Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

مع اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي عام 1962، طلبت الحكومة البريطانية تقـديـم مخططات لبناء مدينة «أبو ظبي»، حديثة وموسعة من شركتي بناء رائدتين بريطانيتين، هما: السير ويليام هالكرو وشركاه؛ وسکوت آند ويلسون كيركباتريك وشركاهما. وكانت الغاية بناء عاصمة خلابة في روح تصميمها - إن لم يكن في شكلها- مثل برازيليا، التي كانت قيد الإنشاء حينذاك في البرازيل. ومع أن هذه المخططات الباهظة الثمن لم تحظ بحماس يُذكر، فقد شكلت الأساس لمشروعات التطوير اللاحقة، من حيث المساحة المخصصة للمدينة الجديدة، وعندما أصبح الشيخ زايد حاكماً للإمارة، أصدر أوامر بوضع مخططات أكثر طموحاً من سابقاتها. ولم يقبل المخطط الذي قدمته شركة هالكرو، والذي كان يتطلب إعطاء شركة البناء المنفذة صلاحيات مطلقة، والتخلي عن التحكم بالمشروع بعد منح الموافقة الأولية، وعدم وجود فرصة لتوسيع المشروع أو تطويره. وجد الحاكم الجديد في بناء مدينة فرصة سانحة لحل العديد . من المشكلات الاجتماعية التي كانت تواجه الإمارة. ومن تجربة الشيخ زايد السابقة في مدينة العين، وكان يعرف تأثير الفقر المدقع في حياة مواطنيه، وظروفهم المعيشية السيئة في أغلب الحالات، وكيف أن حالة مرض أو حادث سيارة يمكن أن يتسبب في وفاة عدد منهم. وكانت رغبة الشيخ زايد في تحسين مستوى معيشتهم هي التي تملي عليه مهامه الأساسية. وعندما أصبح حاكماً، لم يأخذ بالنصائح التي قدمت له، بشأن التحرك ببطء في مشروعاته، والتفكير بعناية في تكلفة كل شيء. كان مصمماً من البداية على موا. بند على أجندة أعماله القضاء على الفقر، وظروف العيش الكريم لشعبه. كان الشيخ زايد يفضل الحياة الصحراوية البسيطة والعزلة في حياته الخاصة، غير أنه وجد في التنمية العمرانية حلاً لجميع المشكلات الرئيسية لأبوظبي. فالمدينة الحديثة يمكن أن تتضمن جميع الموارد الضرورية. فقد دفعت مبالغ طائلة للمهندسين المعماريين وشركات المقاولات فقط لكي يقدموا مظهراً غربياً خادعاً. أما أبوظبي فقد كانت تحتاج إلى بداية مختلفة: مخطط عمراني فريد يتلاءم واحتياجاتها الإنسانية، والمحافظة على روح المدينة كمدينة عربية. ولكن هذه الرؤية يجب أن تتحقق ضمن إطار نموذج غربي في الأساس ومخطط للبناء. وبالتالي كان يجب قبول هيكل المخطط الأساسي الذي وضعته شركة هالكرو، لأن وضع مخطط جديد كان سيستغرق وقتاً طويلاً جداً. وكان على مدينة أبوظبي الجديدة أن تحتفظ بالرؤية الأساسية التي تجمع بين الحداثة، وأن تصبح «ماكينة للمعيشة»، كما وعد المهندس المعماري السويسري شارل إدوارد جانيريه الذي كان يُعرف بلقب «لو كوربزييه» [وهو من أبرز المهندسين المعماريين في القرن العشرين]. ولكــن الشيخ زايد كان يريد أن يضمن أن تكون أبوظبي الجديدة مدينة مخططة بشكل دقيق، ومختلفة عن المدن المفتوحة لجميع أشكال المشروعات التجارية الحديثة لإعادة التطوير وإعادة البناء. كان يريدها أن تُبنى لتلبي احتياجات الناس وتوفر لهم الرفاه، وحجمها يجب أن يكون كافياً ليتيح الفرص الاجتماعية والطبية والتعليمية، كان يراد لأبوظبي أن تكون مدينة حديثة وتقليدية في آن معاً. فعلى سبيل المثال، كــان أحد أوجه العاصمة يتمثل في توفير عدد كبير من المساجد للسكان المسلمين. وهذا الجانب لم يكن مدرجاً في مخطط شركة هالكرو. وكانت المساجد الصغيرة في المخطط المعــدل مختلفة تماماً في تصميمها العمراني وأسلوب بنائها عن البنايات المجاورة، وأصبحت محط اهتمام المدن والبلدان المجاورة، حيث أضفت طابعاً إنسانياً على بيئة عمرانية موحدة. وخلف بنايات الشقق السكنية المطلة على الشوارع الرئيسية العريضة، كان يمكن أن نشاهد بيئة مختلفة كلياً، فقد كان هناك مناطق ذات كثافة سكانية عالية [الشعبيات]. وكانت مدينة أبوظبي الجديدة جزءاً رئيسياً في برنامج التنمية الذي تبناه الحاكم عــلى مــدى العقود اللاحقة. فقد أصبحت أبوظبي ميدان اختبار لأفكاره حول التحديث، زايد خلال الفترة 1966 - 1971 بتطوير مبادئ للعمل، وقد تقيد بها طوال حياته. أدرك الشيخ زايد بالفطرة أن هناك حاجة إلى إيجاد منهج شامل لتوفير الخدمات الاجتماعية والرفاه، على هيئة الدعم من المهد إلى اللحد الذي تقدمه دول الرفاه الاجتماعي الأكثر تنوراً لمواطنيها. وتكررت الأفكار والمخططات التي وضعت مــن أجـل بناء العاصمة، في مشروعات البناء والتطوير في مناطق أخرى في سائر أرجاء الدولة. وقد أحدث توفير السكن لأسر بدوية فقيرة سلسلة من المزايا والفوائد؛ فقد تحسنت حيـاتهـم العائلية، وعند توفير مزرعة أو فرصة عمل لهم ، فإن ذلك يضاعف المكاسب المنتجة. فإن بناء مدرسة كان يعني أن الأطفال يمكن أن يتلقوا التعليم، ويمكن أن ينقلوا مهاراتهم إلى الجيل التالي. وكان لمبدأ إضافة قيمة للاستثمار الاجتماعي - - ماذا يمكن أن نفعل أكثر ؟ - تأثير لا يُقدر بثمن في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد تــم تطبيق هذا المبدأ على الساحة الدولية، وظهر تأثيره في وقت لاحق حيث : الفقراء والمحرومون مسانداً قوياً وفريداً لهم في أبوظبي. كانت الفكرة الأساسية التي تشغل الشيخ زايد هي توفير مسكن لكل مواطن إماراتي. وكان جزء من مخطط المدينة يتضمن توسعاً هائلاً في عدد المساكن في أبوظبي الجديدة. وحسب التقديرات التي قدمها المكتب الاستشاري ( أرابيكون) كان يراد للمدينة الجديدة أن تكون بقدرة استيعابية لإسكان 350, 3 أي عشرة أمثال تعداد سكان الإمارة حسب التقديرات في ذلك العام. وكانت التوقعات في البداية توحي بأنه سيتم توفير مسكن بسيط موحد مسكن المواطن للمواطنين الذين يعيشون في القرى بحيث يُعطى منزل مجاني لكل عائلة إماراتية تعيش بعيداً عن العاصمة. ثم اتضح أن بناء مدينة أبوظبي الجديدة سيشكل مغناطيساً يجتذب سكان الريف، ومع أن مخطط العاصمة الجديدة كان قد اعتمد، وأعمال البناء كانت قيد التنفيذ، فقد تم بناء وحدات سكنية بنموذج معياري موحد للمواطنين. بدأت مدن أخرى في المنطقة - مثل مدينة الكويت في دولة الكويت، ولم يكن الشيخ زايد يحب التردد، وفي عام 1967 التقى مهندساً معمارياً ومخطط مدن شاباً، الذي تعاقد معه الشيخ زايد حديثاً. وكان المهندس المذكور جون إليوت قادماً من عمله في فنلندا والسويد، وكان مقتنعاً جداً بالأفكار والمفاهيم الاجتماعية السائدة في نمط التخطيط السويدي (الذي يعتمد على تمكين الناس). وبعد أكثر من أربعين عاماً على ذلك اللقاء، قال إليوت لمهندس معماري زميل له: من الغريب أن القيم الاجتماعية الإسكندنافية التي حملتها معي إلى أبوظبي، كانت تنسجم تماماً مع رؤية الشيخ زايد والتزامه بالإسلام. كان لدى الشيخ زايد رؤيـة لبنـاء مدينة على هيئة حديقة فيها المتنزهات العامة والمساحات الكافية، والقيم القرآنيـة التـي تضمن حقوق الناس في بيئة نظيفة وآمنة . وكان في ذهني القيم المثالية ذاتها، وقد وفرت رسوماتي وتصاميمي له ما يريد». كان إليوت شاهداً نزيهاً على التزام الشيخ زايد بمبادئه، وقد قضى إليوت وقتاً طويلاً مع الشيخ زايد في أبوظبي، وعملا معاً في تنفيذ مشروع بناء المدينة. ويبدو أن الحـاكـم أحب محادثة ذلك الشاب الذي أعطاه أجوبة صادقة من دون مكر: «كان صاحب السمو الشيخ زايد عميلاً استثنائياً. [ هل كان جزءاً أساسياً في عملية التخطيط ؟ ] . في كل مرة كــان الشيخ زايد يرسم على الرمل بالعصا [التعديل المخطط ]. قلت له: «نعم. فإن الأولاد سيكبرون في بيت يكون فيه الأب متعلماً والأم غير متعلمة. قال لي: «أريدك أن تبني مدرسة للبنات هنا، ويجب أن تفصل بين المدرستين مسافة مائة متر على الأقل. وبعد تلك الخطوة أنجزنا سلسلة طويلة من المهام». يتم بواسطته أخذ كل المياه المستهلكة في الحمام وتوضع في خزان ، وقمتُ أيضاً بلحم برميلي نفط فارغين مع بعضهما، وأخذنا الطحالب والأعشاب البحرية - حيث كان بيتنا على الشاطئ تماماً - ووضعنا الطحالب في البرميل الملحوم، وأضفنا لهـا براز طفل كمادة محفزة، ووضعنا مزيداً من الطحالب في الأعلى. وبعد حوالي أسبوعين كــان يمكنك أن تحصل من قاع البرميل على تربة جيدة فعلاً وصالحة للزراعة. وبذلك تمكنـت من زراعة حديقة خضراء في وسط الصحراء. جاء صاحب السمو الشيخ زايد لرؤيتي في أحد الأيام، وشاهد هذه الحديقة الصغيرة، وأصبح بيننا علاقة وثيقة واهتمام مشترك بشؤون الحدائق. كان الشيخ زايد يجب إنجلترا، وكان يحب النباتات والمساحات الخضراء. تابعت دراساتي العليا في فنلندا وإسكندنافيا. لديهم هناك مفاهيم مختلفة كلياً حول تخطيط المدن، حيث يتم بناء أشياء بواسطة الأشجار، مقارنة بالأسلوب البريطاني التقليدي أو أسلوب كوربزييه. تطوير هذا الأسلوب انطلاقاً من فكرة محاولة أن تكون متعاطفاً مع المشهد الطبيعي». كان الشيخ زايد يستخدم العصا في الرسم، وكان لديه قدرة فريدة في نقل الأفكار من رأسه إلى رسوم على الرمل. وكان بالفطرة يفهم مقياس الرسم والتجاور الجغرافي. وكنت محظوظاً لكوني أول شخص نقل مخططاته من الرمل إلى الورق، لأنه قد يتم استدعائي في أي لحظة لأفتحها على السجادة في مجلس ما أو على كثيب رملي في مكان ما». من الصعب أن أصور السرعة التي كانت تحدث بهـا كـل تلك الأشياء عــام 1966. ذات مرة وافق الشيخ زايد على التصميم الأولي، واتفقنا على الإحداثيات مــع المساحين في الموقع، وقام المهندسون المدنيون وفريق العمل بإعداد الرسومات والمخططات في كوبهام، بمقاطعة ساري قرب لندن. مساحة 80 قدماً 80x قدماً لكل بيت. حيث يوجد في البيت مخزن للتمور، وفي الصيف ينام القاطنون على سطح البيت». خلال إعداد المخطط ، ووضع المخطط لاستيعاب 350, مع أخذ ذلك الرقم في الحسبان». ولكن أخذ في الحسبان إمكانية النمو والتوسع إلى ما وراء هذا الرقم. وكذلك تم إنشاء شبكة قنوات وأنابيب تحت الأرض لتوسيع إمدادات جميعا الخدمات الأساسية. وقد ساند الشيخ زايد هذا التصميم الطموح، واضعين في اعتبارهم أن المدينة ستنمو إلى مستويات أبعد بكثير من المخطط الأصلي. إن ضخامة المشروع الذي تم التخطيط له أربكت دائرة بلدية أبوظبي الصغيرة ودائرة تخطيط المدن. قام الشيخ زايد باستبدال تلك الدائرة الصغيرة، ليحل محلها مجلس بلدية كبير لإدارة شؤون المدينة وعملية إعادة الإعمار. كان فريق إعادة الإعمار هذا يعمل بقيادة مهندس معماري مصري معروف هو الدكتور عبدالرحمن مخلوف، وكان مسؤولاً عن إعادة بناء وتطوير مدينة جدة، وعمل أيضاً مع فريقه من مخططي المدن ولكن مهمةً من نوع مختلف كانت تواجهه في أبوظبي. «كان لدى صاحب السمو الشيخ زايد رؤية وأحلام. أراد أن يؤسس بيئة تسهل النمو الاقتصادي والروحي لشعبه. وكان لدى صاحب السمو الشيخ زايد أفكاره الخاصة حول كيفية تطوير المدينة . في عام 1967 أمر بإدخال تعديلات على المخطط الأصلي الذي قــام بإعداده تجمع من المكاتب الاستشارية البريطانية، وألغى نموذج الطرق المنحنية، واعتمد نموذج شبكة الطرق المتعامدة التي تحدد معالم المدينة اليوم». واجه مخلوف وإليوت صعوبة في تنفيذ مخططات هالكرو وفق تعديلات الشيخ زايد، مع الالتزام بالهدف الأكبر المتمثل في المحافظة على طابع / شخصية المدينة القديمة: كان صاحب السمو الشيخ زايد يعتقد أنه من الأفضل إنشاء طرق مستقيمة، نظراً لأن جزيرة أبوظبي أرض منبسطة سهلية. وكان يشرف على المشروعات بنفسه خلال مراح التحضير . أعطى تعليمات بوجوب المحافظة على المواقع التاريخية، وأشجار النخيل والمناطق الخضراء ؛ وبوجوب ترك مساحة للزراعة في أي مشروعات جديدة. وهذه المتنزهات العامة والمساحات الخضراء التي تشكل سمة من سمات أبوظبي توضح مدى الجدية والإخلاص في تنفيذ تلك التعليمات. ومعظم الشوارع الرئيسية مكسوة بصفوف الأشجار على جوانبها، وفي الجزر المتوسطة للطرق مسطحات الأعشاب الخضراء المنسقة بعناية» . كما أفصح الحاكم عن آرائه بشأن بناء الشخصية الاجتماعية لمدينة أبوظبي الجديدة: «وأعطى صاحب السمو الشيخ زايد تعليمات بوجوب التزام المباني الحكومية والخاصة في المدينة بالطابع العربي الإسلامي في التصميم. وشجع على إدماج القبائل المحلية من خلال إعطائها مناطق سكنية بحيث تكون قريبة من بعضها». وقال مخلوف إن الهدف هو «المحافظة على التقاليد الثقافية». وكانت الخطوة الأساسية نحو المحافظة على استدامة هذه الأجواء التقليدية هي : بناء السوق. وتلا تلك الخطوة بناء سوق مغلقة بهيكل كلاسيكي، لقد بدأ بناء تلك السوق عام 1969، وكانت تشكل المنطقة الرئيسية لبيع المواد الغذائية، وجميع السلع الأخرى لمدينة يبلغ تعداد سكانها نحــو ومع أن السوق التقليدية كانت لا تزال تشكل نقطة رئيسية لاجتذاب المتسوقين، فإن التسوق انتقل إلى منافذ بيع التجزئة التي تعرض كل شيء من الألماس والملابس مـن الماركات العالمية. وقد انتشرت منافذ البيع في كل أرجاء المدينة، لتلبي احتياجات السكان الذين نما عددهم إلى أكثر من 250, بعيداً عن تقديرات مكتب أرابيكون عام 1966، 12 وكان من حسن ا الحظ أن يتجاهل مكتب أرابيكون آراء المشككين، وأن يضع تصاميم الخدمات على أساس هذا الرقم التقديري | تم تطوير المخطط الأصلي الذي وضعه مخلوف، واستمر في خطة أبوظبي للتنمية الشاملة عام 1988، كانت الفكرة الأساسية تقول إن التنمية يجب أن تكون ملائمة لتلبية احتياجات مجتمع موحد، مع توفير الموارد اللازمة لاستيعاب النمو السكاني المستقبلي. ولكن المخططات كانت تخضع لمراجعة متواصلة بشكل دوري كــل عامين، مع إعادة تقييم شامل في عام 1988، بعد مرور نحو 20 عاماً عـلـى بـدء العمل. وكان من حسن الحظ أن الشيخ زايد قد وضع مسبقاً إطاراً تنظيمياً لسياسة العمل يضمن المحافظة على المنظومة الرسمية للعمل، كانت المساحات الخضراء في أبوظبي أحد الشواهد الرئيسية على الإبداع. والدوارات في الشوارع رغبة الحكومة في إنشاء "مدينة-حديقة" بأسرع وقت ممكن. فإن الجزيرة الوسطية بين الشارعين مليئة بشجيرات وأشجار يصل طول بعضها إلى ستة أمتار. ويتم إنتاج معظم هذه النباتات في مشاتل خاصة، ويتم اختيار أنــواع نباتات قادرة على التكيف مع المياه المالحة والتربة الرملية ومناخ منطقة الخليج . «الشيخ زايد كان مصراً على زراعة أكبر قدر ممكن من النباتات في أبوظبي. كان يحب فكرة إنشاء حدائق عامة وزرع أشجار . ومرة ثانية نجد أن هذه الرؤية مشابهة للطابع الإسكندنافي شوارع تسير بمحاذاتها صفوف الأشجار، والتكامل بين داخل البيت وخارجه . ولكن كان عليه أن يزرع أشجاراً قادرة على البقاء وتحمل هذا المناخ الحار ، ولذلك كان لديه حديقة تجارب في مدينة العين، وكان لديه هناك بستانیون باکستانیون جربوا زراعة جميع أنواع النباتات على اختلاف مواطنها . حيث لا تستطيع الاحتفاظ بالرطوبة. وكانت حديقة الشيخ زايد في العين مفيدة جداً لإجراء التجارب، ولكن الشجيرات والأشجار التي يمكن أن تنمو في المناطق الداخلية ( كالعين ) غالباً ما يتضح أنهـا غير ملائمة للنمو في الشريط الساحلي. وقام الشيخ زايد بتحويل جزيرة صير بني ياس، التي تبعد 250 كيلومتراً عن أبوظبي، وفي الوقت ذاته كانت تُستخدم كمركز للتشجير وللأبحاث الزراعية التي يهتم بها الحاكم شخصياً. تضمنت المراحل الأولى من برنامج الزراعة استيراد التربة العلوية واستخدام الأسمدة، ولكن كان هناك قناعة منذ البداية بأن هذا البرنامج سيخلق بيئة خضراء لا يمكن أن توجد بشكل طبيعي. وتم تطوير نظام ري يستخدم مياه الحمامات ومـا شــابـه، عـلـى غرار النموذج الأولي الذي صممه إليوت، وأطلع الشيخ زايد عليه. وتم افتتاح أول محطة لمعالجة المياه الملوثة عام 1973، وتقوم هذه المحطة بمعالجة المياه المستخدمة يومياً مـن قبـل أكثـر مـن 300, وكان برنامج الزراعة مشروعاً بيئياً طموحاً؛ البيئة بأكملها لهذه المدينة المتنامية بسرعة. وتم استيراد أعداد كبيرة من أشجار الطرفاء من موطنها الأصلي في المملكة العربية السعودية. وتضرب شجرة الطرفاء جذوراً عميقة في التربة، وتتميز هذه الأشجار بأزهار حمراء وردية ناعمة جميلة جداً، وقال إليوت: «إن مخطط بناء أبوظبي كان يتمحور حول الاحتياجات الاجتماعية للناس. وقد تم إنشاء مدينة أبوظبي بسرعة لا تصدق، تم تكليف دائرة بلدية أبوظبي وتخطيط المدن بمهمة إدارة ما كان يُعتبر في ذلك الوقت مجموعة كاملـة مــن الخدمات الحضرية : تقديم خدمات شاملة للجمهور. كما كان لديهم مهمة تخطيط المدينة الجديدة، مع إنشاء شبكات طرق عادية، تم إطلاق خطة تنمية الزراعة في إمارة أبوظبي، وتم إنشاء أسواق شعبية في مناطق عديدة. كانت تقلبات عوائد النفط غالباً ما تترك تأثيراً ضاراً، حيث كان يتم تأجيل بعـض الأعمال والمشروعات الجديدة، كان التركيز ينصب على بناء المدينة، ولكن مع إنهاء المزيد من المباني تزداد الأعباء التنظيمية والإدارية. وكانت مؤسسات الدولة وأجهزتها تنمو بصورة مواكبة للمهام الجديدة. وكان الشخص الذي يعطيه الشيخ زاید مزيداً من المسؤوليات لإدارة شؤون الإمارة هو ابنه الأكبر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. كان التطور الأهم في هذا التغيير الإداري هو أن الشيخ خليفة بدأ يتولى مهام القيادة حيث تمت تسميته ولي عهد أبوظبي عام 1969، وظل يعمـل مـع والــده طوال السبعينيات من القرن العشرين. وفي وقت لاحق أزاح أعباء قيادة الحكومة الداخلية للإمارة عن كتف والده ليحملها هو وتسلم منصب رئيس المجلس التنفيذي منذ عام وتولى مسؤولية تسيير الشؤون اليومية والإشراف على كل جانب هذا النمط من : تقاسم المسؤوليات والأعباء حقق تقدماً كبيراً في حكومة أبوظبي، أو يمكن استقطابهم لأداء أدوار عملية محددة؛ ولكن الأصعب من ذلك بكثير هو إيجاد الشخصيات القيادية الفعالة والمقبولة. ويجب أن يتمتعوا باحترام الناس لهم، وأن يكونوا قادرين على تكليف الآخرين بمهام صغيرة تفصيلية مع الاحتفاظ بالسيطرة، كان هناك أمر شديد الأهمية، كان المرشحون الأوفر حظاً لتسلم مناصب قيادية أفراداً محترميـن مــن ا الحاكمة في إمارات الدولة المختلفة. وكان الشيخ زايد حكماً ممتازاً لتقييم الشخصيات، وكان يعرف أن بعض أفراد أسرته لديهم قدرة استثنائية على ممارسة القيادة. وكان دوماً يختبر مدى كفاءتهم في أداء مهام المناصب التي يشغلونها. دور العائلة الحاكمة والشخصيات القبلية الأخرى المهمة ركيزة أساسية في المجتمع الإماراتي. ولم يكن ذلك يشكل ظاهرة غريبة، لأنه في كل مجتمع معاصر تقريبـاً كان هناك نخبة في الحلقة الداخلية مهيأة لتسلم المناصب العليا. ففي إنجلترا كانوا أولئك الذين تخرجوا من جامعتي كامبريدج وأكسفورد؛ وفي الولايات المتحدة هم حاملو الشهادات العليا من الجامعات الأقدم والأعرق (وهي الجامعات المندرجة ضمن رابطة اللبلاب)، وكبار الضباط القادة في الجيش. ولكن المجتمع الإماراتي لا يزال مجتمعاً قبليـاً وقيمـه تعكـس هـذا الـوضـع الجوهري. ولكن ليس هناك مجتمع قبلي يتقبل انتقال السلطة إلى قادة ضعفاء. وكما هي حــال منظومات القيادة في الدول الأخرى، ويحافظوا على استدامة هذه المعايير؛ وإن لم يفعلوا ذلك فستتم إزاحتهم للقيام بأدوار أقـل أهمية. وكان الشيخ زايد يستخدم المؤسسات الإدارية والمالية والعسكرية التي تم إنشاؤها حديثاً لكي يختبر قدرة أولئك الشبان على القيادة، وبهذه الطرق والوسائل استطاع الشيخ زايد أن يعــد فريقاً من القادة المستقبليين، كما حرص على قبول النساء اللواتي يمتلكن المؤهلات والقدرات القيادية المطلوبة للانضمام إلى هذه المجموعة من قادة المستقبل. لم يكن الشيخ زايد حاكماً يترك شيئاً للصدفة. بدأ يفكر في التقدم إلى الأمام لدخول القرن المقبل، ولم يكن هناك شك حول ماهية هذه الأولويات، لأنه كان يُلمح إليها دائماً في أقواله. وفي ثقافة تعتمد بشكل كبير على تناقل الأحاديث الشفهية، وزودتهم «لجنة خليفة» بقروض بفوائد مخفضة لبناء مساكن. إلى درجة أنـه تـم في عام 1991 تأسيس هيئة القروض التي تمنح قروضاً ميسرة لتحقيق التنمية المنشودة. وكان نجاح «لجنة خليفة خطوة مهمة في تطور مدينة أبوظبي ودولة الإمارات ككل كدولة حديثة؛ 17 وكانت اللجنة تمثل تعاوناً فعلياً جلب فوائد عظيمة لكــلا وهذا التعاون أتاح للعديد من المواطنين فرصاً لإعالة أنفسهم، وتكريس مواردهم لتنمية أسرهم والأجيال القادمة. سمح للحكومة بالاحتفاظ بسيطرة تامة على جميع جوانب عملية التنمية.


Original text

مع اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي عام 1962، طلبت الحكومة البريطانية تقـديـم مخططات لبناء مدينة «أبو ظبي»، حديثة وموسعة من شركتي بناء رائدتين بريطانيتين، هما: السير ويليام هالكرو وشركاه؛ وسکوت آند ويلسون كيركباتريك وشركاهما. وكانت الغاية بناء عاصمة خلابة في روح تصميمها - إن لم يكن في شكلها- مثل برازيليا، التي كانت قيد الإنشاء حينذاك في البرازيل. ومع أن هذه المخططات الباهظة الثمن لم تحظ بحماس يُذكر، فقد شكلت الأساس لمشروعات التطوير اللاحقة، من حيث المساحة المخصصة للمدينة الجديدة، وعندما أصبح الشيخ زايد حاكماً للإمارة، أصدر أوامر بوضع مخططات أكثر طموحاً من سابقاتها. ولم يقبل المخطط الذي قدمته شركة هالكرو، والذي كان يتطلب إعطاء شركة البناء المنفذة صلاحيات مطلقة، والتخلي عن التحكم بالمشروع بعد منح الموافقة الأولية، وعدم وجود فرصة لتوسيع المشروع أو تطويره. وجد الحاكم الجديد في بناء مدينة فرصة سانحة لحل العديد . من المشكلات الاجتماعية التي كانت تواجه الإمارة. ومن تجربة الشيخ زايد السابقة في مدينة العين، وكان يعرف تأثير الفقر المدقع في حياة مواطنيه، وظروفهم المعيشية السيئة في أغلب الحالات، وكيف أن حالة مرض أو حادث سيارة يمكن أن يتسبب في وفاة عدد منهم. وكانت رغبة الشيخ زايد في تحسين مستوى معيشتهم هي التي تملي عليه مهامه الأساسية. وعندما أصبح حاكماً، لم يأخذ بالنصائح التي قدمت له، بشأن التحرك ببطء في مشروعاته، والتفكير بعناية في تكلفة كل شيء. كان مصمماً من البداية على موا. بند على أجندة أعماله القضاء على الفقر، وظروف العيش الكريم لشعبه. كان الشيخ زايد يفضل الحياة الصحراوية البسيطة والعزلة في حياته الخاصة، غير أنه وجد في التنمية العمرانية حلاً لجميع المشكلات الرئيسية لأبوظبي. فالمدينة الحديثة يمكن أن تتضمن جميع الموارد الضرورية. فقد دفعت مبالغ طائلة للمهندسين المعماريين وشركات المقاولات فقط لكي يقدموا مظهراً غربياً خادعاً. أما أبوظبي فقد كانت تحتاج إلى بداية مختلفة: مخطط عمراني فريد يتلاءم واحتياجاتها الإنسانية، والمحافظة على روح المدينة كمدينة عربية. ولكن هذه الرؤية يجب أن تتحقق ضمن إطار نموذج غربي في الأساس ومخطط للبناء. وبالتالي كان يجب قبول هيكل المخطط الأساسي الذي وضعته شركة هالكرو، لأن وضع مخطط جديد كان سيستغرق وقتاً طويلاً جداً. وكان على مدينة أبوظبي الجديدة أن تحتفظ بالرؤية الأساسية التي تجمع بين الحداثة، وأن تصبح «ماكينة للمعيشة»، كما وعد المهندس المعماري السويسري شارل إدوارد جانيريه الذي كان يُعرف بلقب «لو كوربزييه» [وهو من أبرز المهندسين المعماريين في القرن العشرين]. ولكــن الشيخ زايد كان يريد أن يضمن أن تكون أبوظبي الجديدة مدينة مخططة بشكل دقيق، ومختلفة عن المدن المفتوحة لجميع أشكال المشروعات التجارية الحديثة لإعادة التطوير وإعادة البناء. كان يريدها أن تُبنى لتلبي احتياجات الناس وتوفر لهم الرفاه، وحجمها يجب أن يكون كافياً ليتيح الفرص الاجتماعية والطبية والتعليمية، كان يراد لأبوظبي أن تكون مدينة حديثة وتقليدية في آن معاً. فعلى سبيل المثال، كــان أحد أوجه العاصمة يتمثل في توفير عدد كبير من المساجد للسكان المسلمين. وهذا الجانب لم يكن مدرجاً في مخطط شركة هالكرو. وكانت المساجد الصغيرة في المخطط المعــدل مختلفة تماماً في تصميمها العمراني وأسلوب بنائها عن البنايات المجاورة، وأصبحت محط اهتمام المدن والبلدان المجاورة، حيث أضفت طابعاً إنسانياً على بيئة عمرانية موحدة. وخلف بنايات الشقق السكنية المطلة على الشوارع الرئيسية العريضة، كان يمكن أن نشاهد بيئة مختلفة كلياً، فقد كان هناك مناطق ذات كثافة سكانية عالية [الشعبيات]. وكانت مدينة أبوظبي الجديدة جزءاً رئيسياً في برنامج التنمية الذي تبناه الحاكم عــلى مــدى العقود اللاحقة. فقد أصبحت أبوظبي ميدان اختبار لأفكاره حول التحديث، زايد خلال الفترة 1966 - 1971 بتطوير مبادئ للعمل، وقد تقيد بها طوال حياته. أدرك الشيخ زايد بالفطرة أن هناك حاجة إلى إيجاد منهج شامل لتوفير الخدمات الاجتماعية والرفاه، على هيئة الدعم من المهد إلى اللحد الذي تقدمه دول الرفاه الاجتماعي الأكثر تنوراً لمواطنيها. وتكررت الأفكار والمخططات التي وضعت مــن أجـل بناء العاصمة، في مشروعات البناء والتطوير في مناطق أخرى في سائر أرجاء الدولة. وقد أحدث توفير السكن لأسر بدوية فقيرة سلسلة من المزايا والفوائد؛ فقد تحسنت حيـاتهـم العائلية، وعند توفير مزرعة أو فرصة عمل لهم ، فإن ذلك يضاعف المكاسب المنتجة. فإن بناء مدرسة كان يعني أن الأطفال يمكن أن يتلقوا التعليم، ويمكن أن ينقلوا مهاراتهم إلى الجيل التالي. وكان لمبدأ إضافة قيمة للاستثمار الاجتماعي - - ماذا يمكن أن نفعل أكثر ؟ - تأثير لا يُقدر بثمن في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد تــم تطبيق هذا المبدأ على الساحة الدولية، وظهر تأثيره في وقت لاحق حيث : الفقراء والمحرومون مسانداً قوياً وفريداً لهم في أبوظبي. كانت الفكرة الأساسية التي تشغل الشيخ زايد هي توفير مسكن لكل مواطن إماراتي. وكان جزء من مخطط المدينة يتضمن توسعاً هائلاً في عدد المساكن في أبوظبي الجديدة. وحسب التقديرات التي قدمها المكتب الاستشاري ( أرابيكون) كان يراد للمدينة الجديدة أن تكون بقدرة استيعابية لإسكان 350, 3 أي عشرة أمثال تعداد سكان الإمارة حسب التقديرات في ذلك العام. وكانت التوقعات في البداية توحي بأنه سيتم توفير مسكن بسيط موحد مسكن المواطن للمواطنين الذين يعيشون في القرى
بحيث يُعطى منزل مجاني لكل عائلة إماراتية تعيش بعيداً عن العاصمة. ثم اتضح أن بناء مدينة أبوظبي الجديدة سيشكل مغناطيساً يجتذب سكان الريف، ومع أن مخطط العاصمة الجديدة كان قد اعتمد، وأعمال البناء كانت قيد التنفيذ، فقد تم بناء وحدات سكنية بنموذج معياري موحد للمواطنين. بدأت مدن أخرى في المنطقة - مثل مدينة الكويت في دولة الكويت، ولم يكن الشيخ زايد يحب التردد، وفي عام 1967 التقى مهندساً معمارياً ومخطط مدن شاباً، الذي تعاقد معه الشيخ زايد حديثاً. وكان المهندس المذكور جون إليوت قادماً من عمله في فنلندا والسويد، وكان مقتنعاً جداً بالأفكار والمفاهيم الاجتماعية السائدة في نمط التخطيط السويدي (الذي يعتمد على تمكين الناس). وبعد أكثر من أربعين عاماً على ذلك اللقاء، قال إليوت لمهندس معماري زميل له:
من الغريب أن القيم الاجتماعية الإسكندنافية التي حملتها معي إلى أبوظبي، كانت تنسجم تماماً مع رؤية الشيخ زايد والتزامه بالإسلام. كان لدى الشيخ زايد رؤيـة لبنـاء مدينة على هيئة حديقة فيها المتنزهات العامة والمساحات الكافية، والقيم القرآنيـة التـي تضمن حقوق الناس في بيئة نظيفة وآمنة . وكان في ذهني القيم المثالية ذاتها، وقد وفرت رسوماتي وتصاميمي له ما يريد». كان إليوت شاهداً نزيهاً على التزام الشيخ زايد بمبادئه، وقد قضى إليوت وقتاً طويلاً مع الشيخ زايد في أبوظبي، وعملا معاً في تنفيذ مشروع بناء المدينة. ويبدو أن الحـاكـم أحب محادثة ذلك الشاب الذي أعطاه أجوبة صادقة من دون مكر:
«كان صاحب السمو الشيخ زايد عميلاً استثنائياً. [ هل كان جزءاً أساسياً في عملية التخطيط ؟ ] . في كل مرة كــان الشيخ زايد يرسم على الرمل بالعصا [التعديل المخطط ]. قلت له: «نعم. فإن الأولاد سيكبرون في بيت يكون فيه الأب متعلماً والأم غير متعلمة. قال لي: «أريدك أن تبني مدرسة للبنات هنا، ويجب أن تفصل بين المدرستين مسافة مائة متر على الأقل. وبعد تلك الخطوة أنجزنا سلسلة طويلة من المهام». يتم بواسطته أخذ كل المياه المستهلكة في الحمام وتوضع في خزان ، وقمتُ أيضاً بلحم برميلي نفط فارغين مع بعضهما، وأخذنا الطحالب والأعشاب البحرية - حيث كان بيتنا على الشاطئ تماماً - ووضعنا الطحالب في البرميل الملحوم، وأضفنا لهـا براز طفل كمادة محفزة، ووضعنا مزيداً من الطحالب في الأعلى. وبعد حوالي أسبوعين كــان يمكنك أن تحصل من قاع البرميل على تربة جيدة فعلاً وصالحة للزراعة. وبذلك تمكنـت من زراعة حديقة خضراء في وسط الصحراء. جاء صاحب السمو الشيخ زايد لرؤيتي في أحد الأيام، وشاهد هذه الحديقة الصغيرة، وأصبح بيننا علاقة وثيقة واهتمام مشترك بشؤون الحدائق. كان الشيخ زايد يجب إنجلترا، وكان يحب النباتات والمساحات الخضراء. تابعت دراساتي العليا في فنلندا وإسكندنافيا. لديهم هناك مفاهيم مختلفة كلياً حول تخطيط المدن، حيث يتم بناء أشياء بواسطة الأشجار، مقارنة بالأسلوب البريطاني التقليدي أو أسلوب كوربزييه. تطوير هذا الأسلوب انطلاقاً من فكرة محاولة أن تكون متعاطفاً مع المشهد الطبيعي». كان الشيخ زايد يستخدم العصا في الرسم، وكان لديه قدرة فريدة في نقل الأفكار من رأسه إلى رسوم على الرمل. وكان بالفطرة يفهم مقياس الرسم والتجاور الجغرافي. وكنت محظوظاً لكوني أول شخص نقل مخططاته من الرمل إلى الورق، لأنه قد يتم استدعائي في أي لحظة لأفتحها على السجادة في مجلس ما أو على كثيب رملي في مكان ما». من الصعب أن أصور السرعة التي كانت تحدث بهـا كـل تلك الأشياء عــام 1966. ذات مرة وافق الشيخ زايد على التصميم الأولي، واتفقنا على الإحداثيات مــع المساحين في الموقع، وقام المهندسون المدنيون وفريق العمل بإعداد الرسومات والمخططات في كوبهام، بمقاطعة ساري قرب لندن. مساحة 80 قدماً 80x قدماً لكل بيت. حيث يوجد في البيت مخزن للتمور، وفي الصيف ينام القاطنون على سطح البيت». خلال إعداد المخطط ، ووضع المخطط لاستيعاب 350, مع أخذ ذلك الرقم في الحسبان». ولكن أخذ في الحسبان إمكانية النمو والتوسع إلى ما وراء هذا الرقم. وكذلك تم إنشاء شبكة قنوات وأنابيب تحت الأرض لتوسيع إمدادات جميعا الخدمات الأساسية. وقد ساند الشيخ زايد هذا التصميم الطموح، واضعين في اعتبارهم أن المدينة ستنمو إلى مستويات أبعد بكثير من المخطط الأصلي. إن ضخامة المشروع الذي تم التخطيط له أربكت دائرة بلدية أبوظبي الصغيرة ودائرة تخطيط المدن. قام الشيخ زايد باستبدال تلك الدائرة الصغيرة، ليحل محلها مجلس بلدية كبير لإدارة شؤون المدينة وعملية إعادة الإعمار. كان فريق إعادة الإعمار هذا يعمل بقيادة مهندس معماري مصري معروف هو الدكتور عبدالرحمن مخلوف، وكان مسؤولاً عن إعادة بناء وتطوير مدينة جدة، وعمل أيضاً مع فريقه من مخططي المدن
ولكن مهمةً من نوع مختلف كانت تواجهه في أبوظبي. «كان لدى صاحب السمو الشيخ زايد رؤية وأحلام. أراد أن يؤسس بيئة تسهل النمو الاقتصادي والروحي لشعبه. وكان لدى صاحب السمو الشيخ زايد أفكاره الخاصة حول كيفية تطوير المدينة . في عام 1967 أمر بإدخال تعديلات على المخطط الأصلي الذي قــام بإعداده تجمع من المكاتب الاستشارية البريطانية، وألغى نموذج الطرق المنحنية، واعتمد نموذج شبكة الطرق المتعامدة التي تحدد معالم المدينة اليوم». واجه مخلوف وإليوت صعوبة في تنفيذ مخططات هالكرو وفق تعديلات الشيخ زايد، مع الالتزام بالهدف الأكبر المتمثل في المحافظة على طابع / شخصية المدينة القديمة:
كان صاحب السمو الشيخ زايد يعتقد أنه من الأفضل إنشاء طرق مستقيمة، نظراً لأن جزيرة أبوظبي أرض منبسطة سهلية. وكان يشرف على المشروعات بنفسه خلال مراح التحضير . أعطى تعليمات بوجوب المحافظة على المواقع التاريخية، وأشجار النخيل والمناطق الخضراء ؛ وبوجوب ترك مساحة للزراعة في أي مشروعات جديدة. وهذه المتنزهات العامة والمساحات الخضراء التي تشكل سمة من سمات أبوظبي توضح مدى الجدية والإخلاص في تنفيذ تلك التعليمات. ومعظم الشوارع الرئيسية مكسوة بصفوف الأشجار على جوانبها، وفي الجزر المتوسطة للطرق مسطحات الأعشاب الخضراء المنسقة بعناية» . كما أفصح الحاكم عن آرائه بشأن بناء الشخصية الاجتماعية لمدينة أبوظبي الجديدة: «وأعطى صاحب السمو الشيخ زايد تعليمات بوجوب التزام المباني الحكومية والخاصة في المدينة بالطابع العربي الإسلامي في التصميم. وشجع على إدماج القبائل المحلية من خلال إعطائها مناطق سكنية بحيث تكون قريبة من بعضها». وقال مخلوف إن الهدف هو «المحافظة على التقاليد الثقافية». وكانت الخطوة الأساسية نحو المحافظة على استدامة
هذه الأجواء التقليدية هي : بناء السوق. وتلا تلك الخطوة بناء سوق مغلقة بهيكل كلاسيكي، لقد بدأ بناء تلك السوق عام 1969، وكانت تشكل المنطقة الرئيسية لبيع المواد الغذائية، وجميع السلع الأخرى لمدينة يبلغ تعداد سكانها نحــو
ومع أن السوق التقليدية كانت لا تزال تشكل نقطة رئيسية لاجتذاب المتسوقين، فإن التسوق انتقل إلى منافذ بيع التجزئة التي تعرض كل شيء من الألماس والملابس مـن الماركات العالمية. وقد انتشرت منافذ البيع في كل أرجاء المدينة، لتلبي احتياجات السكان الذين نما عددهم إلى أكثر من 250, بعيداً عن تقديرات مكتب أرابيكون عام 1966، 12 وكان من حسن ا الحظ أن يتجاهل مكتب أرابيكون آراء المشككين، وأن يضع تصاميم الخدمات على أساس هذا الرقم التقديري |
تم تطوير المخطط الأصلي الذي وضعه مخلوف، واستمر في خطة أبوظبي للتنمية الشاملة عام 1988، كانت الفكرة الأساسية تقول إن التنمية يجب أن تكون ملائمة لتلبية احتياجات مجتمع موحد، مع توفير الموارد اللازمة لاستيعاب النمو السكاني المستقبلي. ولكن المخططات كانت تخضع لمراجعة متواصلة بشكل دوري كــل عامين، مع إعادة تقييم شامل في عام 1988، بعد مرور نحو 20 عاماً عـلـى بـدء العمل. وكان من حسن الحظ أن الشيخ زايد قد وضع مسبقاً إطاراً تنظيمياً لسياسة العمل يضمن المحافظة على المنظومة الرسمية للعمل، كانت المساحات الخضراء في أبوظبي أحد الشواهد الرئيسية على الإبداع. والدوارات في الشوارع رغبة الحكومة في إنشاء "مدينة-حديقة" بأسرع وقت ممكن. فإن الجزيرة الوسطية بين الشارعين مليئة بشجيرات وأشجار يصل طول بعضها إلى ستة أمتار. ويتم إنتاج معظم هذه النباتات في مشاتل خاصة، ويتم اختيار أنــواع نباتات قادرة على التكيف مع المياه المالحة والتربة الرملية ومناخ منطقة الخليج . «الشيخ زايد كان مصراً على زراعة أكبر قدر ممكن من النباتات في أبوظبي. كان يحب فكرة إنشاء حدائق عامة وزرع أشجار . ومرة ثانية نجد أن هذه الرؤية مشابهة للطابع الإسكندنافي شوارع تسير بمحاذاتها صفوف الأشجار، والتكامل بين داخل البيت وخارجه . ولكن كان عليه أن يزرع أشجاراً قادرة على البقاء وتحمل هذا المناخ الحار ، ولذلك كان لديه حديقة تجارب في مدينة العين، وكان لديه هناك بستانیون باکستانیون جربوا زراعة جميع أنواع النباتات على اختلاف مواطنها . حيث لا تستطيع الاحتفاظ بالرطوبة. وكانت حديقة الشيخ زايد في العين مفيدة جداً لإجراء التجارب، ولكن الشجيرات والأشجار التي يمكن أن تنمو في المناطق الداخلية ( كالعين ) غالباً ما يتضح أنهـا غير ملائمة للنمو في الشريط الساحلي. وقام الشيخ زايد بتحويل جزيرة صير بني ياس، التي تبعد 250 كيلومتراً عن أبوظبي، وفي الوقت ذاته كانت تُستخدم كمركز للتشجير وللأبحاث الزراعية التي يهتم بها الحاكم شخصياً. تضمنت المراحل الأولى من برنامج الزراعة استيراد التربة العلوية واستخدام الأسمدة، ولكن كان هناك قناعة منذ البداية بأن هذا البرنامج سيخلق بيئة خضراء لا يمكن أن توجد بشكل طبيعي. وتم تطوير نظام ري يستخدم مياه الحمامات ومـا شــابـه، عـلـى غرار النموذج الأولي الذي صممه إليوت، وأطلع الشيخ زايد عليه. وتم افتتاح أول محطة لمعالجة المياه الملوثة عام 1973، وتقوم هذه المحطة بمعالجة المياه المستخدمة يومياً مـن قبـل أكثـر مـن 300, وكان برنامج الزراعة مشروعاً بيئياً طموحاً؛ البيئة بأكملها لهذه المدينة المتنامية بسرعة. وتم استيراد أعداد كبيرة من أشجار الطرفاء من موطنها الأصلي في المملكة العربية السعودية. وتضرب شجرة الطرفاء جذوراً عميقة في التربة، وتتميز هذه الأشجار بأزهار حمراء وردية ناعمة جميلة جداً، وقال إليوت: «إن مخطط بناء أبوظبي كان يتمحور حول الاحتياجات الاجتماعية للناس. وقد تم إنشاء مدينة أبوظبي بسرعة لا تصدق، تم تكليف دائرة بلدية أبوظبي وتخطيط المدن بمهمة إدارة ما كان يُعتبر في ذلك الوقت مجموعة كاملـة مــن الخدمات الحضرية : تقديم خدمات شاملة للجمهور. كما كان لديهم مهمة تخطيط المدينة الجديدة، مع إنشاء شبكات طرق عادية، تم إطلاق خطة تنمية الزراعة في إمارة أبوظبي، وتم إنشاء أسواق شعبية في مناطق عديدة. كانت تقلبات عوائد النفط غالباً ما تترك تأثيراً ضاراً، حيث كان يتم تأجيل بعـض الأعمال والمشروعات الجديدة، كان التركيز ينصب على بناء المدينة، ولكن مع إنهاء المزيد من المباني تزداد الأعباء التنظيمية والإدارية. وكانت مؤسسات الدولة وأجهزتها تنمو بصورة مواكبة للمهام الجديدة. وكان الشخص الذي يعطيه الشيخ زاید مزيداً من المسؤوليات لإدارة شؤون الإمارة هو ابنه الأكبر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. كان التطور الأهم في هذا التغيير الإداري هو أن الشيخ خليفة بدأ يتولى مهام القيادة
حيث تمت تسميته ولي عهد أبوظبي عام 1969، وظل يعمـل مـع والــده طوال السبعينيات من القرن العشرين. وفي وقت لاحق أزاح أعباء قيادة الحكومة الداخلية للإمارة عن كتف والده ليحملها هو وتسلم منصب رئيس المجلس التنفيذي منذ عام
وتولى مسؤولية تسيير الشؤون اليومية والإشراف على كل جانب
هذا النمط من : تقاسم المسؤوليات والأعباء حقق تقدماً كبيراً في حكومة أبوظبي، أو يمكن استقطابهم لأداء أدوار عملية محددة؛ ولكن الأصعب من ذلك بكثير هو إيجاد الشخصيات القيادية الفعالة والمقبولة. ويجب أن يتمتعوا باحترام الناس لهم، وأن يكونوا قادرين على تكليف الآخرين بمهام صغيرة تفصيلية مع الاحتفاظ بالسيطرة، كان هناك أمر شديد الأهمية، كان المرشحون الأوفر حظاً لتسلم مناصب قيادية أفراداً محترميـن مــن ا الحاكمة في إمارات الدولة المختلفة. وكان الشيخ زايد حكماً ممتازاً لتقييم الشخصيات، وكان يعرف أن بعض أفراد أسرته لديهم قدرة استثنائية على ممارسة القيادة. وكان دوماً يختبر مدى كفاءتهم في أداء مهام المناصب التي يشغلونها. دور العائلة الحاكمة والشخصيات القبلية الأخرى المهمة ركيزة أساسية في المجتمع الإماراتي. ولم يكن ذلك يشكل ظاهرة غريبة، لأنه في كل مجتمع معاصر تقريبـاً كان هناك نخبة في الحلقة الداخلية مهيأة لتسلم المناصب العليا. ففي إنجلترا كانوا أولئك الذين تخرجوا من جامعتي كامبريدج وأكسفورد؛ وفي الولايات المتحدة هم حاملو الشهادات العليا من الجامعات الأقدم والأعرق (وهي الجامعات المندرجة ضمن رابطة اللبلاب)، وكبار الضباط القادة في الجيش. ولكن المجتمع الإماراتي لا يزال مجتمعاً قبليـاً وقيمـه تعكـس هـذا الـوضـع الجوهري. ولكن ليس هناك مجتمع قبلي يتقبل انتقال السلطة إلى قادة ضعفاء. وكما هي حــال منظومات القيادة في الدول الأخرى، ويحافظوا على استدامة هذه المعايير؛ وإن لم يفعلوا ذلك فستتم إزاحتهم للقيام بأدوار أقـل أهمية. وكان الشيخ زايد يستخدم المؤسسات الإدارية والمالية والعسكرية التي تم إنشاؤها حديثاً لكي يختبر قدرة أولئك الشبان على القيادة، وبهذه الطرق والوسائل استطاع الشيخ زايد أن يعــد فريقاً من القادة المستقبليين، كما حرص على قبول النساء اللواتي يمتلكن المؤهلات والقدرات القيادية المطلوبة للانضمام إلى هذه المجموعة من قادة المستقبل. لم يكن الشيخ زايد حاكماً يترك شيئاً للصدفة. بدأ يفكر في التقدم إلى الأمام لدخول القرن المقبل، ولم يكن هناك شك حول ماهية هذه الأولويات، لأنه كان يُلمح إليها دائماً في أقواله. وفي ثقافة تعتمد بشكل كبير على تناقل الأحاديث الشفهية، وزودتهم «لجنة خليفة» بقروض بفوائد مخفضة لبناء مساكن. إلى درجة أنـه تـم في عام 1991 تأسيس هيئة القروض التي تمنح قروضاً ميسرة لتحقيق التنمية المنشودة. وكان نجاح «لجنة خليفة خطوة مهمة في تطور مدينة أبوظبي ودولة الإمارات ككل كدولة حديثة؛ 17 وكانت اللجنة تمثل تعاوناً فعلياً جلب فوائد عظيمة لكــلا
وهذا التعاون أتاح للعديد من المواطنين فرصاً لإعالة أنفسهم، وتكريس مواردهم لتنمية أسرهم والأجيال القادمة. سمح للحكومة بالاحتفاظ بسيطرة تامة على جميع جوانب عملية التنمية.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

شركة/ مارش هي ص...

شركة/ مارش هي صاحبة مصلحة تتعارض مع مصالح المستأنفة الأولى، نظراً لكون المستأنفة الأولى من المنافسين...

يتفق الباحثون ب...

يتفق الباحثون بشكل عام على أن تنمية مهارات إدارة المعرفة تتطلب التفاعل المشترك بين الأفراد واستخدام ...

بما أن الفلسفة ...

بما أن الفلسفة والعلم حقلان معرفيان مختلفان، ولكل منهما خصائص تختلف عن الآخر، فقد برزت الدعوة الى ا...

1-بذلت أنا والأ...

1-بذلت أنا والأم جهود لا تقدر بثمن لتلبية احتياجات أبنائنا الاثنين عبدالله واليازية وبالإضافة إلى ت...

With such sadne...

With such sadness occupying her thoughts,Erika, a poor single mother of two, struggles to sleep at n...

1. طوير برامج م...

1. طوير برامج متكاملة: ينبغي تصميم وتصميم برامج تأهيل متكاملة تشمل التعليم والتدريب المهني والفنون، ...

تُعتبر المملكة ...

تُعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الدول في العالم العربي والإسلامي، حيث تحتل موقعًا جغراف...

This study expl...

This study explores university students' experiences and perceptions of using artificial intelligenc...

1 تجارب تهدف ال...

1 تجارب تهدف الى اكتشاف الظواهر الجديدة 2 تجارب التحقق تهدف لاثبات او دحض الفرضيات وتقدير دقتها 3 ال...

علق رئيس الوزرا...

علق رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، على صورته المتداولة والتي أثارت الجدل برفقة نظيره الإثيوبي آبي...

تعاني المدرسة م...

تعاني المدرسة من مجموعة واسعة من المخاطر التي تهدد سلامة الطلاب والطاقم التعليمي وتعوق العملية التعل...

يهدف إلى دراسة ...

يهدف إلى دراسة الأديان كظاهرة اجتماعية وثقافية وتاريخية، دون الانحياز إلى أي دين أو تبني وجهة نظر مع...