Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

(Using the AI)

يُعرف الفصل الثالث الثقافة التقليدية بأنها أقدم ثقافة بناها الإنسان، سادت الحياة الاجتماعية عبر تاريخ البشرية، وتتوسع وتتشعب وتتعقد بتعقد الحياة الاجتماعية في المجتمعات المتخلفة. لا يُطلق عليها "تقليدية" لكونها قائمة على تقاليد محضة، بل لعجز الأفراد والشبكات والجماعات عن التحكم بمعيشتهم ومصيرهم. يتجلى هذا العجز في طريقة تعبيرهم اللغوية، وهي خليط من مفردات لغات مختلفة مع نطق محلي، قواعدها بسيطة، وتعتمد على اقتباس التقنيات العصرية من لغات أجنبية، مُكيّفة حسب واقعهم الاجتماعي دون إنتاج جديد. يُفضلون هذا الخليط اللغوي حتى لو أتقنوا لغة أخرى مثل العربية، رافضين ضمنيًا المساهمة في التجديد الاجتماعي. هذا التعبير يُعتبر مؤشرًا لمواجهة التجديد، مُعرقلاً لتطور المجتمع، لعدم وجود قواعد لغوية نحوية أو صرفية واضحة. لإحاطة هذا العجز، يجب أولاً التوقف عن ربط هشاشة المجتمعات بتوابع الاستعمار أو التنافس الدولي، والاعتراف بأن هشاشتها ترجع للثقافة التقليدية التي تُعجزها عن مواجهة تحديات العصر. ثانيًا، يجب الاهتمام بالفهم الدقيق لكيفية تنظيم وتسيير الحياة الاجتماعية بواسطة هذه الثقافة، قبل بروز الحداثة والعصرنة، لمتابعة تعامل الإنسان مع محيطه الخارجي المادي (جغرافي ومناخي) الذي كان ومازال مصدرًا لمعيشته وأخطاره، خاصةً في ظل تقلباته وانعدام وسائل الوقاية.

لذا تُعرّف الثقافة التقليدية بأنها سلسلة تجارب اجتماعية يعيشها الأفراد والجماعات في محيط عدواني، تتميز بالخطر، وعدم الأمن، وعدم الاستقرار، وعدم التحكم في وسائل المعيشة، وهذه الركائز تتوسع وتتشعب بتعقد التحارب الاجتماعية. هذه الركائز لا تستمد حيويتها من المحيط الجغرافي والمناخي فقط، بل من عناصر الحياة اليومية في المجتمعات المتخلفة، كما يتجلى في مثال الفيضانات في الجزائر (2001 و 2007) التي كشفت عن هشاشة التمدن، ونقص خطط الحماية الحكومية، وانعدام الثقة بالسلطات بسبب مخالفات البناء. غياب السلطات يُسبب مشاكل تدعم التجارب الاجتماعية للثقافة التقليدية، كما في ظاهرة الشباب الذين يستغلون الظروف (كفيضانات) لنهب ممتلكات الناس وفرض "ضرائب" بالقوة، مستفيدين من دعم اجتماعي وقانوني ضمني. هذا يعرض المواطنين لسلطتين متضادتين: السلطة الرسمية الغائبة، والسلطة الموازية للشباب.

يُطرح السؤال: كيف يمكن للمواطنة أن تقوم بشروط الحياة المعاصرة مع هذه الهشاشة الداخلية؟ هناك خمس ملاحظات: أولاً، عدم ضمان المستقبل الاجتماعي بسبب سعي بعض الشباب لكسب الأموال دون جهد. ثانيًا، تجسيد هشاشة المجتمع في البنايات وحرص الجزائريين على تحصين منازلهم. ثالثًا، تغذية الهشاشة للأخطار وعدم الأمن وعدم الاستقرار في جميع الأوساط. رابعًا، ترك هذه الهشاشة بصمات في الوعي واللاوعي الجماعي، كالتعامل مع غياب فعالية المؤسسات. خامسًا، ترك بصمات في الوعي واللاوعي الفردي، كما يتجلى في حالة المرأة الجزائرية الهشة حتى تصبح أما، وتخوفها من العزوبة والطلاق، مما يجعلها تحمل بسرعة، مُرسخة بذلك ركائز الثقافة التقليدية في اللاوعي الفردي. هذا التناسب بين اللاوعي الفردي والجماعي والثقافة التقليدية يُعتبر مؤشرًا لمواجهة التحديد الاجتماعي.

بعد الثورة الزراعية والصناعية، انتشرت الثقافة التقليدية عالميًا، ثم حُصرت في البلدان المتخلفة. تبدو الإنسانية وكأنها تتميز بقدرات مختلفة، لكن المتابعة العلمية تُظهر أن القاسم المشترك هو تأثير المحيط الخارجي على الحياة، رغم اختلاف هذا التأثير من منطقة لأخرى. تختلف الثقافة العصرية عن التقليدية في إرادة التحكم في الحياة والمصير، لكن كلاهما مبني على علاقة معينة بالمحيط الخارجي. تُغيّب الثقافة التقليدية في جميع الأقطار المتخلفة، وهو مؤشر لمواجهة التحديد الاجتماعي. يُفضل الجزائريون إثبات أن مجتمعهم حديث بدلًا من الاعتراف بالثقافة التقليدية، ويُبرر الأميون جهلهم، والمثقفون يستندون لدراسات تُظهر تحطم المجتمع الجزائري عبر التاريخ، متجاهلين دور الثقافة التقليدية في بقاء المجتمع رغم المشاكل. تُبين المتابعة العلمية أن الثقافة التقليدية ما زالت مُتحكمة في المجتمع الجزائري، مستغلة الأحداث والمواسم لتغذية النظام الاجتماعي.

يُعزى تغييب الثقافة التقليدية لسبب مزدوج: مواجهة القرار الإلهي في الإسلام، ومواجهة العصرنة للحفاظ على الطاقة البشرية. يُغيّب الجزائريون الثقافة التقليدية للاستفادة من الإسلام والعصرنة دون مراعاة شروطها. يُبين التحليل العلمي أن الجزائريين لم يذوبوا في الإسلام، بل وظفوه، ويحاربون شروط العصرنة ويستفيدون من مزاياها في آن واحد. يُغيّب المثقفون الثقافة التقليدية لأسباب اجتماعية، ولأنها خفية. يتكامل هذان الأمران لربط المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بتدخلات خارجية، وهو مؤشر خامس لمواجهة التحديد الاجتماعي. يُذكر ابن خلدون وجاك بيرك كمثالين على عالمين عالجوا قضايا اجتماعية وسياسية نابعة من الثقافة التقليدية دون الإشارة إليها، لأسباب تتعلق بهويتهما ومغزى الثقافة التقليدية. يُظهر عمل محمد أركون صعوبة فهم الثقافة التقليدية دون قطيعة ابستمولوجية.

تُفتح هذه القطيعة باب التحليل العلمي أمام أطروحة تقر أن مصير الثقافة التقليدية مرتبط بالعجز الذي تقوم عليه، وأمام ملاحظات ميدانية تُظهر انتشارها في المجتمعات المتقدمة، لكن بطريقة خفية. تُقدم ست ملاحظات تُظهر ظهور عناصر الثقافة التقليدية في المجتمعات المتقدمة في مواقف مختلفة: التعاون في الكوارث، استغلال الفرص في تعطل إشارة المرور، استخدام ممارسات تقليدية للوصول في الوقت المحدد، تخصيص النقل حسب الجنس لتقليل التحرش، نهب البضائع من سفينة غارقة، والادخار عند ندرة السكر. يمكن النظر للمشاكل في الجزائر على أنها ناجمة عن مواجهة تهدد الثقافة التقليدية ونظامها الاجتماعي، داخليًا أو خارجيًا.

تُبرز التجارب التي تُكوّن الثقافة التقليدية معانيها عند تكرارها وتراكمها، مُكوّنةً أمثالًا تُستخدم لتنظيم وتسيير الحياة الاجتماعية، وتلقين الأجيال الجديدة. تختلف الأمثال حسب اختلاف تقلبات المحيط الخارجي، بعضها يعبر عن عدوانية المحيط، والبعض الآخر عن أنواع مختلفة من تقلباته. تشير الأمثال لأنواع المواقف والسلوكيات، وتُعتبر كتربية مستمرة. يخطئ من يُنسب هذه الأمثال للشرائح الشعبية فقط، فهي مُشتركة بين جميع فئات المجتمعات المتخلفة. يُصيب من يُثبت أن المجتمعات غرقت في تخلف لاحتفاظها بثقافتها التقليدية واستغلال نتائج العصرنة دون مراعاة شروطها. يُصعب تقديم طريقة توظيف جميع الأمثال لعدم تسجيلها في جميع المناطق، وما سُجل لم يكن من أجل دراسة تنظيم وتسيير الحياة الاجتماعية. يُمكن تقديم النظام الاجتماعي القائم على هذه الثقافة ومتابعة المواجهة التي تحركه.


Original text

الفصل الثالث: الثقافة التقليدية
إن الثقافة التقليدية أقدم ثقافة بناها الإنسان. لقد راودت الحياة الاجتماعية في جميع الأطوار طول مدة طويلة من تاريخ الإنسانية. إنها تتوسع وتتشعب وتتعقد بتوقع الشعب وتعقد الحياة الاجتماعية في المجتمعات التي ما زالت تابعة لها، أي المجتمعات المتخلفة.
لا يُنسب لهذه الثقافة صفة التقليد لأكفأ قاعدية أو لكونها تقتصر على تقاليد، بل لأنها قائمة على عجر الأشخاص والشبكات العلاقاتية والجماعات على التحكم في وسائل معيشتهم وتنظيم مصيرهم حسب أهوائهم وحاجاتهم وطموحاتهم.
من بين الظواهر الاجتماعية الدالة على هذا العجز وعلى تجدده عبر الأجيال ضمن المجتمعات التي غرقت في التخلف، يمكن ذكر طريقة التعبير المستعملة من طرفممثلي هذه الثقافة. إنها تراود انعدام الإنتاج بمعناه العصري، أي انعدام حرك التجديد والتطور الاجتماعي. إنها خليط لغوي مركب من مفردات مأخوذة من لغات مختلفة، ما عدا النطق الذي يأخذ زنة محلية قد تخدع من يجهل أمرها. فإن قواعد هذا التعبير قليلة بسيطة لا تتجاوز القضايا التابعة للمذكر والمؤنث والفرد والجمع، وزيادة
إن جميع المفردات الدالة على إنتاج جديد، مثل التقنيات العصرية، ناجم عن لغات أجنبية، أي يوظف ممثلو الثقافة التقليدية آلية لانتهاز الفرص ليستغلوا إنتاج الآخرين ويحاولوا أن يكيفوا ما يقتبسون هكذا مع حالتهم الاجتماعية، متبعين الطريقة تجعلهم ينطقون به كانه من صنعهم.
وبصفة عامة وموازية لهذا، لا ينطق ممثلو الثقافة التقليدية، أو يكادو ألا ينطقوا إلا بواسطة هذا الخليط ولو استوعبوا اللغة العربية، فمثلاً لو طلب من أحدهم أن ينطق عربياً فإنه يتضايق ويبدو تواضعاً وحياء، وهو يفضل أن يشارك الآخرين في استعمال لغة الخليط، وهذا ما يدل على رفض المساهمة في التجديد الاجتماعي، ولو كان هذا الرفض ضمنياا
يمثل هذا التعبير إذن، أول مؤشر مواجهة التجديد الاجتماعي
، يكفي الاعتناء، بمحاولة تقديم وسائل الإجابة على السؤال الآتي: ليتضح أن من شأن هذا التعبير أنه قد يعرقل تطور المجتمع ، كيف يستطيع ممثلو الثقافة التقليدية أن يراعوا شروط التجديد الاجتماعي وطريقة تعبيرهم خالية من كل قاعدة لغوية، نحوية أو صرفية تذكر
لكن، تقتضي الإحاطة فعل العجز توفر شرطين. يشمل الشرط الأول في الكف عن ربط هشاشة المجتمعات المختلفة بتوابع الاستعمار، أو التنافس الدولي، وفي الاعتراف بأن جل هذه الهشاشة راجع للثقافة التقليدية التي تحرك هذه المجتمعات بطرق تجعلها غير قادرة على تحمل ثقل تحديات العصر.
أما الشرط الثاني، فإنه يفرض الاهتمام بالضبط البعيد حتى يتسنى الاطلاع على كيفية تنظيم وتسيير الحياة الاجتماعية بواسطة الثقافة التقليدية.
إذ يجب الاعتناء بما قبل بروز عبر الحداثة و العصرنة، لكي يتم الإحاطة بما يجري منذ في الأقطار التي وقعت في التخلف.
إن توفر هذان الشرطان فإنه يمكن متابعة تعامل الإنسان مع محيطه الخارجي المادي، أي الجغرافي والمناخي خصوصا، أثناء مدة دامت طويلا.
إن الاهتمام بالمحيط الخارجي ضروري، لأنه كون ومازال يكون حسب الأوضاع الموضوعية والتصورات الاجتماعية، كما رأيناه ، منبع وسائل المعيشة بالنسبة لجميع الناس هواء ماء، خضر ...) ومصدر الأخطار بالنسبة لشرائح مختلفة من الإنسانية (زلازل، أمراض، أوبئة فيضانات..... لماذا ؟
لأن المحيط الخارجي منقلب، كما رأيناه كذلك، ولأن تقلباته تؤثر بصفة مباشرة وغير مباشرة على الحياة، خصوصا عندما تنعدم وسائل الوقاية كما كان الحال سابقا وكما هو الشأن في المجتمعات المتخلفة إلى حد الآن.
1 تعريف الثقافة التقليدية :
تتكون الثقافة التقليدية من تأثير المحيط الخارجي على الحياة، لهذا يمكن تعريفها على النحو التالي :
تركب الثقافة التقليدية من سلسلة التجارب الاجتماعية التي يعيشها الأشخاص والجماعات في محيط عدواني حر التصرف.
تتميز هذه التجارب الاجتماعية بالخطر وعدم الأمن وعدم الاستقرار وعدم التحكم في وسائل المعيشة. تكون هذه الميزات ركائز الثقافة التقليدية، وشأن هذه الركائز شأن الثقافة التي تتمحور حولها : إنها تتوسع وتتشعب وتتعقد بتوسع وتشعب وتعقد التحارب الاجتماعية.
فعلا لا تستمد هذه الركائز حيويتها من المحيط الجغرافي والمناخي فحسب، بل مین جل العناصر التي تشارك في الحياة الاجتماعية اليومية ضمن المجتمعات المتخلفة تبين هذا ثلاث حالات من بين الحالات التي يعاني منها الجزائريون، على سبيل المثال، إنها تحمل مؤشرا ثانيا يدل على مواجهة التحديد الاجتماعي.
لقد امتد الخطر وتوسعت رقعة عدم الأمن إثر الفيضانات التي عانت منها العاصمة الجزائرية وضواحيها سنتي 2001 و 2007، لقد حطمت الأمطار منازل وطرقا، وأوقفت حركة المرور والنشاط ساعات متتالية وقضت على عدد من الأشخاص في أحياء مختلفة. وعليه، كشفت هذه الفيضانات عن هشاشة التمدن فنشرت الرعب بين السكان وجعلتهم يدركون أن السلطات العمومية تفتقد أي خطة قد تعتمدها لتحميهم. واستنتجوا بعد ذلك أمرين آخرين :
أولا، أن بناء بذور التمدن (طرق جسر، عمارات... مخالف للمعايير التقنية المعتمدة :
ثانيا، أن الهيأة الرسمية لم تتابع الإنجازات فسحبوا ثقتهم من السلطات العمومية إذ تبين لهم، عندئذ، أنها قد فقدت مصداقيتها.
لا يتوقف غياب السلطات العمومية عن الساحة الاجتماعية عند هذا الحد بل يأخذ أشكالا أخرى فيصحب خطراً. إنه يتسبب في مشاكل ومن شأن هذه المشاكل هو أنها تدعم التجارب الاجتماعية التي تتكون منها الثقافة التقليدية.
لا يوجد في المدن الجزائرية ما يقي الناس من شباب ينهزون كل فرصة ليحصلوا على ما يبتغوه بدون جهد وبدون مراعاة أي شرط اجتماعي.
يغتنم شباب فرصة توقف حركة المرور واكتظاظ الشوارع بالسيارات وانتشار الظلام إثر الفيضانات على سبيل المثال، لينقلوا بين المركبات بحثا عن كل ما يمكن اغتصابه هاتف نقال، حلي ...).
ويمتد الخطر بواسطة المكس الذي يفرضه شبان على من يوقفون سياراتهم بجانب أرصفة المدن يكون هؤلاء الشبان عصابات تفرض ضرائب موازية على أصحاب السيارات ما عدا استعدادهم لإلحاق أضرار فمن يحاول أن يمتنع عن بطشهم، فإنهم لا يقدمون أي خدمة تبرر الأموال التي يأخذونها من أصحابها رغم أنوفهم.
يضع شبان أرصفة المدن تحت رعايتهم، ويستظهرون بأعدادهم وقوتهم البدنية والعصي التي يحملونها وتضامنهم ليقنعوا كل من تبقت لديه بذور الشك أنهم مستعدون لاستعمال كل الوسائل من أجل أخذ كمية مالية ممن يوقف سيارته بجانب الأرصفة التي استولوا عليها بهذه الصفة.
لا يستطيع أصحاب السيارات أن يمتنعوا عن الدفع أمام بطش هؤلاء الشبان الأسباب مختلفة.
لا يوقف الناس سياراتهم بجانب الأرصفة من أجل الخوض في صراع مع هذا أو ذاك، بل من أجل قضاء حاجة أو أخرى، ولما يوقف شخص سيارته هذه الصفة، فإنه يجد نفسه منعزلا أمام شاب قد يكون أقوى منه جسديا وهو يتمتع بتواجد رفقائه بجانبه، زيادة على هذا، فإنه يتذكر أن محيطه الاجتماعي قد أخبره أنه لا يستطيع أن يطمئن على سيارته إن حاول أن يمتنع عن دفع المبلغ المالي الذي يفرض عليه
هكذا، يتوسع ويتشعب ويتعقد الخطر وعدم الأمن الذي يترتب عليه، إذ لا يتخوف الناس، مثلا، من تقلبات المحيط المادي وحوادث المرور
إن انعدام الوقاية المنتظرة من السلطات العمومية الدليل على أن الحكم لا يدعم دولة تسير الحياة الاجتماعية اليومية حسب الصلاحيات التي تشترطها العصرنة ويفرضها العصر لذا لا يسهر الشرطي المتواجد في عين المكان على راحة المواطنين، بل يهتم يمنع كل ما قد يؤذي الحكم القائم.
ففي هذه الحال يجد المواطن نفسه فارغ الأيدي أمام سلطنين متكاملتين في محاولة تحريمه من الاستقرار.
يمثل هؤلاء الشباب سلطة موازية إلهم يتحلون التدابير المناسبة المصالحهم الخاصة ويفرضونها على الآخرين ليحصلوا على أموال بدون أن يبدلوا أي جهد واهم يهددون في نفس الوقت، كل ما يتعلق بالمصلحة العامة (أمن استقرار، مواطنة)
الغريب في الأمر هو أن هؤلاء الشبان محظوظون بصفة كاملة. إذ يستفيدون من سند اجتماعي وحماية القانون.
مارس عادة هؤلاء الشبان نشاطهم في شوارع أحبيائهم، أو بقرب منها وهذا ما يجعلهم يستفيدون من تعاضد ذويهم وجيرانهم عند الحاجة.
تتسبب أي مشاجرة بين صاحب سيارة وأحد هؤلاء الشبان في الوضع التالي: يستفيد هذا الأخير من سند أبناء حيه، كما يقال، أما ذاك فيحد نفسه منعزلا
زيادة على هذا، فإن الوضع قد ينقلب على صاحب السيارة بطريقة تجعله يستدعى من طرف السلطات العمومية والقضائية، أي من طرف ما يمثل السلطات الرسمية، كمعد بعد أن تجدي عليه في الواقع. وعلى أي حال، فإنه لا يحتر على مسؤول يشكو له أمره. لماذا ؟ لأن المسؤولين غائبون
عن الساحة الاجتماعية العامة لأنهم غير معنيين مباشرة ما يجري فيها ما نام الحكم القائم لم يهدد : لهم يقيمون خارج المدن ولا يمرحون فيها أما ما يهمهم بصفة متواصلة، فهو تدبير وسائل تحقيق أمرين متكاملين : تدعيم الشبكات الاجتماعية التي أبداهم حتى أصبحوا مسؤوليت لكي تبقى تؤيدهم حتى يحتفظوا بمناصبهم أو يترقوا.
تحت هذه الحالات على الاعتناء بالسؤال التالي : كيف يمكن للمواطنة أن تقوم، كما تقتضيه شروط الحياة الاجتماعية المعاصرة، وأطراف مختلفة
تسبب في هشاشة المجتمع من الداخل ؟
في انتظار حصر المعطيات التي تبين أن هذه الهشاشة مقصودة وأن لها دلالة اجتماعية، تجدر الإشارة الخمسة أمور
أولا، أن المستقبل الاجتماعي غير مضمون لما يصمم بعض الشباب على جلب أموال دون بذل أي جهد يحمد.
ثانيا، أن هشاشة المجتمع مجسدة على سطح الأرض، من خلال البنايات، كما تدل عليه ممارسة اجتماعية منتشرة بين الناس مجرد ما يحصل على سكن أو يهي بناء منزل، يسهر الجزائري على وقاية ذويه من الأخطار التي يتوقعها، فيصفح بابه بالجديد ويضع شباك من جديد كذلك على نوافذه.
ثالثا، أن هشاشة المجتمع تغذي الأخطار وعدم الأمن وعدم التحكم في وسائل المعيشة وعدم الاستقرار، كما أنها ثبت هذه العناصر في جميع الأوساط الاجتماعية
رابعا، أن هذه الهشاشة ترك، كما يترك ما يترتب عنها من خطر وعدم أمن وهلم جراء بصمات في الوعي واللاوعي الجماعي إن الدليل على هذا هو ما يمكن أن يعتبر كسلوك اجتماعي مطابق لعدم فعالية
المؤسسات العمومية : ما عدى من ينتقل على متن مركبة فإن النساء يعدن لديارهن وينطوي الرجال نحو أحيائهم على الأقل، مجرد ما تغرب الشمس، أي مجرد ما يعم الخطر أرجاء المجتمع، حسب المنظور العام.
خامسا، تبين علاقة الأم بأبنائها أن العناصر الأربعة التي تتمحور حولها الثقافة التقليدية والوعي واللاوعي الجماعي، تترك كذلك بصماتها في الوعي واللاوعي الفردي توضح معطيات مختلفة هذه العلاقة وما ينجم عنها.
مهما تنوعت أوضاع المرأة في الجزائر، فإن حالتها تبقى، لأسباب يتم ذكرها لاحقا، هشة ما دامت لم تصبح أما. ولا تبتعد الفتاة من تخوفها من العزوية إلا لتسقط، لما تصبح زوجة في التخوف من الطلاق إثر عقم أو صراع مع أم و أخوات الزوج، خصوصا لما تتم الحياة العائلية وفق الشروط التقليدية. لهذا، تصبح الزوجة حاملا في أسرع وقت. لكنها تبقى قلقة. وما يقلقها هو ما يمثل الركائز الأربعة التي تتمحور حولها الثقافة التقليدية، أي الخطر ... وفي نفس الوقت تكون الأم الحامل وجنينها وحدة فكل ما يؤثر على الأم يؤثر مباشرة على الجنين. وما يؤثر على الأم هو الخطر وما يليه من عدم أمن وعدم التحكم في وسائل المعيشة وعدم الاستقرار. بفضل هذا التلاحم إذن، ترسخ هذه الركائز الأربعة في اللاوعي الفردي، إذ يجسد الجنين اللاوعي بذاته.
يتم، هكذا، تناسب بين اللاوعي الفردي واللاوعي الجماعي والثقافة التقليدية. لهذا، يستجيب الأشخاص، كما تستجيب الشبكات العلاقاتية والجماعات، لأبعاد هذه الثقافة بصفة تلقائية لاشعورية.
يحمل هذا التناسب مؤشرا ثالثا يدل على مواجهة التحديد الاجتماعي. فيجب، إذن، الاطلاع على هذه الثقافة ومتابعة تأثيرها الاجتماعي بعد الإحاطة بمصيرها في الجزائر، على سبيل المثال.
مصير الثقافة التقليدية
حين اندلاع الثورة الزراعية والثورة الصناعية بين القرن 17 والقرن 18 في المجتمعات التي شرعت في تحويل وتغير أوضاعها، أي في المجتمعات في تطورت تدريجيا، كانت الثقافة التقليدية منتشرة في جميع أرجاء العالم. ومنذ بروز الحداثة الحضرت هذه الثقافة في حدود البلدان التي وقعت بدورها في التخلف.
حتى تحيط بهذه الثقافة، تجدر الإشارة إلى مايلي :
يبدو، لأول وهلة، أن الإنسانية قد تميزت بطاقات مختلفة كما تتميز الشعوب المختلفة، الآن بتلقاها الخاصة، لكن بين المتابعة العلمية أن ما حرك الإنسان سابقا وما يحركه إلى حد الآن في الأوطان المتعلقة في ثقافة واحدة قائمة على التأثير المباشر وغير المباشر للمحيط الخارجي على الحياة
وهي الثقافة التقليدية يكون هذا التأثير القاسم المشترك بين الناس رغم أنه يختلف من منطقة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر حسب اخلاق تقلبات المحيط والتجارب التي تتكون منها الثقافة التقليدية مختلفة وغم لها تعبر كلها عن عمر الأشخاص والجماعات على التحكم في حياكم ومصوعي، كما يختلف كذلك تعامل الإنسان مع ما يؤثر عليه ملهناء اصح إنات وجود حضارات عديدة قد أدت إليها الفروع المختلفة التي تغير على الثقافة التقليدية، عوض الإشارة إلى ثقافات عديدة.
وهذا هو شأن الثقافة العصرية إنما تميزت بدورها على علاقة معينة بالمحيط الخارجي، علاقة مبنية على إرادة التحكم في الحياة والمصير بصفة
موازية الاقسام واستغلال الأوضاع الجغرافية والأطوار المناخية، لكن تختلف صيغ هذه العلاقة كما تختلف الشعوب التي تبناها. ويبدو، كذلك أن هذه الصيغ تكون ثقافات مختلفة، غير أنها تجسد حضارات منبثقة من نفس المورد الثقافي الذي تشارك في إثرائه، أي الثقافة العصرية.
مهما كان الحال تبقى الثقافة التقليدية مغيبة في جميع الأفطار. وهذا ما يحمل مؤشرا رابعا يدل على مواجهة التحديد الاجتماعي في الأوطان المتخلفة عامة.
تمثل الثقافة التقليدية اللامعقول وغير المعقول " ضمن الحياة الاجتماعية المعاصرة. على سبيل المثال، يفضل الجزائريون أن يثبتوا أن مجتمعهم حال مما يسمى ثقافة، عوض أن يعترفوا بوجود الثقافة التقليدية بين أحضانهم.يبرر الأميون جهلهم، هذا، يجهلهم أوضاع بجمعهم، أما المثقفون، فإنهم يستندون الدراسات وبحوث علمية تثبت أن المجتمع الجزائري قد تحطم إثر انتشار الإسلام فيه والاستعمار وحرب التحرير وسياق التنمية والإسلاموية وأنه لم يتبق منه إلا تقاليد مبعثرة وهي على وشك الاندثار.
لكن، لا يتحطم أي شيء أكثر من مرة إلا إذا استرجع أنفاه من قبل فما هو سير هذا الانبعاث المتحدد الذي أنقذ المجتمع الجزائري من الانقراض أكثر من مرة ؟
عوض أن يبحث المثقفون الجزائريون عن وسائل الإجابة على هذا السؤال، فإنهم يكتفون بتعبير محمو الثقافة لإثبات انعدام هذا العنصر في الجزائر.. إنهم يتناولون هذا التعبير كمفهوم علمي يدل على واقع اجتماعي لم يتحقق منه أي منهم.
الغريب في هذا الأمر هو أن المثقفين الجزائريين لم يراعوا أهمية الثقافة بالنسبة للمجتمع. إنما تكون، تقليدية كانت أو عصرية، عنصرا حيويا بالنسبة لكل مجتمع إنها لا تندثر إلا والجار المجتمع الذي كان يحملها. غير أن المجتمع الجزائري ما زال قائما رغم المشاكل التي يعاني منها.
وبصفة موازية لهذا، تبين المتابعة العلمية، كما سنشير إليه بعد حين ونراه بالتفصيل لاحقاً، أن الثقافة التقليدية متحكمة في المجتمع الجزائري بدون انقطاع ؟
زيادة على ما يثبت تحكم الثقافة التقليدية في الوعي واللاوعي الفردي والجماعي، تبين متابعة الحيوية الاجتماعية الجزائرية أن هذه الثقافة تسكن المجتمع بأكمله. وبفضل هذا، فإنها تستغل الأحداث العائلية. (أفراح وأقراح) والمواسم الدينية (رمضان عيد الأضحى، المولد النبوي) وتعطل العصرية وفقدان البضائع، أزمة اقتصادية ...) لتحمل النظام الاجتماعي الذي تقيمه وتغذيه يعم الحياة الاجتماعية بصفة جزئية أو كلية عبر فترات مختلفة من الزمن.
فما هو سبب تغيب هذه الثقافة ؟
يعود تغييب الثقافة التقليدية لسبب مزدوج
إن من شأن هذه الثقافة أما تضمن القاء، أي أنها تواجه القرار الإلهي الذي يقوم عليه الإسلام وتبعده العصرنة عن الشؤون الاجتماعة العامة لتجعله لا يتعدى حدود القضايا الشخصية.
كما تواجه هذه الثقافة العصرية من أجل الاحتفاظ بالطاقة البشرية التي تحتاج إليها لينعش النظام الاجتماعي الذي تقيمه وتغذيه. وما هو سر هذا التغيب الذي يأحد شكل عصابة ضد الثقافة التقليدية ؟
يغيب الجزائريون الثقافة التقليدية عامة، حتى يستفيدوا من الإسلام (رحمة إلهية ... جنة) والعصرنة (تقنيات ...) بدون أن يراعوا شروطهما.
بيين التحليل العلمي أمرين آخرين :
أولا أن الجزائريين لم يذوبوا في الإسلام، بل وظفوه حسب شروط ثقافتهم وبطريقة تجعلهم يأملون دخول الجنة ؟
ثانيا، أنهم يحاربون شروط العصرنة ويحاولون أن يستفيدوا من مزاياها في نفس الوقت.
اما ما يحث المثقفين الجزائريين على تغييب الثقافة التقليدية، بدورهم، فهو راجع العنصرين، لقد تم ذكر العنصر الأول. إنه متعلق بالشرط الاجتماعي الذي يفرض الإغماء على هذه الثقافة. أما العنصر الثاني، فهو متعلق غيرة من الميزات الأساسية للثقافة التقليدية : إنها خفية مستترة، فلما يتفطن إليها، كما سيتيين هذا فيما بعد.
يتكامل هذان الأمران بطريقة تسهل ربط المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بتدخلات خارجية عن طرق الانتماء الاجتماعي (توابع الاستعمار، بطش الحكم القائم، ضغط الشركات المتعددة الجنسيات والدول المتقدمة، تخريب شيطاني سخط المي)، وهذا ما يحمل مؤشرا خامسا يدل على مواجهة التحديد الاجتماعي.
ومن بين المثقفين الذين غيبوا هكذا الثقافة التقليدية، يمكن ذكر عالمين معروفين هما : ابن خلدون وحاك بيرك.
لقد عالج هذان الباحثان حل القضايا السياسية والاجتماعية التي تحمت عن هذه الثقافة في عصريهما بدون أن يشيرا إليها مباشرة ولو مرة واحدة.
لم يثبت ابن خلدون وجاك بيرك وجود الثقافة التقليدية ولم يبرزا ثقلها الاجتماعي لسين، يتعلق السبب الأول لهوية هذين العالمين : كان ابن خلدون
مسلما أما جاك بيرك فقد مثل العصرنة في الأقطار العربية.
ويرتبط السبب الثاني بالمغزى الذي تعطيه الثقافة التقليدية لعلة قيام الحياة الإنسانية، وهو التكيف مع الأوضاع إنه يعارض المغزى الذي يعطيه لها الإسلام الطاعة الإلهية والعصرنة اقتحام المحيط)
فلو ربط هذان الباحثان القضايا التي عالجها بالثقافة التقليدية لاعترفا بعجز الإسلام والعصرنة عن القضاء على هذه الثقافة، وهذا ما لا يطبقه مسلم ولا عصراني.
ينطوي العمل الذي نشره محمد أركون في مستهل الألفية الثالثة على هذه الاستحالة. لقد منعه اهتمامه محاولة تحديد الفكر الإسلامي من استغلال الملاحظة التي أدرجها في ذيل كتابه ليبين أن ما عاشه في قريته تابع للثقافة التقليدية وبرهان قد يعتمد من أجل الإحاطة بتأثير هذه الثقافة حتى على البعد الفكري ...
فلدون قطيعة ابستمولوجية، يصعب الاطلاع على هذه الثقافة كما تصعب محاولة شرح ما يجري في أوطان متخلقة وعلى الساحة الدولية بواسطة مفهوم الصراع الثقافي 4
إن هذه القطيعة ضرورية لأنها تفتح باب التحليل العلمي أمام أمرين أولا، الأطروحة التي تقر أن مصير الثقافة التقليدية مرهون بالعجز الذي تقوم عليه : إلها تنعقد بنعقده وقد تسهل التحديد الاجتماعي بتقلصه أو زواله.
ثانيا، أمام ملاحظات ميدانية تبين أن الثقافة التقليدية كانت. حقيقة منتشرة في جميع الأقطار وأنها لم تزل في المجتمعات المتطورة كما يدو، بل انطوت بطريقة جعلتها تكون ميدان الكبت الفردي والجماعي، الميدان الذي تنبعث منه عناصرها كلما تعثرت العصرنة لسبب ما.
الملاحظة الأولى :
تباهي وسائل الإعلام في المجتمعات المتقدمة بالتعاون الذي ينبعث من جديد بين السكان كلما تعثرت المؤسسات التعويضية أمام الكوارث الطبيعية وعجزت عن القيام بخدماتها العادية والتعاون قيمة اجتماعية ثقافية تقليدية ميزت البشر منذ القدم.
الملاحظة الثانية:
علق تعطل إشارة المرور بتقاطع في عاصمة مجتمع متطور، تقنين ممر السيارات، فحرك السواق مركباتهم وفق مصالحهم الخاصة واعتمدوا انتهاز الفرص والشطارة المواصلة تنقلهم. هذا يعني أنهم أنعشوا ووظفوا، بصفة تلقائية، ما كان يبدو منعدما، أي مبدأ قديما والبنين تقليديتين.
الملاحظة الثالثة:
استنجد ممثل مجتمع عصري بممارسات تقليدية ليلحق زملاءه بمطار في الوقت المحدد. إنه اخترق على وعي وإدراك كل ما استطاع أن يخترقه من ينود قانون المرور ليغطي المهمة التي أسنايات إليه. وهذا ما يعبر على موقف تقليدي لا يطبق القانون إلا عندما يستحيل عدم تطبيقه.
الملاحظة الرابعة
اتحدت بلدية في أمريكة اللاتينية قرار تخصيص النقل العموم حسب الجنس للتقليص من التحرش الجنسي الذي يسهله تكاثر الأعداد. وتوزيع المدى المعيشي حسب الجنس ميزة رئيسية في نمط الحياة الاجتماعية التقليدي
الملاحظة الخامسة:
نهب أربيون البضائع التي تدفقت من سفينة غرفت قرب شاطئ من شواطئهم، مستعملين آلية نفسية اجتماعية ثقافية تقليدية هي انتهاز الفرص.
الملاحظة السادسة
مجرد ما أعلنت الإذاعة على أن السكر سوف يفتتقد، شرع سكان حي رفي في مجتمع متطور في شراء كل ما توفر من هذه المادة الغذائية في الأسواق المجاورة لهم، فأنعشوا الادخار، أي ما يمثل آلية احتياط ضد الأخطار التي يمثلها عدم التحكم في وسائل المعيشة .
يمكين، إذن أن تنظر للمشاكل التي تنقل عائق الجزائريين، مثلا، على أنها ناجمة عن مواجهة كل ما يهدد الثقافة التقليدية والنظام الاجتماعي التابع لها، من الداخل، مثل الغليان النفسي الوجداني للأشخاص والتحولات الاجتماعية ؛ أو من الخارج، مثل القضاء الإلهي والعصرنة . 1
تقوم البرهنة على هذه الواجهة بواسطة الاعتماد على متابعة تأثير الثقافة التقليدية على الحياة الاجتماعية.
3 البصمة الاجتماعية للثقافة التقليدية :
لا تبقى التجارب التي تتكون منها الثقافة التقليدية على حالها بل يستخرج منها معانيها، لما تكرر وتتراكم فتكسي ثقلا اجتماعيا. تصاغ هذه المعاني في جمل صغيرة حتى يتيسر حفظها وذكرها عند الحاجة. تأخد هذه الجمل صيغة أمثال تدور بين الناس حسب الحالات التي يعيشونها. إنهم يستعملونها كعوامل تنظيم وتسيير حيالهم الاجتماعية من جهة، ووسائل تلقين الأجيال الجديدة حتى تستوعبها وتراعيها من خلال أعمالها وتعاملاتها، من جهة أخرى.
وإذ تختلف تقلبات المحيط الخارجي حسب المناطق، كما أبناء أنه تغير على اختلاف هذه التقلبات، فالتجارب
الإجتماعة التى ترتب على هذه التقلبات تختلف بنفس الوتيرة لهذا يوجد نوعان من الأمثال. يتكون نوع من أمثال تعبر على العدوانية : العامة للمحيط الخارجي وهي منتشرة عبر الإنسانية جمعاء هذا ما يشير إليه المثل المتعلق بحدة تقلبات المناخ أثناء شهر مارس. أما النوع الآخر، فيتكون من أمثال تغير على الأنواع المختلفة لتقلبات المحيط الخارجي وهذا ما يشير إليه، كذلك المثل الذي يربط، في بعض المناطق، فصل الربيع بالحب والغرام. وهذا ما يثبت وجود أنواع عديدة من الثقافة التقليدية، أنواع قائمة على عجز قاعدي مازال ينقل عائق المجتمعات المتخلفة بعدما ميز الإنسانية جمعاء مدة طويلة
إن شأن هذه الأمثال شأن المعلومات العلمية في المجتمعات المتقدمة، إن صحت المقارنة. إنها تشير إلى أنواع المواقف والسلوك والمعاملات التي يجب اتخاذها أو اجتنابها حسب الأوضاع الراهنة، إليها تحمل المعطيات الضرورية لتنظيم وتسيير الحياة الاجتماعية اليومية. هذا، يسهر الناس على ذكرها أثناء تبادلاتهم حتى الله ينسبوها ويستعملوها، إذ لم يدون منها إلا القليل. وهذا ما يمكن اعتباره كتربية مستمرة : كل يشارك فيها كمرب ومربى
إن الدليل على دور هذه الأمثال في تنظيم وتسير الحياة الاجتماعية هو المثل الذي يحث على الاتصال بصاحب التجربة والابتعاد عن الطبيب معناه المثقف، لما ايقوم ية مشكل ما : سال المغرب وما اتسالش الطبيب. "
يخطئ من ينسب هذه الأمثال للشرائح الشعبية من المجتمع، فحسب لأنها متواحدة عند جميع ممثلي المجتمعات المتخلفة مهما كان موقعهم في السلم الاجتماعي ومهما كانت أوضاعهم الاجتماعية الثقافية الاقتصادية.
ويصيب في نفس الوقت من يثبت أن مجتمعات قد غرقت في تخلف متزايد لأنها حاولت أن تحتفظ بثقافتها التقليدية وتستغل نتائج العصرنة
دون أن تراعي شروطها كما هي معروفة إلى حد الساعة (إزالة قداسة المحيط الخارجي، إنتاج، إبداع، اختراع، دقة، صرامة ......
لكن ما عدا أمثلة أخرى تؤكد توظيف أمثال مختلفة كعوامل تنظيم وتسيير الحياة الاجتماعية، مثل الأمثال المتعلقة بالخضوع للحكم القائم والتكيف مع الأوضاع والحفر من الأجانب والدفاع عن العائلة .... فإنه يصعب تقديم طريقة توظيف جميع الأمثلة، لأنها لم تسجل في جميع المناطق ، وما سجل منها، لم يسجل من أجل الاطلاع على تنظيم وتسير الحياة الاجتماعية، بل من أجل الاحتفاظ بالتراث المحلي
في انتظار الأعمال الضرورية الحصر علاقة تنظيم وتسيير الحياة الاجتماعية بالأمثال التقليدية بصفة واسعة، يمكن تقديم النظام الاجتماعي القائم على هذه الثقافة ومتابعة المواجهة التي تحركه تحت أشكال متنوعة .


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

What is time ma...

What is time management? Time management is the process of consciously planning and controlling time...

In recent years...

In recent years, working part-time job for student has considered one of the most debated and though...

Colombia Nariño...

Colombia Nariño is one of those coffees that instantly wakes up your senses—in the best way. It's br...

Borrowing Borro...

Borrowing Borrowing is simply one language taking words directly from another and using them as its ...

أحد، وقالوا له:...

أحد، وقالوا له: اخرج من بلادنا وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه السفهاء والصبيان والعبيد يسب...

تَضارَبَتِ الآر...

تَضارَبَتِ الآراء حينَ أَعْلَنَ خَادِمُ بن زَاهِرٍ استياءَهُ مِن حُسَينِ صاحِبِ (البوم ) قائلا: «إِم...

المبحث الأول: م...

المبحث الأول: ماهية محاسبة التكاليف يتناول هذا المبحث الإطار العام لمحاسبة التكاليف من حيث المفاهيم ...

-في مجال الفكر ...

-في مجال الفكر الفلسفي ،اتجه هذا التيار إلى تخليص الفرد من هيمنة أفكار ومبادئ كانت مفروضة عليه من قب...

العوامل البشرية...

العوامل البشرية تعتبر العوامل البشرية عوامل مهمة للتخطيط الإقليمي، فالإنسان هو الذي يعطي العناصر ال...

أصبحت القصص الر...

أصبحت القصص الرقمية اليوم أداة تعليمية مهمة لمساعدة الأطفال على تطوير اللغة والتفكير. إن رواية القصص...

التجارة كما أسه...

التجارة كما أسهمت الدولة العباسية في دفع النشاط التجاري قدما إلى الأمام فعملت على توطيد النظام الداخ...

تعتبر الحياة ال...

تعتبر الحياة البحرية أساسية لكوكبنا ولنا نحن البشر على حد سواء، وتتجلى أهمية الحفاظ عليها في جوانب ع...