Lakhasly

ولا ندرس القانون في بلد يداس فيه القانون، ثم ساروا جميعا يهتفون بحياة مصر وحياة سعد، وذهبوا إلى مدرسة الطب بشارع قصر العينى فأراد ناظرها الدكتور كيتنج أن يحول بينهم وبين تلاميذها، وحصلت بينه وبينهم مشادة سقط فيها إلى الأرض، وذهب الجميع إلى مدرسة التجارة العليا بشارع المبتديان، وقصدوا ميدان السيدة زينب، وأخذوهم إلى قسم السيدة، واقتادهم رجال البوليس من قسم السيدة إلى المحافظة بباب الخلق)، يحف معهم بهم ودار العلوم ومدرسة القضاء الشرعى والإلهامية الثانوية وغيرها من المدارس التي سرت فيها روح الإضراب واختلط الجمهور بطلبة المدارس، فانصرف كثير من الطلبة إلى بيوتهم وسط هذا الاضطراب، فقد حبسوا بالمحافظة، فأعد الحكمدار رسل بك قوة من « بلوك الخفر » مسلحين بالعصى طاردت المجتمعين، وأخلت منهم الميدان بعد جهد شديد استمر عدة ساعات. فلما علموا بها اتفقت كلمة جميع الطلبة في جميع المدارس على الاضراب في اليوم التالى وتأليف مظاهرة تضمهم جميعا. ولذلك يمكن القول بأنه انتهى بسلام. فسار الجميع في روعة ومهابة مخترقين شوارع القاهرة وميادينها ومروا بدور المعتمدين السياسيين هاتفين بحياة مصر والحرية والوفد ومنادين بسقوط الحماية. فرأينا في دفتر وفيات قسم السيدة زينب قيد وفاة مصرى مجهول) - ولعله رمز إلى الشهيد المجهول أو المصرى المجهول - وغلام مجهول يوم ۱۰ مارس بمستشفى قصر العيني، بل منبعنا من قلوب مفعمة بالإخلاص للوطن، فقد تعدى بعض المتظاهرين على قطر الترام فأتلفوا كثيرا منها، ويدعون إلى الإقلاع عنه، وإن خير وسيلة لتحقيق الغرض المقصود هى اجتماع القلوب على محبة البلاد في إخلاص تام، وقلت عربات الأجرة واضطرب سير مركبات الأمنيبوس، أصدر القائد العام فى هذا اليوم امرا بمنع المظاهرات وإنذار من يخالفون هذا الأمر بالمحاكمة العسكرية، وهذا نصه: جناب قائد عموم القوات فى القطر المصرى يلفت الجمهور إلى أنه لما كانت البلاد لا تزال تحت الأحكام العرفية فلا يجوز القيام بأى اجتماع عمومي أو أية مظاهرة، وكان أول مصادمة بين الجنود البريطانيين والمتظاهرين فى هذا اليوم بميدان باب الحديد على مقربة من كوبرى شبرا الممتد فوق السكة الحديدية ثم في شارع عماد الدين. وقد توفوا بقصر العينى بسبب ما أصابهم من الجروح النارية. بل إن تدخلهم وإطلاقهم النار إنما كان لقمع المظاهرات في ذاتها. واستمر في مظاهراته على الرغم مما اكتنفها من الحوادث الدموية. أول شهداء الشباب في الثورة المتواتر على ألسنة رواة الحوادث عن الثورة أن الشهيد الأول من شهداء الشباب هو المرحوم مصطفى ماهر أمين على أن التحقيق قد انتهى بى إلى أن أول هؤلاء الشهداء هو المرحوم محمد عزت البيومي، واطلعت على اسمه في دفتر وفيات قسم السيدة زينب، وقد حدثني عن مقتله في مظاهرة ۱۱ مارس وأخبرني أنه أهدى مكتبة الجامعة هدية نفسية من الكتب كتب عليها إنها مهداة إلى روح ذلك الشهيد. وكانت بيني وبينه مودة وكان يزورني ويحدثني عن ولده الشهيد ويفخر باستشهاده في ميدان الجهاد، الشاسعة سيرًا على أقدامهم أو راكبين الحمير والدواب لمن يستطيعون الحصول عليها، قالت فيه: «جناب القائد العام للقوات فى القطر المصرى ينبه جميع مستخدمى الحكومة باجتناب الحركات السياسية وبالاستمرار في محال أعمالهم حيث يكونون تحت حماية السلطة العسكرية، وسالت الدماء غزيرة أمام المسجد الحسينى، محمد محمد المرعشلى من الباطنية بالدرب الأحمر. محمد سلام منصور من الدرب الأحمر. منصور حسين من الدرب الأحمر. السيدة حميدة خليل من كفر الزغارى بالجمالية محمد على غزلان من الباطنية بالدرب الأحمر. — إضراب المحامين ۱۱ مارس أضرب المحامون عن عملهم إعلاناً لاحتجاجهم على الحالة التي وصلت إليها البلاد، ووقعوا على عرائض بهذا المعنى هذا نصها: «أجمعت الأمة المصرية على طلب استقلالها والسعى لدى مؤتمر السلام للاعتراف بهذا الاستقلال. بل عمدت إلى طريقة الإرهاب، وبما أن هذا العمل اعتداء على حرية أمتنا وحرمان لها من أسماع صوتها لذلك نعلن احتجاجنا نحن المحامين الموقعين على هذا بامتناعنا عن العمل ونطلب نقل أسمائنا من جدول المشتغلين إلى جدول غير المستغلين». ورأى أن يضم إليه في مداولاته المحامين الموجودين بمحكمة الاستئناف وقت انعقاده وضم إليه فعلا حضرات : محمد بك محمود خليل ومحمد بك يوسف ونصر الدين أفندى زغلول ومحمد بك رشاد وراغب بك وهبه وإمام بك فهمى وأحمد بك رمزى وعبد العزيز بك مليكه ومحمد بك رمضان وعبد الرحمن بك الرافعي ومحمود بك بسيونى ومحمد بك إمام. وبعد المداولة رأى المجلس أن لكل محام الحق في نقل اسمه من جدول المشتغلين إلى جدول غير المشتغلين طبقا لنص المادة ٥٣ من اللائحة بناءً عليه قرر المجلس بإجماع الآراء : : أولاً : رفع هذا القرار لرئاسة محكمة الاستئناف مصحوبا بعرائض طلب نقل الاسم من جدول المشتغلين إلى جدول غير المشتغلين. وقرر المجلس أيضا انتداب عدد من المحامين عينوا بأسمائهم لكي يحضر منهم اثنان في كل محكمة ابتدائية أو جزئية لإثبات الإضراب في محاضر جلسات المحاكم احتجاجًا على الحالة الحاضرة وللحضور عن المحامين الموكلين وطلب التأجيل في جميع قضاياهم لإعلان تنازلهم عن توكيلاتهم، إذ كان بمثابة دعوة عملية إلى طوائف الشعب للإضراب العام وهى دعوة لها قيمتها لصدورها عن طائفة ممتازة تحمل علم القانون وتفهم الحقوق العامة والخاصة، فأصدرت منشورا إلى المحاكم بتوقيع وكيل الوزارة بعدم الموافقة على هذا الإضراب، وأصر المحامون على إضرابهم وزادوا على موقفهم بأن قدموا طلبات إجماعية إلى رئاسة محكمة الاستئناف بنقل أسمائهم إلى جدول المحامين غير المشتغلين. وانتهيا إلى أن يكتب كل منهما خطابًا إلى الاستاذ عبد العزيز فهمى بك نقيب المحامين ينبهان فيه إلى أن العمل الذي عملته النقابة والمحامون من الإضراب يضر بسير العدالة، وحضر الاجتماع جمع من المحامين بلغ عددهم ۱۳۰ محاميا، ولما لم تستطع الحكومة حمل المحامين على العدول عن الإضراب أصدر القائد البريطاني العام في ۱۷ مارس إعلانا بوقف سريان كل نص من نصوص القانون يقتضى حضور محام أمام المحاكم الأهلية في أي دعوى جنائية كانت أو غير جنائية وأجاز للمحكمة في هذه الحالة أن تنظر وتفصل في الدعاوى ولو بغير حضور محام ولها عند الضرورة ندب عضو من أعضاء النيابة العمومية أو أى شخص تتوافر لديه المعلومات القانونية للدفاع عن الخصوم، وأجاز لكل شخص من المتقاضين في الدعاوى الجنائية أن يوكل عنه من يشاء للقيام بالدفاع عنه ونص على أن كل لجنة ملحقة بالمحاكم الأهلية يقتضى القانون عضوية محام أو أكثر فيها كلجان قيد المحامين أو تأديبهم)، تعتبر مشكلة تشكيلاً قانونيا بغير حضور المحامين إذا حل القضاة محلهم فيها. وأرسلت رئاسة محكمة الاستئناف في ٢٤ مارس إلى جميع المحامين الذين طلبوا نقل أسمائهم إلى جدول غير المشتغلين كتابا تطلب فيه من كل منهم أن يبين إذا كان لا يزال مصرا على هذا الطلب أو يعدل عنه، قبل السبت ٢٩ يوم واجتمعت لجنة قبول المحامين يوم ۲۹ مارس برئاسة يحيى إبراهيم باشا رئيس المحكمة وعضوية أحمد طلعت باشا النائب العام والمستر برسيفال المستشار بمحكمة الاستئناف بالنيابة عن المستر هالتون وكيل المحكمة وإبراهيم الهلباوى بك وأحمد لطفى بك عن نقابة المحامين، وبنت يوم قرارها على صعوبة المواصلات وتعذر وصول أجوبة كثير من المحامين المقيمين في الأقاليم على كتاب المحكمة. إضراب المحامين الشرعيين وحذا المحامون الشرعيون حذو زملائهم الأهليين، وفى أثناء الحوار اقتحم المتظاهرون المحكمة، ونشروا علما مصريا على رأسه وأوصلوه إلى بيته سالماً، وضاعفت السلطة العسكرية قواتها في حي سيدنا الحسين والأحياء الوطنية عامة بعد المجزرة التي وقعت في اليوم الماضي (١٤) (مارس)، وساد القلق بين التجار، وكان عددهم يزيد على أربعة آلاف عامل، امبابة فتعطلت قطارات الوجه القبلى. وأرسلت السلطة العسكرية القوات المسلحة إلى حى السبتية والعنابر لحفظ النظام وتشتيت المظاهرات ومنعت الاتصال بين العمال والمتظاهرين في الأحياء الأخرى. على أنه قد سير بعض قطارات الترام في شبرا وشارع بولاق، بيد أن الجمهور أعرض في الجملة عن ركوبها من تلقاء نفسه مدفوعا إلى هذا الإمتناع بفطرته، وآثر عليها السير على الأقدام أو الركوب في عربات (الكارو)، وأنبائها ويتبسطون فى الأحاديث عن شئون البلاد وأحوالها العامة. وعمت أحياء المدينة، كحى الأزهر وسيدنا الحسين والسيدة زينب والحسينية وباب الشعرية والجمالية وغيرها. وأقيمت الحواجز والمتاريس في كثير من دروب هذه الأحياء لتعطيل سير السيارات الحربية المقلة للجنود، أو معاقل يرمون منها الجند بالطوب والحجارة. وعددهن يربو على الثلثمائة من كرام العائلات وأعددن احتجاجًا مكتوبًا ليقدمنه إلى معتمدى الدول، هذا تعريبه : «جناب المعتمد : «يرفع هذا الجنابكم السيدات المصريات أمهات وأخوات وزوجات من ذهبوا ضحية المطامع البريطانية يحتججن على الأعمال الوحشية التي قوبلت بها الأمة المصرية الهادئة لا لذنب ارتكبته سوى المطالبة بحرية البلاد واستقلالها تطبيقا للمبادئ التي فاه بها الدكتور ويلسن وقبلتها جميع الدول محاربة كانت أو محايدة. «نقدم الجنابكم هذا ونرجو أن ترفعوه لدولتكم المبجلة لأنها أخذت على عاتقها تنفيذ المبادئ المذكورة والعمل عليها ونرجوكم إبلاغها ما رأيتموه وما شاهده رعاياكم المحترمون من أعمال الوحشية وإطلاق الرصاص على الأبناء والأطفال والأولاد والرجال العزل من السلاح لمجرد احتجاجهم بطريق المظاهرات السلمية على منع المصريين من السفر للخارج لعرض قضيتهم على مؤتمر السلام أسوة بباقى الأمم وتنفيذا للمبادئ التي اتخذت أساسا للصالح العام، وقوبلن في كل مكان بتصفيق الناس وهتافهم، وبقى السيدات هكذا مدة ساعتين تحت وهج الشمس المحرقة فلم يرهبن هذا التهديد، وهذا نصه: جناب معتمد دولة. وبقى السيدات هكذا مدة ساعتين تحت نار الشمس المحرقة. «هذا ما رآه المحتلون من معاملة السيدات، وهو بمفرده وبغير تعليق دال على استمرار الإنكليز فى استعمال القوة الغاشمة حتى مع السيدات لإخماد نفاس هذه الحركة العامة التي لم يكن أساسها أى عداء لضيوفنا الأجانب، لأنها موجهة فقط ضد أعمال الأستبداد والقوة التي يقابل الإنكليز بها مطالب الأمة الحقة الشرعية لهذا يا جناب المعتمد نضم هذا الاحتجاج الثانى لاحتجاجنا الأول ونرجو إبلاغه لدولتكم الموقرة التي أخذت على عاتقها نصرة مبادئ العدالة والحرية وتفضلوا بقبول احترامنا». حرم الأستاذ محمد أمين يوسف. حرم محمود سرى بك. حرم أحمد بك أبو اصبع حرم حسن بك خيرى حرم إسماعيل حسنين باشا. حرم محمود سامی باشا البارودي حرم حنا بك مسيحة. الآنسة كريمة محمود سامى باشا البارودي. حرم على بك سعد الدين. حرم توفيق بك صادق. حرم أحمد بك عباس يكن حرم محمد بك برهان حرم محمد بك أبو شادي. حرم حسن بك بهادر حرم رفيق بك فتحى. فقد امتد صداها واتسع مداها، وساعد على انتشار روح الثورة فى إرجاء البلاد انتقال كثير من طلبة القاهرة إلى بلادهم وقراهم بعد إضراب المدارس وإقفالها في العاصمة، وامتد القطع إلى مختلف الخطوط، وانقطعت المواصلات بين القاهرة والأقاليم، وبين البلاد بعضها وبعض، وتعذر على الناس أن ينتقلوا من جهة إلى أخرى إلا بطريق السفن في النيل والترع، وفى ذلك يقول اللورد ملنر في تقريره إنه «في ١٦ مارس قطعت سكك الحديد والأسلاك التلغرافية فى القاهرة وبين الوجهين البحرى والقبلي وقطعت المواصلات تماما بين القاهرة والوجه القبلى،

بدء الثورة (الأحد ٩ مارس سنة ١٩١٩) بدأت الثورة بمظاهرات سلمية ألفها الطلبة يوم الأحد 9 مارس، ولا ندرس القانون في بلد يداس فيه القانون، ثم ساروا جميعا يهتفون بحياة مصر وحياة سعد، وذهبوا إلى مدرسة الطب بشارع قصر العينى فأراد ناظرها الدكتور كيتنج أن يحول بينهم وبين تلاميذها، وحصلت بينه وبينهم مشادة سقط فيها إلى الأرض، وذهب الجميع إلى مدرسة التجارة العليا بشارع المبتديان، سار الطلبة جميعا متظاهرين هاتفين، وقصدوا ميدان السيدة زينب، وأخذوهم إلى قسم السيدة، واقتادهم رجال البوليس من قسم السيدة إلى المحافظة بباب الخلق)، يحف معهم بهم ودار العلوم ومدرسة القضاء الشرعى والإلهامية الثانوية وغيرها من المدارس التي سرت فيها روح الإضراب واختلط الجمهور بطلبة المدارس، فانصرف كثير من الطلبة إلى بيوتهم وسط هذا الاضطراب، فقد حبسوا بالمحافظة، فأعد الحكمدار رسل بك قوة من « بلوك الخفر » مسلحين بالعصى طاردت المجتمعين، وأخلت منهم الميدان بعد جهد شديد استمر عدة ساعات. فلما علموا بها اتفقت كلمة جميع الطلبة في جميع المدارس على الاضراب في اليوم التالى وتأليف مظاهرة تضمهم جميعا. ولذلك يمكن القول بأنه انتهى بسلام. الاثنين ١٠ مارس - أول القتلى والجرحى - وفى اليوم التالى - الاثنين ١٠ مارس سنة ١٩١٩ كان جميع طلبة المدارس والأزهر قد أضربوا عن دروسهم، فسار الجميع في روعة ومهابة مخترقين شوارع القاهرة وميادينها ومروا بدور المعتمدين السياسيين هاتفين بحياة مصر والحرية والوفد ومنادين بسقوط الحماية. فرأينا في دفتر وفيات قسم السيدة زينب قيد وفاة مصرى مجهول) - ولعله رمز إلى الشهيد المجهول أو المصرى المجهول - وغلام مجهول يوم ۱۰ مارس بمستشفى قصر العيني، بل منبعنا من قلوب مفعمة بالإخلاص للوطن، فقد تعدى بعض المتظاهرين على قطر الترام فأتلفوا كثيرا منها، ويدعون إلى الإقلاع عنه، وإن خير وسيلة لتحقيق الغرض المقصود هى اجتماع القلوب على محبة البلاد في إخلاص تام، وقلت عربات الأجرة واضطرب سير مركبات الأمنيبوس، أصدر القائد العام فى هذا اليوم امرا بمنع المظاهرات وإنذار من يخالفون هذا الأمر بالمحاكمة العسكرية، وهذا نصه: جناب قائد عموم القوات فى القطر المصرى يلفت الجمهور إلى أنه لما كانت البلاد لا تزال تحت الأحكام العرفية فلا يجوز القيام بأى اجتماع عمومي أو أية مظاهرة، وكل شخص يخالف هذا الأمر يحاكم بصفة مستعجلة». وأطلقوا النار على من صادفهم من المتظاهرين، وكان أول مصادمة بين الجنود البريطانيين والمتظاهرين فى هذا اليوم بميدان باب الحديد على مقربة من كوبرى شبرا الممتد فوق السكة الحديدية ثم في شارع عماد الدين. وقد توفوا بقصر العينى بسبب ما أصابهم من الجروح النارية. وإلى هذه المظاهرات أشارت السلطة العسكرية في بلاغاتها الرسمية التي أصدرتها عن بعض حوادث الثورة، بل إن تدخلهم وإطلاقهم النار إنما كان لقمع المظاهرات في ذاتها. واستمر في مظاهراته على الرغم مما اكتنفها من الحوادث الدموية. أول شهداء الشباب في الثورة المتواتر على ألسنة رواة الحوادث عن الثورة أن الشهيد الأول من شهداء الشباب هو المرحوم مصطفى ماهر أمين على أن التحقيق قد انتهى بى إلى أن أول هؤلاء الشهداء هو المرحوم محمد عزت البيومي، واطلعت على اسمه في دفتر وفيات قسم السيدة زينب، وقد حدثني عن مقتله في مظاهرة ۱۱ مارس وأخبرني أنه أهدى مكتبة الجامعة هدية نفسية من الكتب كتب عليها إنها مهداة إلى روح ذلك الشهيد. وكانت بيني وبينه مودة وكان يزورني ويحدثني عن ولده الشهيد ويفخر باستشهاده في ميدان الجهاد، وتسجيل بطولته في تاريخ الثورة. الشاسعة سيرًا على أقدامهم أو راكبين الحمير والدواب لمن يستطيعون الحصول عليها، قالت فيه: «جناب القائد العام للقوات فى القطر المصرى ينبه جميع مستخدمى الحكومة باجتناب الحركات السياسية وبالاستمرار في محال أعمالهم حيث يكونون تحت حماية السلطة العسكرية، وسالت الدماء غزيرة أمام المسجد الحسينى، محمد محمد المرعشلى من الباطنية بالدرب الأحمر. محمد سلام منصور من الدرب الأحمر. منصور حسين من الدرب الأحمر. السيدة حميدة خليل من كفر الزغارى بالجمالية محمد على غزلان من الباطنية بالدرب الأحمر. — إضراب المحامين ۱۱ مارس أضرب المحامون عن عملهم إعلاناً لاحتجاجهم على الحالة التي وصلت إليها البلاد، ووقعوا على عرائض بهذا المعنى هذا نصها: «أجمعت الأمة المصرية على طلب استقلالها والسعى لدى مؤتمر السلام للاعتراف بهذا الاستقلال. بل عمدت إلى طريقة الإرهاب، وبما أن هذا العمل اعتداء على حرية أمتنا وحرمان لها من أسماع صوتها لذلك نعلن احتجاجنا نحن المحامين الموقعين على هذا بامتناعنا عن العمل ونطلب نقل أسمائنا من جدول المشتغلين إلى جدول غير المستغلين». ورأى أن يضم إليه في مداولاته المحامين الموجودين بمحكمة الاستئناف وقت انعقاده وضم إليه فعلا حضرات : محمد بك محمود خليل ومحمد بك يوسف ونصر الدين أفندى زغلول ومحمد بك رشاد وراغب بك وهبه وإمام بك فهمى وأحمد بك رمزى وعبد العزيز بك مليكه ومحمد بك رمضان وعبد الرحمن بك الرافعي ومحمود بك بسيونى ومحمد بك إمام. وبعد المداولة رأى المجلس أن لكل محام الحق في نقل اسمه من جدول المشتغلين إلى جدول غير المشتغلين طبقا لنص المادة ٥٣ من اللائحة بناءً عليه قرر المجلس بإجماع الآراء : : أولاً : رفع هذا القرار لرئاسة محكمة الاستئناف مصحوبا بعرائض طلب نقل الاسم من جدول المشتغلين إلى جدول غير المشتغلين. وقرر المجلس أيضا انتداب عدد من المحامين عينوا بأسمائهم لكي يحضر منهم اثنان في كل محكمة ابتدائية أو جزئية لإثبات الإضراب في محاضر جلسات المحاكم احتجاجًا على الحالة الحاضرة وللحضور عن المحامين الموكلين وطلب التأجيل في جميع قضاياهم لإعلان تنازلهم عن توكيلاتهم، كان لهذا الإضراب أثره فى نجاح الثورة، إذ كان بمثابة دعوة عملية إلى طوائف الشعب للإضراب العام وهى دعوة لها قيمتها لصدورها عن طائفة ممتازة تحمل علم القانون وتفهم الحقوق العامة والخاصة، فطنت السلطة العسكرية إلى ما فى هذا الإضراب من بث روح الثورة، فأصدرت منشورا إلى المحاكم بتوقيع وكيل الوزارة بعدم الموافقة على هذا الإضراب، وأصر المحامون على إضرابهم وزادوا على موقفهم بأن قدموا طلبات إجماعية إلى رئاسة محكمة الاستئناف بنقل أسمائهم إلى جدول المحامين غير المشتغلين. وانتهيا إلى أن يكتب كل منهما خطابًا إلى الاستاذ عبد العزيز فهمى بك نقيب المحامين ينبهان فيه إلى أن العمل الذي عملته النقابة والمحامون من الإضراب يضر بسير العدالة، وحضر الاجتماع جمع من المحامين بلغ عددهم ۱۳۰ محاميا، ولما لم تستطع الحكومة حمل المحامين على العدول عن الإضراب أصدر القائد البريطاني العام في ۱۷ مارس إعلانا بوقف سريان كل نص من نصوص القانون يقتضى حضور محام أمام المحاكم الأهلية في أي دعوى جنائية كانت أو غير جنائية وأجاز للمحكمة في هذه الحالة أن تنظر وتفصل في الدعاوى ولو بغير حضور محام ولها عند الضرورة ندب عضو من أعضاء النيابة العمومية أو أى شخص تتوافر لديه المعلومات القانونية للدفاع عن الخصوم، وأجاز لكل شخص من المتقاضين في الدعاوى الجنائية أن يوكل عنه من يشاء للقيام بالدفاع عنه ونص على أن كل لجنة ملحقة بالمحاكم الأهلية يقتضى القانون عضوية محام أو أكثر فيها كلجان قيد المحامين أو تأديبهم)، تعتبر مشكلة تشكيلاً قانونيا بغير حضور المحامين إذا حل القضاة محلهم فيها. وأرسلت رئاسة محكمة الاستئناف في ٢٤ مارس إلى جميع المحامين الذين طلبوا نقل أسمائهم إلى جدول غير المشتغلين كتابا تطلب فيه من كل منهم أن يبين إذا كان لا يزال مصرا على هذا الطلب أو يعدل عنه، قبل السبت ٢٩ يوم واجتمعت لجنة قبول المحامين يوم ۲۹ مارس برئاسة يحيى إبراهيم باشا رئيس المحكمة وعضوية أحمد طلعت باشا النائب العام والمستر برسيفال المستشار بمحكمة الاستئناف بالنيابة عن المستر هالتون وكيل المحكمة وإبراهيم الهلباوى بك وأحمد لطفى بك عن نقابة المحامين، وقررت تأجيل النظر في طلبات نقل المحامين أسماءهم إلى جلسة تعقد ٦ أبريل، وبنت يوم قرارها على صعوبة المواصلات وتعذر وصول أجوبة كثير من المحامين المقيمين في الأقاليم على كتاب المحكمة. إضراب المحامين الشرعيين وحذا المحامون الشرعيون حذو زملائهم الأهليين، وفى أثناء الحوار اقتحم المتظاهرون المحكمة، ونشروا علما مصريا على رأسه وأوصلوه إلى بيته سالماً، وجاء على الأثر رجال البوليس وكانت الجماهير محتشدة بالقرب من المحكمة فأطلق عليها البوليس العيارات النارية المملوءة بالرش والبارود، وضاعفت السلطة العسكرية قواتها في حي سيدنا الحسين والأحياء الوطنية عامة بعد المجزرة التي وقعت في اليوم الماضي (١٤) (مارس)، وساد القلق بين التجار، وكان عددهم يزيد على أربعة آلاف عامل، امبابة فتعطلت قطارات الوجه القبلى. وأرسلت السلطة العسكرية القوات المسلحة إلى حى السبتية والعنابر لحفظ النظام وتشتيت المظاهرات ومنعت الاتصال بين العمال والمتظاهرين في الأحياء الأخرى. أخذت تنعقد منذ ذلك اليوم في قسم الأزبكية لمحاكمة المقبوض عليهم فى اليوم الأول للثورة، واستمرت في الأيام التالية تحاكم من يقبض عليهم في المظاهرات، على أنه قد سير بعض قطارات الترام في شبرا وشارع بولاق، بيد أن الجمهور أعرض في الجملة عن ركوبها من تلقاء نفسه مدفوعا إلى هذا الإمتناع بفطرته، وآثر عليها السير على الأقدام أو الركوب في عربات (الكارو)، العاديين ويتبادلون الروايات عن الثورة ، وأنبائها ويتبسطون فى الأحاديث عن شئون البلاد وأحوالها العامة. وعمت أحياء المدينة، كحى الأزهر وسيدنا الحسين والسيدة زينب والحسينية وباب الشعرية والجمالية وغيرها. وأقيمت الحواجز والمتاريس في كثير من دروب هذه الأحياء لتعطيل سير السيارات الحربية المقلة للجنود، أو معاقل يرمون منها الجند بالطوب والحجارة. مظاهرات السيدات (١٦ مارس سنة ١٩١٩) شاركت المرأة المصرية الرجال فى الثورة، وكان أول مظهر رائع لهذه المساهمة تلك المظاهرة الكبرى التي قام بها السيدات والآنسات يوم الأحد ١٦ مارس سنة ١٩١٩، وعددهن يربو على الثلثمائة من كرام العائلات وأعددن احتجاجًا مكتوبًا ليقدمنه إلى معتمدى الدول، هذا تعريبه : «جناب المعتمد : «يرفع هذا الجنابكم السيدات المصريات أمهات وأخوات وزوجات من ذهبوا ضحية المطامع البريطانية يحتججن على الأعمال الوحشية التي قوبلت بها الأمة المصرية الهادئة لا لذنب ارتكبته سوى المطالبة بحرية البلاد واستقلالها تطبيقا للمبادئ التي فاه بها الدكتور ويلسن وقبلتها جميع الدول محاربة كانت أو محايدة. «نقدم الجنابكم هذا ونرجو أن ترفعوه لدولتكم المبجلة لأنها أخذت على عاتقها تنفيذ المبادئ المذكورة والعمل عليها ونرجوكم إبلاغها ما رأيتموه وما شاهده رعاياكم المحترمون من أعمال الوحشية وإطلاق الرصاص على الأبناء والأطفال والأولاد والرجال العزل من السلاح لمجرد احتجاجهم بطريق المظاهرات السلمية على منع المصريين من السفر للخارج لعرض قضيتهم على مؤتمر السلام أسوة بباقى الأمم وتنفيذا للمبادئ التي اتخذت أساسا للصالح العام، وقوبلن في كل مكان بتصفيق الناس وهتافهم، وبقى السيدات هكذا مدة ساعتين تحت وهج الشمس المحرقة فلم يرهبن هذا التهديد، وهذا نصه: جناب معتمد دولة. وبقى السيدات هكذا مدة ساعتين تحت نار الشمس المحرقة. «هذا ما رآه المحتلون من معاملة السيدات، وهو بمفرده وبغير تعليق دال على استمرار الإنكليز فى استعمال القوة الغاشمة حتى مع السيدات لإخماد نفاس هذه الحركة العامة التي لم يكن أساسها أى عداء لضيوفنا الأجانب، لأنها موجهة فقط ضد أعمال الأستبداد والقوة التي يقابل الإنكليز بها مطالب الأمة الحقة الشرعية لهذا يا جناب المعتمد نضم هذا الاحتجاج الثانى لاحتجاجنا الأول ونرجو إبلاغه لدولتكم الموقرة التي أخذت على عاتقها نصرة مبادئ العدالة والحرية وتفضلوا بقبول احترامنا». حرم الأستاذ محمد أمين يوسف. حرم محمود سرى بك. حرم أحمد بك أبو اصبع حرم حسن بك خيرى حرم إسماعيل حسنين باشا. محمد بك رأفت حرم سعيد بك حلمى حرم إبراهيم رأفت باشا. حرم محمود سامی باشا البارودي حرم حنا بك مسيحة. الآنسة كريمة محمود سامى باشا البارودي. حرم على بك سعد الدين. الباجوري، حرم مجيب بك فتحى. حرم راتب باشا. الآنسة جولييت صليب. حرم مصطفى بك توفيق. حرم توفيق بك صادق. حرم إسماعيل بك سالم. محمد رؤوف باشا. حرم الأستاذ ويصا واصف. الآنسة كريمة إسماعيل أباظة باشا. حرم عبد الله بك أباظة. حرم الدكتور أحمد سعيد بك. مسلم حرم إسماعيل بك فاضل حرم إبراهيم فاضل الآنسة كريمة أحمد بك أبو إصبع. الآنسة كريمة إسماعيل رمزى بك. حرم مختار بك الأرناؤوطى حرم صليب بك منقريوس، حرم أحمد بك عباس يكن حرم محمد بك برهان حرم محمد بك أبو شادي. بك. حرم حسن بك بهادر حرم رفيق بك فتحى. وعنها تصدر الحركات الفكرية والسياسية والتطورات الاجتماعية والاقتصادية. وفيها بدأت الثورات والانقلابات، وتلك منزلتها السامية على مدى السنين. اعتبر ذلك فيما كان لثورات القاهرة على عهد الحملة الفرنسية من الأثر البعيد في مختلف النواحي، فقد امتد صداها واتسع مداها، وقلدتها الأقاليم في الثورة والانتقاض على الفرنسيين () ، وكذلك كان شأنها في الثورة العرابية، ثم امتدت إلى المدن والثغور والقرى القريبة والبعيدة وتشابهت مظاهرها في الريف والحضر، وقلدتها في النضال والثورة، وفاقتها في بعض المواطن فى العنف والشدة، وساعد على انتشار روح الثورة فى إرجاء البلاد انتقال كثير من طلبة القاهرة إلى بلادهم وقراهم بعد إضراب المدارس وإقفالها في العاصمة، قامت المظاهرات في الإسكندرية وطنطا ودمنهور والمنصورة وشبين الكوم والزقازيق وبنى سويف والمنيا والفيوم وأسيوط، وانتهى بعض هذه المظاهرات بسلام، فقطعت خطوط السكك الحديدية وأسلاك البرق والتلفون، وكان أول خط قطع بين طنطا وتلا، وامتد القطع إلى مختلف الخطوط، وانقطعت المواصلات بين القاهرة والأقاليم، وبين البلاد بعضها وبعض، وتعذر على الناس أن ينتقلوا من جهة إلى أخرى إلا بطريق السفن في النيل والترع، وفى ذلك يقول اللورد ملنر في تقريره إنه «في ١٦ مارس قطعت سكك الحديد والأسلاك التلغرافية فى القاهرة وبين الوجهين البحرى والقبلي وقطعت المواصلات تماما بين القاهرة والوجه القبلى، ولم تكن ثمة دعوة إليها، فكان ذلك من مظاهر جلالها وروعتها،