Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (9%)

كونه يشكل نسقاً من المواد التعبيرية والجمالية التي تسهم في توصيل رسالة ما، المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
أدت فيما بعد إلى إثراء أدبي على مستوى اللغة
جدل المناهج السياقية والنسقية :
٧٧٩
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
وتعددت وسائلها في تناول النص
الخارجية (سواء أكانت تاريخية أم نفسية أم أسطورية أم اجتماعية) التي أحاطت بميلاد
تتخيّر من النّص ما يخدم
كجدران القبر خالياً من حرارة الدفء والتوهج"( ٥
أي تعويض القراءة التفسيرية - التي تبدد طاقات
وتكون الكلمة إشارة قابلة لكل أنواع الدلالات ومهيأة لأن توظف نفسها في أفق
يتحمل القارئ/ الناقد
من هنا كان تعدد المناهج التي تدرس
النص الأدبي من خلال ما يحيط أو يصدر عنه من إشارات حول التاريخ وعلم
لأ
في ذاته، وهذا ما دفع بعض الدارسين 􀂳 با
بمعنى أن النظريات النقدية
بين الاختبارات اللسانية والمحددات السيميائية بما يؤدي إلى وضع الكتابة في إطار
ورفض
له قوانينه الداخلية التي تحكم قيام
لذلك تبنى النقاد العرب المبادئ النقدية التي أفرز
فيمارس على عمله النقد الذاتي " ( ١٣ )، وتسريح
إ
وصفاً محايداً وبريئاً للنص وأعمدة مجهرية حين يغدو مجرد وسيلة لامتلاك جسد النص
بأدبية النص نحو التناص والتشاكل والثبات والتحول( ١٨ )بشكل يبالغ في الوصف
والسيميائية كمنهج نقدي هو منهج يهتم بدراسة حياة
تسعى السيميائية إلى تحويل العلوم الإنسانية ( خصوصاً اللغة والأدب والفن ) من
السيميائيين يحصد الكلمة من مخزون اللغة، ومن هذه النقطة
بالذات ينفصل المنهج السيميائي عن المناهج المؤسسة له والمناهج التي صاحبته. ٧٨٧
حين نظر البينيويون إلى النص على أنه بنية تنسج نفسها وتصنعها من خلال عملية
الهدف التي تتموقع في نقطة ما من النص ( ٣٠
فجعلوه نصاً في حد ذاته
السمات الدالة وهي : (النصبة- الإشارة- العقد- الخط- اللفظ) بالإضافة إلى الرمز
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
وإدراك الظواهر الاجتماعية والنفسية والثقافية الخفية في جوانبها التواصلية
تبحث السيميائية عن المعنى من خلال بنية الاختلاف ولغة الشكل والبنى الدالة. فالسيميائية منهج يرتكز إلى نقطة جوهرية تشكل الدعامة الأساسية، لذلك
وتشكل
وغالبا ما يعتمد على التداعي بين الأفكار
العامة، المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية


Original text

يعد تحليل النص فعلا قرائياً، يعكس الكيفية التي يدرك النص من خلاله، كما
يعد بناء متلاحماً من الملاحظات التي تستمد شرعيتها من النص مباشرة، وليس من
حقل ثقافي أو علمي آخر. بدأت لحظة كشف المعنى بالانطباع المباشر الذي يخلفه
النص في نفس المتلقي، وهو في حقيقته صورة فطرية نقية لذلك اللقاء بين النص
وقارئه، لا تشوبه شائبة تعيق فعل النص الخلاق في إثارة الانطباع الفطري الأولي، لكن
ما لبثت هذه الصورة أن تصدعت وعلتها ضبابية عندما غدا المتلقي مجرباً يسخِّر النص
لتجاربه وتحقيقاته العلمية.ثم تعددت المناهج النقدية التي قاربت النصوص الأدبية،
واختلفت في طريقة المقاربة إلى أن أرسى النقد الجديد مفهوماً جديداً للنص، ينطلق من
كونه يشكل نسقاً من المواد التعبيرية والجمالية التي تسهم في توصيل رسالة ما، فكان
من أهم معالم التجديد النقدي الالتفات إلى اللغة بوصفها مادة الأدب .
ولعل المنهج السيميائي من أبرز معالم التجديد النقدي في تحليل النص الأدبي،
ويتناوله بحثنا في مقاربته للنص الأدبي، كمعْلم جديد في مقاربة النصوص ؛ لنبين مدى
فعالية هذا المنهج في تحليل النص الأدبي ودوره في الكشف عن المعنى، بوصفه أحد
المناهج الجديدة التي قاربت النص الأدبي مقاربة معرفية ترمي إلى بناء نمط ثقافي لقراءة
النصوص في ضوء الثقافة التي أنتجتها تلك المعرفة. فلم تعد قراءة النص الأدبي انطباعاً
وتذوقاً، بل غدت عملية عسيرة في ظل تعدد المناهج الجديدة، وتحوُّل القارئ من
مستهلك إلى منتج.
والمنهج السيميائي منهج غني، ومكمن غناه يتحدد في أنه يعد النص حاملا
لأسرار كثيرة، والدال عليها يستفز القارئ، ويدعوه إلى البحث عنها، وفك رموزها
انطلاقا من فهم العلاقة الجدلية الموجودة بين الدال والمدلول، بين الحضور والغياب.
٧٧٨
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
وتتحدد إشكالية البحث في السؤال عن مدى ملائمة السيميائية للنصوص العربية
والكشف عن أسرارها الخبيئة.
وبما أن البحث يندرج في إطار نقد النقد فهو بحث في معرفة المعرفة، وتستدعي طبيعة
البحث اتباع المنهج الوصفي التحليلي الذي يهدف إلى عرض المفاهيم والقضايا
وتمحيص دقتها وصحتها ومدى فعاليتها.
هدف البحث :
يهدف البحث إلى تبين معالم التجديد النقدي في تحليل النص الأدبي، متخذاً
من المنهج السيميائي أنموذجاً في ممارسته النقدية في تحليل النص، وإظهار قدرته على
إثارة قضايا ثقافية وفكرية ونقدية، أدت فيما بعد إلى إثراء أدبي على مستوى اللغة
ا على امتداد الساحة العربية. 􀂆 والمصطلح، والتأليف وإثارة حركة نقدية لايستهان
جدل المناهج السياقية والنسقية :
ازدادت مسألة تحليل النص إشكالية مع تطور الشعر الحديث، وغدت أكثر
تعقيداً، وأضحى النص الأدبي إشكالية تؤرق قارئه، فالنص لايعطي القارئ ما يريد،
لأن اللغة مراوغة تخفي أكثر مما تبدي، وتضمر أكثر مما تظهر، من هنا بدا العجز عن
فك شفرات النص، فكان لابد من آليات جديدة لقراءة النص الأدبي تضارع مراوغته،
فكان الانفجار النقدي في العصر الحديث، وتعدد المناهج وسرعة تحولها وتطورها.
فقديما واجه النقد العربي النص الأدبي على مستويات متعددة ؛ بدأت
بالاستحسان والاستهجان الفطريين اللذين يواجهان المسموع، فأفضيا إلى الحكم دون
أن يسديا تعليلاً يفسره ويوثقه، بل جاءت عفوية خاطفة تنم عن إعجاب وقتي.
وسُنَّت الأحكام وفق معايير العرف والعادة والتأثر الوقتي والانطباع التي تفتقر أحياناً إلى
التعليل، وكان حضور المتلقي طاغياً على المبدع، فأرقه، الأمر الذي دفعه إلى تحسين
٧٧٩
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
شعره، و تنقيحه، وتثقيفه ليلقى استحان متلقيه وإعجابه. وقد كشف ابن قتيبة عن
تلك السلطة التي حيدت تجربة الشاعر لحساب إرضاء السامع، فأرغمه البدء بما
يستميل السامع ثم الرحلة، ومن ثم التلطف في التخلص إلى غرضه الذي بنى قصيدته
عليه( ١)، كي لا يثير السامع الماثل في خلده كسلطة رقيبة لا تسمح له بالانفكاك
عنها،ثم تحول العرب من الشفاهية إلى الكتابة، فكانت مواجهة النص من خلال هذا
التحول، فخرجت الأحكام من سلطة الانطباعية إلى آراء يشهد العقل بصحتها،
فكانت الموازنة والوساطة.
بعد ذلك اصطرع نزاع متضاد بين العقل والنقل، الأمر انعكس على المناهج النقدية،
وحدّ من تطور الشعر، الذي غدا مصدراً للمعرفة، ومال إلى اصطناع الجدل والإقناع،
اوت الحدود أو كادت بين الشعر والنثر، فشغل 􀂔 فتحول الشعر إلى شكل خطابي، و
النقاد بالبحث عن المعاني وسرقتها ( ٢).ثم تطورت البيئة العربية، وتطور النقد، وامتلك
أدواته التي أسعفته لمواجهة النص وإدراك فحواه.
وفي العصر الحديث ظهرت المناهج النقدية، وتعددت وسائلها في تناول النص
الأدبي، فكانت المناهج النقدية السياقية ثم النسقية.
فالنقد السياقي ممارسة نقدية تقارب النص الإبداعي معتمدة في ذلك المؤثرات
الخارجية (سواء أكانت تاريخية أم نفسية أم أسطورية أم اجتماعية) التي أحاطت بميلاد
النص الشعري واحتضنت تكونه، فكان لها التأثير المباشر أو غير المباشر فيه.
لقد أحالت المناهج السياقية على السّياق، وربطت فهم النص وتحليله بإنجازات علوم
مختلفة ( تاريخية، اجتماعية، ونفسية )، وجعلته تابعاً لها، وقصرت النص على هذه
الوجهة أو تلك، ولكنها تبقى خارجه، لا تنفذ إلى عوالمه التي شكلته مما غيب النص،
ا امتصت كل مكوناته وأولتها بحسب 􀂜 فلم ينل شيئاً يُجدّد به نسغه واستمراريته، لأ
توجيهات السياق، فلم تبق خلفها إلاّ هياكل نخرة جوفاء، تتخطاها إلى غيرها، وقد
تكون في بعض الأحايين قراءة "انتقائية" تنزلق على السطح، تتخيّر من النّص ما يخدم
٧٨٠
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
ا، شأن القراءة 􀂔 غرضَها، فتقف عنده، ثم تتجاوزه إلى نقاط تراها تتجاوب وأدوا
ا، وتغدو قيمة النص معها في 􀂔 النفسية( ٣) ؛ التي تبحث في النص عما يؤكد فرضيا
قدرته على تأكيد تلك الفرضيات، ومن ثم يحال الإبداع إلى علل صاحبه بمعنى أن
عملية الإبداع " بمثابة متنفس يفرج فيه الأديب عن غرائز أو رغبات مكبوتة، وهكذا
اعتبر النص الأدبي وثيقة نفسية تقوم مقام لوحة الاستكشاف في عيادة التحليل
النفسي، وهو ما يجعل العمل النقدي حسب هذه النظرية في أحد اتجاهين: إما أن
ا 􀂆 ينطلق من الأثر إلى الأديب، أو ينطلق من معلومات تاريخية حول الأديب ليفكك
.( أسرار النص نفسانياً"( ٤
وبما أن أدوات القراءة السياقية تحددت خارج حقل الأدب، يصنعها السياق،
ا تصدر عن نظرة أحادية تخضع لها جميع القراءات 􀂜 وتقتضيها شبكاته المعرفية، فإ
النابعة عنه. ولعل الثغرة في المناهج القديمة تتلخص في التركيز على جانب واحد من
جوانب التعبير، وهو مادته أو طبيعته الحدسية على حساب الجانب الثاني، وهو
الجانب المادي الذي تتجسد فيه حقيقة التعبير. وهذا ما جعل القراءة السياقية قراءة
"مكرورة " تنتهي إلى نفس النتائج، وفي هذا عجز عن مواجهة النص. قد يكون مردّ
هذا العجز أن النص الإبداعي: "مشحون بكثافة إيحائية لا يمكن حصر تعدد أبعادها
ا في نسق منغلق على ذاته، قد يفقد النص 􀂆 واختزالها في بعد واحد، ومن ثم الزج
انفتاحه الدلالي ويفرغه في شحنته الإيجابية، ويجرّده من كثافته الترميزية فيأتي عارياً
.( كجدران القبر خالياً من حرارة الدفء والتوهج"( ٥
ا إلى "الخارجي"،لم تكن تدرك هذا التفاوت 􀂜 والقراءة السياقية في تحاشيها "النص" وركو
بين النص "دالاً" والنص "مدلولاً"، ولم تحدد معالمه النهائية لأن في وقوفها عند البنية
ا مقول النص، سارعت إلى استغلالها لأغراض خارجية عنه. وربما 􀂜 السطحية على أ
كان للنقد الجديد الفضل في تجاوز القراءة السياقية وتجاوز الناقد القديم، وتجديد مهمته
بحسب ما تقتضيه طبيعة النص، أي تعويض القراءة التفسيرية - التي تبدد طاقات
٧٨١
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
النص حينما يواجه النص القائم على أسس ثقافية ومعرفية لا توفر لدى كل قارئ من
حيث إنه يمثل مجهوداً فكرياً ونفسياً، فالقارئ يواجه النص بحمولة معرفية، وإذا ما رأى
ا هي. فيتوقف النص عند موروثه ومخزونه لا 􀂜 في النص شبيهاً لها التقطها على أ
يتجاوزه إلابالقراءة التأويلية التي يباشرها القارئ كعنصر فعّال: "وتتحرك معه القصيدة
لا كنص يقول وإنّما كمجرة من الإشارات الشاعرية تدل وتوحي وتنفث سحرها في
مخيّلة القارئ لتصنع أثراً جمالياً يتمدّد، فيكون شعراً فوق القصيدة ودلالة فوق المعنى،
وتكون الكلمة إشارة قابلة لكل أنواع الدلالات ومهيأة لأن توظف نفسها في أفق
.( السياق الشعري المتجدّد، فهي ذات أثر مطلق وليست مجرد معنى محدّد"( ٦
وإذا كانت القراءة السياقية قد يمّمت وجهها شطر "الخارج" تحاور حقوله المختلفة
مستفيدة من معارفها، التي يعززها البحث الفلسفي، والتاريخي، والاجتماعي، والنفسي
محاولة أن تُبقي باب التذوق والتأثر مفتوحاً على الداخل، حتى لا يُغيّبَ النّص كليّة في
ركام الفرضيات والتصورات. فإن القراءة النسقية ستوكل لنفسها مهمة الغوص في مجاهل
عالم "مغلق" تقّر بوجوده واستقلاله، فتعطيه سمات الكائن الحي ذي الخصائص المميزة،
التي تجعل منه ذاتاً تنعم بالشرعية، والحياة، مولداً ونشأة، ومماتاً، يتحمل القارئ/ الناقد
مسؤولية الإفصاح عن كنهها في كل مرحلة من مراحل حياة هذه "الذات". وإفساح
ال أمام القارئ ليقول مالم يقله النّص في بنيته السطحية إيماناً بتعدد القراءة للأثر 􀂳 ا
ا أن تعيد بعثه مرات عديدة. فالقراءة إذن هي تلك النار التي تحوّل 􀂜 الواحد من شأ
"الفينق" رماداً ليعاود بعث نفسه أكثر قوة وشباباً. ذلك أن النص ظاهرة فنية: "تظل
أغنى من عشرات التفسيرات، وتظل متعددة المعاني، لاتمنح نفسها لتأويل واحد يمكن
ا إذن استعارة كبرى يكتنفها غموض سحري 􀂜 اختزاله بقانون رياضي ناجز"( ٧)، إّ
لايمكن أن نلج عواملها إلا من خلال اللغة. من هنا كان تعدد المناهج التي تدرس
النص الأدبي من خلال ما يحيط أو يصدر عنه من إشارات حول التاريخ وعلم
الاجتماع وعلم النفس بعيدة عن الوفاء بمتطلبات دراسة النص الشعري بكل غموضه
٧٨٢
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
ا غالت في التعامل مع الملابسات التاريخية التي أحاطت بالأثر الأدبي، 􀂜 وتعقيده، لأ
وإهمالها للنص الأدبي، فالنص الأدبي يستقل في كل ظرف من ظروف تكوينه، وبخاصة
ما يتصل بالظروف السياسية والاجتماعية، كما هو أيضاً نشاط بشري حيوي كامل
في ذاته، مستقل بنفسه، له أصالته وقدرته التوجيهية المستقلة للحياة، وأن علاقته
تمع علاقة تقابل حيوي لا علاقة فعل ورد فعل ( ٨)، وهذا ما دفع بعض الدارسين 􀂳 با
للعودة بالنقد إلى داخل النص. فوجدت مناهج نصية تدرس النص من داخله في ضوء
الأسس اللسانية والسميولوجية، أو تلك المعتمدة على جمالية التلقي عند القارئ،
وكانت عاجزة هي الأخرى عن تقديم صورة ذات طبيعة علمية للممارسة النقدية،
ا لأنفسهم طرق سبل الإمساك 􀂆 فلجأت إلى انتهاك الحدود القائمة بينها، وأباح أصحا
بأكثر من طريقة ومنهج واحد في التحليل.
إن تعدد مستويات القراءة الحديثة مرهون بتعدد المفاهيم والرؤى في مواكبتها
ا التأويلية أمام إشارات النص واحتمالاته، ومن ثمة 􀂔 لشروط الاستجابة التقبلية وإمكانا
فهي تجزم على أن النص ليس نظاماً مقفلا، وإنما هو مفتوح تسهم في خلقه وإنتاجه
فعالية الفهم الاستقرائي بوصفها فعلاً توصيلياً لمعنى ما، أو تحديده، أو حتى
ا عملية حفر، أو بحث عن المعنى، لذلك فإن التفكيكية لم تعلن نفسها 􀂜 استكشافه، إ
بديلاً للتحليل، وإنما أكدت التعددية التي تجعل النص يتوالد باستمرار.
ولعل الانفتاح على أفق نقدي جديد لم يأت دفعة واحدة، وإنما اقتضى سبلاً من
التحديات والوثب على المألوف، ودعا أيضاً إلى تحقيق تفاعل رؤيوي بين حركية النقد
وفضاء الإبداع تفاعلاً توليدياً، أضفى على النص مزيداً من الدلالات والرؤى.
في خضم هذه التعددية والاختلافية، يبحث النقد العربي عن وجهة الآخر سعياً منه
إلى تمثل موقف مغاير، وإنجاز تصوري نقدي جديد. بمعنى أن النظريات النقدية
الحديثة ترتبط برؤية جديدة، تمثلتها الدراسات النقدية العربية في استيعاب نظام النص
الغامض.
٧٨٣
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
معالم التجديد النقدي في دراسة النص الأدبي :
يستدعي الحديث عن المنهج النقدي السيميائي في مجال تحليل النصوص الأدبية،
الإلمام بجميع المقاربات النقدية السابقة عليه، لأن التصور السيميائي للأشكال والظواهر
وللموضوعات، تصور ناتج عن تطور جملة هذه المفاهيم، فمعظم الأدوات الإجرائية
والمفاهيم المعرفية التي يشتغل في ضوئها النشاط السيميائي متضمنة في التراث النقدي
قديمه وحديثه. فلا يتم تجديد النقد إلا من خلال تجديد المقولات النقدية التي يصدر
،( عنها، ويستحدث جهازاً معرفياً يباشر به النص الأدبي كما لم يباشره السابقون( ٩
فيبحث في النص " عن الدوال الشكلية الأساس التي تلعب دور المنتج للنص الأدبي
بين الاختبارات اللسانية والمحددات السيميائية بما يؤدي إلى وضع الكتابة في إطار
الأدبية، ويساعد على استخلاص هذه القيمة بالدرجة الأولى "( ١٠ ). لقد كان التحول
الأبرز، لمنهجية التحليل من السياق إلى النسق، من الاهتمام بسياق ظهور النص
الأدبي وعده مدخلاً لمباشرته أية عملية نقدية، إلى منح سلطة الأمر للنص ذاته من
دون تدخل خارجي بمعنى أن التجديد النقدي بدأ بالإحالة على النص، فقدم رواده
نقداً محايثاً، يستمد معاييره وأدواته المنهجية من عناصر ألسنية وسيميولوجية، ورفض
الإحالة إلى ماهو خارج النص كما كان في السابق ( المرجع السابق والمؤلف والسياق
والإطار التاريخي والاجتماعي و...) فالناقد يضاعف المعاني، ويجعل منها لغة ثانية
تطفو فوق اللغة الأولى للنص، أي إنه ينتج تلاحما للعلامات( ١١ ). فالقراءة الجديدة
قراءة داخلية، تنظر إلى النص على أنه مكتف بذاته، له قوانينه الداخلية التي تحكم قيام
اللغة بوظائفها الدلالية من مقابلات وتداعيات وتجانس أو تنافر ونحو ذلك ( ١٢ ) فلهذا
كله لم تعد المناهج النقدية القديمة قادرة على تحقيق متطلبات المتغير المعرفي والثقافي
ا النظريات 􀂔 الذي يمور في العالم، لذلك تبنى النقاد العرب المبادئ النقدية التي أفرز
النقدية اللسانية والبنيوية والأسلوبية وجماليات التلقي والتفكيكية، نظرياً وتطبيقاً،
٧٨٤
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
ا من الذهنية العربية بما يتوافق مع الماضي والحاضر، 􀂆 وأدخل بعضهم عليها مفاهيم تقر
فتستوعب الماضي، ثم تبني عليه فكراً، تستشرف منه ما يكون.
بدأت معالم التجديد بالشكلانيين الروس ودي سوسور والبنيويات وصولا إلى
السيميائيات التي حررت الأدب والنص من سطوة البنيوية وانتهاء بالتفكيك الذي طور
السيميائية إلى آفاق جديدة في البحث عما هو مغيب في النص الأدبي.
فالبنيوية مارست قتل المؤلف، وحررت طاقة النص على الإنتاج إذ " ينبغي على
المؤلف أن يموت بعد أن يكتب كي لايربك المسار الذي يتخذه النص، فالموت بعد
مجازي يسمح بالتوالد الحر والدائم للمعنى، والمؤلف ليس مطالباً بشرح عمله وإلا انتفت
أهمية إبداعه، إنه يصبح قارئاً بعد أن ينتهي من عملية إبداعه، حيث تعلن له فيما بعد
النقائص والفجوات الواجب ملؤها، فيمارس على عمله النقد الذاتي " ( ١٣ )، وموت
المؤلف يعقلن البنيوية ضمن سلطة المفاهيم بدل سلطة الواقع ( ١٤ ). فما حققته البنيوية
ا أخرجت النقد من الواقع المتهالك الذي وضعته فيه المناهج السياقية، وأقامته على 􀂜 أ
أساس النص وعلى أصول البنية اللغوية الداخلية، ولكن البنيوية تشرنقت على نفسها،
ا اصطنعت طوقاً محكماً حول 􀂜 وابتعدت عن المعنى، ثم فشلت في الوصول إليه ( ١٥ )، لأ
النص وأثره، وغيبت القارئ الحقيقي، وأجهزت على مقدراته الفكرية، وذلك لما أوجبه
من أنساق لغوية حتى امتعض بعض الباحثين من هذه النظرية التي قلصت من آليات
النقد المثمر الذي يستكشف المادة الجمالية للمنجز النصي. وقد أبان النقاد العرب
مزالق البنيوية فنعتوها بأوصاف أقل ما فيها وصفها بالجسم الغريب الذي لايتعايش مع
النص الممتد الأوشاج بالواقع الحضاري للأمة ( ١٦ ) فالبنيوية وهي تبتر النص عن شروطه
التاريخية ومكوناته المرجعية، وتنزع منه ذاكرته الحية مكتفية بتفكيك أجزائه، وتسريح
ا تكتم أنفاس النص، وتجمد زمانه كما تجمد زمان النقد أيضاً حين يغدو 􀂜 كتلته، إ
وصفاً محايداً وبريئاً للنص وأعمدة مجهرية حين يغدو مجرد وسيلة لامتلاك جسد النص
.( دون روحه وأعصابه ( ١٧
٧٨٥
المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
نخلص إلى القول إن آليات التحليل البنيوي للنصوص لم تتجاوز الوجه الظاهر للنص
ولم تتخط المستوى الذي ألف فيه النص، فقد حللت ظواهر خاصة بالأبنية الصوتية
والصرفية والثنائيات اللغوية، التضاد، الترادف، والحقول الدلالية، ونواح أخرى متصلة
بأدبية النص نحو التناص والتشاكل والثبات والتحول( ١٨ )بشكل يبالغ في الوصف
التجريدي للظواهر اللغوية، مما جعل النقد البنيوي يقف على عتبة البنيات اللغوية
المتسلطة على النص، ويحول دون الولوج إلى المنابع الدلالية للصيغ والتراكيب اللغوية،
كما يحول دون تحليل المرجعيات الثقافية والاجتماعية التي تكشف وجه النص ووجه
صورة النص.
بعد ذلك عرف النقد اتجاهات مابعد البنيوية، أو ما بعد الحداثة، أو ما يطلق
عليه تجاوزاً لحظة القارئ أو المتلقي( ١٩ ) ثم تأسست اتجاهات أخرى في النقد تعرف
بالتأويلية والتفكيكية والسيميائية، وهي اتجاهات متجاذبة في البحث ومتداخلة في
الدراسة، جعلت من رسالتها:



  • إعادة تفعيل دور القارئ، الذي غدا البطل الحقيقي للبحث الأدبي.

  • الاهتمام بالسياق الذي أنتج فيه النص.
    المنهج السيميائي * في تحليل النص الأدبي :
    العلاماتية أو السيميولوجيا هي علم العلامات أو السيرورات التأويلية، ( ٢٠
    )وهي إحدى علوم اللغة التي تدرس الإشارات، أو العلامات، وفق نظام منهجي
    خاص يبرز ويحدد الإشارة، أو العلامة اللغوية، أو التصويرية في النصوص الأدبية،
    وفي الحياة الاجتماعية( ٢١ )، والسيميائية كمنهج نقدي هو منهج يهتم بدراسة حياة
    الدلائل داخل الحياة الاجتماعية، ويحيلنا إلى معرفة هذه الدلائل، وعلتها، وكينونتها،
    ومجمل القوانين التي تحكمها .
    ٧٨٦
    المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
    المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
    فالسيميائية إذاً " علم يعرفنا على وظيفة هذه الدلائل والقوانين التي تتحكم
    فيها"( ٢٢ ) "ومجال عمله هو اللغة النظام دون اللغة الآداء، وهذا ما جعل السيميولوجيا
    ممارسة استقرائية استنتاجيه ( ٢٣ )، تنطلق في تحليلها للنص الأدبي" من اعتبار النص
    يحتوي على بنية ظاهرة، وبنية عميقة، يجب تحليلهما وبيان ما بينهما من
    علائق"( ٢٤ ) وتقوم على إطلاق الإشارات كدوال حرة، لا تقيدها حدود المعاني
    المعجمية، ويصير للنص فعالية قرائية إبداعية ؛ تعتمد على الطاقة التخييلية للإشارة
    في تلاقي بواعثها مع بواعث ذهن المتلقي، ويصير القارئ المدرب هو صانع
    ( النص( ٢٥
    تسعى السيميائية إلى تحويل العلوم الإنسانية ( خصوصاً اللغة والأدب والفن ) من
    مجرد تأملات وانطباعات إلى علوم بالمعنى الدقيق للكلمة. ويتم لها ذلك عند التوصل
    إلى مستوى من التجرد يسهل معه تصنيف مادة الظاهرة ووصفها، من خلال أنساق
    من العلاقات تكشف عن الأبنية العميقة التي تنطوي عليها. لذلك كان ضرورياً أن
    يتجاوز المنهج السيميائي حدود البنية، والعناية بدراسة أنظمة التواصل بوساطة علاماته
    وإشاراته الخارجية، التي تميزه فضلاً عن الدلالات أينما وجدت، و تجاوز انغلاق البنيوية
    ا اعتباطية اللغة التي تشكل صفة جوهرية 􀂆 من خلال طرحها لمفهوم الاعتباطية، ونعني
    ائية ؛ لأن المبدع في تصور 􀂜 للعلامة اللغوية، التي تمنح الدوال والمدلولات معان لا
    السيميائيين يحصد الكلمة من مخزون اللغة، فيدخلها في سياق جديد، وهو الدخول
    الذي يجعلها تحمل أكثر من دلالة ( ٢٦ )، وإطلاق قيد العلامة وجعلها بديلاً للبنية.
    فالسيميائية فكت الحصار الذي ضربته البنيوية على النص الأدبي، ومن هذه النقطة
    بالذات ينفصل المنهج السيميائي عن المناهج المؤسسة له والمناهج التي صاحبته. فهي
    تفترق عن المناهج كلها في مفهوم النص، ولكن البنيوية تسللت إلى المنهج السيميائي
    في جانبه التأويلي بوصف البنيوية وفروعها المتنوعة آليات مساعدة وطرائق عطاء
    ٧٨٧
    المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
    المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
    متنوعة، امتدت بصفة جلية وفاعلة فيما تستكشفه من خطوات المنهج السيميائي
    ما من النص، ففي 􀂔 وآلياته الإجرائية. ولكن الاختلاف الجلي بينهما تبدى في نظر
    حين نظر البينيويون إلى النص على أنه بنية تنسج نفسها وتصنعها من خلال عملية
    التشابك المستمر( ٢٧ )، وقد وقف السيميائيون المؤولون من النص موقفاً مغايراً،، فرأوا أن
    النص تأليف مفتوح، وإنتاج يتخطى حدود الآن، يتميز بقدرته على استيعاب مضامين
    الحياة، فلا يقبل الانكفاء على حياته. فالنص في مباحث السيميائية مجال للفعل
    الإنساني يتمتع بحركية دؤوبة وفاعلية مستمرة ومتشظية، وذلك بفعل تشكيل مكوناته
    الدلالية المنتجة والممتدة في ذات المتلقي، حيث تدفعه إعادة توليدها الزيادة في
    متفجرها، فالنص عدسة مقعرة لمعان ودلالات متغايرة ومتباينة ومعقدة في إطار أنظمة
    اجتماعية ودينية وسياسية سائدة ( ٢٨ )، وانفتاح النص على قراءات متعددة، وقدرته
    على البوح بأسرار جديدة تخص بناءه الإبداعي - وذلك بدخوله في تفاعل مع المتلقين
    المختلفي الأهواء والمنابع والمشارب - كل ذلك يجعله " لا يحمل في ذاته دلالة جاهزة
    ائية بل هو فضاء دلالي وإمكان تأويلي، ولذا فهو لاينفصل عن قارئه، ولا يتحقق 􀂜 و
    من دون مساهمة القارئ. فكل قراءة تحقق إمكاناً دلالياً لم يتحقق من قبل، وكل قراءة
    هي اكتشاف جديد"( ٢٩ ). فالسيميائية بوصفها منهجاً في النقد تطرح أطراً دراسية
    تتعامل وفقها مع النصوص، مع ملاحظة أن كل نص يفرض إطاراً دراسياً خاصاً، فهو
    ينتقل من الحاضر إلى الغائب، المبدأ الذي يعد أساساً من أسس النقد السيميائي،
    الذي يقدم - كمنهج نقدي - معطيات تعمل كاستراتيجية للنفاذ إلى عمق النص،
    وذلك باتخاذ السمات الشكلية كمؤشرات للتأويل. فالعنوان مثلاً هو تجميع مكثف
    لدلالات النص، فتأتي تلك المقاطع تمطيطاً للعنوان وتقليباً له في صور مختلفة، فالكلمة
    المحور والتي هي العنوان تتحول إلى الجملة المنطلق، ليتناسل النص عبر تشاكلات
    وتقابلات عدة ليمر على الجملة الرابطة، وتتلاقى هذه الآليات جميعها في الجملة
    .( الهدف التي تتموقع في نقطة ما من النص ( ٣٠
    ٧٨٨
    المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
    المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
    وقد حظي العنوان في تصور السيميائيين باهتمام خاص، فجعلوه نصاً في حد ذاته
    وباقي المقاطع ما هي إلا تفريعات نصية تنبع من العنوان الأم، والعلاقة بين الفروع
    ا علاقة طبيعية منطقية، علاقة انتماء دلائلي، لأن 􀂜 والعنوان ليس بالعلاقة الاعتباطية، إ
    الدلالة التي تثيرها الوحدات والمقاطع أصبح محكوماً عليها بفلسفة الانتماء إلى الحقل
    الدلالي الرئيس الذي يشغله الفضاء الدلالي للعنوان.
    ويبدو أن هذا المنهج بدأ فعلاً بالتبلور، منذ أن أحسّ بعض الدارسين بأن البنية
    السطحية والدلالات الحرفية والتفسيرات الداخلية، ليست كافية وحدها لاستكناه
    مقصدية النص، وإنما هناك بنية أخرى عميقة، ذات دلالات إشارية وتأويلات
    خارجية؛ - أو كما عبّر عنها العرب القدماء بمبدأ الوجوه، وأن الملابسات والمناسبات
    والمواقف قد تكون عدواناً على النص( ٣١ ) ؛ لذلك أولوا أهمية لدراسة الإشارات والرموز
    وأنظمتها، حتى ما كان منها خارج نطاق الكلمات التي تصنع الحيّز الداخلي للنص.
    وحري بنا أن نذكر هذا المقام، أن استثمار السيميائية في تفسير مكوّنات النص
    الشعري أو السردي، ليست بجديدة ؛ إذ تنبّه القدماء من اليونان والعرب إلى أهمية
    الإشارة والنصبة والرمز في أنظمة التواصل، فعدوا الإشارة ذات وظيفة أساسية في قراءة
    النص وتأويل دلالاته المسكوت عنها، وجعلوها ثاني أنواع البيان من حيث تلقّي المعاني
    الخفية وإدراكها، وقد أشار الجاحظ إلى هذه الأهمية بقوله : " والإشارة واللفظ
    شريكان، ونعم العون هي له، ونعم الترجمان هي عنه، وأكثر ما تنوب عن اللفظ،
    وتغني عن الخط"( ٣٢ ). كما يذكر ضمن حديثه خمسة أنواع من العلامات الإشارية ذات
    السمات الدالة وهي : (النصبة- الإشارة- العقد- الخط- اللفظ) بالإضافة إلى الرمز
    والمقام والمناسبة.
    مما تقدم يؤكد أن علماء العرب تعرضوا في أبحاثهم للعلامة اللغوية بوصفها أداة
    للتواصل، ونقل المعارف، وتطرقهم لتعدد أدوات التواصل وتنوعها تبعاً لحاجة البشر
    م عرفوا هذا العلم بصيغته الحالية، ولكننا آثرنا أن 􀂜 واجتماعهم. ولكن هذا لايعني أ
    ٧٨٩
    المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
    المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
    نصل بين الماضي والحاضر، بين الأصالة والمعاصرة، لأن العودة إلى التراث ضرورة
    وجودية، وضرورة معرفية في الوقت نفسه ( ٣٣ ) . وبذلك نكون شركاء في بناء الحضارة
    الإنسانية.
    والمقصود بالإشارة أو الرمز غير اللغوي عامة، هي كل علامة غير ثابتة الدلالة وقابلة
    للتفسير والتأويل، أوهي كل رمز سيميائي غير قابل للتقطيع المزدوج على خلاف الرمز
    .( اللغوي( ٣٤
    لقد تجاوز المنهج السيميائي المنهج البنيوي، الذي يدرس النص في إطار البنية اللغوية
    الداخلية وتفسيره في حدودها، إلى محاولة الوقوف على كل الملابسات الخارجية لفضاء
    النص، وإدراك الظواهر الاجتماعية والنفسية والثقافية الخفية في جوانبها التواصلية
    اللغوية منها وغير اللغوية- بما في ذلك طبيعة الإشارات وأنساقها وخواصها( ٣٥ ). ولعل
    أوسع فضاء للسيميائية هو بلا شك : حقل اللغة والأدب، ولها تفاعلات كثيرة مع
    علوم أخرى، ولكنها ترتبط منهجيا بدراسة الأدب والفنون اللفظية والبصرية كالموسيقى
    والتشكيل والمسرح والسينما.
    معالم التجديد النقدي السيميائي في تحليل النص :
    تبحث السيميائية عن المعنى من خلال بنية الاختلاف ولغة الشكل والبنى الدالة.
    تم بالنص ولا بمن قاله، وإنما تحاول الإجابة عن تساؤل وحيد هو 􀂔 وهي لذلك لا
    كيف قال النص ما قاله ؟ ( ٣٦ )، ومن أجل ذلك يفكك النص ويعاد تركيبه من جديد
    لتحدد ثوابته البنيوية.
    فالسيميائية منهج يرتكز إلى نقطة جوهرية تشكل الدعامة الأساسية، والمنطلق
    الأول الذي تنبثق منه شتى القراءات للموضوع قيد التحليل، أيّا كان جنسه من
    حيث تشكل العلامة البوابة التي نلج من خلالها عالم النص، ونبحر في ثناياه بحثا
    عن النص الغائب باللجوء إلى آليات وأدوات تختلف باختلاف القارئ وثقافته. هذا
    ٧٩٠
    المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
    المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
    الأخير الذي يشترط فيه أن يكون عارفا بتقاليد النص الجنسية (السياق الفني الذي
    ينضوي تحته النص) ممتلكا لمهارات ثقافية يوظفها لجلب العناصر الغائب*، لذلك
    جاءت السيميائية لتقريب العلوم الإنسانية من حقل العلوم التجريبية، بتبنيها آليات
    وشروط تجعلها " أكثر انضباطا بالرغم من اعتمادها مبدأ (الإشارة الحرة )
    ا 􀂆 فالتحليلات السيميائية ترتكز إلى خطوات محددة، يبسطها المحلل ويعرف قارئه
    قبل الشروع بالتحليل( ٣٧ ). وهذا العمل يقوم على المبادئ الآتية:
    أ- التحليل المحايث الذي يبحث عما يكون الدلالة من شروط داخلية وإبعاد كل ما
    يعد خارجيا.أي البحث عن العلاقات الرابطة بين العناصر التي تنتج المعنى
    ب- التحليل البنيوي لإدراك المعنى : لا بد من وجود نظام من العلاقات تربط بين
    عناصر النص، ولذا فإن الاهتمام ينبغي أن يوجه إلى ما كان داخلا في نظام الاختلاف
    الذي يسمى شكل المضمون وهو التحليل البنيوي.
    ج- تحليل الخطاب : يعد الخطاب في مقدمة اهتمامات التحليل السيميائي الذي يهتم
    بالقدرة الخطابية وهي القدرة على بناء نظام لإنتاج الأقوال، على عكس اللسانيات
    تم بالجملة( ٣٨ )، فالسيميائية أو السيميولوجيا" هي دراسة العلامات 􀂔 البنيوية التي
    ا وأنواعها " من مفهوم العلامة 􀂔 والسيرورات التأويلية ( ٣٩ )، وتنطلق بمختلف اتجاها
    بوصفها القاعدة التي ترتكز عليها الدراسات والتحليلات السيميائية جميعها، ونعني
    هنا مفهوم العلامة النموذج البنيوي الأصغر وحدة دالة دلالة تامة"( ٤٠ )، وتشكل
    العلامة مفهوما أساسيا في( السيميولوجيا)، ويمكن أن تكون طبيعية أو اصطلاحية
    عرفية أو اعتباطية أو معللة مشفرة أو غير مشفرة "( ٤١ ) ومهما تعددت مشارب
    ا، ولكنها خرجت عن إطارها في كثير من 􀂔 السيميائية، فإن اللغة تشكل إحدى مرتكزا
    الأحيان،، لذا يصبح الحديث عن المتعلقات الخاصة بالمفهوم والمرتكزة على العلامة
    ٧٩١
    المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
    المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
    ا تأخذ فضاء خاصاً في جانب التحليل 􀂜 والإشارة والأيقونة أمراً لا مفر منه ( ٤٢ )؛ لأ
    السيميائي على مستوى التنظير:
    ١- العلامة الأيقونية : وهي العلامة التي تحيل إلى الشيء الذي تشير إليه بفضل
    صفات تمتلكها تتمثل في علاقة تشابه بين المصورة والمشار إليه، مثل الصور والرسوم
    سمات. وهي التي بينها وبين ما تدل عليه محاكاة، أي 􀂳 البيانية، والخرائط، والنماذج وا
    هي تحاكي ما تشير إليه. وقد تكون هذه المحاكاة عالية كما في الصور التلفزيونية، أو
    منخفضة كما في اللوحات السريالية والأحلام وبعض مفردات اللغة التي تحاكي معانيها
    كأ سماء الأصوات.
    ٢- العلامة الإشارية : وهي التي بينها وبين مدلولها تلازم مشهود وهو العلامة التي
    تدل على الشيء الذي تشير إليه بفضل وقوع هذا الشيء عليها في الواقع حيث "
    تكون العلاقة بين المصورة والمشار إليه سببية منطقية "( ٤٣ ) كدليل الدخان على وجود
    رمين. 􀂳 النار، ودلالة آثار الحيوانات عليها، وكذلك آثار ا
    ٣- الرمز أو العلامة الاصطلاحية،وهي ما اتفق عليه مجموعة من الناس بناء على
    اصطلاح معين وليس بينها وبين ما تدل عليه أي محاكاة مثل :إشارات المرور
    والعلامات الموسيقية وكذلك الكلمات المفردة في أي لغة. وهو العلامة التي تحيل إلى
    الشيء الذي تشير إليه بفضل القانون، وغالبا ما يعتمد على التداعي بين الأفكار
    العامة، ما يسميه بيرس باسم العادات، أو القوانين أين تكون العلاقة بين الدال
    . ( والمدلول والمشار إليه محض علاقة عرفية غير معللة،كدلالة البياض على السلام ( ٤٤
    اتجاهات السيميائية :
    أ- سيمياء التواصل: وأهم روادها :( جورج مونان وبريتو،وبويسنس،ومارتينيه)،ويقوم
    هذا الاتجاه على أن وظيفة اللسان الأساسية التواصل.
    ٧٩٢
    المجلد الأول من العدد الثالث والثلاثين لحولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية
    المنهج السيميائي في تحليل النص الأدبي
    ب- سيمياء الدلالة : يعدّ (رولان بارت ) زعيم هذا الاتجاه حيث يرى أن البحث
    السيميائي هو دراسة الأنظمة الدالة وذلك من خلال التركيز على الثنائيات اللسانية :
    اللغة/ الكلام، الدال/ المدلول،التقرير/ الإيحاء،المركب / النظام....
    ج- سيمياء الثقافة : يستفيد هذا الاتجاه من الفلسفة الماركسية، أهم روادها ( يوري
    لوتمان أمبرتوايكو، جوليا كريستيفا)، يقوم هذا الاتجاه على اعتبار الظواهر الثقافية
    موضوعات تواصلية وأنساقا دلالية.
    وهكذا استوت السيمياء، وأصبح المنهج السيميائي الذي يعتمد العلامات السيميائية
    أهم عدة منهجية لطارق النصوص الأدبية.
    المنهج السيميائي، تتجلى فيها معالم التجديد النقدي ( ٧٧ )، لايتسع المقام لذكرها


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

شهدت المنظمات ...

شهدت المنظمات عدة تطورات متتالية وذلك نتيجة كبرها وارتفاع عدد العمال فيها لتلبية رغبات و حاجيا...

Almost everyone...

Almost everyone has indulged in gossiping about other people at some time. Gossiping seems to be par...

لماذا ندرس اللغ...

لماذا ندرس اللغة العربية؟ يتساءل الكثير من الطلاب في مدارس كثيرة بالمرحلة الثانوية خاصة عن جدوى وفا...

لماذا ندرس اللغ...

لماذا ندرس اللغة العربية؟ يتساءل الكثير من الطلاب في مدارس كثيرة بالمرحلة الثانوية خاصة عن جدوى وفا...

يمكن للمعلم الا...

يمكن للمعلم الاستعانة بعدة أساليب لتقييم الطلاب ومنها:1. التقييم الشخصي: يتضمن هذا النوع من التقييم ...

نقوم بتجهيز أدو...

نقوم بتجهيز أدوات التجربة كما هو موضح بالشكل.وبإستخدام الفتحة التي تم صنعها على بعد cm40 من طرف المس...

•الزيادة في الر...

•الزيادة في الربا هي أجرة على مجرد التأجيل أما الزيادة في البيع فهي مقابل إيجاد السلعة وتهيئتها للمش...

امسك قلما بيدك،...

امسك قلما بيدك، انظر إلى الطرف المدبّبِ الرمادي داكن اللون، ما هو ذلك الشيء؟ لا... هذا الطرف المدبب ...

Geothermal reso...

Geothermal resources consist of thermal energy from the Earth’s interior stored in both rock and tr...

الفصل الثالث عق...

الفصل الثالث عقيدة الشيخ ومنهجه في الدعوة تمهيد: ترتبط الدعوة بالعقيدة ارتباطاً وثيقاً إذ لا يمكن ال...

مساء الخير يا ش...

مساء الخير يا شباب دي هتكون آخر رسالة هبعتها هنا أن شاء الله. بما إننا في آخر ترم والامتحانات هلت ف...

Ethiopia and th...

Ethiopia and the U.S.A The first official contacts between Ethiopia and the United States of Ameri...