Online English Summarizer tool, free and accurate!
السجين : يمشى جهنة وذهابا ، لم يبق أحد يصغى إلىّ . ولم يبق لى فى الحياة غير أيام . ولكنى لم أشبع كلاما . ما من أحد يريد أن يستمع إلى كلامى ، بعد أن قلت ما قلت ، ولكنى لم أقل كل شىء !. وكلامى لم يعد له قيمة ولا أهمية بالنسبة إلى أحد ، أو بالنسبة إلى شىء ، حتى ولا بالنسبة إلى هذه الحيطان والقضبان !. كل شىء حولى ينظر إلى وكأنه يفول لى : انتهى كل شىء . فاذهب إلى المشنقة بلا ضجيج . الحقيقة التى وراء الحوادث . هذه الحقيقة التى أعرفها أنا . أيريدون أن تذهب معى أيضا إلى المشنقة ؟. « يسمع صرير المفتاح فى الباب ، ويطل السجان برأسه » . السجان : تكلم نفسك كالعادة ؟!. السجان : « يختفى من الباب » لحظة واحدة !. السجين : لا تسألونى اليوم عن الطعام !. كفى أسئلة يقطر منها اللطف المتصنع : « ماذا تريد أن تأكل ؟ . ما هى رغباتك ؟ » . رغبات المحكوم عليه بالموت !. هذا الطعام الجيد علامة الموت القريب !. تقدموننى إلى الموت ممتلىء المعدة بطعام ممتاز وفى فمى « سيجار » فخم ، كأنى مسافر فى عربة « بولمان » ، إلى شاطىء البحر! . السجان : « يعود فيظهر بالباب معلنا » : الدكتور طبيب السجن !. الطبيب : « يدخل ويخرج السجان ، ويغلق عليهما الباب » أرجو أن. السجين: إنى متأسف . لم أستطع إقناعهم بقبول طلب نقلك الطبيب إلى المستشفى الآن . قالوا لى إنهم لاحظوا أنى أحابيك باعتبارك طبيبا !. السجين : كنت . الطبيب : قالوا إن لك سوابق فى محاولة الهرب من المستشفى ، عندما نقلت إليه فى المرات السابقة . السجين : لو استطعت الهرب ليلة واحدة فقط . الطبيب : ليلة واحدة ؟! . الطبيب : ستمضيها مع زوجتك بالطبع ؟السجين : سأعرف كيف أمضيها !. الطبيب : لابد أنها جاءت لزيارتك هنا ؟. إنك تعرف جيدا ما أقصد، ولكنك لم تزل تعتقد كما يعتقد الآخرون أنى أكذب السجين أو أهذى . وأنت لا تملك لى شيئا ، تأتى لزيارتى بحكم عملك ، وإذا كنت تؤثرنى بالعناية ؛ فما ذلك إلا لعطف منك على زميل سابق فى المهنة!. لقد شاء كرمك ولطفك أن تصغى إلى ما مصلحتى إذن فى خداعك ؟ . الطبيب : لم أعتقد لحظة أنك تحاول خداعى . السجين : ولكنك غير مقتنع . الطبيب : حقا ! . السجين : لأنك صدقت كل ما جاء فى المحاكمة !. الطبيب : كل ما جاء فى المحاكمة كان مبنيا على اعترافك أنت! . الطبيب : واعترفت بشجاعة وصراحة جديرتين حقا برجل فى مكانتك ! . السجين : وهل كنتم تتوقعون أن أفعل غير ذلك ؟!. ما خطر لى قط الإنكار ، اعترفت وانتظرت الجزاء !. الطبيب : وقد وقع الجزاء . ويحسن أن يسدل الستار !. السجين : يسدل الستار ؟!. وأقوالى فى التحقيق منذ اللحظة الأولى تدل كلها على ذلك . لم يخطر فى بالى أن أكشف أحدا . ولكن عندما يتضح لى أخيرا أن الستار سيخفى خلفه آخرين ، الطبيب : أرجوك . لا تعذب نفسك بهذه الفكرة . أنت الآن فى حاجة إلى كل ساعة تمر . ومن الخير لك أن تمضيها هادئا ناعم البال . السجين : أنت لا تريد أن تصدق ما أقول !. الطبيب : وما فائدة ذلك الآن !. وغدا عند الفجر أو بعد غد ، يأتى من هذا الباب من يقودنى إلى المشنقة ، أعرف ذلك جيدا ، حقيقة يجب أن تعرف . الطبيب : الحقيقة قد عرفت وبحثت ، وقد صورتها أنت بنفسك أمام المحكمة تصويرا صادقا . الطبيب : لست أنا وحدى . السجين : القضاء لا يريد أن يعرف غير الحقيقة التى تهمه : وهى أنى قتلت ، تلك هى كل الحقيقة التى تهم القضاء ، وهى فى نظره تستحق الإعدام ، وقد صدر به الحكم!. : وحسن فعلا أن تنتهى عند هذا الحد . الطبيب السجين : وتموت معى الحقيقة الكاملة ؟! . الطبيب : ما دامت الآن لا تهم ، لماذا إذن تعذب نفسك بها ؟!. ولكن موتى هو الذى سيحدث النتائج الطيبة بالنسبة إلى الآخرين!. هل فكرت فى أن زوجتى سوف ترث منى ، كما ورثت من زوجها الأول ؟! . الطبيب : هذا حقها ! . الطبيب : ما دام القضاء لم يجد على تصرفاتها غبارا!. السجين : لأن كل شء كان مدبرا بمهارة !. : اتهاماتك لها بعد المحاكمة لم يقم عليها دليل ، فأنت الطبيب نفسك لم تتهمها بشىء فى كل مراحل القضية!. السجين : لأنى _ كما قلت لك غير مرة - لم أفطن إلى حقيقة المؤامرة إلا أخيرا . لم أتنبه إلى ما يحاك حولى إلا فى نهاية المحاكمة ، عندما بدأ ذلك المحامى الشاب يترافع !. : كان رائعا فى مرافعته !. ليطلب لى الرأفة ، ويثبت حبى الجنونى الطبيب السجين لتلك المرأة الجميلة التى استدعتنى لعلاج زوجها ، فدفعنى الحب إلى الجريمة . أهذا معقول أن أرتكب جريمة كهذه دون علم منها ؟!. أنى لم أكن أحبها يوم بدأت أعالج زوجها . كنت كأى › طبيب يذهب إلى أى أسرة . هى التى كانت تعمل دائما على جذبى إلى منطقة شئونها الخاصة ! . كانت تروى لى مأساة حياتها الزوجية مع هذا الوحش ؛ كانت تمثله لى فى صورة وحش ! . استولى على حليها ، لينفق على عشيقاته ، ودفعها إلى مخالطة معارفه من رجال الأعمال ، ليجنى من وراء ذلك الصفقات المريبة ، وكان يأبى عليها الطلاق ؛ ليستغلها فى أحط تاجات ٦- المآرب ! . وَغد لا خلاص لها منه إلا بموتها أو موته !؟ . فى لحظة من لحظات انهيارها وتأثرى ، قالت لى : « هذا متروك لك . » إنى أذكر جيدا مقاومتى الأولى لهذه الفكرة ، بالطبع ما خطر بالى قط أن مثلى يقدم على ذلك ! . كيف انتهى بى الأمر إلى أن تسربت الفكرة إلى تفكيرى الجاد . ثم إلى التنفيذ ! . كيف استطاعت هذه المرأة أن تفعل بى ذلك ٢!. كيف استطاعت أن تستدرجنى إلى حبها . الطبيب : من الصعب علىّ حقا تصديق ذلك ؛ فقد كانت فى الحكمة وديعة وداعة الزوجة الطيبة !. السجين : أرأيت ؟! . خدعتكم بمظهرها الوديع كما خدعتنى ، وأى خداع أكثر من قولها لى بعد زواجنا : « أنت منقذى وصانع حياتى ، وستكون لك هذه الحياة دائما !؟ . وكانت هناك أغنية جديدة مطلعها : « حياتى لك طول الأبد » تذاع فى الراديو . الطبيب : « مقاطعا » آه . على ذكر « الراديو » . « يحاول الخروج » السجين : « يستوقفه بشدة » بل انتظر أنت . واستمع إلى بقية كلامى كله . إنكم تحاولون دائما الهرب منى عندما أتكلم . : « يقف » تكلم . إنى الطبيب مصغ إليك ! . : قلت لك إن هذه الأغنية كانت تذاع ، وكانت السجين هى تجلس بجوار الراديو تنسج لى «بلوفر» من «التريكو»!. وكانت تنظر فى عينى وتقول : «حياتى أنا لك طول الأبد»؟!. لكن هل تدرى كم كانت تقدر هى فى دجيلتها لهذا الأبد ؟!. نعم دام زواجنا شهرين ثم . ثم ظهرت الشكوى المجهولة إلى النائب العام وقبض علىّ ! . الطبيب : وكيف لم تشك من قبل أنها المرسلة لتلك الشكوى المجهولة ؟! . السجير : استطاعت بدموعها وحنانها الكاذب أن توهمنى أن أقارب زوجها المتوفى هم ولا شك مرسلوها. كى يعرقلوا إجراءات الميراث ! . الطبيب : ربما كان هذا معقولا ! . ولهذا صدقتها أنا أيضا من مبدأ الأمر . وتحملت التهمة وحدى ؟! الطبيب : ومع ذلك فقد شهدت هى لمصلحتك . تذكر قولها فى المحكمة : إنها لا تعتقد أنك قاتل ، لأنها لو اعتقدت ذلك لحظة لما قبلت الزواج من قاتل زوجها ! . ظاهر قولها الدفاع عنى ، ولكنه فى الواقع دفاع عن نفسها هى ، وتبرئة لها من تهمة السجين الاشتراك . كانت بارعة فى كل شهادتها ! . هذا أيضا جزء من المؤامرة ! . كان يجب أن أفطن إلى كلامها البارع ذى الجدين . ذى الوجهين كان يجب أن أفطن إليه فى الوقت المناسب ! . : وما الذى جعلك تفطن آخر الأمر ؟ . الطبيب: نظراتهما الأخيرة . النظرات المتبادلة بينها السجين وبينه . كان بينها وبين ذلك المحامى شبه تعاون خفى . كنت ألمح بإحساسى تلك التيارات الداخلية بينهما . تلك الراحة وذلك الاطمئنان كلما سارت المحاكمة نحو نهايتها المحتومة . ولكنى تذكرت عندئذ ما كنت ألاحظه فى المنزل من اختلاء زوجتى بذلك المحامى الشاب ، وكانت هى تفسر لى ذلك بأنه من أجل الإجراءات القانونية الخاصة بالميراث . كل شىء له عندها تفسير معقول . كل شىء فى ظاهره حلبيعى ومنطقى !. ما من كلمة فى غير موضعها : هى تقول عنى : « إنه برىء لأنى ما كنت أتزوج قاتل زوجى » ، وهو يقول : « قتل بدافع الحب » . يا له من كلام برىء جميل ، نعم لقد دبرا كل شىء بدقة وبراعة وإحكام ! . جعلا منى الآلة التى تحطم الزوج الأول ، ثم جعلا الآلة بعدئذ تحطم نفسها ، ينعمان بحبهما وبثروة الأول والثانى ! . الطبيب : قصة سينمائية !. أأنت متأكد أنك لم تشاهد من قبل شيئا كهذا فى شريط سينمائى ؟ . السجين : تهزأ بى ؟! . فى هذه اللحظات ؟! . الطبيب : معذرة ! . إنى أبعد ما أكون عن الهزء بك . أنت تعلم مبلغ تقديرى لمكانتك العلمية . ولكن هول الأحداث دائما والأرق والإجهاد العصبى ، كل ذلك كثيرا ما يجعلنا نتصور أشياء فى الأوقات الحرجة واللحظات الحاسمة . كل ما أخشاه أن تكون هذه الأفكار تسربت إليك أخيرا ، لتفسد عليك راحة النفس التى تحتاج إليها الآن . كم كنت أود أن أراك الساعة هادىء الفكر ، متقبلا مصيرك ! . السجين: لا بأس من ذلك الضجيج الآخر الذى أعرف أنك الطبيب تحبه . نسيت أن أقول لك إنى جثت الساعة لأخبرك بما هو أهم : قد أحضرت لك جهازا للراديو - جهازى أنا الخاص - وافق مدير السجن على أن أعيرك إياه . السجين : « بغير مبالاة » أشكرك ! . « يذهب إلى الباب ، ويطل برأسه خارجه ، ثم يمدها إلى السجان ، ويأخد منه جهازا للراديو الطبيب على شكل حقيبة صغيرة ، كما يتناول منه غلافا كبيرا من الورق الأصفر ، ثم يشرع حالا فى وضع الجهاز فوق منضدة بجوار الفراش ، ويدير زره فتنطلق موسيقى مرحة ! . الطبيب : « مبتعدا عن المنضدة والغلاف بيده مصغيا إلى الموسيقى » أليس هذا أفضل ؟! . السجين : « غير مصغ إلى شىء » ، سأذهب كما تريدون . الطبيب : « بصوت متوسل » أنت طبيب كبير ، وتعلم أكثر منى أن إنفاق الجهد الجثمانى والعقلى فيما لا جدوى منه أمر ضار جدا . السجين : وهو كذلك . لن أفتح لك هذا الموضوع مرة أخرى :. « يغير اللهجة » ما هذا الغلاف الذى بيدك ؟ . الطبيب : هذا كشف الأشعة الذى طلبته منى ! . السجين : « مادا يده » أرنى ! . « يتناول منه الغلاف ، ويذهب به قرب كوة يدخل منها النور ، ويخرج رسم الأشعة من الغلاف » . الطبيب : يظهر أن الحالة كما شخصتها أنت بالضبط ! . .: «وهو يفحص الأشعة » كم سنها؟ . تخرجت صغيرة فى كلية الطب ! . إنى أكبرها بثلاثة أعوام ، السجين : « وهو مستمر فى فحصه » متى تزوجتها ؟ . الطبيب : منذ عامين . كانت هى قد عينت طبيبة فى مستشفى رعاية الأمومة ، وأنا عينت طبيبا فى هذا السجن . السجين : كانت تشكو دائما من هذا الخفقان ؟ . منذ شهرين فقط . السجين : هل هى تعمل كثيرا ؟ . : أنها لا تكف لحظة عن العمل . فى الصباح تعمل الطبيب فى المستشفى وأحيانا فى المساء ، وتساهم فى تحرير مجلة طبية . وتساعد فى الإشراف الطبى على إحدى الجمعيات الخيرية . كل هذا عدا أعمال بيتنا التى تنهض بها كلها ، لست أدرى فى أى وقت ؟ . السجين : هذا إرهاق ! . ولكنها ترى أن مرتبى ضئيل . لتوفر لى مستوى مريحا من العيش ، وتأخذ الأمر ببساطة وتقول ضاحكة : « نحن جوادان فى عربة واحدة ، ولا أحب أن أتر كك تجرها وحدك » ! . السجين : « وهو يرد اليه كشف الأشعة » زوجتك فاضلة يا سيدى وأهنئك بها . الطبيب : لم تجد شيئا ذا خطر ؟ . الإطلاق ! . الطبيب : مجرد إجهاد ؟ . فلتعمل أقل ولتأكل أكثر ! . لاحظت مرارا أنها تأكل أقل مما يجب!. السجين : لتوفر لك أنت الأكلة الأدسم ! . الطبيب : هذا صحيح !؟ . السجين : « شارد اللب » نعم ! . الطبيب : « وهو يضع الكشف فى الغلاف » أشكرك يا دكتور ! . وأنا أشغلك بشأن خاص لى ، ولكنى لن أنسى فضلك أبدا . ما من أحد من مرضاك يستطيع أن ينسى فضلك . سوف يشعر الناس بالخسارة التى لحقتهم بفقد طبيب مثلك . « ينطلق من جهاز الراديو صوت المذيع ، يعلن عن أغنية : حياتى لك طول الأبد » . السجين : « وقد فوجىء يقف بلا حراك ، ويصغى لحظة إلى مطلع الأغنية ، ويهجم على جهاز الراديو ويغلقه بعنف » ؟؟ . الطبيب : « فى ارثباك » إنى متأسف ! . أنه لم تعد بى حاجة هنا الآن إلى موسيقى وغناء ! . كنت أريد أن أدخل الطبيب على نفسك شيئا من الراحة والهدوء !. : « وهو بتأمل لحظة » هل تسمح لى برجاء ؟ لى السجين الطبيب عندك رجاء واحد . اترك التفكير فى الماضى . السجين : « هازئا » فى المستقبل ؟!. : « مرتبكا » أقصد ! . الطبيب : « مادا يده » إلى اللقاء يا صديقى العزيز . إلى السجين اللقاء ! . « الطبيب يصافح اليد الممدودة فى صمت وارتباك ويخرج حاملا حقيبة جهاز الراديو !. » السجين : « يعود إلى المشى فى سجنه مطرقا صامتا لحظة ثم يهمس المستقبل هو حبل فى عنقى ، وخاتم الخطبة فى إصبعها !. : « يظهر بالباب » معذرة !. لأخبرك أنى ذاهب الآن إلى مدير السجن . السجين : طلبات خاصة ؟!. الطبيب : ثق أن أى طلب تطلبه سأبذل كل جهدى كى السجين : أى طلب أطلبه ؟!. كن على ثقة ! . السجين : ليس لى الآن غير طلب واحد! . : أضع أصابعى حول عنق زوحتى ! . الطبيب : ما هو ؟ . الطبيب : « ينظر إليه مليا ، ولا يدرى بماذا يجيب » ؟؟!. « تسمع جلبة تقترب . » السجين السجان : « معلنا » سيادة المدير ! . : « يدخل » كيف الحال ؟ . أرجو أن تكون مرتاحا ، وأن تكون كل طلباتك مجابة ؟ . المدير السجين :حقا ! . كل طلباتى ! . : « ملتفتا إلى الطبيب » والصمحة على ما يرام ؟ . المدير أليس كذلك يا دكتور ؟ . إنى أزوره كل يوم ! . : « للسجين » فعلا . الدكتور يبلغنى أولا فأولا الطبيب المدير عن حالتك الصحية ، وعن كل ما يلزم لك ! . : جئت إليك الساعة فى أمر هام . السجين : طبعا تشريف سيادتك بالمجىء إلى هنا يقترن دائما بأمر هام . إننى على استعداد . المدير السجين : هذا لا يهم . ثقوا أنى على استعداد ! . : هذا غير صحيح . يوم التنفيذ غير معروف المدير بعد . ولم أجئ إليك الآن لأمر يتعلق بالتنفيذ !. السجين : مفهوم ! . التعليمات تقضى بإخفاء موعد التنفيذ عن المحكوم عليه ، عنصر المفاجأة ضرورى عندكم أنتم أيضا . ولكن المفاجأة عندكم مكشوفة . فلا ضرورة للإخفاء . إنى أعرف وكفى ا . : ثق أنى لم أجئ إليك الآن إلا لأبلغك بأمر زيارة المديرتهمك ! . : السيدة زوجتك جاءت لزيارتك ! . هذا طبيعى كما قالت . التعليمات تقضى بأن تقابلها فى السجين مكتبى ، ولكنى رأيت أن أحادثك هنا أولا قبل ذلك ؛ لأسألك هل تريد أن تقابلها ؟؟. إنها هى التى طلبت أن أستفسر منك ؛ لأنها كما قالت لى لا تحب أن ترغمك على رؤيتها إرغاما . فالأمر متروك لك ! . السجين : فى مكتبك ؟! . إنها فى مكتبك الآن ؟؟ . السجين : « هامسا من بين أسنانه » وقعت !. المدير السجين : أقول إنى مبتهج بزيارتها . زوجتى العزيزة ! . جاءت تودعنى الوداع الأخير . كيف أرفض مقابلتها ؟! . كيف أحرم عينى النظر إليها فى ساعتى الأخيرة ؟! . : قبلت أن تراها إذن ؟ . المدير السجين : بل إنى سعيد . ما كنت أحلم بذلك! . : سأذهب إذن ، وأدعوك بعد قليل ، وستتم المقابلة بحضورنا كما تقضى التعليمات ! . المدير السجين : بل على انفراد . أرجوك أن يكون لقائى بها هنا !. فى سجنك هذا ؟! . المدير السجين : وعلى انفراد . المدير السجين : لا شىء مستحيل إذا أردت أن تكون كريما . زوج سيموت فى الغد يلتمس إليك الاختلاء المدير السجين : وثانيا ؟ . : ثانيا اتهامك إياها أخيرا بجريمة الاشتراك . المدير السجين : وماذا فى ذلك ؟ . أليس من حقى الدفاع عن نفسى بكل الوسائل ؟ . وزوجتى هى زوجتى ، ومن حقى أن أودعها الوداع الأخيرا. ألم يبق هى نفسك شىء شحوها ! . المدير السجين : لم يبق إلا المودة والحبة ! . : إنها لا تعلم أن المقابلة ستكون على انفراد . جاءت للزيارة المعتادة حس التعليمات ! . السجين : إذا تفضلت وسمحت لنا بدقيقة واحدة ، فإنها ولا شك سترى الأمر طبيعيا ، وستشكرك عليه كما أشكرك . إنك يا سيدى المدير كنت تعاملنى بكرم ونبل مدة وجودى فى هذا السجن . ولن أنسى كرمك ونبلك . لا أقول مدى حياتى لأن حياتى لم يبق فيها غير ساعات . ولكنى أقول مدى حياة الإنسانية . إنى أعتقد أنك ستصغى إلى التماسى وتضحى بكال التعليمات إصغاء لضميرك : « مفكرا لحظة » تريد الاختلاء هنا بزوجتك ؟. السجين : دقيقة واحدة ! . : « ملتفتا إلى الطبيب » ما رأيك أنت المدير المدير يادكتور ؟. : « مرتاعا » رأبى أنا ؟ . : « متعجا » ولماذا ارتعت هكذا ؟ . : أنه لا يجد فى ذلك بأسا ، ما من أحد يرى فى وداع زوجين ساعة الموت ما يدعو إلى التردد . : « للطبيب » هل لديك اعتراض يا دكتور !. أسأل فقط عن ضرورة الانفراد . المدير الطبيب عجبا يا دكتور !. ألا ترى هناك ضرورة فى اختلاء زوجين ؟. سيفرق بينهما الموت بعد ساعات!!. السجين : « فى رجفة » لماذا الانفراد ؟ لا . : تعارض الانفراد يا دكتور ؟. الطبيب : لا أجد له ضرورة مطلقا ؟ . : ولكن ما هى أسباب اعتراضك ؟. : ماذا سيفعل ؟ . هل من الضرورى أن أقول صراحة ماذا سأفعل ؟!. هل من الضرورى أن أصرح بأنى أريد تقبيل امرأتى ؟!. : على انفراد ؟!. ليس فى استطاعة كل إنسان أن الطبيب السجين يعرض عواطفه على الناس ، وأن يقبل امرأته أمام الآخرين! . : « للطبيب » إنه على حق فى هذا !. المدير الطبيب : إنى . : دع سيادة المدير يقدر الموقف بحسن تصرفه السجين إنه من أولئك الذين يتحملون وحدهم المسئولية ، تجاه المواقف التى تدعو إليها الشهامة والنبل والكرم ، إنى واثق من ذلك ! . : « حاسما » وهو كذلك . سأتحمل المسئولية المدير وحدى ، ولكن ما دمت لا أجد سببا قويا للاعتراض فإنى متحمل عنك وعن الجميع كل النتائج . ولكن لخمس دقائق فقط ! . السجين : لدقيقة واحدة ! . : « منصرفا » اتفقنا . ستكون زوجتك عندك بعد المدير لحظة ! . السجين : شكرا جزيلا ! . « يخرج المدير ويبقى الطبيب » الطبيب : « مرتجفا » أتوسل إليك ! . السجين : ما الذى يبقيك ؟ . الآن اتركنى وحدى ! . الطبيب : أتوسل اليك ألا تقدم على هذا ! . السجين : أأنا النذى ذهبت إليها ؟!. إنها هى التى جاءت . جاءت إلى أنا بقدميها لتلقى الجزاء !. الطبيب : إنك لست قاضيها . دع عقابها لغيرك ! . السجين : القضاء لن يكشف حقيقتها . ما من أحد غيرى يعرف كل الحقيقة عنها . كل أدلة اتهامها هنا فى صدرى . ملفات جرائمها لا تحويها المحاكم . لأن هذه المرأة كانت أبرع من أن تترك أثرا يدينها . الطبيب : قدر احتمال الخطأ فى حكمك عليها !. السجين : ليس هناك أى خطأ محتمل !. الطبيب : هل سمعت دفاعها !. الطبيب : لو أنها كانت تعتقد أنها أجرمت فى حقك لما جاءت لزيارتك الآن من تلقاء نفسها !. أنت نفسك استبعدت ذلك ، السجين : إنها أبرع منى فى التقدير . لقد جسرت وجاءت كى تنقذ المظاهر . ليبدو كل شىء طبيعيا . ولو لم تفعل لقال الناس : « كيف يعدم زوجها ولا تزوره قبل الإعدام ؟!. » إنها أسرع إدراكا منى لهذه الأمور . وعندما علمت الساعة بمجيئها فهمت فى الحال غرضها !. الطبيب : لتنقذ المظاهر ؟!. سبق أن ذرفت الدموع على زوجها الأول ، لتنقذ المظاهر وتضمن الميراث !. إنها تعرف جيدا كيف تذرف الدمع الكاذب فى الوقت المناسب . وهذا ما ستفعله غدا أيضا بعد موتى !. الطبيب : برغم ذلك كله أستحلفك أن تقلع عن فكرتك . يكفيك جريمة واحدة !. السجين : الجريمة الأولى كانت لحسابها . دعنى أجرم مرة لحسابى !. : لا تلوث يدك !. أنت طبيب ممتاز وعالم نابغ ، أوقعته المقادير فى ظروف سيئه . أنت فى نظرى تنطوى على إنسانية طيبة ، وما كانت جريمتك إلا بدافع إنسانى ! . السجين : « يضحك بمرارة » دافع إنسانى !. لقد ذكرتنى بالدافع الإنسانى !. حتى هذا الشرف جردتنى منه هذه المرأة !. أنسيت ما قرره الشهود فى الجلسة عن القتيل ؟! . لقد ظهر أنه لم يكن وحشا . بل كان زوجا طيبا ورجلا لا غبار على سيرته . لم أقتل إذن فى الحقيقة لأنقذ الإنسانية من وحش ، بل قتلتْ رجلا طيبا لا يستحق الموت . لقد صعقت عندما كشف الشهود لى عن ذلك . واحتقرت كذب هذه المرأة . ولكنى عدت فخادعت نفسى وقلت : إنها لم تكن تحب زوجها ، والمرأة التى لا تحب ترى الزوج وحشا . إنها كذبت للخلاص ؛ وهذا الحب بيننا يستحق فى ذاته الثمن الباهظ !. تصور بعد ذلك الاكتشاف الأعظم . وإنى لم أكن أكثر من العوبة فى يدها ويد حبيبها الحقيقى !. ألعوبة كذبت عليها وغررت بها ، ودفعتها إلى قتل مجرد من كل دافع إنسانى . قتل دنىء حقير يأباه الشرف والضمير . الطبيب : ولكنك أنت كنت تعتقد أن الدافع إنسانى . اعتقادك وحده يكفى . فلا تفقد إنسانيتك . السجين : لقد رجوتنى بما فيه الكفاية ! . الطبيب : ستصغى إذن إلى رجائى ؟. السجين : اذهب الآن واتركنى !. السجين : « ياصرار » هذا شأنى !. الطبيب : كيف أعلم بما تضمر وتدبر . كيف أعرف أن جريعة ستقع الساعة ولا . السجين : « مقاطعا » أنت لم تسمع منى شيئا . انس كل ما أفضيت به إليك !. ليس من حقك أن تستخدم سرا لم أبح به لأحد غيرك/!. إنى وثقت بك ، ولولا هذه الثقة ما انفرجت شفتاى عن مثل هذا الكلام الذى قلته لك !. كل ما يجب أن تفعله الآن هو أن تخرج من هنا هادئا صامتا ، هل أستطيع أن أدفنه معكما ؟! . السجين : ضميرك ؟!. ماذا يقول لك ضميرك ؟. أن تذهب وتبلغ وتصيح لتمنع ما سيقع ؟. الطبيب : أليس هذا واجبى ؟. السجين : « بعد لحظة تفكير » نعم . إنك تفكر فى ضميرك وفى واجبك . فى العذاب الذى أنا فيه . والنار التى تأكل جوفى . إنى لم أفكر فى ضميرى وواجبى ، عندما أقدمت على إنقاذ امرأة خلتها تتعذب !. يا لأنانيتك ! كلامك ظاهره الحق أنت أيضا !. ولكنه الحق الذى فى جانبك !. الحق الذى يهمك أنت أيضا . الحق الذى يغطيك ويسترك ويجعلك مصيبا فى نظر نفسك . ويظهرك شريفا فى نظر الآخرين . سترضى عن نفسك بهذا الضمير وهذا الواجب ، وسيرضى عنك الآخرون !. وهنيئا لك نفسك يا سيدى !. ضميرك وواجبك ونفسك . ولكنى أرجو منك الساعة أن تفكر فى شىء غير نفسك !. شىء صغير جدا . لا يكلفك عسرا لأنى لا أرضى أن أحملك ما يثقل عليك . لا أطلب منك غير أمر بسيط : أن تنصرف من هنا فى سكون ، ناسيا كلامى لمدة لحظات . افعل هذه التضحية من أجلى !. من أجل زميل سابق ، تحطمت مهنته وسمعته وكل ما حصل عليه من علم ودرس وبحث . تحطم كل هذا بفظاعة وحماقة . الطبيب : « هامسا » أنا . تلك هى كل التضحية التى أطلبها منك . الطبيب : « يهمس » إنى . « أصوات فى الخارج »السجين : ها هى ذى قادمة . السجين : تنصرف فى الحال ، : « ناظرا إلى الباب فى اضطراب » ها هى ذى الطبيب قادمة !. السجين : « فى صوت متغير » : نعم !. صرير المفتاح فى الباب . ثم يفتح ويظهر المدير وخلفه رجل وقور فى يده أوراق . )الطبيب : « هامسا متنفسا الصعداء » : لم تحضر !. السجين : « فى غضب ويأس »: أين هى !. : جهنا إليك بخبر أهم بكثير . فقد يمنع من تنفيذ حكم الإعدام !. المدير السجين : ألم تبلغونى أن النقض قد رفض ؟!. : هذا أمر لا علاقة له بالنقض . النقض قد رفض فعلا ، وحدد للتنفيذ موعد قريب جدا. لست فى حل من الإفضاء به إليك صراحة ، ولكن بالنسبة إلى الظروف الجديدة ، يصح أن ألمح لك بصفة خاصة أن هذا الموعد يقدر الآن بالساعات هل فهمت ؟. السجين : كان هذا شعورى كما قلت لكم !. : قد يلغى التنفيذ إذا وافقت على العرض المقدم . : عرض مقدم من إحدى الجهات العلمية . وسيادة المدير السجين المدير الأستاذ . « يشير إلى الرجل الوقور » هو مندوب عنها . أظن الأنسب أن يتولى سيادة المندوب شرح الموضوع بنفسه . : « يتقدم نحو السجين ناظرا حوله » طبعا الموضوع المندوب سرى جدا. المدير « يشير إلى الطبيب » الدكتور طبيب السجن ، : أدخل إذن فى الموضوع بدون مقدمات . المسألة المندوب فى كلمتين أنه قد تمت الترتيبات النهائية لإطلاق صاروخ إلى الكواكب البعيدة . وأخيرا اهتدينا إليك . والعرض المقدم هو أنه فى حالة قبولك القيام بهذه الرحلة ، فإن حكم الإعدام يلغى . هذا القرار تم بالاتفاق مع الجهات الحكومية المسئولة ! . السجين : يلغى بصفة نهائية ؟!. المندوب : بالطبع !. المندوب : لو فرض أن عدت حيا فسوف تكون بالطبع حرا !. السجين : وهل هناك احتمال فى أن أعود ؟ . المندوب : بصراحة ؟. الاحتمال ضعيف جدا . السجين : كم فى المائة ؟ . : أكون مغفلا إذا ترددت فى القبول . بعد ساعات المندوب ستكون النسبة صفرا فى المائة . فالواحد فى المائة السجين إذن كسب كبير . واحد فى المائة خير المدير السجين من صفر فى المائة . : فى هذه الحالة مطلوب توقيعك . المدير : بكل سرور !!. السجين المندوب : « يقدم أوراقه » هنا على هذه الأوراق !. : أريد أن ألقى على سيادة المندوب سؤالا : ما سبب السجين اختيارى أنا بالذات لهذه الرحلة ؟. المندوب : تقرر أن يكون الاختيار من بين من سينفذ فيهم حكم الإعدام ؛ لأن الهيئة العلمية رفضت رفضا باتا قبول أحد من المتطوعين العاديين فى الوقتالحاضر !. فى الوقت الحاضر لا المندوب يصح التضحية بمتطوع عادى . : حتى وإن قبل هو وألح فى الطلب ؟. : ما من هيئة علمية أوجهة رسمية ترتكب تحريضا السجين المندوب على الانتحار . أو توافق على الاشتراك فيه . : ولكن بالنسبة إلى مثلى . الهيئات العلمية والجهات السجين الرسمية مرتاحة الضمير ! . : بدون شك ! . لقد أرحت ضمير المندوب السجين وهأنذا أريح ضمير الهيئات العلمية والجهات الرسمية !. : لقد سرنا اختيارك بوجه خاص . لأن التفضيل المندوب متجه إلى رجال العلم ، فهم الذين يستطيعون تقديم المعلومات الدقيقة باللاسلكى والتلفزيون ، ولقد كانت الصعوبة دائما فى العثور على أحدهم الآن بين المحكوم عليهم بالإعدام !. : هأنتم قد عثر تم على الطلب المنشود !. : ومن حسن حظنا فى هذا السجن ، فلقد كان من السجين المندوب المدير أبغض الأشياء إلى نفسى ، ونفوس زملائى أن نضطر إلى تنفيذ ذلك الحكم الرهيب ، فى رجل علم ممتاز مثلك الطبيب : « بحرارة وإخلاص » : حقا ! . : تسمح الآن بالتوقيع ؟. المدير المندوب : « يخرج قلمه ويعرض أوراقه على المنضدة » هنا . .: « وهو يتناول القلم ويوقع » واحد فى المائة خير من صفر فى المائة !. السجين : إنى سعيد . حياتك التى عشتها للعلم ستظل تخدم بها العلم وتنفع الإنسانية . هذا شرف جدير الطبيب بك . ما رجوته لك قد تحقق . : « للمدير » وزوجتى ؟. الزيارة قد السجين المدير ألغيت . لأنك منذ هذه اللحظة ستصبح تحت تصرف البوليس والهيئة العلمية ! ولابد أن تمضى معنا لإجراء بعض الاختبارات اللازمة . أمر المندوب حراستك وزياراتك هو فى يد رجال الحفظ ، وهم يصرون على الرقابة المشددة ، حتى صعودك إلى الصاروخ . لكن يمكنك على كل حال تقديم طلب برؤية زوجتك إلى المسئولين . : « ثائرا » ما هذا الكلام ؟. ألم تعدنى يا سيدى السجين المدير ؟ . السجين : وعدتنى أن أراها على انفراد . سيادة المندوب المدير المدير فى انتظار الإجراءات . وسأمضى حالا لتدبير أمر خروجك ونقل العهدة إلى البوليس . وأنت أيضا يجب أن تعد نفسك للانتقال معهم . المندوب : « للمدير » أتسمح لى بالاتصال التليفونى ؟. : « للسجين قبل أن يغادر المكان » أريد أن أحيبك المدير المندوب وأن أقدم إليك أطيب التمنيات !. : « للسجين وهو منصرف » وأنا أيضا أتمنى لك من المدير كل قلبى أن تعود سالما حرا . : «يصافح السجين» مرة أخرى أقول لك إنى سعيد!. : « على عتبة الباب » ألا تأتى معن الطبيب المدير يادكتور ؟. : « وهو يشد على يد السجين » إنى آت حالا . الطبيب : « هامسا للطبيب » إياك أن تتكلم ! . الطبيب : « همسا » لن أتكلم !. إنها لمعجزة ألا تموت كالمجرمين . « يشد على يده بقوة ويخرج سريعا خلف المدير والمندوب ، ويغلق الباب على السجين . : « وحده صائحا » لابد أن أراها . لن تفلت من السجين يدى ! . ولو ذهبوا بى إلى سابع سماء ! .
السجين : يمشى جهنة وذهابا ، يكلم نفسه ، فى
حركات عصبية !.... »لسجين : نعم ... أكلم نفسى ... لم يبق أحد يصغى إلىّ ....ولم يبق لى فى الحياة غير أيام ... وربعا ساعات ..وبعدها الصمت الطويل ... سأشبع صمتا ... ولكنى لم أشبع كلاما .. ما من أحد يريد أن يستمع إلى كلامى ، بعد أن قلت ما قلت ، ولكنى لم أقل كل شىء !... إنهم يريدون أن أسكت ؛ لأن القضية انتهت .. وكلامى لم يعد له قيمة ولا أهمية بالنسبة إلى أحد ، أو بالنسبة إلى شىء ، حتى ولا بالنسبة إلى هذه الحيطان والقضبان !... كل شىء حولى ينظر إلى وكأنه يفول لى : انتهى كل شىء . فاذهب إلى المشنقة بلا ضجيج ... ولكن الحقيقة ؟... حقيقة ما حدث ... الحقيقة التى وراء الحوادث .. وراء القضبان ، وراء التحقيقات والملفات ... هذه الحقيقة التى أعرفها أنا ... أيريدون أن تذهب معى أيضا إلى المشنقة ؟... وبلا ضجيج !....
« يسمع صرير المفتاح فى الباب ، ويطل السجان برأسه » .
السجان : تكلم نفسك كالعادة ؟!...السجين : نعم !... هل هذا ممنوع ؟!...السجان : « يختفى من الباب » لحظة واحدة !...السجين : لا تسألونى اليوم عن الطعام !.. هاتوا ما شئتم ..كفى مهزلة !.. كفى أسئلة يقطر منها اللطف
المتصنع : « ماذا تريد أن تأكل ؟ .. ما هى رغباتك ؟ » ... رغبات المحكوم عليه بالموت !.. هذا الطعام الجيد علامة الموت القريب !.. تقدموننى إلى الموت ممتلىء المعدة بطعام ممتاز وفى فمى « سيجار » فخم ، كأنى مسافر فى عربة « بولمان » ، إلى شاطىء البحر! .. نعم .. بحر النهاية !.. لا ياسيدى السجان !.. لا أريد اليوم طعاما .. أريد كلاما !..السجان : « يعود فيظهر بالباب معلنا » : الدكتور طبيب السجن !.. تفضل يا دكتور !..
الطبيب : « يدخل ويخرج السجان ، ويغلق عليهما الباب » أرجو أن. تكون قد نمت ليلة هادئة .: جدا ...السجين: إنى متأسف .. لم أستطع إقناعهم بقبول طلب نقلك الطبيب إلى المستشفى الآن .. قالوا لى إنهم لاحظوا أنى أحابيك باعتبارك طبيبا !.. السجين : كنت ..الطبيب : قالوا إن لك سوابق فى محاولة الهرب من المستشفى ، عندما نقلت إليه فى المرات السابقة ..
السجين : لو استطعت الهرب ليلة واحدة فقط .. أعدم فى فجرها .. فإنى أموت سعيدا !.. الطبيب : ليلة واحدة ؟! ... وماذا تصنع بهذه الليلةالواحدة ؟..السجين : أشياء مهمة !.. الطبيب : ستمضيها مع زوجتك بالطبع ؟السجين : سأعرف كيف أمضيها !..
الطبيب : لابد أنها جاءت لزيارتك هنا ؟...السجين : وهل تظنها تجسر ؟...الطبيب : ماذا تقصد ؟...: ألا تعرف ما أقصد ؟!... إنك تعرف جيدا ما أقصد، ولكنك لم تزل تعتقد كما يعتقد الآخرون أنى أكذب السجين أو أهذى ... لماذا أكذب عليك أنت؟... سل نفسك هذا السؤال!... ما فائدة التمويه عليك أنت؟!... وأنت لا تملك لى شيئا ، وحديثى معك لن يقدم ولن يؤخر!... ما أنت إلا طبيب السجن ، تأتى لزيارتى بحكم عملك ، وإذا كنت تؤثرنى بالعناية ؛ فما ذلك إلا لعطف منك على زميل سابق فى المهنة!... لقد شاء كرمك ولطفك أن تصغى إلى ما مصلحتى إذن فى خداعك ؟ ... الطبيب : لم أعتقد لحظة أنك تحاول خداعى ..ولكن ... السجين : ولكنك غير مقتنع ... الطبيب : حقا ! ... السجين : لأنك صدقت كل ما جاء فى المحاكمة !... الطبيب : كل ما جاء فى المحاكمة كان مبنيا على اعترافك أنت! ...السجين : نعم اعترفت ، لكن ... الطبيب : واعترفت بشجاعة وصراحة جديرتين حقا برجل فى مكانتك ! ... السجين : وهل كنتم تتوقعون أن أفعل غير ذلك ؟!... ما خطر لى قط الإنكار ، أو المراوغة !... اعترفت وانتظرت الجزاء !. ..
الطبيب : وقد وقع الجزاء ... ويحسن أن يسدل الستار !...
السجين : يسدل الستار ؟!... نعم كان يحسن ذلك ... تلك كانت نيتى بالفعل ، وأقوالى فى التحقيق منذ اللحظة الأولى تدل كلها على ذلك .. لم يخطر فى بالى أن أكشف أحدا ... ولكن عندما يتضح لى أخيرا أن الستار سيخفى خلفه آخرين ، يسرهم موتى ، وسينتفعون من موتى !... الطبيب : أرجوك ... لا تعذب نفسك بهذه الفكرة ... أنت الآن فى حاجة إلى كل ساعة تمر ... ومن الخير لك أن تمضيها هادئا ناعم البال ... السجين : أنت لا تريد أن تصدق ما أقول !... الطبيب : وما فائدة ذلك الآن !...
السجين : نعم ، أعرف أن لا فائدة الآن ... لقد صدر الحكم ، ورفض النقض ، وأصبح الإعدام مؤكدا ... وغدا عند الفجر أو بعد غد ، يأتى من هذا الباب من يقودنى إلى المشنقة ، وينتهى كل شىء ... نعم أعرف ذلك ... أعرف ذلك جيدا ، ولكن هناك حقيقة ... حقيقة يجب أن تعرف ... الطبيب : الحقيقة قد عرفت وبحثت ، وقد صورتها أنت بنفسك أمام المحكمة تصويرا صادقا .
السجين : أنت أيضا ... تعتقد أن تلك كانت كل الحقيقة ؟!. الطبيب : لست أنا وحدى ... القضاء ... السجين : القضاء لا يريد أن يعرف غير الحقيقة التى تهمه : وهى أنى قتلت ، واعترفت ، والأدلة ثابتة !... تلك هى كل الحقيقة التى تهم القضاء ، وهى فى نظره تستحق الإعدام ، وقد صدر به الحكم!... وانتهت القصة !..
: وحسن فعلا أن تنتهى عند هذا الحد ... الطبيب السجين : وتموت معى الحقيقة الكاملة ؟! ... الطبيب : ما دامت الآن لا تهم ، ولن يكون لها نتيجة ... لماذا إذن تعذب نفسك بها ؟!...
السجين : حقا ، لن تكون لها نتيجة !... ولكن موتى هو الذى سيحدث النتائج الطيبة بالنسبة إلى الآخرين!...
هل فكرت فى أن زوجتى سوف ترث منى ، كما ورثت من زوجها الأول ؟! ... الطبيب : هذا حقها ! ... السجين : نعم !... حقها .. حقها !! ... الطبيب : ما دام القضاء لم يجد على تصرفاتها غبارا!... السجين : لأن كل شء كان مدبرا بمهارة !... : اتهاماتك لها بعد المحاكمة لم يقم عليها دليل ، فأنت الطبيب نفسك لم تتهمها بشىء فى كل مراحل القضية!.. السجين : لأنى _ كما قلت لك غير مرة - لم أفطن إلى حقيقة المؤامرة إلا أخيرا .. لم أتنبه إلى ما يحاك حولى إلا فى نهاية المحاكمة ، عندما بدأ ذلك المحامى الشاب يترافع !.. : كان رائعا فى مرافعته !.. : حقا !.. ليطلب لى الرأفة ، ويثبت حبى الجنونى الطبيب السجين لتلك المرأة الجميلة التى استدعتنى لعلاج زوجها ، فدفعنى الحب إلى الجريمة .. دون علم منها .. أهذا معقول ؟.. أهذا معقول أن أرتكب جريمة كهذه دون علم منها ؟!.. أقسم لك .. أقسم لكم جميعا ، أنى لم أكن أحبها يوم بدأت أعالج زوجها .. كنت كأى › طبيب يذهب إلى أى أسرة .. ولكنها هى .. هى .. هى التى كانت تعمل دائما على جذبى إلى منطقة شئونها الخاصة ! ... كانت تروى لى مأساة حياتها الزوجية مع هذا الوحش ؛ كما كانت تصفه ... نعم ! .. كانت تمثله لى فى صورة وحش ! ... استولى على حليها ، وجردها مما كانت تملك ، لينفق على عشيقاته ، ودفعها إلى مخالطة معارفه من رجال الأعمال ، ليجنى من وراء ذلك الصفقات المريبة ، وكان يأبى عليها الطلاق ؛ ليستغلها فى أحط تاجات ٦- المآرب ! .... وَغد لا خلاص لها منه إلا بموتها أو موته !؟ ... ووضعتنى أنا ، فى لحظة من لحظات انهيارها وتأثرى ، أمام هذا الاختيار : موته أو موتها ؟!.. قالت لى : « هذا متروك لك ... المهم هو إنهاء مثل هذه الحياة الزوجية ، التى تأباها
الإنسانية !.. » إنى أذكر جيدا مقاومتى الأولى لهذه الفكرة ، بل وضحكى منها ! .. بالطبع ما خطر بالى قط أن مثلى يقدم على ذلك ! .. وجعلت أمزح معها ، وأسرى عنها ... ولكن العجيب ما حدث فيما بعد ... كيف انتهى بى الأمر إلى أن تسربت الفكرة إلى تفكيرى الجاد ... ثم إلى التنفيذ ! .. كيف استطاعت هذه المرأة أن تفعل بى ذلك ٢!.. كيف استطاعت أن تستدرجنى إلى حبها .. حتى الجريمة ؟!.. أيمكن تصديق ذلك؟!... الطبيب : من الصعب علىّ حقا تصديق ذلك ؛ فقد كانت فى الحكمة وديعة وداعة الزوجة الطيبة !.. السجين : أرأيت ؟! ... خدعتكم بمظهرها الوديع كما خدعتنى ، وأى خداع أكثر من قولها لى بعد زواجنا : « أنت منقذى وصانع حياتى ، وستكون لك هذه الحياة دائما !؟ .... » . وكانت هناك أغنية جديدة مطلعها : « حياتى لك طول الأبد » تذاع فى الراديو ... الطبيب : « مقاطعا » آه .. على ذكر « الراديو » ... انتظر لحظة .. لحظة . « يحاول الخروج »
السجين : « يستوقفه بشدة » بل انتظر أنت .. واستمع إلى بقية كلامى كله .. إنكم تحاولون دائما الهرب منى عندما أتكلم ... ولكن يجب أن أتكلم ... ويجب أن تستمع إلىّ .. : « يقف » تكلم ... ما دام هذا يريحك ... إنى الطبيب مصغ إليك ! ...: قلت لك إن هذه الأغنية كانت تذاع ، وكانت السجين هى تجلس بجوار الراديو تنسج لى «بلوفر» من «التريكو»!... نعم تحمور؟! ... وكانت تنظر فى عينى وتقول : «حياتى أنا لك طول الأبد»؟!.. وصدقتها أنا ... لكن هل تدرى كم كانت تقدر هى فى دجيلتها لهذا الأبد ؟!.. شهرين ! ... نعم دام زواجنا شهرين ثم ... ثم ظهرت الشكوى المجهولة إلى النائب العام وقبض علىّ ! ... الطبيب : وكيف لم تشك من قبل أنها المرسلة لتلك الشكوى المجهولة ؟! ... السجير : استطاعت بدموعها وحنانها الكاذب أن توهمنى أن أقارب زوجها المتوفى هم ولا شك مرسلوها.. إثارة للشبهات ... كى يعرقلوا إجراءات الميراث ! ... الطبيب : ربما كان هذا معقولا ! ... السجين : نعم ، حجة مسبوكة ... أليس كذلك ؟ ... ولهذا صدقتها أنا أيضا من مبدأ الأمر . وتحملت التهمة وحدى ؟! الطبيب : ومع ذلك فقد شهدت هى لمصلحتك .. تذكر قولها فى المحكمة : إنها لا تعتقد أنك قاتل ، لأنها لو اعتقدت ذلك لحظة لما قبلت الزواج من قاتل زوجها ! ...
: براعة ! .. ظاهر قولها الدفاع عنى ، ولكنه فى الواقع دفاع عن نفسها هى ، وتبرئة لها من تهمة السجين الاشتراك .... نعم ... كانت بارعة فى كل شهادتها ! ... هذا أيضا جزء من المؤامرة ! ...
كان يجب أن أفطن إلى كلامها البارع ذى الجدين .. ذى الوجهين كان يجب أن أفطن إليه فى الوقت المناسب ! ... : وما الذى جعلك تفطن آخر الأمر ؟ .. الطبيب: نظراتهما الأخيرة .. النظرات المتبادلة بينها السجين وبينه .. كان بينها وبين ذلك المحامى شبه تعاون خفى .. كنت ألمح بإحساسى تلك التيارات الداخلية بينهما ... تلك الراحة وذلك الاطمئنان كلما سارت المحاكمة نحو نهايتها المحتومة ...وكدت أكذب نفسى .. ولكنى تذكرت عندئذ ما كنت ألاحظه فى المنزل من اختلاء زوجتى بذلك المحامى الشاب ، وكانت هى تفسر لى ذلك بأنه من أجل الإجراءات القانونية الخاصة بالميراث ..كل شىء له عندها تفسير معقول .. وهنا البراعة الجهنمية !.. براعتهما ... كل شىء فى ظاهره حلبيعى ومنطقى !.. ما من كلمة فى غير موضعها : هى تقول عنى : « إنه برىء لأنى ما كنت أتزوج قاتل زوجى » ، وهو يقول : « قتل بدافع الحب » .!... يا له من كلام برىء جميل ، ولكنه ذكى مدروس . نعم لقد دبرا كل شىء بدقة وبراعة وإحكام ! .. جعلا منى الآلة التى تحطم الزوج الأول ، ثم جعلا الآلة بعدئذ تحطم نفسها ، وبقيا هما طليقين ، ينعمان بحبهما وبثروة الأول والثانى ! ...
الطبيب : قصة سينمائية !.. أأنت متأكد أنك لم تشاهد من قبل شيئا كهذا فى شريط سينمائى ؟ ... السجين : تهزأ بى ؟! ... فى هذه اللحظات ؟! .. الطبيب : معذرة ! .. إنى أبعد ما أكون عن الهزء بك ...أنت تعلم مبلغ تقديرى لمكانتك العلمية ... ولكن هول الأحداث دائما والأرق والإجهاد العصبى ، كل ذلك كثيرا ما يجعلنا نتصور أشياء فى الأوقات الحرجة واللحظات الحاسمة .. كل ما أخشاه أن تكون هذه الأفكار تسربت إليك أخيرا ، لتفسد عليك راحة النفس التى تحتاج إليها الآن .. كم كنت أود أن أراك الساعة هادىء الفكر ، متقبلا مصيرك ! ..: بلا ضجيج ... نعم بلا ضجيج ...السجين: لا بأس من ذلك الضجيج الآخر الذى أعرف أنك الطبيب تحبه .. الموسيقى ! .. نسيت أن أقول لك إنى جثت الساعة لأخبرك بما هو أهم : قد أحضرت لك جهازا للراديو - جهازى أنا الخاص - وافق مدير السجن على أن أعيرك إياه ... السجين : « بغير مبالاة » أشكرك ! ..: إنه مع السجان .. لحظة واحدة ! ..« يذهب إلى الباب ، ويطل برأسه خارجه ، ويشير بيده ، ثم يمدها إلى السجان ، ويأخد منه جهازا للراديو الطبيب
على شكل حقيبة صغيرة ، كما يتناول منه غلافا كبيرا من الورق الأصفر ، ثم يشرع حالا فى وضع الجهاز فوق منضدة بجوار الفراش ، ويدير زره فتنطلق موسيقى مرحة ! .. »
الطبيب : « مبتعدا عن المنضدة والغلاف بيده مصغيا إلى الموسيقى » أليس هذا أفضل ؟! ... السجين : « غير مصغ إلى شىء » ، نعم بلا ضجيج .. سأذهب كما تريدون .. بلا ضجيج ..
الطبيب : « بصوت متوسل » أنت طبيب كبير ، وتعلم أكثر منى أن إنفاق الجهد الجثمانى والعقلى فيما لا جدوى منه أمر ضار جدا .. أليس كذلك ؟ .. السجين : وهو كذلك .. لن أفتح لك هذا الموضوع مرة أخرى :. انتهى .. « يغير اللهجة » ما هذا الغلاف الذى بيدك ؟ .. الطبيب : هذا كشف الأشعة الذى طلبته منى ! ..
السجين : « مادا يده » أرنى ! .. « يتناول منه الغلاف ، ويذهب به قرب كوة يدخل منها النور ، ويخرج رسم الأشعة من الغلاف » .الطبيب : يظهر أن الحالة كما شخصتها أنت بالضبط ! ... .: «وهو يفحص الأشعة » كم سنها؟ ... قلت لى؟ ..
: فى نحو الخامسة والعشرين ، تخرجت صغيرة فى كلية الطب ! .. إنى أكبرها بثلاثة أعوام ، السجين الطبيب
وتخرجت معها فى نفس العام .السجين : « وهو مستمر فى فحصه » متى تزوجتها ؟ ..
الطبيب : منذ عامين ... كانت هى قد عينت طبيبة فى مستشفى رعاية الأمومة ، وأنا عينت طبيبا فى هذا السجن ...السجين : كانت تشكو دائما من هذا الخفقان ؟ ..الحلبيب : لا .. منذ شهرين فقط ..السجين : هل هى تعمل كثيرا ؟ ...: أنها لا تكف لحظة عن العمل .. فى الصباح تعمل الطبيب فى المستشفى وأحيانا فى المساء ، وتساهم فى تحرير مجلة طبية .. وتساعد فى الإشراف الطبى على إحدى الجمعيات الخيرية .. كل هذا عدا أعمال بيتنا التى تنهض بها كلها ، لست أدرى فى أى وقت ؟ ..
السجين : هذا إرهاق ! ...: قلت لها ذلك .. ولكنها ترى أن مرتبى ضئيل ..الطبيب وأنها يجب أن تكد ، لتوفر لى مستوى مريحا من العيش ، وتأخذ الأمر ببساطة وتقول ضاحكة : « نحن جوادان فى عربة واحدة ، ولا أحب أن أتر كك تجرها وحدك » ! . السجين : « وهو يرد اليه كشف الأشعة » زوجتك فاضلة يا سيدى وأهنئك بها ...الطبيب : لم تجد شيئا ذا خطر ؟ ..السجين : على.الإطلاق ! ..الطبيب : مجرد إجهاد ؟ ...السجين : نعم ! .. فلتعمل أقل ولتأكل أكثر ! ..الطبيب : الواقع ... لاحظت مرارا أنها تأكل أقل مما يجب!... السجين : لتوفر لك أنت الأكلة الأدسم ! ... الطبيب : هذا صحيح !؟ ... السجين : « شارد اللب » نعم ! ... الطبيب : « وهو يضع الكشف فى الغلاف » أشكرك يا دكتور ! .. لست أدرى كيف أشكرك !؟ ... وأنا أشغلك بشأن خاص لى ، فى مثل هذه اللحظات ، ولكنى لن أنسى فضلك أبدا ... ما من أحد من مرضاك يستطيع أن ينسى فضلك ...
سوف يشعر الناس بالخسارة التى لحقتهم بفقد طبيب مثلك ... من أنبغ أطبائنا ..« ينطلق من جهاز الراديو صوت المذيع ، يعلن عن أغنية : حياتى لك طول الأبد » . السجين : « وقد فوجىء يقف بلا حراك ، ويصغى لحظة إلى مطلع الأغنية ، ثم لا يتمالك ، ويهجم على جهاز الراديو ويغلقه بعنف » ؟؟ ... الطبيب : « فى ارثباك » إنى متأسف ! .. السجين : لا ... لا شىء ... كل ما فى الأمر ... أنه لم تعد بى حاجة هنا الآن إلى موسيقى وغناء ! ...
: إنى حقا آسف ... كنت أريد أن أدخل الطبيب على نفسك شيئا من الراحة والهدوء !....: إنى هادئ !...: « وهو بتأمل لحظة » هل تسمح لى برجاء ؟ لى السجين الطبيب عندك رجاء واحد ... اترك التفكير فى الماضى ... أرجوك ... فكر فى ... فى ...
السجين : « هازئا » فى المستقبل ؟!... : « مرتبكا » أقصد ! ...
الطبيب : « مادا يده » إلى اللقاء يا صديقى العزيز ... إلى السجين اللقاء ! ... « الطبيب يصافح اليد الممدودة فى صمت وارتباك ويخرج حاملا حقيبة جهاز الراديو !...» السجين : « يعود إلى المشى فى سجنه مطرقا صامتا لحظة ثم يهمس
المستقبل ؟!... المستقبل هو حبل فى عنقى ، وخاتم الخطبة فى إصبعها !... : « يظهر بالباب » معذرة !... عدت إليك ؛ الطبيب
لأخبرك أنى ذاهب الآن إلى مدير السجن ... هل لك طلبات خاصة ؟... السجين : طلبات خاصة ؟!... مثل ماذا ؟!... فواكه ؟...كتب ؟... صحف ؟... لا يا سيدى أشكركم !..
الطبيب : ثق أن أى طلب تطلبه سأبذل كل جهدى كى
أحققه لك !...السجين : أى طلب أطلبه ؟!...الطبيب : نعم .. كن على ثقة ! ...السجين : ليس لى الآن غير طلب واحد! ..: أضع أصابعى حول عنق زوحتى ! ... الطبيب : ما هو ؟ ... الطبيب : « ينظر إليه مليا ، ولا يدرى بماذا يجيب » ؟؟!... « تسمع جلبة تقترب .. ثم يظهر السجان ... » السجين السجان : « معلنا » سيادة المدير ! ..: « يدخل » كيف الحال ؟ .. أرجو أن تكون مرتاحا ، وأن تكون كل طلباتك مجابة ؟ ..المدير السجين :حقا ! .. كل طلباتى ! ..: « ملتفتا إلى الطبيب » والصمحة على ما يرام ؟ ..المدير أليس كذلك يا دكتور ؟ ..: بالطبع .. إنى أزوره كل يوم ! ..: « للسجين » فعلا .. الدكتور يبلغنى أولا فأولا الطبيب المدير عن حالتك الصحية ، وعن كل ما يلزم لك ! ...السجين : أشكركم !...: جئت إليك الساعة فى أمر هام .المدير
السجين : طبعا تشريف سيادتك بالمجىء إلى هنا يقترن دائما بأمر هام .. وأعرف ما هو هذا الأمر الهام .. إننى على استعداد .. غدا فى الصباح ؟ .. أليس كذلك ؟ ..: كيف عرفت ؟!.. أقصد .. المدير السجين : هذا لا يهم .. ثقوا أنى على استعداد ! .. : هذا غير صحيح ... يوم التنفيذ غير معروف المدير بعد ... ولم أجئ إليك الآن لأمر يتعلق بالتنفيذ !.. السجين : مفهوم ! ... التعليمات تقضى بإخفاء موعد التنفيذ عن المحكوم عليه ، حتى يفاجا بذلك .. عنصر المفاجأة ضرورى عندكم أنتم أيضا ... كما هو في قصص السينما ... ولكن المفاجأة عندكم مكشوفة ... فلا ضرورة للإخفاء .. إنى أعرف وكفى ا .. : ثق أنى لم أجئ إليك الآن إلا لأبلغك بأمر زيارة المديرتهمك ! ...: زيارة ؟! ..: السيدة زوجتك جاءت لزيارتك ! ..: زوجتى هنا ؟! ...: أهذا يدهشك ؟ ... هذا طبيعى كما قالت ...: أين هى ؟ .. أين هى ! ...: فى مكتبى ...التعليمات تقضى بأن تقابلها فى السجين مكتبى ، ولكنى رأيت أن أحادثك هنا أولا قبل ذلك ؛ لأسألك هل تريد أن تقابلها ؟؟... إنها هى التى طلبت أن أستفسر منك ؛ لأنها كما قالت لى لا تحب أن ترغمك على رؤيتها إرغاما .. فالأمر متروك لك ! .. السجين : فى مكتبك ؟! .. إنها فى مكتبك الآن ؟؟ ..
المدير : نعم ... ما رأيك ؟ ...السجين : « هامسا من بين أسنانه » وقعت !..: ماذا تقول ؟ ..المدير السجين : أقول إنى مبتهج بزيارتها .. زوجتى العزيزة ! ..جاءت تودعنى الوداع الأخير .. كيف أرفض مقابلتها ؟! .. كيف أحرم عينى النظر إليها فى ساعتى الأخيرة ؟! ..: قبلت أن تراها إذن ؟ ..المدير السجين : بل إنى سعيد .. سعيد أن أراها .. ما كنت أحلم بذلك! .. : سأذهب إذن ، وأدعوك بعد قليل ، وستتم المقابلة بحضورنا كما تقضى التعليمات ! ... المدير السجين : بل على انفراد ... أرجوك !... أرجوك أن يكون لقائى بها هنا !... : هنا ؟ .. فى سجنك هذا ؟! ..
المدير السجين : وعلى انفراد .. على انفراد .. : ولكن هذا مستحيل ! ... المدير السجين : لا شىء مستحيل إذا أردت أن تكون كريما .. زوج سيموت فى الغد يلتمس إليك الاختلاء
بزوجته لحظة .. لماذا يكون هذا مستحيلا ؟! .. : أولا التعليمات ... المدير السجين : وثانيا ؟ ... : ثانيا اتهامك إياها أخيرا بجريمة الاشتراك ..المدير السجين : وماذا فى ذلك ؟ .. أليس من حقى الدفاع عن نفسى بكل الوسائل ؟ .. ولو باتهام الغير .. ولكن كل شئ انتهى الآن ، وأنا أمام التنفيذ ، وزوجتى هى زوجتى ، ومن حقى أن أودعها الوداع الأخيرا... ألم يبق هى نفسك شىء شحوها ! ...المدير السجين : لم يبق إلا المودة والحبة ! ...
: إنها لا تعلم أن المقابلة ستكون على انفراد ... لقد المدير
جاءت للزيارة المعتادة حس التعليمات ! .. السجين : إذا تفضلت وسمحت لنا بدقيقة واحدة ، فإنها ولا شك سترى الأمر طبيعيا ، وستشكرك عليه كما أشكرك .. إنك يا سيدى المدير كنت تعاملنى بكرم ونبل مدة وجودى فى هذا السجن . ولن أنسى كرمك ونبلك .. لا أقول مدى حياتى لأن حياتى لم يبق فيها غير ساعات ... ولكنى أقول مدى حياة الإنسانية ... إنى أعتقد أنك ستصغى إلى التماسى وتضحى بكال التعليمات إصغاء لضميرك
الإنسانى !.. : « مفكرا لحظة » تريد الاختلاء هنا بزوجتك ؟.. السجين : دقيقة واحدة ! .. : « ملتفتا إلى الطبيب » ما رأيك أنت المدير المدير يادكتور ؟... : « مرتاعا » رأبى أنا ؟ .. : « متعجا » ولماذا ارتعت هكذا ؟ ... : أنا !... أنا ؟ ... : أنه لا يجد فى ذلك بأسا ، ما من أحد يرى فى وداع زوجين ساعة الموت ما يدعو إلى التردد ... : « للطبيب » هل لديك اعتراض يا دكتور !...: إنى ... أسأل فقط عن ضرورة الانفراد ... المدير الطبيب عجبا يا دكتور !... ألا ترى هناك ضرورة فى اختلاء زوجين ؟... سيفرق بينهما الموت بعد ساعات!!... السجين : « فى رجفة » لماذا الانفراد ؟ لا ... لا .. : تعارض الانفراد يا دكتور ؟... الطبيب : لا أجد له ضرورة مطلقا ؟ ... : ولكن ما هى أسباب اعتراضك ؟... : ماذا سيفعل ؟ ... : ماذا سأفعل ؟!... هل من الضرورى أن أقول صراحة ماذا سأفعل ؟!... هل من الضرورى أن أصرح بأنى أريد تقبيل امرأتى ؟!... : على انفراد ؟!..: نعم ، على انفراد ، ليس فى استطاعة كل إنسان أن الطبيب السجين يعرض عواطفه على الناس ، وأن يقبل امرأته أمام الآخرين! .. : « للطبيب » إنه على حق فى هذا !.. المدير الطبيب : إنى .. إنى أعارض ..
: دع سيادة المدير يقدر الموقف بحسن تصرفه السجين
وشجاعة رأيه .. إنه من أولئك الذين يتحملون وحدهم المسئولية ، تجاه المواقف التى تدعو إليها الشهامة والنبل والكرم ، إنى واثق من ذلك ! .. : « حاسما » وهو كذلك .. سأتحمل المسئولية المدير وحدى ، وأنت يا دكتور لا تخف !.. التعليمات لا تسمح حقا ، ولكن ما دمت لا أجد سببا قويا للاعتراض فإنى متحمل عنك وعن الجميع كل النتائج .. سأرسل الزوجة هنا .. ولكن لخمس دقائق فقط ! ... السجين : لدقيقة واحدة ! ..: « منصرفا » اتفقنا .. ستكون زوجتك عندك بعد
المدير لحظة ! ..السجين : شكرا جزيلا ! .. « يخرج المدير ويبقى الطبيب » الطبيب : « مرتجفا » أتوسل إليك ! .. السجين : ما الذى يبقيك ؟ .. الآن اتركنى وحدى ! ..الطبيب : أتوسل اليك ألا تقدم على هذا ! ..السجين : أأنا النذى ذهبت إليها ؟!.. إنها هى التى جاءت .. جاءت إلى أنا بقدميها لتلقى الجزاء !.. الطبيب : إنك لست قاضيها .. دع عقابها لغيرك ! ... السجين : القضاء لن يكشف حقيقتها ... ما من أحد غيرى يعرف كل الحقيقة عنها ... كل أدلة اتهامها هنا فى صدرى ... ملفات جرائمها لا تحويها المحاكم ... لأن هذه المرأة كانت أبرع من أن تترك أثرا يدينها ... ملفاتها هنا عندى ... فى هذا الصدر ؟... الطبيب : قدر احتمال الخطأ فى حكمك عليها !... السجين : ليس هناك أى خطأ محتمل !... الطبيب : هل سمعت دفاعها !...السجين : سمعت ولمست أفعالها !... الطبيب : لو أنها كانت تعتقد أنها أجرمت فى حقك لما جاءت لزيارتك الآن من تلقاء نفسها !... أنت نفسك استبعدت ذلك ، وقلت إنها لن تجسر .. السجين : إنها أبرع منى فى التقدير ... لقد جسرت وجاءت كى تنقذ المظاهر ... ليبدو كل شىء طبيعيا ...ولو لم تفعل لقال الناس : « كيف يعدم زوجها ولا تزوره قبل الإعدام ؟!... » إنها أسرع إدراكا منى لهذه الأمور ... وعندما علمت الساعة بمجيئها فهمت فى الحال غرضها !...
الطبيب : لتنقذ المظاهر ؟!...السجين : ليست هذه أول مرة ! ... سبق أن ذرفت الدموع على زوجها الأول ، المأسوف عليه ، لتنقذ المظاهر وتضمن الميراث !... إنها تعرف جيدا كيف تذرف الدمع الكاذب فى الوقت المناسب ... وهذا ما ستفعله غدا أيضا بعد موتى !.. الطبيب : برغم ذلك كله أستحلفك أن تقلع عن فكرتك ... يكفيك جريمة واحدة !... السجين : الجريمة الأولى كانت لحسابها ... دعنى أجرم مرة لحسابى !... : لا تلوث يدك !... أنت لست ذلك الرجل ...الطبيب أنت لست مجرما .. لست مجرما حقيقيا .. أنت طبيب ممتاز وعالم نابغ ، أوقعته المقادير فى ظروف سيئه .. أنت فى نظرى تنطوى على إنسانية طيبة ، وما كانت جريمتك إلا بدافع إنسانى ! .. السجين : « يضحك بمرارة » دافع إنسانى !... حقا .. لقد ذكرتنى بالدافع الإنسانى !.. حتى هذا الشرف جردتنى منه هذه المرأة !... أنسيت ما قرره الشهود فى الجلسة عن القتيل ؟! .. لقد ظهر أنه لم يكن وحشا .. بل كان زوجا طيبا ورجلا لا غبار على سيرته ... ألم تر أنت تلك المهزلة ؟!.. لم أقتل إذن فى الحقيقة لأنقذ الإنسانية من وحش ، بل قتلتْ رجلا طيبا لا يستحق الموت .. لقد صعقت عندما كشف الشهود لى عن ذلك .. واحتقرت كذب هذه المرأة ... ولكنى عدت فخادعت نفسى وقلت : إنها لم تكن تحب زوجها ، والمرأة التى لا تحب ترى الزوج وحشا . إنها كذبت للخلاص ؛ لأنها كانت تحبنى أنا .. وهذا الحب بيننا يستحق فى ذاته الثمن الباهظ !... ولكن ...
تصور بعد ذلك الاكتشاف الأعظم .. إنها لم تكن تحبنى قط !... وإنى لم أكن أكثر من العوبة فى يدها ويد حبيبها الحقيقى !... ألعوبة كذبت عليها وغررت بها ، ودفعتها إلى قتل مجرد من كل دافع إنسانى ... قتل دنىء حقير يأباه الشرف والضمير ...
الطبيب : ولكنك أنت كنت تعتقد أن الدافع إنسانى ... اعتقادك وحده يكفى ... فلا تفقد إنسانيتك ...أرجوك !... أرجوك ! ... السجين : لقد رجوتنى بما فيه الكفاية ! ...الطبيب : ستصغى إذن إلى رجائى ؟...السجين : اذهب الآن واتركنى !..الطبيب : هل تعدنى !...السجين : لن أعد بشىء ...الطبيب : ستفعلها حقا ؟!... السجين : « ياصرار » هذا شأنى !...الطبيب : وما موقفى أنا الآن ؟...السجين : وما دخلك أنت ؟.. الطبيب : كيف أعلم بما تضمر وتدبر .. كيف أعرف أن جريعة ستقع الساعة ولا ...
السجين : « مقاطعا » أنت لم تسمع منى شيئا ... انس كل ما أفضيت به إليك !... ليس من حقك أن تستخدم سرا لم أبح به لأحد غيرك/!.. إنى وثقت بك ، ولولا هذه الثقة ما انفرجت شفتاى عن مثل هذا الكلام الذى قلته لك !... كل ما يجب أن تفعله الآن هو أن تخرج من هنا هادئا صامتا ، وأن تدفن معنا كل ما تعرف .. الطبيب : معكم ؟!..السجين : نعم معنا ... أنا وهذه المرأة !...
الطبيب : وضميرى ؟... ماذا أفعل به ؟... هل أستطيع أن أدفنه معكما ؟! .... السجين : ضميرك ؟!... ماذا يقول لك ضميرك ؟... أن تذهب وتبلغ وتصيح لتمنع ما سيقع ؟... الطبيب : أليس هذا واجبى ؟...السجين : « بعد لحظة تفكير » نعم .. ربما .. إنك تفكر فى ضميرك وفى واجبك .. ولا تفكر فىّ أنا .. فى العذاب الذى أنا فيه .. والنار التى تأكل جوفى .. إنى لم أفكر فى ضميرى وواجبى ، عندما أقدمت على إنقاذ امرأة خلتها تتعذب !... يا لأنانيتك ! كلامك ظاهره الحق أنت أيضا !.. ولكنه الحق الذى فى جانبك !.. الحق الذى يهمك أنت أيضا .. الحق الذى يغطيك ويسترك ويجعلك مصيبا فى نظر نفسك .. ويظهرك شريفا فى نظر الآخرين ... نعم .. سترضى عن نفسك بهذا الضمير وهذا الواجب ، وسيرضى عنك الآخرون !... وهنيئا لك نفسك يا سيدى !... ضميرك وواجبك ونفسك .. نفسك !... ولكنى أرجو منك الساعة أن تفكر فى شىء غير نفسك !... شىء صغير جدا .. لا يكلفك عسرا لأنى لا أرضى أن أحملك ما يثقل عليك .. لا أطلب منك غير أمر بسيط : أن تنصرف من هنا فى سكون ، ناسيا نفسك قليلا ، ناسيا كلامى لمدة لحظات ... افعل هذه التضحية من أجلى !... من أجل زميل سابق ، شقى ، تعس ، تحطمت مهنته وسمعته وكل ما حصل عليه من علم ودرس وبحث .. تحطم كل هذا بفظاعة وحماقة ... وسيموت فى الصباح ! ...الطبيب : « هامسا » أنا .. أسكت ...السجين : نعم !... تسكت فقط ... تلك هى كل التضحية التى أطلبها منك ... لمدة لحظات !...
الطبيب : « يهمس » إنى ...« أصوات فى الخارج »السجين : ها هى ذى قادمة ...الطبيب : ماذا ... أصنع ؟...السجين : تنصرف فى الحال ، صامتا ، وتتركنى معها ...أفاهم ؟.. لا كلمة .. ولا حركة .. ولا إشارة ...: « ناظرا إلى الباب فى اضطراب » ها هى ذى الطبيب قادمة !.. السجين : « فى صوت متغير » : نعم !... اذهب الآن .. بمجرد ...( صرير المفتاح فى الباب ... ثم يفتح ويظهر المدير وخلفه رجل وقور فى يده أوراق ... )الطبيب : « هامسا متنفسا الصعداء » : لم تحضر !...السجين : « فى غضب ويأس »: أين هى !.. أين هى ؟...: جهنا إليك بخبر أهم بكثير ... خبر قد يغير من المدير مصيرك !...السجين : يغير من مصيرى ؟!...: بالتأكيد ... فقد يمنع من تنفيذ حكم الإعدام !...
المدير السجين : ألم تبلغونى أن النقض قد رفض ؟!...: هذا أمر لا علاقة له بالنقض ... النقض قد رفض فعلا ، وحدد للتنفيذ موعد قريب جدا.. لست فى حل من الإفضاء به إليك صراحة ، ولكن بالنسبة إلى الظروف الجديدة ، يصح أن ألمح لك بصفة خاصة أن هذا الموعد يقدر الآن بالساعات هل فهمت ؟..السجين : كان هذا شعورى كما قلت لكم !...: قد يلغى التنفيذ إذا وافقت على العرض المقدم ..: أى عرض ؟؟...: عرض مقدم من إحدى الجهات العلمية .. وسيادة المدير السجين المدير الأستاذ .. « يشير إلى الرجل الوقور » هو مندوب عنها .. الموضوع باختصار ... أظن الأنسب أن يتولى سيادة المندوب شرح الموضوع بنفسه ... : « يتقدم نحو السجين ناظرا حوله » طبعا الموضوع المندوب سرى جدا...: اطمئن يا أستاذ ... ليس معنا من يخشى منه ...المدير « يشير إلى الطبيب » الدكتور طبيب السجن ، وهو محل ثقة !...: أدخل إذن فى الموضوع بدون مقدمات .. المسألة المندوب فى كلمتين أنه قد تمت الترتيبات النهائية لإطلاق صاروخ إلى الكواكب البعيدة . وهذا الصاروخ معد لحمل إنسان ، وقد جرى البحث عن هذا الإنسان ... وأخيرا اهتدينا إليك .. والعرض المقدم هو أنه فى حالة قبولك القيام بهذه الرحلة ، فإن حكم الإعدام يلغى .. هذا القرار تم بالاتفاق مع الجهات الحكومية المسئولة ! ...السجين : يلغى بصفة نهائية ؟!...المندوب : بالطبع !...السجين : وإذا عدت من هذه الرحلة حيا ؟...المندوب : لو فرض أن عدت حيا فسوف تكون بالطبع حرا !..السجين : وهل هناك احتمال فى أن أعود ؟ ..
المندوب : بصراحة ؟... الاحتمال ضعيف جدا ...السجين : كم فى المائة ؟ ...: واحد فى المائة !...: أكون مغفلا إذا ترددت فى القبول ... بعد ساعات المندوب ستكون النسبة صفرا فى المائة ... فالواحد فى المائة السجين إذن كسب كبير .. أليس كذلك ؟ ...: بدون شك ....: طبعا .. مهما يكن من أمر .. واحد فى المائة خير المدير السجين من صفر فى المائة .. لقد قبلت يا سيدى !.. : فى هذه الحالة مطلوب توقيعك ... المدير : بكل سرور !!... السجين المندوب : « يقدم أوراقه » هنا على هذه الأوراق !... : أريد أن ألقى على سيادة المندوب سؤالا : ما سبب السجين اختيارى أنا بالذات لهذه الرحلة ؟...المندوب : تقرر أن يكون الاختيار من بين من سينفذ فيهم حكم الإعدام ؛ لأن الهيئة العلمية رفضت رفضا باتا قبول أحد من المتطوعين العاديين فى الوقتالحاضر !..السجين : مفهوم !.. : طبعا .. لا أخفى عليك .. فى الوقت الحاضر لا المندوب يصح التضحية بمتطوع عادى ..
: حتى وإن قبل هو وألح فى الطلب ؟...: ما من هيئة علمية أوجهة رسمية ترتكب تحريضا السجين المندوب على الانتحار .. أو توافق على الاشتراك فيه .. : ولكن بالنسبة إلى مثلى .. الهيئات العلمية والجهات السجين الرسمية مرتاحة الضمير ! ...: بدون شك ! ..: هذا شىء يسرنى .. لقد أرحت ضمير المندوب السجين
القضاء ... وهأنذا أريح ضمير الهيئات العلمية والجهات الرسمية !...: لقد سرنا اختيارك بوجه خاص ... لأن التفضيل المندوب متجه إلى رجال العلم ، من أطباء ومهندسين وغيرهم ، فهم الذين يستطيعون تقديم المعلومات الدقيقة باللاسلكى والتلفزيون ، أثناء الرحلة ..ولقد كانت الصعوبة دائما فى العثور على أحدهم الآن بين المحكوم عليهم بالإعدام !..: هأنتم قد عثر تم على الطلب المنشود !...: هذا من حسن حظ العلم !...
: ومن حسن حظنا فى هذا السجن ، فلقد كان من السجين المندوب المدير أبغض الأشياء إلى نفسى ، ونفوس زملائى أن نضطر إلى تنفيذ ذلك الحكم الرهيب ، فى رجل علم ممتاز مثلك الطبيب : « بحرارة وإخلاص » : حقا ! ...السجين : شكرا !.. : تسمح الآن بالتوقيع ؟....المدير المندوب : « يخرج قلمه ويعرض أوراقه على المنضدة » هنا .. .: « وهو يتناول القلم ويوقع » واحد فى المائة خير من صفر فى المائة !...السجين : إنى سعيد .. حياتك التى عشتها للعلم ستظل تخدم بها العلم وتنفع الإنسانية ... هذا شرف جدير الطبيب بك .. إنى سعيد .. ما رجوته لك قد تحقق ...: « للمدير » وزوجتى ؟... متى أقابلها ؟ ...: أظن هذا غير ممكن الآن ... الزيارة قد السجين المدير ألغيت .. لأنك منذ هذه اللحظة ستصبح تحت تصرف البوليس والهيئة العلمية !
المندوب : نعم ... ولابد أن تمضى معنا لإجراء بعض الاختبارات اللازمة ...: وزوجتى ؟... زوجتي ؟ ...السجين : مع الأسف .. ليس هذا من اختصاصى .. أمر المندوب حراستك وزياراتك هو فى يد رجال الحفظ ، وهم يصرون على الرقابة المشددة ، حتى صعودك إلى الصاروخ ... لكن يمكنك على كل حال تقديم طلب برؤية زوجتك إلى المسئولين ...: « ثائرا » ما هذا الكلام ؟.. ألم تعدنى يا سيدى السجين المدير ؟ ... ألم تعدنى ؟ .. كل شىء قد ألغى الآن .. التنفيذ ذاته قد ألغى ..السجين : وعدتنى أن أراها على انفراد .. على انفراد ...: أنت ترى الظروف قد تغيرت كلها .. سيادة المندوب المدير المدير فى انتظار الإجراءات .. وسأمضى حالا لتدبير أمر خروجك ونقل العهدة إلى البوليس .. وأنت أيضا يجب أن تعد نفسك للانتقال معهم .المندوب : « للمدير » أتسمح لى بالاتصال التليفونى ؟...: من مكتبى إذا سمحت ... تفضل !...
: « للسجين قبل أن يغادر المكان » أريد أن أحيبك المدير
المندوب وأن أقدم إليك أطيب التمنيات !...
: « للسجين وهو منصرف » وأنا أيضا أتمنى لك من المدير
كل قلبى أن تعود سالما حرا ...: «يصافح السجين» مرة أخرى أقول لك إنى سعيد!..: « على عتبة الباب » ألا تأتى معن الطبيب المدير يادكتور ؟..: « وهو يشد على يد السجين » إنى آت حالا ..
الطبيب : « هامسا للطبيب » إياك أن تتكلم ! .. السجين
الطبيب : « همسا » لن أتكلم !.. ولكنى أرجوك .. أرجوك مرة أخيرة ... إنها لمعجزة ألا تموت كالمجرمين ... لأنك لست مجرما .. ولن تكون .. « يشد على يده بقوة ويخرج سريعا خلف المدير والمندوب ، ويغلق الباب على السجين .. » . : « وحده صائحا » لابد أن أراها .. لن تفلت من السجين يدى ! .. ولو ذهبوا بى إلى سابع سماء ! ..
Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance
You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT
ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.
We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate
تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية حملة ميدانية موسعة منذ أكثر من أسبوعين، استهدفت خلالها الباعة المتجولي...
"النمنم" حسب قصص الجدات والأهل، شخصية الرعب الأخطر، وهو يظهر بين آونة وأخرى، آكل لحوم بشرية من طراز ...
لقد حقق قسم بحوث المكافحة المتكاملة إنجازات متعددة تعكس دوره الحيوي في تطوير الزراعة المستدامة. يتمث...
Introduction Global warming is one of the most pressing environmental issues of our time. It refers ...
في إيطاليا، سبق عصر النهضة الأصلي "نهضة ما قبل النهضة" الهامة في أواخر القرن الثالث عشر وأوائل القرن...
لاحظات هامة: • لا تنقضي شركة التوصية البسيطة بوفاة أحد الشركاء الموصين (غير المتضامنين) أو بالحجر عل...
يطلق مصطلح الفن الإسلامي على جميع الفنون التي تم إنتاجها في البلدان التي كان الإسلام فيها هو الدين ا...
This rule places minimum responsibility on the seller, who merely has to make the goods available, s...
Macbeth, set primarily in Scotland, mixes witchcraft, prophecy, and murder. Three "Weïrd Sisters" ap...
يشارك القسم بشكل فعال مع مكون تربية الأرز بمعهد المحاصيل الحقلية في تطوير أصناف أرز متحملة للأمراض، ...
(٣) أسرار نجاح العمل أما نجاح العمل فيتوقف على بذل القوى في محالِّها وأوقاتها الملائمة بالحكمة وحسن ...
بدايات سورة الحج تتحدث عن من يصد عن سبيل الله تتحدث عن من جعل أهم هدف وغاية له الصد عن سبيل الله سبح...