن فقط حينما يهطل المطر بغزارة . كما بينت بعض التجارب الأخرى أن استعمال هایدروکسید البوتاس في سنة ، وسلفات الصودا في سنة لاحقة زاد في إنتاج أنواع متنوعة من البطاطس دون غيرها . فكل ما نستطيع جزمه عن تلك المخصبات غير الطبيعية ، أن بعضها قد يعمل في بعض الأحيان . نظر فيشر نظرة عالم رياضي متمرس إلى مؤشرات التخصيب التي لجأ إليها خبراء الزراعة في روثامستد ، لتصحيح نتائج التجارب آخذين بالاعتبار الفروقات الناتجة عن التقلبات الجوية عبر السنين . قام بدراسة المؤشرات المنافسة المستخدمة في مراكز الأبحاث الزراعية الأخرى ، فوجد أن معادلاتها متماثلة إذا أعيدت لعناصرها الجبرية الأولية . أي أن كل مؤشرين يتنافس بهما أصحابهما يقودان بالواقع لنتائج التصحيح نفسها تماما . فقام سنة 1921 بنشر مقالة بمجلة التطور الزراعي الرائدة ، سجلات الأحياء التطبيقية Annals of Applied Biology ، أوضح فيها أنه لا فرق في استعمال أي نوع من المؤشرات . كما أوضحت المقالة عدم جميع هذه التعديلات التصحيح اختلاف التخصيب في حقول مختلفة . أنهت هذه المقالة المتميزة أكثر من عشرين سنة المشادات العلمية . ملاءمة من قام فيشر بفحص البيانات وقت الحصاد ، وعند هطول الأمطار لتسعين سنة ماضية ، وأوضح أن أثر الاختلاف الجوي من سنة إلى سنة يفوق أثر المخصبات المختلفة . استعمل فيشر لاحقا مصطلح امتداخلة » في نظريته للتصميم التجريبي ، لوصف الاختلاف من سنة إلى سنة في الجو ، والاختلاف من سنة إلى سنة في المخصبات غير الطبيعية ، أي أنه لا مجال لفصلهما عن بعضهما باستخدام بيانات التجارب . كانت تسعين سنة من التجارب ، وأكثر من عشرين سنة من المشادات العلمية عديمة ومضيعة للجهد 6 الفائدة . حدد هذا نمط تفكير فيشر عن التجارب وتصميمها ، فاستنتج حاجة العلماء للبدء بنموذج رياضي لنتائج التجربة الممكنة . يتكون النموذج الرياضي هذا من مجموعة معادلات تمثل بعض رموزها أرقاما يتم جمعها كبيانات التجارب ، بينما تمثل رموز أخرى نتائج التجربة العامة . يبدأ العالم ببیانات التجربة ، ثم يحسب النتائج المناسبة للمسألة العلمية المطروحة . فلنأخذ مثلا تجربة أحد الأساتذة مع تلميذ معين . يهتم الأستاذ بإيجاد أسلوب لقياس مدى تحصيل تلميذه العلمي ، فيمتحنه بمجموعة « تجارب » ، ويقيم كل امتحان بمقياس من 0 الى 100. لا تمثل نتيجة كل امتحان على حدة حقيقة تحصيل التلميذ العلمي ، فهناك احتمال أنه لم يدرس بعض المواضيع التي اختبر بها ، بينما يكون على دراية بالمواضيع الأخرى . وهناك احتمال إصابته بصداع يوم الامتحان ، أو أنه قد احتد نقاشه والديه صباح يوم الامتحان . أسباب عدة تجعل الامتحان الواحد غير كاف لتقييم معلومات التلميذ ، لذا يقوم الأستاذ بإجراء عدة امتحانات له ، ويكون متوسط درجاته تقديرة أمثل لمدى تحصيله العلمي . تكون البيانات هي درجات التلميذ لكل امتحان . ما الأسلوب الذي يتبعه الأستاذ في تلك الامتحانات ؟ هل تكون مجموعة امتحانات لتغطية ما تعلمه التلميذ في اليومين السابقين ؟ أم هل يجب أن تشمل كل المادة التي درسها لحين الامتحان ؟ هل تجرى هذه الامتحانات أسبوعية أم يومية أم في نهاية كل وحدة دراسية ؟ تؤثر كل هذه الأسئلة في تصميم التجربة .
تجري خبير الزراعة . عندما يريد معرفة أثر نوع معين من المخصبات غير الطبيعية على نمو القمح - تجربة للحصول على البيانات اللازمة لتقدير مدى أثرها . أوضح فيشر أن الخطوة الأولى في تصميم التجربة هي تهيئة مجموعة من المعادلات الرياضية ، لوصف العلاقة بين البيانات التي يتم جمعها والنتائج المتوقعة . كما أنه يجب على كل تجربة لتكون نافعة ، أن تسمح بتقدير تلك النتائج . ويجب أن تكون التجربة محددة فتسمح للعلماء تمييز الاختلاف في النتائج نسبة لتقلب الجو ، أو الاختلاف المخصبات المستعملة . ومن الضروري مقارنة نتائج تجربة ما بنتائج مجموعة تسمى « مجموعة الضبط » ، التي تخضع اللتجربة ذاتها . يزودنا فيشر في كتابه تصميم التجارب ، بأمثلة جيدة التصاميم تجارب ، واشتق منها قوانین عامة لتصميم التجارب . ولكنه استعمل أساليب رياضية معقدة إلى حد لم يستطع معظم العلماء أن يصمموا تجاربهم الخاصة ، إلا إذا اتبعوا نموذج أحد تصمیمات کتاب فیشر . أيقن خبراء الزراعة القيمة العظيمة لجهود فيشر في تصميم التجارب ، فسيطرت الأساليب الفيشرية على الكليات الزراعية في معظم أنحاء العالم الناطق باللغة الإنجليزية . وبمحاكاة الجهود الأولى لفيشر تطورت كتابات علمية لشرح تصاميم التجارب المختلفة . استخدمت هذه التصاميم المجالات غير زراعية ، كالطب والكيمياء ورقابة النوعية الصناعية ، ويتكون معظمها من معادلات رياضية معقدة . فلنوافق حاليا الرأي أنه لا يمكن لعالم وببساطة أن يجري تجربة ما » ، لأن الأمر يتطلب تفكيرة عميقة ودقيقة ، وغالبا ما يلزمه جرعة قوية من الرياضيات الصعبة . فما جرى لذواقة الشاي ؟ لم يصف فيشر نتائج التجربة التي أجريت في عصر ذلك اليوم الصيفي المشمس في كامبردج ، لكن البروفيسور سميث أخبرني أنها استطاعت تمییز كل الفناجين بدقة.
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
أُوظّف الأدوات التكنولوجية لتقديم محتوى متنوع يناسب تفاوت مستويات الطلبة داخل الصف. باستخدام المنصات...
وإذا كانت الإلتزامات الرئيسية للبائع هى تسليم البضاعة والمستندات المتعلقة بها ونقل ملكيتها، والإلتزا...
اإلتصال الذاتي: هو اإلتصال الذي يكون محوره الفرد ذاته بحيث يكون الفرد نفسه هو المرسل والمستقبل في نف...
نص مبدأ بطلان تنازل العامل عن حقوقه في قانون العمل البحريني على أن أي شرط أو اتفاق يتضمن تنازل العام...
One night, while I was camping in the desert with my cousin, something very strange happened. We wer...
كان أول إبحار لها في 10 أبريل 1912 من لندن إلى نيويورك عبر المحيط الأطلسي، وبعد أربعة أيام من انطلاق...
بالنظـر إلـى الجـدول) 14(، نلاحـظ أن %29.9 فقـط مـن طلبـة المـدارس لديهـم العلـم عـن وجـود هاتـف لمس...
أيقظه حفيف الأحلام والفجر المضطرب. كانت الغرفة حاشدة بنومها إلى جانبه عارية تحت الملاءة الخفيفة أنف...
في الختام، تُعد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي التلفزيونية قصة نجاح في المشهد الإعلامي العربي، ودليل...
الكتابات في الصحة النفسية غربياً وعربياً كثيرة. وأكثر منها استخدام كأحد المصطلح ذاته منذ أن أطلقته ...
قد يكون الشخص في وضع محفوف بالمخاطر الطعام لأنها لا تستطيع إطعام نفسها و إطعام أسرته بكمية كافية، ...
إن القضية الرئيسة في أي تقدم ونهضة لا تكمن في الافتقار إلي الموارد الطبيعية أو الثروة المادية ، وإنم...