Online English Summarizer tool, free and accurate!
وقالوا له: اخرج من بلادنا وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه السفهاء والصبيان والعبيد يسبونه ويصيحون عليه، وجعلوا - أيضا - يرمونه بالحجارة حتى اختضبت نعلاه بالدماء، ولم يزل به السفهاء حتى الجاوه إلى حائط بستان العتبة وشيبة ابني ربيعة على ثلاثة أميال من الطائف، فعمد النبي ﷺ إلى ظل شجرة من عنب، فجلس فيه هو وزيد ابن حارثة، الباب الأول اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أو يحل على سخطك لك العتبى حتى ترضى، فأرسل الله - عز وجل - جبريل ومعه ملك الجبال يقول: يا رسول الله إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين»، فكان الرد النبوي الذي تتجلى فيه شخصية النبي الفذة، وما كان عليه من الخلق العظيم والرحمة والشفقة، وعاد النبي ﷺ إلى مكة بعد أن دخل في حوار المطعم بن عدي، عاد يستكمل رحلته إلى الله، وإلى دينه، وهو أشد عزما على المضي في طريقه غير مبال بما يلاقي في سبيل الله عز وجل - ولا يثنيه ذلك عن بلوغ هدفه. 984/24 يقول الأستاذ الندوي لم يكن الإسراء مجرد حادث فردي بسيط رأى فيه رسول الله ﷺ الآيات الكبرى، وتجلى له ملكوت السماوات والأرض، مشاهدة وعيانا بل زيادة إلى ذلك اشتملت هذه الرحلة النبوية الغيبية على معان دقيقة كثيرة وشارات حكيمة بعيدة المدى فقد ضمت قصة الإسراء وأعلنت السورتان الكريمتان اللتان نزلتا في شأنه «الإسراء» و «النجم» أن محمدا هو نبي القبلتين وإمام المشرقين والمغربين، والبيت الحرام بالمسجد الأقصى، فكان هذا إيذانا بعموم رسالته، وخلود إمامته، الهجرة إلى المدينة بعد بيعة العقبة الثانية أمر النبي ﷺ أصحابه بالهجرة إلى المدينة، فتابعوا في الهجرة، فكان أول من هاجر أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم عامر بن ربيعة مع امرأته ليلى، ثم عبد الله بن جحش، ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبه المشركون أو فتنوه باستثناء على بن أبي طالب وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما. ورأوا كذلك خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، وأن خروج النبي هو الآخر يعني جمع الناس حوله محاربتهم، فاجتمعوا في دار الندوة، وقرروا قتله وذلك بأن تختار كل قبيلة فتى شابا قويا من أبنائها، حتى إذا خرج في الصباح ضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل ولا يقوى بنو هاشم على محاربة أهل مكة جميعا ويرضوا بالديه. وأن يتسجى ببرده، 984/28 موجز السيرة النبوية - لكن الله أعمى أبصارهم، ولم يترك واحدا منهم إلا وضع على رأسه حفنة من التراب، التخطيط النبوي المحكم للهجرة ورسم أدوار من يحتاج إليهم بدقة شديدة، فجاء التخطيط على أحكم ما يكون، ويتضح فيما يلي: 1- ذهب إلى أبي بكر ظهرا، في وقت شدة الحر، وفي وقت لم يتعود الذهاب فيه إلى دار أبي بكر. خرج من دار أبي بكر ليلاً؛ حتى لا يراه أحد، طلب من على بن أبي طالب أن يتخلف قليلاً؛ حتى يؤدي عن رسول الله والودائع التي كانت عنده للناس، ثم أمره أن يلحق به في المدينة. بعد ثلاثة أيام في غار ثور. ٦- طلب من عبد الله بن أبي بكر أن يأتيهما في الغار ليلا بأخبار قريش ثم يعود إلى مكة قبل الفجر، أسماء بنت أبي بكر تأتي إليهما بالطعام في الغار. يقوم عامر بن فهيرة مولى أبي بكر برعي الغنم ناحية الغار، ويريحالغنم هناك، فيمسح آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر وأسماء، مكث النبي وصاحبه في الغار ثلاثة أيام حتى هدأت قريش، ولم يتجها شمالاً إلى المدينة؛ ولتبدأ صفحة جديدة في تاريخ الأمة؛ حيث الدولة المسلمة بكل ما تحمله من مقومات. فالأرض هي يثرب، والشعب هم المهاجرون والأنصار، والدستور: هو القرآن، أعمال النبي ﷺ في المدينة وبناء الدولة المسلمة : 1- بناء المسجد شرع النبي فور وصوله في بناء المسجد الذي شارك في بنائه بنفسه مع أصحابه؛ ليصبح المسجد ذا شأن عظيم في تاريخ الإسلام، فبالإضافة لأداء الصلوات فيه أصبح المدرسة التي تخرج فيها الرعيل الأول من المسلمين، وهو المكان الذي يختار فيه الخلفاء ويبايعهم المسلمون و تناقش فيه كل أمور المسلمين وقضاياهم، النبي ﷺ وفود القبائل وسفراء الملوك والأمراء. فتح الأنصار قلوبهم وبيوتهم لإخوانهم المهاجرين، بصدر رحب ونفس معاهدة بين المسلمين واليهود بعد أن استقرت الأمور في المدينة، ودخل معظم أهلها الإسلام، الغزوات والسرايا : الإذن بالقتال قال ابن كثير : وإنما شرع الله - تعالى - الجهاد في الوقت الأليق به؛ فلو أمر المسلمون - وهم أقل - بقتال الباقين لشق عليهم؛ معركة فاصلة في تاريخ الإسلام؛ سببها : أراد النبي ﷺ استعادة بعض ما أخذت قريش من المسلمين المهاجرين من أموال ومتاع، لظنهم أنها لن تكون حرباً؛ حيث إن القافلة لم يكن فيها سوى أربعين رجلا، لحماية القافلة، فدخل مكة وقد حول رحله، وجدع أنف بعيره، وشق قميصه من قبل، وأخذ ينادي بأعلى صوته: يا معشر قريش اللطيمة . اللطيمة أي القافلة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها الغوث. وكان عددهم ٩٥٠ معهم ١٠٠ فرس و ۷۰۰ بعير. أبو سفيان ينجو بالقافلة ولكن أبا جهل رفض إلا أن يقاتل المسلمين وقال: والله لا ترجع حتى نرد بدرا فنقيم بها ثلاثا، نذبح الجزور، فلا يزالون يهابوننا أبدا. اجتمع رسول الله ﷺ بكبار أصحابه يستشيرهم في الأمر، أما وقد خرج فقد لزم مشورتهم فقال: أشيروا على أيها الناس». فقام أبو بكر فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل الموسى: اذهب أنت فدعا له رسول الله وأثنى عليه خيرا، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته الخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم". غزوة أحد فتحرك عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وأبو سفيان بين القبائل، وطلبوا ممن لهم أموال في قافلة أبي سفيان، التي تجت وكانت سببا في الغزوة، فوافق الجميع. وعلى الميمنة خالد بن الوليد، وهو أيضا قائد الفرسان، وعلى المشاة صفوان بن أمية، وحامل اللواء طلحة العبدري، وصلت إلى رسول الله ﷺ رسالة من عمه العباس فيها خبر الجيش وتفاصيله وخروجه الملاقاة المسلمين، فاجتمع النبي بأصحابه يستشيرهم في الخروج من المدينة أو البقاء فيها والدفاع عنها من خلالها، فاستجاب لهم النبي ونزل على رغبتهم ومشورتهم. خرج النبي من المدينة في ألف من أصحابه، الباب الأول فائدة : فقالوا : هؤلاء حلفاء عبد الله بن أبي ابن سلول من يهود، لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك». حيث جعل الجبل يحمي ظهره، وقال لهم: قوموا على مصافكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد انتصرنا فلا تشركونا، قسم النبي الجيشين إلى ثلاث كتائب
أحد، وقالوا له: اخرج من بلادنا وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه السفهاء والصبيان والعبيد يسبونه ويصيحون عليه، وجعلوا - أيضا - يرمونه بالحجارة حتى اختضبت نعلاه بالدماء، ولم يزل به السفهاء حتى الجاوه إلى حائط بستان العتبة وشيبة ابني ربيعة على ثلاثة أميال من الطائف، فلما التجأ إليه رجعوا عنه، فعمد النبي ﷺ إلى ظل شجرة من عنب، فجلس فيه هو وزيد ابن حارثة، ريثما يستريحا مما أصابهما.
وفي هذه الغمرة من الأسى والحزن والآلام النفسية والجسمانية، توجه
الباب الأول
984/23.
الرسول إلى ربه بهذا الدعاء الذي يفيض إيمانا ويقينا ورضا بما ناله في الله واسترضاء لربه عز وجل فكانت هذه الكلمات النبوية.
اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني ؟! أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك على غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل في غضبك، أو يحل على سخطك لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله».
ومن فوق سبع سماوات جاء المدد الإلهي إلى النبي ، فأرسل الله - عز وجل - جبريل ومعه ملك الجبال يقول: يا رسول الله إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين»، أي: لفعلت.
فكان الرد النبوي الذي تتجلى فيه شخصية النبي الفذة، وما كان عليه من الخلق العظيم والرحمة والشفقة، بل والأمل في إسلام هؤلاء في يوم قريب أو حتى بعيد فقال : بل أرجو أن يخرج الله - عز وجل من أصلابهم من يعبد الله
عز وجل وحده ولا يشرك به شيئا.
وعاد النبي ﷺ إلى مكة بعد أن دخل في حوار المطعم بن عدي، عاد يستكمل رحلته إلى الله، وإلى دينه، وهو أشد عزما على المضي في طريقه غير مبال بما يلاقي في سبيل الله عز وجل - ولا يثنيه ذلك عن بلوغ هدفه.
رحلة الإسراء:
في هذا الجو المليء بالأحزان بعد وفاة أبي طالب وخديجة، وما لاقاه النبي ﷺ في رحلة الطائف من مشقة وعنت أراد الله - عز وجل أن يسري عن نبيه وحبيبه وأن يريه من الآيات ما يزيده اطمئنانا وثقة في ربه عز وجل.
984/24
موجز السيرة النبوية .
يقول الأستاذ الندوي لم يكن الإسراء مجرد حادث فردي بسيط رأى فيه رسول الله ﷺ الآيات الكبرى، وتجلى له ملكوت السماوات والأرض، مشاهدة وعيانا بل زيادة إلى ذلك اشتملت هذه الرحلة النبوية الغيبية على معان دقيقة كثيرة وشارات حكيمة بعيدة المدى فقد ضمت قصة الإسراء وأعلنت السورتان الكريمتان اللتان نزلتا في شأنه «الإسراء» و «النجم» أن محمدا هو نبي القبلتين وإمام المشرقين والمغربين، ووارث الأنبياء قبله، وإمام الأجيال بعده، فقد التقت في شخصه وفي إسرائه مكة بالقدس، والبيت الحرام بالمسجد الأقصى، وصلى بالأنبياء خلفه، فكان هذا إيذانا بعموم رسالته، وخلود إمامته، وإنسانية تعاليمه
الهجرة إلى المدينة
بعد بيعة العقبة الثانية أمر النبي ﷺ أصحابه بالهجرة إلى المدينة، فتابعوا في الهجرة، فكان أول من هاجر أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم عامر بن ربيعة مع امرأته ليلى، ثم عبد الله بن جحش، ثم هاجر عمر بن الخطاب الوحيد الذي هاجر علانية وتتابع الصحابة بالهجرة، بينما أقام النبي بمكة ينتظر أن يؤذن له في الهجرة، ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبه المشركون أو فتنوه باستثناء على بن أبي طالب وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله ﷺ في الهجرة فيقول له: لا تعجل، لعل الله يجعل لك صاحبا فتمنى أبو بكر أن يكون هو.
ورات قريش أن رسول الله ﷺ صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا كذلك خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، وتيقنوا أنهم نزلوا دارا لهم فيها منعة، وأن خروج النبي هو الآخر يعني جمع الناس حوله محاربتهم، فاجتمعوا في دار الندوة، وقرروا قتله وذلك بأن تختار كل قبيلة فتى شابا قويا من أبنائها، وتعطيه سيفا بنارًا، وأن يرابط هؤلاء جميعا أمام بيت النبي ، حتى إذا خرج في الصباح ضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل ولا يقوى بنو هاشم على محاربة أهل مكة جميعا ويرضوا بالديه.
عقب ذلك أتى جبريل النبي ، وأمره ألا يبيت هذه الليلة على فراشه الذي كان يبيت عليه من قبل، وأمر النبي على بن أبي طالب أن ينام على فراشه، وأن يتسجى ببرده، وأخبره أنه لن يخلص إليه شيء يكرهه منهم.
984/28
V
موجز السيرة النبوية -
وخرج النبي ﷺ على المشركين وهم واقفون على بابه، لكن الله أعمى أبصارهم، وأخذ النبي ﷺ حفنة من الحصى وقذفها في وجوههم، ولم يترك واحدا منهم إلا وضع على رأسه حفنة من التراب، ثم انطلق إلى بيت أبي بكر الذي كان في انتظاره ومعه الرواحل والزاد وكل ما يلزم الرحلة المباركة ودليلهم: عبد الله بن أريقط وخاب سعي المشركين، وصدق الله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُشْنُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرٌ الماكرين) [الأنفال: ٣] .
التخطيط النبوي المحكم للهجرة
أحكم النبي الخطة المناسبة والدقيقة للهجرة، ورسم أدوار من يحتاج إليهم بدقة شديدة، فجاء التخطيط على أحكم ما يكون، ويتضح فيما يلي:
1- ذهب إلى أبي بكر ظهرا، في وقت شدة الحر، وفي وقت لم يتعود الذهاب فيه إلى دار أبي بكر.
خرج ملثما؛ حتى لا يعرفه أحد.
خرج من دار أبي بكر ليلاً؛ حتى لا يراه أحد، وخرج من باب خلفي في بيت أبي بكر.
طلب من على بن أبي طالب أن يتخلف قليلاً؛ حتى يؤدي عن رسول الله والودائع التي كانت عنده للناس، ثم أمره أن يلحق به في المدينة.
ه تواعد النبي وأبو بكر مع عبد الله بن أريقط - دليلهما - على أن يلقياه
بعد ثلاثة أيام في غار ثور.
٦- طلب من عبد الله بن أبي بكر أن يأتيهما في الغار ليلا بأخبار قريش ثم يعود إلى مكة قبل الفجر، فيصبح كأنه بات معهم في مكة.
984/29
أسماء بنت أبي بكر تأتي إليهما بالطعام في الغار.
يقوم عامر بن فهيرة مولى أبي بكر برعي الغنم ناحية الغار، ويريحالغنم هناك، فيمسح آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر وأسماء، وفي نفس الوقت يقدم اللحم واللبن للنبي ﷺ وأبي بكر.
مكث النبي وصاحبه في الغار ثلاثة أيام حتى هدأت قريش، وظنت أنهما قد وصلا المدينة، حينئذ خرج النبي وصاحبه يواصلان هجرتهما.
١٠- حين خرج النبي وأبو بكر من دار أبي بكر اتجها جنوبا إلى اليمن، ولم يتجها شمالاً إلى المدينة؛ حتى يضللا قريشا ومن يبحث عنهما من المشركين.
وصل النبي وصاحبه إلى يثرب يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول بعد أن قضى أربعة أيام في قباء؛ حيث لحقه على بن أبي طالب، بعد أن أدى الودائع لأصحابها، وتحولت يثرب إلى المدينة المنورة» بعد تشريف النبي لها، ولتبدأ صفحة جديدة في تاريخ الأمة؛ حيث الدولة المسلمة بكل ما تحمله من مقومات.
فالأرض هي يثرب، والشعب هم المهاجرون والأنصار، والدستور: هو القرآن، والقائد: هو النبي ﷺ
أعمال النبي ﷺ في المدينة وبناء الدولة المسلمة :
1- بناء المسجد
شرع النبي فور وصوله في بناء المسجد الذي شارك في بنائه بنفسه مع أصحابه؛ ليصبح المسجد ذا شأن عظيم في تاريخ الإسلام، فبالإضافة لأداء الصلوات فيه أصبح المدرسة التي تخرج فيها الرعيل الأول من المسلمين، حملة لواء الإسلام ودعاته، وهو المكان الذي يختار فيه الخلفاء ويبايعهم المسلمون و تناقش فيه كل أمور المسلمين وقضاياهم، ومنه خرجت الجيوش، وفيه استقبل 984/30
النبي ﷺ وفود القبائل وسفراء الملوك والأمراء.
موجز السيرة النبوية .
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وهو الأساس الثاني الذي أقام عليه النبي دولته؛ حيث أخي النبي بين المهاجرين والأنصار في صورة لا تعرف البشرية على مدى تاريخها لها مثيلا.
فتح الأنصار قلوبهم وبيوتهم لإخوانهم المهاجرين، بصدر رحب ونفس
راضية وحفاوة بالغة؛ فكان الصحابي من المهاجرين ينزل على أخيه الأنصاري
فيسارع الأنصاري بتقسيم ماله شطرين بينهما، وتقسیم داره نصفين بينهما .... وهكذا ربط النبي بين قلوب المسلمين جميعا، فأصبحت عروة الإيمان فوق كل أسباب الصلات البشرية من دم ونسب وأصبح عقد الأخوة ورابطة الأخوة بينهما مقدمة على سائر الروابط.
معاهدة بين المسلمين واليهود
بعد أن استقرت الأمور في المدينة، ودخل معظم أهلها الإسلام، كتب النبي كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه اليهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم، وحدد لهم الحقوق والواجبات ومالهم وما عليهم.
الغزوات والسرايا :
الإذن بالقتال
قال ابن كثير : وإنما شرع الله - تعالى - الجهاد في الوقت الأليق به؛ لأنهم لما كانوا بمكة كان المشركون أكثر عددًا، فلو أمر المسلمون - وهم أقل - بقتال الباقين لشق عليهم؛ ولهذا لما بايع أهل يثرب ليلة العقبة رسول الله ﷺ وكانوا تقام ثماني قال انا الله ا عا لها العلوي من أما من - 1
معركة فاصلة في تاريخ الإسلام؛ ولذا سميت بـ يوم الفرقان لأن الله عز وجل - فرق بها بين الحق والباطل.
سببها : أراد النبي ﷺ استعادة بعض ما أخذت قريش من المسلمين المهاجرين من أموال ومتاع، وذلك بالتعرض لقافلة قريش الآتية من الشام والتي يقودها أبو سفيان، فقال لأصحابه: هذه غير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليهم؛ لعل الله ينفلكموها، فخرج بعض المسلمين ولم يخرج آخرون؛ لظنهم أنها لن تكون حرباً؛ حيث إن القافلة لم يكن فيها سوى أربعين رجلا، فخرج النبي ﷺ يوم 8 رمضان سنة ٢ هـ وجعل على المدينة أبا لبابة أميرًا، وابن أم مكتوم يصلي بالناس.
أبو سفيان يستنفر قريشا :
علم أبو سفيان بخروج النبي ﷺ فأرسل إلى مكة عمرو بن ضمضم الغفاري يستنفرهم؛ لحماية القافلة، فدخل مكة وقد حول رحله، وجدع أنف بعيره، وشق قميصه من قبل، وأخذ ينادي بأعلى صوته: يا معشر قريش اللطيمة ... اللطيمة أي القافلة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها الغوث... الغوث، فتجهزت قريش وخرجت الحماية القافلة ولم يتخلف منهم سوى أبي لهب، وكان عددهم ٩٥٠ معهم ١٠٠ فرس و ۷۰۰ بعير.
أبو سفيان ينجو بالقافلة
استطاع أبو سفيان القرار بالقافلة تجاه الساحل، وأرسل إلى قريش يطمئنهم، ولكن أبا جهل رفض إلا أن يقاتل المسلمين وقال: والله لا ترجع حتى نرد بدرا
984/34
موجز السيرة النبوية .
فنقيم بها ثلاثا، نذبح الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف لنا القيان وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا أبدا... فامضوا.
رسول الله ﷺ يستشير أصحابه
اجتمع رسول الله ﷺ بكبار أصحابه يستشيرهم في الأمر، خاصة الأنصار الذين بايعوه على حمايته داخل المدينة، أما وقد خرج فقد لزم مشورتهم فقال: أشيروا على أيها الناس». فقام أبو بكر فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل الموسى: اذهب أنت
وربك فقاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) [المائدة : ٢٤]، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد - ناحية اليمن في أقصى الجزيرة العربية - الجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فدعا له رسول الله وأثنى عليه خيرا، ثم قال: «أشيروا على أيها الناس فوقف سعد بن معاذ زعيم الأوس وقائد الأنصار وقال: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال : اجل» قال: قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك ، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته الخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا الصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله
سر النبي ﷺ لكلام سعد وقال: سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم".
غزوة أحد
سبب الغزوة أراد من بقي حيا من زعماء قريش الشار لقتلاهم في بدر وإنقاذ سمعة قريش التي أصابها الكثير بعد الهزيمة من المسلمين في بدر، فتحرك عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وأبو سفيان بين القبائل، وطلبوا ممن لهم أموال في قافلة أبي سفيان، التي تجت وكانت سببا في الغزوة، أن يوقفوا هذه الأموال للإعداد للحرب... فوافق الجميع.
خرج جيش المشركين في ثلاثة آلاف مقاتل يقودهم أبو سفيان قائدا عاما، وعلى الميمنة خالد بن الوليد، وهو أيضا قائد الفرسان، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وعلى المشاة صفوان بن أمية، وحامل اللواء طلحة العبدري، ومع الجيش ماتنا فرس، وسبعمائة درع، وخمس عشرة امرأة يضربن الدفوف ويحرضن على القتال تقودهم هند بنت أبي سفيان
وصلت إلى رسول الله ﷺ رسالة من عمه العباس فيها خبر الجيش وتفاصيله وخروجه الملاقاة المسلمين، فاجتمع النبي بأصحابه يستشيرهم في الخروج من المدينة أو البقاء فيها والدفاع عنها من خلالها، وكان هذا الرأي هو رأي النبي وكبار أصحابه، لكن تغلب رأي الشباب من الصحابة الذين لم يخرجوا في غزوة بدر، فاستجاب لهم النبي ونزل على رغبتهم ومشورتهم.
خرج النبي من المدينة في ألف من أصحابه، وذلك يوم السبت السبع ليال خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من هجرته عليه الصلاة والسلام حتى إذا كانوا بين المدينة وأحد رجع ابن سلول بثلث الجيش وقال: عصاني وأطاع الولدان ومن لا رأي له، وما ندري علام نقتل أنفسنا ؟!
و معظم من عاد معه من هم على شاكلته في النفاق.
984/41
الباب الأول
فائدة :
عندما وصل جيش المسلمين بقيادة النبي إلى مكان يدعى الشيخين رأى كتيبة لها صوت وجلية فقال: ما هذه ؟
فقالوا : هؤلاء حلفاء عبد الله بن أبي ابن سلول من يهود، فقال :
لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك».
عسكر النبي ﷺ عند جبل أحد؛ حيث جعل الجبل يحمي ظهره، وجعل على الجبل خمسين راميا، وأمر عليهم عبد الله بن جبير، وقال لهم: قوموا على مصافكم هذه فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد انتصرنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا تقتل فلا تنصرونا».
قسم النبي الجيشين إلى ثلاث كتائب
كتيبة الأوس، وحامل لوائها أسيد بن حضير.
كتيبة الخزرج، وحامل لوائها الحباب بن المنذر.
وأوكل النبي إلى الزبير بن العوام - وهو الفارس الوحيد في صفوف المسلمين والمقداد بن عمرو مهمة الصمود أمام خيل قريش التي يقودها
خالد وعكرمة.
اشتعال المعركة بدأت المعركة بهجوم ميمنه جيش مكة بقيادة أبي عامر الفاسق، تساندهم الخيل بقيادة خالد بن الوليد على ميسرة جيش المسلمين، إلا أن الرماة المسلمين اضطروهم إلى التقهقر والتراجع بعد أن نضحوا الخيل بالنبل
من أحد مساء السبت، فبات تلك الليلة في المدينة هو وأصحابه، وبات المسلمون يداوون جرحاهم، فلما صلى رسول الله ﷺ الصبح يوم الأحد أمر بلالاً أن ينادي: إن رسول الله ﷺ يأمركم بطلب العدو، ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس، ودعا رسول الله ﷺ بلوائه، وهو معقود لم يحل، فدفعه إلى على بن أبي طالب، وخرج القوم وهم بين مجروحوموهون ومشجوج، حتى عسكروا بحمراء الأسد، فأوقد المسلمون هناك نيرانا عظيمة حتى ترى من المكان البعيد وتوهم كثرة أصحابها.
مر معبد الخزاعي - وكان يومئذ من مشركي خزاعة - على المسلمين، ثم تجاوزهم، فمر على المشركين ولهم زجل ومرح وزهو بالنصر الذي لاقوه في أحد، وهم يأتمرون بالرجوع إلى المدينة للقضاء على المسلمين، وصفوان بن أمية ينهاهم، فلما رأى أبو سفيان معبد الخزاعي قال له: ما وراءك يا معبد؟ فقال: ويحكم! إن محمدا قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط، يتحرفون عليكم تحرفًا، فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط !!
فأدخل الله الرعب في قلوب المشركين، وهبوا مسرعين عائدين إلى مكة.
بينما أقام النبي ﷺ في حمراء الأسد أيام الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة... وفي أحداث هذه الغزوة نزلت سورة آل عمران.
عزوة بني النضير
وقعت أحداث هذه الغزوة في شهر ربيع الأول من العام الهجري الرابع.
وكان سببها: أن النبي ﷺ خرج في نفر من أصحابه إلى ديار يهود بني التفسير بالمدينة؛ ليساعدوا المسلمين في دفع دية لإحدى القبائل قتل منها رجلان على سبيل 984/44
موجز السيرة النبوية .
الخطأ، قتلهما عمرو بن أمية الضمري المسلم؛ وذلك عملاً بالاتفاق والعهد بين المسلمين واليهود، فأظهر اليهود الموافقة والترحاب الشديد برسول الله ﷺ فجلس بجانب جدار لهم، فاتفق اليهود على اغتياله في تلك اللحظات بإلقاء صخرة عليه
وهو جالس، وتعهد عمرو بن جحاش بتنفيذ المؤامرة.
نزل جبريل عليه السلام فأخبر النبي بالمؤامرة، فترك مكانه فورا عائدا إلى المدينة، ولما تأخر عن أصحابه جاءهم الخبر برجوعه إلى المدينة، فلحقوا به، فأخبرهم بما كان من غدر اليهود، وأمرهم بالتهيؤ الحرب بني النضير.
أرسل النبي ﷺ محمد بن مسلمة إليهم وقال له: اذهب إلى يهود بني النضير وقل لهم: إن رسول الله أرسلني إليكم أن اخرجوا من بلادي، لقد نقضتم العهد الذي جعلت لكم مما جمعتم به من الغدر، وقد أجلتكم عشرا، فمن رني بعد منكم ضربت عنقها.
أخذ يهود بني النضير يتهيئون للخروج، لكن ابن سلول أرسل إليهم يعدهم بنصرتهم، فعاد اليهود فتمنعوا ورفضوا الخروج، حينئذ سار المسلمون إليهم فتحصن اليهود بحصونهم، واستمر الحصار خمسة عشر يوما.
أمر النبي ﷺ بقطع النخيل وحرقه، فنادوا من وراء الحصون: أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من يصنع، فما بال قطع النخيل وتحريقها.
وقذف الله الرعب في قلوبهم، فطلبوا من النبي أن يجليهم عن المدينة ويصادر ما معهم من سلاح، فوافق النبي ﷺ فاحتملوا من الأموال ما استقلت به الإبل، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن بابه فيضعه على ظهر بعيره، فينطلق به إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام، وسار أكابرهم إلى خيبر، منهم: سلام بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع وحيي بن أخطب.
.
غزوة الأحزاب
وقعت هذه الغزوة في شهر شوال سنة خمس من الهجرة - على أرجح الأقوال.
وسببها أراد زعماء اليهود الثار من المسلمين بعد طرد بني قينقاع وبني النضير إلى جانب حقدهم الدائم على المسلمين فخرج من خيبر وفد منهم على رأسه حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وكنانة بن أبي الحقيق واتجهوا صوب مكة يدعون قريشا إلى حرب المسلمين، ثم اتجهوا إلى غطفان وتواعدوا جميعًا على موعد للخروج لحرب رسول الله ﷺ.
وصل الخبر إلى النبي ، فاستشار أصحابه، فاقترح سلمان الفارسي أن يحفر خندق حول المدينة فلا يستطيع المشركون الوصول إلى المسلمين، فقبل الاقتراح، وعمل فيه جميع المسلمين وعلى رأسهم وأولهم رسول الله ، حتى انتهوا منه.
جيش المشركين وقيادته خرجت قريش يقودها أبو سفيان، وبنو فزراة من غطفان يقودها عيينة بن حصن، ومرة يقودها الحارث بن عوف، وأشجع يقودها مسعر بن رحيلة، خرجت أيضا كنانة وتهامة ونجد حتى اجتمع عشرة آلاف مقاتل، اتجهوا صوب المدينة؛ بغية استئصال المسلمين وإبادتهم، حتى إذا وصلوا فوجئ الجميع بما لم يكونوا يتصورون أو حتى يتخيلون، ألا وهو الخندق الذي كان فكرة فارسية لم تعرفها العرب بعد، فأذهلتهم المفاجأة، وظلوا عاجزين على اقتحام الخندق، تأكل قلوبهم الحسرة، ولما حاول بعضهم اقتحام الخندق
(٤٥
لقي حتفه في الحال.
984/46
موجز السيرة النبوية .
كان عدد المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل، أما النساء والصبيان والعجائز فقد أمر النبي ﷺ بوضعهم في حصن بني حارثة حتى يكونوا في مأمن من خطر الأعداء.
وعلى الرغم من أن الخندق حمى المسلمين من هجوم المشركين فإن البلاء قد عظم على المسلمين، واشتد الخوف مع شدة البرد والجوع أيضا، حتى صور القرآن ذلك بقوله تعالى: ﴿إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقَكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَت الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا وَ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زلزالاً شديدًا) [الأحزاب: ۱۰، ۱۱]
في هذا التوقيت نزل خبر خيانة يهود بني قريظة ونقضهم للعهد مع المسلمين كالصاعقة على المسلمين، مما جعل النبي ﷺ يفكر في أمر يخفف به ما نزل على المسلمين، فاستشار زعيمي الأنصار سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، أن يدعو غطفان للعودة وترك مواقعهم مقابل ثلث ثمار المدينة، لكن السعدين - رضي الله عنهما - رفضا الفكرة بشدة، فأوقف النبي المفاوضات مع غطفان نزولاً على رأي أصحابه.
هدية السماء للمسلمين الصابرين في هذا التوقيت العصيب الذي تجمع فيه على المسلمين البرد والجوع والخوف والعدو والحصار، هدى الله للإسلام رجلاً من أشجع - إحدى قبائل غطفان - فذهب للنبي ﷺ يخبره بإسلامه، وأنه لا أحد يعلم بإسلامه فقال له النبي ﷺ : إنما أنت فينا رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت؛ فإن الحرب خدعة ووصلت الرسالة المحمدية إلى نعيم، الذي تحرك على الفور، فذهب إلى اليهود فأشار عليهم أن يأخذوا رهنا من أشراف غطفان و قريش؛ ليضمنوا مساندتهم لهم إن أرادوا حرب رسول الله ﷺ ؛ لأنه قريببني قريظة على ذلك.
وذهب إلى غطفان وقريش وقال لهما: إن اليهود ندموا على نقضهم الحلف مع محمد وهم يريدون أخذ رجالكم يعطونهم لمحمد ليضرب أعناقهم حتى يضمنوا استمرار التحالف معه، ولما طلبت قريش وحلفاؤها من اليهود البدء بالقتال طلبوا منهم بعض أشرافهم رهينة، فرفضوا، فصدقت قريش وغطفان واليهود كلام نعيم، ونشب الخلاف بينهم، ودب البأس في جند المشركين.
فائدة:
عندما اشتد الكرب على المسلمين توجهوا إلى النبي ﷺ وقالوا : يا
رسول الله هل من شيء نقوله، فقد بلغت القلوب الحناجر ؟ فقال :
نعم... اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا ودعا النبي ﷺ على الأحزاب فقال: «اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم
وزلزلهم ...
واستجاب الله سبحانه دعاء نبيه ، وأقبلت بشائر الفرح فقد صرفهم الله بحوله وقوته، وزلزل أبدائهم وقلوبهم، وشتت جمعهم بالخلاف الذي دب بينهم، ثم أرسل الله عليهم الريح الباردة الشديدة وألقى الرعب في قلوبهم، وأنزل جنوداً من عنده سبحانه، قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودُ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) [الأحزاب: 4].
حذيفة يستطلع خبر القوم أرسل النبي حذيفة بن اليمان؛ ليستطلع خبر القوم، وأمره ألا يحدث فيهم أي لا يقتل منهم أحدا - فتسلل حذيفة إلى
984/48
(٤٧
موجز السيرة النبوية .
معسكر المشركين دون أن يعرفه أحد، حتى سمع من أبي سفيان قرار الارتحال وأمره للفرسان بتأمين الانسحاب، وبالفعل غادرت قريش وغطفان مواقعهما وتبعهما الفرسان، فلما أصبح الصباح كان الأحزاب قد ذهبوا، فوضع المسلمون السلاح، ثم عادوا إلى المدينة، وبعد انتهاء هذه الغزوة قال النبي ﷺ لأصحابه: «الآن نغزوهم ولا يغزوننا وهي إشارة إلى تغير الموقف لصالحالمسلمين، حيث يميل ميزان القوى ناحيتهم، ولن تستطيع قريش بعد اليوم أن تهاجم المسلمين.
بنو قريظة وحملة التأديب والعقاب
کشفت غزوة بني قريظة حقد اليهود على المسلمين، وتربص الدوائر بهم فقد نقضوا عهدهم ووعودهم مع النبي ﷺ في أحلك الظروف وأصعبها، ومنوا أنفسهم بإبادة المسلمين إبادة تامة بعد تحالفهم مع قريش وغطفان وغيرهما.
فما أن عاد النبي ﷺ والمسلمون من الخندق، ووضع الجميع السلاح حتى جاء جبريل بأمر الله، فقال للنبي ﷺ: أو قد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: ما وضعت الملائكة السلاح، إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة؛ فإني عامد إليهم فمزلزلهم، فأمر النبي المؤذن أن ينادي في الناس: من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة وعين ابن أم مكتوم واليا على المدينة، وأمر على بن أبي طالب بحمل اللواء، وأن يكون في مقدمة الجيش؛ ليسبقه باللواء إلى بني قريظة، حتى يصل إليها قبل وصول عامة الجيش مع مفرزة من المسلمين، وبالفعل أسرع المسلمون إلى هناك، وضربوا الحصار على بني قريظة خمسا وعشرين ليلة، ولما اشتد الحصار وعظم البلاء عليهم، أرادوا الاستسلام والنزول على أن يحكم الرسول ﷺ فيهم سعد بن معاذ، ورأوا أنه
سيراف بهم بسبب الحلف الذي كان بينهم وبين قومه الأوس.
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
What is time management? Time management is the process of consciously planning and controlling time...
In recent years, working part-time job for student has considered one of the most debated and though...
Colombia Nariño is one of those coffees that instantly wakes up your senses—in the best way. It's br...
Borrowing Borrowing is simply one language taking words directly from another and using them as its ...
أحد، وقالوا له: اخرج من بلادنا وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه السفهاء والصبيان والعبيد يسب...
تَضارَبَتِ الآراء حينَ أَعْلَنَ خَادِمُ بن زَاهِرٍ استياءَهُ مِن حُسَينِ صاحِبِ (البوم ) قائلا: «إِم...
المبحث الأول: ماهية محاسبة التكاليف يتناول هذا المبحث الإطار العام لمحاسبة التكاليف من حيث المفاهيم ...
-في مجال الفكر الفلسفي ،اتجه هذا التيار إلى تخليص الفرد من هيمنة أفكار ومبادئ كانت مفروضة عليه من قب...
العوامل البشرية تعتبر العوامل البشرية عوامل مهمة للتخطيط الإقليمي، فالإنسان هو الذي يعطي العناصر ال...
أصبحت القصص الرقمية اليوم أداة تعليمية مهمة لمساعدة الأطفال على تطوير اللغة والتفكير. إن رواية القصص...
التجارة كما أسهمت الدولة العباسية في دفع النشاط التجاري قدما إلى الأمام فعملت على توطيد النظام الداخ...
تعتبر الحياة البحرية أساسية لكوكبنا ولنا نحن البشر على حد سواء، وتتجلى أهمية الحفاظ عليها في جوانب ع...